المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللقاء التاسع من لقاءات الجمعة مع فضيلة الشيخ عبيد الجابري-حفظه الله



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
09-Feb-2016, 10:06 PM
اللقاء التاسع من لقاءات الجمعة مع فضيلة الشيخ عبيد الجابري والذي كان 30 ذو الحجة 1435ه
الحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فلله الحمد والمنة أن هَيأَ لنا ولَكم هذا اللقاء، الذي نسأله -جلَّ وَعلا- أَن يجعله مُباركاً على الجميع، وينتفع به الحاضرون والمستمعون، وخلاصة ما سمعناه ودِلالتهُ من أخينا وصاحبنا وتلميذنا الشيخ عبد الواحد بن هادي بن أحمد أَنَّ مَن حَادَ عن السُنّة، فإن مُنتهاه الهَلكة في دينه فَيضِلّ ويُضل -إلا من شاء الله-، وهذه الهلكة مبناها على أمرين: أحدهما: اتّباع العُلماء الضالّين المضّلين، وهذا من الجَهلة، فإن كل مايقوله علماؤهم لا يفرقون، يعني لا يسألون عنه ولا يفتشون، هل هو هدى أو ضلال أو سُنة أو بدعة .
الثاني: الإنحراف عن السُنّة والتوحيد بعد عِلم.
فَالأَولون فيهم شَبهٌ مِن عُبَّاد النصارى!والآخرون فيهم شَبه مِن أحبار اليهود.قال بعض السلف: "من فَسَدَ من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود، ومن جَهل من عبادنا أو من فسد من عبادنا، ففيه شَبهٌ من النصارى".وَما ذلكم إلا أَن اليَهود ضَلالهم كَانَ عن عِلمٍ وَبَصيرة، وأما النصارى فَكان عن جَهل وَضَلال.فَالأَولون حَرَّفوا -أي اليهود- حرّفوا التوراة الذي جاء به موسى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -من عند الله غَضّاً طَرياً، كتاب من كتب الله، والنصارى هم محرّفة الإنجيل الذي جاء به عيسى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وفيه هدىً ونور وموعظة، فيه موعظة وفيه هدىً ونور كذلك.وبهذا، تَبطل الدعوى: أَنَّ اليهودية والنصرانية ديانات سماوية!كَذَبوا وافتروا على اللَّهِ وَ رَسُولُه، وعلى إجماع أَئِمة الإسلام.وقد بسطتُ هذه المسألة هنا مرات، وفي مواطن كثيرة بما يُغني عن إعادته هنا.والآن، قد حضّرنا لكم أيها الحضور والمستمعون، خاتمة ما كتبناه على كتابنا شرح الاعتصام-شرح كتاب الإعتصام من صحيح البخاري-أتم الله نشره قريباً، فليتفضل قارؤنا. المتن:

قال الشارح -عفا الله عنه وغفر له ولوالديه ولمن كتب له وأعانه-: لقد بان لذي البصر والبصيرة ولذي الفطنة واليقظة وكل ناصح لنفسه حازم في أمره أن ما ساقه الإمام أبو عبد الله البخاري في كتاب الإعتصام هذا من صحيحه وهي سبعة وتسعون حديثاً وما انضم إليها من شواهدنا أن الأمر بالتمسك بالسنة والحذر من البدع وأهلها متواترٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تواتراً يقينيا موجبًا للعلم والعمل. وهنا سُؤال يجب التفطن إليه والإصغاء إلى جوابه: عرفنا أن أحاديث هذا الباب متواترة عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،فماذا قال أئمة العلم والإيمان والدين في هذا الباب؟ فجوابه: اعلم يا هذا أن المأثور عن أولئك العلماء والأئمة هو كذلك متواتر وهاك بعضها: 1. قال علي –رضي الله عنه-، قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد «رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسح على ظاهر خفيه» صححه الألباني. 2. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني»، والذي يحلف به عبد الله بن عمر «لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا، فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر» الحديث أخرجه مسلم وله قصة.
