المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثناء علماء "الجمعية..." على الشيخ محمد بن عبد الوهاب



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


« موقف علماء الجزائر من الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية »



-1-
الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله -
( ت 1359 هـ - 1940 م )
1 - كتب الشيخ عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله - سلسلة مقالات بعنوان ( من هم الوهابيون ؟ ما هي حكومتهم ؟ ما هي غايتهم السياسية ؟ ما هو مذهبهم ؟ ) (1) ، قال فيها - كما في " آثاره " ( 5 / 23 – 24 ) - :


( وصار من يُريد معرفتهم لا يجد لها موردا إلا كتب خصومهم الذين ما كتب أكثرهم إلا تحت تأثير السياسة التركية التي كانت تخشى من نجاح الوهابيين نهضة العرب كافة .

وأقلهم من كتب عن حسن قصد من غير استقلال في الفهم ولا تثبت في النقل فلم تسلم كتابته في الغالب من الخطأ والتحريف.

وأنَّى تُعرف الحقائق من مثل هاته الكتب أو تلك ، أم كيف تُؤخذ حقيقة قوم من كتب خصومهم ، ولا سيما إذا كانوا مثل الصِنفين المذكورين ) .

وقال ( 5 / 32 - 33 ) : (
قام الشيخ محمد [ بن ]عبد الوهاب بدعوة دينية ، فتبعه عليها قوم فلقبوا بـ : " الوهابيين " . لم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه ؛ فإن أتباع النجديين كانوا قلبه ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين ؛ يدرسون الفقه في كتب الحنابلة ، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد ؛ فإن أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين ؛ أهل إثبات وتنزيه ، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار ، ويصدقون بالرؤية ، ويثبتون الشفاعة ، ويرضون عن جميع السلف ، ولا يكفرون بالكبيرة ، ويثبتون الكرامة .
وإنما كانت غاية دعوة ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد ، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير ، وزيغهم المبين .

لم تكن هاته الغاية التي رمى إليها بالقريبة المنال ولا السهلة السبل ، فإن البدع والخرافات باضت وفرخت في العقول ، وانتشرت في سائر الطوائف وجميع الطبقات على تعاقب الأجيال في العصور الطوال ؛ يشب عليها الصغير ، ويشيب عليها الكبير ، أقام لها إبليس من جنده من الجن والإنس أعوانا وأنصارا ، وحراسا كبارا من زنادقة منافقين ، ومعمَّمين جامدين محرفين ، ومتصوفة جاهلين ، وخطباء وضَّاعين .

فما كانت - وهذا الرسوخ رسوخها ، وهذه المنعة منعتها - لتقوى على فعلها طائفة واحدة كـ " الوهابيين " في مدة قليلة ، ولو أعدَّت ما شاءت من العدة ، وارتكبت ما استطاعت من الشدة ) ، إلى أن قال : ( إن الغاية التي رمى إليها ابن عبد الوهاب ، وسعى إليها أتباعه ، هي التي لا زال يسعى إليها الأئمة المجددون ، والعلماء المصلحون في جميع الأزمان ) .

ثم قال ( ص 34 ) : ( بان بهذا أن الوهابيين ليسوا بمبتدعين لا في الفقه ولا في العقائد ، ولا فيما دعوا إليه من الإصلاح ، وإنما تنكر عليهم الشدة والتسرع في نشر الدعوة وما فعله جهالهم ) .

2 – وقال ابن باديس وهو يرد على بعض خصوم الدعوة الإصلاحية بالجزائر في ( العدد 3 ) من جريدة " الصراط السوي " ( 5 جمادى الثانية 1352 هـ / 5 سبتمبر 1933 م ، ص 4 ) : ( ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي ، أفتعد الدعوة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وطرح البدع والضلالات واجتناب المرديات والمهلكات ؛ نشرا للوهابية ؟!! ، أم نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح ؛ نشرا للوهابية ؟ !! ، إذاً فالعالم المتمدن كله وهابي! فأئمة الإسلام كلهم وهابيون ! ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام وقام عليه نظام التمدن في الأمم إن سمانا الجاهلون المتحاملون بما يشاءون ، فنحن - إن شاء الله - فوق ما يظنون ، والله وراء ما يكيد الظالمون .

ثم يقول : " إننا مالكيون " ومن ينازع في هذا ؟ !! وما يقرئ علماء الجمعية إلا فقه مالك ، ويا ليت الناس كانوا مالكية حقيقة إذاً لطرحوا كل بدعة وضلالة ، فقد كان مالك - رحمه الله - كثيرا ما ينشد : وخير أمور الدين ما كان سنة * وشر الأمور المحدثات البدائع ) (2) .

3 – ونشر الشيخ ابن باديس في ( العدد 164 ) من جريدة " الشهاب " ( 6 ربيع الثاني 1347 هـ / 20 سبتمبر 1928 م ) – نقلا عن مجلة " المنار " – رسالة الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الشيخ العلامة عبد الله الصنعاني – رحم الله الجميع - ، وقدم لها بكلام رائق جاء فيه ( ص 2- 3 ) : ( لم يزل في هذه الأمة في جميع أعصارها وأمصارها من يجاهد في سبيل إحياء السنة وإماتة البدعة بكل ما أوتي من قدرة . ولما كانت كل بدعة ضلالة محدثة لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة كان هؤلاء المجاهدون كلهم ( يدعون الناس إلى الرجوع في دينهم إلى الكتاب والسنة وإلى ما كان عليه أهل القرون الثلاثة خير هذه الأمة الذين هم أفقه الناس فيها ، وأشدهم تمسكا بهما ) ، هذه الكلمات القليلة المحصورة بين هلالين هي ما تدعو إليه هذه الصحيفة منذ نشأتها (3) ، ويجاهد فيه المصلحون من أنصارها ... وهي ما كان يدعو إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، وهي ما كان يدعو إليه جميع المصلحين في العالم الإسلامي ... الكتاب واحد ، والسنة واحدة ، والغاية – وهي الرجوع إليهما – واحدة ، فبالضرورة تكون الدعوة واحدة ، بلا حاجة إلى تعارف ولا ارتباط ، وإن تباعدت الأعصار والأمصار ، هذه الحقيقة يتعامى عليها المبتدعون ذوو الأغراض عنها ، فيصورون من خيالاتهم أشباحا وهمية للدعوة الإصلاحية الدينية المحضة التي نقوم بها ، فيقولون عنها ( عبدوية ) ويقولون عنها ( وهابية ) ويقولون ويقولون .. وهم في الجميع متقولون .

يتقول المتقولون على هذه الدعوة على ظهور حقيقتها ووضوح طريقتها ويخصصون أتباع الشيخ ابن عبد الوهاب بالقسط الكبير ، وقد وقفنا في رصيفتنا مجلة " المنار " الغراء على كتاب للشيخ [ عبد الله ] ابن عبد الوهاب فيه بيان ما كان يدعو إليه من توحيد واتباع ، وهو قاطع بكل خصم يقول عنه بجهل أو افتراء ، نقلناه عنها ونشرناه فيما يلي ) (4) .

4- وقال في مقال نشره في ( العدد 3 ) من جريدة " السنة النبوية " ( 29 ذي الحجة 1351 هـ / 4 أبريل 1933 م ، ص 1 ) : ( وأصبحت الجماعة الداعية إلى الله يدعون من الداعين إلى أنفسهم " الوهابيين " ، ولا والله ما كنت أملك يومئذ كتابا واحدا لابن عبد الوهاب ، ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل ، ووالله ما اشتريت كتابا من كتبه إلى اليوم ، وإنما هي أفيكات قوم يهرفون بما لا يعرفون ، ويحاولون من إطفاء من نور الله ما لا يستطيعون وسنعرض عنهم اليوم وهم يدعوننا " وهابيين " كما أعرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا " عبداويين " ، ولنا أسوة بمواقف أمثالنا مع أمثالهم من الماضين ) (5) .

