أبو يوسف عبدالله الصبحي
02-Jan-2011, 01:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما بعد:
هذه المسألة وضعية اليدين بعد الرفع من الركوع يكثر فيها السؤال ، ويتجدد من وقت لآخر ، وهذا شيء طيب ، وإيجابي أن يسأل الناس عن صلاتهم ، ويتعلموا دينهم ، ولكن السلبي فيه أن يتعصب البعض على بعض في مسائل اجتهادية والأمر فيها واسع ، كهذه المسألة ، فقد وصلت بالبعض أن يبدع كل من يقول بالقبض ، وكانت ردة الفعل من الطرف الاخر أن بدعوا من خالف القبض ،لذا يجب التنبه لمثل هذه المسائل وعلى العلماء وطلاب العلم ممن يتصدرون للفتوى أن يرشدوا المستفتين وأن يحذروهم من مغبة التعصب واختلاف التضاد في مثل هذه المسائل ، حتى لا يتسع الخرق على الراقع ، وقد رأيت عدة مقالات في الموضوع في أكثر من منتدى ، وأغلبهم ينتصر للقول بالإرسال في الصلاة ، لذا أحببت أن أشارك بهذا المقال من باب المناقشة العلمية والفائدة ليس إلا .فاقول وبالله تعالى التوفيق :
أقول : لا يشك مسلم أن هذه المسألة كغيرها من المسائل التي جرى فيها الخلاف المستساغ الذي لايفسد للود قضية ،فقد اختلف فيها في عصرنا علماؤنا الكبار الشيخ العلامة الألباني رحمه الله ، فقد أخذ بالسدل ، والشيخ العلامة بن باز ومعه الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ، وقد أخذا بالقبض .
وقول الشيخ الألباني : أنها بدعة ضلالة لايعني إطلاقا أن الشيخين ابن باز والعثيمين ومن نحى نحوهما من كبار العلماء في هذا العصر أنهم مبتدعة لأن هذه مسألة اجتهادية ،وقد رد أهل العلم هذا الحكم منهم الشيخ ابن باز ، وغيره ، وإذا صح أن يطلق عليها أنهابدعة فإنما تكون بدعة اجتهادية لاتسقط عدالة هؤلاء العلماء .وإذا قيل أيضا أن السدل بدعة فالقول فيه كالقول في الأول ، فانتبهوا لهذا واحذروا من هذا المنزلق... فقد سمعت من يبدع فاعل القبض مستدلا بقول الشيخ الألباني رحمه الله ، وقد حذر من هذا الشيخ ربيع كما سياتي في أخر هذا المقال.
أولا : أنه يمكن لمن يقول بمشروعية القبض أن يجيب على ماطرحه من يقول بسنية الإرسال بنفس ما قالوه ويعيد عليهم نفس الأسئلة ، فيقال : أن العبادات توقيفية . وقد حرص الصحابة رضي الله عنهم على نقل الدين وتبليغ السنة وكان مما بلغوه وحرصوا على نقله صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم .حتى إنهم نقلوا لنا أدق أمورالصلاة ، التي كان عليهاصلى الله عليه و سلم حتى وضع الأصابع. ونقلوا كل ذلك بوضوح تام , ودقة متناهية فكيف يفوتهم أن ينقلوا وضع اليدين وإرسالهما بعد الركوع ؟وقد نقلوا أقل من ذلك .
ومع أنني لا أقبض بعد الرفع من الركوع إلا أحيانا إقتداء بمن أصلي وراءهم فإنهم يرسلون إلا أنني أجد في نفسي الميل إلى قول الشيخ بن باز والشيخ العتيمين رحمهمها الله ومن وافقهماوأن السنة هي القبض ؛وليس السدل ؛ وأن الأدلة التي استدل بها من قال بالسدل هي نفس الأدلة التي استدل بها من قال بالقبض، وهي عامة ، وقد أتى أصحاب القول بالقبض بأدلة لم يأت بها من قال بالإرسال .وسوف أبينها بإذن الله تعالى .
