المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موت نادر العمراني! وقفة وعبرة ودحض افتراءات عقارب المغرب



صالح بن علي الزهراني
30-Nov-2016, 04:44 PM
موت نادر العمراني!
وقفة وعبرة ودحض افتراءات عقارب المغرب


وقفات تذكيرية وتنبيهات منهجية
حول حادثة مقتل نادر العمراني
وما أعقبها مِن افتراءات جلية

* * * * *

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه، أما بعد:



فلا نزال نتجرع مرارة واقع البلدان الإسلامية التي شَبَّ فيها الحريق الغربي المسمى زوراً بالربيع العربي! ونتألم -والله يشهد- لواقعهم المأساوي! نسأل الله أن يلطف بهم وأن يحقن دماءهم وأن يبدلهم من بعد خوفهم وتشردهم أمنا واستقراراً.



وأساس هذا البلاء -يا عقلاء- خُطط شيطانية دَبَّرها أعداء الله مِن يهود وماسونية ثم تبناها أهل أهواء لمطامع دنيئة، فسَوَّغُوها لرعاع المسلمين ونادوا فيهم أنْ استيقظوا مِن غفلة الذل والمسكنة! وصرخوا فيهم أنْ كفاكم خنوعاً لأهل الاستبداد! فقد ولى زمن الخضوع لرؤوس الفساد! فمَنوهم بأحلام وردية وأماني زكية وقاسموهم أن سيتنعمون بعد التظاهر والانتفاضة بحياة كريمة وعيشة هنية؛ فَدَلوهم بِغرور! فاستجاب رعاع الناس لدعاة الفتنة والشرور! فانفجرت عليهم بحار الفتن والشرور. فنجحت خطط الماسون أولياء الشيطان الغرور.



ولن أكون كاذباً ولا غالياً إن قلتُ أنه مِن البديهيات الواضحات في هذا العصر، ومِن المُسلمات عند عقلاء كل بَلد ومصر: أن السلفيين الذين يُلَقبون بـ(الجامية والمداخلة) هم أول من أنكر فتنة التكفير والاغتيالات! وأشد الناس تحذيراً من الغدر والقتل وكل الموبقات! وأكثر الناس استنكاراً لفتنة المظاهرات! وأننا أنكى لهجة على مَن يدعو إلى هذه الظلمات أو بعض تلك الطرقات!



فمن نظر في كتب علمائنا واستمع لدروسهم ونظر في أقوالهم بعين العدل والإنصاف تيقن أن دعوتنا موافقة لما كان عليه السلف الصالح، وسيجد تقريرات علمائنا في هذه المسائل تُذكر فتُشكر، وأن بياناتهم في التحذير مِن تلك الفتن أشهر مِن أن تُعد وتُحصر، ولا ينكر هذا ويجحده إلا جاهل أو حاقد ملبس.



ورحم الله الإمام ابن القيم رحمه الله القائل:



هذا كلامهم لدينا حاضر *** من غير ما كذب ولا كتمان
فاقبل حوالة من أحال عليهم *** هم أملياء أولو إمكان



ولا يضيرنا بعد ذلك ألقبتمونا بالجامية أو الوهابية. لأننا على يقين من أمرنا.



وإن كان تابع أحمد جاميّا * * فأنا المقر بأنني الجامي
وإن كان تابع أحمد مدخليّا * * فأنا المقر بأنني المدخلي



وقد تحقق في واقع ليبيا وسوريا وغيرهما من البلاد التي شب فيها الحريق الغربي الماسوني ما أخبرنا عنه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَال: الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ).



فلازال إخواننا هنالك يَجْنون الحنظل ومُر الثمار، ولا تزال ألوان من الفوضى تنخر في تلك الديار! فالدماء البريئة تُهدر هناك بغير حق ليل نهار! والنساء العفيفات تنتهك أعراضهن في السر والجهار! والأطفال الأبرياء يُبادون حتى لا يبقى منهم في الغد دَيَّار! فهذه ثمار الثورة يا دعاة الفتنة! وهذه جنايتكم على الأمة الإسلامية.



