المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بركة قراءة القرآن لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله



أبو يوسف عبدالله الصبحي
06-Jul-2010, 01:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

بركة قراءة القرآن لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما


قوله: "تبرك": تفعل من البركة، والبركة: هي كثرة الخير وثبوته، وهي مأخوذة من البركة بالكسر، والبركة: مجمع الماء، ومجمع الماء يتميز عن مجرى الماء بأمرين:
1- الكثرة.
2- الثبوت.
والتبرك: طلب البركة، وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
1. أن يكون التبرك بأمر شرعي معلوم; مثل القرآن، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ } 1. فمن بركته أن من أخذ به حصل له الفتح، فأنقذ الله بذلك أمما كثيرة من الشرك، ومن بركته أن الحرف الواحد بعشر حسنات، وهذا يوفر للإنسان الوقت والجهد....، إلى غير ذلك من بركاته الكثيرة.
2. أن يكون بأمر حسي معلوم; مثل: التعليم، والدعاء، ونحوه; فهذا الرجل يتبرك بعلمه ودعوته إلى الخير; فيكون هذا بركة لأننا نلنا منه خيرا كثيرا.
وقال أسيد بن حضير: "ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر"2؛
فإن الله يجري على بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه على يد الآخر.
وهناك بركات موهومة باطلة; مثل ما يزعمه الدجالون: أن فلانا الميت الذي يزعمون أنه ولي أنزل عليكم من بركته وما أشبه ذلك; فهذه بركة باطلة، لا أثر لها، وقد يكون للشيطان أثر في هذا الأمر، لكنها لا تعدو أن تكون آثارا حسية، بحيث إن الشيطان يخدم هذا الشيخ; فيكون في ذلك فتنة.
أما كيفية معرفة هل هذه من البركات الباطلة أو الصحيحة؟ فيعرف ذلك بحال الشخص، فإن كان من أولياء الله المتقين المتبعين للسنة المبتعدين عن البدعة; فإن الله قد يجعل على يديه من الخير والبركة ما لا يحصل لغيره.
ومن ذلك ما جعل الله على يد شيخ الإسلام ابن تيمية من البركة التي انتفع بها الناس في حياته وبعد موته. أما إن كان مخالفا للكتاب والسنة، أو يدعو إلى باطل; فإن بركته موهومة، وقد تضعها الشياطين له مساعدة على باطله، وذلك مثل ما يحصل لبعضهم أنه يقف مع الناس في عرفة ثم يأتي إلى بلده ويضحي مع أهل بلده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الشياطين تحملهم لكي يغتر بهم الناس، وهؤلاء وقع منهم مخالفات، منها: عدم إتمام الحج، ومنها أنهم يمرون بالميقات ولا يحرمون منه3.
قوله: "شجر": اسم جنس; فيشمل أي شجرة تكون، ومن حسنات
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما رأى الناس ينتابون الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان أمر بقطعها.
قوله: "وحجر": اسم جنس يشمل أي حجر كان حتى الصخرة التي في بيت المقدس; فلا يتبرك بها، وكذا الحجر الأسود لا يتبرك به، وإنما يتعبد لله بمسحه وتقبيله; اتباعا للرسول صلى الله عليه وسلم وبذلك تحصل بركة الثواب. ولهذا قال عمررضي الله عنه" إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك; ما قبلتك "2. فتقبيله عبادة محضة خلافا للعامة، يظنون أن به بركة حسية، ولذلك إذا استلمه بعض هؤلاء مسح على جميع بدنه تبركا بذلك.
قوله: "ونحوهما": أي: من البيوت، والقباب، والحجر; حتى حجرة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتمسح بها تبركا، لكن لو مسح الحديد لينظر هل هو أملس أو لا; فلا بأس، إلا إن خشي أن يقتدى به; فلا يمسحه.


ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1 سورة ص آية : 29.
2 من حديث عائشة رواه البخاري (كتاب التيمم1/125), ومسلم (كتاب الحيض, باب التيمم1/289).
3"مجموع الفتاوى" (1/83).




المصدر :
كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد ج1 ص194
تأليف:
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله