المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحرير المقال في قول (سقط من عين الله)



عزالدين بن سالم أبوزخار
12-Oct-2016, 04:10 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد روي في بعض كتب الحديث قول (سقط من عين الله) وجاءت هذه الجملة عن بعض أئمة الدين، ولم أجد من أستنكرها.
فهل صحت هذه العبارة في حديث؟
مَن مِن أهل العلم ذكرها؟
وما هو التوجيه الصحيح لها؟
فكل هذه التساؤلات تجدها فيما يأتي:
أخرج الحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول في أحاديث الرسول)) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا عظمت أمتي الدنيا نزعت منها هيبة الإسلام، وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بَرَكة الوحي، وإذا تسابَّت أمتي سقطت من عين الله)).
قال للمناوى رحمه الله في ((التيسير بشرح الجامع الصغير)): ((سقطت من عين الله، أي: حط قدرها وحقر أمرها عنده.
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) وكذا رواه عنه ابن أبي الدنيا وهو ضعيف)) اهـ.
وضعفه الألباني رحمه الله.
وأخرج العقيلي في ((ضعفاء)) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا أمتي أبت أن يظلم ظالموها تودع الله منها وإذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر منعها الله منفعة الوحي من السماء وإذا أمتي سببت فيما بينها سقطت من عين الله فكيف بكم إذا لم يرأف الله بكم ولم يرحمكم قالوا وكائن ذلك يا رسول الله قال أي والذي بعث محمدا بالحق إذا استعمل عليكم شراركم فقد تخلى الله عنكم)) اهـ.
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((الضعيفة)): منكر.
وقال مالك بن دينار رحمه الله، سنة الحطمة: (بلغني أنه ما من أمة سقطت من عين الله عز وجل إلا ضرب الله عز وجل كبارها بالجوع) أخرجه ابن أبي الدنيا في ((العقوبات)).
وجاء عن السري السقطي أنه قال: ((من تزَيَّنَ للنَّاسِ بما ليسَ فيه، سَقطَ مِنْ عَينِ اللهِ)) أخرجه السلفي في ((الطيوريات)) وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) من طريق علي بن عبد الحميد الغضائري به.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((الجواب الكافي)): ((وعشق هو مقت عند الله وبعد من رحمته وهو اضر شيء على العبد في دينه ودنياه وهو عشق المردان فما ابتلى به الا من سقط من عين الله)) اهـ.
وقال رحمه الله في ((مدارج السالكين)): ((وقيل: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق ومن تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله)) اهـ.
وقال رحمه الله في ((إعلام الموقعين)): ((وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلوب)) اهـ.
وقال رحمه الله في ((مدارج السالكين)): ((فلا يستغني إلا بالله ولا يفتقر إلا إلى الله ولا يفرح إلا بموافقته لمرضاة الله ولا يحزن إلا على ما فاته من الله ولا يخاف إلا من سقوطه من عين الله واحتجاب الله عنه)) اهـ.
وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((لقاء الباب المفتوح)): بالنسبة لعبارة من يقول: عندما نعصى الله سبحانه وتعالى ونبتعد عما أمر الله به نسقط من عين الله سبحانه وتعالى؟
فأجاب: ((هذه عبارة يريد العرب بها أن الإنسان يقل شأنه وأمره عند الله عز وجل، وليسوا يريدون أن الإنسان كان في عين الله، ثم سقط منها، أبداً! ولا يطرأ لهم على بال، لكن يريدون بقولهم: سقط من عين الله.
أي: نقص قدره عند الله عز وجل، وقد يستعمل هذه العبارة بعض العلماء المحققين الذين لا نشك في أن عندهم من علم التوحيد والعقيدة ما لا يصل إليه كثير من الناس، بل كثير من العلماء، فهذا هو المراد، وإذا عرف المراد ولم يكن فيه التباس بأي حال من الأحوال فلا بأس بالتعبير به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين قال له: (يا رسول الله! إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) فأنت ترى هذا دعاء عليه بأن تفقده أمه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا، إنما أتى بعبارة يعبر بها العرب يريدون الحث على التزام هذا الشيء، وإن كان بعض العلماء يقول: إن معنى: (ثكلتك أمك يا معاذ !) إن لم تكف عليك لسانك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال: بلى، يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه وقال: كف عليك هذا) ولكن المعنى الأول هو الصحيح، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ومعنى هذه الجملة: افتقرت يداك حتى لصقت بالتراب، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا؛ لأنه يحث على الظفر بذات الدين فلا يمكن أن يدعو عليه بالفقر، وإنما المراد بهذه العبارة الحث على ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الظفر بذات الدين)) اهـ.
فمما سبق يتبين:
1) أن هذه الجملة لم يصح فيها حديث.
2) بعض أهل العلم استعملوها.
3) معني هذه الجملة: حط قدرها وحقر أمرها عند الله عز وجل أو نقص قدره عند الله عز وجل.
4) جواز استعمل هذه العبارة.
هذا ما تم جمعه والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 11 المحرم سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 12 أكتوبر سنة 2016 م

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
12-Oct-2016, 10:25 PM
جزاك الله خيرا اخي الفاضل ونفع بك


الإمام العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -
عبارة سقط من عين الله


السائل: قول ابن القيم وغيره يقول مثلا عن العـاصي يقول: سقط من عين الله فهل في هذا شيء ؟ .



