المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [تفريغ] رد الشيخ: محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله- على مقال علي الحلبي: ((لا دفاعًا عن محمد حسَّان))



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
09-Feb-2011, 05:11 PM
[تفريغ] رد الشيخ: محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله- على مقال علي الحلبي: ((لا دفاعًا عن محمد حسَّان))
فضيلة الشيخ محمد بن هادي أحسن الله إليكم: قد سمعنا الداعية محمد حسان يبارك الثورة ويشيد بها فما رأيكم ورأي الشرع في ذلك؟، وما حكم من يدافع عنه ويبرر له كلامه ويتأول له، ويشنع على كل من أنكر عليه، وعلى كل من شنع هذه الثورات والمظاهرات؟.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعـــد:

فلا شك أن من شجع هذه الثورات، والمظاهرات، ووصفها بهذه الأوصاف العظيمة فقد ظلم، حيث أنزل هذه الألفاظ الفاضلة على هذه الأفعال الشنيعة المنكرة الظالمة الهائمة.

وقد استمعت إلى كلام محمد حسان وللأسف، وللأسف أقولها بمرارة وللأسف أن يكون هذا الرجل يقال عنه إنه داعية، وقد سمعت منه ذلك الأمر المنكر العظيم، والله-جل وعلا-يقول: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ...)(آل عمران/104)، ودعوته هذه ليست دعوة خير، ولا هي دعوة أمر بمعروف، ولا هي دعوة نهي عن منكر، بل هي تشجيع للمنكر، تشجيع للمنكر-عياذًا بالله من ذلك-.

حيث سمعت له كلامًا مسجلًا بالصورة أيضًا يقول فيه: (...إنه شاهد عيان على ذلك، وأنه كان يقف معهم في ميدان التحرير...).

ويقول أيضًا: (...لا تسمحوا لهؤلاء المخربين أن يشينوا وان يسيئوا إلى هذه الثورة المباركة الكريمة التي خرجتم بها للمطالبة بالحقوق المشروعة العادلة التي لا ينكرها على ظهر الأرض إلا جاحد...).

يا لِلَّه العجب!، رسولنا-صلى الله عليه وسلم-يقول: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة).

ويقول: (إنه ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا، قال تؤدون الحق الذي عليكم)يعني من السمع والطاعة للولاة(وتسألون الله الذي لكم).

وهذا يقول: (...إن الخروج للمطالبة بالحقوق المشروعة العادلة التي لا ينكرها على ظهر الأرض إلا جاهل...)أهذا ممتثل لكلام رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؟، أهذا سائر على طريق سلف الأمة من أصحابه الأطهار الأبرار والسلف الصالح الأخيار؟، لا والله إنه ليس على طريقهم، بل هو سائر على طريق الغرب الكافر الذي يؤيد هذه المظاهرات، ويشجعها ويبرر لها، ويشيد بها.

هذا إنما جاءنا من الغرب معشر الإخوة المسلمين، لا يعرفه أهل الإسلام، أما أهل الإسلام فإنهم لا يعرفون إلا السمع والطاعة للولاة والحكام، فإن هذا أمر مجمع عليه وإن جاروا وظلموا، ويرون طاعتهم في طاعة الله فريضة، ويرون طاعتهم ما لم يأمروا بمعصية، وإن أمروا بمعصية فلا سمع ولا طاعة.

قال حرب الكرماني-رحمه الله-في عقيدته التي نقلها عن جميع السلف، قال: (...وإن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة، وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه...)، إذا أمرك بمعصية فلا تسمع ولا تطيع، وفي المقابل ليس لك أن تخرج عليه ولا أن تمنعه حقه، فلا يجوز الخروج ولا أن تمنعه حقه من السمع والطاعة كما سمعنا.

وذلك لأن المسلمين وغير المسلمين بل عموم بني آدم لا يصلحون إلا بالحكام، وأهل الإسلام يتميزون عن غيرهم بأن سمعهم وطاعتهم لحكامهم من الدين ما لم يأمروهم بمعصية فلا يطيعونهم في المعصية ويتقربون إلى الله بطاعتهم.

وذلك لأن ضبط المصالح العامة واجب وهو لا يقوم ولا ينضبط إلا بتعظيم السلاطين والحكام والأمراء والخلفاء والملوك والرؤساء في نفوس الرعية، ومتى اختلف عليهم أو أهينوا تعذرت هذه المصلحة.

قال سهل بن عبد الله التستري-رحمه الله-: (لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هاذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهاذين أفسدوا دنياهم وأخراهم).

ومن تعظيم السلطان: (عدم سَبِّه وغِشِّه والصبر على جوره).

قال أنس بن مالك-رضي الله عنه-: (نهانا كبرائنا من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قالوا: لا تسبوا أمرائكم ولا تَغُشُّوْهُم ولا تبغضوهم واصبروا فإن الأمر قريب)كما هو عند ابن أبي عاصم في السنة بسند صحيح.

وعن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: (إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه)إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه.

وأيضًا قال أبو إسحق السبيعي-رحمه الله-: (ما سَبَّ قوم أميرهم إلا حرموا خيره).

وقال معروف الكرخي-رحمه الله-: (...من لعن إمامه...)يعني: سَبَّه(...حرم عدله...).

فإنكار المنكر على الولاة والسلاطين يجب أن يكون بما يتناسب مع مقامهم، وعدم إثارة الفتنة عليهم، كما ذكر ذلك علماء أهل السنة قاطبة.

قال ابن النحاس-رحمه الله-في تنبيه الغافلين: (...ليس لأحد منعه...)يعني: السلطان(...بالقهر باليد، ولا أن يشهر عليه سلاحًا أو يجمع عليه أعوانه...)انظر قوله: (...أو يجمع عليه أعوانه...)وهذا هو الذي يحصل في الظاهرات بالضبط، يجمعون ويتجمعون ليضغطوا بذلك على الحاكم.

قال-رحمه الله-: (...ليس لأحد منعه بالقهر باليد، ولا أن يشهر عليه سلاحًا أو يجمع عليه أعوانه لأن في ذلك تحريكًا للفتن، وتهيجًا للشر، وإذهابًا لهيبة السلطان من قلوب الرعية، وربما أدى ذلك إلى تَجَرِّيْهِم على الخروج عليهم وتخريب البلاد وغير ذلك مما لا يخفى...)وصدق والله.

فهذا الذي نراه الآن في مصر ورأيناه قبل في تونس تجرئة للناس وللسفهاء وللمجرمين، ودعوة إلى الخروج وتخريب في البلاد ونهب للأموال والممتلكات وإتلاف للمقدرات، وتحريك للفتن-نسأل الله العافية والسلامة-.

قال حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه-لَمَّا قيل له: (ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟)، قال-رضي الله عنه-: (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن، ولكن ليس في السنة أن ترفع السلاح على إمامك)، فالأمر بالمعروف باب والخروج على الأئمة باب آخر.

قال الحسن البصري-رحمه الله-لَمَّا رأى خارجيًا بالبصرة قال: (مسكين رأى منكرًا فأنكره فوقع فيما هو أنكر منه).

ويقول الشيخ العلامة الألباني-رحمه الله-في الإنكار على الأمراء والسلاطين والولاة مجاهرة، كما في تعليقه على مختصر صحيح مسلم للمنذري، قال في الإنكار جهارًا: (...ما يخشى عاقبته كما اتفق في الإنكار على عثمان جهارًا، إذ نشأ عنه قتله...)، وهذا حق، كل علماء السنة على هذا.

فالواجب على الداعية إلى الله الصادق: أن يتقي الله-تبارك وتعالى-، وأن لا يهيج هؤلاء الشباب، وأن لا يهيج هؤلاء العوام، وأن لا يهيج هؤلاء الطغام على مثل هذه الأفعال التي هم فيها.

وللأسف مع هذا كله يقول هذا الشخص أعني: الشيخ محمد حسان، يقول عن هذه المظاهرة أو هذه المظاهرات: (...إنها مباركة وكريمة...)، ويقول: (...لا تسمحوا لهؤلاء المخربين...)يعني: البلطجية وغيرهم في مصر(...أن يشينوا هذه الثورة، أن يسيئوا إلى هذه الثورة المباركة الكريمة...)، فيصفها بهاذين الوصفين العظيمين(البركة والكرم)، فو الله هذه ليست بمباركة ولا كريمة لأنها خرجت على غير سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.

ورأيت له أيضًا مقطعًا آخر مع قناة العربية مسجلًا فيما أرانا إياه بعض الإخوان وهو في ميدان التحرير ويتكلم عليهم غير منكر لصنيعهم، وإنما يدعوهم إلى أن يفوتوا الفرصة على المجرمين والمخربين والبلطجية ونحو ذلك، هذا الأمر ليس بأيديهم، إذا فتح الباب فليس بأيديهم قفله فإنه سيدخل فيه كل أحد.

وأعجب من ذلك: رأيت كلامه مع امرأة سافرة يا للأسف.

أهذه حال الدعـاة؟!.

أهذه حال الأشياخ؟!.

أهذه حال الدعاة إلى الله الذين ينتسبون إلى الشرع؟!.

والعجب ليس منه الآن، العجب من الأخ علي حسن عبد الحميد ومن كان على شاكلته، إذ يؤيدونه ويدافعون عنه ويبررون له، وللأسف بأسلوب ماكر وروغان عجيب، فترى الأخ علي حسن عبد الحميد وقد انتقل كلامه في عدد من المواقع عبر النت يدعو له: (...يجمله الله بتقواه...)يعني: محمد حسان(...وهو خطأ لا نقبله ولا نرتضيه...)، وما جاء بكلمة واحدة ينكر بها عليه، وهذا من التلاعب بالألفاظ والكلمات تلبيسًا على الناس.

فيقول هنا: (...لا نقبل خطئه لا نقبله وغلط لا نرتضيه...)، وبعد ذلك يرجع ويدافع عنه في ثنايا كلامه ويبرر له موقفه هذا، بل ويقر بأنه منطلق من القواعد الشرعية للأسف، هذا والله هو التناقض، وهذه سنة الله في كل مبطل أن كلامه يتناقض.

وبعد ذلك يصف من أنكر على محمد حسان وأنكر عليه هو مراوغته في الدفاع عنه: ينكر عليهم ويرميهم بأقبح العوائم، فمرة يرميهم بأنهم أصحاب الاستغلال الرخيص للربط بيننا وبينه، بين كلمة يعني: محمد حسان، نعم إذا كنت تدافع عنه فأنت مثله شئت أم أبيت، وهؤلاء لم يستغلوا وإنما حكموا على كلامك-نطق كلامك-، فماذا ينفع أن تقول إنك لا تقبل خطئه ولا ترتضي غلطه وترجع بعد ذلك تبرر له؟، هذا لقرأناه ورأيناه بأم أعيننا.

فإذا كان الأمر كذلك هؤلاء ما استغلوا كلامك بل حكموا عليك بكلامك، وكلامك يؤكد صدقهم، وأنت بذلك تؤكد ارتباطك بهذا الرجل شئت ذلك أم أبيت، فلا يهمنا رضاك واعترافك ما دام منطوق كلامك بذلك مسموع ومقروء ومسجل عليك، فهذا من التلاعب بالألفاظ، ومحمد حسان قد رأينا كلامه وسمعناه، حينما تقول: (...الذي يراقب غير المعايش والذي رجلاه في النار غير الذي رجلاه في الماء هذا تبرير لخطأ محمد حسان، بأن رجله هو في النار وهو ليس كغيره ممن رجلاه في الماء...).

وتقول: (...إن المتقرر عند أهل العلم والدين الربانيين قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وارتكاب....)إلى آخر الكلام الذي قاله في هذا مغالطة.

وأنا اقول: إن المتقرر عند أهل العلم والدين في هذه المسألة خاصة هو ما قاله شيخالإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (...إن أهل العلم والدين والفضل لا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عرف من عادات أهل السنة قديمًا وحديثًا...).

