المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة ( لمجموعة من العلماء )



كمال بن طالب زيادي
19-Sep-2016, 06:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربّهم ـ تبارك وتعالى ـ يوم القيامة بأبصارهم ، وينظرون إليه على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :" إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر " . والتشبيه في هذا الخبر وقع للرؤية بالرؤية ، لا للمرئي بالمرئي ، والأخبار الواردة في الرؤية مخرّجة في كتاب ( الانتصار ) بطرقها .القاعدة الأساسية عند أهل السنة أنهم يؤمنون بالله ـ تبارك وتعالى ـ وبأسمائه وبصفاته سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به ، ويؤمنون بكل ما ثبت في القرآن والسنة ، فكل ما ورد في القرآن وما ثبت من سنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يؤمنون به على الوجه اللائق بالله عزّوجلّ من غير تحريف ولا تمثيل ومن غير تشبيه ولا تعطيل .والعقائد التي يؤمن بها أهل السنة ويخالفون فيها أهل الضلال معروفة ، وقد مر بنا الشيء الكثير في هذا الكتاب .ومن هذه العقائد التي يتميز بها أهل السنة عن أهل الضلال : أنهم يؤمنون بأن الله يُرى يوم القيامة ، ويراه عباده المؤمنون في الجنة ، ويُرى قبل ذلك في عرصات يوم القيامة ، والرؤية التي يتميز بها المؤمنون هي رؤية الله في الجنة ، وتشير الأحاديث أو تدل على أن في عرصات القيامة يشترك المؤمنون وغيرهم في ( رؤية الله ) ، فالمنافقون يدخلون في ذلك ، لكنها رؤية لا تفيدهم ، إذ يكشف الله عن ساقه سبحانه وتعالى فيخرّ المؤمنون سجدا لله ، والمنافقون لا يستطيعون ذلك ، فكلما أرادوا أن يسجدوا لا يستطيعون ذلك ، كما قال الله ـ تبارك وتعالى ـ (( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون )) [ القلم 42 ] ، ثم يراه المؤمنون في الجنة .قال المصنف رحمه الله :( ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم ـ تبارك وتعالى ـ يوم القيامة بأبصارهم ) والأدلة على ذلك كثيرة متواترة ، يعني : بلغت حد التواتر ، رويت عن ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، هذا في السنة ، أما القرآن ففيه آيات وردت في ذلك .منها : قول الله ـ تبارك وتعالى ـ (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة : 22 ـ 23 ] ، (( وجوه يومئذ ناضرة )) يعني : من النضرة وهي الحسن والجمال من آثار النعيم الذي أنعم الله به عليهم في الجنة (( إلى ربها ناظرة )) من النظر بمعنى الرؤية بالأبصار ، يبصرون الله ويرونه سبحانه وتعالى سبحانه وتعالى في جنات النعيم .ومنها : قوله ـ تبارك وتعالى ـ : (( إن الأبرار لفي نعيم ـ على الآرائك ينظرون )) [ المطففين : 22 ـ 23 ] ينظرون إلى ربهم وهم في الجنة على الآرائك ، والأرائك هي السرر تحت الحجال ، بخلاف الكفار فإنهم في هذه السورة وهي( سورة المطففين ) قال الله في حقهم (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) [ المطففين : 15 [ هذا في صفات الكفار ، وفي صفات المؤمنين في نفس السورة قال : (( إن الأبرار لفي نعيم ـ على الآرائك ينظرون )) بل أكد هذا النظر مرة أخرى في هذه السورة نفسها . فمن الأدلة على حصول هذه الرؤية للمؤمنين ما ذكرنا من هاتين الآيتين .ومنها ـ أيضا ـ قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) [ يونس : 26 ] الحسنى : هي الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله الكريم ، وقد روى الإمام مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ـ قال ـ : يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجّنا من النار ؟ ـ قال ـ : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عزّوجلّ ، ثم تلا : (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) [ يونس : 26 ] .فهذا من تفسير النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لهذه الزيادة ، فذكر في هذا الحديث أنهم بعد أن يدخلهم الله الجنة يقول لهم : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ هذا كله فوز عظيم ـ وتبييض الوجه إشارة إلى قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه )) [ آل عمران : 106 ] تبيض وجوه المؤمنين وتسود وجوه الكافرين والمنافقين ، وهذا مثل قوله تعالى : (( وجوه يومئذ مسفرة ـ ضاحكة مستبشرة ـ ووجوه يومئذ عليها غبرة ـ ترهقها قترة ـ أولئك هم الكفرة الفجرة )) [ عبس : 38 ـ 42 ].فمن أعظم نعيم الله لعباده المؤمنين في الجنة وأجزلها أن يتفضل عليهم برؤيته سبحانه وتعالى ، فما يرون نعيما أفضل من أن يروا ربهم ـ تبارك وتعالى ـ فالجنة وما فيها من حور وقصور وأنهار ..إلى آخره ، كل النعيم الذي فيها يتقاصر أن يصل إلى نعمة رؤية الله ـ تبارك وتعالى ـ .ومن الأدلة كذلك أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ سألوا رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : هل تضارون في الشمس ليس دونها حجاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ) ، فهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي ، كما أشار المصنف إلى هذا ، فالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يؤكد لهم أن الله يُرى حقيقة ، رؤية حقيقية ، فكما لا نشك ولا نتضار في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ورؤية القمرليلة البدرليس دونه سحاب ، كذلك نرى الله ـ تبارك وتعالى ـ .