المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ::::::[ خطبة عرفة 1431 هـ ]::::::



أبو يوسف عبدالله الصبحي
22-Nov-2010, 01:32 PM
http://www.al-amen.com/vb/mwaextraedit5/extra/74.gif


خطبة عرفة 1431 هـ لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بمسجد نمرة..


للتحميل هـــــنـــــــا (http://shup.com/Shup/437483/Enreg013.amr)

للاستماع:
http://shup.com/Shup/437483/Enreg013.amr

أبو الوليد خالد الصبحي
26-Nov-2010, 11:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ
خطبة عرفة للعام 1431هـ

سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية وقف خطيبا على منبر عرفة بجموع الحجيج وألقى تلك الخطبة اقتداءا بسنة نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله ، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد
أيها الناس : اتقوا الله تعالى حق التقوى ، اتقوا ربكم عباد الله و الزموا التقوى إلى أن توافوا الله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
اتقوا ربكم .
فتقوى الله سبب لمحبة الله لكم والله يحب المتقين ، اتقوا الله في سركم وعلانيتكم في الرضا والغضب ، في كل الأحوال .
فبتقوى الله تصلح الأعمال وتغفر الذنوب ويحصل الثواب العظيم (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) .
اتقوا ربكم وتزودوا لمعادكم فخير ما زاد للمعاد زاد التقوى (( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء)) .
أمة الإسلام خلق الله أبانا آدم أبا البشر بيده نفخ فيه من روحه أسجد له ملائكته ، أسكنه جنته ، حسدهما إبليس فزين لهما المعصية فأهبطهما الله من الجنة ، هبط آدم وزوجته من الجنة وهما يحملان نور الإيمان والهداية ، أهبطهما الله إلى الأرض تحقيقا لوعده (( إني جاعل في الأرض خليفة )) ليعمر الأرض بطاعة الله وتوحيده و لتستضيء الأرض كما استضاءت السماء ، ظل نور التوحيد و الهداية يضيء للبشرية قرون عديدة حتى اجتالت الشياطين بني آدم عن فطرتهم وزينت لهم الشرك بالله وأخرجتهم من النور إلى الظلمات .
نعم ، أيها المسلم ما من مولود يولد إلا وفي قلبه نور الهداية والإيمان ، ولكن شياطين الإنس والجن تجتاله عن تلكم الفطرة تخرجه من النور إلى الظلمات من نور التوحيد الحق والهداية والأخلاق الكريمة إلى ظلمة الشرك والجهل والأخلاق الرذيلة وصدق الله (( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات )) .
كلما أظلمت الأرض بالشرك والظلال والطغيان والابتعاد عن الهدى ، وكلما غلب الشرك وطغى وابتعدت البشرية عن الهداية الربانية ، بعث الله الرسل فأشرقت شمس الهداية بمبعث الرسل وتتابعت الرسل على العباد بهداية الله (( ثم أرسلنا رسلنا تترا )) وفي آخر الزمان عم الأرض ظلام دامس وابتعد الناس عن الهدى وغلب الشرك وطغى على البشرية فأشرقت شمس الهداية بمبعث سيد الأولين والآخرين سيد ولد آدم إمام الأنبياء عليه الصلاة والسلام (( إن أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا )) .
نظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب .
بعثه الله بهذا الدين العظيم دين الإسلام الذي بدّد الشرك بكل أنواعه بنور التوحيد الحق أنار الله به القلوب وحرّرها من عبادة المخلوق تحقيقا للحكمة التي لأجلها خلق الله الثقلين (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) ويطبقوا أمره (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) بدّد ظلمات من قالوا في معبوداتهم (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) ومن زعموا أنه لا يستطيع أن يدعوا الله إلا بواسطة بعض البشر، بنور(( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الدّاع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )) (( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )) فلا واسطة بيننا وبين الله في دعائه بل نرفع أكفنا إليه في أي وقت كان (( يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن )) . بدّد ظلمات من عظموا قبور الأموات وطافوا بها تعبدا ودعوها من دون الله وزعموا تعدد الآلهة ، بنور (( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم )) . جاء بنور الإيمان الذي جلا الظلمات عن القلوب بأركان الإيمان الحقة حيث أمرهم بالصلاة والزكاة والصوم والحج وجعلها أركان الإسلام ، و جعلها فرضا على الأعيان ، جاء بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره .
فإيماننا بالله إيمان بربوبيته وإيمان بكمال أسمائه وصفاته ، وإيمان بأنه المعبود بحق وما سواه فمعبود بباطل ، إيمان بملائكة الرحمن العباد المكرمون الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُأمرون (( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )) .