ولا يشك طالب علم أن الأصل في العبادات الحظر إلا أن يأتي الدليل؛ وهذا معنى أنها توقيفية ، وأن الصحابةرضوان الله عليهم حرصوا مبلغ جهدهم أن ينقلوا للأمة الدين كما جاء به سيد المرسلين، وأنهم اجتهدوا كثيرا في نقل السنة إلى من بعدهم ،وخاصة ما يتعلق بالصلاة لأنها مما يتعلق بحياتهم اليومية ،فنقلوا كل ذلك بوضوح تام , و دقة متناهية ، فهذا لايشك فيه عاقل ،ولذلك يقال لمن أثبت السدل بعد الرفع من الركوع أثبت لنا هذا في نقل الصحابة رضوان الله عليهم كما طلبت من المخالف أن يثبت لك القبض بعد الرفع من الركوع ، وأنى له ذلك ؟
وإذا كان الأمر كذلك ،فيقال أن الأصل في الصلاة هو القبض لأنها عبادة جاءت الأدلة ببيانها وهي أحاديث القبض التي توافقون عليها ، ويُرد على قولكم أنه لم ينقل القبض بعد الرفع من الركوع لأنه استغنى بنقل الأصل فهذا وصف الصحابة لصلاته ولايجوز عندكم انهم تركوا شيئا تعبدنا الله به لم ينقلوه ، وذلك الوصف الذي نقلوه هو الذي يستغرق جميع الصلاة ، ولايخرج القيام الثاني من الأول إلا بدليل منفصل ،لأنه جزء منه ، ولا يوجد ، بل الموجود مما هو ثابت ووافقتم عليه يشمله وهو قول سهل بن سعد رض الله عنه فيما رواه مالك و البخاري [ح740] << كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعيه اليسرى { في الصلاة}>> فالألف واللام للاستغراق ، الذي يدل على العموم لا على الاطلاق كما زعم من زعم لأنه لايعرف في لغة العرب أن الألف واللام تأتي في أول الكلمة فتدخل على الاسم وتكون للإطلاق ،فقوله في الحديث {في الصلاة }يشمل جميع الصلاة ؛ وخرجت الهيئات التي ليس فيها القبض بأدلة ؛ وبقيت الهيئة التي فيها القبض بالأدلة لأنها عبادة دخل إليها المصلي بدليل؛ ولايجوز له أن يحدث أمرا من عادته التي كان عليها قبل الصلاة وخارجها وأن يجعله من أصل في الصلاة - وهو السدل - إلا بدليل ولا يوجد .
ويستدل للقبض بقوله صلى الله عليه وسلم: << إذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَكُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ>>يعني كان مكان اليدين؛ اليمين على الشمال هنا على الصدر أو ما حوله، وبقوله: (( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم أقرأ ما تيسر معك منالقرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطئمن جالساً ، ثم اسجدحتى تطمئن ساجداً ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها )) ). حديث المسئ صلاته , وَفِي لَفْظ لِأَحْمَد " فَأَقِمْ صُلْبك حَتَّى تَرْجِع الْعِظَام إِلَى مَفَاصِلهَا " ,فقد تمسك بعضهم بلفظة :<< حتى تعتدل قائما >> وقالوا أن السدل أنسب للاعتدال ، وهذا خطأ بين ، بل الأنسب هو القبض ، لأن الاعتدال المقصود هو هيئة الصلاة المشروعة والمنقولة بدقة متناهية ,وعليه يقال هذ استدالال بعيد ،
والقبض هي الهيئة التي توافق السكينة والخصوع والخشوع في الصلاة حتى أن بعض السلف حمل هذه الهيئة خارج الصلاة على ذلك ، فكان يمشي وهو قابض لليسرى باليمنى خوفا من أن تنافق يده فقد أسند الذهبي في ترجمة عمرو بن الأسود العنسي أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيميينه على شماله ،فسئل عن ذلك فقال : مخافة أن تنافق يدي .
وقال الحافظ بن حجر في الفتح [ج1/ 262-263] بعد حديث سهل بن سعد الآنف الذكر ، والحكمة في هذه الهيئة انه صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع ، وكأن البخاري رحمه الله لحظ ذلك فعقبه بباب الخشوع .
وثانيا : أن القبض هو الأصل في الصلاة ،وقد جاء فيه ثلاثة أحاديث ، ثابتة صحيحة تصف حالتين متماثلتين الثانية جزء من الأولى ، فجاء المخالف وحملها على غير محملها ،وجاء بما لا يعرف عند العرب ،بقوله أن الألف واللام في الصلاة للإطلاق ، وفرق بين متماثلين في الحكم ،لاينبعي أن يفرق بينهما إلا بدليل منفصل ،وإلا أصبح ذلك تحكما في الدليل ، فهل يمكن أن يجيب النافي للقبض على السؤال ويثبت لنا أحاديث في السدل حتى لو كانت عامة أو مطلقة على حد تعبيرهم ؟كما أثبت من يقول بالقبض أحاديث في ذلك ، وهم يوافقون في جزء منها دون جزء .سبحان الله !!
