المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كبيرهم الذي علمهم البدع



عزالدين بن سالم أبوزخار
05-Jun-2016, 10:10 AM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد :
فقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من إتباع الشيطان، بل حذرنا من إتباع خطوات الشيطان في أربعة مواضع من كتابه العزيز، منها قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } [النور: 21].
قال العلامة المفسر السعدي رحمه الله في ((تفسيره)): ((نهى عن الذنوب عموما فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان} أي: طرقه ووساوسه.
وخطوات الشيطان، يدخل فيها سائر المعاصي المتعلقة بالقلب، واللسان والبدن. ومن حكمته تعالى، أن بين الحكم، وهو: النهي عن إتباع خطوات الشيطان. والحكمة وهو بيان ما في المنهي عنه، من الشر المقتضي، والداعي لتركه فقال: { ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه } أي: الشيطان { يأمر بالفحشاء } أي: ما تستفحشه العقول والشرائع، من الذنوب العظيمة، مع ميل بعض النفوس إليه. { والمنكر } وهو ما تنكره العقول ولا تعرفه. فالمعاصي التي هي خطوات الشيطان، لا تخرج عن ذلك، فنهي الله عنها للعباد، نعمة منه عليهم أن يشكروه ويذكروه، لأن ذلك صيانة لهم عن التدنس بالرذائل والقبائح)).
وأعظم ما نُهي عنه البدع المكفرة ثم البدع المفسقة، والشيطان قعد لابن آدم له بطريق الإسلام، فيريد أن يضله عن الصراط المستقيم فيأخذه ذات اليمين أو ذات الشمال.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطا ثم قال: ((هذا سبيل الله)) ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: ((هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ { إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله })) أخرجه أحمد في ((المسند)) والترمذى في ((الجامع)) والنسائي في ((الكبرى)) والطيالسي في ((السنن)) والدارمي في ((المسند)) وابن حبان في ((صحيحه)) والحاكم في ((المستدرك)) وسعيد بن منصور في ((السنن)) والبغوي في ((شرح السنة)).
وقال الترمذى هذا حديث صحيح، وصححه الإمام الألباني رحمه الله في تخريجه ((شرح الطحاوية لابن أبي العز)).
وفي رواية عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فخط خطا هكذا أمامه فقال هذا سبيل الله عز وجل وخطين عن يمينه وخطين عن شماله قال هذه سبيل الشيطان ثم وضع يده في الخط الأسود ثم تلا هذه الآية {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون})) أخرجه أحمد في ((المسند)) وقال محققوا المسند: حسن لغيره.
فأساس البدع الشياطين فهم الذين اخترعوها { لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }، ومن أحدث بدعة ففيه شبه بإبليس وجنده.
قال سفيان الثوري رحمه الله: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ؛ لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)): ((ومن تقرب إلى الله بما ليس من الحسنات المأمور بها أمر إيجاب ولا استحباب فهو ضال متبع للشيطان، وسبيله من سبيل الشيطان)) اهـ.
يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6].
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 29 شعبان سنة 1437 هـ
الموافق لـ: 5 يوليو سنة 2015 م