إيمان بكتب الله التي أنزلها لهداية البشر وأنها حق ، وما فيها حق جاء به المرسلون من رب العالمين نؤمن بما سمىّ الله لنا في كتابه ، فنؤمن بصحف موسى وإبراهيم وزبور داود والتوراة التي أنزلها الله على موسى والإنجيل الذي أنزله الله على عيسى ونؤمن بالقرآن وأنه مهيمن على الكتب كلها مصدق لها محق للحق ومبطل للباطل (( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه )) .
نؤمن برسل الله الذين أرسلهم الله لهداية البشر فنؤمن بمن سمىّ الله لنا فآمنا بنوح وأدم وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من أنبياء الله الذين سمّى الله لنا وأن خاتمهم وأكملهم وأفضلهم سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم .
نؤمن باليوم الآخر وما أخبر الله عنه مما خفي علينا علمه فنؤمن بالجزاء والحساب وبالكتب وميزان الأعمال وأن نهاية البشر إما إلى نعيم مقيم وإما إلى عذاب أليم نؤمن بهذا كله كما دلّ القرآن والسنة عليه .
جاء الإسلام بنور العبادات ليبين للعباد كيف يعبدون ربهم ويري لهم الطريق فافترض عليهم فرائض الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج وجعلها أركان الإسلام وفرائض على الأعيان .
أمة الإسلام المجتمعات قبل الإسلام ، الجاهلية تعج بالمنكرات والأباطيل والضلالات التي استحق أهلها عقوبة الله فجاء الإسلام بنور (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) .
لقد كان للناس مع والديهم أحوال مزرية وأمور مظلمة فجاء الإسلام بنور (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )) .
عاشت المجتمعات في ظلماتها ، قطيعة بين الأرحام فلا الأخ يعرف أخاه ولا القريب يصل قريبه فجاء الله بنور (( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم )) وبالوعيد على قطيعة الرحم (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )) .
كم عانى الجيران من ظلم الجار بعضهم لبعض فجاء بنور (( والجار ذي القربى والجار الجنب )) وبقوله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ولا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه " .
أيها المسلم ، المرأة في الجاهلية وحدّث ولا حرج كم عانت ، كم ظلمها الظالمون وجارعليها الجائرون ، سنين وقرون فجاء الإسلام ، جاء بالنور المبين فأعطى المرأة حقها ، فهي الأم الواجب برها ، والأخت الواجب صلتها ، والزوجة الواجب حسن معاشرتها ، والبنت الواجب تربيتها جاء ليقول لهم إن للمرأة حقا في الميراث خلاف أهل الجاهلية (( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون مما قلّ منه أو كثر نصيبا مفروضا )) .
حجبها بنور الإيمان ليمنعها من أعين الطامعين المفسدين (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما )) .
كان في الجاهلية معاملات سيئة مبنية على الظلم والجهل والغرر والخداع فجاء الإسلام بتنظيم تلكم المعاملات ، فأمر المتبايعين بالصدق فإن صدقا وبيّنا بوركا لهما في بيعهما " ومن غشّنا فليس منا " وحرّم الربا والتعاملات الخبيثة التي تشتمل على ظلم وجور وأمر الجميع بالتزام العدل فنهى البائع والمشتري جميعا ولم يجعل رضاهما مبيحا للجهالة والبيع الباطل .
وفي النكاح ، في الجاهلية كم عانت المرأة من العضل وسوء العشرة وجحد الحقوق فجاء نور الإسلام ليأمر بالعشرة الحسنة وينهى عن العضل ويحفظ لها حقوقها ، كانت في الجاهلية لا يُسمع لها صوتا ولا يُقام لرأيها وزنا ، يزوجها أبوها من شاء ، ويمنعها ممن شاء ، فجاء الإسلام " لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الأيّم حتى تستأمر" .
كانوا في جاهليتهم يطلقون المرأة فإذا قارب انقضاء عدتها استرجعها وربما تكرر عليها ذلك مئات المرات ، فجاء الإسلام ليحسم هذا الظلم (( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )) .
في الجنايات ، كان في الجاهلية ، مبنية إنتقامه على الثأر، القتل أمثال القتل فجاء الإسلام بالقصاص أو الدية أو العفو تحقيقا لأمن المجتمع وسلامته ، جاء الإسلام بحدود شرعية تردع المجرمين وتوقفهم عند حدهم وتأخذ على أيدي المفسد والمبطل وسبحان الحكيم العليم (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) .
كانوا في جاهليتهم يتحاكمون إلى الأعراف والعادات الجاهلية بما فيها من ظلم وعدوان فجاء الإسلام بالخيركله وأن أحكم بينهم بما أنزل الله (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) .
بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالنور المبين ليحرق به ظلمات الجاهلية على اختلافها ويقيم المجتمع العادل المنتظم بوحي الله السائرعلى منهج الله هذا دينكم دين السماحة واليسر ، دين الرحمة والخير ، دين حفظ الحقوق ، دين الرحمة والصلة ، دين مشتمل على خيري الدنيا والآخرة .
إخوة العقيدة إن الإسلام جاء بعلاج كامل شافي لمشاكل الأمة ليقيم لها المنهج القويم في حياتها ، جاء بحفظ المصالح العليا للأمة ، جاء بتنمية اقتصادها ، جاء بحفظ الحقوق والاستفادة من كل تقدم نافع ، جاء بالأمر بالعدل والتحذير من الظلم ومن مسالك التطرف غلوا و جفاء ، جاء باحترام حملة الدين وأهله من الصحابة ومن سارعلى الدين ، جاء بالأخلاق الكريمة وحذّر من الأخلاق الرذيلة .
أخي المسلم ، في المصالح للأمة فقد جاء الإسلام بالدعوة إلى الاهتمام بالمصالح و درء المفاسد وتقليلها وتقديم المصالح المتعدية على المصالح القاصرة ، فالمصالح العليا للأمة يجب إعمالها ،أمن الأمة وتماسكها وحماية مقدّراتها ،أمور هي سبب لانتشار الدين ، وهيبة الأمة وعز الإسلام .
إن المصالح العليا للأمة يجب إعمالها ولا يجوز التعدي عليها لأي غرض شخصي أو هوى بدعي أو مصالح حزبية أو مطالب إقليمية أو نعارات جاهلية أوعصبية قبلية .
أيها الشعوب والقادة ، إن أمتنا تمر بظروف دقيقة خطيرة تستوجب منا وقفة صادقة نقدّم فيها المصالح العامة على المصالح القاصرة ونهتم بدرء المفاسد تقديما على جلب المصالح حفاظا على كيان الأمة .
أيها الشعوب المسلمة التفوا حول قادتكم فيما توجه إليه من خير و تناصحوا معهم فيما يعود على الأمة بالخير ، وإياكم ومنابذتهم ، أو تكونوا ثغرة للأعداء عليهم ، إن مصالح الأمة لا تحل إلا بالحكمة والبصيرة والتدبر والتعقل ، فاحذروا أن تكونوا يدا لأعداءكم على أمتكم أو تسهلوا لهم مهمة الاعتداء على أمتكم ، فذاك مما يخالف شرع الله .
أيها القادة المسلمون ، إن أمن أمتكم ودينها أمانة في أعناقكم فاتقوا الله في أمتكم ، إن حل مشاكل الأمة لا يكون بالارتماء في أحضان الأعداء ولا بالزّج بالأمة في أمور لا تحمد عقباها بل الحكمة والتروي في الأمور ودراسة الأحوال قبل كل شيء لتكون قرارات الأمة قرارت مصيبة مبنية على الحكمة والتروي في الأمور كلها .
أمة الإسلام ، إن أعدائنا لا يلوون خبالا ودوا تفرق صفوفنا وتشتيت كلمتنا إنهم يسعون في خلخلة أمننا ويسعون في اشتغالنا بعضنا ببعض لنكون لقمة سائغة لهم فلنحذر من مكائد أعداءنا .
أمة الإسلام ، هاهم العالم من حولكم شرقا وغربا قد انتظموا في تكتلات اقتصادية عظمى قلوبهم متفرقة ، اتجاهاتهم الفكرية متغايرة لكن جمعتهم مصالح دنياهم وخوفهم من عدوهم ، فأين أنتم يا أهل الإسلام يا من تربطكم عقيدة الإسلام ونهج الإيمان ، أنشتكي من قلة الموارد فبلادنا بلاد الخيرات على تنوعها ، أيشتكي المسلمون من قلة الأيدي ؟ فالمسلمون من أكثر الأمم ، أيشتكون من قلة سعة الأرض ؟ فأرض الإسلام تحوي قارتين فأكثر .