أقول للأخ علي: عليه أن يتق الله هذا هو المتقرر عند أهل العلم والدين الربانيين، الذي ذكره شيخ الإسلام هنا لا ما ذهب إليه محمد حسان ولا ما يبرره له الأخ علي حسن عبد الحميد.

ويقرر ذلك ويطعن فيمن أنكر على محمد حسان، وأنكر عليه هو هذا البرود وهذه المراوغة في الكلام والتلاعب بالعبارات، أيظن أن ذلك نافعه؟، ليس بنافعه والله، الطعن طعن والرد رد، وحينما يرد على الإنسان بالعلم وينقل كلام أهل العلم ويذكر كلام الله وكلام رسوله يجب عليك أن ترد أنت إذا كان عندك علم، أما أن تذهب إلى التهويش وتصف من رد بأنه يطعن بالمقاصد والنيات إلى غير ذلك هذا لا ينفع.

فالذي ينتقد المتكلم المخطئ بكلامه المسموع أو المقروء المطبوع ما طعن في المقاصد ولا في النيات، بل انتقده ومعه في ذلك أقوى الأدلة والبينات من كلامه، فهذا ليس بطعن في المقاصد ولا في النيات، وإنما هو رد للباطل المسموع المقروء المطبوع، وليس ذلك تبلغًا إلى المقاصد والنيات.

وحينما يقول الأخ علي: (...اسأل نفسك أيها الطاعن ولا أقول المنتقد فالانتقاد الشريف مقبول...)أي شريف مقبول وأنت ترد وتدافع عن هذا الرجل الذي جاء بالباطل في كلامه؟، ولم تجد نفسك بأن تقول إن كلامه باطل فلا تسمعوا له وإنه على خلاف كلام أهل السنة قاطبة فلا ترعوا له ولا تنظروا إليه ولا تلتفتوا إليه ولا تعولوا عليه، هذا هو الواجب عليك، هذا الذي يوجبه عليك الدين والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

والوقفة الثانية مع الأخ علي: في كلامه الذي دافع به عن هذا المنحرف-محمد حسان-في قوله: (...فاسأل نفسك أيها الطاعن ولا أقول المنتقد، لو كنت في موقف الشيخ محمد حسان وموقفه ماذا تصنع؟، بل ماذا تستطيع أن تصنع؟، وأنت حقيقة واقع كما يقال بين فكي كماشة، هل تستطيع أن تقول لتلك الجماهير الغاضبة الثائرة المتجمهرة المتجمعة بعشرات الآلاف إن المظاهرات حرام؟، إن علماءنا يحرمون هذه الصنائع الشنائع؟، أو ارجعوا إلى أماكنكم وبيوتكم؟، أو فضوا جمعكم؟...).

أقول: هذا عجيب من الأخ علي حسن أن يتفوه بمثل هذا الكلام المبرر لكلام المبطلين، ولكن نسأل الله الثبات على الحق والهدى، نعم والله لو كنت في موقع الشيخ محمد حسان لقلت لهم وصنعت فيهم ما أمرني الله-جل وعلا-به، أقول لهم: هذا حرام، أصنع كما صنع أهل السنة والجماعة، أصنع إن شاء الله كما صنع أحمد بن حنبل حينما اجتمعوا إليه فقال لهم: (...هذا خلاف الآثار...)، هذا الواجب علينا جميعًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ...)(الأنفال/24)، والرسول-صلى الله عليه وسلم-أمرنا أن نتقي الله-سبحانه وتعالى-في أنفسنا، وأن نسمع ونطيع من ولاه الله أمرنا، وألا نتبع سنن أهل الجاهلية والضلال المنحرفين، (إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).

فعند الفتن وعند الافتراق وعند الاختلاف وعند الخلط نلزم السنة ونسأل الله-جل وعلا-أن يثبتنا عليها، وأن يبصرنا بها في جميع أمورنا ومواقفنا، أحمد-رحمه الله لَمَّا جاءه من جاءه وقال له: (...يا أبا عبد الله إن الأمر قد فشا وتفاقم ووصل إلى ما ترى...)يعني: في محنة القول بخلق القرآن(...وإنه لا سمع لهذا الرجل علينا ولا طاعة...)يعنون الخليفة(...قال: لا الله الله في دماء المسلمين، كفوا دماء المسلمين، لا تسفكوا دماء المسلمين هذا خلاف الآثار...)إلى آخر ما هو معروف ولله الحمد عند كل سُنِّي سلفي.

