المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الصـــدق - خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jul-2010, 01:33 PM
الصـــدق





إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.
أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.
عبادَ الله، الصدق صفة حميدة خلق كريم جبلة الفطرة على محبته فالخلق يحبونه مسلمهم وكافرهم فإن الله فطر العباد على حب الصدق والتخلق به وقد وصف الله نفسه بالصدق في قوله: (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)، ووصف حديثه بالصدق فقال: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً)، ووصف قوله بالصدق: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً)، ووصف كلماته بالصدق: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً)، ووصف وعده بالصدق: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً).
أيها المسلم، وإن الصدق أساس الإيمان وإن الكذب أساس النفاق (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)، وقد أمر الله عباده بالصدق في كل أحوالهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، كونوا مع الصادقين في أحوالكم كلها ليكن المسلم صادقًا فيما بينه وبين ربه صادقًا فيما بينه وبين نفسه صادقًا فيما بينه وبين عباد الله فالصدق خلق المسلم في تعامله مع ربه ثم في تعامله مع نفسه ثم تعامله مع عباد الله فيلزم الصدق ويتحلى به فتلك مرتبة عظيمة وقد أثنى الله على الصادقين بقوله: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصادقًاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)، وأخبرنا ربنا أن الصدق نجاة لأهله من كربات يوم القيامة قال الله: (هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ).
أيها المسلم، فاتق الله في نفسك اصدق في أخبارك فلا تكن أخبارك مبنية على كذب وافتراء كن صادقًا فيما تخبر به فلا تخبر إلا بحق واقع وإياك وأن تخبر بالكذب تضليلًا على الناس ولذا جاء في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث الناس بكل ما سمع"، وقال: "بئس مطية القوم زعموا"، فالأخبار الكاذبة التي يعرف بها الشخص لا يوثق بقوله ولا يطمئن إلى خبره لأن الناس اعتادوا منه الكذب فلو صدق مرة ما قبل منه.
أيها المسلم، كن صادقًا في عملك فأجعل الأعمال الصالحة التي تعملها اجعلها صدقًا لا كذب فالكذب لا ينفعك بل يضرك في دنياك وآخرتك لقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن النفر الثلاثة الذين تسعر بهم النار قبل غيرهم أحدهم أعطاه الله علمًا وقرأ القرآن فأوقفه الله بين يديه فسأله فقال يا رب تعلمت العلم وقرأت بك القرآن قال: (كذبت ليقال قارئ فقد قيل وعالم فقد قيل)، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار، ومتصدق تصدق رياءًا وسمعة لا إيمانًا وصدق فأوقفه الله فسأله عن نعمه وعرفه بها وقال يا رب أعطيتني من المال ما أعطيتني وأنفقت في وجوه الخير فلا وجه بالخير إلا أنفقت فيه قال: (كذبت ليقال متصدق فقد قيل)، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار، ومن قاتل رياءًا وسمعة يوقفه الله بين يديه فيعرفه نعمه فيعرفها فيقول ماذا فعلت قال قاتلت في سبيلك قال: (كذبت ليقال جريء فقد قيل)، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار، تلك الخصال الحميدة من قام بها بصدق نفعته ومن قام بها رياءًا وسمعة فإنها تضره ولا تنفعه.
أخي المسلم، كن صادقًا في عباداتك كلها لله فأجعلها خالصة لله وابتغي بها وجه الله والدار الآخرة يقول الله جل وعلا: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)، فالله لا يقبل العمل إلا إذا كان خالصًا لوجهه وعلى وفق كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم: "قال الله أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه -وفي لفظ- وأنا منه بريء".
أيها المسلم، كن صادقًا في تربيتك لأولادك توجههم إلى الخير ومكارم الأخلاق وفضائل الأعمال وتكون قدوة لهم صالحة يتأسون بك في أقوالك وأعمالك ولكن المصيبة إذا كنت غير صادق في تعاملك معهم تأمرهم ببر الوالدين وهم يشاهدون منك جفاءًا لأبويك وعقوق لهما وإعراض عنهما تأمرهم للصلاة وهم يشاهدونك متكاسلًا عنها متهاونًا بها تدعوهم إلى صلة الرحم وهم يشاهدونك قاطعًا لرحمك غير واصل لهم تكفهم عن المحرمات وتنهاهم عنها وهم يرونك منغمسًا فيها لا تتورع عن معصية ولا ترتدع عن إثم.