إنما يشكو المسلمون للأسف الشديد من بُعد أبنائهم عن دينهم ،يشكون من بُعد أبنائهم عن دينهم ، من كثرة التفرق وتفرق القلوب وغلبة الأهواء والأمة إذا تفرقت قلوبها لم تكن جمع أبنائها ، نشكو من عدو يؤصّل فرقتنا ويذّكي قطيعتنا يحاول تشجيعنا عن البعد عن ديننا ، إن ديننا الحق ليس سببا للتخلف ألا تروا الله يقول (( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور )) . إن المسلم يتساءل لماذا لا يكون لأمة الإسلام كيان اقتصادي موحد خالي من التبعية ؟ لماذا لا يكون لها كيان يستمد منهجه من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، كيان خالي من الربا أخذا وعطاءا ، كيان يجعل أسواق الأمة لتسويق منتجاتها وصناعتها ، كيان يعطينا قوتنا وتميزنا ، لست أنادي بالتعاون مع الأخرين ولكن ليكون للأمة استقلاليتها بأي وسيلة يمكن ، ولا يتم ذلك إلا بتعاون الجميع في إيجاد منظمة اقتصادية إسلامية تعالج مشاكل العصر حتى تكون الأمة على استقلالها كما أراد الله (( كنتم خير أمة أخرجت للناس )) .
أمة الإسلام في مثل هذا اليوم ومن مثل غد أعلن المصطفى صلى الله عليه وسلم النداء العام للأمة [ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ] .
نعم أيها المسلم إنه النداء الذي يحدد حقوق الإنسان الحقة المبنية على العدل لا على الظلم والجور حقوق الإنسان كما أرادها الإسلام حفظ للمسلم حقه في الحياة فحرّم الاعتداء على النفس ، حفظ حقه في التصرف في المال فحرّم الاعتداء على الأموال ، حفظ حقه في تكوين أسرة وتربية الأولاد ، فحفظ كرامته وشرفه وحرّم الاعتداء على عرضه .هذا دين الإسلام دينكم الحق السبّاب لكل خير الذي جعل تعاليمه ديانة يجب الالتزام بها ويحرم التعدي عليها .
إن أقواما رفعوا شعارات براقة ليخدعوا بها الأمم شعارات طالما تنادوا بها باسم حقوق الإنسان وإنما هي الشعارات الزائفة لاستذلال الأمم والسيطرة عليها ثم نراهم من أول من خالفها ولا نجد منها بينهم ذكرى ، فهل حقوق الإنسان حق لشعب دون شعب أو لزمان دون زمان . إن ديننا حفظ حقوق الإنسان من أول مبادئه فحفظ عرضه ودينه وعقله وماله كل هذه جاء بها الإسلام . تعاليم ديننا ليست شعارات للشعوب ولا لإشغالها عن وظيفتها ولكنها المنهج والعقيدة لإصلاح الدين والدنيا معا .
أمة الإسلام ، إن لربنا سننا كونية لا تتبدل ولا تغير من أخذ بهذه الأسباب نال بتوفيق من الله مسبباتها مسلما كان أوغير مسلم ، وإذا أعدنا النظر للوراء لأمتنا وسلفنا الصالح حينما استعانوا بربهم وأخذوا بزمام الأمور وعُنوب العلم واستفادوا من تجارب الآخرين كان لهم في زمانهم القدح المعلى وكانوا أهل السيادة والرئاسة وكانت بلادهم قبلة العلوم في دينها ودنياها واستضاءت بلادهم بأنوار المعرفة بينما كان غيرهم يعيش في ظلمات وتقهقر ورجعية فلا دين ولا عقيدة ولا شريعة ولا دنيا يتميزون بها لكن القوم (..)أنفسهم العلم فجدّوا واجتهدوا واستفادوا من تجارب الآخرين وللأسف الشديد كانت لهم الدولة على المسلمين (( وتلك الأيام نداولها بين الناس )) .
إن ديننا ليس السبب في تقهقرنا وليس انتسابنا لديننا عيبا علينا فديننا يدعونا إلى العلم وأن ننطلق في آفاق العلم والمعرفة ليعود لنا كياننا وقوّتنا .
إن خلافنا مع غيرنا لا يوجب التقوقع والانزواء وعدم الاستفادة مما لدى الآخرين من تقنية أو علوم أو زراعة وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الطب فتلك أمور جاءت لإصلاح دنيا الناس وتحقيق معاشهم ، وإن استفادتنا من غيرنا لا توجب الاغترار والانخداع ولكنها الأمة الوسطية تأخذ من كل شيء خياره .
أمة الإسلام ، العدل يحبه الله ، العدل أمر الله به ، وبه حكم (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان )) العدل كله صلاح وخير وهداية ، العدل به أرسل الله الرسل ، وبه أنزل الكتب وبه شرع الشرائع للحفاظ على كيان البشرية (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ـ الآية )) .
أمة الإسلام ، بالعدل تحقن الدماء ، وبالعدل تصان الأعراض وبالعدل تحفظ الأموال وبالعدل تطمئن النفوس ولو كان الحكم عليها ، إن العدل يوجده الشرفاء والضعفاء ، ولو كل عاقل ينشد العدل ، إنه خير ونعمة وبه صلاح الأمة وقيامها ، إنه عدل بين العبد وبين نفسه في طاعته لربه وقيامه بما أوجب الله عليه ؛ عدل في أبنائه بالعدل بينهم ( اتقوا الله وأعدلوا بين أبنائكم ) .
