المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (وصايا للسلفيين)لفضيلة الشيخ محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
29-Aug-2010, 08:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا-.



أما بعــــد:



فجوابًا على هذا السؤال الذي توجه به الأخ في داري في المدينة المنورة-وحياهم الله-.

فأحب أولًا في الإجابة: أن أذكر نفسي وإخواني من السلفيين، بهذه النعمة التي أنعم الله بها علينا-نعمة الإيمان والهداية والتوفيق-، أن هدانا-سبحانه وتعالى-إلى المنهج الحق-منهج الصحابة-، المنهج الوحيد للنجاة، الذي نعتقد بأنه لا منهج غيره ولا طريق غيره يؤدي إلى الجنة.

كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هم يا رسول الله؟، قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).

فكثير من الناس لا يشعر بهذه النعمة، انظر من حولك في هذه الأرض، انظر إلى الكفار الذين يتخبطون في عبادة غير الله وفي الشرك وفي عبادة الأصنام وفي عبادة المخلوقات وفي عبادة حتى الحشرات والحيوانات.

لو أن الله-سبحانه وتعالى-أراد وخلقنا في وسط هذه البيئات، ربما خرجنا مثلهم نعبد البقر أو نعبد الحشرات أو نعبد الأصنام أو نعبد التماثيل، فهذه أول نعمة يجب أن نستحضرها ونشكر الله أن نجانا من عمل المشركين والكفار ومن دينهم.

ثم ندخل في دائرة الإسلام الكبرى، فالحمد لله تعرفون أن هناك رافضة وهناك سنة بالمعنى العام، فهؤلاء الرافضة يجتهدون في ضلالاتهم وفي زيغهم بل وفي كفرهم، ويظنون أنهم أفضل الناس وأنهم أولى الناس بالدين لأنهم أتباع أهل البيت، ولا يفكرون يوم من الأيام أن يرجعوا عن ما هم عليه أو أن يتوبوا، لأنهم كما قال السلف: (ليس لصاحب البدعة توبة)وهذه لها معنى. كيف يعنى: صاحب البدعة ليس له توبة، وصاحب الكبيرة له توبة؟.

المغزى في هذا: أن صاحب المعصية والكبيرة والفاحشة الذي يمارس هذه المعاصي، لا شك أنه إذا كان في قلبه بعض الإيمان يشعر أنه في نقص، ويشعر أنه مقصر، ويشعر بالذنب، وإذا كان في قلبه حياء يتمنى أو يسوف أنا سأتوب إذا كبرت، أنا سأتوب إذا جاء الوقت الفلاني، فهو يحدث نفسه بالتوبة، ويرى أن غيره أكمل منه من الذين لا يقارفون هذه المعاصي.

أما صاحب البدعة مثلًا: كالرافضي فإنه يمارس الشرك يمارس الكفر يمارس الزندقة وهو يرى أن ذلك أفضل يعني: أنواع الدين، وأنه أولى بالإسلام وأولى بالرسول لأنه من أتباع أهل البيت.

فلو فرضنا أن الله خلقك أيها الأخ في وسط هؤلاء الرافضة!، لكنت تسعى مثل سعيهم في ضلال(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)(الكهف/103-104).

نرى بعض الرافضة يأتون من بلادهم البعيدة إلى زيارة الحرمين، نرى بعضهم نساءً ورجالًا قد انحنت ظهورهم من طول أعمارهم في هذا الضلال، ويسعون به بكل جد واجتهاد.

ألا تحمد الله أخي المسلم أن هداك ووفقك للحق، ولإتباع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وإتباع أصحاب الرسول-صلى الله عليه وسلم-على هدي القرآن والسنة؟، كيف لا نشعر بهذه النعمة العظيمة، كيف لا نشعر بها؟، يجب أن نستشعرها ونحمد الله عليها ليلًا ونهارًا.

أيها الأخ السلفي: الدين يسر، والإسلام يسر(...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...)(الحج/78)، الإسلامي يقوم على الأخلاق، يقوم على التسامح، يقوم على المودة والمحبة، فديننا أمرنا بصلة الرحم، وأمرنا بإكرام الضيف، وأمرنا بإكرام الجار، وأمرنا ببر الوالدين، وأمرنا بأمور حسنة عظيمة تصب في تأسيس الألفة والمودة والمحبة بين المسلمين.

فإذا كان أخوك في منهجك السلفي، لماذا لأمر بسيط وخلاف بسيط تضخمونه وتوسعونه، ويعني: تكبرونه حتى يؤدي إلى البغضاء ويؤدي إلى التنافر وتنافر القلوب، هذا لا ينسجم مع تعاليم الإسلام، ولا ينسجم مع الأخلاق التي حث عليه الإسلام ومدح الله رسوله بهذا(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(القلم/4)، وقال-صلى الله عليه وسلم-: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

فالله الله على الأخلاق، الله الله على اللين-لين الجانب والتسامح-، وهذا لا يتنافى مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن وبالرفق وبالتفاهم، فأنت إذا رأيت من المسلم أو من أخيك السلفي خطئًا فلا داعي يعني: للمنافرة، انصحه بالتي هي أحسن، ويكون بالنقاش الهادئ وببيان الأدلة.

وقد تكون أنت تظن نفسك على صواب وهو على خطأ، والحقيقة أنه بالعكس قد يكون هو على صواب، فلا بد أن تحتمل هذا الاحتمال، أن تكون أنت لا تظن أنك على صواب مائة بالمائة.
أي نعم، قد يكون الحق مع زميلك وأنت لا تشعر، ويفصل في هذا الخلاف في الدين العلماء، بالرجوع إلى العلماء ينفصل الأمر ويظهر الحق من الباطل، (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(النحل/43).

فإذا كان الحزبيون والمبتدعون يتحابون ويتعاونون ويجتمعون ويبذلون أموالهم لإخوانهم وهم ليسوا على الحق تمامًا، فما بال السلفيين يتنافرون ويتفتتون ويتقسمون ويتجزؤون، فإن هذا يؤدي إلى الفشل (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(الأنفال/46).

فعلى السلفيين أن يأتلفوا ويتحدوا ويتحابوا، حتى لا يضعفوا أمام أهل البدع والضلال من المنتسبين للإسلام، كما أن على المسلمين أن لا يتنازعوا وأن يعتصموا بحبل الله وأن لا يتفرقوا حتى لا يضعفوا أمام الكفار.

ودين الإسلام واقعي قد يرتكب المسلم أخف الشَرَّيين، اجتناب ما هو أكبر، وهذا يتجلى في مسألة يعني: طاعة ولي الأمر، فأمر الله-سبحانه وتعالى-بطاعة أولى الأمر وقرن ذلك بطاعة الله ورسوله، قال الله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(النساء/59)، كل هذا لجمع الكلمة.

قال أهل العلم: (إذا كان هناك حاكم مسلم)يعني: لم يرتكب كفرًا(فهذا تجب طاعته)، ولا يجوز الخروج عليه إلا إذا ارتكب كفرًا بواحًا، يعني: لا شك فيه ولا ريب.

وقالوا: (إذا خرج على هذا الحاكم خارجٌ فاقتلوه)هكذا جاء الحديث يعني، نعم (من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق كلمتكم)أو نحو ذلك(فاقتلوه)، هكذا أمر النبي-صلى الله عليه وسلم-، وذلك لماذا؟، لجمع الكلمة، ولو كان الحاكم عنده نقص وعنده ظلم.

ثم انظر إلى أي حد وصل الأمر، لو فرضنا أن هذا الخارج تغلب بسيفه!، وأخذ الحكم بسيفه، ما هو الموقف؟، أوجب الإسلام طاعته حقنًا للدماء، مع أنه ارتكب مخالفة وخرج على حاكم مسلم-على سلطان مسلم-ولكنه تغلب.

فحينئذ قال أهل العلم: (نطيع من تغلب ولو كان بالسيف)كل هذا ما هو غايته وما هو هدفه؟، تآلف القلوب وجمع الكلمة، تآلف القلوب، حقن الدماء، توفر الأمن، تيسر السبل والطرق، هذا كله يدل على واقعية الإسلام، ويدل على تسامح الإسلام.

فلنأخذ من هذه التعليمات ما نستفيد به في العلاقة بيننا، والتآلف والمحبة، فليس كل مسألة نختلف فيها تؤدي إلى التنافر وإلى التباغض بين السلفيين، كفانا تفرقًا وكفانا اختلافًا وكفانا مضحكةً للحزبيين، الذين لهم يعني: أيادي في هذه الأمور التي تفرق بين السلفيين، فهم أذكياء ولا يخافون الله إلا قليلًا، ولذلك يحاولون الإفساد بين السلفيين.

فعلينا: أن نكون فطنين لهذا الأمر وألا نعطيهم المجال للتفريق بيننا معشر السلفيين، وارجعوا إلى العلماء، ارجعوا للعلماء في كل مسألة تختلفون فيها، ومع التريث ومع الصبر والتروي وإياكم سرعة الغضب، وإياكم والحمق.

فإننا نتهمكم معشر أهل المغرب بسرعة الغضب، نعم نتهمكم بهذا إلا أن تبرؤوا أنفسكم، فعليكم بالتريث والصبر والحلم، وكل هذا إذا احتسبه الإنسان يؤجر عليه، يؤجر على الصبر، يؤجر على الحلم، يؤجر على حسن الخلق، إذا رأيت أخاك جفاك فاقترب منه، لعله أن يلين قلبه ويرجع ويفيء إليك.

نريد أن يكون السلفيون شامة بين الناس، وأن يكونوا قدوة للناس، بأخلاقهم، وبعلمهم، وبسعة أفقهم، فحسن الرأي مطلوب،

وكما قال أحد السلف: (نعم الوزير للعلم حسن الرأي)، فلا بد أن يكون الإنسان حسن الرأي، أو يرجع إلى من هو حسن الرأي يستشيره في أي حركة يريدها أو عمل يريده.

هذا ما أوصي نفسي وإياكم به أيها الأخوة، جمع الكلمة والتآلف والتحابب، وغض الطرف عن بعض الأخطاء من إخوانك والصبر عليها، فإنك تؤجر على ذلك وتكون الغاية حميدة بإذن الله تعالى.



وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





تم بحمد الله.....





بتصرف يسير.....





قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد





الأحد الموافق: 19/رمضان/1431 للهجرة النبوية الشريفة.

لتحميل وسماع المادة الصوتية :
هنا بارك الله فيكم (http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=13275)
لقراءة وتحميل الملف منسق:
هنا لا حرمكم الله من متعة النظر إلى وجهه الكريم (http://www.box.net/shared/ree1itbepm)