المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الإسلام في شعر الرأس الصناعي



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
10-Jul-2010, 05:38 PM
حكم الإسلام في شعر الرأس الصناعي (الباروكة)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين، عن معاوية رضي الله عنه أنه خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناول قصة من الشعر، كانت بيد حرسي، فقال: (أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول: ((إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم))، وفي لفظ لمسلم: ((إنما عذب بنو إسرائيل لما اتخذ هذه نساؤهم))، وفي الصحيحين أيضاً، واللفظ لمسلم، عن سعيد بن المسيب قال: (قدم معاوية المدينة فخطبنا، وأخرج كُبَّة من شعر فقال: ما كنت أرى أن أحداً يفعله إلا اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه: الزور). وفي لفظ آخر لمسلم: أن معاوية رضي الله عنه قال ذات يوم: (إنكم قد أحدثتم زي سوء، وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزور). قال النووي رحمه الله في شرح مسلم، عند كلامه على هذا الحديث: (قوله قصة من شعر، قال الأصمعي وغيره: هي شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة، وقيل: شعر الناصية)، قال: (وقوله: وأخرج كبة من شعر هي بضم الكاف وتشديد الباء، وهي شعر مكفوف بعضه على بعض، وقال صاحب القاموس: القصة بالضم: شعر الناصية). وفي هذا الحديث الدلالة الصريحة على تحريم اتخاذ الرأس الصناعي، المسمى: (الباروكة)؛ لأن ما ذكره معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح، في حكم القصة والكبة ينطبق عليه، بل ما اتخذه الناس اليوم مما يسمى (الباروكة) أشد في التلبيس وأعظم في الزور، إن لم يكن هو عين ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل فليس دونه، بل هو أشد منه في الفتنة والتلبيس والزور، ويترتب عليه من الفتنة ما يترتب على القصة والكبة، إن لم يكن هو عينهما، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى؛ لأن العلة تعمهما جميعاً.
وبذلك يكون محرماً من وجوه أربعة:
أحدها: أنه من جملة الأمور التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم والأصل في النهي: التحريم؛ لقول الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[1] (http://www.ibnbaz.org.sa/mat/8686#_ftn1) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) الحديث متفق على صحته.
الثاني: أنه زور وخداع.
الثالث: أنه تشبه باليهود، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
الرابع: أنه من موجبات العذاب والهلاك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما هلكت بنو إسرائيل لما اتخذ مثل هذه نساؤهم)) ويؤيد ما ذكرنا من تحريم اتخاذ هذا الرأس أنه أشد في التلبيس والزور والخداع من وصل الشعر بالشعر، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما: ((أنه لعن الواصلة والمستوصلة)) والواصلة: هي التي تصل شعرها بشعر آخر، ولهذا ذكر البخاري رحمه الله هذا الحديث - أعني حديث معاوية - في باب وصل الشعر؛ تنبيهاً منه رحمه الله على أن اتخاذ مثل هذا الرأس الصناعي في حكم الوصل، وذلك يدل على فقهه رحمه الله، وسعة علمه، ودقة فهمه، ووجه ذلك أنه إذا كان وصل المرأة شعرها بما يطوله أو يكثره ويكبره حراماً تستحق عليه اللعنة؛ لما في ذلك من الخداع والتدليس والزور، فاتخاذ رأس كامل مزور أشد في التدليس وأعظم في الزور والخداع، وهذا بحمد الله واضح. فالواجب على المسلمين محاربة هذا الحدث الشنيع، وإنكاره، وعدم استعماله، كما يجب على ولاة الأمور - وفقهم الله - منعه والتحذير منه عملاً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنفيذاً لمقتضاها، وحسماً لمادة الفتنة، وحذراً من أسباب الهلاك والعذاب، وحماية للمسلمين من مشابهة أعداء الله اليهود، وتحذيراً لهم مما يضرهم في العاجل والآجل.
والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يفقههم في الدين، وأن يعيذهم من كل ما يخالفه، وأن يوفق ولاة أمرهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، في المعاش والمعاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
___________
[1] (http://www.ibnbaz.org.sa/mat/8686#_ftnref1) سورة الحشر الآية 7.