عدل بين الزوجات (( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة )) .
عدل في الأقوال والأفعال قال الله جل وعلا (( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )) .
أمة الإسلام ، لقد عاش غير المسلمين مع المسلمين دهورا عديدة ما اشتكوا ظلما ولا قسوا ظلما وإنما عاشوا تحت كيان الأمة المسلمة رضوا بعدل الإسلام وقرّت به عيونهم ، لم تكن الأمة لتفرض دينها بقوة على البشرية لأن ذلك ينافي تعاليم الإسلام ولكن الأمة لما رأوا حملة هذا الدين وأن حملته كانوا رجالا صادقين مع ربهم ، صادقين مع أنفسهم ، صادقين مع غيرهم رأوا رجالا تسبق الأعمال الأقوال ، رأوا رجالا على الحق في سرهم وعلانيتهم ، رأوا العدل والإسلام بصورته المضيئة لا غلو ولا جفاء لا إفراط ولا تفريط دخلوا في دين الله طائعين منقادين راضين ، فانتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا على أيدي أولئك الرعيل الأول الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فرضي الله عنهم وأرضاهم . وتحقيقا لقوله جلا وعلا (( ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون )) .
أيها الأمة ، إني أناشد صنّاع القرار في العالم أن يرعوا ويعلموا أن الظلم حرمه الله على نفسه وجعله محرما بين عباده فيا من سلطوا على الأمة بمعاصيهم ويا من ابتليت بهم الأمة اعلموا أن الظلم ظلمات في الدنيا والأخرة عاقبة الظلم ضرر على البلاد والعباد والأموال وقد قال الله في الحديث القدسي ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) .
أمة الإسلام ، إن هناك حملات تشن على أهل الإسلام ، حملات عسكرية ، حملات فكرية ، حملات اقتصادية ، حملات إعلامية كلها ضد هذا الدين ، وصفوا هذه الأمة بأنهم الأمة الإرهابية ، وصفوهم بأنهم إرهابيون ، ووصفوهم بأنهم متخلفون ، ووصفوهم بأنهم منتقصوا حقوق الإنسان ، ووصفوهم بأنهم منتقصوا الحرية بانتقاص حريات البشر ، وأنهم اخترقوا حقوق الإنسان إلى غير ذلك ، عقدوا المؤتمرات ، وحاكوا المؤامرات ورموا الأمة عن قوس العداوة ظلما وجورا ، وإلا فالإسلام هو دين العدل والحق وحفظ الحقوق واحترام الحريات لمن تدبر تعاليمه ومبادئه وصبر ذلك خيرا .
أمة الإسلام ، لئن كان غيرنا فرح بانتسابه لمناهج فلسفية ، شرقية أو غربية لا طائل تحتها لا تزيد أهلها من الله إلا بعدا ، إن بحثت معهم في أسماء الله وصفاته ، (..)ربوبيته لم تجد عندهم شيئا ، إن بحثت معهم في توحيد الله وإخلاص الدين له وجدت ما يخالف ذلك ، إن بحثت فيما بعث الله به الرسل من الهدى والحق لم تجد عندهم شيئا من ذلك ، فاحمد الله أن جعل منهج حضاراتك وأساس بنائك كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم . إياك أن تنخدع بحضارة علمت هشاشة بنائها وسوء تأسيسها لا تمجد رموزهم ولا تنخدع بهم ولا بأرائهم ولا تجعلها عوضا عن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
أمة الإسلام ، إن من عظيم ما ابتليت به أمة الإسلام ما كان من بعض أبناءها الذين أغواهم شياطين الإنس والجن بسوء توجيههم وقبح توجهاتهم ، ارتكبوا مركب التكفير فأرداهم ، كفروا الأمة ، استباحوا الدماء المعصومة وخفروا الذمم ، وسعوا في الأرض فسادا تفجيرا وتدميرا وقتل الأبرياء وترويع للآمنيين وانتهاك لحرمة المسلمين و تنقصا لولاة المسلمين هؤلاء أطاعوهم كبرا وعجبا تلي القرآن عليهم وسمعوا السنة وما نقل عن إجماع علماء عصرهم وما عليه سلف الأمة فأصروا كأن لم يسمعوا ذلك تجاهلا ، أرهبوا أهل الإسلام وفرّحوا فيهم أهل الكفر والطغيان وشمتوا بالمسلمين الحاقدين فهذه صفقة غادرة والعياذ بالله .
