المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغضــب - خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
10-Aug-2010, 04:39 PM
الغضــب

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.
أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.
عبادَ الله، في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أوصني قال: "لا تغضب"، فردد عليه مرارًا وهو يقول له: "لا تغضب".
أيها المسلم، محمد صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم وأختصر له الكلام اختصارا فكلمة واحدة يقولها تحتها من المعاني والفوائد ما الله به عليم وهو صلى الله عليه وسلم يجيب كل سائل عما يناسب وضعه وهذا الجواب له ولغيره فكم سائل سأله فأجابه غير ما أجاب الآخر ذلك لعلمه أن هذا السائل يحتاج إلى هذا الجواب أكثر من غيره.
أيها المسلم، إن الله جل وعلا قسم بيننا أخلاقنا كما قسم بيننا أرزاقنا فجعل منا من خلقه الحلم والأناءة والرفق في الأمور كلها وفينا من ضد ذلك ولله الحكمة فيما قضى وقدر.
أيها المسلم، إن الغضب في الجملة مذموم الغضب في الجملة مذموم والغضب مفتاح كل شر ومغلاق لكل خير والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى ذلك السائل بقوله: "لا تغضب"، أي لا تتعرض بأسباب الغضب وابتعد عن كل سبب يثير الغضب وتخلص من الغضب بعد وقوعك فيه الغضب مركوز في النفوس ويندر من الناس من يخلو منه لكن المؤمن الموفق إذا ابتلي بذلك عاد إلى رشده وتحكم في نفسه ولم ينقد للغضب لأنه إذا انقاد له أوقعه في البلايا.
أيها المسلم، إن الغضب مصبية عظيمة مصيبة وبلية كبيرة إنه يحول بينك وبين عقلك فتتصرف تصرفات قولية أو فعلية تندم عليها تتصرف في أقوالك فكم أقوال تقولها حال غضبك لو فكرت فيها حال راحتك لعلمت أنها ألفاظ سيئة لا تليق بك كم يكشف الغضب أسرار ما تسره وتخرج كمينة ما أنت فيه وتندم على تلك الكلمات التي كنت حابسًا لها غير مبديها لكن في حال غضبك يفوت الأمر وتختل الموازين وتتلفظ بألفاظ كنت تحب كتمها وإخفائها لكن حال الغضب وفقدان العقل شامل تتفوه بتلك الكلمات البذيئة تسجل عليك عنوان نقص عقلك وقلة صبرك ونفاذ حلمك وربما حملك الغضب فأمتدت يدك بالضرب لزوجتك أو أولادك أو خدمك أو ربما عاد الأمر إلى نفسك فتمزق ثيابك وتلطم وجهك وتتصرف تصرفات الجنون.
أيها المسلم، إياك والغضب لا شك أن هذه أخلاق يجبل عليها بعض الناس لكن على المسلم الحرص كل الحرص على أن يتوقى الغضب ما وجد له لذلك سبيلا.
أيها المسلم، إن للغضب أسباب فمن أسباب الغضب إعجاب الإنسان بنفسه إعجابه بنفسه فيعجب بماله تارة ويعجب برأيه أخرى ويعجب بجاهه أخرى ويعجب بمنصبه آخر إن هذه أسباب قد تحمل العبد على الغضب فمعجب بنفسه يرى نفسه في منزلة الكمال وأنه فوق الناس وأنه الكامل في أموره كلها فيحتقر الآخرين ويزدري بهم فيغضب عليهم من باب الاحتقار والإذلال لهم والتكبر والإعجاب لنفسه وكم يعجبه ماله وكثرة أمواله وتعدد موارده المالية فيقف من الفقير والمحتاج موقف الإذلال له والتكبر عليه والتفوه عليه بالألفاظ السيئة احتقارًا له لكونه فقير معوزا وذلك غني مطغيًا، هذا أمر لا يجوز (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)، يعجبه رأيه فإذا خالف أحدهم في رأيه أو أراد أن يعدل أخطاء رأوه في آرائه غضب من أولئك وقال رأيي هو السديد ورأيي هو الحق ومن خالفني وبالهوى عارضني فهو يدافع عن رأيه ويغضب على من يناقشه في أخطائه التي أخطاها وأسلوبه الذي انحرف به عن الطريق المستقيم، وكم يفخر بنسبه ويتعالى بشرف نسبه فيرى غيره منزلة دنيئة ومنزلة قليلة ومنزلة حقيرة فتراه يطعن بالآخرين مفتخرًا بجاهه الذي يحمله ولا يدري المسكين أن هذا عين الغرور والانخداع ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه، وكم يحمله الكبر إذا بلغ مرتبة معينة منزلة عالية في منصب تسلمه فيحتقرهم هذا وهذا من الكبر الزائف يحمله الكبر على الغضب على من خالفه وعلى من يريد مناقشته فهو لا يقبل أي شيء لأنه مغتر بنفسه فهو سريع الغضب على كل من أراد أن يناقشه أو يفاهمه.
أيها المسلم، وقد يحمل على الغضب كثرة المزاح الذي لا داعي له والإغراق فيه حتى إلى مستوى ربما أفقد أحد المازحين التصور لما قاله أخوه فيحمله محملًا غير ما يريد به المازح ألا تجاوز الحد ولا تغرق فيه فرب مزاح انقلب عداوات وبغضاء أن استثرت غضب أخيك بكلمات سمعها منك أن تراها مزاحًا وأنسا وهو يراها نقصًا وطعنًا فيه واحتقارًا له وحط من منزلته فعند ذلك تستثير غضبه عليك بهذا المزاح السيئ الذي يحول مجالس الأنس إلى مجالس القطيعة والأحزان ومن أسباب الغضب المثيرة للغضب أيضا من أسباب الغضب يا أخواني ضعف الإيمان وقلة الخوف من الله والمؤمن إذا أراد أن يغضب فليفكر في رب العالمين الذي أنعم علينا ومنحنا من فضله وكرمه وإحسانه نقابل نعمه بالمعاصي وهو يحلم علينا ويعفو عنا وإن تبنا وندمنا قبل توبتنا وأقال عثرتنا فلهذا يجب أن تتحلى بالحلم والأناءة في الأمور ولعل الله أن يوفقك ويحفظك من هذا الداء العضال.
أيها المسلم، وإن التخلص من داء الغضب ممكن لا تقل هذا خلق أعجز عنه هذا خلق لا أستطيع التخلي عنه جبلت عليه فيعسر علي التخلص منه فنقول نعم إنه خلق ولكن لكل داء دواء وما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ونبينا صلى الله عليه وسلم دلنا على معالجة الغضب بأمور عظيمة فمنها أولًا أن المؤمن إذا غضب فليتعوذ بالله من الشيطان وليعلم أن هذا الغضب نزغة من نزغات الشيطان والله يقول: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تخاصم رجلان قال الصحابي فرأيت أحدهما قد احمرت عيناه وانتفخت أوداجه وهو يسب أخاه فقال صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم كلمات لو قالها لذهب عنه غضبه لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، فقيل له قل قال لست بمجنون، هذا من وساوس الشيطان يسلطه على ابن آدم.
أيها المسلم، وعلاج آخر إذا ابتليت بالغضب وأنت قائم فأقعد وإن كنت قاعدًا فأضطجع حتى يزول ذلك عنك بهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلاج آخر أنك إذا ابتليت بغضب فألزم الصمت فلعل في صمتك كظم لغيظك وعدم إفضاء لما في كنانتك أن تسكت فالسكوت خير ينجيك السكوت من الأقوال البذيئة أو الامتداد باليد نسأل الله السلامة والعافية. ومن علاجه أيضًا الوضوء فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الغضب من الشيطان وأن الشيطان خلق من نار وأن النار تطفئ بالماء فوضوءك الشرعي يخفف عنك الغضب ويزيل عنك آثاره ومن العلاج أيضا كثرة ذكر الله والثناء على الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، ومن العلاج أيضا أن تفكر في نفسك وتعلم أن من قد غضبت عليه واحتقرته الله أقدر عليك من قدرتك عليه قال أبو مسعود الأنصاري كنت أضرب غلام لي فسمعت صوتًا من ورائي أبا مسعود أبا مسعود قال فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لله أقدر عليك من قدرتك على هذا الغلام"، قال قلت يا رسول الله هو حر لله.
أيها المسلم، إن أهل الإيمان يغضبون ولكن لا يتمادون في الغضب والله يقول: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)، ومدحهم بقوله: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
أيها المسلم، إن الجدال والمراء يحدث هذا الغضب فكم من مراء وجدال يسبب الغضب والعياذ بالله فالجدال إذا تعدى حدوده وخرج عن نطاقه أدى إلى الغضب والانقسام فعندما تجادل غيرك في أمر من الأمور ليكن موقفك موقف الاعتدال تناقش وتبين وجهة النظر من غير أن تستثير غضبا الغضب لا يحقق شيئا وإنما يكون لجاج وخصام فلا يستفيد أحد منك شيئا حاول أن يكون الجدال بحدود مشروعة وأن يكون في حدود المعقول توضح رأيك وتبين منهجك من غير تعصب يؤدي إلى الغضب الشديد وإلى الانفعال الذي لا خير فيه وإذا أراد الله بأهل بيت خير أدخل عليهم الرفق وإن أريد بهم سوى ذلك نزع عنهم الرفق فليكن غضبنا في حدود المعقول الغضب الذي لا يؤثر علينا لنجتنب الغضب بكل أنواعه ولنعالجه قبل أن نتمادى فيه ولا نسترسل معه ولا ننقاد له فإن الشيطان يفرح بك حال غضبك ليوقعك في البلاء في نفسك أو مع ولدك أو مع أهلك فإنه عدو لك يتربص بك الدوائر يجري منك مجرى الدم متى ما ظفر منك بحالة فإنه يحاول إيقاعك في البلاء نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه أنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عِبادَ الله، عباد الله الغضب بلاء والعافية نعمة من الله عليك.
أيها المسلم، لا شك أنك قد تبتلى بالغضب أحيانا لكن عليك أخي إذا ابتليت به ألا تنقاد له وألا تسترسل معه بل تغلب عليه بقدر استطاعتك.