ثالثا : يقال لمن أثبت السدل بعد الرفع من الركوع أثبت لنا هذا في نقل الصحابة رضوان الله عليهم كما طلبت من المخالف أن يثبت لك القبض بعد الرفع من الركوع ، وأنى لك ذلك،ويمكن أن تعاد عليه نفس الأسئلة التي طرحها ، كما يقال له : أن أهل العلم بوبوا باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة ،وهي الأصل ، والاعتبار بالأصل في الصلاة ، وليس بأصل خلقته ،ولم يبوبوا باب السدل في الصلاة؛ فقد بوب مالك و البخاري ذلك وغيرهما .. بل بوب أبو داود رحمه الله ، باب النهي عن السدل في الصلاة .. ،واه أبو داود وهو في صحيحه (598] ؟فالحديث صحيح و النهي فيه عام فيوافق أن هئية السدل سواء كانت إسبال الثياب أو الأطراف ، أو الشعر .ولم يبوب أحد منهم باب النهي عن القبض في الصلاة .
واستدل بعضهم بأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه , رواه عبدالرزاق في ( المصنف 4/325 ) عن الزهري (كذا ! ويظهرأن صوابه : الثوري ) عن حماد عن إبراهيم أن بن مسعود كان يرفع يديه في الوتر ثم يرسلهما بعد .
وجوابا عليه : يقال أنه أثر منقطع فإبراهيم النخعي لم يدرك ابن مسعود فلا يصح الاحتجاج به.
هذا أولا : وثانيا : ليس فيه التصريح بالسدل في الرفع من الركوع في القيام الثاني، وعلى فرض التسليم لهم ، فلفظه عام أيضا ، يشمل القيام الأول والثاني فهل تقولون بالسدل في القيام الأول أيضا؟
وثالثا : يقال لهم أيضا أن هذا ليس من هذا الباب فأنه رفعهما في دعاء القنوت في الوتر ثم سدلهما لأنه يريد الركوع أو السجود بعدرفعهما[باعتبار محل القنوت قبل الركوع أو بعد الرفع من الركوع ] فهذا كالذي يرفع يديه بالتكبير ثم يسدلهما ليركع أو يسجد فليس فيه ما ذهبوا إليه.
وقد سئل السيخ ربيع عن وضع اليدين في الصلاة بع بعد الرفع من الركوع أيرسلهما أو يقبض لايسار باليمين ؟
فأجاب حفظه الله وقال: .. لكن لاتتجادلوا في هذه الأشياء؛ الإمام أحمد قال لما سئل عن وضع اليدين على الصدر بعدالرفع من الركوع إلى القيام فبعضهم يضع يديه وبعضهم لايضع، قال : الأمر فيه سعة، وإن كانت الأحاديث يعني واضحة في أن المراد بالقيام فيقول الصحابي<< فإذارَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍمَكَانَهُ>> الظاهر لمن تتبع النصوص أنه يريدأنه يستوفي القيام يقوم كما في الرواية الأخرى<< فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَكُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ>> الفقار أين ؟ في الظهر معناه أنه يستوي ويعتدل كما في حديث المسيء صلاته << ثم ارفع حتى تعتدل قائما>> فمراد الصحابي<<فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍمَكَانَهُ>>أي الفقرات والله أعلم ومراده بذلك الاعتدال، لا يرفع رأسه من الركوع ثم يهوي ساجدا قبل أن يعتدل؛ هذا الظاهر،لكن بعض العلماء يفهم من<< فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍمَكَانَهُ>> يعني كان مكان اليدين؛ اليمين على الشمال هنا على الصدر أو ما حوله فيرى مشروعية وضع اليدين على الصدر في هذه الحال فقال الإمام أحمدرحمه الله: إن الأمر فيه سعة. فلا تتجادلوا ولاتختلفوا في مثل هذهالأشياء ولا يبدِّع بعضنا بعضا .والسلام عليكم ورحمة الله.