أيها الشاب المسلم ، يا من رتع المرتع الوخيم كيف تقابل الله ؟ أتقابله بدماء بريئة قتلتها أو ساعدت في قتلها كيف تجيب إذا سألك يوم القيامة ؟ يا رب سل عبدك لما قتلني ؟ أتلاقي ربك بذمم خفرتها وعهود غدرتها ومجتمعات إسلامية (..) مضاجعها ولعبت بمقدراتها وانتهكت حرماتها وسلطت الأعداء عليه أتلقى ربك بأشلاء مزقتها حينما فجرت نفسك ، ارضاء للشيطان ، واتباعا للهوى وطاعة للأعداء الحاقدين أو هوى للمتعالمين الذين لا يزنوا الأمور ولا يعرفون قدر الأحداث والأمور .
أيها الشباب المسلم ، أوصيكم بتقوى الله ، أوصيكم بالتثبت في الأمور ، احذروا أن يتخذكم أعداءكم في تنفيذ أغراضهم تظنون بهم خيرا ، وتحسنون الظن بأولئك وأولئك يريدون القضاء عليكم وعلى أمتكم فاحذروا أن تنقادوا لكل دعاية ، قفوا عند كل داع وفكره ، وزنوا هذا الفكر وماذا يراد ، ادرسوا الأمور حقا وانظروا ما وراء السطور . فكم من عدو متلبس للأمة يظهر لهم النصح والتوجيه ولكن يريدهم حربة في نحور الأمة ، حتى إذا تم له الأمر جعل أولئك حطبا آخر .
فاحذروا مكايد الأعداء ولا تنقادوا لكل داع وزنوا كل قول ومن جاء به وادرسوا الأمور على حقيقتها والجأوا إلى الله (..) قلوبكم ثم إلى علماء أمتكم ليبصروكم ويهدوكم الطريق المستقيم .
أمة الإسلام إن الله اختار محمدا صلى الله عليه وسلم فجعله سيد الأولين والأخرين ، واختار له صحابته الكرام أطرّوا الناس قلوبا وأصدقها ألسن وأصبرها عند اللقاء ، قوم صحبوا رسول الله ونقلوا أقواله وأفعله ونصروا سنته شهدت لهم دموع جرت من خشية الله ودماء سالت في سبيل الله وأموال أنفقت في سبيل مرضاة الله أثنى الله عليهم (( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه )) (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ))
هم الذين نقلوا لنا دين الله بكل صدق وأمانة ، هم الصادقون ، هم القانتون ، هم المهديون المرضي عنهم ، حبهم إيمان ، وبغضهم نفاق ، إنا نحبهم ونحب آل بيت رسول الله المنتسبين إلى شرع الله نحبهم لمحبتنا لله ورسوله ، نحب التابعين لهم بإحسان الذين لهم قدم صدق في العالمين وحسن بلاء في هذا الدين ، نحب علماء الأمة الذين نصروا هذا الدين ونشروا هذا الدين من الحديث والتفسيروالفقه وغيرهم من علوم الإسلام الذين نقلوا هذه الشريعة لنا ، نحب كل بر تقي في أي زمان ومكان .
أمة الإسلام ، إن ديننا دين الأخلاق الكريمة والبعد عن الأخلاق الرذيلة ، دين الأخلاق الكريمة والبعد عن الخلال الذميمة الله جل وعلا قال في حق نبينا (( وإنك لعلى خلق عظيم )) فلولا أن للأخلاق شأن لما مدح بها خير الأنبياء في خير كتب الله .
إن أطرالنفس على الأخلاق الكريمة سبب لنجاتها من عذاب الله (( ونفس وما سوّها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)) إن الخلق الكريم سبب للخيرية ، خيركم أحسنكم أخلاقا ، وقد ضمن النبي بيت في الجنة لمن حسن خلقه إن الاهتمام بالأخلاق الكريمة وتنميتها سبب لسعادة الأفراد في الدنيا والآخرة ، حماية الفضيلة ومحاربة الرذيلة سبب يقي الأمة وحصن يقي الأمة من الانهيار ، لنعد إلى أنفسنا وأبنائنا وبناتنا لنربيهم على الأخلاق الكريمة في هذا الزمن الذين كبس بالشر وقلّ المنكرون وأعلنت كثير من القنوات الفضائية حربها على العقيدة وحربها على الأخلاق والقيم ، وحربها على الفضائل فنحصن أبنائنا بدين الله فعسى أن يجعل الله في ذلك خيرا وبركة .
أيها المسلم ، إن المسلم ليهتم كيف أولئك الذين يفكرون دائما في الفساد والإفساد ما همهم إلا إفساد الأمة ، تارة يخرجون المرأة من بيتها باسم العدالة ، أو يمنعونها حجابها باسم الحرية مطايا لشياطين الإنس والجن فيما يجرفون به على الأمة المسلمة وهمهم هدم الإسلام ، معاول هدم الأخلاق والقيم .
