المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جمع أذكار الركوع في ركوع واحد وكذلك في السجود



عزالدين بن سالم أبوزخار
23-Aug-2016, 08:47 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فقد وقفت على قولين لأهل العلم في هذه المسألة:
القول الأول: أنه يشرع الجمع بين الأذكار والأدعية المأثورة؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يطيل الركوع والسجود في بعض الأحيان إذا كان منفرداً.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم قال سمع الله لمن حمده ثم قام طويلا قريبا مما ركع ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريبا من قيامه) أخرجه مسلم.
قال النووي رحمه الله في ((المجموع)): ((يستحب الجمع بين الأدعية المأثورة وأنه ينبغي للإمام أن لا يطيل طولاً يشق على جماعته)) اهـ.
وقال رحمه الله في ((الأذكار)): ((ولكن الأفضل أن يجمعَ بين هذه الأذكار كلها إن تمكن من ذلك بحيث لا يشقّ على غيره، ويقدّم التسبيح منها، فإن أراد الاقتصارَ فيستحبُّ التسبيح. وأدنى الكمال منه ثلاث تسبيحات، ولو اقتصر على مرّة كان فاعلاً لأصل التسبيح. ويُستحبّ إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضها، وفي وقت آخر بعضاً آخر، وهكذا يفعل في الأوقات حتى يكون فاعلاً لجميعها)) اهـ.
وقال العلامة الحجاوي رحمه الله في ((الإقناع)): ((ولا تكره الزيادة على قول رب اغفر لي، ولا على سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى، في الركوع والسجود، مما ورد)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)): ((وقد سبق أن الاستفتاحات الواردة لا تقال جميعا، إنما يقال بعضها أحيانا وبعضها أحيانا، وبينّا دليل ذلك، لكن أذكار الركوع المعروف عند عامة العلماء أنها تذكر جميعاً)) اهـ.
وقال العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في ((شرح سنن أبي داود)): ((أما جمع أذكار عدة من الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن فلا بأس بذلك، لكن الركوع يكثر فيه التعظيم، والسجود يكثر فيه الدعاء)) اهـ.
وهذا قول عطاء رحمه الله كما ذكر ذلك الإمام الألباني رحمه الله في ((صفة الصلاة)) وعزاه لابن نصر في ((قيام الليل)) ولم أجده.
وهم في هذا لا يفرقون بين المنفرد والمأموم والإمام.
القول الثاني: لا يجوز الجمع بين أذكار الركوع والسجود.
قال العلامة أبو الطيب صديق حسن خان رحمه الله في ((نزل الأبرار بالعلم المأثور من الأدعية والأذكار)): ((قال [النووي]: والأفضل أن يجمع بين هذه الأذكار كلها إن تمكن، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب انتهى.
قلت: يأتي مرة بهذه، وبتلك أخرى، ولا أرى دليلا على الجمع، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يجمعها في ركن واحد، بل يقول هذا مرة، وهذا مرة، والإتباع خير من الابتداع)) اهـ.
وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((صفة الصلاة)): ((هل يشرع الجمع بين هذه الأذكار في الركوع الواحد أم لا؟
اختلفوا في ذلك، وتردد فيه ابن القيم في الزاد، وجزم النووي في الأذكار بالأول، فقال:
" والأفضل أن يجمع بين هذه الأذكار كلها إن تمكن، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب ".
وتعقبه أبو الطيب صديق حسن خان، فقال في نزل الأبرار (84): " يأتي مرة بهذه، وبتلك أخرى، ولا أرى دليلا على الجمع، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يجمعها في ركن واحد، بل يقول هذا مرة، وهذا مرة، والإتباع خير من الابتداع ".
وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى، لكن قد ثبت في السنة إطالة هذا الركن وغيره،... حتى يكون قريبا من القيام، فإذا أراد المصلي الإقتداء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذه السنة، فلا يمكنه ذلك إلا على طريقة الجمع الذي ذهب إليه النووي، وقد رواه ابن نصر في قيام الليل (76) عن ابن جريج عن عطاء، وإلا على طريقة التكرار المنصوص عليه في بعض هذه الأذكار، وهذا أقرب إلى السنة. والله أعلم)) اهـ.
والذي يترجح ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، وذلك لأن أصحاب القول الأول لم يأتوا بحديث أو أثر صحيح ولا ضعيف يستندوا عليه في قولهم.
والقول الثاني هو الأصل الذي جاء في نصوص الشريعة.
هذا، والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: يوم السبت 17 ذي القعدة سنة 1437 هـ
الموافق لـ: 20 أغسطس سنة 2016 م