المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يكون الإنسان وليا لله لفضيلة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله



أبو يوسف عبدالله الصبحي
15-Oct-2010, 07:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

من الولي

لفضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله تعالى-

الحمد لله رب العالمين وصلاة الله وسلامه و رحمته وبركاته على ذاك النبي الكريم و الرسول الأمين و على آله وأصحابه أجمعين و بعد،

حديثي معكم أيها الإخوة حديث يتمناه كل مسلم فمن منا لا يرغب و لا تتوق نفسه بأن يكون وليا من أولياء الله تعالى. ما من مسلم إلا و تتوق نفسه ليكون وليا من أولياء الله تعالى. الناس أمام الله بين ولي و بين عدو لا ثالث لهما و كل منا نتمنى بتوفيق الله تعالى أن نكون من أوليائه. لدي حديث شريف حديث قدسي يخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم ويحكيه عن ربه فيقول النبي صلى الله عليه و سلم فيما يحكي عن ربه سبحانه و تعالى: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب . من عادى لي انتبهوا لهذه الإضافة من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب. قبل أن نعرف إلى ما، أو نخوض فيما أشرت إليه كيفية اكتساب الولاية: كيف يكون الإنسان وليا لله، فلنعرف من الولي؟
لئلا يختلف الناس في تعريف الولي، تولى الله سبحانه و تعالى بنفسه تعريف الولي: (( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )) [يونس:62-63] . وصف الولي بوصفين اثنين المؤمن التقي الذي يخاف الله و يراقبه و يعظم الله و يعظم تعاليمه و شرعه و يعظم رسوله و يوقره و يتبع سنته و يقف عند حدوده هذا هو الولي. الولاية بفتح الواو لا الولاية: الولاية سلطان، الولاية بمعنى المحبة.

الولاية أيها الإخوة أمر مكتسب ليست كالنبوة.النبوة بالاصطفاء الله هو الذي يصطفي من شاء من عباده ليكون نبيا رسولا واسطة بينه و بين عباده في التبليغ و التعليم و الهداية أما الولاية فأمر مكتسب.

كيف تكتسب الولاية؟
يقول الله سبحانه و تعالى في هذا الحديث القدسي:(ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضته عليه). أول ما تبدأ أول خطوة لتسير إلى الله و لتكون ولي الله تؤدي ما افترضه الله عليك. ما افترضه الله عليك أمران اثنان: فعل و ترك. فعل ما أوجبه الله عليك جميع ألوانه و ترك ما حرمه الله عليك هذا أول السلم تمتثل جميع المأمورات و تجتنب جميع المنهيات. بعد ذلك، تبدأ في الإكثار من النوافل و إذا أكثر العبد من النوافل أحبه الله. النوافل أيضا تشمل نوافل الصلاة، نوافل الصيام، نوافل الإنفاق و الحج و العمرة و جميع ما يحبه الله و يرضاه و ليس من الواجبات، تؤدي جميع هذه النوافل و تقوم بها فإذا فعل ذلك أحبه الله. من أدى الفرائض بامتثال المأمورات و اجتناب المنهيات و أكثر من النوافل أحبه الله. هذا هو الأمر المطلوب أن تكون محبوبا عند الله أي صرت وليا من أولياء الله تعالى.
) و لئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ ني لأعيذ نه ) إذا وصل إلى هذه الدرجة صار لا يطلب من الله طلبا إلا و يعطى و لا يستعيذ إلا و يعاذ ( ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ ني لأعيذ نه). عند ذلك يقول الله سبحانه و تعالى إذا أكثر من النوافل( كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها). كيف ذلك؟
يأتي تفسير ذلك في آخر الحديث فبه يسمع و به يبصر و به يبطش و به يمشي، أي يوفقه الله توفيقا خاصا بحيث لا يسمع إلا ما يرضي رب العالمين، لا يسمع إلى ما حرمه الله: تأنف نفسه أن يسمع إلا ما يحبه رب العالمين ولا يبصر إلا في مرضاة الله تعالى لا ينظر و لا يطلق عينيه إلا في مرضاة الله فيغض بصره عما يبغضه الله فبه يسمع و به يبصر و به يبطش لا يمد يده إلا في مرضاة الله تعالى يبطش و يصرع و يجاهد و يقاتل و لا يمشي إلا في مرضاة الله تعالى أي يكون موفقا في جميع حركاته وسكناته لشدة المراقبة و لشدة المحبة. يحب الله محبة صادقة و محبة الله تعالى روح الإيمان من رزقه الله محبته فأحبه و أحب شرعه و أحب نبيه و أحب ما جاء به نبيه عليه الصلاة و السلام محبة صادقة و راقب الله سرا و علنا و خشي الله في الخلوة و الجلوة، صار وليا صادقا من أولياء الله تعالى.