وأعظم نتاج هذه الفتنة العظيمة التي بدأت بمظاهرات وصراخات! فتنة الهرج أي كثرة القتل، فلا يكاد يعد ولا يحصى عدد من قُتل في هذه الفتنة على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم وطبقاتهم وأعمارهم وجنسهم! فمِنهم مَن قُتل غدراً ومَنهم مَن كان ضحية حسابات جاهلية! ومنهم من قُتل عبثاً! فبكى كل إنسان حبيبه ونعى كل إنسان فقيده، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون! رحمهم الله جميعاً وعافانا مما ابتلاهم به.



وفي خضم هذا الواقع المرير نرى لئاماً مِن الناس؛ ممن قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس! يتحينون كل فرصة ويتربصون كل واقعة أليمة ليركبوا على أنقاضها بكل خسة ونذالة لتصفية حساباتهم المقيتة مع الدعاة السلفيين وعلمائهم.



مِن ذلك؛ ما ضَجَّت بِه أبواق الإخوان هذه الأيام مِن خَبر مقتل دكتورٍ ليبيٍّ يُدعى نادر العمراني -رحمه الله-. وكأنه لم يَمت في الفتنة سوى صاحبهم ولم يُغدر إلا بابن حِزبهم! بل وكأن دماء الآلاف مِن المسلمين الأبرياء ليس لها شأن فلا تَهُمُّهُم! والله المستعان.


لمثل هذا يموت القلب من كمد * * إن كان في القلب إسلام وإيمان.



وإننا نُعلنها ديانة أننا -معشر أهل الحديث السلفيين- نُشهد الله تبارك وتعالى وجميع خلقه أننا نستنكر هذا الجُرم الذي ارتكبته هذه العصابة الإرهابية في حق نادر العمراني، ونحن -والله يشهد- لا نُقر أبداً هذه الأساليب الخسيسة ولو مع خصومنا الذين نختلف معهم في قليل أو كثير، بل نعتقد ما نقرره دائما أنَّ الحكام والسلاطين وولاة الأمور هم فقط مَن يتولى إقامة الحدود تعزيراً أو قتلاً على مَن يستحق ذلك شرعاً.



ولا شك أنه من الواجب على كل مسلم استنكار مثل هذه الجرائم اللئيمة والتنديد بمرتكبيها أيا كانت انتماءاتهم أو غاياتهم، ولكن لا يجوز للمسلم عقلاً ولا شرعاً أنْ يُسارع إلى تصديق ما تتناقله وسائل الإعلام من أخبار دون تثبت أو تبين لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: (تبينوا: أي أَمْهِلُوا حتى تَعرفوا صِحته، لا تَعْجلوا بِقَبُوله)، كما لا يجوز للمسلمين أن يسارعوا إلى تلفيق التهم إلى جهة معينة دون حجة وبرهان لأن هذا مخالف لِما أمرنا به ربنا الكريم في قوله القويم: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).



قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: (ينبغي على المسلمين إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة مما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر).



وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: قوله: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ): إنكارٌ على مَن يُبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.



ثم ذكر رحمه الله (أي ابن كثير) أحاديث في الباب منها حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم وغيره: (كفى بالمرء كذباً أن يُحدث بِكل ما سمع!) وحديث المغيرة بن شعبة في الصحيحين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قيل وقال)، وعلق عليه بقوله: أي: الذي يُكثر مِن الحديث عما يقول الناس مِن غير تثبت، ولا تدبر، ولا تبين.
وحديث : (بئس مطية الرجل زعموا عليه) وهو عند أبي داود.
وحديث الصحيح: (مَن حَدَّث بِحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين).. إلى آخر ما ذكره رحمه الله.



فهذه الآية الكريمة وكذا الأحاديث التي أوردها رحمه الله في تفسيره واضحة المعنى وصريحة الدلالة في ذَمِّ مَن يتناقل الأخبار والوقائع والأحداث ويخوض في تحليلها ويتجرأ على الحكم فيها قبل تبين ثبوتها وتيقن تفاصيلها والنظر في عواقب إفشائها بين عامة الناس. ولكن أكثر الناس لا يعقلون أو أنهم لإيقاد الفتن يُحبون ويشتهون!



