المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم المال الذي يأخذه الأئمة والمؤذنون مقابل عملهم



أم مصطفى عبد الفتاح المصرية
08-Mar-2018, 03:24 PM
السؤال:
بعض أئمة المساجد يأخذون أجراً من الدولة على إمامتهم ولكنهم لا يحضرون للصلاة بالجماعة، ما حكم صنيع هؤلاء الأئمة؟

الجواب:
الحمد لله، لا يجوز للإنسان أن يأخذ أجراً على العمل حتى يؤدي العمل الذي أخذ الأجر عليه، وهذا الذي يأخذه من الدولة ليس أجراً في الحقيقة بالمعني الاصطلاحي الفقهي، وإنما هو رزق على القول الراجح، رزق من بيت المال لمن يقوم بهذا العمل، وعلى هذا فلا يستحق الإنسان هذا الرزق إلا إذا أدى العمل الذي جُعل له هذا الرزق، فإذا أخل به بدون عذر شرعي فإنه لا يحل له أخذه، وإن كان لعذر شرعي واستخلف من يقوم مقامه في هذا فلا حرج عليه.
السائل:
إذن هذا الذي يعطى من الدولة للأئمة والمؤذنين وأيضاً القائمين على خدمة المساجد ليس أجراً بالمعني المفهوم؟
الشيخ:
نعم، إنما هو رزق من بيت المال.
السائل:
لأنه في الحقيقة كثير من الإخوة يتحرجون عن هذا، وهناك أيضاً من يعترض عليهم ويقول: لو لم يُعْطَ لم يُصلِّ، ولم يؤذن، ولم يخلص للمسجد. فما الذي ينبغي أن يقال لمثل هؤلاء القائلين؟
الشيخ:
يقال لهم: إن هذا ليس من باب الإجارة المحضة، وإنما هو -كما أشرنا إليه- رزق من بيت المال، أما قولهم: إن لم يعط لم يقم بهذا العمل. فهذا أمر طبيعي، وهذا لا ينقص من أجورهم شيئاً إذا كانوا أخذوه ليستعينوا به على أداء ما يجب عليهم من الحقوق، أما من صلى ليأخذ أو أدى ليأخذ فهذا ليس له أجر في الآخرة؛ إنما ذلك لأنه أراد بعمله الدنيا، فلا يكون له إلا ما أراد، فهنا يجب أن نعرف الفرق بين من أخذ من أجل أن يستعين به على ما يجب عليه من حقوق الله تعالى وحقوق عباده ولكن قيامه بهذا العمل الديني لله عز وجل، وبين من قام بهذا العمل لأجل أن يأخذ، فجعل العمل هو الوسيلة والدنيا هي الغاية، فهذا ليس له أجر في الآخرة، وهذا هو الذي يلام على فعله، أما الأول فلا يلام؛ لأنه جعل العمل الصالح هو الغاية، وجعل المال وسيلة.
السائل:
هناك أيضاً بعض الجماعات، يكون ذلك مثلاً في مزارع بعيدة، أو في نواحي المدن، أو أطراف المدن، أو قرى يدفعون أجراً لبعض الأئمة؛ ليأتوا لكي يصلوا بهم، لو دفع أجراً بسيطاً ما أتى هذا الإمام، فما حكم هذا الجمع من المسلم؟
الشيخ:
هذا يقال فيه نفس الشيء، إذا كان هذا الرجل يأخذ هذا القدر من المال ليستعين به على الوصول إلى هذه القرية، أو هذه المزرعة، أو ما أشبه ذلك، أو أجرة السيارة، أو ثمن الوقود إذا كانت السيارة له فهذا لا بأس به، أما إذا كان المال هو غايته فهذا هو الممنوع. فالميزان هو أن الأعمال بالنيات، فإن كانت نيته المال دون العمل الصالح فإنه لا أجر له، وهو ملوم على ذلك، ومن كانت نيته العمل الصالح وجعل المال وسيلة إليه فهذا لا يلام، ولا حرج عليه فيه.
السائل:
في هذا السؤال أيضاً نريد أن نطمئن إلى شيء كبير جداً في الحقيقة وهو: التحدث عن الأئمة، والمؤذنين، وفرَّاشي المساجد، كثيراً ما نسمع من يقول أنهم لا يأخذون، أو لا يصلون إلا ليأخذوا، فما حكم الكلام الناشئ من هؤلاء المتكلمين؟
الشيخ:
هذا لا يجوز، هذا من عمل أهل النفاق الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ [التوبة: 79]. فالمسائل المبنية على النيات لا يجوز للإنسان أن يحولها إلى النية السيئة، والذي ينبغي إحسان الظن بالمسلم، وأنه إنما جاء ابتغاء وجه الله، وجعل المال وسيلة لا غاية، وأما كوننا نتهمه بهذا العمل فهذا حرام ولا يجوز.
وعلى المسلم أن يحذر من الظن بإخوانه، لا سيما المتصدرين لهذه الأمور، الإمامة في الدين، والأذان، وخدمة المساجد، فإن الذين يلمزونهم في هذا ما أظنهم إلا يقصدون شراً، يقصدون أن يلمزوا الإسلام بذمهم من يقوم بوظائف الإسلام.


فتاوى نور على الدرب (http://binothaimeen.net/content/Menu/ftawa?tid=89)

الشريط رقم [4] (http://binothaimeen.net/content/Menu/ftawa?tid=409)

للعثيمين