المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [لَيْسَ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ غِيبَةٌ]



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
06-Jun-2016, 11:52 PM
[لَيْسَ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ غِيبَةٌ]



بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:



عن يونس، عن الحسن، ذُكر رجل عند الحسن فنال منه، فقيل له:

"يا أبا سعيد، ما نراك إلا اغتبت الرجل"،

فقال: "أي لكع ، هل عبت من شيء فيكون غيبة،

أيما رجل أعلن بالمعاصي ولم يكتمها كان ذكركم إياه حسنة تكتب لكم،

وأيما رجل عمل بالمعاصي فكتمها الناس كان ذكركم إياه غيبة".

[كنز العمال جـ3 صـ871]



عن الأعمش، عن إبراهيم قال: "لَيْسَ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ غِيبَةٌ".

[شرح أصول السنة للالكائي جـ1 صـ140]



وعن ثابت بن حزم القطعي، حدثنا عاصم الأحول، قال:

"جلست إلى قتادة فذُكر عمرو بن عبيد فوقع فيه،

فقلت: لا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض.

فقال: يا أحول، أو لا تدرى أن الرجل إذا ابتدع فينبغي أن يذكر حتى يحذر".

[ميزان الاعتدال في نقد الرجال ط.الرسالة جـ3 صـ278]



حدثنا أحمد بن جعفر، ثنا أحمد بن علي الأبار، ثنا عبد الرحمن بن حازم أبو محمد البلخي، قال: سمعت مكي بن إبراهيم، يقول:

كان شعبة، يأتي عمران بن جدير فيقول:

"تعال يا عمران نغتاب في الله ساعة، نذكر مساوئ أصحاب الحديث".

[حلية الأولياء وطبقات الأصفياء جـ صـ152]



وسئل أن يكف عن بيان،

فقال: "لا يحل الكف عنه لان الامر دين".

[كتاب الموضوعات جـ1 صـ50]



حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي، قال: حدثنا أبو قدامة، سمعت ابن مهدى يقول: مررت مع سفيان الثوري برجل فقال:

"كذاب، والله لولا أنه لا يحل لى أن أسكت لسكت".

[كتاب المجروحين جـ1 صـ26]



وعن الحس بن الربيع قال: قال ابن المبارك:

"الْمُعَلَّى بن هلال هو، إلا أنه إذا جاء الحديث كذب.

فقال له بعض المتصوفة: يا أبا عبد الرحمن تغتاب؟

فقال: اسكت، إذا لم نبين كيف يُعرف الحق من الباطل؟"

[قرة عين المحتاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج جـ2 صـ320]



وروى محمد بن أبي خلف، قال: كنا عند ابن علية، فجاءه رجل، فسأله عن حديث الليث بن أبي سليم، فقال بعض من حضره:

"وما تصنع بليث بن أبي سليم، وهو ضعيف الحديث؟

لم لا تسأله عن حديث لأيوب؟

قال: فقال: سبحان الله! أتغتاب رجلا من العلماء؟

قال: فقال ابن علية يا جاهل نصحك، إن هذا أمانة ليس بغيبة".

[الكفاية في علم الرواية ط. الهند صـ43].



وقال العقيلي رحمه الله تعالى: حدثنا محمد، حدثنا الحسن، قال سمعت عفان يقول:

"كنت عند ابن عُليّه فقال رجل: فلان ليس ممن يؤخذ عنه،

قال: فقال له الآخر: قد اغتبت الرجل،

فقال رجل: ليس هذه بغيبة إنما هذا حكم،

قال ابن عليه: صدقك الرجل،

يعني الذي قال: هذا حكم".

[كتاب الضعفاء جـ1 صـ28]



قال يحيى بن سعيد:

"سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري وشعبة وسفيان ابن عيينة:

عن الرجل يكذب في الحديث، أو يَهِم، أبين أمره؟

قالوا: نعم بين أمره للناس".

[كتاب الموضوعات جـ1 صـ50]



وعن عبد الله بن الإمام أحمد قال:

"جاء أبو تراب النخشبي إلى أبي،

فجعل أبي يقول: فلان ضعيف وفلان ثقة،

فقال أبو تراب: يا شيخ لا تغتب العلماء!

قال: فالتفت إليه أبي،

وقال: ويحك؛ هذه نصيحة، هذا ليس غيبة".