وهذا القول من الشيخ يلتقي مع قوله الآخر - الذي أوردته قبل قليل - : ( الكتاب واحد ، والسنة واحدة ، والغاية - وهي الرجوع إليها - واحدة ، فبالضرورة تكون الدعوة واحدة ، بلا حاجة إلى تعارف ولا ارتباط ، إن تباعدت الأعصار والأمصار ) ، فتنبه - بارك الله فيك - .

وانظر إلى ما قاله الشيخ أحمد بن الصديق الغماري - الصوفي الخرافي الشهير - في كتابه " الجواب المفيد " ( ص 66 ) : ( والبشير الإبراهيمي وعبد الحميد من بابة ابن العربي العلوي في نشر معالم الوهابية ، ومحاربة الحق والفضيلة باسم الدين والسنة ، ومن بغض عبد الحميد بن باديس وتمسكه بعداوة أهل البيت طبعه لذلك الكتاب الخبيث كمصنفه " العواصم والقواصم " لابن العربي المعافري الناصبي الخبيث ، ولا أعرف واحدا من الرجلين إلا أني لما ذهبت إلى قسنطينة وقعت إلي مكتبته [ أي ابن باديس ] ، فاشتريت منها الكثير ، وعرفت أنه كان يقتني كتبا علمية جيدة ) (6) .

5 - وقال ابن باديس في ( العدد 5 ) من جريدة " الصراط السوي " ( 26 جمادى الثانية 1352 هـ / 16 أكتوبر 1933 م ، ص 5 - 6 ) : ( وقد رمي الشيخ ابن عبد الوهاب - مما رمي به في حياته - بأنه يكفر من يتوسل لله بالصالحين من عباده ، وقد نفى هو هذا عن نفسه ونفاه الكاتبون عنه من بعده .

وها نحن ننقل للقراء من كتاب " صيانة الإنسان من وسوسة دحلان " للعلامة الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي ما يبين لهم ذلك ويحققه ...) ، ثم ساق أقوال أهل العلم في رد تلك التهمة ، من ذلك قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرسالة التي كتبها لأهل مكة بعد مناظرتهم : ( إذا عرف هذا ؛ فالذي نعتقده وندين الله به أن من دعا نبيا أو وليا أو غيرهما ، وسال منهم قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات ، أن هذا أعظم الشرك الذي كفَّر الله به المشركين حيث اتخذوا أولياء وشفعاء يستجلبون بهم المنافع ، ويستدفعون بهم المضار بزعمهم ، قال الله - تعالى - : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) ، فمن جعل الأنبياء أو غيرهم - كابن عباس أو المحجوب أو أبي طالب – وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم وسألهم جلب المنافع ، بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسالون الله ؛ كما أن الوسائط عند الملوك يسالون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم والناس سألونهم أدبا منهم أن يباشروا سؤال الملك ، أو لكونهم أقرب إلى الملك ، فمن جعلهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك حلال الدم والمال ) .

وقول الشيخ - أيضا - في الرسالة التي كتبها إلى عبد الله بن سحيم : ( إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع بها منها ما هو البهتان الظاهر وهي قوله إني مبطل كتب المذاهب ، وقوله إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء ، وقوله إني ادعي الاجتهاد وقوله إني خارج عن التقليد وقوله إني أقول إن اختلاف العلماء نقمة ، وقوله إني اكفر من يتوسل بالصالحين – إلى أن قال : - فهذه اثنا عشر مسألة جوابي فيها أن أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم ) .

هذا وقد كُتب في مجلة " الشهاب" ( ج 2 ، م 10 ، شوال 1352هـ / يناير 1934 م ، ص 85 - 86 ) تعريف وإشادة بكتاب " صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان " للعلامة الفقيه الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي ، جاء فيه وصفه بأنه من الكتب العلمية الجليلة التي ينبغي جهلها ، وهو في الرد على أحمد زيني دحلان ورسالته " الدرر السنية في الرد على الوهابية " ؛ ودحلان - هذا - هو أحد رؤوس الضلال الذين أعادوا لوثنية القبور ماضي شبابها بما ألفوه وكتبوه من الوساوس والضلالات - كما كتبت المجلة - .

ولا يكاد عجبي ينقضي من إحدى دور النشر عندنا حين قامت - من قريب - بطبع كتاب ذلك القبوري دحلان ، والله المستعان .

6 - وللشيخ ابن باديس - رحمه الله - كلمات كثيرة في الثناء على الملك السلفي عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - ودولته الإسلامية ، من ذلك قوله - خلال ترجمته للشيخ رشيد رضا - في مجلة " الشهاب " ( ج 9 ، م 11 ، رمضان 1354 هـ / ديسمبر 1935 م ، ص 510 ) : ( فوجد فيها [ أي الدولة السعودية ]السيد رشيد ضالته من دولة إسلامية تنفذ الشرع الإسلامي وتقف عند حدوده وتحيي سنته وتقاوم كل ما الصق به من بدع وضلالات وتنتمي إلى أحد المذاهب الأربعة الكبرى ، فشمر عن ساق الجد لمؤازرتها وتأييدها وإرشادها ، ووجد من ملكها عبد العزيز آل سعود الرجل المسلم الذي يعمل للدين وينتصح لكل ناصح فيه ) (7) .

7- ونقل - عن جريدة " الشورى " - مقالا لأحد الصحفيين الذين أسلموا في الحجاز بعنوان " ملك العرب " ونشره في مجلة " الشهاب " ( ج 4 ، م 5 ، ذو الحجة 1347 هـ / مايو 1929 م ، ص 25 ) ، وقال في التصدير له : ( هي صفحة من تاريخ الملك العربي السلفي عبد العزيز آل سعود الذي شرفه الله بخدمة ذلك البيت المعظم في هذا العهد ، ومد – تعالى – بملكه رواق الأمن والعدل والتهذيب والدين الخالص [ على ] ربوع الحجاز ؛ أرض الحرمين الشريفين ، وإن في نهضة هذا الملك العظيم وفي حياته وصفاته لدرسا عميقا ومجالا واسعا للعبرة والتفكير ) (8) .

8 - وقال - أيضا - في ( العدد 6 ) من جريدة " السنة " ( 20 محرم 1352 هـ / 15 مايو 1933 م ، ص 1 ) : ( أما الحكومة السنية فهي الحكومة السعودية القائمة على تنفيذ الشريعة الإسلامية بعقائدها وآدابها وأحكامها الشخصية والعمومية حتى ضرب الأمن أطنابه ومد العدل سرادقه على جميع تلك المملكة العربية العظيمة بما لم تعرفه دولة على وجه الأرض ) (9) .

9 – ونشر في مجلته " الشهاب " ( ج 6 ، م 5 ، صفر 1348 هـ / يوليو 1929 م ، ص 40 - 42 ) - نقلا عن جريدة " أم القرى " - خطبة للملك عبد العزيز آل سعود ، مما جاء فيها قوله - رحمه الله - : ( يسموننا بالوهابيين ، ويسمون مذهبنا بالوهابي باعتبار أنه مذهب خاص ، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثها أهل الأغراض .

نحن لسنا أصحاب مذهب جديد وعقيدة جديدة ، ولم يأت محمد بن عبد الوهاب بالجديد ، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح ، التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله ، وما كان عليه السلف الصالح . ونحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق عندنا بين مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة ، وكلهم محترمون في نظرنا .

هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب يدعو إليها ، وهذه هي عقيدتنا ، وهي مبنية على توحيد الله - عز وجل - خالصة من كل شائبة ، منزهة عن كل بدعة ، فعقيدة التوحيد - هذه - هي التي ندعو إليها ، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من إحن وأوصاب ) .

10 – ونشر - أيضا - في جريدة " الشهاب" - نقلا عن جريدة " السياسة " الأسبوعية - ( العدد 40 ، 12 محرم 1345 هـ / 22 يوليو 1926 م ، ص 6 - 8 ) ، و ( العدد 41 ، 16 محرم 1345 هـ / 26 يوليو 1926 م ، ص 8 - 10 ) حوارا مع رئيس القضاة في مكة الشيخ عبد الله بن بلهيد - رحمه الله - .

ومما جاء في ( العدد 40 ، ص 7) قول رئيس القضاة : ( أهل نجد هم جميعهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، فهم سلفية العقيدة ( نسبة إلى السلف) حنابلة المذهب ، أما تسميتهم بالوهابيين وتسمية مذهبهم بالوهابية فليست من عملهم وإنما هي من عمل خصومهم الذين أرادوا تنفير الناس منهم بإيهامهم الناس أن هذا مذهب جديد يخالف المذاهب الأربعة ) .

11 - وجاء في ( العدد 117 ) من جريدة " الشهاب" ( 16 ربيع الثاني 1346 هـ / 13 أكتوبر 1927 م ، ص 15- 16 ) رسالة من ( الأخ الفاضل العالم السلفي الأستاذ محمد بن عبد القادر الهلالي ) - كما وصفته الجريدة - ، جاء فيها : ( فقد أطلعني على جريدتكم الغراء المسماة بـ " الشهاب " ، ولنعم الشهاب هي على رؤوس أعداء الله القبوريين والطرقيين أعداء الحق وغنم الشيطان الرجيم ، أطلعني عليها الأخ الصالح الشيخ ... فكدت أطير فرحا لأني تركت البلاد مظلمة مدلهمة بالخرافات والشرك ، وكنت أظنها لا تزال تتخبط في ظلماتها فإذا بأشعة النور أشرقت عليها بسبب أمثالكم وأمثال أستاذكم الشيخ عبد الحميد بن باديس ، فنحن نشهد الله على محبتكم وموالاتكم ، فإلى الأمام أيها الإخوان .

وأبشرك أن الله أدال لأهل التوحيد على أهل الشرك فأشرقت شمس التوحيد وإتباع السنة في الحرمين الشريفين وسائر بلاد الحجاز وأطراف اليمن [ ومحقت ] الشرك وأهله ، ورفعت ألوية العدل ومزقت ألوية الظلم وانتشر ضياء العلم وأدبر ظلام الجهل ومد رواق الأمن على جزيرة العرب أمنا لم يعرف مثله ولا ما يقاربه إلا في عهد الخلفاء الراشدين ... ولم يكن هذا إلا من العجيب الذي لم يوجد ولا يوجد الآن على وجه الأرض إلا في هذه البلاد لم يكن ذلك بكثرة الجيوش والأسلحة وإنما بعدل إمام المسلمين المجاهد في سبيل الله البائع نفسه وماله لله عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود ملك الحجاز ونجد خلد الله ملكه وأيده بنصره وبالمؤمنين ) .


====


(1) نشرها في جريدة " النجاح " ( الأعداد 179 و 180 و 181 ، أكتوبر / نوفمبر 1924 م ) .

(2) انظر " آثار ابن باديس " ( 5 / 270 – 271 ) .

(3) المقصود صحيفة " الشهاب " ، التي أنشأها ابن باديس سنة ( 1343 هـ / 1924 م ) ، وكانت أول الأمر جريدة أسبوعية ، ثم أصبحت منذ ( 1347 هـ / 1929 م ) ، واستمرت في الصدور إلى غاية ( 1358 هـ / 1939 م ) .

(4) راجع الرسالة كاملة ضمن " الدرر السنية في الأجوبة النجدية " ( 1 / 242 – 246 ) .

(5) انظر " الآثار " ( 5 / 103 ) .

(6) نقلا عن مقدمة رسالة " أعراس الشيطان : الزردة والوعدة " ( ط منار السبيل بالجزائر ) .

(7) انظر " آثار ابن باديس " ( 3 / 95 ) .

(8) انظر " الآثار " ( 3 / 145 ) .

(9) انظر " الآثار " ( 3 / 262 ) .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:08 PM
-2-
الشيخ العلامة المؤرخ مبارك الميلي - رحمه الله -
( ت 1364 هـ - 1945 م )

1 - قال الشيخ مبارك - رحمه الله - في كتابه " تاريخ الجزائر في القديم والحديث " ( 2 / 19 ط الأولى 1932 م ) : ( اشتد كلب الزارين على الإسلام والعرب في هذه الأيام لظهور دولة عربية إسلامية هي دولة عبد العزيز بن السعود . وقد رأيت في عدد واحد من " الهلال " ( الجزء الخامس من السنة السادسة والثلاثين ) - التي تدعي بعدها عن السياسة والدين - التحكك بالإسلام في ثلاثة مواضع :


الأول ( ص 555 ) جاء فيه أن الإباحة أوفق من الحظر ، وأن الجبر شر منه ، ومثَّل للجبر بجبر الوهابيين الناس على الصلاة ، وخفي عليه أن ضرر الجبر إنما يكون إذا كان المجبور غير معتقد الخير فيما أجبر عليه ، وهؤلاء مسلمون يرون الصلاة أهم ركن في دينهم الذي يرون نسبتهم لغيره سبة لا نظير لها .


الثاني ( ص 611 ) جاء فيه أن المنع أحسن من الإباحة ، نقيض الأول ، ولكن سهل هذا التناقض ؛ أن الأول ضد الجبر على الصلاة ، والثاني ضد إباحة الطلاق ، وكلاهما يتفقان مغزى .


الثالث ( ص 586 ) جاء فيه أن الجرائم تكثر تبعا للحضارة وتقل مع البداوة ، " والوهابيون في نجد اقل جرائم منا ودعائم الأمن ارسخ عندهم مما هي عندنا ، لا لأنهم أكثر خشية للعقوبة ، بل لان وسائل الجريمة عندهم قليلة لا تتعدى سرقة الماشية أو الملابس " ، ولا أدري أهذا الفيلسوف .. يعتقد أن الحجاز على عهد الأتراك والشريف حسين كان أرقى حضارة منه على عهد ابن السعود ؟


لا يا فيلسوف ! انه لا علاج للإجرام غير التهذيب الديني وعدل الحاكم ، ولا سبب لكثرتها غير استبدال الإيمان بالمادة بالإيمان باله عالم قادر ) .


2 - وقال في مقدمة " رسالة الشرك ومظاهره " ( ص 38 ط دار الراية ) : ( وبعد تمام التأليف ، وقبل الشروع في الطبع ؛ اتصلت بهدية من جدة ، من الأخ في الله السيد محمد نصيف ؛ تشتمل على كتاب " فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد " لابن عبد الوهاب ، فعلقت منه فوائد ألحقتها بمواضعها معزوة إليه ، ولو اطلعت عليه قبل كتابة الرسالة ؛ لخفف علي من عناء ابتكار العناوين وتنسيقها ) .


3 - ولما كان الشيخ قد سار في تأليف رسالته - تلك - على خطى الدعوة النجدية في الإصلاح قام بإهدائها إلى الملك عبد العزيز ونجليه سعود وفيصل ، وشيخ الإسلام في ذلك العهد الشيخ
عبد الله بن حسن آل الشيخ ، كما جاء في رسالة له إلى الأستاذ عبد القدوس الأنصاري مؤرخة في ( 20 ذي القعدة 1356 هـ / 22 يناير 1938 م ) ، نشرت في مجلة " المنهل " الحجازية ( م 38 ، ج 12 ، ذو الحجة 1397 هـ / ديسمبر 1977 م ، ص 1538 ) (1) .


قال الأستاذ محمد الميلي في كتابه " الشيخ مبارك الميلي ؛ حياته العلمية ونضاله الوطني " ( ص 128 ) : ( إن هذا العمل [ أي " رسالة الشرك ومظاهره " ]يكشف عن مدى الترابط بين الفكر الإصلاحي الديني والسياسي في المشرق وفي الجزائر ، أي انه يسجل مظهرا من مظاهر الوحدة الفكرية بين المغرب العربي والمشرق ، وهي وحدة تحققت بفعل عامل الدين الإسلامي واللغة العربية في نفس الوقت . فأوجه الشبه بين حركة جمعية العلماء وتيارات الفكر السلفي في المشرق عديدة ، فقد اعتمدت في دعوتها على كتب ابن تيمية وابن القيم وكتابات محمد بن عبد الوهاب ... ، ولم يكن محض صدفة أن نجد في خزانات الرعيل الأول من جمعية العلماء أهم كتب الفكر السلفي التي كانت قد طبعت على نفقة المرحوم عبد العزيز آل سعود ، وكذلك مطبوعات " المنار " ) .