التعليق:القصة، أنهُ لما حدثتمقالةُ القدر ، في عصر الصحابة في أوسطه أو آخره، ظهرت هذه المقالة، وأول من أظهرها هو مَعبد ابن خالد الجهني، أخذها عن شيخٍ له نصراني اسمه سوسن، وهذه المقولة :(لَا قَدَرَ وَ الْأَمْرَ أُنُفٌ)، ولإهتمام السلف بالعقيدة الصحيحة ، التي تلقوها عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج للحج من العراق رجلان فقالا: لعل الله أو لعلنا نلقى رجلاً من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنسأله، فَأَلقاهم الله -سُبحانه وتعالى- عَبْدِ اللَّهِ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-أخبراه الخبر، فقال هذه المقالة كما سمعتم.هذا يدل على أن السلف -رحمهم الله -متفقون على أمر العقيدة، ولم يتنازعوا بينهم فيها أبداً، وأنها رسخت في قلوب-تلقاها التابعون عن الصحابة-وأتباع التابعين عن التابعين ،حتى وصلت إلى من هداه الله -سبحانه وتعالى- وبصَّره فتلقاها كذلك واستقرت في قلبه استقرار الجبال.المتن: ثالثًا: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحدا أحب إلى الشيطان هلاكا مني». فقيل: «وكيف؟» فقال: «والله إنه لتحدث البدعة في مشرق أو مَغرِب، فيَحملها الرجل إليّ، فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنة، فترد عليه كما».
التعليق:انظروا، الآن ظهرت مقولة وهي: (أن أهل البلد أولى وأعرف)، فمثلاً ما حدث في مصر لا دخل لأهل الشام والحجاز والعراق ونجد فيه، هم أعرف، وهكذا سرت في بعض أقطار الجزيرة، فإذا رُدَّ على رجل قالوا: أهل بلده أعرف! وهذا خطأ!هذا من أكبر الأبواب التي يَنسلُ منها المُبتدعة، فالسُنّة سُنّة، والبِدعة بِدعة، فَالبدعة بدعة، سواء كانت في اليمن أو الحجاز أو العراق أو نجد أو مصر في أي مكان هي بدعة.أما الأمور الاجتماعية فالشخصية هذي، فكل بلد له عرف، كل بلد له عرف يسير عليه، مثل الدوامات الرسمية، البيع والشراء، مثلاً في أمور معينة مُباحة، أهل كُل بلد له عرف، لكن الشرع هو الحاكم، إذا خالف عرف أي قطرٍ كان شرع الله فإن شرع الله هو الحاكم المُهيمن، والأمور التي لم يتدخل فيها الشرع هذه على الإباحة، نعم، تابع.المتن: رابعًا: قال أبو العالية- رحمه الله: "تعلموا الإسلام، فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الصراط يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم-والذي عليها أصحابه، فإنا قد قرأنا القرآن من قبل أن يفعلوا الذي فعلوه خمس عشرة سنة، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء. قال: فحدثت به الحسن،فقال: صدق ونصح، وحدثت به حفصة بنت سيرين ، فقالت: يا بني أحدثت بهذا محمدا ؟ قلت: لا، قالت: فحدثه إذن".
