المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ــ سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Sep-2010, 07:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ــ سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله


المسألة الرابعة:

من هو الخليفة الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يتلوه بالتسلسل ... إلخ؟



والجواب:
قد أجمع أهل السنة والجماعة على أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا وهذه مراتبهم في الفضل والخلافة، وقد فضل بعض أهل السنة عليا على عثمان رضي الله عنهما، ولكن جمهور أهل السنة قدموا عثمان على علي؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم قدموه عليه في الخلافة، وجاءت آثار كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على ذلك، وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة التي نقل فيها عقيدة أهل السنة والجماعة ما نصه: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان، ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لعثمان رضي الله عنه، ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون) انتهى.
قال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله في كتابه المسمى (بالمقالات في حكاية مذهب أهل السنة والجماعة) ما نصه: (وجملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله وملائكته ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئا، وأن الله إله واحد فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله تعالى على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[26] وأن له عينين بلا كيف كما قال سبحانه: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا[27]، وأن له يدين بلا كيف كما قال سبحانه: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[28] وقوله: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[29] وأن له وجها جل ذكره كما قال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ[30] إلى أن قال رحمه الله ويعرفون حق السلف الذين اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ويأخذون بفضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم صغيرهم وكبيرهم ويقدمون أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليا رضي الله تعالى عنهم ويقرون أنهم الخلفاء الراشدون المهديون وأنهم أفضل الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله وبه يعلم أن أصحاب الحديث وأهل السنة جميعهم يقدمون أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليا رضي الله عنهم جميعا في الفضل والخلافة. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية التي ذكر فيها عقيدة أهل السنة والجماعة ما نصه: (ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله بذلك في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[31] ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة من فضائلهم ومراتبهم... إلى أن قال رحمه الله: ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن غيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها، أبو بكر، ثم عمر، ويثلثون بعثمان، ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي، وقدم قوم عليا، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي، وإن كانت هذه المسألة- مسألة عثمان وعلي- ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها هي مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله) والنقول عن أهل السنة في هذا الباب كثيرة ونرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية لطالب الحق.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يهدينا صراطه المستقيم إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.


--------------------------------------------------------------------------------


[26] سورة طه الآية 5.
[27] سورة القمر الآية 14.
[28] سورة ص الآية 75.
[29] سورة المائدة الآية 64.
[30] سورة الرحمن الآية 27.
[31] سورة الحشر الآية 10.



نشرت من مكتب سماحته بتاريخ 10/8/1407هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع