أبو بكر يوسف لعويسي
02-May-2017, 01:59 PM
الحمد لله رب العالمين على --- آلائه وهو أهل الحمد والنعم
ذي الملك والملكوت والواحد الصمد البـــ--- ر المهيمن مبدي الخلق من عدم
من علم النّاس ما لا يعلمون وبــــ --- البيان أنطقهم والخط بالقلم
ثم الصلاة على المختار أكرم مبـــ---عوث بخير هدى في أفضل الأمم
والآل والصحب والأتباع قاطبة --- والتابعين بإحسان لنهجهم
ما لاح نجم وما شمس الضحى --- طلعت وعد أنفاس ما في الكون من نسم
وبعد من يرد الله العظيم به --- خير يفقه في دينه القيم
وحث ربي وحض المؤمنين على - - - تفقه الدين مع إنذار قومهم
أيها المعلم غيره علم نفسك اللطف ، والأدب ، وعلم نفسك الهدي والسمت الحسن ، علم نفسك العمل بالعلم ، في اللفظ والفعل ، علم نفسك فقه المعاملة في الخلاف ، مع المخالف والمؤالف ، مع النفس والأهل ، مع الجيران ، مع الصحب والخلان ، أنت القدوة ، أنت الأسوة ، أنت المعلم ، أنت الإمام ..علم نفسك كل ما تدعو إليه غيرك ، فلا تنهى عن خلق وتأتي مثله ، ولا تعلم غيرك خلقا وأنت خال منه . لقد حث الله تعالى المؤمنين على تعلم العلم والتفقه في الدين ، والعمل به والدعوة إليه ، وحذر من مغبة القول عليه وعلى رسوله بغير علم كما حذر من الفتوى بغير علم ، وذم من لا يعمل بعلمه ..
وقد شدد الله النكير على قوم يقولون ما لا يفعلون ، وينصحون غيرهم بالبر والمعروف وينسون أنفسهم .
قال تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2/ 3].
قال الشيخ العلامة السعدي - رحمه الله - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} أي: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به.
فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} .
وقال سبحانه :{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ } [البقرة : 44].
قال الشيخ العلامة السعدي – رحمه الله –(1/51): وسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير، وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به، وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشر فلم يتركه، دل على عدم عقله وجهله، خصوصا إذا كان عالما بذلك، قد قامت عليه الحجة.
وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِي- رضي الله عنه- قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه)) . المعجم الكبير (2/165) وقال الهيثمي في المجمع (1/185) : "رجاله موثقون".وقال العلامة الألباني في صحيح الجامع (5831)(صحيح) [طب الضياء] عن جندب. اقتضاء العلم (70- 71). والسلسلة الصحيحة (3379).وقال في صحيح الترغيب والترهيب (131)رواه الطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى.
قلت : وزاد الطبراني في الطريق الثاني من رواية ليث بن أبي سليم جملة مهمة وهي : ((وَمَنْ رَاءَى النَّاسَ بِعِلْمِهِ رَاءَى اللهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللهُ بِهِ)) أنظر الصحيحة (7/1134).
قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، قال: قيل لأسامة -وأنا رديفه-: ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم. إني لا أكلمه فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا -لا أحب أن أكون أول من افتتحه، والله لا أقول لرجل إنك خير الناس. وإن كان علي أميرا -بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، قالوا: وما سمعته يقول؟
قال : سمعته يقول: (( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق به أقتابه فيدور بها في النّار كما يدور الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النار، فيقولون: يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) . صحيح البخاري برقم (3267) وصحيح مسلم برقم (2989) .
ومنه قوله تعالى إخبارا عن نبيه شعيب عليه السلام : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] .
قال الشيخ العالم شيخ مشايخنا محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله –في تفسير هذه الآية (2/197) ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّهُ أَخْبَرَ قَوْمَهُ: أَنَّهُ إِذَا نَهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ انْتَهَى هُوَ عَنْهُ وَأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهِيًا عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ غَيْرَهُ، مُؤْتَمِرًا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ غَيْرَهُ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ:{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } الْآيَةَ [2 \ 44] . وَقَوْلِهِ:{ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }[61 \ 3] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ غَيْرَهُ أَدْعَى لِقَبُولِ غَيْرِهِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ مَا أَنْتَ آمِرٌ ... بِهِ تَلْفَ مَنْ إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتِيَا .
قال رجل لابن عباس- رضي الله عنهما - : أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. فقال له ابن عباس – رضي الله عنهما - : إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل وإلا فابدأ بنفسك . ثم تلا قوله تعالى : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44]. وقوله تعالى : {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2- 3].
وقوله تعالى عن شعيب عليه السلام : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] . لطائف المعارف (1/19).وتفسير ابن كثير (1/249) وقال رواه ابن مردويه في تفسيره .
وقَدْ ورد عَنْ أَنَس بن مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار: قَالَ: قُلْتُ: من هؤلاء؟ قَالَ: خطباء أمتك من أَهْل الدُّنْيَا ممن كَانُوا يأمرون النَّاس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون )) صحيح الجامع(129-52). وقال في الإسراء والمعراج (1/52)أخرجه أحمد(3/120-180-231–239) البغوي في شرح السنة (4159 ) من طريق حماد بن سلمة عنه، وقال البغوي : "حديث حسن". قلت : أي الألباني – رحمه الله - وهو كما قال أو أعلى فإن له طرقا أخرى بعضها جيد.
ثم إياك وشواهد الامتحان ، حتى لا تتعرض لسخرية النَّاس بك واستهزائهم ، وحتى تَكُون دعوتك وكلمتك مقبولة ، وإرشادك ونقدك وتحذيرك مقبولا ابدأ بنفسك فقومها بالعلم ، وأدبها بأخلاق العلماء من السلف والخلف ..
واعلم- رحمني الله وإياك - أن من نصب نفسه للناس إمامًا وقدوة في الدين، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه ، وتقويمها بما تعلم ، وتهذيب سيرته ومعيشته بالآداب النبوية التي يريد أن يعلمها غيره ؛ فعليه أن يغرسها في أرضه ، وأن يرعاها بالتذكير ، وأن يسقيها دائما بالمروءة والورع مراقبة لله فيما تعلم حتى تكون النضارة والجمال الأدبي والأخلاقي هو السمت والهدي الغالب عليه، وليؤدب رأيه بالحجة يقيمها على نفسه والمحجة في اللفظ ، والمعاملة اللطيفة مع الأخدان ؛ والإخوان ، فيكون تعليمه بسيرته أبلغ من تعليمه بلسانه ، فإنه كما أن كلام الحكمة يعجب الأسماع ، فكذلك العمل بالحكمة وجعلها لباس التقوى يروق العيون والقلوب ، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال والتفضيل من معلم الناس ومؤدبهم.
وفاقد العلم والرشد كَيفَ يُعلم ويرشد غَيره، وَمن لَا نور لَهُ كَيفَ يَسْتَنِير بِهِ سواهُ. { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ }(40)النور .
وصدق القائل :
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ ... هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى ... كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا ... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى ... بِالْقَوْلِ مِنْك وَيُقْبَلُ التَّعْلِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: عِظْ نَفْسَك فَإِنْ اتَّعَظَتْ فَعِظْ النَّاسَ وَإِلَّا فَاسْتَحْيِ مِنِّي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ:
مَا مَنْ رَوَى أَدَبًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ ... وَيَكُفَّ عَنْ زَيْغِ الْهَوَى بِأَدِيبِ
حَتَّى يَكُونَ بِمَا تَعَلَّمَ عَامِلًا ... مِنْ صَالِحٍ فَيَكُونَ غَيْرَ مَعِيبِ
وَلَقَلَّمَا تُغْنِي إصَابَةُ قَائِلٍ ... أَفْعَالُهُ أَفْعَالُ غَيْرِ مُصِيبِ . أدب الدنيا والدين (1/34).
وقال ابن رجب في لطائف المعارف (1/18) قال أبو العتاهية:
وَبَختَ غيرك بالعمى فأفدته ... بصرا وأنت محسن لعماك
وفتيلة المصباح تحرق نفسها ... وتضيء للأعشى وأنت كذاك.
واعلم - أرشدني الله وإياك - أن المواعظ ( من العلم النافع والأدب الصالح ) ترياق الذنوب فلا ينبغي أن يسقي الترياق إلا طبيب حاذق معافى ؛ فأما لذيغ الهوى فهو إلى شرب الترياق أحوج من أن يسقيه لغيره .
في بعض الكتب السالفة (أن الله أوحى لعيسى عليه السلام): إذا أردت أن تعظ الناس فعظ نفسك فإن اتعظت وإلا فاستحي مني: وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو سقيم
قال بعض السلف : إن العالم إذا لم يرد بموعظة وجه الله زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا .
كان يحيى بن معاذ ينشد في مجالسه :
مواعظ الواعظ لن تقبلا ... حتى يعيها قلبه أولا
يا قوم من أظلم من واعظ ... قد خالف ما قاله في الملا
أظهر بين الناس إحسانه ... وبارز الرحمن لما خلا
لما جلس عبد الواحد بن زيد للوعظ أتته امرأة من الصالحات فأنشدته:
يا واعظا قام لاحتساب ... يزجر قوما عن الذنوب
تنهى وأنت المريب حقا ... هذا من المنكر العجيب
لو كنت أصلحت قبل هذا ... عيبك أو تبت من قريب
كان لما قلت يا حبيبي ... موقع صدق من القلوب
تنهى عن الغي والتمادي ... وأنت في النهي كالمريب .
قال الْمَنَاوِيّ فِي شَرحه لأحاديث الْجَامِع الصَّغِير ـ مُبينًا أثر تخلف الْقدْوَة ـ: ((فَحق الْوَاعِظ أَن يتعظ بِمَا يعظ ويُبصر ثمَّ يبَصَّر ويهتدي ثمَّ يهدي وَلَا يكون دفترا يُفِيد وَلَا يَسْتَفِيد ومِسَنّاً يشحذ وَلَا يقطع بل يكون كَالشَّمْسِ الَّتِي تفِيد الْقَمَر الضَّوْء وَلها أفضل مِمَّا تفيده وكالنار الَّتِي تَحْمِي الْحَدِيد وَلها من الحمي أَكثر وَيجب أَن لَا يجرح مقاله بِفِعْلِهِ وَلَا يكذب لِسَانه بِحَالهِ.
تنبيه مهم : هذا لا يعني إطلاقا أن يترك الأمر بالمعروف من لم يعمل بشيء منه وأن يترك النهي عن المنكر من واقع شيئا منه ، وأن يترك التعليم من لم يحط بأبوابه وفنونه علما .
قال العلامة السعدي – رحمه الله – : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرّ ِوَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} البقرة :
وليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أنه يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه، وأمر نفسه ونهيها، فترك أحدهما، لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر، فليس في رتبة الأول، وهو دون الأخير، وأيضا فإن النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة.
نسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا وأن يبصرنا بعيوبنا وأن يتجاوز عنّا في عباده الصالحين .
ذي الملك والملكوت والواحد الصمد البـــ--- ر المهيمن مبدي الخلق من عدم
من علم النّاس ما لا يعلمون وبــــ --- البيان أنطقهم والخط بالقلم
ثم الصلاة على المختار أكرم مبـــ---عوث بخير هدى في أفضل الأمم
والآل والصحب والأتباع قاطبة --- والتابعين بإحسان لنهجهم
ما لاح نجم وما شمس الضحى --- طلعت وعد أنفاس ما في الكون من نسم
وبعد من يرد الله العظيم به --- خير يفقه في دينه القيم
وحث ربي وحض المؤمنين على - - - تفقه الدين مع إنذار قومهم
أيها المعلم غيره علم نفسك اللطف ، والأدب ، وعلم نفسك الهدي والسمت الحسن ، علم نفسك العمل بالعلم ، في اللفظ والفعل ، علم نفسك فقه المعاملة في الخلاف ، مع المخالف والمؤالف ، مع النفس والأهل ، مع الجيران ، مع الصحب والخلان ، أنت القدوة ، أنت الأسوة ، أنت المعلم ، أنت الإمام ..علم نفسك كل ما تدعو إليه غيرك ، فلا تنهى عن خلق وتأتي مثله ، ولا تعلم غيرك خلقا وأنت خال منه . لقد حث الله تعالى المؤمنين على تعلم العلم والتفقه في الدين ، والعمل به والدعوة إليه ، وحذر من مغبة القول عليه وعلى رسوله بغير علم كما حذر من الفتوى بغير علم ، وذم من لا يعمل بعلمه ..
وقد شدد الله النكير على قوم يقولون ما لا يفعلون ، وينصحون غيرهم بالبر والمعروف وينسون أنفسهم .
قال تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2/ 3].
قال الشيخ العلامة السعدي - رحمه الله - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} أي: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به.
فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} .
وقال سبحانه :{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ } [البقرة : 44].
قال الشيخ العلامة السعدي – رحمه الله –(1/51): وسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير، وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به، وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشر فلم يتركه، دل على عدم عقله وجهله، خصوصا إذا كان عالما بذلك، قد قامت عليه الحجة.
وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِي- رضي الله عنه- قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه)) . المعجم الكبير (2/165) وقال الهيثمي في المجمع (1/185) : "رجاله موثقون".وقال العلامة الألباني في صحيح الجامع (5831)(صحيح) [طب الضياء] عن جندب. اقتضاء العلم (70- 71). والسلسلة الصحيحة (3379).وقال في صحيح الترغيب والترهيب (131)رواه الطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى.
قلت : وزاد الطبراني في الطريق الثاني من رواية ليث بن أبي سليم جملة مهمة وهي : ((وَمَنْ رَاءَى النَّاسَ بِعِلْمِهِ رَاءَى اللهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللهُ بِهِ)) أنظر الصحيحة (7/1134).
قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، قال: قيل لأسامة -وأنا رديفه-: ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم. إني لا أكلمه فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا -لا أحب أن أكون أول من افتتحه، والله لا أقول لرجل إنك خير الناس. وإن كان علي أميرا -بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، قالوا: وما سمعته يقول؟
قال : سمعته يقول: (( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق به أقتابه فيدور بها في النّار كما يدور الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النار، فيقولون: يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) . صحيح البخاري برقم (3267) وصحيح مسلم برقم (2989) .
ومنه قوله تعالى إخبارا عن نبيه شعيب عليه السلام : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] .
قال الشيخ العالم شيخ مشايخنا محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله –في تفسير هذه الآية (2/197) ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّهُ أَخْبَرَ قَوْمَهُ: أَنَّهُ إِذَا نَهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ انْتَهَى هُوَ عَنْهُ وَأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهِيًا عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ غَيْرَهُ، مُؤْتَمِرًا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ غَيْرَهُ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ:{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } الْآيَةَ [2 \ 44] . وَقَوْلِهِ:{ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }[61 \ 3] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ بِمَا يَنْصَحُ بِهِ غَيْرَهُ أَدْعَى لِقَبُولِ غَيْرِهِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنَّكَ إِذْ مَا تَأْتِ مَا أَنْتَ آمِرٌ ... بِهِ تَلْفَ مَنْ إِيَّاهُ تَأْمُرُ آتِيَا .
قال رجل لابن عباس- رضي الله عنهما - : أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. فقال له ابن عباس – رضي الله عنهما - : إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل وإلا فابدأ بنفسك . ثم تلا قوله تعالى : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44]. وقوله تعالى : {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2- 3].
وقوله تعالى عن شعيب عليه السلام : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] . لطائف المعارف (1/19).وتفسير ابن كثير (1/249) وقال رواه ابن مردويه في تفسيره .
وقَدْ ورد عَنْ أَنَس بن مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار: قَالَ: قُلْتُ: من هؤلاء؟ قَالَ: خطباء أمتك من أَهْل الدُّنْيَا ممن كَانُوا يأمرون النَّاس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون )) صحيح الجامع(129-52). وقال في الإسراء والمعراج (1/52)أخرجه أحمد(3/120-180-231–239) البغوي في شرح السنة (4159 ) من طريق حماد بن سلمة عنه، وقال البغوي : "حديث حسن". قلت : أي الألباني – رحمه الله - وهو كما قال أو أعلى فإن له طرقا أخرى بعضها جيد.
ثم إياك وشواهد الامتحان ، حتى لا تتعرض لسخرية النَّاس بك واستهزائهم ، وحتى تَكُون دعوتك وكلمتك مقبولة ، وإرشادك ونقدك وتحذيرك مقبولا ابدأ بنفسك فقومها بالعلم ، وأدبها بأخلاق العلماء من السلف والخلف ..
واعلم- رحمني الله وإياك - أن من نصب نفسه للناس إمامًا وقدوة في الدين، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه ، وتقويمها بما تعلم ، وتهذيب سيرته ومعيشته بالآداب النبوية التي يريد أن يعلمها غيره ؛ فعليه أن يغرسها في أرضه ، وأن يرعاها بالتذكير ، وأن يسقيها دائما بالمروءة والورع مراقبة لله فيما تعلم حتى تكون النضارة والجمال الأدبي والأخلاقي هو السمت والهدي الغالب عليه، وليؤدب رأيه بالحجة يقيمها على نفسه والمحجة في اللفظ ، والمعاملة اللطيفة مع الأخدان ؛ والإخوان ، فيكون تعليمه بسيرته أبلغ من تعليمه بلسانه ، فإنه كما أن كلام الحكمة يعجب الأسماع ، فكذلك العمل بالحكمة وجعلها لباس التقوى يروق العيون والقلوب ، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال والتفضيل من معلم الناس ومؤدبهم.