الولاية كما قلنا تكتسب بهذه الطريقة. الولاية ليس أمرا موروثا. لا يوجد في الإسلام بيت ولي حتى يكون كل من ينتسب إلى هذا البيت وليا من أولياء الله تعالى كما يقولون بالعافية، سواء امتثل أو لم يمتثل، آمن أو لم يؤمن، عمل صالحا أو لم يعمل، طالما ينتسب إلى البيت الفلاني فهو ولي؟ هذا أمر لا يقره الإسلام. قد يكون الرجل كافرا فيكون الولد وليا. لا عبرة إلى أصل الإنسان و فصله: أنت الذي تكتسب الولاية، فكبار الصحابة آباؤهم ماتوا في الجاهلية و هم من كبار أولياء الله تعالى. ثم إن الولاية أيها الإخوة، لا فرق بين الولاية أو بين الولي و بين النبي من حيث المعنى بل الأنبياء هم من كبار الأولياء و في طليعة الأولياء. أولو العزم من الرسل و خاتمهم و أفضلهم محمد صلى الله عليه و سلم في طليعة الأولياء.الولاية ليست بالأمر الهين: أولئك هم الأولياء حقا ثم من يتبعهم و يعمل بسنتهم و يسلك منهجهم هؤلاء هم الأولياء.

إذا عرفنا معنى الولاية و عرفنا بأن الله تولى تعريف الولي و عرفنا كيف نكتسب الولاية، إذا علينا أن نعمل، و كيف نعمل؟ نبدأ بالعلم: العلم قبل القول و العمل. لا بد أن يرفع الإنسان رأسه ليتعلم ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم. مستحيل أن يصير العبد وليا لله وهو جاهل بما جاء به محمد رسول الله عليه الصلاة و السلام. إذا لا بد من العلم. العلم قبل القول و العمل. و ليس معنى التعلم أن تترك أعمالك، أن تترك الناس أعمالها، فتدخل الجامعات و المعاهد و المدارس لتتعلم. العلم الذي يتعلمه كثير من الناس من هذه الطرق النظامية علم دنيوي يفيدك في دنياك لكن العلم الذي ينفعك عند الله و تصير به وليا من أولياء الله تعالى ممكن أن تتعلم من المساجد، ممكن أن تتعلم من العلماء الموجودين بين أيديكم، ترتب لك درسا على شيخ من المشايخ: درسا في العقيدة، درسا في التفسير، درسا في الحديث، درسا في اللغة العربية تتعلم. أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام ليسوا بجامعيين، كيف تعلموا؟ منهم التجار و منهم المزارعون و لكن كانوا يتناوبون مجلس رسول الله عليه الصلاة و السلام في ذلك المسجد: ينزل من العوالي فرد أو فردان يحضرون درس رسول الله عليه الصلاة و السلام، حديثه كله درس، يجلسون إليه فيسمعون فيحفظون فيرجعون إلى من وراءهم فيبلغونهم، و في الليلة المقبلة ينزل عدد آخر و هكذا يتعلم أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام، بعضهم بالحفظ فقط لا يقرؤون و لا يكتبون: أبو هريرة الذي تسمعونه، حافظ هذه الأمة، من أحفظ الصحابة على الإطلاق لا يقرأ و لا يكتب، يحفظ بشهادته على نفسه، زميله عبد الله ابن عمر ابن العاص يقول هو خير مني لأنه يقرأ و يكتب و لكنه أكثر منه حفظا. أريد أن أقول: تعلم العلم النافع الذي تكتسب به الولاية و تتقرب به إلى الله و تكون من أوليائه بإمكان كل فرد أن يتعلمه. إذا نظمت أوقاتك، جعلت من أوقاتك ولو نصف ساعة لتتعلم و لئلا تبقى جاهلا. أحذرك أيها المسلم أن تبقى جاهلا عما جاء به رسول الله عليه الصلاة و السلام إذا ما حظك من رسول الله عليه الصلاة و السلام إذا كنت تجهل ما جاء به النبي عليه الصلاة و السلام، ما حظك منه؟ يجب وجوبا عينيا على كل مسلم و مسلمة أن يتعلم العلم الضروري.العلم علمان: علم ضروري لا يسع مسلما أو مسلمة جهله و علم كفاية. تعلمك كيف تعبد ربك و كيف تتبع نبيك محمدا صلى الله عليه و سلم و كيف تعامل إخوانك المسلمين في البيع و الشراء و كيف تعامل جيرانك و كيف تتجنب ما حرم الله عليك و تمتثل المأمورات، العلم الذي تعرف به هذه المعاني علم ضروري لا يسع مسلما جهله و بدون هذا العلم مستحيل أن تكون وليا من أولياء الله تعالى، إن أولياؤه إلا المتقون، ما التقوى؟ التقوى امتثال المأمورات و اجتناب المنهيات. إذا كنت لا تعلم ما هو المأمور به و ما هو المنهي عنه، كيف تكون وليا من أولياء الله تعالى؟ مستحيل. إذا خلاصة الأمر: التعلم. و التعلم كان صعبا في الماضي و الناس كانت ترحل: يرحل الرجل من هنا إلى صنعاء، و كان يضرب المثل بصنعاء في البعد (لا بد من صنعاء ولو طال السفر) لبعد صنعاء، لطلب حديث. يسافر شخص إلى الشام، إلى العراق يطلب حديثا واحدا أو ليصححه. أما الآن، فبين أيديكم في كل مدينة في مساجدكم علماء. كون الناس يزهدون في العلم الديني و يتعلمون ما يعيشون به في هذه الحياة. نحن لا نحرم أن يتعلم المرء ما يتعيش به: العلم الدنيوي. قد يتعلم، قد يخترع، قد يعمل، لكن لا يجوز له أن يجهل العلم الديني الذي به يصير وليا من أولياء الله تعالى و من أتباع محمد رسول الله عليه الصلاة و السلام.