فهذا كما قلنا تشبيه للرؤية بالرؤية ، وهذا التمثيل من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ تأكيد لإثبات أن المؤمنين يرون ربهم ، فمثل لهم بأوضح الأشياء حتى لا يبقى هناك أي شك يساور المؤمنين في رؤية الله عزّوجلّ .وفي حديث جرير : أنه نظر إلى القمر ليلة البدر قال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ) .وأحاديث كثيرة جدا بلغت حد التواتر ،منها الأحاديث التي ذكرناها فهي كثيرة جدا ولا ينكرها إلا كافر ، إذ أن السلف كفّروا من أنكر رؤية الله ، لأنهم أنكروا أمورا متواترة من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ .وممن ينكر رؤية الله عزّوجلّ المعتزلة والجهمية ، فهم ينكرون رؤية الله ـ تبارك وتعالى ـ لأنه لا تُرى ـ عندهم ـ إلا الأجسام ومن لوازم الرؤية ثبوت الجهة ، وإذا قلنا إن الله في جهة شبهناه بخلقه ، إلى آخر الضلالات التي اخترعوها يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة .ومن أدلتهم : قول الله تعالى : (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )) [ الأنعام : 103 ] ، والأية حجة عليهم لا لهم ، لأن نفي الإدراك لا ينفي الرؤية ، إذ الإدراك معناه : الإحاطة ، يعني : لا يحيطون به رؤية (( لا تدركه الأبصار )) لا يحيطون به رؤية ، ففي الدنيا لا يرونه ، وفي الآخرة يرونه لكن لا يحيطون به ، فكما لا يحيطون به علما كذلك لا يحيطون به رؤية ، فإذا كانت العقول تعلم الله لكن لا تحيط به ، كما قال تعالى : (( ولا يحيطون به علما )) [ طه : 110 ] فكذلك المؤمنون يرون ربهم في الجنة ولا يدركونه ، لأنه سبحانه وتعالى (( لا تدركه الأبصار )) يعني : (( ولا يحيطون به علما )) ولا يحيطون به رؤية ، فليس لهم في الآية حجة .كذلك احتجوا بقول الله تعالى لموسى لما سأل ربه أن ينظر إليه ، قال الله (( لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )) [ الأعراف : 143 ] قالوا : فالله لم يمكّن موسى من الرؤية وقال : (( لن تراني ))فهذه من شبههم والآية كما يقول أهل السنة : حجة عليهم لا لهم ، لأن موسى من أعلم الناس بالله أو أعلم الناس في زمانه بالله رب العالمين ، كيف يسأل ربه الرؤية وهي حرام وهي مستحيلة ؟ ما سأله إلا وهو مقتنع بأن رؤية الله ممكنة ، لو كان يعتقد أنها مستحيلة ما سأل ربه عزّوجلّ والله سبحانه وتعالى لم يقل ( ما أرى ولا تجوز رؤيتي ) وإنما قال : (( لن تراني )) أي في هذه الدنيا .قالوا : (( لن )) تفيد التأبيدقال لهم أهل السنة : كذبتم على اللغة ، قال الله في حق اليهود في الموت : (( ولن يتمنوه أبدا بما قدّمت أيديهم )) [ البقرة 95 ] ثم أخبر ـ تبارك وتعالى ـ أنهم في الآخرة يتمنون الموت (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون )) [ الزخرف : 77 ] فهم يطلبون ويتمنون ويطلبون لكن لا يتحقق لهم ، فالنفي بـ (( لن )) إذن ليس للتأبيد ، فالنفي بها في هذا السياق نفي للرؤية في الدنيا وأما الآخرة فلا ، فالآية لا تتناول نفي الرؤية في الآخرة .وهكذا لا يأتي أهل الباطل بشبهة إلا وفي القرآن والسنة ما يبطلها ويدحضها .وقوله : (يرون ربهم ـ تبارك وتعالى ـ يوم القيامة بأبصارهم ) يعني : يرون الله بأبصارهم لا بالبصائر ، خلافا للأشاعرة لأنهم يقولون إنهم يؤمنون بالرؤية وفي نفس الوقت ينفون الجهة عن الله عزّوجلّ فاضطربوا وتحيّروا ماذا يقولون ؟ قالوا :يُرى منكل الجهات ، وهذا كلام غير معقول ، وهذه عقيدة الحلول ، يرى في كل مكان ، أو قالوا : يُرى بالبصائر يعني : رؤيته تتجلى للبصائر ، وهم دائما ـ يعني الأشاعرة ـ ماسكين بوسط العصا كما يقال ، مذهب سياسي .يتابعون المعتزلة والجهمية في كثير من الأشياء ويريدون أن يحافظوا على مكانتهم بأنهم أهل السنة مع الأسف الشديد .قال المصنف رحمه الله : ( وينظرون إليه على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : " إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر " . والتشبيه في هذا الخبر وقع للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي والأخبار الواردة في الرؤية مخرّجة في كتاب ـ الانتصار ـ بطُرقها ) المصنف لم يشر إلى تواتر الأحاديث في هذا الباب ، وكأنه ألّف هذا الكتاب وهو في رحلة من الرحلات فما كانت له مراجع . على كل حال أخرجها في كتابه الذي ذكره ، ولم يذكر هنا أنها متواترة ،وهي متواترة فعلا . المصدر :عقيدة السلف وأصحاب الحديث [ص 240 ـ 247 ]لأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه اللهشرح الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
والمؤمنون يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم ويزورنه ويكلمهم ويكلمون قال الله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة 22 ـ 23 ] . وقال تعالى : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) [ المطففين 15 ]فلما حجب أولئك في حال السخط ، دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضا ، وإلا لم يكن بينهما فرق .وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون فيرؤيته " . حديث صحيح متفق عليه .وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي ، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير .
الشرح رؤية الله في الآخرة
رؤية الله في الدنيا مستحيلة ، لقوله تعالى لموسى وقد طلب رؤية الله (( لن تراني )) [ الأعراف 143 ] .ورؤية الله في الآخرة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف .قال الله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة 22 ـ 23 ]وقال : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) [ المطففين 15 ]فلما حجب الفجار عن رؤيته دل على أن الأبرار يرونه ، وإلا لم يكن بينهما فرقوقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته "متفق عليه ، وهذا التشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي ، لأن الله ليس كمثله شيء ولا شبيه له ولا نظير.وأجمع السلف على رؤية المؤمنين لله تعالى دون الكفار بدليل الآية يرون الله تعالى في عرصات القيامة وبعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى ، وهي رؤية حقيقية تليق بالله .وفسّرها أهل التعطيل بأن المراد بها رؤية ثواب الله ، أو أن المراد بها رؤية العلم واليقين ،ونرد عليهم باعتبار التأويل الأول بما سبق في القاعدة الرابعة وباعتبار التأويل الثاني بذلك وبوجه رابع :أن العلم واليقين حاصل للأبرار في الدنيا وسيحصل للفجار في الآخرة . المصدر :شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد [ ص : 47 ـ 48 ]للامام موفق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه اللهشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

كمال بن طالب زيادي
19-Sep-2016, 06:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ زيد المدخلي رحمه الله لقد انقسم الناس في الرؤية على ثلاثة أقسام ، طرفان ووسط : الطرف الأول : نفوا رؤية كافة الناس ربهم في الدنيا وفي الآخرة ، وهم : المعتزلة والخوارج .الطرف الثاني : أثبتوا الرؤية بتوسع في الدنيا وفي الآخرة وهم غلاة الصوفية الذين يزعمون بأنهم يرون الله تبارك وتعالى ويزعمون بأن محمد صلى الله عليه وسلم يمشي معهم إلى غير ذلك من الخرافات التي ليس لها قبول من نقل أو عقل .وأهل السنة والجماعة وسط بين الطرفين :فقد أثبتوا رؤية المؤمنين لربهم في الجنة في الدار الآخرة ونفوا رؤيتهم له في الدنيا بدليل أن الله قال لنبي من أنبيائه من أولي العزم ( لن تراني ) ؟ لن : تفيد نفي الرؤية في الدنيا فقط ، وأما في الآخرة فإن المؤمنين يتمتعون برؤية ربهم تبارك وتعالى فينسون كل نعيم هم فيه ، وطريقة أهل البدع الاستدلال بما تشابه من القرآن تلبيسا على الأمة ، ولكن كما قال عمر رضي الله عنه وأرضاه : ( ناظروا أهل الأهواء بالسنة ، فإن أهل السنة أعلم بمعاني كتاب الله ) .وقد استدلت المعتزلة على نفي الرؤية بقوله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) [ الأنعام 103 ] فقالوا : لا تدركه الأبصار : بمعنى لا تراه ، والتفسير السلفي ما قاله جمهور أهل العلم : ( لا تدركه الأبصار ) : أي لا تحيط به ، تراه ولكن لا تحيط به ، فلا يلزم من نفي الإحاطة نفي الرؤية ، فبطل استدلال المعتزلة واحتجاجهم على كلامهم الباطل بهذه الآية الكريمة ، لأن الله هو الذي يحيط بكل شيء من مخلوقاته ، وأما الخلائق فإنهم لا يحيطون بالله عزّوجلّ لا بذاته ولا بصفاته ، والأدلة لأهل السنة والجماعة قائمة من الكتاب والسنة أما من الكتاب فإن الله تبارك وتعالى قال : (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) [ القيامة 22 ـ 23 ] أي : وجوه يوم القيامة بهية مضيئة وهي وجوه أهل الإيمان والسنة ، من النضارة وهي البهاء والحسن ، إلى ربها ناظرة أي : تنظر إلى ربها عيانا حقيقة ، وقال تباركوتعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس 26 ] وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم الحسنى بالجنة وفسّر الزيادة بالنظر إلى وجه الله تبارك وتعالى ومثل هذه الآية قول الله تعالى : ( ولدينا مزيد ) [ ق 35 ] ففسّرت الزيادة بما فسّرت به الآية من سورة يونس بأنها النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى وأما من السنة فالأحاديث الثابتة الصحيحة الدالة على رؤية المؤمنين ربهم في الجنة فكثيرة ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل هل نرى ربنا ؟ قال : (هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ؟ قالوا : لا ، قال : إنكم ترون ربكم كذلك ) فشبه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي .وذكر الله عزّوجلّ الكفار وبيّن أنهم محجوبون ومحرومون من هذا النعيم ، نعيم رؤية الرب تبارك وتعالى فقال عزّوجلّ : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ) [ المطففين 16 ] فالمنطوق أن الكفار لا يرون الله ولا يتمتعون برؤيته لأنهم ليسوا من أهل الدار الطيبة ، وإذا حجب الله أعداءه تجلى لأوليائه وهم المؤمنون في الجنة . المصدر :المجموع الأصيل لتوضيح العقائد بالتفصيل [ ص : 85 ]للشيخ زيد بن محمد المدخلي رحمه الله

