المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علي الحلبي و موقفه من الدّعوة إلى حرّية و أخوّة الأديان



أبو الوليد خالد الصبحي
26-Jul-2010, 10:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


علي الحلبي (http://www.bayenahsalaf.com/vb/showthread.php?t=5480) و موقفه من الدّعوة إلى حرّية و أخوّة الأديان


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فهذه رسالة أوجهها إلى كل مسلم وغيور على التوحيد والسنة وإلى منتدى كل السلفيين - خاصة - لعلهم يقولون الحق في هذه الأمور التي صدرت من الشيخ علي الحلبي – هداه الله وأصلحه- إن كانوا أهل عدل وإنصاف ونصرة للحق ودعاة له ...والآن لنشرع في المقصود :
صدرت رسالة بعنوان : " رسالة عمان "

تضمنت العديد من المخالفات العقدية ومنها ما يلي :
- "هذه الرّسالة السّمحة التي أوحى بها الباري جلَّت قدرته للنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه، وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده عنوان أخوّة إنسانية ودينا يستوعب النشاط الإنساني كله، ويصدع بالحق ويأمربالمعروف وينهى عن المنكر، ويكرم الإنسان،و يقبل الآخر" .
- " و بشّر [ أي الإسلام]بمبادئ وقيم سامية تحقق خير الإنسانية ،قوامها وحدة الجنس البشري، وأنّ النّاس متساوون في الحقوق والواجبات" .
و جاء فيها وصف المبادئ الّتي يقوم عليها الإسلام بأنّها:
- " مبادئ تؤلّف بمجموعها قواسم مشتركة بين أتباع الديانات وفئات البشر؛ ذلك أن أصل الديانات الإلهية واحد " .
ثمّ انتهت الفقرة الّتي حوت تلك العبارات إلى تقرير أنّ العمل بتلك المبادئ :
"- يؤسّس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالدّيانات الأخرى على صعد مشتركة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقلال الفكري " .
و جاء في الرّسالة أيضاً هذه العبارات : -
-وكرّم الإسلام الإنسان دون النظر إلى لونه أوجنسهأو دينه
- " والأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السّلم ، فلا قتال حيث لا عدوان وإنما المودّة والعدل والإحسان " .
(وهنا هدم وإلغاء لجهاد الطلب فتنبه)
- " إنّ هدي هذا الإسلام العظيم الذي نتشرف بالانتساب إليه يدعونا إلى الانخراط والمشاركة في المجتمعالإنساني المعاصر والإسهام في رقيّه وتقدّمه،متعاونين مع كل قوى الخير والتعقّل ومحبّي العدل عند الشعوب كافةً، إبرازاً أميناً لحقيقتنا وتعبيراً صادقاً عن سلامة إيماننا وعقائدنا المبنية على دعوة الحق سبحانه وتعالى للتآلف والتقوى "…
إلى : " والاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ،و تأكيد حقه في الحياة والكرامة و الأمن ، و ضمان حاجاته الأساسية ، و إدارة شؤون المجتمعات وفق مبادئ العدل والشورى ،والاستفادة مما قدمه المجتمع الإنساني من صيغ وآليات لتطبيق الديمقراطية.
- وندعو المجتمع الدولي إلى العمل بكل جدية على تطبيق القانون الدولي واحترام المواثيق والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة وإلزام كافة الأطراف القبول بها ووضعها موضع التنفيذ ...."
فطريقة الرّسالة في ترسيخ مبدأ التّسامح مع الكفر و أهله واضحة جليّة ، و يمكن حصر ذلك في :
- التّركيز على إلغاء الفوارق العقدية بين المسلمين و الكفّار من خلال ترديد وتوظيف هذه الألفاظ :
- الأخوّة الإنسانيّة .
- المجتمع الإنسانيّ ، و قد تكرّر أربع مرّات .
- الحضارة الإنسانية .
-وحدة الجنس البشري .
- اجتناب وصف الأديان الباطلة بما وصفها به الله و رسوله كتسميتها بـ :
- الديانات السماوية السمحة .
- الديانات الإلهية .
- الديانات الأخرى .
- تفادي وصف الكفّار والمشركين بما وصفهم به الله و رسوله، كنعتهم بـ :
- غير المسلمين .
- الآخرين .
- أتباع الدّيانات و فئات البشر .
- المؤمنين بالدّيانات الأخرى ..

أقول :يسعى القائمون على هذه الرسالة إلى إلزام الناس بها ومطالبة الدعاة والعلماء بتأييدها!!!!ونحن إذا قلنا من باب التنزل بأن القائمين عليها قد فتنهم علماء الضلال كالقرضاوي والطنطاوي وكفتاور والسيستاني وغيرهم لكن ما هو عذر الشيخ علي عندما أثنى على هذه الرسالة بثناء لم يصدر حتى من حاخامات الرافضة ولا الزيدية ولا والإباضية !!! -وفيها من المخالفات العقدية والتمييع لعقيدة السلف ما سبق بيانه- في أكثر من موطن وهي كالآتي :
· الموطن الأول:
خطب خطبة في مسجد الهاشمية بحضرة ملك الأردن الملك عبد الله الثاني أشاد فيها برسالة عمان!!!

· الموطن الثاني :




نشر خطبته السابقة في رسالة بعنوان: " صد العدوان عن عمان " ومما قاله فيها:

وَإِنَّنا لِنَدْعُو رَبَّنا -جَلَّ وعلا- مُخْلِصِين-: أَن يُوَفِّقَ مَلِيكَنَا، وَوَلِيَّ أَمْرِنا -حَفِظَهُ اللَّه، وَجَمَّلَهُ بهداه وِتَقْواه- لِمَزِيدٍ مِنَ السَّعْيِ الدَّؤُوبِ الحَثِيث؛ الَّذِي مَافَتِئَ -حفظهالله- يَجْهَدُ فِيه، وَيَجِدُّ فِي تَحْقِيقِه: تَعْرِيفاً لِدُوَلِ العَالَمِ أجمع بِحَقِيقَةِ دِينِالإِسْلام، وَمَواقِفِهِ السَّدِيدَةِ العِظَام،وَبَراءَتِهِ مِن أَفْعالِ أُولَئِكَ الغُلاةِ الجَهَلَةِ الطَّغَام..
وَرَسُولُنا -صلى الله عليه وسلم- يَقُول: "مَن لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللَّه"؛ فَالشُّكْرُ -كُلُّه- مُوَجَّهٌ لِمَلِيكِنا -جَزاهُ اللَّهُ خَيْراً، وَزَادَهُ فَضْلاً وَبِرًّا- فِي رِعايَتِهِ، وَحِياطَتِهِ، وَسَهَرِهِ، وَحَدَبِه،وَحرصه،وحِراسَتِه..
وَما رِسالَةُ عَمَّان -السَّبَّاقَةُ فِي شَرْحِ رِسالَةِ الإِسْلام الحَقّ الوسطيّة- الَّتي أَطْلَقَها -حَفِظَهُ اللَّه وَرَعاه- قَبْلَ أَكْثَرَ مِن عام: إِلاَّ دَليلاً قَوِيًّا،وَبُرْهاناً جَلِيًّا عَلَى عِزَّتِهِ بِهَذا الدِّين وَصَفائِهِ، وَاعْتِزازِهِ بِجَمالِهِ وَنَقائِه، وَحِرْصِهِعَلى تَقَدُّمِهِ وَبَقائِه؛ مِمَّا يَسْتَدْعِي لُزُومَ طاعَتِهِ بِالحَقِّ المَأْلُوف،وَوُجوبَ التِزامِ أَمْرِهِ بِالبِرِّ وَالمَعْرُوف…

· الموطن الثالث :
نشر خطبته – مرة أخرى متفاخراً بذلك كما في ص( 4 ) - في كتاب له بعنوان : حدث تفجيرات عمان نص خطبة الجمعة التي ألقيت بين يدي الملك عبد الله الثاني : ملك المملكة الأردنية الهاشمية أعزه الله بطاعته بتاريخ 8 شوال 1426هـ.
ومعها شعر *رد * بيان ".