فلا يجوز يا أخ علي أن تقول هذا القول الباطل لتدافع به عن صاحب الباطل، فالواجب عليك أن تشع على السنة، وأن تحث على التمسك بها ولو خالفك من خالفك، فعليك أن تلزم الحق ولو قل السالكون، واحذر الهلاك والردى وإن كثر الهالكون.

فأما أن تقول هذه العبارات: (...لو كنت في موقف محمد حسان ماذا تصنع؟، بل ماذا تستطيع أن تصنع وأنت بين فكي كماشة؟...)، هذا هو وقت الامتحان، هذا هو وقت الاختبار، هذا وقت ظهور السُنِّي السلفي الصادق، عشرات الآلاف أو غير ذلك نعم وألف نعم أقول لهم: (إنها حرام)، والحرام لن يتغير حكمه بسبب الجماهير الغاضبة الثائرة المتجمهرة المتجمعة بعشرات الآلاف أو أكثر من ذلك.

وأقول: نعم إن علماءنا اهل السنة يحرمون هذه الصنائع الشنائع، وألف نعم أقول لهم ذلك، وأقول لهم: ارجعوا إلى أماكنكم وبيوتكم واتقوا الله-تبارك وتعالى-في أنفسكم، أقول لهم ذلك انطلاقًا من قوله-تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)(آل عمران/110).

أقول لهم ذلك: ممتثلًا قول الله-تبارك وتعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ...)(آل عمران/104).
وقوله-تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(التوبة/71)، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية: ألم يقل العلماء قبلنا-أئمة الهدى والفضل والدين-كما ذكرت عن شيخ الإسلام ابن تيمية: (...أن أهل العلم والدين والفضل لا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عرف من عادات أهل السنة قديمًا وحديثًا...).

هذه طريقة أهل العلم والدين والفضل(...لا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور...)هذا موقف أهل العلم والفضل والدين، وهذه طريقة أهل السنة قديمًا وحديثًا كما ذكر شيخ الإسلام-رحمه الله تعالى-.

فأقول هذا ولا أبالي بمن خالف: فإن الله-جل وعلا-إنما أمرك بالبلاغ التذكير(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)(الذاريات/55)، (...فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)(التغابن/12)، (...إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ...)(الشورى/48)، (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)(الغاشية/22)، والكثرة ليست بعبرة، الحق والوقوف معه والسير معه والثبات عليه هذا هو العبرة به، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية: ألم يكن علماءنا من قبل في أحداث مثل هذه الأحداث؟، أحداث الجزائر، ألم تمر على المسلمين هذه الأحداث في هذه الأعصار المتأخرة؟، مرت أيام وجود علماءنا وشيوخ العلماء وجلتهم كشيخنا شيخ الإسلام الشيخ ابن باز-رحمه الله-، والشيخ محمد بن عثيمين-رحمه الله-، والشيخ ناصر الدين الألباني-رحمه الله-الذي تزعمون أنه شيخكم وأنكم على طريقته، فما بالكم اليوم تركتم طريقته؟، في أحداث الجزائر ومظاهراتها.

بل كان في الجزائر من القتل أضعاف ما كان الآن في مصر، وأنكروا جميعًا على من قاموا في تلك الأحداث، من المظاهرات والشغب وأعمال التخريب والتدمير، وقد كان فيهم أمثال علي بلحاج وعباس مدني يخطبون فيهم ويحرضونهم على الشرور والفتن، وما كان موقف علماءنا هؤلاء الذين ذكرت أسماءهم إلا النصيحة لهم، النصيحة تلو النصيحة، والاتصالات بهم ومسجلة ومعروفة ولله الحمد.

فما مظاهرات مصر بغريبة، فالواجب عليك أن تسلك طريق هؤلاء العلماء، وهم قريب عهد إن عظامهم لم تبلَ بعد في قبورهم، وهذا موقفهم، فما بالنا نترك طريق أهل السنة ونتبع طرائق أهل الأهواء والبدع؟، كل ذلك لأجل الدفاع عن محمد حسان أو غيره!.