كمال بن طالب زيادي
19-Sep-2016, 06:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم جواب الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال :هناك جدل في مسألة الرؤيا، أي رؤية الله - سبحانه وتعالى- يوم القيامة، وقد كثر الخصام، فمن الناس من يقول: إن الله لن يرى، ومنهم من يقول: إنه سيرى، وكل منهم يأتي بالأحاديث وبعض الآيات الكريمة لنفي أقوال الطرف الآخر، أفتونا - جزاكم الله خيرا

الجواب :
قول أهل السنة والجماعة، وهو إجماع الصحابة - رضي الله عنهم- وإجماع أهل السنة بعدهم أن الله – سبحانه- يُرى يوم القيامة ، يراه المؤمنون ويرونه في الجنة أيضاً، أجمع أهل العلم على هذا ، أجمع علماء الصحابة والمسلمون الذين هم أهل السنة والجماعة على هذا، وقد دل عليه القرآن العظيم ، والسنة المطهرة الصحيحة، يقول الله - عز وجل- : وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة. ناضرة يعني بهية جميلة، إلى ربها ناظرة تنظر إلى وجهه الكريم - سبحانه وتعالى-. وقال - عز وجل- : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة صح عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام- أنه قال : الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله. وقال الله: كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون. فإذا حجب الكفار علم أن المؤمنين غير محجوبين بل يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، وقد توارت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، يقول - صلى الله عليه وسلم- : (إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تمارون في رؤيته). وفي لفظ: (لا تضارون في رؤيته) . وفي اللفظ الآخر: (كما تطلع الشمس صحوا ليس دونها سحاب). فالكلام بين واضح ، بين عليه الصلاة والسلام أن المؤمنين يُرون ربهم رؤيةً ظاهرة جلية كما ترى الشمس صحوا ليس دونها سحاب ، وكما يُرى القمر ليلة البدر ليس هناك سحاب ، وهل بعد هذا البيان بيان؟ ما أوضح هذا البيان وما أبينه وما أكمله؟ وأخبر - صلى الله عليه وسلم- أنهم يرونه في الجنة أيضاً. فمن أنكر الرؤية فهو مرتد ضال. من أنكر رؤية الله للمؤمنين كلهم له يوم القيامة وفي الجنة فهو ضال مرتد - نسأل الله العافية -.


السؤال :
ما حكم من ينكر رؤية الله؟

الجواب :
من ينكر رؤية الله فهو ضال مضل؛ لأن الله جل وعلا أثبت رؤيته وثبتها رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول الله جل وعلا: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ويقول عن الكفار: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) فدل على أن المؤمنين ليسوا بمحجوبين بل يرون سبحانه يوم القيامة وفي الجنة، وقال جل وعلا: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله) هكذا جاء تفسيرها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الناس يرون ربهم يوم القيامة كما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضاهون في رؤيته ويراه أهل الجنة ولهم اجتماع معه سبحانه وتعالى فهذا قول أهل السنة والجماعة قد أجمع أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم على أنه سبحانه يرى في الآخرة وفي الجنة، ومن أنكرها تبين له الأدلة فإن أصر كفر، تبين له الأدلة من القرآن والسنة فإن أصر كفر؛ لأنه كذب لله ولرسوله، فالواجب على جميع أهل العلم أن يبينوا ذلك للناس وأن يوضحوه للناس وعلى من عنده شك أن يتقي الله وأن يرجع للصواب، على من عنده شك وتردد أن يتقي الله وأن يرجع إلى الحق، فالمؤمنون بالنص وإجماع أهل السنة يرون ربهم يوم القيامة في العرصات وفي الجنة، أما الكفار فلا يرون (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ).