الشيخ : ما فيها شيء هذا، لأنه الآية السـابقة : (( إنك بأعيننا )) لا يقصد المعنى الذي قد يتبادر لبعض الجهلة يعني أنت تحت رعايتنا وتحت إشرافنا , وليس المقصود إلا هذا ؛ فكلمة ابن القيم هو من هذا القبيل .





( الشريط رقم 183 من سلسلة الهدى و النور)


*******************************************
هل صح إثبات العينين لله تعالى في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم .؟

الشيخ : غيره .
السائل : سؤالي في التوحيد .
الشيخ : حول ماذا .؟ الأخ يقول في التوحيد .
السائل : نعم في التوحيد , في إثبات الأسماء والصفات , في صفة العين لله عز وجل لأنه ما ورد به النص , فظاهر النصوص صريح القرآن والسنة عين وأعين .
الشيخ : ظاهر السنة يعني ماذا ؟ .
السائل : أن لله عين ، ولله أعين .
الشيخ : ظاهر السنة يعني أي حديث ؟ .
السائل : أقصد القرآن .
الشيخ : القرآن : (( وإنك بأعيننا )) هذا لا يعني أن هناك أكثر من عينين ؛ لأن الجمع إذا أطلق في كثير من الأحيان أقل الجمع اثنان ، فهذا لا يعني أن له أكثر من عينين ؛ لكن لما قلت السنة فأحببت أن أعرف ؛ لأن السنة دائما يعني تكون مكملة للقرآن وموضحة كما هو معلوم ؛ أنا أعتقد أن هذا الرأي حادث , ليس من رأي السلف ؛ والمنقول في كتب التوحيد وكتب العقائد أن له عينين ؛ وبعض العلماء القدماء يستدلون بحديث الدجال أنه أعور : ( وإن ربكم ليس بأعور وإن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ) ليس عندنا نص صريح بأن له أكثر من عينين ، والمتوارث عن عقيدة السلف هو إثبات العينين على ظاهر حديث الدجال على كثرة طرقه ؛ فالذي يتبادر من هذا الحديث , ولا يخطر في البال سواه أن الدجال إحدى عينيه طافية , وهو أعور , وإن ربكم ليس بأعور , معنى ذلك أن الله عز وجل موصوف بالعينين وليس بالثلاثة أو أكثر لأنه ما عندنا نص بالأكثر ؛ وكما نقول دائما وأبدا الأمور الغيبية وبخاصة ما يتعلق بغيب الغيوب وهو رب العالمين تبارك وتعالى لا ينبغي أن نصفه بالأقيسة وبالعمومات وما شابه ذلك , وإنما بالشيء الذي جاءنا عن سلفنا الصالح وجاءت به الأحاديث ؛ فأنا ظننت لما ذكرت القرآن والسنة أن هناك ذكر بعضهم حديثا فيه التصريح بأن له أكثر من عينين وهذا ما لا نعرفه ؛ ولذلك سارعت للتعرف عليه , لكن ما وجدنا شيئا ؛ تفضل .
السائل : قول ابن القيم وغيره يقول مثلا عن العاصي يقول : سقط من عين الله فهل في هذا شيء ؟ .
الشيخ : ما فيها شيء هذا , لأنه الآية السابقة : (( إنك بأعيننا )) لا يقصد المعنى الذي قد يتبادر لبعض الجهلة يعني أنت تحت رعايتنا وتحت إشرافنا , وليس المقصود إلا هذا ؛ فكلمة ابن القيم هو من هذا القبيل .
وفيق : هل مثل هذا يقال في اليدين ؟ .
الشيخ : أي صورة يعني ؟ .
وفيق : يعني ورد في القرآن ...
الشيخ : أنه أكثر وأقل ؟ .
وفيق : نعم .
الشيخ : أينعم لا يزاد عليه .
الحلبي : هذه أصرح لأنه في لفظ اليدين هو وارد في القرآن .
الشيخ : نعم .
السائل : شيخ فيه قاعدة في الأسماء والصفات ... مثلا تقول : يد للإنسان أو نقول مثلا : له يد طولى ، هذا يعني ولو كانت هذه لهجة تكون كناية أو كذا ولكن هناك حقيقة يد له ؛ فكذلك لما نقول عن الله عز وجل مثلا : (( تجري بأعيننا )) وإن كانت هذه الصفة قد يؤولها البعض , ولكن أيضا تثبت من الناحية هذه .
