المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من اسماء الله تعالي الصمد فما معني "الصمد"



ام عاصم الليبيه
31-Dec-2010, 01:45 PM
المفسرون من السلف اختلفوا في تفسيرها على قولين مشهورين وكل قول فيه تفاصيل وأيضا القول منهما يدل على الآخر بنوع من الدلالة .
أما القول الأول فهو أن " الصمد " هو الذي لا جوف له ، " الصمد " كما جاء عن ابن مسعود ورويت عنه موقوفة ومرفوعة أيضا لكن لا يصح المرفوع وأيضا رويت عن ابن عباس وعن جماعة من مفسري السلف بأن " الصمد " الذي لا جوف له ، وهذا بمعنى أنه لا يتخلل ذاته جل وعلا شيء بل هو جل وعلا واحد بالذات والمخلوقات غير الملائكة لها جوف يدخل فيها ما يدخل ويخرج منها ما يخرج ويلدون ويحمل منهم من يحمل ويلد من يلد ويأكلون ويشربون ويتغوطون وهذه كلها من صفات النقص ، ولهذا فسرها بعضهم بأن " الصمد " الذي لا يأكل ولا يشرب ، وقال بعضهم " الصمد " تفسيره ما بعده وهو قوله " لم يلد ولم يولد " وهذه كلها في المعنى واحدة وهو أن " الصمد " الذي لا جوف له لأن الأكل والشرب يحتاج إلى جوف يمر فيه ، وكذلك الولادة يحتاج أن تخرج من جوف والله جل وعلا ( صمد ) " الله الصمد " هذا هو المعنى الأول، وهذا قال ابن قتيبة وابن الأنباري هذا مأخوذ من ( الصَمَت ) بالتاء ، فكأن الدال هنا في قوله " الصمد " مبدلة من التاء ، من الصمْت أو المصمت من الشيء المصمت وهو الذي لا شيء في داخله ، قالوا الدال مبدلة من التاء ، وهذا رده شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وقال : ليس هذا بوجيه بل الأولى أن يحمل هذا على الاشتقاق الأكبر وهذا صحيح ، لأن " الصمد " والصَمَت يعني المصمت و " الصمد " بينهما اشتقاق أكبر ، فبينهما اتصال في المعنى .
أما القول الثاني وهو أيضا مروي عن ابن عباس وجماعة كثير من المفسرين من السلف فمن بعدهم أن " الصمد " هو الذي كمل في صفات الكمال وهو الذي يستحق أن يُصمَد إليه في الحوائج يعني يُسأل ويُطلب ويرغب فيما عنده وهو الذي يأتي بالخيرات وهو الذي يدفع الشرور عن من يَصمِد إليه ، وهذا مروي من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس في صحيفة التفسير الصحيحة المعروفة حيث قال " الصمد " هو السيد الذي كمل في سؤدده ، الشريف الذي كمل في شرفه ، العظيم الذي كمل في عظمته ، الحليم الذي كمل في حلمه ، العليم الذي كمل في علمه ، يعني أن " الصمد " هو الذي اجتمعت له صفات الكمال وعلى هذا هو الذي يُصمَد إليه يعني يُتوجه إليه بطلب الحوائج إما بجلب المسرات أو دفع الشرور والمضرات ، وهذا معروف من جهة الإشتقاق من جهة الصَّمْد ، صَمَدَ إلى الشيء بمعنى توجه إليه وقد جاء في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى إلى عمود أو إلى سارية لم يَصْمُدْ إليه صَمْدا وإنما جعله عن يمينه أو عن يساره " وهذا الحديث استدل به شيخ الاسلام في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم في موضع وفي إسناده ضعف لكن المقصود هنا من الشاهد اللغوي ، كان لا ( يصمد ) له بمعنى لا يتوجه إليه صمدا ، يتوجه إليه دون غيره بمعنى يكون مقابلا له متوجها له دون ما سواه ، وهذا إنما هو لله جل وعلا ، أما المخلوق فإنه وإن صُمِدَ إليه بمعنى إن تُوُجِّه إليه في الحاجات فهو أيضا يحتاج إلى أن يصْمُد وأن يَصْمِد إلى غيره ، أما الله جل وعلا فهو الذي كملت له أنواع الصمود وهو أنه الذي لا يستغني شيء عن أن يتوجه إليه وعن أن يصمِد إليه ، وهو جل وعلا مستغنٍ عن أن يَصْمِد إلى شيء ، ولهذا فسرها من فسرها من السلف قال " الصمد " هو المستغني عما سواه الذي يحتاج إليه كل ما عداه ، فسرت " الصمد " بذلك وهذا يعني أن الصمدية راجعة إلى صفة الله أولا ثم إلى فعل العبد ، يعني العباد هم الذين يصمدون إليه .
فإذن على هذين التفسيرين يكون قوله " الله الصمد " فيها صفة الله جل وعلا ـ القول الأول ـ والثاني فيها أنواع صفات الله جل وعلا لأن معنى " الصمد " السيد الذي قد كمل في سؤدده الشريف الذي كمل في شرفه يعني " الصمد " من كملت له صفات الكمال ، وهذا ثابت في حق الله وأيضا على هذا يكون " الصمد " الذي يُصمَد إليه في الحوائج ، فيكون على هذا التفسير يكون قد جمعت كلمة " الصمد " بين توحيد الأسماء والصفات وبين توحيد الألهية ، لأن الذي يُصْمَد إليه وحده في الحوائج يُرغب إليه وحده يُطلب منه السؤال وحده يُحتاج إليه وحده ، هو " الصمد " وهو الله جل وعلا ، وفي هذا رد على المشركين الذين ألهوا غير الله أو وصفوا الله جل وعلا بصفات النقص من اليهود والنصارى والمشركين ومن شابههم .
من كتاب شرح العقيدة الواسطيه للشيخ صالح ال الشيخ حفظه الله