المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفارقة جماعة المسلمين صناعة إبليس



عزالدين بن سالم أبوزخار
29-Dec-2018, 08:12 AM
● مفارقة جماعة المسلمين صناعة إبليس ●


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وعمل بسنته.
أما بعد:
فمما جاءت به الشريعة الإسلامية وحثت عليه الاجتماع على الحق، وفي المقابل ذمت الفرقة وحذرت منها.
قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: 103] وقال الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159].
فمن أوائل من فارق الجماعة إبليس.
قال الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 28-31].
قال العلامة أبو السعود رحمه الله في ((تفسيره)): (({ إِلاَّ إِبْلِيسَ } استثناء متصل إما لأنه كان جنياً مفرداً مغموراً بألوف من الملائكة فعد منهم تغليباً واما لأن من الملائكة جنساً يتوالدون وهو منهم وقوله تعالى { أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين } استئناف مبين لكيفية عدم السجود المفهوم من الاستثناء فإن مطلق عدم السجود قد يكون مع التردد به علم أنه مع الاباء والاستكبار أو منقطع فيتصل به ما بعده أي لكن ابليس أبى ان يكون معهم وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث أدمج في معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الأمر والاستكبار مع تحقير آدم عليه الصلاة والسلام ومفارقة الجماعة والاباء عن الانتظام في سلك أولئك المقربين الكرام)) اهـ.
وقال العلامة صديق حسن خان رحمه الله في ((فتح البيان في مقاصد القرآن)): ((واختلاف العبارات عند الحكاية يدل على أن اللعين قد أدرج في معصية واحدة ثلاث معاص: مخالفة الأمر ومفارقة الجماعة والاستكبار مع تحقير آدم، وقد وبخ على كل واحدة منها لكن اقتصر عند الحكاية في كل موطن على ما ذكر فيه اكتفاء بما ذكر في موطن آخر، وقد تركت حكاية التوبيخ رأساً في سورة البقرة والإسراء والكهف وطه)) اهـ.
وقال العلامة حقي رحمه الله في ((روح البيان)): ((ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعاً فيتصل به ما بعده أي لكن إبليس أبى أن يكون معهم في السجود لآدم.
وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث ادمج في معصية واحدة ثلاث معاص ، مخالفة الأمر والاستكبار مع تحقير آدم ومفارقة الجماعة والإباء عن الانتظام في سلك أولئك المقربين الكرام)) اهـ.
فمن فارق جماعة المسلمين فيه شبه بأبي الشياطين.
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: ليلة الجمعة 21 ربيع الثاني سنة 1440 هـ
الموافق 28 ديسمبر 2018 ف