المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [مقال] العلم الشرعي نور



وليد الخميري تونسي
18-Sep-2016, 01:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده وصلي الله وسلم علي من لا نبي بعده
أما بعد
قال تعالي سبحانه في كتابه
الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشآء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم (سورة النور آية 35)
قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية
( الله نور السموات والأرض) الحسي والمعنوي وذلك نوه تعالي بذاته نور وحجابه الذي لولا لطفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهي إليه بصره من خلقه -نور، وبه استنار العرش والكرسي والشمس والقمر والنور وبه استنارت الجنة وكذلك النور المعنوي يرجع إلي الله فكتابه نور وشرعه نور والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباد المؤمنين نور فلولا نوره تعالي لتراكمت الظلمات ولهذا كل محل يفقد نوره فثم الظلمة والحصر (مثل نوره)الذي يهدي إليه وهو نور الإيمان والقرآن في قلوب المؤمنين (كمشكاة) أي كوة (فيها مصباح) لأن الكوة تجمع نور المصباح بحيث لا يتفرق ذلك (المصباح في زجاجة )
من صفائها وبهائها(كأنها كوكب دري) أي مضيء إضاءة الدر (يوقد ) ذلك المصباح الذي في تلك الزجاجة الدرية (من شجرة مباركة زيتونة ) أي يوقد من زيت الزيتون الذي ناره من أنور ما يكون (لا شرقية ) فقط فلا تصيبها الشمس آخر النهار (ولا غربية) فقط فلا تصيبها الشمس (أول) النهار وإذا انتفي عنها الأمران كانت متوسطة من الأرض كزيتون الشام تصيبها الشمس أول النهار وآخره فتحسن وتطيب ويكون أصفي لزيتها ولهذا قال (يكاد زيتها) من صفاته ( يضيء ولو لم تمسسه نار) فإذا مسته النار أضاء إضاءة بليغة (نور علي نور) أي : نور النار ونور الزيت
ووجه هذا المثل الذي ضربه الله وتطبيقه علي حالة المؤمن ونور الله في قلبه أن فطرته التي فطر عليها بمنزلة الزيت الصافي ففطرته صافية مستعدة للتعاليم الإلهية والعمل المشروع فإذا وصل إليه العلم والإيمان اشتعل ذلك النور في قلبه بمنزلة اشتعال النار في فتيلة ذلك المصباح وهو صافي القلب من سوء القصد وسوء الفهم عن الله إذا وصل إليه الإيمان أضاء إضاءة عظيمة لصفاته من الكدورات وذلك بمنزلة صفاء الزجاحة الدرية فيجتمع له نور الفطرة ونور الإيمان ونور العلم وصفاء المعرفة نور علي نوره
ولما كان هذا من نور الله تعالي وليس كل أحد يصلح له ذلك قال (يهدي الله لنوره من يشآء) ممن يعلم زكاءه وطهارته وأنه يزكي معه وينمو ( ويضرب الله الأمثال للناس) ليعقلوا عنه ويفهموا لطفا منه بهم وإحسانا إليهم وليتضح الحق من الباطل فإن الأمثال تقرب المعاني المعقولة من المحسوسة فيعلمها العباد علما واضحا ( والله بكل شيء عليم ) فعلمه محيط بجميع الأشياء فلتعلموا أن ضربه الأمثال ضرب من يعلم حقائق الأشياء وتفاصيلها وأنها مصلحة للعباد فليكن اشتغالكم بتدبرها وتعقلها لا بالإعتراض عليها ولا بمعارضتها فإنه يعلم وانتم لا تعلمون
ولما كان نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد ذكرها منوها بها
قال ابن القيم رحمه الله وغفر له للمعاصى من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنياةوالآخرة مالا يعلمه إلا الله فمنها حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفيء ذلك النور
ذكر ان الشافعي رحمه الله وغفر له قال يشكو سوء حفظه
شكوت الي وكيع سوء حفظي**فأرشدني الي ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور** ونور الله لا يهدي لعاص
ذكر الآجري رحمه الله وغفر له كلام نافع فشأن العلم والعلماء وانه نور يستضاء به
أخبرنا ابو بكر حدثنا ابو بكر ايضا عن زهير بن محمد عن يعلي بن عبيد عن محمد بن اسحاق عن عمة موسي بن يسار قال:بلغنا ان سلمان الفارسي كتب الي أبي الدرداء : إن العلم كالينابيع يغشي الناس فيختلجه هذا وهذا فينفع الله به غير واحد وان حكمة لا يتكلم بها كالجسد لاروح فيه وان علما لا يخرج ككنز لا ينفق و إنما مثل العلم كمثل رجل عمل سراجا في طريق مظلم يستضىء به من مر به وكل يدعوا الي الخير
قال محمد بن الحسين (آجري):
فما ظنكم -رحمكم الله - بطريق فيه آفات كثيرة ويحتاج الناس إلي سلوكه في ليلة ظلماء فإن لم يكن فيه ضياء والا تحيروا فقيض الله لهم فيه مصابيح تضىء لهم فسلكوه علي السلامة والعافية ام جاءت طبقات من الناس لا بد لهم من السلوك فيه فسلكوا فبينما كذلك اذ طفئت المصابيح فبقوا في الظلمة
فما ظنكم بهم هكذا العلماء في الناس لا يعلم كثير من الناس كيف أداء الفرائض ولا كيف اجتناب المحارم ولا كيف يعبد الله في جميع ما يعبده به خلقه إلا ببقاء العلماء ...
(من كتاب أخلاق العلماء للآجري)
قال بعض السلف ان للحسنة لنور فيى القلب وقوة في البدن وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق
وإن السيئة لظلمة في القلب وسواد في الوجه ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق
عن علي -أو حذيفة- رضي الله عنه قال القلوب اربعة
قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذلك قلب الكافر وقلب منكوس فذاك قلب المنافق
وقلب فيه مادتان مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق فأولئك خلطوا عملاةصالحا وآخر سيئا
جاء في الحديث فضل العالم علي العابد كفضل القمر علي سائر الكواكب
وكذلك قال صلي الله عليه وسلم اصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديت
وأصل العلم الشرعي القرآن و السنة وكلها نور يستضاء بها

وأختم بهذه الأبيات لحافظ الحكمي رحمه الله وغفر الله في الميمية
العلم أشرف مطلوب وطالبه**لله أكرم من يمشي علي قدم
العلم نور يستضىء به**أهل السعادة والجهال في الظلم
العلم أعلي الحياة للعباد**كما أهل الجهالة أموات بجهلهم
والحمد الله رب العالمين وصلي الله وسلم علي نبينا محمد صلي الله عليه وسلم
كتبه وليد الخميري

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
18-Sep-2016, 10:02 PM
جزاك الله خيرا