وفاقد العلم والرشد كَيفَ يُعلم ويرشد غَيره، وَمن لَا نور لَهُ كَيفَ يَسْتَنِير بِهِ سواهُ. { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ }(40)النور .
وصدق القائل :
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ ... هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى ... كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا ... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى ... بِالْقَوْلِ مِنْك وَيُقْبَلُ التَّعْلِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: عِظْ نَفْسَك فَإِنْ اتَّعَظَتْ فَعِظْ النَّاسَ وَإِلَّا فَاسْتَحْيِ مِنِّي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ:
مَا مَنْ رَوَى أَدَبًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ ... وَيَكُفَّ عَنْ زَيْغِ الْهَوَى بِأَدِيبِ
حَتَّى يَكُونَ بِمَا تَعَلَّمَ عَامِلًا ... مِنْ صَالِحٍ فَيَكُونَ غَيْرَ مَعِيبِ
وَلَقَلَّمَا تُغْنِي إصَابَةُ قَائِلٍ ... أَفْعَالُهُ أَفْعَالُ غَيْرِ مُصِيبِ . أدب الدنيا والدين (1/34).
وقال ابن رجب في لطائف المعارف (1/18) قال أبو العتاهية:
وَبَختَ غيرك بالعمى فأفدته ... بصرا وأنت محسن لعماك
وفتيلة المصباح تحرق نفسها ... وتضيء للأعشى وأنت كذاك.
واعلم - أرشدني الله وإياك - أن المواعظ ( من العلم النافع والأدب الصالح ) ترياق الذنوب فلا ينبغي أن يسقي الترياق إلا طبيب حاذق معافى ؛ فأما لذيغ الهوى فهو إلى شرب الترياق أحوج من أن يسقيه لغيره .
في بعض الكتب السالفة (أن الله أوحى لعيسى عليه السلام): إذا أردت أن تعظ الناس فعظ نفسك فإن اتعظت وإلا فاستحي مني: وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو سقيم
قال بعض السلف : إن العالم إذا لم يرد بموعظة وجه الله زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا .
كان يحيى بن معاذ ينشد في مجالسه :
مواعظ الواعظ لن تقبلا ... حتى يعيها قلبه أولا
يا قوم من أظلم من واعظ ... قد خالف ما قاله في الملا
أظهر بين الناس إحسانه ... وبارز الرحمن لما خلا
لما جلس عبد الواحد بن زيد للوعظ أتته امرأة من الصالحات فأنشدته:
يا واعظا قام لاحتساب ... يزجر قوما عن الذنوب
تنهى وأنت المريب حقا ... هذا من المنكر العجيب
لو كنت أصلحت قبل هذا ... عيبك أو تبت من قريب
كان لما قلت يا حبيبي ... موقع صدق من القلوب
تنهى عن الغي والتمادي ... وأنت في النهي كالمريب .
قال الْمَنَاوِيّ فِي شَرحه لأحاديث الْجَامِع الصَّغِير ـ مُبينًا أثر تخلف الْقدْوَة ـ: ((فَحق الْوَاعِظ أَن يتعظ بِمَا يعظ ويُبصر ثمَّ يبَصَّر ويهتدي ثمَّ يهدي وَلَا يكون دفترا يُفِيد وَلَا يَسْتَفِيد ومِسَنّاً يشحذ وَلَا يقطع بل يكون كَالشَّمْسِ الَّتِي تفِيد الْقَمَر الضَّوْء وَلها أفضل مِمَّا تفيده وكالنار الَّتِي تَحْمِي الْحَدِيد وَلها من الحمي أَكثر وَيجب أَن لَا يجرح مقاله بِفِعْلِهِ وَلَا يكذب لِسَانه بِحَالهِ.
تنبيه مهم : هذا لا يعني إطلاقا أن يترك الأمر بالمعروف من لم يعمل بشيء منه وأن يترك النهي عن المنكر من واقع شيئا منه ، وأن يترك التعليم من لم يحط بأبوابه وفنونه علما .
قال العلامة السعدي – رحمه الله – : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرّ ِوَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} البقرة :
وليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أنه يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه، وأمر نفسه ونهيها، فترك أحدهما، لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر، فليس في رتبة الأول، وهو دون الأخير، وأيضا فإن النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة.
نسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا وأن يبصرنا بعيوبنا وأن يتجاوز عنّا في عباده الصالحين .