المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (موجبات الكفر)لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي-حفظه الله-



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
14-Jul-2010, 03:37 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-.


أما بعد:

فيا أيها الناس: مما لا شك فيه، أن وجود العلماء والدعاة إلى الله وطلبة العلم، الذين يُعَلِّمون الناس دينهم، ويعلمونهم الكتاب والسنة، أن هذا من أعظم نِعَم الله على عباده، وجود هؤلاء ومنفعة هؤلاء أعظم من منفعة المطر للأرض.

إن الدعوة إلى الله هي: مطر للقلوب وغيث للقلوب، ولا حياة للناس إلا بهذا الدين، مهما أُمْطِرت الأرض، والناس في غفلة وفي جهل وفي إعراض، فإنما يزيدهم المطر وبالاً، لأنهم إن أمطروا ما شكروا، وإن لم يأتهم مطر ما صبروا إلا من-رحم الله-، فلهذا مطر العلم وغيث العلم والإيمان أو الدين أعظم من غيث الأرض.

وإن الله- سبحانه وتعالى -: إذا أحب قومًا بعث إليهم من يُذَكِّرُهم ومن يعلمهم ومن يفقههم في أمر دينهم، فهذا دليل على أن الله قد أراد بهم خيرًا، كما قال النبي-عليه الصلاة والسلام-: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)(متفق عليه).

وإذا لم يرد الله بقوم خيرًا لن يبعث إليهم من يُذَكِّرهم ومن يعلمهم ومن يفقههم، وإنما يجعلهم في غفلة، وفي إعراض، في جهل، في عمى، وفي معاصٍ وبدع ومخالفات، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

إخواني في الله: ومما يجب التنبه له موجبات الكفر، فإن هناك أمور هي من موجبات الكفر، وقَلَّ من يتنبه لها، وهي:كثيرة يعقدها العلماء بهذا العنوان: (موجبات الكفر)، أو بباب: (الردة عن الإسلام).

يذكرون هذا في كتب الفقه وفي كتب العقائد، وفي الفتاوى الشرعية من باب التحذير، لأنَّ الإنسان كونه يُعَلَّمْ نواقض الوضوء هذا أمر مهم، لكن أهم منه أن يتعلم نواقض الإسلام، لكن سبغ وضوءه و(**) انتقض دينه، وانتقض إسلامه.

وبعض الناس: يتنبهون لنواقض الوضوء أكثر من تنبههم لنواقض الإسلام ونواقض الدين، لهذا تجد بعض الناس يقع في نواقض الإسلام وهو لا يدري عنها، وهذا خطير، فترك الصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم يعتبر ناقضًا من نواقض الإسلام، لأدلة كثيرة:

منها: قول الرسول-عليه الصلاة والسلام-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، رواه أصحاب السنن عن بريدة بإسناد صحيح، ومعنى بيننا وبينهم: من هم؟، المنافقون، (العهد الذي بيننا)، أي: معاشر المسلمين، (وبينهم) أي: المنافقون(الصلاة)، (فمن تركها) أي: منهم، (فقد كفر) أي: فقد ظهر كفره واستبان.

فهنا عهد بين طائفتين بيننا وبينهم، دَلَّ على أن المسلمين لا يتركون الصلاة، وعلى أن الكفار لا يصلون لأنهم كفار، إذًا هناك طابور ثالث هم: المنافقون بيننا وبينهم عهد، ما داموا يصلون حكمنا لهم بالإسلام، فإذا تركوا الصلاة ظهر كفرهم المخبوء، الذي كانوا يُخْبِئَونَه في قلوبهم ظهر على حياتهم بترك الصلاة.

(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها)، أي: منهم(فقد كفر)، يعني: فقد أظهر كفره، وإلا فالمنافق كافر في الحقيقة، أعني: صاحب النفاق الإعتقادي هو كافر في الحقيقة لكنه يظهر الإسلام ويبطن الكفر، فلما أظهر الإسلام وأبطن الكفر حكم له بحسب الظاهر، فإذا تجرأ فترك الصلاة عيانًا وجهارًا فقد أظهر ما يخفي من الكفر.