الشيخ : لكن أنت لا تؤولها على حد تعبيرك .؟
السائل : لا ، لا هذه أيضا تؤول .
الشيخ : لكن لا تسميها تأويلا ، هذا هو التفسير ، آه الذي تقوله أنت صحيح لكن البحث هل هذا نص بأنه يعني أكثر من العينين ليس وصفا في ذلك ؛ لأن الجمع أقله اثنان .
السائل : أقصد شيخنا من ناحية قوله تعالى : (( بين يدي رحمته )) طيب الرحمة ما لها يدين ؟ .
الشيخ : طيب ماذا تعني ؟ .
السائل : هذه القاعدة ما انطبقت هنا .
الشيخ : انطبقت في غيرها ، كيف الآية : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) هذا يقبل التأويل ؟ .
السائل : لا أبدا , لا يقبل التأويل .
الشيخ : إذا هذا يكفينا وأمثاله كثيرة وكثيرة جدا .
السائل : هذه القاعدة يعني صحيحة أم باطلة ؟ .
الشيخ : لا ، صحيحة ، صحيحة بالنسبة لما ثبت لدينا أن الأصل الذي جاء على خلافه ثابت في أحاديث أخرى ؛ في نصوص أخرى , لكن لما أتيت أنت بقضية الريح , وقدم صدق ونحو ذلك , هذه أمور معنوية لم يثبت لدينا سلفا أن لها هذه الأعضاء التي يعني ذكرت في هذا السياق ، ففي فرق بين ما ثبت لله عز وجل من صفة ثم تأتي هذه الصفة بمعنى يسمونه مجازيا , وهو ليس مجازا لكن هو المعنى المقصود في ذلك المكان , هو ما يسمونه تأويلا , ولذلك قلت لك إنك بأعيننا ليس تأويلا ؛ فصفة العين ثابتة لله ليس بمجرد هذه الآية , وإنما بنصوص أخرى .
السائل : أنا أقصد القاعدة ولا أقصد الآية .
الشيخ : أنا أجبتك عن القاعدة وأبين لك الفرق .
السائل : بينت لي في القاعدة أن المرجع بالنسبة لما ثبت , فإذا نرجع على المرجع ما نرجع للقاعدة نفسها ، رجعنا ما ثبت عن الله عز وجل .
الشيخ : لكن القاعدة تطبق في مكان ولا تطبق في مكان ، في قاعدة فيما ثبت , يعني مثلا كما قلت أنت يد الأمير طويلة ، نعلم نحن مسبقا أن له يدا , لكن المثالين اللذين ذكرتهما أنت بالنسبة للريح (( بين يدي رحمته )) ليس ثابت لدينا أن الرحمة لها يدان , فتطبق حيث ينبغي أن تطبق ولا تطبق حينما لا يكون هناك صفة ثابتة لهذه المعاني ، فالرحمة ما هي ذات .
السائل : المقصود شيخنا ثبوت هذا يعني أنا أعرف أن للأمير يد , وأن الريح ليس لها يد أم شرعا .؟
الشيخ : لا ، بالنسبة للإنسان تعرف عقلا ومشاهدة , وبالنسبة لرب العالمين تعرف إيمانا بالغيب وليس إلا .
الحلبي : أستاذنا هذه يسمونها مجاز عقلي , يعني أصلا ثابت أن الصدق ليس له قدم , والرحمة ليس لها يدين , لكن هنا الواقع فيه جواب آخر ذكره شيخنا الشنقيطي في أضواء البيان .
الشيخ : وهو ؟ .
الحلبي : في قوله تعالى : (( أفلا يتدبرون القرآن )) لفظ يدي , يقول : إذا جاء قبلها لفظ بين أو حرف بين فتكون بمعنى أمام , بين يدي المصلي أي أمامه ، بين يدي رحمته أي أمامها ، وهكذا ؛ فلا يقال أن اليد هنا بمعنى جارحة أو ما شابه ذلك ؛ والله أعلم .
الشيخ : أيوه كويس ، نعم .
للتحميل المقطع الصوتي :http://www.alalbany.me/images/icons/player/mp3player.png المقطع بصيغة MP3 (http://www.alalbany.me/files/split-183-3.mp3)

عزالدين بن سالم أبوزخار
13-Oct-2016, 08:14 AM
آمين وجزاك الله خيرا اخي أخانا الفاضل أبا عبد المصور على هذه الإضافة والإفائدة