المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيفيَّة التَّعامل مع العالم من أهل السُّنَّة إذا أخطأ للإمام الواعي -رحمه الله تعالى-



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
02-Aug-2010, 08:31 PM
كيفيَّة التَّعامل مع العالم من أهل السُّنَّة إذا أخطأ[1]



جواب للشيخ المحدث العلامة:


أبي عبد الرَّحمن مقبل بن هادي الوادعي


-رحمه الله تعالى-



http://stashbox.org/933260/download.gif (http://www.box.net/shared/edkn1n6pdb)


[السُّؤال:]

إذا صدرَ خطأ أو أكثر من عالم من علماء السُّنَّة عن اجتهاد أو تأويل هل يكون ذلك داعياً للتشنيع عليه من قبل أهل السُّنَّة و ما الواجب تُجاهه؟

[الجواب:]
الرجل لا يُشَنَّعُ عليه، لكن القول الخطأ يُبَيَّن، -القصد أنَّه لا يُنَفَّر عن علمه كلِّه- لا بد من العدالة أن يبين ما له من الخير و من المنزلة ثم بعد ذلك يُحَذَّر ممَّا أخطأَ فيه، يُحَذَّر مع أنَّنا نعتقد إن شاء الله أنَّ لهُ أجراً، و ناهيكَ بخطأ يكون لصاحبه أجر فقد ثبت في الصحيح عن النبي –صلَّى اللهُ عليه و على آله و سلَّم- أنَّهُ قال:"إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران؛ فإن اجتهد فأخطأ فله أجر"؛ ثُمَّ رب العزَّة يقول في كتابه الكريم [ففهمناها سُليمان و كلاًّ آتينا حُكماً و علماً] دليلٌ على ماذا يا إخوان؟ أنَّ الشخصَ قد يُخطأ فأخطأَ داود.
نأتي الآن بمثال: و هو في الصحيح أنَّ امرأتين أتيا إلى داود؛ ثُمَّ بعد ذلك قد أخذ الذئب ولد واحدة؛ و كلُّ واحدة تدَّعي أنَّ الولد الباقي هو ولدها فدخلتا إلى داود فحكم به للكبرى؛ ثم خرجتا و مرَّتا بسليمان؛ فقال: ائتوني بسكين؛ قالوا: ماذا تريد؟ قال: أريد أن أشقه بينكما نصفين؛ قالت الصُّغرى: لا تفعل –رحمك الله- هو ابنها!؛ و قضى به للصغرى فخالف أباه. و الحديث في صحيح البخاري

و لقد أحسن من قال:


من الذي ما ساء قـط؟***و من له الحسنى فقط؟


و يقول الآخر:



و لستَ بمُستَبقٍ أخاً لا تَلُمُّه***على شَعَثٍ أيُّ الرِّجال المُهَذَّبُ




فكلٌّ يُصيبُ و يُخطىء و الصحابة –رضوانُ الله عليهم- قد أخطأ كثير منهم كما في: "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" لشيخ الإسلام ابن تيميَّة و أخطأ أيضاً كثيرٌ من الأئمة حتى إن الزمخشري يقول –مُبينا لبعض أخطاء الأئمة التي نُسبت إليهم- يقول:




و إن يسألوا عن مذهبي لم أبُحْ به***و أكتمه كتمانه ليَ أسلــم
فإن حنفياً قلت؛ قالوا بأنـــني***أبيح السُّلا و هو الشراب المحرم
و إن مالكياً قلت؛ قالوا بأنــني***أُبيح لهم لحم الكلاب و همُ همُ
و إن شافعياً قلتُ؛ قالوا بأنــني***أُبيح نكاح البنت و البنت تحرم
و إن حنبلياً قلتُ قالوا بأنـــني***فقيه حلولي بغيضٌ مجسِّـــمُ
و إن قُلتُ من أهل الحديث و حزبه***يقولون تيسٌ ليس يدري و يفهمُ
تَعَجَّبتُ من هذا الزَّمان و أهلــه***فما أحدٌ من ألسُن النَّاسِ يسلَـمُ





أنت إذا قرأت –بارك اللهُ فيكَ-: تفسيرَ ابنَ كثير؛ و هكذا فتحَ الباري و المحلى لأبي محمد بن حزم و هكذا أيضاً نيلَ الأوطار[2] و غيرها من الكتب التي تذكر الخلافات تجد أخطاء لعلمائنا السابقين و أنا آتي الآن بمثال و هو في الصَّحيحين:
أنَّ عَديَّ بنَ حاتم لمَّا أنزل اللهُ عز وجل: [فَكُلُواْ وَ اشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ] فصار يضعُ تحت وسادته خيطين؛ و يأكل في رمضان و يشرب؛ حتَّى يتبيَّن له الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ حتَّى أنزل اللهُ: [مِنَ الْفَجْرِ] و جاء عدي بن حاتم يسألُ رسول الله –صلى اللهُ عليه و على آله و سلَّم- فقال لهُ: إنَّ وِسادَكَ لعريض –إنَّهُ عنى الفجرَ-،
و هكذا أيضاً بعضُ الصَّحابة؛ كان يربط خيطين في ساقه: خيطاً أبيض؛ و خيطاً أسود و لا يزال يأكلُ حتَّى يتميَّزَ لهُ هذا الخيط من هذا الخيط؛ حتَّى أنزل اللهُ:[مِنَ الْفَجْرِ] و قد ذكرَ أبو محمد بن حزم في كتابه إحكام الأحكام جُملةً كبيرة من أخطاء سلفنا الصَّالح،
ثُمَّ بعدَ ذلكَ أيضاً؛ رُبَّما يُشَنِّعونَ على الشَّخص؛ و هو مجرد اختلاف أفهام
فالاختلاف: اختلاف تنوع؛ واختلاف تضاد؛ و اختلاف أفهام



فاختلاف الأفهام: حدثَ للصحابة –رضوان اللهِ عليهم- و لم يَرُدَّ بعضهُم على بعض،

اختلاف التنوع: يقول شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة: (لا يُنكرُهُ إلاَّ جاهل)،

اختلاف التضاد: هو الذي يُنكرُهُ السَّلف: و هو أن يُخالف الشَّخص دليلاً صحيحاً صريحاً بدون بُرهان.


ـــــــــــ
[1] من شريط فرَّغتُه بعنوان: منهج أهل الحديث أسأل اللهَ أن يُعينني على إخراجه


[2] ذكره الشيخ بعد قوله: تجد...؛ فقدمته ليناسب السياق.

فرَّغ هذه المادة:
أبو أحمد ضياء التبسي