4 - قال الشيخ مبارك الميلي - رحمه الله - في مقال نشره في ( العدد 11 ) من جريدة " البصائر " ( 26 ذي الحجة 1354 هـ / 20 مارس 1936 م ، ص 2 ) : ( إن كثيرا يغلطون في معنى الشرك المنافي للتوحيد ، فيظنونه اعتقاد النفع والضر في الجمادات وغير الصالحين من العباد ، أو اعتقاد أن أحدا غير الله يماثل الله في الخلق والإيجاد ، ولا ينافي التوحيد عند هؤلاء اعتقاد أن الصالحين ينفعون أو يضرون ، ويعطون ويمنعون ، وأن الله أطلعهم على غيبه من دون وحي ، وأنه جعل لهم مفاتح خزائنه كما جعل لهم مفاتح غيبه ، فينزلون الأمطار متى شاءوا ، ويعافون من أحبوا من المرضى ، ويهبون لمن أرادوا ذكورا وإناثا ، أو يزوجونهم ذكرانا وإناثا ، ويجعلون من غضبوا عليه عقيما ...


يتمسك الغالطون في معنى الشرك باعتقادهم في الصالحين على ما وصفنا ، وإن أنكرت عليهم شيئا من ذلك أفحموك في نظرهم بقول صاحب الجوهرة :


واثبتن للأوليا الكرامة * ومن نفاها فانبذن كلامه


ثم حكموا عليك بأنك تنكر الولاية والكرامة ، ونبزوك بألقاب لا يفهمون لها معنى مثل معتزلي ، ووهابي ، وهنأوا أنفسهم بتوفيق الله لهم إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ...


ليس الأمر كما تظنون أيها الغالطون ! فاربعوا على أنفسكم ! واسألوا أهل الذكر عن حقائق دينكم ، ولا تقفوا ما ليس لكم به علم ، وأخلصوا في طلب الحق عسى أن يوفقكم الله إلى الظفر به ، ولا تخدعوا في علمائكم المرشدين ، فإنهم لكم من الناصحين ، ومن خشية عاقبة سكوتهم وضلالكم مشفقون ) .

====


(1) بواسطة مجلة " الإصلاح " - الجزائرية - ( العدد 7 ، محرم / صفر 1429 هـ ، ص 66 ) .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:09 PM
-3-
الشيخ العلامة أبو يعلى السعيد الزواوي - رحمه الله -
( ت 1371 هـ - 1952 م )


1 - قال الشيخ أبو يعلى الزواوي - رحمه الله - في مقال بعنوان ( الوهابيون سنيون ، وليسوا بمعتزلة كما يقولون هنا عندنا بالجزائر ) نشره في ( العدد 98 ) من في جريدة " الشهاب " ( 2 ذي القعدة 1345 هـ / 26 مايو 1927 م ، ص 2 ) : ( لما سئلت عن هذه الكلمة " الوهابية " وعن عقيدة الإخوان النجديين ، وسمعت أذناي ممن سألوني ومن غيرهم قولهم : إن الوهابيين معتزلة ، وإن الحجاج منقبضون بسبب هذه الكلمة - الوهابية أو المعتزلة – المخالفة على زعمهم ؛ أجبت بالاختصار أن الإخوان الوهابيين حنابلة يتعبدون على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الذي هو أحد المذاهب الأربعة المشهورة ) .

إلى أن قال ( ص 4 ) : ( إن[ ابن ]عبد الوهاب حنبلي ، وإنما هو عالم إصلاحي وأتباعه - السلطان ابن السعود ورعيته وإمارته النجدية - إصلاحيون سلفيون سنيون حقيقيون على مذهب أحمد الإمام ، وعلى طريقة الإمام تقي الدين ابن تيمية في الإصلاح والعناية التامة بالسنة ) .

2 - وقال - رحمه الله - في مقال له بعنوان ( وهابي ) نشر في ( العدد 6 ) من جريدة " الصراط السوي " ( 4 رجب 1352 هـ / 23 أكتوبر 1933 م ، ص 4 ) :

( وقفتُ على ما جاء من مقال العلامة الحجوي - الوزير بالمغرب الأقصى - (1) في شأن إخواننا الحنابلة الذين يُدعون بل ينبزون بالوهابيين منذ قيام العلامة المرحوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب القائم بدعوة الإصلاح والدعاء إلى الكتاب والسنة كما جاء عن الله وعن الرسول والرجوع إلى ذلك ، وطرح ما أحدث المبتدعة المسمَّمين - باسم المفعول - بالباطنية المدسوسة والموروثة منذ القرن الرابع عند قيام الدولة الفاطمية من مغربنا هذا بجحافلها ، واحتلت القاهرة وسمَّمت الأمة كافة وبعض العلماء خاصة كمحي الدين ابن العربي وابن الفارض والنجم الإسرائيلي وابن سبعين وابن سينا الذين أحدثوا قولة القطب والغوث والأبدال والسبعة والسبعين ، والأربعة والأربعين إلى غير ذلك مما أبطله العلم الصحيح ولم يعترف به كالديوان وتصرف الأموات ، وبناء القبور وزخرفتها وإعلاء القبب والطواف بها ، ولكن أمثال الدجوي الأزهري يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق الذي قلنا به وقال به العلامة الحجوي - وزير المعارف - ، وقد استحسنا أشد الاستحسان ما ساق في شأن إخواننا النجديين ... ) .

ثم قال : ( فما بالُهم الآن [ أي خصوم الدعوة الإصلاحية ]يحملون هذه الحملات المنكرة على الإخوان الحنابلة بدعوى الوهابية ، وهم في ذلك كما قيل :

يقولون أقوالا ولا يعرفونها * وان قيل هاتوا حققوا لم يحققوا )

إلى أن قال : ( وليعلموا أن الوهابية حنابلة من أهل السنة وليسوا من المعتزلة ... وبأن المذهب الحنبلي السني من المذاهب الأربعة المجمع عليها المرضية للإقتداء بها في الصلاة وفي الأقوال والأفعال ، وزيادة على ذلك - لما أننا مالكيون - فهم في غاية الاقتداء والاتفاق مع مالك الإمام - رحمه الله - ، وبأنه عالم المدينة وأن غالب حججهم قال مالك ، كما في مسألة الاستواء وتجصيص القبور والبناء عليها والتوسل بها ، وبناء القبب عليها والالتجاء إليها عند الشدائد والحلف بالمدفونين بها ، وغير ذلك من الاستشفاع الذي هو من الابتداع المتفق عليه بين المالكية المخلصين والحنابلة العاملين بما نبههم إليه محمد بن عبد الوهاب ، كما نبهنا نحن أبو إسحاق الشاطبي صاحب كتاب " الاعتصام " وأمثاله .

وقد علمنا وعلم كثير من العلماء المفكرين والمتأملين أن عمل الوهابيين في شأن زيارة القبور هو مذهب مالك بالحرف وطريقته ) .

ثم قال - تكملة لهذا المقال - في ( العدد 7 ) من جريدة " الصراط السوي " ( 11 رجب 1352 هـ / 30 أكتوبر 1933 م ، ص 7 ) : ( ولهذا قلت وما زلت ولن أزال أقول إن المالكي الذي يطعن في الوهابيين يطعن في مالك ومذهبه من حيث يشعر أو لا يشعر أو لأنه جاهل أو متجاهل ) .

ثم أنكر ما يفعله العامة عند زيارتهم قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من إمساك شباك النبي والاستغاثة به في مصالحهم ، وقال : ( ولذا قال أيضا - يعني صاحب " الشفاء " - : وقال مالك في ( المبسوط ) : لا أرى أن يقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو ، ولكن يسلم ويمضي . قال شارح هذا الموضع شهاب الدين الخفاجي : ظاهره أن مذهب مالك عدم استحباب الوقوف مطلقا ) اهـ .