فدل هذا الحديث الشريف: على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر، والمراد بالصلاة هنا الصلوات الخمس، التي فرضهن الله على عباده في اليوم والليلة، وهي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفي يوم الجمعة تقوم صلاة الجمعة مقام الظهر، هذه الصلوات الخمس هي فواصل وفوارق بين المسلمين والكافرين.

وأداء هذه الخمس صلوات مع الجماعة فارق آخر بين المؤمنين والمنافقين، كما قال-عليه الصلاة والسلام-: (إن أثقل الصلاة على المنافقين الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا)يعني:معناه أن الصلوات ثقيلة على المنافقين لأنهم لا يجدون فيها لَذَّة، لَذَّة للصلاة ولذة للإيمان فهي ثقيلة عليهم، لكن أثقل شيء فرضا الفجر والعشاء.

قال أهل العلم: لأن المنافقين إنما يصلون مراءاة، يراؤون الناس كما قال الله-سبحانه وتعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)(النساء/142).

فلما كان الباعث لهم على الصلاة مع الجماعة هو المراءاة، فكان في الزمن الماضي ما عندهم كهرباء، فكانوا يصلون العشاء في ظلام، ويصلون الفجر في ظلام، والمنافق ما ينشط إلا من أجل الرياء والسمعة، ما أحد يراه حضر أو ما حضر في الفجر والعشاء، فكانوا يتكاسلون ما يحضرون الصلاة.

فقال-عليه الصلاة والسلام-: (إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما)أي: من الأجر العظيم عند الله لمن حافظ عليهما ومن الإثم العظيم لمن تخلف عنهما لو يعلمون(لأتوهما ولو حبوًا)، كما يحبوا الطفل سواءً كان على بطنه يمد يديه ورجليه ويحبوا أو على(**)، فمعناه: أن الذي يمشي على رجليه بكل سهولة حضور الجماعة.

فإذًا: المنافق تثقل عليه الصلاة ويتخلف عنها، والكافر ما يبالي بها، والمؤمن يحافظ على صلواته الخمس في أوقاتها ومع الجماعة، هذه الفوارق ظاهرة، فوارق ظاهرة جعلها الله-عز وجل-في الناس، وأنزلها في شرعه في كتابه، وفي سنة رسوله-عليه الصلاة والسلام-، يُفَرَّقْ بها بين المؤمن والمنافق، وقبل ذلك بين المؤمن والكافر.

هذه هي الصلاة: التي كانت من أواخر وصايا رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-وهو في مرض الموت، من أواخر وصاياه لأمته شفقة منه بهم، ورحمة عليهم يخاف عليهم من النار، لأنه-عليه الصلاة والسلام-يعلم ما للصلاة من أهمية عظيمة، وما عليها من حساب في ذلك اليوم.

فكان وهو يعاني ما يعاني من مرض الموت ومن سكرات الموت ولا يزال ناصحًا لأمته، يقول: (الله الله الصلاة وما ملكت أيمانكم)، يحضهم ويحثهم ويحرضهم على الصلاة، والمحافظة عليها والقيام بها في أوقاتها ومع الجماعة.

وأخبر النبي-عليه الصلاة والسلام-: أن العبد يوم القيامة أول ما يسأل عن عمله الصلاة، أول ما تحاسب يوم القيامة على أعمالك التي بينك وبين الله-سبحانه وتعالى-من الأوامر والنواهي والزواجر، أول ما تحاسب على الصلاة.

لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، بينما الصيام ما يتكرر في السنة إلا مرة، والزكاة مرة إلا الخارج من الأرض فإنه بحسب الفصل، والحج في العمر مرة لمن استطاع إليه سبيلًا، لكن هذه الصلاة وهي أولى الأركان الأربعة العملية، لأن أركان الإسلام خمسة الركن الأول الشهادتان، البقية أربعة أركان عملية، فأولها الصلاة.

ولهذا يقول-عليه الصلاة والسلام-: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع)، فَأَمر-عليه الصلاة والسلام-الآباء والأمهات والأولياء-أولياء الأولاد-، أمرهم أن يأمروا أولادهم بالصلاة إذا بلغوا السابعة، يَأمُرُوه عليها، فإذا بلغو العاشرة وقصروا بها أمرهم بضربهم(واضربوهم عليها لعشر)، يعني: إذا فرطوا فيها، إذا أهملوها إذا ضيعوها اضربوهم عليها، هذا كله يدل على أهمية الصلاة في حياة المسلمين.