[شرح علل الترمذي صـ46]



وعن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول:

"اذا علم الرجل من محدث الكذب لم يسعه السكوت عليه،

ولا يكون ذلك غيبة،

فإن مثل العلماء كالنقاد فلا يسع الناقد في دينه أن لا يبين الزيوف من غيرها".

[كتاب الموضوعات جـ1 صـ42-43]



وعن العباس بن الوليد، عن عقبة بن علقمة قال:

"كنت عند أرطأة بن المنذر، فقال بعض أهل المجلس: ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنة ويخالطهم فإذا ذكر أهل البدع قال: دعونا من ذكرهم لا تذكروهم.

قال: يقول أرطأة: هو منهم لا يلبس عليكم أمره.

قال: فأنكرت ذلك من قول أرطأة،

قال: فقدمت على الأوزاعي وكان كشافا لهذه الأشياء إذا بلغته.

فقال: صدق أرطأة والقول ما قال، هذا ينهي عن ذكرهم، ومتى يحذروا إذا لم يشاد بذكرهم؟".

[تأريخ دمشق جـ8 صـ15]



وقال الترمذي رحمه الله تعالى:

"وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين، قد تكلموا في الرجال، منهم الحسن البصري، وطاوس، تكلما في معبد الجهني، وتكلم سعيد بن جبير في طلق بن حبيب، وتكلم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي في الحارث الأعور.

وهكذا رُوي عن أيوب السختياني، وعبد الله بن عون، وسليمان التيمي، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وغيرهم من أهل العلم، أنهم تكلموا في الرجال، وضعفوا.

وإنما حملهم على ذلك عندنا والله أعلم النصيحة للمسلمين، لا يُظن بهم أنهم أرادوا الطعن على الناس، أو الغيبة، إنما أرادوا عندنا أن يبينوا ضعف هؤلاء؛ لكي يعرفوا؛ لأن بعض الذين ضُعفوا كان صاحب بدعة، وبعضهم كان متهما في الحديث، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطإ.

فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقة على الدين وتثبيتا. لأن الشهادة في الدين أحق أن يتثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال.

قال شارح العلل الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:

مقصود الترمذي رحمه الله أن يبين أن الكلام في الجرح والتعديل جائز قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن مما لا يجوز قبوله.

وقد ظن بعض من لا علم عنده أن ذلك من باب الغيبة، وليس كذلك، فإن ذكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة ولو كانت خاصة كالقدح في شهادة شاهد الزور جائز بغير نزاع، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى.

[شرح علل الترمذي صـ46]

وقال شارح السنن الشيخ محمد المباركفوري رحمه الله تعالى:

"وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال".

أي التكلم في رواة الحديث وجرحهم وتضعيفهم، وبيان ما فيهم من الأمور الموروثة لضعف أحاديثهم كالكذب والاتهام به والفسق والبدعة والغفلة وسوء الحفظ وغير ذلك إنما عابوا ذلك لعدم فهمهم وجهلهم، فإنهم زعموا أن هذا غيبة، والحال أنه ليس من الغيبة في شيء.

[تحفة الأحوذي جـ10 صـ469-473]



قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله تعالى:

مأثور عن الحسن البصرى، أنه قال‏:‏ أترغبون عن ذكر الفاجر‏؟‏ اذكروه بما فيه يحذره الناس‏.‏ وفى حديث آخر‏:‏ من ألقى جلباب الحياء، فلا غيبة له‏‏ وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء‏:

أحدهما‏:‏ أن يكون الرجل مظهرا للفجور، مثل‏:‏الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة، فإذا أظهر المنكر، وجب الإنكار عليه بحسب القدرة، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»‏ [رواه مسلم]‏.‏

وفى المسند والسنن عن أبى بكر الصديق رضى اللّه عنه أنه قال‏:‏ أيها الناس، إنكم تقرؤون القرآن وتقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها ï´؟‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ‏ï´¾ ‏[‏المائدة‏:‏ 105‏]‏ وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ «إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ وَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ».

فمن أظهر المنكر وجب عليه الإنكار، وأن يهجر ويذم على ذلك‏.‏ فهذا معنى قولهم‏:‏ من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له‏‏ بخلاف من كان مستترا بذنبه مستخفيا، فإن هذا يستر عليه، لكن ينصح سرا، ويهجره من عرف حاله حتى يتوب، ويذكر أمره على وجه النصيحة‏.‏

النوع الثانى‏:‏ أن يستشار الرجل فى مناكحته ومعاملته أو استشهاده، ويعلم أنه لا يصلح لذلك، فينصحه مستشاره ببيان حاله.