قلت : فليتأمل - هذا - الغلاة الطوافون بقبور الأموات الطالحين ( كذا في الأصل ) ومناداتهم والتوسل بهم ، وهذا عين ما يقول الوهابيون وابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - ، فيصبون على الوهابيين سوط الانتقاد والتكفير وهو عين مذهب مالك وقوله وعمله ... ثم إن الغلاة يؤذوننا ويؤذون الإخوان الحنابلة بأننا وإياهم قد حططنا من قدر النبي وقدر الولي ؛ لأننا لم نعمل بما لم يثبت عن الأئمة العظام ) .

3 - وقال - رحمه الله – في مقال آخر - يرد فيه على من نبز الدعوة الإصلاحية بالوهابية - بعنوان ( لم كان أو صار الوهابيون سبة ؟ !! ) نشر في ( العدد 167 ) من جريدة " البصائر " ( 6 ربيع الثاني 1358 هـ / 26 مايو 1939 م ، ص 2 ) : ( فأهل العلم عموما وأهل الإسلام قاطبة يعلمون أن الوهابيين حنبليين من أهل السنة والجماعة ، ومن المذاهب الأربعة المجمع عليها ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد مذهب الإمام أحمد ، مع ترجيح مذهب السلف ، وكتابه في العقيدة التوحيدية (2) يباع بمكتبة ردوسي بمدينة الجزائر ، ولا يستطيع سني أن يرد فيه كلمة واحدة ولا نصف كلمة ، وأن الوهابيين بإجماع الأمة مسلمون سنيون ، من أهل القبلة ) .

ثم قال : ( فليراجع " الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى " ؛ كتاب جليل ولا شك أنه لم يطلع عليه ، وإلا لوجم ، ونقول له أيضا راجع رسالة العلامة ابن حمدون إلى الوهابيين والى علماء تونس ، وكذلك لو اطلع على ما كتبه الكاتب العمراني المجيد الأستاذ محمد فريد وجدي في كتابه " كنز العلوم واللغة " .. وكذلك نقول له راجع ما كتب مؤلف " غاية الأماني في الرد على النبهاني " ، ومؤلفه شافعي ، وكذلك ما كتب مؤلف " صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان " ، ثم ليحمل على الوهابيين خصوصا ، والإصلاحيين عموما ، ولكن الجهل والسياسة - لعنة الله عليها – تفعل أكثر من هذا من رقة الديانة والاستخفاف بها .. ) .

وقال : ( هذا ما أقول لك مختتما ومؤكدا أن طعنك في الوهابيين طعن بمالك سواء بسواء ، شعرت أم لم تشعر ، وأنك أرضيت من يرضى ويحب قطع الصلات بين المسلمين عموما ، والغرب خصوصا ، وشققت الله ورسوله ) .

4 - وكتب في ( العدد 79 ) من " البصائر " ( 12 جمادى الآخرة 1357 هـ / 20 أوت 1937 م ، ص 4 – 5 ) مقالا يثني فيه على كتاب " غاية الأماني في الرد على النبهاني " وكتاب " صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان " ، ويحث طلبة العلم على اقتنائها والإطلاع عليها ؛ لما فيها من بيان لحق السلفيين ، وتفنيد لباطل الخرافيين .

====

(1) سيأتي ذكره قريباً .

(2) يعني ( كتاب التوحيد ) المشهور .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:10 PM
-4-
الأستاذ الأديب محمد السعيد الزاهري - رحمه الله -
( ت 1375 هـ - 1956 م )


1 - قام الأستاذ الزاهري - رحمه الله - بنشر مقال لصاحب المعالي العلامة الفقيه محمد الحجوي - وزير المعارف بالمغرب الأقصى - بعنوان ( الوهابيون سنيون حنابلة ) ؛ في ( العدد 3 ) من جريدة " الصراط السوي " ( 5 جمادى الثانية 1352 هـ / 25 سبتمبر 1933 م ، ص 3 ) ، قال في التقديم له ما نصه : ( كتب معالي الأستاذ الحجوي فصلا قيِّما عن الوهابية والوهابيون أردنا أن نتحف به قراءنا ليطلعوا على ما يقول العلماء الأعلام في الوهابية ، وعلى ما يتمنون لها من سعة الانتشار ، ونحن ننشر هذا الفصل كرد على لغط هؤلاء المشاغبين المغرضين الذين لا يزالون يرموننا بأننا وهابية ، ويرمون الوهابية بالكفر والمروق من الدين ) .

ومما جاء في مقال الشيخ الحجوي ( ت 1376 هـ ) - رحمه الله - قوله : ( عقيدته[ أي ابن عبد الوهاب ]السنة الخالصة على مذهب السلف المتمسكين بمحض القران والسنة ، لا يخوض التأويل والفلسفة ولا يدخلهما في عقيدته .

وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد على تقليد الإمام أحمد ولا من دونه ، بل إذا وجد دليلا أخذ به وترك أقوال المذهب ، فهو مستقل الفكر في العقيدة والفروع معا ) .

إلى أن قال : ( وهو [ أي مذهبه ] نبذ التعلق بالقبور وعدم نسبة التأثير في الكون للمقبور ، بل منع التوسل بالمخلوق وهدم الأضرحة التي تشييدها سبب هذه الفكرة ، وقد فصلت ذلك في رسالتي " بيان مذهب الوهابية " وفي كتاببي " برهان الحق " (1) ، وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوسل وتكفيرهم من يتوسل بالمخلوق ، فالخلاف في الحقيقة ليس في الأصول التي ينبني عليها التكفير أو التبديع ، وإنما هو في أمور ثانوية وأهمها هذه ) .

إلى أن قال : ( وهذا المذهب مؤسسه في الحقيقة ابن تيمية ، ولكن حاز الشهرة محمد بن عبد الوهاب ، وإليه نسبوه حيث توفق لإظهاره بالفعل ، ونشره بالقوة ، و تمكن من إحلاله محلا مقبولا من قلوب النجديين الذين قاتلوا عليه ) .

ثم ختم بقوله : ( وعاد اليوم لهم ظهور وانتشار ، ووقع التفاهم بين علماء الإسلام وزالت غشاوة كل الأوهام ، وعلم كل فريق ما هو حق وما حاد فيه عن الطريق ، وكادت أن لا تبقى نفرة بين علماء نجد وبقية علماء الآفاق ، لا سيما بوجود الملك عبد العزيز آل سعود - ملك نجد والحجاز والحرمين وملحقاتها الحالي - الذي ظهرت منه كفاءة تامة ونصرة للسنة بعد العهد بها ممن لدن أهل الصدر الأول ، واعتدال في الأفكار ونشر للأمن ووحدة الإسلام والغيرة العربية والعدل في الأحكام ، فهو من أفذاذ ملوك الإسلام العظام ذوي السياسة الإسلامية القويمة ، والكعب المعلى في الصرامة والحزم والشدة في الرفق والعزم قبل الضيق ، والسير على سنن السلف ، بما شهد له المحب والعدو ، أكثر الله في الإسلام أمثاله ، وأطال عمره ، وأطال يده على أعدائه ، وزاده تأييدا وتسديدا وثباتا في مبدئه القويم المعتدل ، وبلغه مناه ، حتى نرى الحرمين الشريفين والحجاز أرقى بلاد الإسلام ) . وهذا الفصل تجده - بتمامه - في كتاب منشئه " الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي " ( 2 / 445 - 448 ) .

2 - وفي ( العدد 5 ) من " الصراط السوي " ( 26 جمادى الثانية 1352 هـ / 16 أكتوبر 1933 م ، ص 4 - 5 ) كتب الزاهري مقالا بعنوان ( الوهابيون سنيون حنابلة - إيضاح وتعليق - ) قال فيه ما نصه : ( في كلام الوزير من الحقائق الثابتة ما لا يخفى على أي منصف لم يعمه الغرض والهوى ، فهو يقرر كما هو الواقع " أن الإمام أبا عبد الله محمد بن عبد الوهاب الزعيم الأكبر ؛ قد برع في علوم الدين واللسان وفاق الأقران ، واشتهر بالتقوى وصدق التدين ، عقيدته السنة الخالصة على مذهب السلف المتمسكين بمحض القرآن والسنة ، لا يخوض التأويل والفلسفة ولا يدخلهما في عقيدته ، وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد .." ، ويقرر أيضا - كما هو الواقع - أن مبادئ الوهابية " التمسك بالسنة وإلزام الناس بصلاة الجماعة وترك الخمر وإقامة الحد على متعاطيها ، ومنعها منعا كليا من مملكتهم ... وغير ذلك من التشديدات التي لا يراها المتساهلون المترخصون ( !!! ) وكل هذا لا يخالف السنة ... " .