إن الواجب على المسلم: أن يعظم أمر الله وأمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فإذا عظم أمر الله وأمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فإن الله سيعلي شأنه، ويكتب له القبول.

فالواجب علينا جميعًا: أن نتبع طريق أهل العلم والدين والفضل، فلا نرخص لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغِشِّهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه، ولا يكفي أن تقول: لا نقبل خطأ محمد حسان ثم ترجع تبرر له وتدافع عنه، وتعتذر له في باطله هذا الذي سمعه القاصي والداني.

موقف محمد حسان يا أخ علي موقف مغاير لأهل العلم والفضل والدين في هذه الأحداث، وهو لا يسير على طريق أهل السنة، فالواجب عليك ألَّا تبرر له، ولا يجوز لك هذا، والواجب عليك أن تنصح-إن كنت صادقًا-أن تنصح الناس بالتحذير من طريقته وتبين لهم أنه على غير طريقة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وأن الله ورسوله أحق أن ترضيه من محمد حسان وغيره.

والوقفة الثالثة قولك: (...هل يستطيع أي أحد في أي ظرف أن يخاطب كل أحد، أم أن لكل هذا ضوابطه وروابطه...).

أقول: نعم الضوابط معروفه ولله الحمد في كل وقت وفي كل حين، والضوابط إنما هي مقيدة بالكتاب والسنة، والصادق يستطيع أن يقول الحق، والمتبع يستطيع أن يقول الحق، والكاذب الذي يدعي ينكشف، وإذا تكلم السُنِّي في هذا الوقت ببيان الحق لا سيما وأهل الباطل قد لبَّسوا على الناس.

فالواجب على المسلم الصادق الناصح لدينه وأمَّته: قبل ذلك لكتاب الله وسنة رسوله لا بد أن يبين أن هذا هو الحق ويشد من أزر من بين الحق، ويحذر ممن لبَّس على الناس وجرهم إلى الضلال وجرهم إلى الشرور وجرأهم على الفتن، فإذا سكت الصادق متى بالله عليك يكون إظهار السنن؟، إذا لم تظهر السنن في مثل هذه المواقف ويعلم الناس الحق في مثل هذه المواقف متى؟، وإذا لم يسمعوا أو لم يسمع الجميع فالبعض يسمع على الأقل فيخف الشر لا أننا تأتي ونزيد فيه.

وثالثًا: ولله الحمد أخبار إخواننا أهل السنة في مصر معلومة عندنا، تكلموا ولم يحصل لهم أي شيء، ما جرى لهم شيء ولله الحمد، فالواجب على المسلم الصادق العاقل أن يسعى في تخفيف الشر لا في تأجيجه، وأن يسعى في كبح جماح هؤلاء وتبصيرهم لا في تجرئتهم.

وأما استدلالك بكلام العلامة ابن مفلح-رحمه الله تعالى-في الآداب الشرعية، وقولك: (...قال الإمام ابن مفلح ناصحًا من وعظ العوام بقوله: ليحذر الخوض في الأصول فإنهم لا يفهمون ذلك، لكنه يوجب الفتن وربما كفروه مع كونهم جهلة...).

أقول هذا الكلام:

أولًا: ليس هو كلام ابن مفلح وإنما هو كلام ابن الجوزي-رحم الله الجميع، وابن الجوزي ذكر هذا الكلام في كتابه السر المكتوم كما نقله عنه ابن مفلح وصرَّح به في الصفحة قبل الصفحة التي نقلت منها من المجلد المذكور من طبعة مؤسسة قرطبة في القاهرة.

وبداية كلام ابن الجوزي هو: (...لا يصلح لإيداع السر كل أحد، ولا ينبغي لكل من وقع بكنز أن يكتمه مطلقًا، فربما ذهب هو ولم ينتفع بالكنز، وكما أنه لا ينبغي للعالم أن يخاطب العوام بكل علم فينبغي أن يخص الخواص بأسرار العلم، لاحتمال هؤلاء ما لا يحتمله أولئك، وقد علم تفاوت الأفهام...).