المصدر (http://www.ibnbaz.org.sa/mat/8686)



وسئل أيضاً رحمه الله تعالى كما في دروسه المفرغة :


السؤال :
هناك امرأة مصابة بمرض الصلع حيث لا يوجد على رأسها شعر بالكلية، فهل يجوز لمثل هذه المرأة أن تستخدم شعراً مستعاراً، أي: ما يسمى بالباروكة؟



الجواب

الذي يظهر أنه لا يجوز؛ لأن هذا فيه تشبه بأهل الكتاب، كما خطب معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ نسائهم مثل هذا، وأشار على قبة من شعر يلبسها نساؤهم ) من جنس الباروكة، فلا يجوز وصل الشعر ولا لبس الباروكة، ونسأل الله العافية.




وسئل الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لسنن أبي داود عن حكم اتخاذ الباروكة:


السؤال: هل يجوز للمرأة التي ليس في رأسها شعر أن تتخذ ما يسمى بالباروكة؟

الجواب: لا يجوز؛ لأن هذا كله من جنس الوصل المنهي عنه.


وجوب إزالة وصل الشعر




السؤال: من وصلت شعرها فهل يجب عليها الإزالة؟

الجواب: نعم؛ لأنه أمر منكر تجب إزالته.



حكم وصل الشعر بشعر الواصلة نفسها


السؤال: هل يجوز وصل الشعر بالشعر الأصلي وبنفس اللون أو بلون آخر على شكل ضفائر؟


الجواب: لا يجوز وصل الشعر بشعر لا من شعر امرأة نفسها ولا من شعر غيرها؛ لأن الوصل لا يجوز مطلقاً.




الفرق بين الشعر الطبيعي والشعر الصناعي في حكم الوصل




السؤال: هل هناك فرق بين الشعر الطبيعي وبين الشعر الصناعي في حكم الوصل؟

الجواب: لا فرق بينها، بل النتيجة واحدة والمؤدى واحد.



حكم وصل الشعر بغير الشعر



السؤال: ما حكم وصل الشعر بغير الشعر مثل خيوط الحرير؟

الجواب: كل ذلك لا يجوز؛ لأن الحديث مطلق في النهي عن الوصل، وكل ذلك يدخل تحت قوله: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).