ولكنه مع إثباته لهذه الحقائق قال : " ... وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوسل ، وتكفيرهم من يتوسل بالمخلوق .. " ، وهذا وهم وهمه سعادة الوزير ، فإنه لا يوجد في نفس الأمر أدنى خلاف بين الوهابيين وبين أهل السنة إلا ما هو موجود بين أهل السنة أنفسهم ، فالوهابيون حنابلة سنيون بأتم معنى الكلمة ، وحسبك أنه ليس لهم كتب مذهبية للمذهب الوهابي مثلا ، بل كتبهم هي كتب الحنابلة نفسها .. ) .

إلى أن قال : ( وهنا مسألة جوهرية لا بأس بالإشارة إليها ، وهي أن كتب الحنابلة التي يقرؤها الوهابية وغيرهم هي كتب سنة وحديث أكثر مما هي كتب فقهية حنبلية ، وهم لا يزالون يؤلفونها على طريقة السلف الصالح وأئمة هذا الدين الحنيف ... ولا يخفى أن كتب السنة والحديث تجعل قارئها سنيا سلفيا شديد الاتصال بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وشديد الاتصال بالسلف الصالح ، وبعيدا كل البعد عن التقليد والجمود ، وبعيدا عن البدع ومحدثات الأمور ، ومن هنا جاء الخلاف بين الوهابية من أهل السنة الآخرين ( كذا في الأصل ) - إن كان هنالك خلاف - ...

والوهابية أو حنابلة نجد لا يقولون بكفر من يتوسل التوسل الشرعي ، بل يقولون بكفر من يدعو مع الله إلها آخر ، ومن معاني " التوسل " عند الجامدين ( من أهل السنة ) أنهم يدعون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ! وأحسب أن من يطالع كتاب " التوسل والوسيلة " لشيخ الإسلام ابن تيمية يرى صدق ما نقول . وهذه العقيدة ليست عقيدة حنابلة نجد وحدهم بل هي عقيدة السلف الصالح وعقيدة أهل السنة جميعا - ما عدا الجامدين منهم والمتساهلين - .. ) .

وقال - رحمه الله - في نفس المقال أيضا : ( الأتراك هم الذين سموا حنابلة نجد باسم " الوهابية " ، وهم الذين نشروا عنهم التهم والأكاذيب في العالم الإسلامي ، واستأجروا الفقهاء في جميع الأقطار ليؤلفوا ويكتبوا ويكذبوا على حنابلة نجد ، وهم الذين ألفوا كتابا ضد الوهابية ونسبوه إلى الشيخ سليمان بن عبد الوهاب - شقيق الإمام محمد بن عبد الوهاب - ، وهم الذين أخذوا ابن سعود أسيرا إلى الآستانة ولكنهم نكثوا العهد الذي عاهدوه فقتلوه غيلة وغدرا ، وأنا أعتقد أن للأجانب يدا في هذه الحرب التي أثارها الأتراك العثمانيون على ابن سعود ؛ فإنه يسوؤهم أن يستولي ابن سعود على الحجاز ويسوؤهم أن ينشر فيه الأمن والعدل والرحمة وأن يحكم فيه بما أنزل الله ، وكان الحجاز على عهد الأتراك مباءة فوضى وقطع طرق ، فلما جاء الوهابية أمنوا سبله ونشروا فيه الطمأنينة والعدل ) .

ثم قال : ( بقي شيء واحد وهو قول الوزير : " إن مؤسس هذا المذهب هو شيخ الإسلام ابن تيمية ، واشتهر به ابن عبد الوهاب " ، والواقع أن مؤسس هذا المذهب ليس هو ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب ولا الإمام أحمد ولا غيرهم من الأئمة والعلماء ، وإنما مؤسسه هو خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - ، على أنه في الحقيقة ليس مذهبا ، بل هو دعوة إلى الرجوع إلى السنة النبوية الشريفة وإلى التمسك بالقران الكريم ، وليس هناك شيء آخر غير هذا ) .

====

(1) أرجو لو يتفضل أحد طلبة العلم من المغرب الأقصى بالإفادة حول هذين الكتابين .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:10 PM
5-
الشيخ العلامة الطيب العقبي - رحمه الله -
( ت 1379 هـ - 1960 م )

1 - قال الشيخ الطيب العقبي - رحمه الله - في مقال له بعنوان ( يقولون وأقول ) نشر في ( العدد 119 ) من جريدة " الشهاب " ( 30 ربيع الثاني 1346 هـ / 27 أكتوبر 1927 م ، ص 14 ) : ( يقولون لي : إن عقائدك هذه هي عقائد الوهابية ، فقلت لهم : إذن الوهابية هم الموحدون ) .


2 - وقال - رحمه الله - في ( العدد 2 ) من جريدة " السنة " ( 22 ذي الحجة 1351 هـ / 17 أبريل 1933 م ، ص 7 ) : ( هذا وإن دعوتنا الإصلاحية - قبل كل شيء وبعده - هي دعوة دينية محضة ، لا دخل لها في السياسة ألبتة ، نريد منها تثقيف أمتنا وتهذيب مجتمعنا بتعاليم دين الإسلام الصحيحة ، وهي تتلخص في كلمتين : أن لا نعبد إلا الله وحده ، وأن لا تكون عبادتنا له إلا بما شرعه وجاء من عنده ...

ثم ما هي هذه الوهابية التي تصورها المتخيلون أو صورها لهم المجرمون بغير صورتها الحقيقة ؟
أهي حزب سياسي ؟ ... أم هي مذهب ديني وعقيدة إسلامية كغيرها من العقائد والمذاهب التي تنتحلها وتدين بها مذاهب وجماعات من المسلمين ؟

وإذا كانت الوهابية : هي عبادة الله وحده بما شرعه لعباده ، فإنها هي مذهبنا وديننا وملتنا السمحة التي ندين الله بها وعليها نحي وعليها نموت ونبعث إن شاء الله من الآمنين ) .


3 - ونذكر هنا أن من الكتب التي درسها الشيخ العقبي - رحمه الله - في مجالسه العلمية كتاب " كشف الشبهات " للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - (1) .