وصفت لكم كيف كان الصحابة يتعلمون و علينا أن نتعلم بطريقة أسهل من تلك الطرق، مثل أن نطلب في كل مسجد من مساجدنا عالما من العلماء. كل حي يطلب عالما من العلماء و طالب علم في مساجد الأحياء، فنرتب لنا دروسنا: أول ما نبدأ بالعقيدة لأن العقيدة أساس الإيمان. الإيمان يبدأ بالعقيدة. يتألف الإيمان من عمل القلب و قول اللسان و عمل الجوارح. عمل القلب هو العقيدة إذاً فلنتعلم ما نعتقده في ربنا سبحانه و تعالى و ما نعتقده في أنبياء الله و في كتب الله و في اليوم الآخر أي معلومات تسمى المطالب الإلهية كل ما يتعلق برب العالمين، مطالب أو معلومات تتعلق بالأنبياء و تسمى النبوات و معلومات تتعلق باليوم الآخر تسمى شؤون المعاد. نبدأ بهذه، ثم نتعلم شروط الصلاة، واجبات الصلاة و أركان الصلاة، و نتعلم كيف نعامل إخواننا المسلمين في هذه الحياة لئلا نسيء، نتعلم الأعمال التي تتعلق بأعمالنا اليومية في البيع و الشراء لئلا نقع في المحرمات و لا نعامل الناس بالربويات و غير ذلك. هذه العلوم بإمكاننا أن نتعلم بأبسط و بأقرب الطرق حتى نكتسب بذلك ولاية الله تعالى و بدون هذا العلم لا يمكن أن يكون العبد وليا لله. لم يتخذ الله وليا جاهلا لأن الجاهل لا يعلم ما يقربه إلى الله و ما يبعده عن الله لذلك، لا أكثر عليكم و لا أطيل، إنما وصيتي الخاصة و نصيحتي الخاصة، الدين النصيحة، أن نشتغل بالعلم و أن نتعلم و ألا نضيع أوقاتنا في الملاهي. تلك الأوقات التي تضيع في الملاهي فلنصرفها في تعلم ما أوجبه الله علينا سبحانه و تعالى و أسأل الله لي و لكم علما نافعا و عملا صالحا مقبولا و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد وآله و صحبه.



المصدر :
من الولي
من مكتبة فضيلة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله تعالى