وكما سمعتم: أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، وأيضًا في القبر كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-عند الطحاوي-رحمه الله-في مشكل الآثار بإسناد صحيح، صححه الشيخ الألباني-رحمة الله عليه-في السلسلة الصحيحة.

أن عبدًا من عباد الله مات فدفن، فأمر الله-عز وجل-الملائكة أن يجلدوه مائة جلدة في القبر، مائة جلدة بعد أن فرغ الناس من دفنه، فدعا الله-عز وجل-وتضرع إلى الله-سبحانه وتعالى-أن يخفف عنه، فخفف الله-سبحانه وتعالى-عنه من مائة إلى جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة امتلأ القبر منها نارًا، امتلأ القبر من هذه الجلدة نار فأغمي عليه.
من جلدة واحدة أغمي عليه، الله أعلم كم مكث مغمى عليه، فلما أفاق قال للملائكة: علام جلدتموني؟.

هنا الشاهد: قالوا: لأنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت بمظلوم فلم تنصره، ذكروا له هذين الذنبين، صليت صلاة بغير طهور ومررت بمظلوم فلم تنصره يعني: وهو قادر أن ينصره، فما نصره حتى ولو بالكلمة كأن يقول للظالم اتق الله، لا تظلم أخاك المسلم، ما فعل هذا عذب في قبره أنظر مائة جلدة، حكم الله-سبحانه وتعالى-عليه بمائة جلدة، وهذه صلاة واحدة صلاها بغير طهور، كيف لو صلَّى صلواته، بعض الناس بغير طهور؟.

كيف بالذي لم يصلي بالكلية ما صلَّاها، هذا صلاها فهناك من لم يصلها بالكلية، فدل على أن العبد يسأل عن صلاته في قبره وفي آخرته يوم القيامة، وأن الله-سبحانه وتعالى-يحاسبه على هذه الصلاة، هل قام بها هل حافظ عليها أم لا؟.

ولهذا يقول الله-سبحانه وتعالى-في أول صفات المؤمنين، قال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2))في أول سورة المؤمنون، وأول صفة من صفات المؤمنين الخشوع في الصلاة، شهد الله لهم بالفلاح وحققه لهم، (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2))، خشوع القلب وطمأنينة الجوارح، طمأنينة الجوارح ركن من أركان الصلاة كما جاء في حديث المسيء صلاته في الصحيحين.

حين صَلَّى ذلك الرجل ولم يطمئن في صلاته، مستعجل فيها وينقرها نقرًا، كحال كثير من الناس اليوم، لا يخشعون في صلاتهم إلا من رحم الله، فلما سَلَّم جاء إلى رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-سَلَّم عليه فرد عليه السلام وقال: (له ارجع فصلي فإنك لم تصلي).

أي: هذه ما هي صلاة التي أنت صليتها هذه باطلة، كنت تنقرها نقرًا، لا خشوع راكعًا ولا ساجدًا ولا بين السجدتين، ولا بعد الرفع من الركوع كلها عجلة كلها سرعة، قال: (ارجع فصلي فإنك لم تصلي)هذه ما هي صلاة هذه ما تسمى بصلاة، لأنه أخل بركن من أركانها وهو الطمأنينة.

فرجع الرجل وصلاها إنسان متواضع ما كان متكبر، رجع وصلى لكن كما صلى من قبل، ثم جاء إلى النبي-عليه الصلاة والسلام-فقال له: (ارجع فصلي فإنك لم تصلي)المرة الثالثة، رجع وصلى ثم جاء بعد أن سلم، قال-عليه الصلاة والسلام: (ارجع فصلي فإنك لم تصلي).

هذه ما هي صلاة، وإن كان في ظنك أنها صلاة، ولكنها عند الله-عز وجل-ما هي صلاة، لإخلاله بركن من أركانها وهو الطمأنينة، فقال الرجل: (والذي بعثك بالحق نبيًا لا أحسن غير صلاتي هذه فعلمني) ما أعلم إلا هذه الصلاة فعلمني.

قال له النبي-عليه الصلاة والسلام-: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن جالسًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)الطمأنينة أخل بها، فكم من الناس اليوم من ينقرها نقرًا، وإذا نصح ما يقبل إلا من رحم الله.