وصلى الله وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما بعد:
هذه المسألة وضعية اليدين بعد الرفع من الركوع يكثر فيها السؤال ، ويتجدد من وقت لآخر ، وهذا شيء طيب ، وإيجابي أن يسأل الناس عن صلاتهم ، ويتعلموا دينهم ، ولكن السلبي فيه أن يتعصب البعض على بعض في مسائل اجتهادية والأمر فيها واسع ، كهذه المسألة ، فقد وصلت بالبعض أن يبدع كل من يقول بالقبض ، وكانت ردة الفعل من الطرف الاخر أن بدعوا من خالف القبض ،لذا يجب التنبه لمثل هذه المسائل وعلى العلماء وطلاب العلم ممن يتصدرون للفتوى أن يرشدوا المستفتين وأن يحذروهم من مغبة التعصب واختلاف التضاد في مثل هذه المسائل ، حتى لا يتسع الخرق على الراقع ، وقد رأيت عدة مقالات في الموضوع في أكثر من منتدى ، وأغلبهم ينتصر للقول بالإرسال في الصلاة ، لذا أحببت أن أشارك بهذا المقال من باب المناقشة العلمية والفائدة ليس إلا .فاقول وبالله تعالى التوفيق :
أقول : لا يشك مسلم أن هذه المسألة كغيرها من المسائل التي جرى فيها الخلاف المستساغ الذي لايفسد للود قضية ،فقد اختلف فيها في عصرنا علماؤنا الكبار الشيخ العلامة الألباني رحمه الله ، فقد أخذ بالسدل ، والشيخ العلامة بن باز ومعه الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ، وقد أخذا بالقبض .
وقول الشيخ الألباني : أنها بدعة ضلالة لايعني إطلاقا أن الشيخين ابن باز والعثيمين ومن نحى نحوهما من كبار العلماء في هذا العصر أنهم مبتدعة لأن هذه مسألة اجتهادية ،وقد رد أهل العلم هذا الحكم منهم الشيخ ابن باز ، وغيره ، وإذا صح أن يطلق عليها أنهابدعة فإنما تكون بدعة اجتهادية لاتسقط عدالة هؤلاء العلماء .وإذا قيل أيضا أن السدل بدعة فالقول فيه كالقول في الأول ، فانتبهوا لهذا واحذروا من هذا المنزلق... فقد سمعت من يبدع فاعل القبض مستدلا بقول الشيخ الألباني رحمه الله ، وقد حذر من هذا الشيخ ربيع كما سياتي في أخر هذا المقال.
أولا : أنه يمكن لمن يقول بمشروعية القبض أن يجيب على ماطرحه من يقول بسنية الإرسال بنفس ما قالوه ويعيد عليهم نفس الأسئلة ، فيقال : أن العبادات توقيفية . وقد حرص الصحابة رضي الله عنهم على نقل الدين وتبليغ السنة وكان مما بلغوه وحرصوا على نقله صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم .حتى إنهم نقلوا لنا أدق أمورالصلاة ، التي كان عليهاصلى الله عليه و سلم حتى وضع الأصابع. ونقلوا كل ذلك بوضوح تام , ودقة متناهية فكيف يفوتهم أن ينقلوا وضع اليدين وإرسالهما بعد الركوع ؟وقد نقلوا أقل من ذلك .
ومع أنني لا أقبض بعد الرفع من الركوع إلا أحيانا إقتداء بمن أصلي وراءهم فإنهم يرسلون إلا أنني أجد في نفسي الميل إلى قول الشيخ بن باز والشيخ العتيمين رحمهمها الله ومن وافقهماوأن السنة هي القبض ؛وليس السدل ؛ وأن الأدلة التي استدل بها من قال بالسدل هي نفس الأدلة التي استدل بها من قال بالقبض، وهي عامة ، وقد أتى أصحاب القول بالقبض بأدلة لم يأت بها من قال بالإرسال .وسوف أبينها بإذن الله تعالى .