المصدر :
موقع الشيخ رحمه الله

كمال بن طالب زيادي
19-Sep-2016, 06:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم رؤية الله سبحانه وتعالى بالأبصار للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
والمؤمنون يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم ، ويزورونه ويكلمهم ويكلمونه قال الله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة 22 ـ 23 ] وقال تعالى : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)) [ المطففين 15 ] فلما حجب أولئك في حال السخط دلّ على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى ، وإلا لم يكن بينهما فرق .وقال النبي صلى الله عليه وسلم :( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ) حديث صحيح متفق عليه .وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي ، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير . أيضا : من عقائد أهل السنة والجماعة ـ التي تميزوا بها عن عقائد المبتدعة ـ : أنهم يعتقدون أن الله ـ جلّ وعلا ـ يُرى يوم القيامة ، وأنه لا يمكن لأحد أن يراه في الدنيا ، كما قال ـ جلّ وعلا ـ لموسى حين سأله الرؤية ، قال : (( لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )) [ الأعراف : 143 ] ، فالرؤية في الدنيا ممتنعة ، وأما في الآخرة فهي ممكنة ، بل ستقع كما أخبر الله ـ جلّ وعلا ـ بقوله : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة : 22 ـ 23 ] .ويرى المؤمنون ربهم ـ جلّ وعلا ـ في عرصات القيامة وكذلك في الجنة ، فيتمتعون بذلك النظر إلى وجه الله الكريم ، فلم يُعطوا نعيما أعظم من رؤية الرب ـ جلّ وعلا ـ فهو أعظم النعيم وأجزل النعيم ، ولهذا سمّاه الله ـ جلّ وعلا ـ زيادة في قوله : (( للذين احسنوا الحسنى وزيادة )) [ يونس : 26 ] ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى " رواه مسلم وغيره .وخالف في ذلك المبتدعة ، فقال طائفة منهم : إن الرؤية غيرممكنة أصلا ، والنظر غير واقع أصلا لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وهذا كلام الجهمية والمعتزلة ومن شابههم ، ويؤولون قوله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة 22 ـ 23 ] بأن (( ناظرة )) هنا بمعنى : منتظرة ، فيقولون : هي كقوله تعالى : (( فهل ينظرون إلا سنة الأولين )) [ فاطر : 43 ] يعني : ينتظرون . فالنظر في هذه الآية بمعنى : الانتظار (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) يعني : منتظرة لرحمة الله ، ومنتظرة لأمر الله ـ جلّ وعلا ـ .ويحتج بهذا ـ أيضا ـ طوائف الخوارج الموجودة اليوم من الإباضية وغيرهم ، وكذلك أهل الاعتزال .والجواب عن هذا الاحتجاج :أنه لغة غير مستقيم ، فضلا عن أنه ثبت النظر ورؤية المؤمنين لربهم ـ جلّ وعلا ـ في غير ما دليل ، لكنه من حيث اللغة غلط ، وذلك لأن الله ـ جلّ وعلا ـ قال : (( إلى ربها ناظرة )) ولفظ النظر صحيح أنه يأتي بمعنى الانتظار ، ولكنه إذا أتى بمعنى الانتظار فإنه لا يُعدّى بـ " إلى " لأنه يكون لازما ، كما قال ـ جلّ وعلا ـ : (( فهل ينظرون إلا )) فلما قال : (( فهل ينظرون إلا سنة الأولين )) ولم يعدها بحرف " إلى " علمنا أن النظر هنا بمعنى الانتظار (( ينظرون )) بمعنى : ينتظرون . أما إذا عُديّ النظر بـ " إلى " فهو نظر العين لا غير ، ولا تحتمل اللغة غير هذا ، كما قال ـ جلّ وعلا ـ : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة : 22 ـ 23 ] .الدليل الثاني : أنه ـ جلّ وعلا ـ قال : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) فمن هي الناظرة إلى ربها ؟ هي الوجوه ، فهذا دليل على أن النظر هو نظر العين ، لأنه ـ جلّ وعلا ـ جعل الناظر إليه ـ جلّ وعلا ـ هي الوجوه ، يعني : محل الإبصار ، وهذا ينفي معنى الإنتظار .وخالف ـ أيضا ـ في مسألة رؤية الله ـ جل ّوعلا ـ الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم ، فأثبتوا رؤية المؤمنين لربهم ـ جلّ وعلا ـ يوم القيامة ، وردّوا على المعتزلة في أنهم ينفون الرؤية ، فالأشاعرة والماتريدية يثبتون الرؤية من أن الله ـ جلّ وعلا ـ يُرى يوم القيامة ، لكنهم يقولون : نظر لا إلى جهة . ولهذا قد تجد من الأشاعرة من يثبت الرؤية ، بل هم يثبتونها ، لكن تنتبه إلى أنهم يختلفون في إثباتها عن أهل السنة والجماعة ، فأهل السنة والجماعة يجعلون الرؤية بالعينين إلى جهة العلو حيث الله ـ جلّ وعلا ـ أما أولئك فيجعلونها رؤية بقوى ـ غير الأبصار ـ يُحدثها الله ـ جلّ وعلا ـ في الأجسام يوم القيامة لا إلى جهة ـ وهذا غيرمُتصور.