مرة من المرَّات رأيت رجلًا يصلي وينقرًا نقرًا، فطبقت فيه الحديث(ارجع فصلي فإنك لم تصلي)، قال ما في إلا هذا الحاصل، انظر ما قال علمني ولا وجهني لكن صار عناد، وخرج صار(**)على المشايخ من المسجد.

فيا إخواني في الله، إذا استهان العبد بدينه يُسْتَهان به، سيسأل يوم القيامة عن هذا الدين وعن هذه الصلاة، ويسأل في قبره ويحاسب في قبره ويعذب في قبره ويعذب في آخرته ويعذب في النار على الصلاة على دينه كله، فلا يجوز التهاون في أمر هذا الدين يجب العناية به والمحافظة عليه.

ونحن كما تعلمون لم نخلق من أجل الدنيا، الله ما خلقنا من أجل الدنيا وإنما خلقنا من أجل الدين، كما قال سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58))(الذاريات).

وهذا النفي والإثبات هذا الأسلوب عند البلاغيين يفيد الحصر أسلوب النفي والإثبات، النفي(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ)هذا النفي، الإثبات(إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(الذاريات/56)، فاجتماع النفي والإثبات عند البلاغيين يفيد الحصر، أي ما خلقوا إلا من أجل العبادة، من أجل أن يعبدوا الله، وأن يوحدوا الله، وأن يطيعوا الله ورسوله-صلى الله عليه وآله وسلم-.

وهذه الآية الكريمة كقوله سبحانه وتعالى-في الآية الأخرى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5))(البينة)، هذا هو الدين القيم، الدين الصحيح الدين الحق توحيد الله إفراد الله بالعبادة.

فأنت يا عبد الله: لم تؤمر إلا بعبادة الله-سبحانه وتعالى-، أنت عبده وهو ربك، تطيعه فيما أمرك فتأتمر، وفيما نهاك فتنتهي، وفيما أخبرك فتصدق، ولا تكون متقيًا إلا بذلك، بفعل الأوامر وترك النواهي وتصديق الأخبار ما أخبر الله-سبحانه وتعالى-بها ورسوله-عليه الصلاة والسلام-، تقابل ذلك بالتصديق.

ثم يا عباد الله: المسألة خطيرة، المسألة ما هي سهلة، وإن كان كثير من الناس يظنونها سهلة لكنها ما هي سهلة، المسألة خطيرة، أمامك موت نزع الروح من كل جسدك، وفصل الروح من كل جسدك عن بدنك.

انظر إلى الذي يقلع الضرس عند الطبيب، كم يجد من معاناة على قلع الضرس، على قلع الظفر، على استخراج الشوكة كم يجد من معاناة، كيف بنزع الروح، أنت الآن قائم في هذه الحياة، بجسمك بروحك ببدنك، والروح مختلطة بالبدن، سيأتي عليك يوم من الأيام قد يكون في سن شبابك، وقد يكون سن الشيخوخة العلم عند الله-سبحانه وتعالى-، يأمر الله-عز وجل-الملك بقبض روحك ونزعها وفصلها عن بدنك هذا الموت.

هذا الموت ما هو سهل وما كل إنسان يوفق في هذا الموقف، إلى أن يشهد أن لا إله إلا الله إلا من رحم الله، ما كل إنسان يوفق لأن يوصي بالحق، ما له وما عليه، ويوصي أولاده بالصلاة ويوصي أولاده وأهله بالصبر وبالاستقامة على الدين.

موقف صعب، لا يوفق له إلا الموفقون، لهذا قول له أن المسألة ما هي سهلة، المسألة عظيمة، وإن كان بعض الناس مستهين بها، لكنه ما استهان بها إلا لجهله، لأنه يجهل الأمور لم يوفق للصواب، كثير من الناس نظرتهم دنيوية، نظرتهم أكل وشرب ودنيا فقط، ما يفكر في العاقبة، ولا يفكر في المستقبل، ولا يفكر في الماضي أنه محاسب عليه ومسئول عنه إلا من رحم الله.

ثم ما بعد الموت ما حالك في القبر ما حالك فيه؟، وأنت وحيد في تلك الحفرة إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النيران، وهل من السهل أن تكون روضة من رياض الجنة؟، إلا بالإيمان والعمل الصالح وبالصدق.