التعليق:هذا فيه أمور، في هذا التنبيه أمور:الأمر الأول: أن أهل العلم يفيد لاحقهم من سابقهم، والعلم إذا أُطلق هنا هو الفقه في الدين لا غيره ،إذا أطلق، أما إذا أريد به غيره، فلابد من التقييد مثل علم الطب، علم الرياضيات ،علم الكيمياء هذه مرجعها أهلها.ثانياً: أن أهل العلم من السلف الصالح ينشر علمه قدر استطاعته، فهذا أبو العاليه -رحمه الله-حدّث الحسن، أو من أخذ عن أبي العاليه حدث الحسن، وهو الحسن ابن يَسار- معروف مولى أنس-رضي الله عنه-قال: (صدق ونصح)؛ هذا لتأكيد العلم، فيعرض من تلقاه سابقاً على من لحقه.الأمر الثالث: أنه لا مانع من خطاب المرأة الصالحة الفاضلة، الصالحة الفاضلة، لكنّ هذا مُقيّد بقوله تعالى لأمهات المؤمنين وكل امرأةٍ جاءت بعدها فلها فيها أسوةٌ حسنة، من لم تتأسى بها ،وتركب بنُيات الطريق، فإنها ضالةٌ مُضلّة، فهذا حدَّث حفصة، وهي قالت حدِّث محمداً يعني أخاها محمد ابن سيرين، وخطاب المرأة الصالحة يجب أن يكون من وراء حجاب فليس مطلقاً، تقيدهُ ومقيدهُ قوله تعالى في الصحابة-رضي الله عنهم-حين يخاطبوا أمهات المؤمنين، وكل امرأة -كما قدمنا- فيها لها أسوة حسنة لها، لها فيها أسوة حسنة: )وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ( [الاحزاب:ظ¥ظ£].وقال لأمهات المؤمنين:)فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ( [الاحزاب:ظ£ظ¢]،فلا مانع من خطاب الرجل الصالح امرأةً صالحة لعلم يأخذه عنها، ولا مانع من خطاب المرأة الصالحة للرجل الصالح تأخذ عنه علماً، لكن يجب عليها أن لا تخضع بالقول، وكذلك حتى المتعامل معها ببيعٍ أو شراءٍ كذلك لا تخضع بالقول، كما هو حال الموظفات المختلطات بالموظفين فإنها لا تتورع-إلا من شاء الله- أن تضاحكه وأن تصافحه وتجلس معه كما تجلس المرأة مع زوجها أو مع محرمها، وإن كان بعضهن يلبسن الجلباب ويغطين الوجوه، ولكن هذا لا يكفي! لأن امرأةً تصنع هذا ولا تتورع أن الخضوع بالقول وتخاطب الرجال متى شاءت وكما شاءت هذه المترجلة والمترجلات من النساء ملعونات بنص رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. المتن:

قال محمد بن الحسين : "علامة من أراد الله به خيرا: سلوك هذا الطريق، كتاب الله، وسنن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وسُنن أصحابه – رضي الله عنهم- ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد إلى آخر ما كان من العلماء مثل الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والقاسم بن سلام، ومن كان على مثل طريقتهم، ومجانبة كل مذهب يذمه هؤلاء العلماء".
التعليق:وأقول أولًا محمد بن حُسين هو الآجُرّي صاحب كتاب الشريعة، وهذا يُأخذُ منهُ أنهُ يجب على كُلِ ناصِح، ومُتَصدرٍ للعلم والفتوى، أن يسلُك سبيلَ السلف الصالِح ولا يستقلّ فما عليه أكثر الناس الآن يُخالفُ هذا ، وذلك بِمُخالَطتهم المُبتَدِعةومُمازجتهم لهم، فيواكلونهم ويُشاربونهم، ويستضيفونَ عندهم ويستضيفونهم فلا مُفاصلة عندهم، وسنسوق مزيد في هذا- إن شاء اللهُ تعالى- كما يدلُ العلِم الصحيح ليس هو في الغرائب والشواذ والمفاريد بل هو مااستندّ على كتابٍ وسُنة على وفقِ فهم السلف الصالِح، فالإستقلالية اليوم- حسب نظرتي القصيرة- أنه أكبرُ الأبواب والمداخِل للمُبتَدِعة كما ذكرتُ لكم في المُخالَطة، وسيأتي لهذا مزيد -إن شاء اللهُ تعالى- نعم. المتن:

سادسًا: عن أيوب السختياني ، قال: قال لي أبو قلابة : "يا أيوب احفظ عني أربعا: لا تقل في القرآن برأيك، وإياك والقدر، وإذا ذكر أصحاب محمد، فأمسك، ولا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك، فينبذوا فيه ما شاءوا".