وكما ذَكرتُ من حال أهل الأهواء في استغلال بعض الأحداث لأغراض دنيئة، فقد خَرج علينا دعاة الإخوان المفلسين في ليبيا بادعاء مجازف حيث أعلنوا في مختلف وسائل الإعلام أن مَن يلقبونهم بالمداخلة هم الذين تولوا اختطاف نادر العمراني وقتله! واعتمدوا ذلك للطعن في منهجنا وعلمائنا ظلما وبهتاناً.



وقد كفانا إخواننا طلبة العلم السلفيون المعروفون في ليبيا مُؤنة الرد على هذه التهمة الملفقة، فكَذَّبُوا تَورط إخوانهم السلفيين في قتل العمراني ودحضوا أيضاً فرية تعلق هذه الجريمة النكراء بشيخنا العلامة ربيع المدخلي وطلبته. وبياناتهم الفردية والجماعية -جزاهم الله خيراً- مبثوثة في النت لِمن يريدها ففيها براءتهم من هذه الجريمة ومن مرتكبيها. والله ولينا ووليهم وهو خير الشاهدين.


إلا أن أهل الأهواء المتكبرين لم يرضوا بتلك البيانات الصريحة بل أصروا على غيهم وبغيهم، ولم يَسلم بلدنا المغرب من هذه الفتنة المفبركة المستوردة من بلاد ليبيا العارمة بالفتن والغارقة في الفوضى! فقد تلقفتها عندنا بعض العقارب المتحزبة ممن يجيد ركوب الأحداث لكسب عواطف الجماهير، فصدقوها -ظاهراَ- ونفخوا فيها بأسلوب درامي شبيه ببكاء التماسيح!



ومِن هذه العقارب؛ حماد القباج وحسن شنقيطي وعبدالحميد العقرة وحسن الكتاني وعادل رفوش وغيرهم مِن المعدن المغشوش، وقد تواصوا جميعاً بكتابة وتسجيل بيانات ظالمة لا تكاد تنطلي إلا على أتباعهم. وسنحاول بإذن الله نخلها وبيان ما فيها مِن مغالطات باطلة وافتراءات عظيمة على أهل الحديث السلفيين ودعوتهم النقية الصافية.



ولِكُل امرئ مِنهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى كِبره منهم هو الشاعر رفوش صاحب المنهج المخدوش، الذي عَنْوَنَ مَقاله بـ (رحمك الله أخي نادراً – ولعن الله المداخلة الخوارج)!! نعم! وبكل صفاقة وجه؛ عَمَّمَ الشاعر رفوش دعاءه باللَّعن طائفة من المسلمين الموحدين السنيين بما فيهم مِن علماء ومحدثين وعُبَّاد صَالحين وحفظة للقرآن العظيم وأحاديث نبيهم الكريم؛ أومثل هؤلاء يا عباد الله يُلعنون جهاراً على صفحات النت؟!


أين هذا الظالم اللَّعَان مِن قول نبينا الكريم: (لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ..) رواه أحمد في مسنده من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه وهو على شرط الشيخين رحمهم الله.


أين هذا الظالم اللَّعَان مِن قول نبينا الكريم: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ) رواه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه وصححه الألباني رحمه الله.



وقد أبان رفوش في مقاله هذا عن تصوره الضبابي الجديد للفرق الإسلامية حيث صار يُصنف شيخه القديم المغراوي ضمن المداخلة! مما يدل على أن الرجل أصابه كرب شديد والغالب أنه بسبب تلك المشاهد التمثيلية التي صورها المغراوي مؤخراً في دولة الكويت حول صديقه الحميم القباج.



كما أبان مقال رفوش الأخير عن تطور خطير في فكره ومنهجه، يتجلى ذلك في إعلانه عما يُكنه لشيخه المغراوي مِن بُغض واحتقار! بل تَعدى ذلك إلى الحكم عليه بالتجريم والإكفار! بسبب قصة التصويت لحزب الجرار! وغير ذلك مما يتطاحن فيه أهل الدار! ويأتينا مَن لم نُزود ببعض تلك الأخبار! كتشجارهم عند المقابر فيا للعار! فَهَل مِن توبة وإنابة إلى الله العلي الغفار! هدانا وإياكم وأعاذنا من تخاصم أهل النار!



يُتبع في حلقة ثانية غداً إن شاء الله..



أخوكم:



عبدالله بن أحمد الطالبي


غفر الله له ولوالديه ولأهله ولجميع المسلمين.