ولهذا أهل الاعتزال ردّوا على الأشاعرة وقالوا : أنتم خالفتم المعقول . في كلام ومناقشات ليس الشرح المختصر محلا لذكرها ، وكان المعتزلة في تأصيل المسألة عقليا أحذق من الأشاعرة ، لكن الأشاعرة ضعفوا ، فأثبتوا ما دّل عليه الدليل ، لكنهم خالفوا المعقول وخالفوا كلّ ما اشتمل عليه الدليل ، وأما أهل الاعتزال فنظروا بالنظر العقلي فنفوا ، وكان الصواب أن يثبت الجميع : فتثبت الرؤية ، والرؤية إلى جهة ، بحاسة الإبصار .يقول أولئك : إن الله ـ جلّ وعلا ـ يقول لموسى : إنك (( لن تراني )) في قوله : (( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل )) [ الأعراف 143 ] يقولون : إن (( لن )) هنا تنفي نفيا مؤبدا ، وهذا النفي المؤبد الذي دلت عليه (( لن )) يشمل الحياة الدنيا والآخرة ، فلا يمكن الرؤية لا في الدنيا ولا في الآخرة ، بدليل قول الله تعالى : (( لن تراني )) ولم يخصص الحياة الدنيا من الآخرة .والجواب : أن هذا غلط في باب النحو ، وغلط على العربية ، ولهذا قال ابن مالك ـ رحمه الله تعالى ـ في " الكافية الشافية " وهي غير " الألفية " متن أكبر من " الألفية " ـ يقول :ومن رأى النفي بـ " لن " مؤبدا ـ ـ ـ ـ فقوله اردد وسواه فاعضداأي : من رأى النفي بـ " لن " ـ وهم المعتزلة ـ فقوله اردد ، لأنه لا يُعرف عن العرب ذلك ، وسواه فاعضد ، لأن " لن " لا تدل على النفي المؤبد ، ودليل ذلك من القرآن : أن الله ـ جلّ وعلا ـ أخبر عن مريم أنها قالت : (( فلن أكلم اليوم إنسيا )) [ مريم 26 ] فلو كانت ((لن)) تدل على النفي المؤبد لم يكن التقييد بقولها : (( اليوم )) له معنى ، فقوله ـ جلّ وعلا ـ : (( فلن أكلم اليوم إنسيا )) ظاهر في الدليل من أن (( لن )) لا تقتضي التأبيد ، كما قال ابن مالك ـ رحمه الله ـ . المصدر :شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد [ ص 90 ـ 93 ]لموفق الدين عبد الله ابن قدامة المقدسي رحمه الله

كمال بن طالب زيادي
19-Sep-2016, 06:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة(1) للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
(1) رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة كما تواترت بذلك السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكما دل على ذلك القرآن الكريم ، قال الله سبحانه وتعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة : 22 ـ 23 ] ناضرة الأولى بالضاد من النضرة وهي البهجة فوجوه المؤمنين يوم القيامة تكون نضرة مستنيرة بهجة ، وأما ناظرة الثانية فهي بالظاء المشالة أخت الطاء ، من النظر ، وقد عُدي بإلى وإذا عدى النظر بإلى فمعناه المعاينة بالأبصار (( إلى ربها ناظرة )) أي : تنظر إلى وجه ربها فيزيدها ذلك بهجة وجمالا ونورا وفرحا وسرورا ، فالنظر إذا عدي بإلى فمعناه المعاينة بالأبصار ، وإذا عدي بنفسه (( انظرونا نقتبس من نوركم)) [ الحديد : 13 ] فمعناه الانتظار ، أي : انتظرونا ، يقول المنافقون للمؤمنين يوم القيامة : انتظرونا نقتبس منكم ، لأن المؤمنين يعطون نورا يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ، والمنافقون يعطون نورا في أول الأمر ثم يطفأ ـ والعياذ بالله ـ ويصيرون في ظلمة ، وهم مأمورون بالسير ، فيقولون للمؤمنين : انظرونا ،أي انتظرونا حتى نقتبس من نوركم ، لأنهم في ظلام دامس لا يدرون أين يذهبون (( قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضُرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ـ ينادونهم ألم نكن معكم )) [ الحديد : 13 ـ 14 ] كانوا في الدنيا مع المؤمنين يصلون ويجاهدون لكنه ليس عن إيمان وإنما هو عن نفاق والعياذ بالله ، فيعطون نورا يوم القيامة من باب الخديعة والمكر بهم ، كما أنهم يمكرون بالدنيا مكر الله بهم ، أعطاهم نورا ثم سلبه منهم وذلك لشدة حسرتهم والعياذ بالله .الشاهد أنه إذا عُدي النظر بنفسه فمعناه الانتظار (( انظرونا نقتبس من نوركم )) [ الحديد 13 ] [ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله [ البقرة : 210 ] أي : ما ينتظر هؤلاء إلا قيام الساعة ، فإذا عدي بنفسه فمعناه الانتظار ، وإذا عدي بفي فمعناه التفكير والاعتبار (( أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض )) [ الأعراف : 185 ] . يعني تفكروا في مخلوقات الله سبحانه وتعالى .الخلاصة : إذا عدي النظر بنفسه فمعناه التوقف والانتظار .