التعليق:أبوقُلابة هو عبدالله بن زيد الجرمي- رمه الله- تابعيٌّ علم، وأيوب كذلك شيخه، فهذا التابعيّ يروي عن شيخه يُوصيهِ هذه الوصايا الأربع، والشاهِدُ الآن الذي نقتصِرُ عليه هي الوصية الرابعة: ولا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا". ما خالطَ أحدٌ أهل الأهواء وأطالَ مُخالَطَتهم إلا فُتِن، إن لم تكُن الفتنة كُليًا حتى يُصبِح لا يعرفُ معروفًا ولا يُنكرُ مُنكرا، كلأنهُ منهم، فيُدافِعُ عنهم، ويغض الطرف، ويُوصي ببعضهم، فيقول مثلًا خُذ ما عندهُ من العلم ودعهُ، هذا هو الحاصل اليوم في الساحة الدعوية المُعاصِرة،ولو شئتُ لسميتهم لكني اُداري، وَثِقوا أنَّ كُل من تَسَتَرَ بالسُنة وليسَ محضًا من أهلها بأنَّ اللهَ يكشفهُ ويفضحهُ ويهتكُ ستره،وكثيرًا هذا اليوم ولوشئتُ لسميت. المتن:

سابعًا: وقال مصعب بن سعد : "لا تجالس مفتونا، فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه".
التعليق:أرأيتم، هذا مُتمم لسابقه "لا تجالس مفتونا، لا تجالس مفتونا وذكرَ العلة: فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه، وإما أن يؤذيك، يعني يُتعبك بكثرة الجدال وكثرةالمُماحلةولربما استرق فأدخل على كلامك شيئًا ، وهذا قيدٌ يحتجّ به علينا بعض الناس فيقولون قالَ رسول الله- صلى الله عليهِ وسلم- «إنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ»وأخذوهُ على ظاهره ولم يتبعوا فهم السلف.ومُصعبٌ هذا- رحمهُ الله- هو ابنِ سعد ابنِ أبي وقاص الصحابي القُرشي الزُهري- رضي الله عنه- هذه وصيتهُ "لا تجالس مفتونا"يعني إنأى بنفسك منه وابتعد عنه، ماقَدِرت! واضطُررت فبيّن الحقّ، ولا تترك له مجالًا، بيّن الحق ولكن البُعد أولى ولهذا أقول ومن التمسك بهذا الأثر وأمثاله أنَّ أبا بكر محمد بن سيرين وأبابكر أيوب السختياني- رحمهم الله- كانَ إذا دخلَ عليهم أهلُ الأهواء خرجوا وتركوا المجلِس، أرأيتوا! هذه هو فهم السلف الصالِح، فما حادَ أحدهم عن فهمهم- رحمهم الله- إلا ضلَّ وأضل، وأساسُ السلف الصالِح هم الصحابة- رضي اللهُ عنهم- ثُمَّ أئمةُ التابعين، ثُمَّ الإئمةُ بعدهم من أهل القرون المُفضلة التي شهدَ لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالخيرية في أحاديث، نعم تابِع. المتن:

الثامِن: وعن مفضل بن مهلهل، رحمه الله، قال: "لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته، وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه، ثم يدخل عليك بدعته، فلعلها تلزم قلبك، فمتى تخرج من قلبك".
التعليق:وهذا أيضًا زيادة بيان لحديث مُصعب بن سعد، فأنظروا كيف أهل السُنة يكشفون المبتدعة فالمبتدع يحدثك أول ما تلقاه بالسنة حتى يقيدك وتثق به، ثم يدخل عليك شيئاً فشيئاً، أهل البدع عندهم لباقة وكياسة وحسن سياسة، يحدث أول مايحدث مجالسيه بالسنة حتى يتملكهم بتمكنه منهم، فيكسب ثقتهم به ومودتهم له ثم يدخِل.المتن: تاسِعًا: قال البربهاري : "واعلم أن الناس لم يبتدعوا بدعة قط حتى تركوا من السنة مثلها فاحذر المحرمات من الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة والضلالة وأهلها في النار. واحذر صغار المحدثات من الأمور فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت وصارت دينا يدان بها فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام. فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي-صَلى اللهُ عليهِ وسلم- أو أحد من العلماء فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار. اعلم أن الخروج عن الطريق على وجهين أما أحدهما فرجل قد زل عن الطريق وهو لا يريد إلا الخير فلا يقتدى بزلله فإنه هالك. ورجل عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين فهو ضال مضل شيطان مَريد في هذه الأمة، حقيق على من عرفه أن يحذر الناس منه ويبين لهم قصته لئلا يقع في بدعته أحد فيهلك".