====

(1) انظر كتاب " الطيب العقبي ودوره في الحركة الوطنية الجزائرية " ( ص 89 ) للأستاذ أحمد مريوش .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:11 PM
6-
الشيخ العلامة الأديب محمد البشير طالب الإبراهيمي - رحمه الله -
( ت 1385 - 1965 م )
1 - قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في مقال له نشر في ( العدد 9 ) من جريدة " السنة " ( 11 صفر 1352 هـ / 5 يونيو 1933 م ، ص 3 ) : ( ويقولون عنا إننا وهابيون ، كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أنست ما قبلها من كلمات : عبداويين وإباضيين وخوارج . فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد وهو مستقر الحق ، ولكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة ، ويسموننا في كل لحظة بسمة ، وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منا وإبعادها عنا ، وأسلحة يقاتلوننا بها وكلما كلت أداة جاءوا بأداة ، ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم الغناء ، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المفلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة "وهابي" ، ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها ، ولعلهم كافئوا مبتدعها بلقب ( مبتدع كبير ) .
إن العامة لا تعرف من مدلول كلمة " وهابي " إلا ما يعرفها به هؤلاء الكاذبون ، وما يعرف منها هؤلاء إلا الاسم وأشهر خاصة لهذا الاسم وهي أنه يذيب البدع كما تذيب النار الحديد ، وأن العاقل لا يدري مم يعجب ! أمن تنفيرهم باسم لا يعرف حقيقته المخاطب منهم ولا المخاطب ، أم من تعمدهم تكفير المسلم الذي لا يعرفونه نكاية في المسلم الذي يعرفونه ، فقد وجهت أسئلة من العامة إلى هؤلاء المفترين من ( علماء السنة !! ) عن معنى "الوهابي" ؛ فقالوا هو الكافر بالله وبرسوله ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
أما نحن فلا يعسر علينا فهم هذه العقدة من أصحابنا بعد أن فهمنا جميع عقدهم ، وإذ قد عرفنا مبلغ فهمهم للأشياء وعلمهم بالأشياء ، فإننا لا نرد ما صدر منهم إلى ما يعلمون منه ولكننا نرده إلى ما يقصدون به ، وما يقصدون بهذه الكلمات إلا تنفير الناس من دعاة الحق ، ولا دافع لهم إلى الحشد في هذا إلا أنهم موتورون لهذا الوهابية التي هدمت أنصابهم ومحت بدعهم فيما وقع تحت سلطانها في ارض الله وقد ضج مبتدعة الحجاز فضج هؤلاء لضجيجهم - والبدعة رحم ماسة - ، فليس ما نسمعه هنا من ترديد كلمة " وهابي " تقذف في وجه كل داع إلى الحق إلا نواحا مرددا على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهابية ، وتحرقا على هذه الوهابية التي جرفت البدع ، فما أبغض الوهابية إلى نفوس أصحابنا ، وما أثقل هذا الاسم على أسماعهم ، ولكن ما أخفه على ألسنتهم حين يتوسلون به إلى التنفير من المصلحين ، وما أقسى هذه الوهابية التي فجعت المبتدعة في بدعهم - وهي أعز عزيز لديهم - ، ولم ترحم النفوس الولهانة بحبها ولم ترث للعبرات المراقة من أجلها ) .
وقال ( 6 ) : ( يا قوم إن الحق فوق الأشخاص ، وإن السنة لا تسمى باسم من أحياها ، وإن الوهابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام ، ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده ، ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة وهي أنهم لا يقرون البدعة ، وما ذنبهم إذا ما أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله ، وتيسر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر ؟
أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة ، وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم - والمنكر لا يختلف حكمه باختلاف الأوطان - تنسبوننا إليهم تحقيرا لنا ولهم ، وازدراء بنا وبهم ، وإن فرقت بيننا وبينهم الاعتبارات ؛ فنحن مالكيون برغم أنوفكم ، وهم حنبليون برغم أنوفكم ، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة . ونحن نعمل في طرق الإصلاح الأقلام ، وهم يعملون فيها الأقدام ، وهم يعملون في الأضرحة المعاول ونحن نعمل في بانيها المقاول ) (1) .
2 - وقال - كما في " آثاره " ( 1 / 198) - : ( نسمع نغمات مختلفة ونقرؤها في بعض الأوقات كلمات مجسمة - صادرة من بعض الجهات الإدارية أو الجهات الطرقية - تحمل عليها الوسوسة وعدم التبصر في الحقائق من جهة ، والتشفي والتشهير من جهة أخرى ، هذه النغمات هي رمي جمعية العلماء تارة بأنها شيوعية ، وتارة بأنها محركة بيد خفية أجنبية ، وتارة بأنها تعمل للجامعة الإسلامية أو العربية أو تعمل لنشر الوهابية ، والطرقيون لا تهمهم إلا هذه الكلمة الأخيرة ، فهي التي تقض مضاجعهم وتحرمهم لذيذ المنام ، وحالهم معها على الوجه الذي يقول فيه القائل :
فإذا تنبه رُعتَه وإذا غفا * سلت عليه سيوفَكَ الأحلامُ
وكيف لا يحقدون عن هادمة أنصابهم ، وهازمة أحزابهم ؟ فتراهم لاضطغانهم عليها يريدون أن يسبوها فيسبوننا بها من غير أن يتبينوا حقيقتها أو حقيقتنا ، والقوم جهال ملتخون من الجهل ، وحسبهم هذا ) (2) .
3 – وقال وهو يتحدث عن صديقه الشيخ محمد نصيف - رحمهما الله – في " آثاره " ( 4 / 125 ) : ( إذا لم ينصف الحجاز شيخه ومخلد مجده ورافع رايته أستاذنا الشيخ نصيفا ، فإن العالم الإسلامي كله ينصفه ، فكلنا ألسنة شاهدة بأنه مجموعة فضائل نعد منها ولا نعددها ، وأنه مجمع يلتقي عنده علماء الإسلام وقادته وزعماؤه فيردون ظماء ويصدرون رواء ، وإنني أقولها بصيحة صريحة ، وأؤديها شهادة للحق والتاريخ بأنه محيي السنة في الحجاز من يوم كان علماؤه – ومنهم أشياخنا – متهورين في الضلالة ، وأنه صنع للسلفية وإحياء آثارها ما تعجز عنه الجمعيات بل والحكومات ، وأنه أنفق عمره وماله في نصرها ونشرها ، في هدوء المخلصين وسكون الحكماء ، وسيسجل التاريخ العادل آثاره في عقول المسلمين ، وسيشكر له الله غزوه للبدع بجيوش السنن المتمثلة في كتبها وعلوم أئمتها ، وجميعة العلماء نفسها مدينة له ، فإن الكتب السلفية لم تصلنا إلا عن يده ) (3) .
4 – وللشيخ الإبراهيمي - رحمه الله - أرجوزة بعثها لبعض علماء نجد ، قال فيها :
إنَّا إذا ما ليلُ نجدٍ عسعسا * وغربت هذي الجواري خُنَّسا
والصبح عن ضيائه تنفَّسا * قمنا نؤدِّي الواجب المقدَّسا
ونقطع اليوم نناجي الطُّرُسا * وننتحي بعد العشاء مجلسا
موطَّداً على التقى مؤسَّسا * في شِيخةٍ حديثهم يجلو الأسى
***
وهمم غُرٌّ تعاف الـَّنسا * وذممٌ طهر تجافي النَّجَسا
يُحْيُون فينا مـالكاً وأنسا * والأحمدين والإمام المؤتسا (4)
***
بوركتِ يا أرضٌ بها الدين رسا * وَأَمِنَتْ آثـاره أن تَدْرُسا
والشرك في كلِّ البلاد عرَّسا * جذلان يتلو كُتْبَه مُدرِّسا
مصاولاً مواثباً مفترسا * حتى إذا ما جاء جَلْساً جَلَسَا (5)
منكمشاً مُنخذلاً مقْعَنسسا * مُبَصْبصاً قيل له اخْسأْ فخسا
شيطانه بعد العُرَام خنسا * لما رأى إبليسه قد أبلسا
ونُكِّستْ راياته فانتكسا * وقام فـي أتباعه مبتئسا
مُخَافِتاً مِنْ صوته محترسا * وقال إنَّ شيخكم قد يئسا
من بلد فيها الهدى قد رأسا * ومعْلَمُ الشرك بها قد طُمِسا
ومعهدُ الـعلم بها قد أسسا * ومنهلُ التوحيد فيها انبجسا