فنسأل الله أن يرد الجميع إلى الهداية والتوفيق ، نسأل الله أن يرد الجميع إلى الهداية وصلاح القول والعمل .
أمة الإسلام ، ياعلماء الأمة ، يا علماء الأمة المسلمة أنتم ورثة الأنبياء وأنتم حملة الرسالة وأنتم عليكم التبعة فبصروا عباد الله ، اهدوهم سبيل الرشاد ، تكلموا بالحق ، فلا تكتموا الحق ولا تقولوا باطلا ، بصروا الناس وأفتوهم بشرع الله من غير تساهل ولا تشدد ، بل دين الله وسط بين من غلا وجفا .
أيها الدعاة إلى الله ادعوا إلى الله على علم وبصيرة وحاولوا إصلاح أوضاع أمتكم وادعوا إلى الله بإخلاص ، وحاولوا إصلاح أوضاع أمتكم وبينوا الحق بحكمة وبصيرة (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )).
يا شباب الإسلام ، إن أمتكم بأمّس الحاجة إليكم علماء عاملين ، وجنود منضبطين وحملة للشريعة ودعاة لكل خير ، فاحذروا المسالك الرديئة غلوا أو تفريطا وكونوا على الخط المستقيم هدانا الله وإياكم لكل خير .
أيها المسلمون ، إني أناشد أهل الإسلام في العالم الخارجي ، أناشد الأقليات من إخواننا المسلمين في العالم الخارجي لأقول لهم : اتقوا الله والزموا دين الله ، اتقوا الله والزموا دين الله ، اتقوا الله واعلموا أنكم قلة وصوتكم ضعيف ، فاحذروا إخواني المسالك الرعنة ، والمصادمات الهوجاء التي لا تخدم مصالحكم ، احفظوا إسلامكم وربوا أبنائكم على الخير واحذروا أن يستغلكم عدوكم لأغراضه الدنيئة وآراءه السيئة ، استقيموا على دين الله لعلكم تفلحون .
يا رجال الإعلام ، اتقوا الله في أنفسكم ، و سخروا إعلامكم فيما يخدم الأمة ، احذروا أن يكون الإعلام موجه ضد العقيدة أو ضد ثوابت الأمة أو نشر الفواحش ، ويا من يملكون القنوات الفضائية وقد استرعاكم الله على ذلك اتقوا الله ، بما تواجهون ربكم يوم القيامة بأفلام هابطة وبأجساد عارية وبأغاني فاحشة إنكم مسؤولون أمام الله فسخروا هذه الأجهزة لخدمة هذه الشريعة ، إننا وللأسف الشديد نعاني من بعض القنوات الظالمة التي أخذت على عاتقها كالطعن في الأمة وتفكيك كلماتها والبحث عن المعايب والسعي في تضليل الأمة وإحداث الفوضى بين صفوفها ، تدعي الإصلاح أحيانا وتدعي الخير أحيانا وإذا نظرت إلى هذه الأجهزة وهذا الإعلام الجائر وجدته مجانبا للصواب فيما يقول ويفعل ، فلنتق الله وليحذر كل أن يقول ما سيندم عليه (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) .
وقفة أخيرة ، وقفة ثناء واعتراف للجميل ، إنني في هذا الموقف لأشكر الله على نعمته أن يسّر للحجيج أمرهم وهيأ لهم أسباب الخير وإنا لنشكر الله على هذه النعمة ثم نشكر لكل القوة المشاركة في أمن الحجيج ومن أعظمهم رجال أمننا والمسئولون عن اللجنة المركزية للحج ومن أعانهم وعلى رجال أمننا على اختلافهم فلهم منا التقدير والثناء ونسأل الله لهم الثبات في القول والعمل فتلك مهمة عظمى نسأل الله أن يعينهم ويثبت أقدامهم ويجعل مساعيهم مساعي خير وصلاح .
حجاج بيت الله الحرام ، ها أنتم قدمتم إلى بلد الله الأمين قد سهلت لكم السبل وذللت أمامكم العقبات فاشكروا الله على نعمته واسألوه المزيد من فضله ، هذا بيت الله الحرام آمن بأمان الله ، هذا البلد الأمين ، هذا بيت اللهالحرام حرام بتحريم الله ، فاحذروا الإخلال بأمنه ذلك ومن يعظم حرمات الله فإنه خير له عند ربه احذروا تكدير صفو شعائره ومشاعره (( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )) .
حجاج بيت الله الحرام ، لقد مضى على سلفنا الماضي قرون عديدة ، الحج من أشق الأمورلا يستطيع الإنسان الحج إلا بشق الأنفس يحج الحاج فربما مات في الطريق وربما ضل عن الطريق وإذا وصلوا إلى البيت ضاق بهم درعا من حمل الماء ووعورة السبل وربما حصل قتال وربما تأخر إقليم من أقاليم الإسلام لم يحج منها أحد ، أما اليوم وقد هيأ الله لهذا البلد الأمين رجالا أرجو الله لهم التوفيق والصلاح ، اهتموا بهذا البيت أعظم اهتمام ، اهتموا فوفروا أمنه ومرافقه الصحية ومواده الغذائية وحولوا وذللوا كل الصعب وشقوا الطرق وهيئوا المشاعر واستلزموا وسعهم وأوقاتهم وأنفقوا الأموال الطائلة في ذلك فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا وبارك في مساعيهم وجعل ذلك في ميزان أعمالهم ، والمسلم حينما يرى هذه التسهيلات وهذه المهمات ليسأل الله لهذه القيادة مزيدا من التوفيق والصلاح وأن يجعلهم أئمة هدى ودعاة خير وصلاح إنه على كل شيء قدير .
أيها المسلم ، أيها الحاج المسلم ، اتق الله في حجك وراقب سنة نبيك قفوا بعرفة إلى غروب الشمس فإنها الموقف العظيم لكم والنبي يقول " الحج عرفة " فقفوا بهذا المشعر ، صلوا به الظهر والعصر جمعا وقصرا ، أفيضوا إلى مزدلفة وصلوا بها المغرب والعشاء جمعا وقصرا ، ارموا جمرة العقبة من بعد منتصف ليلة النحر إلى صباح اليوم الحادي عشر أي أن جمرة العقبة زمنها ثلاثون ساعة ، من رمى في آخر الليل أو الضحى أو العصر أو بعد المغرب أو بعد العشاء أو قبيل الفجر فقد أدى النسك إن شاء الله ، ارموا الجمار في أيام التشريق ، واعلموا أن كل الليل محل لرمي الجمار إلى طلوع الفجر كل هذا من التيسير .
أيها الحاج الكريم ، جنب النساء العاجزات عن الرمي في وقت الذروة ، واختر وقتا مناسبا ، والعاجز من الرجال ينيب غيره ، فيرموا الجمرة عن العاجزين من الرجال ، وكذلك النساء لا تعرضهن للازدحام الشديد إما أن تختاروا وقتا مناسبا أو جنبهن وقت الذروة والازدحام فذاك من توفيق الله .
أيها الحجاج ، اتقوا الله في حجكم ، وتعانوا على البر والتقوى ، أوجه خطابي إلى حملة الحجيج والمسئولون عن حملات الحج عموما أن يتقوا الله ويتعاونوا مع السلطة في سبيل تفويض الحجاج وفي سبيل الراحة وفي سبيل الإنتظام ، فراعوا الأنظمة واحترموها وإياكم انتهاكها فإنها وضعت لمصالح الحجيج عموما .
أيها المسلم ، إن نبيك صلى الله عليه وسلم يقول :" من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، فاتق الله ، في جوارحك ولسانك ، في أقوالك وأفعالك ، اتق الله في حجك وكن بعد الحج خير منك قبل الحج بتوفيق من الله .
أيها المسلم ، تذكر وأنت تلبس الإحرام ، تذكر يوم تكفن في أكفانك وتحمل إلى قبرك ، تذكر يوم وقوفك بين يدي الله في ذلك الموقف العظيم ، تذكر أهوال الآخرة ، فعساها أن تكون حادية لك إلى الخير والتزود من الأعمال الصالحة .
اللهم وفق الأمة الإسلامية إلى كل خير ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم ، وأصلح ذات بينهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن .
اللهم اجمع قلوبهم على طاعتك واكفيهم شر الأشرار وكيد الفجار وبصرهم فيما ينفعهم في حاضرهم ومستقبلهم .
اللهم وفق ولي أمر المسلمين لما يرضيك ، اللهم وفق إمام المسلمين لما يرضيك اللهم انصر به دينك وأعلي به كلمتك ، اللهم بارك له في عمره وعمله وامدده الصحة والسلامة والعافية ، اللهم جازيه على ما قدم للإسلام خيرا ، اللهم وفق ولي عهده سدده في أقواله وأعماله ، ووفق النائب الثاني واجعلهم أعوانا على الخير والتقوى إنك على كل شيء قدير (( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم )) (( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) (( سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين )) .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


تم التفريغ في مدينة قسنطينة الموافق ل 07 ـ 11 ـ 2010