أيها المسلم، كن صادقًا مع أبويك ببرهما والإحسان إليهما والرفق بهما ومؤانستهما وخدمتهما والقيام بواجبهما ليكون هذا الصدق نجاة لك من الكربات من الدنيا والآخرة.
أيها المسلم، كن صادقًا فيما وليت من عمل وما اؤتمنت عليه من أعمال فإن الله سائل كل راع عما استرعاه سائل كل مسؤول عما تحت يده فكن يا أخي صادقًا في أعمالك بالإخلاص بالأمانة بالصدق بسماحة النفس فلا ضجر ولا سآمة ولا ملل ولكن إخلاص وتواضع وأداء للعمل فلا يظلم عندك أحد ولا يبخس حق أحد ولا يؤخر حق أحد بل تكون مؤديًا للأمانة التي اؤتمنت عليها صدقا وإخلاص تعطي كل ذي حق حقه وتنفذ الأوامر بلا سأم ولا كلل ولكن بإخلاص وصدق فيما تعمل.
أيها المسلم، كن صادقًا في تجارتك إن كنت بالتجارة فألزم الصدق في أعمالك كلها فإن الصدق سبب لبركة الرزق وإن الكذب سبب لمحق البركة يقول صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بوركا لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما"، نعم إن صدقا في بيعهما كان البائع صادقًا لا غش لا تدليس لا خداع لا يأتي بسلع ويضع عليها شعارات خلاف واقعها وخلاف مركباتها لا يحتكر أرزاق الناس ولا يتواصى مع غيره بالاحتكار حتى تضعف السلع بالأسواق ثم يتحكمون في رقاب الناس بما يشاءون ليس هذا من الصدق بل هذا من الكذب والافتراء فالتاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين ولكن الكاذب الأثيم الذي يغش الناس في بيعه وشراءه يغش الناس في بيعه فسلع يضع عليها شعارات على عظم شأنها والواقع أنها خلاف ذلك يحتكر السلع ويتظاهر بأنها ما قدمت وبأنها تأخرت في أي مكان وهو كاذب متواص معهم على رفع أسعار السلع والمناسبات لكي يأخذوا أموالًا بغير حق.
أيها المسلم، صدق التاجر تقواه لله وصدقه وضوحه في أمره وعدم الخفاء والكتمان.
أيها المسلم، كن صادقًا في أعمالك كلها عندما تكون بينك وبين مسلم علاقة فاتق الله وكن صادقًا في محبتك لإخوانك المسلمين ولا تظهر مودة ومحبة وأنت على خلاف ذلك فذلك البلاء العظيم كن صادقًا واضحا في تعاملك مع الآخرين.