ولا يشك طالب علم أن الأصل في العبادات الحظر إلا أن يأتي الدليل؛ وهذا معنى أنها توقيفية ، وأن الصحابةرضوان الله عليهم حرصوا مبلغ جهدهم أن ينقلوا للأمة الدين كما جاء به سيد المرسلين، وأنهم اجتهدوا كثيرا في نقل السنة إلى من بعدهم ،وخاصة ما يتعلق بالصلاة لأنها مما يتعلق بحياتهم اليومية ،فنقلوا كل ذلك بوضوح تام , و دقة متناهية ، فهذا لايشك فيه عاقل ،ولذلك يقال لمن أثبت السدل بعد الرفع من الركوع أثبت لنا هذا في نقل الصحابة رضوان الله عليهم كما طلبت من المخالف أن يثبت لك القبض بعد الرفع من الركوع ، وأنى له ذلك ؟
وإذا كان الأمر كذلك ،فيقال أن الأصل في الصلاة هو القبض لأنها عبادة جاءت الأدلة ببيانها وهي أحاديث القبض التي توافقون عليها ، ويُرد على قولكم أنه لم ينقل القبض بعد الرفع من الركوع لأنه استغنى بنقل الأصل فهذا وصف الصحابة لصلاته ولايجوز عندكم انهم تركوا شيئا تعبدنا الله به لم ينقلوه ، وذلك الوصف الذي نقلوه هو الذي يستغرق جميع الصلاة ، ولايخرج القيام الثاني من الأول إلا بدليل منفصل ،لأنه جزء منه ، ولا يوجد ، بل الموجود مما هو ثابت ووافقتم عليه يشمله وهو قول سهل بن سعد رض الله عنه فيما رواه مالك و البخاري [ح740] << كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعيه اليسرى { في الصلاة}>> فالألف واللام للاستغراق ، الذي يدل على العموم لا على الاطلاق كما زعم من زعم لأنه لايعرف في لغة العرب أن الألف واللام تأتي في أول الكلمة فتدخل على الاسم وتكون للإطلاق ،فقوله في الحديث {في الصلاة }يشمل جميع الصلاة ؛ وخرجت الهيئات التي ليس فيها القبض بأدلة ؛ وبقيت الهيئة التي فيها القبض بالأدلة لأنها عبادة دخل إليها المصلي بدليل؛ ولايجوز له أن يحدث أمرا من عادته التي كان عليها قبل الصلاة وخارجها وأن يجعله من أصل في الصلاة - وهو السدل - إلا بدليل ولا يوجد .
ويستدل للقبض بقوله صلى الله عليه وسلم: << إذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَكُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ>>يعني كان مكان اليدين؛ اليمين على الشمال هنا على الصدر أو ما حوله، وبقوله: (( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم أقرأ ما تيسر معك منالقرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطئمن جالساً ، ثم اسجدحتى تطمئن ساجداً ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها )) ). حديث المسئ صلاته , وَفِي لَفْظ لِأَحْمَد " فَأَقِمْ صُلْبك حَتَّى تَرْجِع الْعِظَام إِلَى مَفَاصِلهَا " ,فقد تمسك بعضهم بلفظة :<< حتى تعتدل قائما >> وقالوا أن السدل أنسب للاعتدال ، وهذا خطأ بين ، بل الأنسب هو القبض ، لأن الاعتدال المقصود هو هيئة الصلاة المشروعة والمنقولة بدقة متناهية ,وعليه يقال هذ استدالال بعيد ،
والقبض هي الهيئة التي توافق السكينة والخصوع والخشوع في الصلاة حتى أن بعض السلف حمل هذه الهيئة خارج الصلاة على ذلك ، فكان يمشي وهو قابض لليسرى باليمنى خوفا من أن تنافق يده فقد أسند الذهبي في ترجمة عمرو بن الأسود العنسي أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيميينه على شماله ،فسئل عن ذلك فقال : مخافة أن تنافق يدي .
وقال الحافظ بن حجر في الفتح [ج1/ 262-263] بعد حديث سهل بن سعد الآنف الذكر ، والحكمة في هذه الهيئة انه صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع ، وكأن البخاري رحمه الله لحظ ذلك فعقبه بباب الخشوع .
وثانيا : أن القبض هو الأصل في الصلاة ،وقد جاء فيه ثلاثة أحاديث ، ثابتة صحيحة تصف حالتين متماثلتين الثانية جزء من الأولى ، فجاء المخالف وحملها على غير محملها ،وجاء بما لا يعرف عند العرب ،بقوله أن الألف واللام في الصلاة للإطلاق ، وفرق بين متماثلين في الحكم ،لاينبعي أن يفرق بينهما إلا بدليل منفصل ،وإلا أصبح ذلك تحكما في الدليل ، فهل يمكن أن يجيب النافي للقبض على السؤال ويثبت لنا أحاديث في السدل حتى لو كانت عامة أو مطلقة على حد تعبيرهم ؟كما أثبت من يقول بالقبض أحاديث في ذلك ، وهم يوافقون في جزء منها دون جزء .سبحان الله !!