***
يا عمر الحَقِّ وقيتَ الأبؤسا * ولا لقيت - ما بقيت – الأَنْحُسا (6)
لك الرضى إنَّ الشباب انتكسا * وانتابه داءٌ يحاكي الهَوَسَا
وانعكستْ أفكاره فانعكسَا * وفُتحت له الكُوَى فأسلسا
فإن أبت نجدٌ فلا تأبى الحسا * فاقْسُ على أشْرَارِهم كما قسا
سميُّك الفاروق (فالدين أُسى) * نَصرُ بْن حجَّاج الفتى وما أسا
غـرَّبَـهُ إذ هتفتْ به النِّسا * ولا تُبال عاتِباً تغطرسا
أوْ ذا خَبالٍ للخنا تَحَمَّسا * أو ذا سُعارٍ بالزِّنَى تَمرَّسا
شيطانه بالمُنديات وسوسا * ولا تُشَّمِّت مِنهمُ من عطسَا
***
يا شَيْبَةَ الحَمْدِ رئيس الرُّؤَسَا * وَوَاحِدَ العصرِ الهُمَامَ الكَيِّسَا (7)
ومفتيَ الدِّينِ الذي إنْ نَبَسَا * حَسِبْتَ في بُرْدَتهِ شيخَ نَسَا
راوي الأحاديثِ مُتُوناً سُلَّسَا * غُرّاً إذا الراوي افترى أو دَلَّسَا
وصَادِقَ الحَدْسِ إذا ما حَدَسَا * ومُوقِنَ الظَّنِّ إذا تَفَرَّسَا
وصادعاً بالحقِّ حين هَمَسَا * به المُرِيبُ خائفاً مُخْتَلِسَا
***
فتحتَ بالعلمِ عيوناً نُعَّسَا * وكان جَدُّ العلم جَداً تَعِسَا
وسُقْتَ للجهل الأُسَاَة النُّطُسَا * وكان داءُ الجهلِ داءً نَجَسَا
رمى بك الإلحادَ رامٍ قَرْطَسَا * وَوَتَرَتْ يد الإلهِ الأَقْوُسَا
وجَدُّكَ الأعْلَى اقْتَرَى وأَسَّسَا * وتركَ التَّوحيدَ مَرْعِيَّ الْوَسَا (8)
حَتَّى إذا الشركُ دَجَا وَاسْتَحْلَسَا * لُحْتَ فكنتَ في الدَّيَاجِي القَبَسَا
ولم تَزَلْ تَفْرِي الْفَرِيَّ سَائِسَا * حتى غدا الليلُ نهاراً مُشْمِسَاً
انظر الأرجوزة كاملة - مع شرح غريبها - في " آثار الإبراهيمي " ( 4 / 126 - 130 ) .
5 – وقال في قصيدة أخرى إلى بعض علماء نجد - أيضا - :
قد كنت في جِنِّ النَّشَاط والأشرْ * كأنَّني خرجتُ عَن طورِ البَشَر
وكنت نَجْدِىَّ الهوى من الصغرْ * أهيمُ في بَدْر الدُّجى إذا سَفَرْ
***
وقائدي في الدين آيٌ وأَثَر * صَحَّ بَرَاوٍ ما وَنَى وَلا عَثَر
وَمَذهبي حُبُّ عَلِيٍّ وَعُمَر * والخلفاءِ الصَّالحين في الزُّمرْ
هذا وَلا أحْصُرُهُمْ في اثني عَشَر * لا ولا أَرْفَعُهمْ فوق البّشر
وَلا أنَالُ وَاحداً مِنهم بِشَرْ * ( وشيعتي في الحاضرينَ ) مَنْ نَشَر
دَينَ الهُدَى وذبَّ عَنهُ وَنَفَر * لِعِلْمِهِ وَفـقَ الـدَّليل المُستَطَرْ
حَتَّى قَضَى من نُصْرة الحقِّ الوطر * هم شِيْعَتِي في كلِّ ما أَجدَى وضَرْ
وَمَعشَري في كل ما ساءَ وَسَرّ * وَعُصبتي في كلِّ بدوٍ وحضَر
أمَّا إذا صَبَبْتُ هذه الـزُّمر * في وَاحدٍ يجمعُ كلَّ ما انتثر
( فَخُلَّتِي مَنْ بينهم أخٌ ظهَرْ ) * في الدَّعوةِ الكُبرى فَجَلَّى وبَهَرْ
وَجَال في نَشرِ العُلُومِ وقَهَرْ * كَتَائبَ الجَهل المغيرِ وانتصر
( عبداللطيف ) المُرتَضَى النَّدبُ الأبر * سُلالَةُ الشَّيْخ الإمام المُعْتَبرْ (9)
مَنْ آلِ بيت الشيخِ إنْ غابَ قمرْ * عَنِ الوَرَى خَلَفهُ منهم قَمَرْ
فَجَدُّهم نَقَّى التراب وبَذَرْ * ولَقِيَ الأَذَى شديداً فَصَبَرْ
على الأذى فكان عُقبَاه الظَّفَر * والابنُ والى السَّقيَ كي يَجْنِي الثَّمَرْ
( وإن أحفادَ الإمام ) لَزُمَر * ( محمدٌ ) من بينهم حَادِي الزُّمَرْ (10)
تقاسموا الأعمالَ فاختصَّ نَفَرْ * بما نهى محمدٌ وما أمـرْ
واختص بالتعليمِ قومٌ فازْدَهَر * يبني عقولَ النشءِ مِن غَيرِ خَوَرْ
قادَ جيوشَ العِلمِ لِلنَّصرِ الأغَر * كالسورِ يعلو حجراً فوقَ حجرْ
إلى آخر الأرجوزة الماتعة ، التي تجدها في " الآثار " ( 4 / 131 – 134 ) .
6 - وقال البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في رسالة بعثها من القاهرة إلى الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم - رحمه الله - :
( حضرة الأخ الأستاذ الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، مفتي المملكة العربية السعودية ، أطال الله بقاءه .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فإنني أكتب إليكم - كتب الله لنا ولكم السعادة والتوفيق ، وأدام علينا وعليكم نعمة الإيمان وأتمها - ، أذكركم ما لستم عنه غافلين من حال إخوانكم الجزائريين المجاهدين ، وما هم فيه من الشدة والحاجة إلى العون والإمداد ، وما أصبحت عليه الأمة الجزائرية كلها من ورائهم من البؤس والضيق .
أذكركم أن لكم بالجانب الغربي من وطن العروبة ومنابت الإسلام الأولى ومجرى سوابق المجاهدين الأولين لإخواناً في العروبة - وهي رحم قوية - ، وفي الإسلام - وهو سبب مرعي - ، وفي ذلك المعنى الخاص من الإسلام وهو السلفية التي جاهدتم وجاهد أسلافكم الأبرار في سبيل تثبيتها في أرض الله ، وقد لقوا من عنت الاستعمار وجبروته ما أهمَّهم وأهمَّ كل مسلم حقيقي يعلم أن الإسلام رحم شابكة بين بَنِيه أينما كانوا ، وأن أقل واجباته النجدة في حينها والتناصر لوقته ... ) ، انظرها - بتمامها - في " آثاره " ( 5 / 221 – 223 ) .
7 – وقال في رسالة مماثلة إلى الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - :
( حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عمر بن حسن ، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد ، فإني أحمد لكم الله الذي لا إله لا هو ، وأرجو أن يوزعني وإياكم شكر نعمائه ، وأن ييسرنا للقيام بما افترض علينا من الجهاد بجميع أنواعه في سبيل ديننا الذي أحاطت به الخرافات والأوهام في الداخل ، كما أحاط به الكفر والطواغيت في الخارج ، أذكركم بإخوانكم المجاهدين في الجزائر الذين أحيوا في الزمن الأخير فريضة عفا أثرها وانطمس رسمها في هذه العصور ، فنصرهم الله على ضعفهم وقلة عددهم وعُددهم وقوة عدوهم ، وتأييد الطواغيت له ...الخ ) ، انظرها كاملة في " آثاره " ( 5 / 224 – 225 ) .
=====
(1) انظر " آثار الإبراهيمي " ( 1/ 123 – 124 ) .
(2) وهذا الكلام نشرا - أولا - ضمن " سجل مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين " ( ط قسنطينة 1935م ) .
(3) نشرت الكلمة في ( العدد 4 ) من مجلة " المنهل " ( ربيع الثاني 1372 هـ / يناير 1953 م ) .
(4) يريد بالأحمدين : الإمام أحمد بن حنبل ، وشيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، وبالإمام المؤتسى : الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - .
(5) جلس : بلاد نجد ، قاله في " القاموس المحيط " ( ص 560 ط دار الكتب العلمية ) .
(6) يريد صاحب الفضيلة الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ - رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آنذاك - رحمه الله - .
(7) يريد سماحة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - .
(8) جدك الأعلى : يريد به الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - .
(9) يعني به الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ ، وبالإمام المعتبر : الشيخ محمد بن عبد الوهاب .
(10) يعني به الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Jul-2010, 02:11 PM
خاتمة


إلى هنا تم جمع وتنسيق ما وقفت عليه حول هذا الموضوع من خلال المراجع التي بين يدي ، ولا شك أن في الزوايا بقايا ؛ ربما أستدركها وأُلحقها بأخواتها في فرصة أخرى - إن شاء الله - ، والحمد لله رب العالمين .

فريد المرادي ( 6 / جمادى الآخرة / 1429 هـ ) .