أن تكون صادقًا مع الله-عز وجل-، صادق مع دينك، صادق مع نبيك، صادق مع نفسك، صادق مع الناس لا كذب ولا غيبة ولا نميمة ولا نفاق، ولا لف ولا دوران، ولا بوجهين ولا بوجوه، بعض الناس ما هو بوجهين بوجوه، يتقلب عدة تقلبات مع هذا بوجه ومع هذا بوجه إلا من رحم الله.

المهم: بعض الناس يحسن للدنيا ولكنه يسيء للآخرة، دنيا يعمل لها والآخرة (...صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)(البقرة/171)، إلا من رحم الله، وبدينه بعض الناس بدينه أيضًا (...صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)كما قال الله في أول سورة البقرة عن أناس قالوا: (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ)(البقرة/8)، قال الله: (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة/8)، إلى أن قال من أوصافهم: (...صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)(البقرة/171)، نسأل الله العافية والسلامة.

وانتبه يا عبد الله، اليوم يمكنك أن تُمَشّْي دنياك وأن تضحك على هذا وتضحك مع هذا وتُمَشّْي حالك، لكن إذا جاءك الموت وما بعده خلص في القبر من معك، على من تُمَشّْي وعلى من تضحك، الآن بين يدي الملائكة، وفي الآخرة بين يدي الله-عز وجل-، وإما جنة وإما نار.

فانتبهوا يا عباد الله انتبهوا على أنفسكم، ابحثوا عن الحق، اتبعوا الكتاب والسنة، والله لن ينفعنا إلا أن نلقى الله-سبحانه وتعالى-بقلب سليم، وبلسان سليم، وبعقيدة صحيحة وبأعمال صالحة وبتمسك بالكتاب والسنة، والصدق، والإخلاص، والإيمان، والاستقامة، والإحسان، والتمسك بالدين، هذا هو الذي ينفعنا.

واقرؤوا في سير السلف الصالح، اقرؤوا في سير الصالحين، في سير العلماء، في تأريخهم، وانظروا كيف كان الأئمة والعلماء يخافون على نفوسهم من عذاب الله-سبحانه وتعالى-، ومن عذاب القبر، وهم علماء وهم أئمة وهم أعلام وهم صحابة ويخافون.

فكيف نحن نعمل إذا كان أولئك هم أفضل وأرفع منا ومع ذلك كانوا خائفين، كيف نحن نعمل من نحن جئنا في آخر الزمان الله أعلم عن حالنا وعن أعمالنا، وهل الله-عز وجل-راضً عنا أم لا؟.

فنتواصى بالصلاة والمحافظة عليها، والعناية بها والاهتمام بها والصدق مع الله-سبحانه وتعالى-، تصلي صلاة بخشوع وطمأنينة، وتصلي كما قال النبي-عليه الصلاة والسلام-(صلوا كما رأيتموني أصلي)، تصلي على الكتاب والسنة ليس على الهوى، لا تنفعك الصلاة إذا لم تكن موافقة لصلاة رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-، لأن العمل إذا خالف هدي النبي-عليه الصلاة والسلام-فهو مردود على صاحبه، كما قال-عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد).

وقال-عليه الصلاة والسلام-أيضًا: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ما كل العمل يقبل، ولا كل عامل يقبل عمله، لا يقبل العمل إلا إذا وافق الكتاب والسنة، ولا يقبل عمل العامل إلا إذا كان هذا العامل والعابد من المتقين، كما قال الله-سبحانه وتعالى-: (...إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(المائدة/27).

فهل أنت من المتقين لله-سبحانه وتعالى-؟، وهل عملك مما يوافق كتاب الله-عز وجل-وسنة رسوله-عليه الصلاة والسلام-؟.


نسأل الله التوفيق لنا ولكم ولجميع المسلمين.

تم بحمد الله.....

بتصرف يسير.....

قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد

الاثنين الموافق: 1/ شعبان/ 1431 للهجرة النبوية الشريفة.



لقراءة الملف منسق:
هنا (http://www.box.net/shared/pv5hgu7v76)
لسماع المادة الصوتية:
هنا (http://www.olamayemen.com/show_sound3085.html)