وإذا عدي بإلى فمعناه المعاينة بالأبصاروإذا عدي بفي فمعناه التفكر والاعتبار. والمؤمنون يرون الله تعالى بأبصارهم (1)(1) بأبصارهم ردا على من يقول : إنهم ينظرون إليه بقلوبهم أو ينظرون إلى نعمته ، ينظرون إلى جنته وإلى نعمته ، ينظرون إلى الله يعني إلى جنته ، وهذا التحريف لكلام الله ـ عزّوجلّ ـ بل ينظرون إلى الله بأبصارهم رؤية حقيقية ليس بينهم وبينه حجاب إكراما لهم حيث عبدوه في الدنيا وهم لم يروه وإنما عبدوه إيمانا به سبحانه وتعالى ، واستدلالا بآياته الكونية والقرآنية ، عبدوه بالايمان والتصديق ، فالله ـ جل وعلا ـ يوم القيامة يجازيهم على ذلك بأن يتجلى لهم فيرونه عيانا فالذين عبدوه في الدنيا ولم يروه بل اعتمدوا في ذلك على الايمان والتصديق بخبر الله وخبر رسوله والنظر في آياته أكرمهم الله يوم القيامة بأن تجلى لهم .وأما الذين كفروا بالله ـ عزوجل ـ فإن الله يحجبهم عن رؤيته يوم القيامة كما قال تعالى : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) [ المطففين 15 ] لأنهم كفروا به في الدنيا ولم يصدقوا بإلهيته وأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى ، فحجبهم الله يوم القيامة عقوبة لهم ، ودل ذلك على أن المؤمنين يرونه سبحانه وتعالى .وقال تعالى : (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة )) [ يونس : 26 ] للذين أحسنوا : يعني العمل في الدنيا ، الحسنى : وهي الجنة ، وزيادة : وهي النظر إلى وجه الله ، كما فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في " صحيح مسلم " أن الزيادة هي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى وقال تعالى : (( لهم ما يشآءون فيها ولدينا مزيد )) [ ق : 35 ] والمزيد هو النظر إلى وجه الله ، وقال تعالى (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )) [ القيامة : 22 ـ 23 ]هذه أدلة القرآن على رؤية الله سبحانه وتعالى ، والسنة فيها أحاديث كثيرة متواترة كما ذكر ذلك الإمام ابن القيم في كتابه ( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ) فالرؤية ثابتة في القرآن ومتواترة في السنة ، وإثباتها مذهب أهل السنة والجماعة ، المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة يرونه في موضعين : في عرصات القيامة في المحشر ، وفي الجنة إذا دخلوا الجنة يرونه رؤية تنعم وإكرام .ذهب المعتزلة وأشباههم ومشتقاتهم إلى نفي الرؤية ، قالوا : لأن الرؤية لا تكون إلا لجسم والأجسام متشابهة ، فإذا أثبتنا الرؤية أثبتنا أن الله جسم والأجسام متشابهة ، هذا مثل منهجهم في الصفات كلها ، وهذا أمر باطل ، فنقول : يرى المؤمنون ربهم ولا يلزم من ذلك ما تقولون وهو التشبيه ، فإن الله ـ عزوجل ـ لا يشبهه شيء وفي الحديث :" إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ، وكما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب ، لا تضامون أو لا تضامّون في رؤيته سبحانه وتعالى " وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل كيف نرى ربنا وهو واحد ونحن جميع ؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لهم مثلا من المخلوقات يرونه ولا يحصل زحام وهو القمر ليلة البدر كل يراه وهو في مكانه ، ولا يتزاحم الناس عندما يردون رؤية القمر ، هل يتزاحمون ليروا القمر أو كل يراه في مكانه ؟ كذلك الشمس يرونها كل في مكانه لا يتزاحمون ، فإذا كان هذا في مخلوق من مخلوقات الله فإن الله ـ جل وعلا ـ أعظم وأجل ، يُرى ولا يحصل زحام أو تزاحم في رؤيته أو تضام ، لا تضامون أو تضامّون في رؤيته سبحانه وتعالى .فهذا تشبيه بالرؤية ، رؤية الله ـ جل وعلا ـ برؤية الشمس والقمر وليس تشبيها للمرئي بالمرئي ، لا يشبه الله القمر ولا يشبه الشمس ولا يشبهه شيئا من خلقه سبحانه وتعالى .استدل نفاة الرؤية بقوله تعالى : (( لا تدركه الأبصار )) [ الأنعام 103 ] قالوا : هذا دليل على نفي الرؤية . نقول : هذا كلام باطل ، لأن الآية ليس فيها نفي الرؤية وإنما فيها نفي الإدراك ، وليس كل ما يُرى يُدرك ، تراه لكن لا تدركه ، يعني لا تحيط به ، وإنما تراه مجرد رؤية ولا يلزم من هذا أنك أحطت به ، الشمس مثلا ـ ولله المثل الأعلى ـ تراها لكن هل تحيط بها ؟ لا تحيط بها وهي مخلوقة ، فكيف بالخالق سبحانه وتعالى ؟ فالآية ليس فيها نفي الرؤية وإنما نفي الإدراك ، بل إن قوله : (( لا تدركه الأبصار )) [ الأنعام 103 ] دل على أن الأبصار تراه لكنها لا تدركه ، يعني لا تحيط به سبحانه وتعالى .