التعليق:هذه نظرة إلى معرفة المخالفين فإن المخالفين قسمان:قسم عالم سني زلة قدمه وساء فهمه لبعض الأمور فأخطأ، فهذا حقه أولاً أن ترد الخطيئة لا تُقبل، الخطيئة الخطأَ لا يقبل من أي أحدٍ كان، حتى الصحابي- رضي الله عنه-إذا اجتهد فأخطأ فيقال له هذا خطأ !ومخالف للدليل.ثانيًا حِفظُ كرامتهِ وصيانةُ عرضه، ولا يُحذرُمنهُ أبدًا، كثيرٌ من الناس الآن يَتَصَدرُ للدعوة لكنهُ كلُ من خالفَ لا ينظُر إليه، أبدًا بل يُحذر منه ،أيًا كان هذا المُخالِف، السُني والبدعي، وسواءًا كانت المُخالَفة في أصول الدين أو في فروعه، مشطوبٌ عندهُ وهذا خطاَ فهذا السُني يُردُ خطأهُ ومُخالفتهُ ولا يُتابَعُ على زلته وتُحفظ كرامتهُ، ويُصانُ عرضه، ويُقال هو إمامٌ عندنا لكن أخطأَ فالعِصمةُ يا ابنائنا هي في كتاب الله، وفي سُنة النبي- صلى الله عليه وسلم-،وصاحِبُ هذه السنة- صلى الله عليه وسلم- معصوم لأنهُ يُبلغُ عن الله- عزَّ وجلّ- العباد ما أرادهُ مولاهُم منهم الشرع، وما لحقَ بالرفيق الأعلى إلا أتمَّ البيان- صلى الله عليهِ وسلم- وأتمَّ البلاغ عن الله، ثُمَّ الصحابة- رضي الله عنهم- إجماعهم حُجّة فهم الذين شاهدوا التنزيل دونَ غيرهم، وتَلقّوا عن رسول الله- صلى الله عليهِ وسلم- هذا الدين غَضًا طريا، ومن لم يتلقى منه أخذ من قرينه من السابقين الصحابة، لكن الأفراد يقعُ منهم خطأ، تقعَ منهم أمور ولكن يُتأدبُ معهم، كما قالَ أبو قُلابة عن شيخهِ أيوب السختياني- رحمه الله الجميع- فإذا ذُكرَ أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- فأمسك، وهذا لهُ شواهِد كثيرة، إن لم تَكُن مُتواتِرة عن النبي- صلى الله عليهِ وسلم- فهي مُستفيضة.المُخالِف الثاني: من هو من أهلِ البِدَع والضلال، فهذا الأصلُ فيهِ أنهُ لا كرامةَ له أبدًا، وأهلُ السُنة حينما تكونُ الشوكةُ لهم والجولة والصولة والثِقَل فإنهم يُحذرونَ من أهل البِدع ويصيحون بهم من كُلِ جانب حتى يُحجموهم وتعرف الأُمة ضلال هؤلاء، وإن كانوا في ضعف، وقوة شوكة وصولة وثِقل فإنهم يُحذرون من البِدع ويتركون أهلها مُداراة، مثل أميرُ البلد، قاضي البَلد وهكذا كُل من لهُ سُلطان وثِقل كإمام قرية ألِفهُ الناس عشرات السنين قبلَ مجيئهم إليها فإنهُ يرد البدعة ويترُكُ هذا مُداراة، حتى لا يتسلّط على الدعوة وأهلها ودليلُ هذا أنَّ النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استأذنَ عليهِ رجُل فقال ائْذَنُوا لَهُ، «ايذنوا له- الوجهان-بِئْسَ الرَّجُلُ الْعَشِيرَةِ»، هشَّ له وبشَّ، وأَلانَ لهُ الحَديث، فَلما خَرَجَ قيلَ: يَا رَسول الله، قُلتَ فيهِ ما قُلت، وصَنَعتَ مَعهُ كذا وكَذا، قالَ: «شرُّ الناسِ مَنْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ لِفُحْشِهِ»،شرُ الناس منزلة من ودعهُ الناس لِفُحشهِ الحديث رواهُ البُخاري عن عائشة- رضي اللهُ عنها-نعم، تابِع. وقد بينتُ هذا ولله الحمد في عدة رسائل لي والله ليست من بُنياتِ أفكاري، بل هي جمعٌ لما تكلّم بهِ الأئمة والعلماء، فمن تلكُمُ الرسائل الحَدُّ الفاصِل، نعم. المتن:

عشرًا: وقال رحمه الله أي البربهاري :"مثل أصحاب البدع مثل العقارب يدفنون رؤوسهم وأبدانهم فِي التراب ويخرجون أذنابهم فَإِذَا تمكنوا لدغوا, وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فَإِذَا تمكنوا بلغوا ما يريدون".
