المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أما هؤلاء (الصحابة) المنصوص على أعيانهم فنقطع لهم بالجنة ـــ فضيلة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
16-Sep-2010, 07:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أما هؤلاء (الصحابة) المنصوص على أعيانهم فنقطع لهم بالجنة ـــ فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله



المبشّرون بالجنة



فأما الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة ؛ فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك ، تصديقا منهم للرسول صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ووعده لهم ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك ، والله تعالى أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على ما شاء من غيبه ، وبيان ذلك في قوله عزوجل : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ــ إلا من ارتضى من رسول )) [ الجن : 26 ـ 27 ] ، وقد بشّر صلى الله عليه وسلم عشرة من أصحابه بالجنة ، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح ، وكذلك قال لثابت ابن قيس بن شماس : " أنت من أهل الجنة " . قال أنس بن مالك : فلقد كان يمشي بين أظهرنا ونحن نقول : إنه في الجنة ومن أهل الجنة .



الشرح


قال المصنف رحمه الله : ( فأما الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة ) ، ما سبق ( في الكلام على عواقب العباد ) ذاك على العموم ، لا نقطع لأحد إلا من نص عليه الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أو الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ
أما هؤلاء المنصوص على أعيانهم فنقطع لهم بالجنة ، وباقي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد وعدهم الله على وجه العموم بالجنة والرضوان عنهم ، السابقون منهم ومن بعدهم ومن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل (( وكلا وعد الله الحسنى )) [ الحديد : 10 ] (( وعد الله لا يخلف الله الميعاد )) [ الزمر : 20 ] .
وأما غير الصحابة ؛ إن كانوا صالحين نرجو لهم الجنة ، وإذا كانوا طالحين نخاف عليهم من النار .
قال المصنف رحمه الله : ( فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك تصديقا منهم للرسول صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ووعده لهم ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك ) يقول هذا خلافا للخوارج والروافض ـ قبحهم الله وأخزاهم ؛ إذ الروافض يكفرون معظم الصحابة ويقولون : إنهم في النار ، ويحملون آيات الوعيد وآيات العذاب وآيات اللعن على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ـ قاتلهم الله ـ ويردون تزكية الله لهم في القرآن ووعده لهم بالجنة والرضوان؛ هم ومن اتبعهم بإحسان ؛ كل هذه الآيات يحرفونها ويؤولونها ويتلاعبون به ، وهذه عداوة منهم للإسلام وللرسول الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قاتلهم الله ، لا شك أن الذين وضعوا هذه المناهج زنادقة ، ومن سار على نهجهم بهذه الطريقة فهو منهم ـ والعياذ بالله ـ
والخوارج كما تعرفون لا يستثنون إلا أبا بكر وعمر ، وعثمان وعلي ومن شايعهم عندهم كفار وفي النار ، وكل من شارك في الفتنة عندهم كذلك .
نعم ، الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما قال هذا إلا بعلم من الله عز وجل ويقين من الله عزوجل : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ـ إلا من ارتضى من رسول )) [ الجن : 26 ـ 27 ] ؛ فالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما قال هذا إلا عن الله عز وجل .
( وقد بشّر صلى الله عليه وسلم عشرة من أصحابه بالجنة ، وهم أبو بكروعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح )
هؤلاء العشرة شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سياق واحد أنهم من أهل الجنة ، فنحن نؤمن أن هؤلاء العشرة من أهل الجنة ، وكذلك شهد لثابت بن قيس بن شماس بالجنة ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " لما نزلت هذه الآية : (( يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي )) [ الحجرات : 2 ] إلى آخر الآية ، جلس ثابت بن قيس في بيته وقال : أنا من أهل النار ، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأل النبي سعد بن معاذ فقال : ( يا أبا عمروما شأن ثابت ؟ أشتكى ؟ ) قال سعد : إنه لجاري وما علمت له بشكوى ، قال : فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ثابت : أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنا من أهل النار ، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بل هو من أهل الجنة ) ، لأنه ما يقصد الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم هذا الأمر جاء منه قبل النهي ، فغفر الله له ، وأخبر الله رسوله أن هذا من أهل الجنة .
كذلك :" المرأة السوداء ـ التي كانت تقم المسجد وكانت تصرع ـ أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي . قال : ( إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ ) فقالت : أصبر، ثم قالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها "، فهذه أيضا من المشهود لهم بالجنة .
فهؤلاء نشهد لهم ونقطع لهم بأنهم من أهل الجنة ،ومن عداهم نرجو للصالحين ونخاف على الطالحين ، والوعد العام لأصحاب رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالجنة : (( لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير )) [ الحديد : 10] يعني : من آمن من قبل الفتح وقاتل ومن آمن بعدهم وقاتل ؛الكل موعودون من الله بالحسنى وهي الجنة ، فنحن نؤمن إن شاء الله بأن لهم الجنة على العموم ، (( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم )) [ التوبة : 100 ] . فنشهد لهم ولمن يتبعهم بإحسان على العموم وليس على التعيين.



المصدر :
عقيدة السلف وأصحاب الحديث للإمام الصابوني رحمه الله
الشرح لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ( ص :334 ) .