· الموطن الرابع :
في كتاب بعنوان " الدّعوة السّلفيّة بين الطّرق الصّوفيّة و الدّعاوى الصّحفيّة " - و يقول ( ص :70 -71 ) :
و قد كانت غُرّةُ هذه الجهود المتضافرة المتوافرة - كُلِّها - و الموفّق الله - اختيارُ أولياء أمورنا كاتب هذه السّطور - عفا الله عنه - بمنّه - لأكون خطيب وليّ أمرنا و ملك البلاد - أيّده الله بطاعته - في خُطبة الجمعة المشهورة - حينذاك - ، و ذلك بعد أقلّ من ( 48 ساعةٍ ) من حصول التّفجيرات .
ثمّ قال في الحاشية رقم (1) ص(71 ) : و قد أفردتها بالنّشر في رسالةٍ مطبوعةٍ بهذا العنوان .
و طُبعت - بعدُ - مرّةً أخرى - في رسالةٍ مُستقلّةٍ - مع خطبتين أخريين لبعض الشّخصيّات السّلفيّة الأردنيّة - المشهورة - بعنوان : " صدّ العدوان عن عمّان "
نسأل ربّنا - جلّ و علا - أن يجعلنا من الّذين صدقوا (( و أخلصوا دينهم لله ))




- وفي ( ص : 6 حاشية رقم (1)) من الكتاب آنف الذكر ينقل من كتاب ((" إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين([1] (http://www.bayenahsalaf.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=89#_ftn1)) " للأمير غازي بن محمّد بن طلال الذي يقول عنه مؤلفه أنه خلاصة فكرة رسالة عمان )) .
- و يقول الحلبي في ( ص : 54 حاشية رقم ( 2)) عن كتاب الأمير طلال :
(( و هذا الكتاب - بفكرته الأساس - يدلُّ على سلامة صدور أولياء أمورنا ، و عِظَمِ رغباتهم بالخير ، و نقاء قلوبهم - و لا نزكّيهم على الله - زادهم الله توفيقًا - . . . )) إلخ
وهذا الكتاب "إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين "
و ما فيه من تقريظات من يُسمّيهم بعلماء الأمّة ؛ كالسّيستانيّ ، و كفتارو ، و الحبشيّ ، و القرضاويّ ، و خامنئيّ ، و الخوئيّ . . إلخ ؛ هي هي التّقريظات المنشورة لـ ( رسالة عمّان ) في موقعها و ترى ما في كتابه من ( وحدة المذاهب ! ) في موقع ( رسالة عمّان ) و ترى ما فيه من ضمان الاحترام والتسامح للأديان :
و من ذلك قوله :
((وتمثل رسالة عمان باعترافها الجلي بالمذاهب الإسلامية سلسلة كاملة بكل ما يطلب من المسلمين ليتعايشوا بانسجام مع غير المسلمين. والقضايا السبع الرئيسية هي كما يلي:
(1) حقوق الإنسان وحقوق الفرد والحريات والعدالة الاجتماعية.
(2) حقوق النساء والأطفال والأقليات العرقية.
(3) إدانة ومنع الإرهاب والعدوان وأعمال العنف الفردية.
(4) إدانة ومنع الجهاد العدواني وغير الشرعي وغير المبرر والقتل باسم الدين.
(5) ضمان الاحترام والتسامح للأديان الأخرى وحرية العبادة.
(6) أن يكون المسلمون مواطنين مخلصين يحترمون القوانين في الدول غير الإسلامية التي لا يُضطهدون أو يضايق عليهم فيها، إذا كانوا في هذه الدول يتمتعون بالعدل أمام القانون وحريتي العبادة والثقافة التامتين.
(7) أن يقرر المسلمون أنفسهم صيغة الحكم لأنفسهم (من خلال مقاصد الشريعة) ويمكن أن يشمل هذا مبادئ من الديمقراطية الحديثة.
بهذا لا نقول بالطبع إن كل وجهة نظر من خلال كل مذهب ترضي الجميع لكن من خلال كل المذاهب (بالتأكيد السنية والشيعية والإباضية) توجد بشكل عام حلول كافية للمطالب المعقولة في هذه القضايا السبع. لأن المذاهب في الإسلام، بالرغم من أنه يساء فهمها ويلقى عليها اللوم لمنع التغيير والتطور في الإسلام، فإنها في الواقع قوة اعتدال للدين. وهي نظام داخلي لتحقيق التوازن والميزان.
طبعاً لا يقال بأن رسالة عمان تحتوي شيئاً جديداً حول المذاهب في هذه القضايا السبعة، غير أن المذاهب احتوت دائماً على حلول شاملة ومعتدلة لكل هذه القضايا ولكنها لا تُطبق دائماً في الواقع، حيث شوه المسلمون بتطبيقهم الخاطئ صورة الإسلام الناصعة وذلك بسبب الجهل، أو العادات والأعراف المغلوطة أو الحماس الزائد. وهكذا فإن رسالة عمان في حد ذاتها وبإقرارها للمذاهب والاعتراف بها، تحمل في طياتها العلاج الشافي للتوتر بين الأديان كما تحتوي على الأساس المشترك الذي يجمع بين المسلمين وغير المسلمين )).اهـ