واستدلوا بقوله تعالى لموسى (( لن تراني )) (( قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني )) [ الأعراف 143 ] قالوا : هذا دليل على نفي الرؤية . نقول لهم : هذا دليل على نفيها في الدنيا لأن موسى عليه السلام سأل ربه أن يراه في الدنيا ، والله لا يُرى في الدنيا ، لا يستطيع أحد أن يراه في الدنيا ، (( قال لن تراني )) والنفي إذا جاء ب (لن) فإنه ليس نفيا مؤبدا وإنما هو نفي مؤقت ، بدليل قوله تعالى في اليهود (( قل إن كانت لكم الدار الأخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ـ ولن يتمنوه أبدا )) [ البقرة 94 ـ 95 ] نفى عن اليهود أن يتمنوا الموت في الدنيا ، لكن في الآخرة يتمنونه ، حين يقولون : (( يا مالك ليقض علينا ربك )) [ الزخرف 44 ] يعني يطلبون الموت ليستريحوا من النار ، فهم في الآخرة يتمنون الموت مع أنه قال عنهم في الدنيا (( ولن يتمنوه أبدا )) فدل على أن النفي بلن ليس للتأبيد ، والذي في الآية (( لن تراني )) ما قال : لا تراني وإنما قال : لن تراني ، وهذا في الدنيا ، فلا أحد يرى الله في الدنيا لضعف أجسام الناس ومداركهم عن رؤية الله ، أما في الآخرة فإن الله يعطي المؤمنين قوة يستطيعون بها أن يروا الله سبحانه وتعالى ، وأمور الآخرة تختلف عن أمور الدنيا .لكن هنا نقطة وهي أن بعض الشراح ـ سامحهم الله ـ يقول : رؤية الله في الدنيا مستحيلة وهذا غلط ، رؤية الله في الدنيا ليست مستحيلة ، بل هي ممكنة في الدنيا ولكن الناس لا يستطيعونها ، ولهذا سأل موسى عليه السلام ربه الرؤية ، ولو كانت رؤيته في الدنيا غير ممكنة ما كان يليق بموسى أن يسأل شيئا مستحيلا ، فليست رؤية الله في الدنيا مستحيلة ، ولكن هي غير ممكنة لضعف مدارك الناس في هذه الحياة ، وإلا فهي في حد ذاتها ليست مستحيلة ، لأن موسى سأل ربه الرؤية ، وموسى لا يسأل المستحيل ولا يسأل المحرم .ويزورونه (1) ويكلمهم ويكلمونه (2) قال الله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) (3)[ القيامة 22 ـ 23 ] (1) يزورون ، كما جاء في حديث أبي هريرة في أنهم يزورونه ـ جل وعلا ـ يوم الجمعة ، أو مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيتجلى لهم سبحانه وتعالى في هذا اليوم ، ولهذا يسمي هذا اليوم، بيوم المزيد ، كما في حديث أبي هريرة .(2) يسلم عليهم ويردون عليه السلام ويكلمهم ويكلمونه ، ولهذا جاء في الحديث :" ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان "(3) (( وجوه يومئذ ناضرة )) الأولى بالضاد من النضرة وهي الحسن والبهاء .(( إلى ربها ناظرة)) بالظاء تنظرإلى ربها عيانا إكراما لها ، والمعطلة يقولون (( إلى ربها )) : إلى مفرد ، جمعه آلاء ومعنى إلىّ : نعمة ، إلى ربها ، ( إلى ) نعمه ، لأن الآلاء هي النعم ، فيريدون ما ورد في قوله تعالى : (( فبأي ءالآء ربكما تكذبان )) [ الرحمن 13 ] بينما ( إلى ) حرف جر ليست مفردا ، جمعه آلاء ، ( إلى ) حرف جر معروف ، لكن الذي حملهم على هذا هو ـ والعياذ بالله ـ التعصب للمذهب ، وهذا تحريف لكلام الله ـ عزّوجلّ ـوقال تعالى : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ))(1) [ المطففين 15 ] فلما حُجب أولئك في حال السخط (2) دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضا وإلا لم يكن بينهما فرق (3)(1) فإذا كان يحجب الكفار عن رؤيته يوم القيامة فهذا دليل على أن المؤمنين يرونه ، وإنما يُحجب عن الرؤية الكفار فقط إهانة لهم ، لأنهم كفروا به في الدنيا ، فكان جزاؤهم أن يحجبوا عن رؤيته يوم القيامة ، والذين آمنوا في الدنيا يكرمون برؤيته وتقر عيونهم برؤيته سبحانه جزاء لهم .(2) هذا وجه الاستدلال(3) ولهذا يقول الشافعي ـ رحمه الله ـ إذا كان حجب أعداءه عن رؤيته ، فهذا دليل على أن أولياءه يرونه سبحانه وتعالى ، وإلا لم يكن هناك فرق بين المؤمنين والكافرين ، لوكان الله لا يُرى في الآخرة ما كان هناك فرق بين المؤمنين والكافرين فيكونون كلهم محجوبين .وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته " (1) حديث صحيح متفق عليه .وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية (2) لا للمرئي بالمرئي ، فإن الله لا شبيه له ولا نظير(3)(1) لا تضامون ، يعني ما تجتمعون في مكان واحد ويحصل زحام ، مثل ما يحصل عندما يريد الناس أن يروا شيئا واحدا يتزاحمون يريدون رؤيته ، والله ـ جل وعلا ـ أبين من كل شيء ، لا يحتاج الناس للتزاحم كي يروه سبحانه ، إنهم يرونه من غير مزاحمة ، كل في مكانه ومنزله .(2) أي تشبيه لرؤية الله برؤية الشمس والقمر ، وليس تشبيها للمرئي بالمرئي .(3) ولهذا قال :" إنكم سترون ربكم كما ترون " تشبيه للرؤية بالرؤية .والأشاعرة أرادوا أن يخرجوا من مذهب المعتزلة ، لأنهم لا حيلة لهم بنفي الرؤية وهي ثابتة ، فأرادوا أن يخرجوا من مذهب المعتزلة ولكن أدركتهم الشقاوة ، وقالوا : لله ـ جل وعلا ـ يُرى لكن لا في جهة ، لأنهم ينفون علو الله سبحانه وتعالى . ونقول : هذا كلام باطل بل الله ـ جل وعلا ـ يُرى وهو في جهة العلو سبحانه وتعالى . المصدر:شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد [ ص 148 ـ 156 ]لابن قدامة المقدسي رحمه اللهشرح الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
20-Sep-2016, 08:27 AM
جزاك الله خيرا