المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصيحَـة شاحـِذة للهِـمَم مثبِّـتَـة لُلقلُـوبْ



أم محمد محمود المصرية
20-Feb-2019, 06:43 PM
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم


السُّـؤال:
يقُـولُ أحسَـن الله إليكُـم شيـخنَا, نحنُ أبنـاؤكُم مـِن تُـونـس نمُر بفتْـرةِ فـراغٍ وعُـزوفٍ عن طـلبِ العِـلمِ، فصَـار الأمرُ لتنافـرِ الـقلوبِ وكثـرةِ القِيـل والقَـال وهـذا نتيجَـة الخَـوف مِـن التَّضيِّيـق علينَـا لحَـدِّ انتِـكاسِ بعْضِ الإخـوة والله المُستعان،،
فَهل من نصيِـحة تثبِّـتونَ القُـلوب وتشحـذونَ بهَـا الهِمـم وجَـزاكُـم الله خيْـرا ؟


الشَّيـخ: أقـولُ جوابـا للسؤال الأول الوارد في هذا اللقاء وهو سؤال إخواننا من تونس الذين نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقهم لما يحبه ويرضاه وأن يثبتنا وإياهم إلى الحق المبين حتى نلقاه.
لا شك للمسلم أن تمر به بعض الحالات وبعض الأزمات التي ربما تؤثر فيه وفي دينه وتؤثر في إيمانه إلا أن الواجب علينا جميعا أن نتسلّح لمثل هذه الفترات وأن يوطن أنفسنا على ما يرضي ربنا -تبارك وتعالى- دائما وأبدا, لأن القضية ليست محصورة بزمن من الأزمنة أو بمكان من الأمكنة، والله -جل وعلا- قال لنبيه ولأمته من بعده {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر : 99] أي حتى تلقاه -تبارك وتعالى- فهذا هو الطريق ولا طريق غيره، والطريق قد تحتفيه بعض المخاطر وبعض الأزمات، هذه يجب على المسلم أن يسير فيها على القواعد التي جعلها الشرع قواعد للثبات على الحق، أولها التسلّح بسلاح الصبر الذي هو سلاح جميع أنبياء الله -جلّ وعلا- ورسله, كيف والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد أمره ربه -تبارك وتعالى- بأن يحققه، قال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } [الأحقاف : 35] يعني كما سبقك إخوانك من أنبياء الله -جل وعلا- بل من رسل الله -جل وعلا- بل من أخص الرسل وهم اولوا العزم منهم, أن يصبر كما صبروا وأن يحقق هذا الصبر الذي به يكون دائما وأبدا الفرج ويكون به دائما وأبدا النصر {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى : 43] يقول ربنا -جل في علاه- ويقول -تبارك وتعالى-: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف : 90] ويقول -جل في علاه-: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ }[النحل : 127] لأن الله -تبارك وتعالى- هو وحده الذي يُثيبك على هذا العمل العظيم الذي لا يدانيه عمل من الأعمال، ولهذا قال الله -جل وعلا- في حقه: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر : 10]
ما من عمل إلا والله -جل وعلا- حدد جزاءه وثوابه إلا الصَّبر قال يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب, والصبر الشرعي يكون صبرا على الطاعة ويكون صبرا عن المعصية ويكون صبرا على الأقدار المؤلمة, والمسلم مطالب بتحقيق الأنواع كلها يصبر على عبادة الله والصبر على العبادة هو الذي يعينك على الصبر على الأنواع الأخرى من الصبر وهو الذي يقويك وهو الذي يثبتك بإذن الله -تبارك وتعالى- ولهذا الله -جل وعلا- امرنا بما يحقق لنا هذا الأمر {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة : 45]
أمرنا ربنا -جل وعلا أن نستعين بمثل هذه الأسباب، فهذه القاعدة الاولى في هذا الباب التي تثبتنا وإخواننا جميعا على تحقيق هذا الأمر الذي أصبح في هذه الايام عزيزا بل أصبح في هذه الأيام _كما قيل_ أعز من الكبريت الأحمر ولا يوفق لمثل هذا إلا الموفقون الثابتون على أمر الله -جل وعلا- لما ساروا على وفق هذه الأصول وحققوها والتزموا هذه القواعد وطبقوها في منهج حياتهم كلها، مما يتقوى به كذلك المسلم في هذا الزمان ويكون سببا كذلك لثباته على الحق المبين أن يتوكل على ربه -جل وعلا- في كل امر من الأمور وأن يعتمد عليه -تبارك وتعالى- وأن يحسن ظنه به لأن الله - جل وعلا- ناصره ولو بعد حين، وان الله -جل وعلا- سيفرج عليه ولو بعد حين{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح : 6] كما قال ربنا -تبارك وتعالى- والمؤمن الحقيقي هو الذي جمع هذه الاوصاف, كما قال ربنا -جل في علاه-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال : 2] ولا يتوكلون على غيره، يعتمدون عليه في قضاء أمورهم كلها, يعتمدون عليه في تثبيته لهم لأن هذا بيده -تبارك وتعالى- إذا استنفدنا أسبابه قال الله -جل في علاه-: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[ابراهيم : 27] والله -جل وعلا- قال في التوكل كذلك: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ غڑ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الطلاق : 3] أي أن الله -جل وعلا- كافيه لا يحتاج إلى غيره أبدا! مهما كان هذا الغير, الناس ريما يحسنون الظن بالأسباب ويبالغون في هذا النوع من إحسان الظن ولو أنهم صرفوا هذا لحسن الظن بالله لكان سببًا لتفريج كرباتهم وتقوية إيمانهم به -تبارك وتعالى- والزيادة في ثباتهم على الحق المبين.

كما أني أنصح إخواني في هذا الباب أن يقووا صلتهم بالله في مثل هذه الفترات بأسباب تقوية الإيمان, أن يقبلوا على تلاوة كتاب الله، أن يقبلوا على مجالس الذكر ولو عبر هذه الوسائل، نحن في زمن لا نفتقد فيه هذا الإرتباط, بامكانكم إخواني أن ترتبطوا بعلماء الأمة بأئمة الهدى في هذا الزمان وتتابعوا دروسهم ومجالسهم، مامن شيخ إلا وله إذاعة تبث دروسه هذه والله نعمة عظيمة، هذه النعمة لو كانت لمن قبلنا لكانت سببا للنتائج الباهرة والآثار الطيبة على ما حققوه من تلك الآثار الطيبة المباركة بإذن الله -جل وعلا- .

الواجب علينا يا إخوان أن نكون صادقين مع الله, الصادق مع الله يصبر على كل حال وعلى أي حال، وأن نكون مخلصين لله -تبارك وتعالى- في أعمالنا كلها وأن التزامنا هذا إنما هو لله، لا طلبا في الدنيا ولا طلبا لفتاتها ولا طلبا لملذاتها، التزامنا لله -عز وجل- حتى نلقاه يوم القيامة وهو عنّا راض،، فنسأل الله -جل وعلا- أن يثبتنا جميعا على الحق المبين وأن يوفق إخواننا لما يحبه ويرضاه وأن يربط على قلوبهم وأن يثبتنا وإياهم والعلم عند الله -تبارك وتعالى-

_انتهى كلام الشيخ_

فرغهُ: أم ياسـِر السَّلفِيـة

*****

المصدر:
https://youtu.be/_1ISXDG10ds (https://youtu.be/_1ISXDG10ds)


منقول