وبعد هذا العرض يقول منطق الشرع و العقل أن من يثني على هذا الكلام لا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى : إما جاهل !!!!وهذه مصيبة !!.
الحالة الثانية : وإما عالم بذلك وهذه مصيبة أعظم من الأولى.
فكيف يثنى على رسالة بها هذه المخالفات العقدية الواضحة وفي عدة مواطن !!!!
ولن أحكم على الشيخ علي الحلبي – هداه الله وأصلحه- لا خوفا ولا جبناً فقول أهل العلم فيمن يصدر منه مثل هذه الأمور معروف.
ولكن أريد أن يتبصر عموم الناس- ومن لازال يحسن الظن به- وخاصة أعضاء منتدى كل السلفيين في أمر هذا الحافظ المحدث البحر كما هو منشور في منتداهم ؟
وفي انتظار قول هؤلاء الأعضاء الواضح الصريح - فيما سبق ذكره مما صدر وتفوه به الشيخ علي الحلبي – هداه الله وأصلحه – وكتبه وطبعه وسُرَ بذلك وأثنى عليه في عدة مواطن - إن كانوا سلفيين ، وأن لا تأخذهم الحمية له وأن يتقوا الله وسوف يسألون إذا ما هم اخذوا يبررون ما وقع فيه شيخهم أو يصححونه !!! لن ينفعهم حين يقفون بين يدي الجبار.
طبعاً : الوقت مفتوح فمتى عرفوا الحق أجابوا !
والإجابة – طبعاً- في منتدى الكل.
وأن يعلن الشيخ علي الحلبي – هداه وأصلحه – تراجعه الصادق والواضح عن هذه الطوام- التي في رسالة عمان وينص على بطلان ما فيها من عقائد باطلة وتقريرات فاسدة -وغيرها بعبارات واضحة لا لف فيها ولا لبس .
فهذا ما نرجوه وأن ينشر هذا التراجع ويعلنه
في انتظاركم يا كل السلفيين !!!!!!!!!!!



--------------
([1]) طبعاً من ضمن هذه المذاهب الرافضة والأشاعرة والإباضية .