التعليق:من الأمثال الجميلة هي عامّة بين الناس، تَمَسكَنَ حتى تَمَكّن، هكذا أهل الفِتَن والضلالات والتَسَلُط، نعم. المتن:

الحادي عشر وقال الصابوني رحمه الله : "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل الأثر حشويه، يريدون بذلك إبطال الأثر، وعلامة القدرية تسميتهم أهل السنة مُجبِرة، وعلامة الجهمية تسميهم أهل السنة مُشبهة، وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة. قلت: وكل ذلك عصبية، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث". 3. وقال ابن تيمية رحمه الله: "وبإزاء هؤلاء المكفرين بالباطل أقوام لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب أو يعرفون بعضه ويجهلون بعضه وما عرفوه منه قد لا يبينونه للناس بل يكتمونه ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة ولا يذمون أهل البدع ويعاقبونهم؛ بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين ذما مطلقا؛ لا يفرقون فيه بين ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وما يقوله أهل البدعة والفرقة أو يقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة كما يُقرّ العلماء في مواضع الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع، وهذه الطريقة قد تغلب على كثير من المرجئة وبعض المتفقهة والمتصوفة والمتفلسفة كما تغلب الأولى على كثير من أهل الأهواء والكلام وكلا هاتين الطريقتين منحرفة خارجة عن الكتاب والسنة.
التعليق:الأولى: هم التكفيريون.والثانية: أهل البدع غير المكفرين.ومنهم الآن جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ وجماعات أخرى، فهاتان الجماعتان تنطلق دعوتهم من أفكار مؤسسيها وقد بينت لكم ذلك في مواضع كثيرة، والواجب يا أيها المسلمون والمسلمات التمسك بالسنة والتشدد في ذلك، يعني وإن بلغك مابلغك من غير السنة، والإرتباط بأهل السنة واتخاذهم أخلاء دون غيرهم من أهل البدع والمحدثات.قال محمد ابن سيرين-رحمه الله-: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم. نعم،إن أخذت دينك عن صاحب سنة عالم فاضل أصبت واستقمت ونجوت من مضلات الفتن- إن شاء الله تعالى-، وإن خاللت مبتدعاً ضالاً هلكت وأهلكت، ومصداق هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» -عليه الصلاة والسلام- وصية عظيمة.والتحذير من أهل البدع من السنة كثيرٌ جداً، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: «سيكون في آخر أمتي أقواماً يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آبَاؤُكُم، فإياكم وإياهم»، فهذا الحديث أصلٌ في هجر أهل الأهواء، وقد كتب أخونا وتلميذنا الشيخ خالد ابن ضَحوي الظفيري الكويتي كتاباً نفيساً جميلاً، مبني على الأدلة، كتاباً سمّاه "إجماع العلماء على هجر أهل الأهواء" قدمت له أنا وبعض المشايخ الذين تعرفونهم، فأنا أوصي به. المتن:

وإنما الواجب بيان ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وتبليغ ما جاءت به الرسل عن الله والوفاء بميثاق الله الذي أخذه على العلماء فيجب أن يعلم ما جاءت به الرسل ويؤمن به ويبلغه ويدعو إليه ويجاهد عليه ويزن جميع ما خاض الناس فيه من أقوال وأعمال في الأصول والفروع الباطنة والظاهرة ،بكتاب الله وسنة رسوله، غير متبعين لهوى: من عادة أو مذهب أو طريقة أو رئاسة أو سلف؛ ولا متبعين لظن: من حديث ضعيف أو قياس فاسد".