ثالثا : يقال لمن أثبت السدل بعد الرفع من الركوع أثبت لنا هذا في نقل الصحابة رضوان الله عليهم كما طلبت من المخالف أن يثبت لك القبض بعد الرفع من الركوع ، وأنى لك ذلك،ويمكن أن تعاد عليه نفس الأسئلة التي طرحها ، كما يقال له : أن أهل العلم بوبوا باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة ،وهي الأصل ، والاعتبار بالأصل في الصلاة ، وليس بأصل خلقته ،ولم يبوبوا باب السدل في الصلاة؛ فقد بوب مالك و البخاري ذلك وغيرهما .. بل بوب أبو داود رحمه الله ، باب النهي عن السدل في الصلاة .. ،واه أبو داود وهو في صحيحه (598] ؟فالحديث صحيح و النهي فيه عام فيوافق أن هئية السدل سواء كانت إسبال الثياب أو الأطراف ، أو الشعر .ولم يبوب أحد منهم باب النهي عن القبض في الصلاة .
واستدل بعضهم بأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه , رواه عبدالرزاق في ( المصنف 4/325 ) عن الزهري (كذا ! ويظهرأن صوابه : الثوري ) عن حماد عن إبراهيم أن بن مسعود كان يرفع يديه في الوتر ثم يرسلهما بعد .
وجوابا عليه : يقال أنه أثر منقطع فإبراهيم النخعي لم يدرك ابن مسعود فلا يصح الاحتجاج به.
هذا أولا : وثانيا : ليس فيه التصريح بالسدل في الرفع من الركوع في القيام الثاني، وعلى فرض التسليم لهم ، فلفظه عام أيضا ، يشمل القيام الأول والثاني فهل تقولون بالسدل في القيام الأول أيضا؟
وثالثا : يقال لهم أيضا أن هذا ليس من هذا الباب فأنه رفعهما في دعاء القنوت في الوتر ثم سدلهما لأنه يريد الركوع أو السجود بعدرفعهما[باعتبار محل القنوت قبل الركوع أو بعد الرفع من الركوع ] فهذا كالذي يرفع يديه بالتكبير ثم يسدلهما ليركع أو يسجد فليس فيه ما ذهبوا إليه.
وقد سئل السيخ ربيع عن وضع اليدين في الصلاة بع بعد الرفع من الركوع أيرسلهما أو يقبض لايسار باليمين ؟
فأجاب حفظه الله وقال: .. لكن لاتتجادلوا في هذه الأشياء؛ الإمام أحمد قال لما سئل عن وضع اليدين على الصدر بعدالرفع من الركوع إلى القيام فبعضهم يضع يديه وبعضهم لايضع، قال : الأمر فيه سعة، وإن كانت الأحاديث يعني واضحة في أن المراد بالقيام فيقول الصحابي<< فإذارَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍمَكَانَهُ>> الظاهر لمن تتبع النصوص أنه يريدأنه يستوفي القيام يقوم كما في الرواية الأخرى<< فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَكُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ>> الفقار أين ؟ في الظهر معناه أنه يستوي ويعتدل كما في حديث المسيء صلاته << ثم ارفع حتى تعتدل قائما>> فمراد الصحابي<<فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍمَكَانَهُ>>أي الفقرات والله أعلم ومراده بذلك الاعتدال، لا يرفع رأسه من الركوع ثم يهوي ساجدا قبل أن يعتدل؛ هذا الظاهر،لكن بعض العلماء يفهم من<< فإذا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حتى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍمَكَانَهُ>> يعني كان مكان اليدين؛ اليمين على الشمال هنا على الصدر أو ما حوله فيرى مشروعية وضع اليدين على الصدر في هذه الحال فقال الإمام أحمدرحمه الله: إن الأمر فيه سعة. فلا تتجادلوا ولاتختلفوا في مثل هذهالأشياء ولا يبدِّع بعضنا بعضا .والسلام عليكم ورحمة الله.
وصلى الله وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه وسلم .