أبو يوسف عبدالله الصبحي
26-Jul-2010, 10:09 PM
فتوى اللجنة الدائمة في الدعوة إلى وحد الأديان :
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى (وحدة الأديان): دين الإسلام، ودين اليهود، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء: مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب. وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:
أولاً: أن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، التي الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، التي أجمع عليها المسلمون: أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبقَ على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) {آل عمران: 85}. والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
ثانيًا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله ــ تعالى ــ: (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهدًا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يُتعبد الله به سوى: (القرآن الكريم) قال الله تعالى
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق {المائدة: 48}.
ثالثًا: يجب الإيمان بأن (التوراة والإنجيل) قد نُسِخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم منها قول الله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم) {المائدة: 13}
وقوله جل وعلا: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون {البقرة: 79}. وقوله سبحانه: وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون {آل عمران: 78}.
ولهذا فما كان منها صحيحًا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال ــ عليه الصلاة والسلام ــ: "أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آتِ بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي"(رواه احمد والدارمي وغيرهما) .
رابعًا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام: أن نبينا ورسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) {الأحزاب: 40}.
فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيًا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم ــ وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك ـ كما قال الله تعالى: )وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكــم إصـري قالوا أقررنــا قال فاشهــدوا وأنا معكم من الشاهــدين ) {آل عمران: 81}.
ونبي الله عيسى ــ عليه الصلاة والسلام ــ إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعًا لمحمد صلى الله عليه وسلم وحاكمًا بشريعته. وقال الله تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) {الأعراف: 157}.
كما إن من أصول الاعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين، قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون) {سبأ: 28} وقال سبحانه: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) {الأعراف: 158} وغيرها من الآيات
خامسًا: ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرًا، وأنه عدو و ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار كما قال تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) {البينة: 1}
وقال جل وعلا: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) {البينة: 6} وغيرها من الآيات.
وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار".
ولهذا: فمن لم يكفِّر اليهود والنصارى فهو كافر، طردًا لقاعدة الشريعة: (من لم يكفِّر الكافر فهو كافر).
سادسًا: وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية؛ فإن الدعوة إلى: (وحدة الأديان) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجرُّ أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله ــ سبحانه ــ: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) {البقرة: 217} وقوله جل وعلا: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) {النساء: 89} .
سابعًا: وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله ــ جل وتقدس ــ يقول: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) {التوبة: 29}
ويقول ــ جل وعلا ــ: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ){التوبة:36}
ثامنًا: إن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد فترضى بالكفر بالله ــ عز وجل ــ، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان؛ وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعًا محرمة قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
تاسعًا : وتأسيسًا على ما تقدم:
1 ــ فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها.
2 ــ لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردَين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد!! فمن فعل ذلك أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد، لما في ذلك من الجمع بين الحق (القرآن الكريم) والمحرف أو الحق المنسوخ (التوراة والإنجيل).
3 ــ كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة: (بناء مسجد وكنيسة ومعبد) في مجمع واحد، لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة ولأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، ــ تعالى الله عن ذلك ــ.
كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس (بيوت الله) وأن أهلهـا يعبـــدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنهـــا عبادة على غير ديـــن الإسلام، والله ــ تعالى ــ يقول: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) {آل عمران: 85} بل هي: بيوت يُكفر فيها بالله. نعوذ بالله من الكفر وأهله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله تعالى ــ في مجموع الفتاوى (22-162): "ليست ــ أي: البيع والكنائس ــ بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها؛ فالبيوت بمنزلة أهلها وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار".
عاشرًا: ومما يجب أن يُعلم أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة؛ ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام؛ وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيَّ عن بينة قال الله ــ تعالى ــ:
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) {آل عمران: 64}.
أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عُرَى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون؛ والله المستعان على ما يصفون. قال تعالى: (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك )
{المائدة: 49}
وإن اللجنة إذ تقرر ذلك وتبينه للناس فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة: (وحدة الأديان)، ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببًا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم.
نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاتـه العلى أن يعيذنــا جميعــًا من مضــلات الفـتن، وأن يجعلنا هـــداة مهتدين، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راضٍ عنا، وبالله التوفيــق، وصلى الله وسلم على نبينا محمـد وعلى آله وصحبه أجمعين(1).
__________
(1) فتوى صدرت برقم 19402 في 25-1-1418هـ عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء (الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء) السعودية. واللجنة التي أصدرت هذه الفتوى مكونة من سماحة الرئيس العام ومفتي عام المملكة العربية السعودية (الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز) رئيسًا و(الشيخ عبد العزيز ابن عبد الله آل الشيخ نائبًا) وعضوية كل من الشيخ د. بكر أبو زيد، و الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان.