المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وإن لم يظهر له الحكم وجب عليه التوقف وجاز التقليد حينئذ للضرورة ــ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
14-Sep-2010, 02:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


وإن لم يظهر له الحكم وجب عليه التوقف وجاز التقليد حينئذ للضرورة ــ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

الأصل السادس

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :
رد الشبهة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة واتباع الآراء والأهواء المتفرقة المختلفة ، وهي أن القرآن والسنة لا يعرفهما إلا المجتهد المطلق ، والمجتهد هو الموصوف بكذا وكذا أوصافا لعلها لا توجد تامّة في أبي بكر وعمر ، فإن لم يكن الإنسان كذلك فليعرض عنهما فرضا حتما لا شك ولا إشكال فيه ، ومن طلب الهدى منهما فهو إما زنديق ، وإما مجنون لأجل صعوبة فهمهما ، فسبحان الله وبحمده كم بين الله سبحانه شرعا وقدرا ، خلقا وأمرا في رد هذه الشبهة الملعونة من وجوه شتى بلغت إلى حد الضروريات العامة ولكن أكثر الناس لا يعلمون (( لقد حقّ القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم )) [ سورة يس ، الآيات : 7 ـ 11 ] .

آخره والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

الشرح
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


قوله :" رد الشبهة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة واتباع الآراء والأهواء المتفرقة المختلفة ...إلخ " .
الاجتهاد لغة : بذل الجهد لإدراك أمر شاق .
واصطلاحا : بذل الجهد لإدراك حكم شرعي .
والإجتهاد له شروط منها : ـ

1 ـ أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده كآيات الأحكام وأحاديثها .
2 ـ أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه كمعرفة الإسناد ورجاله وغير ذلك .
3 ـ أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الاجماع حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للاجماع .
4 ـ أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص أو تقييد أو نحوه حتى لا يحكم بما يخالف ذلك .
5 ـ أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ كالعام والخاص بما تقتضيه تلك الدلالات .
6 ـ أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها .

والاجتهاد يتجزأ فيكون في باب واحد من أبواب العلم ، أو في مسألة من مسائله ، والمهم أن المجتهد يلزمه أن يبذل جهده في معرفة الحق ثم يحكم بما يظهر له فإن أصاب فله أجران : أجر على اجتهاده وأجر على إصابة الحق ؛ لأن في إصابة الحق إظهارا له وعملا به ، وإن أخطأ فله أجر واحد والخطأ مغفور له لقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر " وإن لم يظهر له الحكم وجب عليه التوقف وجاز التقليد حينئذ للضرورة لقوله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) [ النحل الآية : 43 ] .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " إن التقليد بمنزلة أكل الميتة فإذا استطاع أن يستخرج الدليل بنفسه فلا يحل له التقليد " وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في النونية :

العلم معرفة الهدى بدليل ـ ـ ـ ـ ما ذاك والتقليد يستويان

والتقليد يكون في موضعين :

الأول : أن يكون المقلد عاميا لا يستطيع معرفة الحكم بنفسه ففرضه التقليد لقوله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ويقلد أفضل من يجده علما وورعا ، فإن تساوى عنده إثنان خير بينهما .

الثاني : أن يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية ولا يتمكن من النظر فيها فيجوز له التقليد حينئذ .

والتقليد نوعان : عام وخاص .

فالعام : أن يلتزم مذهبا معينا يأخذ برخصه وعزائمه في جميع أمور دينه ، وقد اختلف العلماء فيه :
فمنهم من حكى وجوبه لتعذر الاجتهاد في المتأخرين .
ومنهم من حكى تحريمه لما فيه من الالتزام المطلق لاتباع غيرالنبي صلى الله عليه وسلم ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ " إن في القول بوجوب طاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه هو خلاف الاجماع وجوازه فيه ما فيه " .

والخاص : أن يأخذ بقول معين في قضية معينة فهذا جائز إذا عجز عن معرفة الحق بالاجتهاد سواء عجز عجزا حقيقيا ، أو استطاع ذلك مع المشقة العظيمة .


المصدر :
رسالة الأصول الستة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( ص : 182 )