التعليق:أقول هذه دعوة من شيخ الإسلام- رحمهُ الله- تؤكد وجوب التمسك بالسُنة ، وترك ما عداه، وفيها كذلك – ما سبق- الردّ على أهل البِدع واليوم بعض من ينتسب إلى العلم يغضب إذا رُدَّ على من يُحبهُ، هذا مو.. يسخط، وكأنهُ يرى إنَّ هذا تبديع! مُجرد الردّ العلمي المبني على الكتابِ والسنة وأقوال الأئمة يراهُ تبديعًا، وإن لم يُبدِع الراد، هذا إنحرافٌ عن الصِراط السوي، وإنحراف عن مسلَك السَلَف الصالِح، فالردُّ المبني على دليل، الردُ العلمي لا التهجميّ هذا أصل من أصول أهل السُنة، بل يردونَ على رجلٍ منهم إذا أخطأَ، يردونَ عليهِ، كما قالَ البربهاري- رحمه الله- واسمهُ الحَسَن ابنُ علي- قالَ وبيان قصتهِ هذا تُبيّن للناس ضلالهُ، نعم تابِع. المتن:

الثالث عشر: وقال ابن القيم رحمه الله: "كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أنيقول علي الله غير الحق فى فتواه وحكمه فى خبره وإلزامه، لان أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فانهم لا تتم لهم أغراضهم الا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا، فاذا كان العالم والحاكم محبين للرياسة، متبعين للشهوات، لم يتم لما ذلك الا بدفع ما يضاده من الحق، ولا سيما اذا قامت له شبهة فتتفق الشبهة والشهوة ويثور الهوى فيخفى الصواب وينطمس وجه الحق وان كان الحق ظاهرا لا خفاء به ولا شبة فيه أقدم على مخالفته، وقال لي مخرج بالتوبة! وفى هؤلاء وأشباههم قال تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وقال تعالى فيهم أيضا فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدني ويقولون سيغفر لنا وان يأتيهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله الا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون. فاخبر سبحانه أنهم اخذوا العرض الأدني مع علمهم بتحريمه عليهم وقالوا سيغفر لنا وان عرض لهم عرض آخر أخذوه فهم مُصرون على ذلك وذلك هو الحامل لهم على ان يقولوا على الله غير الحق فيقولون هذا حكمه وشرعه ودينه وهم يعلمون أن دينه وشرعه وحكمه خلاف ذلك أولا يعلمون أن ذلك دينه وشرعه وحكمه! فتارة يقولون على الله مالا يعلمون! وتارة يقولون عليه ما يعلمون بطلانه. وأما الذين يتقون فيعلمون أن الدار الآخرة خير من الدنيا فلا يحملهم حب الرياسة والشهوة على أن يؤثروا الدنيا على الآخرة وطريق ذلك أن يتمسكوا بالكتاب والسنة، ويستعينوا بالصبر والصلاة، ويتفكروا في الدنيا وزوالها وخستها، والآخرة واقبالها ودوامها وهؤلاء لابد أن يبتدعوا فى الدين مع الفجور في العمل، فيجتمع لهم الأمران فان اتباع الهوى يعمى عين القلب، فلا يميز بين السنة والبدعة، أو ينكسه فيرى البدعة سنة والسنة بدعة فهذه آفة العلماء اذا آثروا الدنيا واتبعوا الرياسات والشهوات".
التعليق:هذا يدل على أمرين:الأمر الأول: أن أهل الأهواء جامعتهم دنيوية، فمن مستقل ومن مستكثر، فكثيرٌ من الناس يعميه حب الرئاسة والصحبة يعميه عن بيان الحق، يعميه عن بيان الحق للناس والصدع به وهو قادرٌ على ذلك.الأمر الثاني: نتيجة هذا ،وهو أن الهوى يوصل أصحابه إلى القول على الله إما بما يعلمون بطلانه، أو يقولون على الله بلا علم!هذه النتيجة -ونسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة لنا ولكم ولكل من تمسك بالسنة، وأن يمحق أهل الأهواء ويذلهم ويكسر شوكتهم-. المتن:

الرابع عشر: قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير منها: المحذور الأول: أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله: )ظ±ليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ظ±لإِسلَظ°مَ دِينافَمَنِ ظ±ضطُرَّ فِي مَخمَصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِف لِّإِثم فَإِنَّ ظ±للَّهَ غَفُور رَّحِيم(لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديناً لم يكن من الدين حين نزول الآية، فيكون الدين لم يكمل على مقتضى بدعته. المحذور الثاني: أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشرائع وحد الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون. المحذور الثالث: أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالى: )أَم لَهُم شُرَكَظ°ظ“ؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ظ±لدِّينِ مَا لَم يَأذَن بِهِ ظ±للَّهُ وَلَولَا كَلِمَةُ ظ±لفَصلِ لَقُضِيَ بَيَهُم وَإِنَّ ظ±لظَّظ°لِمِينَ لَهُمغ، عَذَابٌ أَلِيم(. المحذور الرابع: إن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي- صلى الله عليه وسلم- جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي –صلى الله عليه وسلم-، أما الأول فقد رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى. المحذور الخامس: أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه. المحذور السادس: أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله: )وَلَا تَكُونُواْ كَظ±لَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَظ±خغ،تَلَفُواْ مِنغ¢ بَعغ،دِ مَا جَاظ“ءَهُمُ ظ±لغ،بَيِّنَظ°تُغڑ وَأُوْلَظ°ظ“ئِكَ لَهُمغ، عَذَابٌ عَظِيمظ‍( وفيما حذر منه بقوله: )إِنَّ ظ±لَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُم وَكَانُواْ شِيَعا لَّستَ مِنهُم فِي شَيءٍ إِنَّمَاظ“ أَمرُهُم إِلَى ظ±للَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفعَلُونَ(. المحذور السابع: أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها. وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى: )يَظ°ظ“أَيُّهَا ظ±لنَّاسُ قَد جَاظ“ءَتكُم مَّوعِظَة مِّن رَّبِّكُم وَشِفَاظ“ء لِّمَا فِي ظ±لصُّدُورِ وَهُدى وَرَحمَة لِّلمُؤمِنِينَ * قُل بِفَضلِ ظ±للَّهِ وَبِرَحمَتِهِغ¦ فَبِذَظ°لِكَ فَليَفرَحُواْ هُوَ خَير مِّمَّا يَجمَعُونَ.(وقال الله تعالى: )فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدى فَمَنِ ظ±تَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشقَىظ°(. قال مقيده: فهذه أربع عشرة نصيحة نقلناها لك عن جملة من العلماء الأعلام أئمة العلم والدين والإيمان، وكلها متضمنة الحض على التمسك بالسنة والحذر من أهل البدع، فالزمها ولا تحد عنها ذات اليمين وذات الشمال من بنيات الطريق، والشواذ, والمفاريد, والغرائب، فترد العطب، فتقع في المهالك فبئس الورد المورود. فاقدر يا طالب الحق لهذه النصائح قدرها, وافهمها حق الفهم واسلك سبيل أهلها وأمثالهم من الأئمة فيقوى ساعدك في الحق ويشتد أزرك. هدانا الله وإياك مراشد أمورنا، وثبتنا جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الأخرة إنه سميع مجيب. هذا ما يسر الله لنا جمعه وتحريره في شرح هذا الكتاب المبارك النفيس النافع وهو كتاب الإعتصام من صحيح البخاري والذي وسمناه بـ"إمداد القاري بشرح كتاب الإعتصام من صحيح البخاري". ولستُ مدعيًا أن وفيت مقام هذا الكتاب حقه، ولكن حسبي أني بذلك جهدي واستفرغت وسعي حتى تمَّ ولله الحمد والمنة ما قصدته من هذا الشرح الذي أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبله وينفع به أهل الإسلام، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
بارك الله فيكم، ونكتفي بهذا القدر اختصاراً للوقت ونعتذر لكثرة السعال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

المصدر:
http://ar.miraath.ne...ayd-30-12-1435h (http://ar.miraath.net/fatwah/7724/07/friday-meeting-with-sh-ubayd-30-12-1435h)