أيها المسلم، محبة الله أساس الإيمان وأكمل الناس حبًا لله أصدقهم في ذلك ولذا محمد صلى الله عليه وسلم لما كمل علمه بربه كان أتقى الناس لربه وأخشاهم له وهو القائل: "إني أتقاكم لله وأخشاكم له"، فكن صادقًا في محبتك لله ليست محبة الله دعوى تدعى ولكن لا بد لها من حقيقة قال الله جل وعلا: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ)، صادقًا في محبتك لله محبة تدعوك إلى امتثال أوامر الله والقيام بما أوجب عليك صادقًا في خوفك من الله خوف يمنعك عن معاصي الله صادقًا في ثقتك ورجاءك لله يدعوك إلى يقين جازم بأن الله على كل شيء قدير فتتوجه بقلبك لله محبة وخوفًا ورجاءا كن صادقًا في إيمانك بمحمد صلى الله عليه وسلم تؤمن به وأنه عبد الله ورسوله وخاتم أنبياءه ورسله لا شريعة بعد شريعته ولا دين بعد دينه فدينه الحق وشرعته الصادقة وكل شرعة وديانة سواه فباطل (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، فكن صادقًا في محبتك لرسول الله في إيمانك به واقتدائك به واتباعك لسنته وتطبيقها على نفسك بقدر استطاعتك تحقيقًا لقول الله (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)، إذًا فالمتبع لرسول الله يقدم قول النبي على قول كل أحد كائنًا من كان ولا يقدم على سنته آراء الرجال وأفكارهم يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، المحب لرسول الله لا يبتدع في دين الله لأنه يسمع نبيه يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
أيها المسلم، كن صادقًا في شاهدتك فلا تشهد إلا على حق مثل الشمس في رابعة النهار ولا تشهد زورًا ولا عدوانًا ولا مجاملة اشهد بالحق الذي تعلمه وامتنع عما لا تعلمه (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
أيها المسلم، لا تكن صادقًا في إخبارك أن هذا فقير وأن هذا معسر وأن هذا مدين فلا تخبر عن فقر وقلة ذات يد وأنت تعلم أن هذا الإنسان غني قادر فإنك بهذا تخالف الواقع وتشهد بخلاف الصدق.
أيها المسلم، كن صادقًا في نياتك وعزائمك وأفكارك فلا تظهر للناس نية حسنة لا تظهر لهم نية حسنة وأنت تبطن نية سيئة قال الله عن المنافقين: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، الله يعلم سرك ونجواك (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)، (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)، فألزم الصدق في أمورك كلها كن صادقًا مع زوجتك فأتق الله فيها وارعها حق الرعاية وإياك أن تخونها في غيرها وأنت تعلم ذلك وتكره أن يؤذى بامرأتك فأتق الله فأصدق في علاقتك مع امرأتك واحذر العلاقات السيئة مع نساء الآخرين فمن عفت عفت نسائه عفوا تعفوا نسائكم واحذر أن تكذب عليها أو تخونها مع خبيثة فاجرة فإن ذلك مناف لصدق المحبة التي بين الزوجين.
أيها المسلم، كن صادقًا مع رحمك في صلتك إياهم وصبرك على آذاهم وتحملك كل الأذى في سبيل جمع الكلمة وتوحيد الشمل كن صادقًا في أحوالك كلها فإن الصدق نجاة لأهله صادقًا في إخبارك وفي تحقيقاتك وفيما تجري من تساؤل إلزم الصدق فإن الصدق نجاة يوم القيامة (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه أنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عِبادَ الله، يقول صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي للبر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال العبد يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا".
أيها المسلم، الصدق خلق أهل الإسلام لو عملوا به لرأوا الآثار الطيبة والنتائج الحسنة أعداء الإسلام أخذوا جانب الصدق في حياتهم المادية فيما بينهم فنجحوا في أمورهم كلها ولكن على الأسف على أهل الإسلام أن الكذب موجود في كثير من أحوالهم في تعاملهم مع ربهم وتعاملهم مع إخوانهم الكذب رذيلة وخصلة مشؤومة فهي لا تليق بالمسلم ولهذا كان أنبياء الله أصدق خلق الله قال الله عن إبراهيم: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً)، وقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ)، وقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً)، ومحمد صلى الله عليه وسلم معروف بالصدق والأمانة لقبه الصادق الأمين قبل الوحي لما تخلق به من الصدق في أحواله كلها صلوات الله وسلامه عليه أبدًا إلى يوم الدين.
أيها الأخوة، إن الصدق خلق حميد يجب أن يتحلى به العالم والجاهل وكل فرد منا يتحلى بالصدق في أقواله وأعماله.
