المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إزالة الإشكال عما يُستدل به من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مع الشيطان بطلب الثمار عند المخالف ورمي الحطب في النار



عزالدين بن سالم أبوزخار
21-Aug-2016, 11:10 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد أخرج البخاري في ((صحيحه)) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة.
قال: فخليت عنه فأصبحت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة.
قال: قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله.
قال: أما إنه قد كذبك وسيعود.
فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك.
قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله.
قال: أما إنه قد كذبك وسيعود.
فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود.
قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها.
قلت: ما هو؟
قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح.
فخليت سبيله فأصبحت.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة.
قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله.
قال: ما هي؟
قلت: قال: لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }.
وقال: لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح. و
كانوا أحرص شيء على الخير0
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟
قال: لا.
قال: ذاك شيطان.
هذا الحديث يستدل به أهل البدع والأهواء على أخد العلم من كل من هب ودب دون قيود ولا ضوابط.
ويقولون: خذ الخير واترك الشر، وبعضهم يزخرف القول ويشقشق الكلام ويأتون بسجع مثل سجع الكهان لترويج باطلهم، فيقول: خذ الثمار وارمي الحطب في النار.
والرد على هذه الشبهة من وجوه:
1) في هذا الاستدلال هدم لأصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة، وهو الولاء والبراء، ومنه البراءة من أهل البدع والأهواء.
2) أن الشيطان كذب مرتين وصدق في مرة واحدة.
3) فيه تشبيه المنحرفين بالشيطان وهذا لا يقرون به.
4) أبو هريرة رضي الله عنه لا يعلم أنه شيطان.
5) الشيطان هو الذي جاء إلى أبي هريرة رضي الله عنه ولم يكن مراده نشر الخير، وكان يريد أن يسرق.
6) أبو هريرة رضي الله عنه لم يذهب إلى الشيطان، يعني لم يطلب الخير الذي عنده.
7) أبو هريرة رضي الله عنه لم يصدق الشيطان في المرة الأخيرة إلا بعدما أخبره الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بصدقه فيها وإن كان فيه إشارة إلى كذبه مرتين.
8) في هذا الاستدلال طعن مبطن في الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أنه يأخذ ويسلم للشيطان.
9) إيهام أن هذا من أخذ الحق ممن جاء به ولو كان على سبيل الطلب.
10) الحق الذي جاء به الشيطان كان على سبيل الموافقة.
قال العلامة عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله في ((مجموعة الرسائل الجابرية)) – المجموعة الثانية – (ص 186-187): ((العبارة صحيحة: أخذ الحق ممن جاء به، أُفرق في تقريراتي بين الطلب والموافقة، فطلب الحق لا يطلب إلا من مسلم راسخ في العلم فقه يحسن الجواب، وليس عنده فيما يجيب به السائل إلا كتاب وسنة أو إجماع.
أما الموافقة فهي أمر طارئ عارض، فمثلا لو قال يهودي: وجدت في التوراة أن الله كتب مقادير الخلق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، نقول: هذا صحيح، هل نحن طلبنا هذا من اليهودي؟ لا، لم نطلبه منه، ولكن وافق ما عندنا)) اهـ.
هذا، والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: ليلة السبت 17 ذي القعدة سنة 1437 هـ
الموافق لـ: 20 أغسطس سنة 2016 م