المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولجهاد الطلب (القتال الهجوميِّ) شروطٌ منها:



أم محمد محمود المصرية
31-Jan-2016, 07:16 PM
ولجهاد الطلب (القتال الهجوميِّ) شروطٌ منها:

ظ،- النيَّة الصالحة في الجهاد التي تتضمَّن الإخلاصَ والصدق بحيث يكون غرضُ المجاهد إعلاءَ كلمة الله لينشر دينه ويُعليَ كلمتَه، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»(ظ،ظ)، ولا شكَّ أنَّ النيَّة غيرَ الخالصة غيرُ معتبرةٍ، بل هي بمثابة العدم في الاعتداد بها في صحَّة الأعمال.
ظ¢- أن يكون جهادُه مع إمامٍ مسلمٍ وتحت رايةٍ شرعيةٍ إسلاميةٍ وبإذنه، إذ كما لا يجوز أن يعيش الناس بدون إمامٍ لا يجوز لهم أن يقاتلوا قتالَ طلبٍ بغير إمامٍ، إذ لا بدَّ من سائسٍ يسوس الناسَ فيه ويقاوم العدوَّ وهو من صلاحيَّات الإمام بغضِّ النظر عن صفته في تحقيق هذا المعنى، سواءٌ حصل بالإمام البَرِّ أو بالفاجر، ويدلُّ عليه قولُه تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِï´¾ [التوبة: ظ£ظ¨]، والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا رجع من الطائف أمر بالجهاد وأخبرهم بوجهته لغزو الروم وكان في زمن عسرةٍ وشدَّةِ حرٍّ، وهذه الغزوة أعلن عنها واستنفر الناسَ لها، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»(ظ،ظ،)، قال النوويُّ -رحمه الله-: «معناه إذا دعاكم السلطان إلى غزوٍ فاذهبوا»(ظ،ظ¢)، وبهذا قال السيوطيُّ(ظ،ظ£) والسنديُّ(ظ،ظ¤) والمباركفوريُّ(ظ،ظ¥) والعظيم آبادي(ظ،ظ¦).

وقد أجمع أهل السنَّة والجماعة على أنَّ الجهاد ماضٍ مع كلِّ إمامٍ من المسلمين برِّهم وفاجرهم إلى قيام الساعة، وليس الجهاد من مَهَمَّة الأفراد، وإنما هو من صلاحيَّات الإمام الحاكم في الحثِّ على الجهاد والأمر به لقوله تعالى: ï´؟وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً. فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَï´¾ [النساء: ظ¨ظ£-ظ¨ظ¤]، وقوله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَï´¾ [الأنفال: ظ¦ظ¥]، والمؤمنون تبعٌ لإمامهم في الجهاد، سواءٌ كانوا علماء أو دعاةً، فلا يَدْعون إليه إلاَّ إذا دعا إليه وليُّ الأمر بَلْهَ العوامّ، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «وأمرُ الجهاد موكولٌ إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعيَّةَ طاعتُه فيما يراه من ذلك»(ظ،ظ§)، وفي موضعٍ آخر قال -رحمه الله- مستثنيًا من ذلك تعذُّرَ استئذانه خشيةَ فوات مصلحةٍ أو وقوعِ مفسدةٍ: «لا يخرجون إلاَّ بإذن الأمير؛ لأنَّ أمْرَ الحرب موكولٌ إليه، وهو أعلمُ بكثرة العدوِّ وقلَّتهم، ومكامن العدوِّ وكيدهم، فينبغي أن يُرجعَ إلى رأيه، لأنه أحوطُ للمسلمين؛ إلاَّ أن يتعذَّر استئذانُه لمفاجأة عدوِّهم لهم، فلا يجب استئذانُه، لأنَّ المصلحةَ تتعيَّن في قتالهم والخروج إليه، لتعيُّن الفساد في تركِهم»(ظ،ظ¨).
ظ£- إعداد العُدَّة المادِّية لقوله تعالى: ï´؟وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْï´¾ [الأنفال: ظ¦ظ].
وبدون الشروط الأساسية المتقدِّمة -وفي طليعتها إعلاءُ كلمة التوحيد، وجعلُ الدين كلِّه لله وهو المهيمن على ما سواه بتطبيق كافَّة أحكامه وتعاليمه ومناهجه على شئون الحياة- لا يتمُّ الجهاد في سبيل الله -بالمعنى الشرعيِّ- صحيحًا، وإنما ينقلب إلى مسألة دفع الصائل، وهو ما يُعرف بالدفاع الشرعيِّ، وقد يصير غيرَ شرعيٍّ -كما تقدم-.
هذا، والشهيد في الجهاد في سبيل الله بنوعيه لا يُغسَّل ولو اتَّفق أنه كان جُنُبًا ولا تجب الصلاةُ عليه ولا تُنزع ثيابه التي قُتل فيها، بل يُدفن وهي عليه لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في قتلى أحدٍ: «زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ»(ظ،ظ©)، بخلاف الشهيد الحكميِّ فلا يأخذ هذه الأحكامَ فضلا عن القتيل في غير هذه المعاني(ظ¢ظ).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

http://ferkous.com/home/?q=art-mois-82