أخي المسلم، لا يحملنك غضبك على أولادك أن تدعو عليهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم فتوافق من الله ساعة يستجيب بها الدعاء"، فإذا غضبت على ولدك فإياك أن تجعل الغضب دعاء عليه بالهلاك دعاء عليه بالضرر ولكن استبدل ذلك بسؤال الله له الهداية والسكينة وأن يقبل بقلبه عليك وأن يعيذه من نزغات الشيطان.
أخي المسلم، قد تغضب على امرأتك لمسألة ما فإياك أن يجرك غضبك أن تطلقها وربما استوفيت عدم الطلاق وندمت ولا ينفعك الندم فأحذر أن يكون الغضب مسيطرًا عليك بحيث تطلق امرأتك فتهدم بيتك وتفرق أسرتك.
أخي المسلم، قد تختلف مع الأبوين في بعض الأشياء فإياك أن تغضب الأبوين غضبًا تسمعهما ما يسوء وتشتمهما أو تهين كرامتهما وهذا أمر غير لائق الله يقول: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً).
أخي المسلم، لا يحملنك الغضب على الجار أن تسيء إليه فجارك حق عليك إكرامه فإياك أن يكون غضبك عليه وسيلة لإهانته وإلحاق الأذى والضرر به ونبيك يقول: "والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه"، قد تختلف مع رحمك في بعض الأشياء فإياك أن تغضب على الرحم غضب تقطع رحمك وتقطع ما أمرك الله بصلته لأن الله أمرك برحمك (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)، وحذرك من القطيعة (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
أخي المسلم، لا يحملنك عداوة من تعادي إلى أن تقول فيه الباطل لأجل غضبك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، وقال جل وعلا أيضًا في هذا المعنى لما قال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)، فنهاك عن العدوان لا يكون الغضب يحملك على الظلم والعدوان والتعدي على الناس لا يحملنك غضبك أن تقذف مسلمًا بفاحشة أو ترميه بعظيمة هو براء منها لا يحملنك غضبك أن تهتك ستره أو تفشي حاله والنبي ذكر من خصال المنافق أنه: "إذا خاصم فجر"، والمسلم إذا خاصم اعتدل ولا يكون فاجرًا في خصومته لا يحملنك الغضب على غش المسلمين أو الكذب عليهم أو شهادة الزور عليهم بالباطل لا يحملنك غضبك أن تمتد يدك لتضرب ضعيفًا أو تهين كرامته لا يحملنك غضبك وأنت تقود سيارتك أن تسرع بها سرعة جنونية أو تتصرف بالطريق تصرفًا سيئا تلحق الضرر بنفسك وتلحق الضرر بالآخرين فكن متقيًا لله في أحوالك كلها ونبينا صلى الله عليه وسلم جاء في الدعاء المشهور عنه أنه قال: "اللهم إني أسألك خشيتك في الغضب والرضا"، فالمسلم يخشى الله في رضاه ويخشى الله في غضبه فلا يحملنه الغضب على أن يقول غير الحق ولا يحملنا الرضا أن يقول غير الحق بل هو عدل في رضاه وسخطه هكذا حال أهل الإيمان والله يقول عن نبينا صلى الله عليه وسلم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)، هكذا كان صلى الله عليه وسلم وكما قال الله بحقه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، يذكر أنس بن مالك أنه كان يمشي مع النبي في المدينة فإذا أعرابي يأتي ويجلب حلة على النبي لابسًا لها يقول يا محمد اعطني مما أعطاك الله قال أنس فلقد رأيت أثر جره لتلك الحلة يؤثر في عنق النبي صلى الله عليه وسلم فألتفت يضحك وأمر له بالعطاء هكذا أهل الأخلاق والمروءة يتحكمون في أمورهم بتوفيق الله لهم ويتغلبون على نزعات الهوى أسأل الله أن يأخذ بنواصينا لما يحبه ويرضاه في أقوالنا وأعمالنا إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ؛ ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على عبدالله ورسوله محمد، كما أمركم بذلك ربُّكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين، واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتََََّنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهمَّ وفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ، عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم أمده بعونك وتوفيقك وتأييدك، اللهم كن له عونًا ونصيرًا في كل ما أهمه، اللهم بارك له في عمره وعمله ووفقه للصواب، اللهم اِجمَعْ به كلمةَ الأُمَّةِ ووحد به صفوفها على الخير والتقوى، اللهم شد عضده بولي عهده سلطان بن عبدالعزيز وبارك له في عمره وعمله وألبسه الصحة والسلامة والعافية، اللهم وفق النائب الثاني لكل خير وسدده في أقواله وأعماله واجعلهم جميعًا دعاة خير وأئمة هدى وقادة رشاد إنك على كل شيء قدير (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

حفظ (http://af.org.sa/archive/menbar_daawah/al-shiek/1431-08-25.rm)


تفريغ مؤسسة الدعوة الخيرية (http://af.org.sa/index.php)

أبوالأثر الكوني السلفي
15-Aug-2010, 06:40 AM
الله يبارك فيك اخي