المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة عمر بن عبد العزيزـ رحمه الله ـ مع أبناءه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2018, 09:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

تثبيت الله لمن لا يتبع هواه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

الكلام باللون الأحمر لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
و اللون الأسود شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


" ...ثم إن المؤدي للأمانة مع مخالفة هواه يثبته الله فيحفظه في أهله وماله بعده ، والمطيعُ ( رُفِعَ للبعد ، وإلا فهو معطوف على المؤدي ) لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده ؛ فيذل أهله ويذهب ماله ، وفي ذلك الحكاية المشهورة : أن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يحدثه عما أدرك فقال : أدركت عمر بن عبد العزيز فقيل له : يا أمير المؤمنين أقفرت ( في نسخة : أفقرت ، وفي الحاشية أقفرت أفواه بنيك يقصد : أخليت أيديهم من المال وأفواههم من الملذات والمطاعم ، وفي نسخة : أفرغت ! ) أفواه بنيك من هذا المال ، وتركتهم فقراء لا شيء لهم ! وكان في مرض موته ، فقال : أدخلوهم علي ! فأدخلوهم [ وهم ] بضعة عشر ذكرا ليس فيهم بالغ ، فلما رآهم ذرفت عيناه ، ثم قال : يا بَنيّ والله ما منعتكم حقا هو لكم ، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم ، وإنما أنتم أحد رجلين : إما صالح فالله يتولى الصالحين ، وإما غير صالح فلا أترك ( وفي نسخة : أخلّف ) له ما يستعين به على معصية الله ! قوموا عني .
قال : فلقد رأيت بعض ولده حمل على مائة فرس في سبيل الله يعني أعطاها لمن يغزو عليها .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

هذه قصة عجيبة : عمر بن عبد العزيز خليفة واحد على الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أدناها ، وأولاده سبعة عشر ذكرا على قول أو بضعة عشر كلهم لم يبلغوا ، صغار ، يُدخَلون عليه في مرض موته ويبكي رقة له ومع ذلك يمتنع أن يوصي لهم بشيء ، أو يعطيهم شيئا من أموال المسلمين ، ويقول لهم : أنا لم أظلمكم ، حقكم الذي تستحقونه كما يستحقه غيركم من المسلمين أعطيتكموه .
ثم ذكر قال : ( إنكم أحد رجلين : إما رجل صالح فالله يتولاه ) ، كما قال الله تعالى : (( إن ولييَ الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولى الصالحين )) [ الأعراف : 196 ] . وولاية الله لهم خير من ولاية أبيهم لهم .
( وإما رجل غير صالح فلا أخلف له ما يستعين به على معصية الله ) وهذا من فقهه ، هؤلاء الأولاد هل بقوا فقراء ؟ أبدا قال : ( رأيت بعض ولده حمل على مائة فرس في سبيل الله ) أغناه الله وأعطى من ماله مئة فرس يجاهد عليها في سبيل الله ، فسبحان الله ، يعين الله سبحانه وتعالى من ترك هواه بطاعة الله ، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( المؤدي للأمانة مع مخالفة هواه يثبته الله ويحفظه الله في أهله وفي ماله بعده ) والمتبع لهواه بالعكس ) .
قلت : هذا وقد كان خليفة المسلمين من أقصى المشرق بلاد الترك ( بدل ، فهي بيان لم هو أقصى الشرق ) إلى أقصى المغرب ( في نسخة الغرب ) [ بلاد ] الأندلس وغيرها ، ومن جزائر قبرص ( بالفتح لأنها أعجمية ، والعلمية والتأنيث ) وثغور الشام والعواصم كطرسوس ( طرسوس مدينة على ساحل البحر كانت ثغرا من ناحية بلاد الروم قريبا من طرف الشام ) ونحوها إلى أقصى اليمن ، وإنما أخذ كل واحد من أولاده من تركته شيئا يسيرا يقال : أقل من عشرين درهما .
أولاد عمر بن عبد العزيز أخذوا أقل من عشرين درهما ، فتركة هذا الخليفة الذي امتد ملكه هذا الإمتداد العظيم ، لم يأخذ أولاده من تركته إلا أقل من عشرين درهما !! .
قال : وحضرت بعض الخلفاء وقد اقتسم تركته بنوه فأخذ كل واحد منهم ستمائة ألف دينار ، ولقد رأيت بعضهم يتكفف الناس ؛ أي : يسألهم بكفه .
وفي هذا الباب من الحكايات والوقائع المشاهدة في الزمان ، والمسموعة عما قبله ؛ ما فيه عبرة لكل ذي لب .


المصدر :
كتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ص : 27 ] .