وسئل الشيخ محمد فركوس الجزائري :
السـؤال:
هل يجوز القيام بعمليةٍ جراحيةٍ على رأسٍ أصلع، بغرضِ زرع نوعٍ من الخلايا يساعدُ على نمو الشعرِ، أو يساعد على توقيف عملية تساقطِ الشعر؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فينبغي في هذه المسألة التفريق بين زرعِ الشعرِ ولصقِ الشعر، وضابطُ الفرق يكمنُ في نباتِ الشعر وطولِه.
فإنْ ردَّ ما سقطَ من شَعرِه بطريقةٍ طِبِّيةٍ على وجهٍ يُزيل العيبَ، ويستَنبِتُ الشعرَ ويُعيدُه إلى أصلهِ بحيثُ يَنبتُ الشعرُ بعد العمليةِ الجراحيةِ ويطولُ بنفسهِ فهذا من زرعِ الشعرِ، وهو بهذا الاعتبارِ لا علاقةَ له بوَصْلِ الشعرِ وإنما يَدخلُ في بابِ العلاجِ، والأصلُ فيه الإباحةُ والجوازُ، ويُقَوِّي هذا الحكمَ ما جاءَ في الصحيحينِ في قصَّة الثلاثة من بني إسرائيل، وفيها أنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «إِنَّ ثَلاَثةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى أَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيهِمْ مَلَكًا... فَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الذِي قَذِرَنِي النَاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ وَأُعْطِيَ شَعْرًا حَسَنًا»(١- أخرجه البخاري كتاب «أحاديث الأنبياء»، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل: (2/212)، ومسلم كتاب «الزهد والرقائق»: (2/1354)، رقم: (2964)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (http://javascript%3Cb%3E%3C/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_1%27%29))، والحديثُ يدلُّ على أنَّ إزالةَ العيبِ باسْتِنْبَاتِ الشعرِ الحسنِ جائزٌ، ولو كان ممنوعًا مَا فعلَه المَلَك، ولو كان جائزًا في شريعتهم غير جائزٍ في شريعتِنا لبيَّنه النبُّي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولَمَا أقرَّه، لأنَّه في مَعرِض البيان و«تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحاجَةِ لاَ يَجُوزُ».
أمَّا إذا استردَّ شعرَ رأسِه بعمليةِ الغَرزِ على وجهٍ لا يحصلُ معه نباتُ الشعر ولا زيادةٌ بالطولِ، فهذا يُعدُّ لصقًا للشعرِ لاَ زرعًا له.
وعليهِ فإنَّ لَصقَ الشعرِ محرَّمٌ لدخولهِ في باب التجميلِ بالزورِ والوصلِ المنهي عنه شرعًا، لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ»(٢- أخرجه البخاري كتاب «اللباس»، باب الوصل في الشعر: (3/ 202)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه مسلم كتاب «اللباس والزينة»: (2/ 1019)، رقم: (2122)، من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (http://javascript%3Cb%3E%3C/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_2%27%29))؛ ذلك لأنّ المعنى الذي حُرِّم من أجلِه وصلُ الشعرِ هو: التدليسُ والغشِّ(٣- ذهب الأحناف والشافعية إلى أنّ علّة منع الوصل هي الانتفاع بجزء من الآدمي الذي فيه امتهانُ كرامته [انظر: «المجموع» للنووي: (3/ 140)، «حاشية ابن عابدين»: (6/ 373)]، أمّا مذهب المالكية فإنّ علّة التحريم تظهر في تغيير خلق الله [«المنتقى» للباجي: (7/ 267)]، والتعليلُ بالزور أولى بالأخذ لكونها مؤيدة بالنصّ. (http://javascript%3Cb%3E%3C/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_3%27%29)) ويشهدُ لذلكَ ما جاء في الصحيحين عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ قال: «قَدِمَ مُعَاوِيَةُ المدينةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنَ الشَّعْرِ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا غَيْرَ اليَهُودِ، إنَّ النَّبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسلَّمَ سَمَّاهُ الزُّورَ، يَعْنِي: الوَاصِلَةَ فِي الشَّعْرِ»(٤- أخرجه البخاري كتاب «اللباس»، باب الوصل في الشعر: (3/ 202)، ومسلم كتاب «اللباس والزينة»: (2/ 1021)، رقم: (2127)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (http://javascript%3Cb%3E%3C/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_4%27%29)).
وفضلاً عن ذلكَ فإنَّ لصقَ الشَّعرِ يحولُ دونَ وُصولِ الماءِ إلى الرأسِ في الغُسلِ.
والعلمُ عِندَ اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 26 المحرم 1431ﮬ
الموافق ﻟ: 12 يناير 2010م
____________________________
١- أخرجه البخاري كتاب «أحاديث الأنبياء»، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل: (2/212)، ومسلم كتاب «الزهد والرقائق»: (2/1354)، رقم: (2964)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٢- أخرجه البخاري كتاب «اللباس»، باب الوصل في الشعر: (3/ 202)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه مسلم كتاب «اللباس والزينة»: (2/ 1019)، رقم: (2122)، من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.

٣- ذهب الأحناف والشافعية إلى أنّ علّة منع الوصل هي الانتفاع بجزء من الآدمي الذي فيه امتهانُ كرامته [انظر: «المجموع» للنووي: (3/ 140)، «حاشية ابن عابدين»: (6/ 373)]، أمّا مذهب المالكية فإنّ علّة التحريم تظهر في تغيير خلق الله [«المنتقى» للباجي: (7/ 267)]، والتعليلُ بالزور أولى بالأخذ لكونها مؤيدة بالنصّ.

٤-أخرجه البخاري كتاب «اللباس»، باب الوصل في الشعر: (3/ 202)، ومسلم كتاب «اللباس والزينة»: (2/ 1021)، رقم: (2127)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
المصدر (http://www.ferkous.com/rep/Bl19.php)