أخي الكاتب، أخي الصحفي، أخي المسلم، إني لأرجو من الله أن يأخذ بأيدينا لما فيه الخير والصلاح إن قضايا الأمة قضايا المجتمع ومشاكله كثيرة ولكن كيف نحلها وكيف نسعى في حل مشاكلنا وأحوالنا كيف نسعى في حل المشاكل كيف نعالج قضايانا كيف تكون أطروحاتنا إذا طرحناها بالصحف الصحف للناس فيها محوران منهم من يكتب يوميًا أو أسبوعيًا أو نحو ذلك منهم من له أعمدة ثابتة ومقالات دائمة فلنتق الله فيما نقول ولنتق الله فيما نكتب ولنتق الله فيما نناقش إن المسلم هدفه قبل كل شيء الدفاع عن هذا الدين الدفاع عن الإسلام الدفاع عن الأمة ثم الدفاع عن الوطن المسلم وعن قيادة الأمة المسلمة هذا هدف المسلم دائمًا دفاع عن دينه عن عقيدته وعن أخلاقه وقيمه عن أمن مجتمعه عن اقتصاد أمته عن راحتهم دفاع ضد كل من يريد الأمة بمكيدة وسوء لكن أيها الكاتب عندما تطرح قضية أو تعالج قضية يجب أن يكون العلاج نافعًا مؤثر يترفع فيه عن الطعن بالأشخاص والطعن في الذوات ونترفع عن الطعن بالأشخاص وإنما نناقش القضية بالجوانب الشرعية بأسلوب حكيم بأسلوب يمكن أن نصل فيه إلى مقصودنا دون أن نجرح أحد ودون أن نذم أحد دون أن نقدح بأحد دون أن نهبط بمنزلته دون أن نقول فيه ما نقول إننا نقرأ أحيانًا بعض الأطروحات وبعض العلاج للقضايا فنجد أشخاص يجرحون ويقذفون ويسبون ويطعن فيهم وينسب إليهم ما لم يقولوا وتحرف أرائهم وأفكارهم حسب هوى ذلك الكاتب ومراده وهذا كله من الخطأ يجب أن يكون العلاج واقعيًا نافعًا مؤثرا أدبيًا القصد منه الوصول للحق فلا التجريح ولا التهويل من قدر الناس والحط بمنزلة الناس يجب أن يتحلى بالصدق فيما نكتب وفيما ننشر وفيما نعلن لنكون واقعيين في أمورنا هكذا خلق الإسلام التعاون على الخير والتقوى والتحذير من الشر والبلاء لا أن يعوذ بعضنا على بعض مجرحًا ناقدًا مسيئًا باحثًا عن نقاطا الضعف الذي يجعلها منطلقًا له في التجريح والطعن والتشكيك إلى غير ذلك كل هذه أمور تنافي الصدق الحقيقي فالمسلم صادق فيما يتوجه إليه وصادق في نقده وصادق في ملاحظاته لأنه يتحلى بالأمانة يتحلى بالخلق الكريم يترفع عن التجريح والنقد الذي لا يؤدي إلى خير وإنما يباعد القلوب ويفتح باب الشر والقيل والقال فعلينا جميعا أن نكون صادقين في أحوالنا كلها لنكون من المؤمنين حقا أسأل الله أن يجعلنا من المؤمنين الصادقين في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير.
واعلموارحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ؛ ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على عبدالله ورسوله محمد، كما أمركم بذلك ربُّكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين، واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتََََّنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهمَّ وفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ، عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم أيده بنصرك واحفظه بحفظك، وكن له عونًا في كل ما أهمه، اللهمَّ وفقه للصواب في أقواله وأعماله، اللهم اِجمَعْ به كلمةَ الأُمَّةِ، ووَحِّدْ به صُفوفَها على الخيرِ والتقوى، واجعله إمام هدى وقائد رشد إنك على كل شيء قدير، اللّهُمَّ شُدَّ عَضُدَهُ بوليِّ عهدِه سلطانَ بنِِ عبدِ العزيزِ، ووفقه لصالح الأقوال والأعمال، وأمِدَّهُ بالصِّحةِ والسَّلامةِ والعافِيةِ، اللهم وَفِّقْ النائبَ الثانيَ لكلِّ خيرٍ وأعنه على مسؤوليته واجعلهم جميعًا أئمة هدى وقادة خير وصلاح إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

حفـظ (http://af.org.sa/archive/menbar_daawah/al-shiek/1431-08-11.rm)