[الفتاوى الكبرى جـ4 صـ476-477]



وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

ولو سكت أهل الحق عن بيانه لاستمر المخطئون على أخطائهم، وقلدهم غيرهم فى ذلك، وباء الساكتون بإثم الكتمان الذى توعدهم الله فى قوله سبحانه: ï´؟إِنّ الّذِين يكْتمون ما أنْزلْنا مِن الْبيِّناتِ والْهدىظ° مِنْ بعْدِ ما بيّنّاه لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أولظ°ئِك يلْعنهم اللّه ويلْعنهم اللّاعِنون * إِلّا الّذِين تابوا وأصْلحوا وبيّنوا فأولظ°ئِك أتوب عليْهِمْ وأنا التّوّاب الرّحِيمï´¾ [البقرة: 159-160].

وقد أخذ الله على علماء أهل الكتاب الميثاق لتبيينه للناس ولا تكتمونه، وذمهم على نبذه وراء ظهورهم وحذرنا من إتباعهم.

فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطاء من خالف الكتاب والسنة شابهوا بذلك أهل الكتاب المغضوب عليهم والضالين.

[مجموع فتاوى ابن باز جـ3 صـ72-73]



وقال الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى:

دخل علينا أحد الخطباء المشهورين ولا أعتقد أن هذا من الغيبة في شيء إذا ما سميته لكم لأنني أؤمن بقول من قال من أهل العلم:

القـدحُ ليس بِغيبـةٍ في سِتَّةٍ ... مُتظلِّمٍ ومُعـرِّفٍ ومُحـذِّرِ

ولِمُظهِرٍ فِسقًا ومُستَفتٍ ومَن ... طلبَ الإعانةَ في إزالةِ مُنكرِ

... فدخل الرجل المشار إليه وهو محمد الصواف تعرفونه؟

الطلاب: نعم.

الشيخ: أنا أعرفه منذ قديم كان رئيس الإخوان المسلمين فى العراق وأنه إخونجي مرّ!

الطالب: ههه.

الشيخ: وهذه تعتبر هذه غيبة؟ اعتبرها لكن أنا مطمئن أن هذا من المستثنيات الست.

[الهدى والنور الشريط 600]



وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

يستثنى من الغيبة وهي ذكر الرجل بما يكره، إذا كان على سبيل النصيحة، ومنه ما يذكر في كتب الرجال مثلاً، فلان بن فلان سيء الحفظ، فلان بن فلان كذوب، فلان بن فلان فيه كذا وكذا، يذكرون ما يكره من أوصافه، نصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فإذا كان الغرض من ذكرك أخاك ما يكره النصيحة فلا بأس.

[تفسير العثيمن تفسير سورة الحجرات]



وقال الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان حفظه الله تعالى:

إذا اقتضى الأمر أن يصرح باسم الأشخاص المخالفين حتى لا يغتر بهم، وخصوصاً الأشخاص الذين عندهم انحراف في الفكر أو انحراف في السيرة والمنهج، وهم مشهورون عند الناس، ويحسنون فيهم الظن، فلا بأس أن يُذْكَروا بأسمائهم وأن يُحَذر من منهجهم.

والعلماء بحثوا في علم التجريح والتعديل فذكروا الرواة وما قيل فيهم من القوادح، لا من أجل أشخاصهم، وإنما من أجل نصيحة الأمة أن تتلقى عنهم أشياء فيها تجنٍّ على الدين، أو كذبٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالقاعدة أولاً أن ينبه على الخطأ ولا يذكر صاحبه إذا كان يترتب على ذكره مضرة أو ليس لذكره فائدة، أما إذا اقتضى الأمر أن يصرح باسمه لأجل تحذير الناس من منهجه، فهذه من النصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

وخصوصاً إذا كان له نشاط بين الناس، ويحسنون الظن به، ويقتنون أشرطته وكتبه، لا بد من البيان، وتحذير الناس منه؛ لأن السكوت ضرر على الناس، فلا بد من كشفه لا من أجل التجريح أو التشهي، وإنما من أجل النصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

[الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة صـ162]