ثم ذكر الأدلة من الكتاب والسنة إلى أن قال: (...ومن التغفيل تكلم القصَّاص عند العوام الجهلة بما لا ينفعهم، وإنما ينبغي مخاطبة الإنسان على قدر فهمه، ومخاطبة العوام صعبة، فإن أحدهم ليرى رأيًا يخالفه فيه العلماء ولا ينتهي...).

وذكر قصة لامرأة في هذا: يدلل بها على ما ذكر من أمر العوام، ثم ذكر بعده نصوصًا ثم قال أعني: ابن مفلح-رحمه الله-قال: (...قال...)يعني: ابن الجوزي(...عمن وعظ العوام...)فالكلام في الوعظ بما لا يفهمون(...ليحذر الخوض في الأصول فإنهم لا يفهمون ذلك، لكنه يوجب الفتن وربما كفَّروه مع كونهم جهلة...)انتهى كلامه الذي نقله عن ابن الجوزي.

وهذا الكلام الذي نقله إنما هو كما قلت في وعظ القصاص ونفع وعظهم وضرره في بعض الأحيان، وكذبهم أيضًا كما عنون له ابن مفلح-رحمه الله-في الفصل في هذا المجلد، في صفحة اثنتين وثمانين من المجلد هذا حيث قال: (...فصل في وعظ القصاص ونفعهم وضررهم وكذبهم...)، فأين هذا الكلام من كلام الأخ علي في الاعتذار لمحمد حسان، بأن العوام لا يفهمون؟!.

هذا الكلام كان في الأصول التي لا يفهمونها ربما تلتبس عليهم وتشتبه عليهم، أين هذا من قوله: (...لا يتكلم عند العوام الجهلة بما لا ينفعهم...)؟، فهل قول من يقول: إن المظاهرات لا تجوز في شرعنا الإسلامي الحنيف، وهل من يسمع هذه الكلمة من العوام لا يفهمها؟!، اللهم غفرانك، اللهم غفرانك.

فالواجب على الأخ علي: أن يتق الله-سبحانه وتعالى-، وألَّا يجعل هذا من هذا، وألَّا يخلط الأمور ليبرر لأهل الباطل.

ولكن أيضًا يعجبني في هذا الفصل: الذي نقل منه الأخ علي كلامًا نقله ابن مفلح-رحمه الله-عن أبي الوفا ابن عقيل الحنبلي-رحمه الله-من قوله: (...لا يصلح للكلام على العوام ملحد ولا أبله...)الأبله الذي لا يعرف الأمور هذا لا يصلح أن يتكلم، والملحد مثل هؤلاء المندسين الآن من الزنادقة والذين ينادون بالديمقراطية والعلمانية ونحو ذلك هؤلاء اندسوا في هذه المظاهرات.

ولهذا نسمع كلام أكثر هؤلاء المتظاهرين يطالبون بالديمقراطية بالحرية هذه الكلمات لا تجوز، ديمقراطية باطلة ولا تصلح لنا نحن معاشر المسلمين، والحرية ليست على إطلاقها، هم يريدون الحرية الغربية الكافرة الفاجرة البهيمية، وهذا يدل على أن هؤلاء الملاحدة قد اندسوا في مثل هذه المظاهرات.

فرحم الله ابن عقيل حينما يقول: (...لا يصلح للكلام على العوام ملحد ولا أبله...)وما أكثر البلهاء المتكلمين الآن، ما أكثر المغفلين، بل للأسف كثير ممن يتكلم ممن لا اختصاص له في الشريعة، ولا فهم له بأسرارها ومقاصدها وأهدافها وغاياتها التي قامت عليها.

يقول ابن عقيل-رحمه الله-: (...كلاهما يفسد ما يحصل لهم من الإيمان...)يعني: هذا يفسد على العوام، بدل أن يصلحهم يفسدهم.

فهذا تفريغ لـرد الشيخ: محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله ونفعنا بعلمه- على مقال علي الحلبي: ((لا دفاعًا عن محمد حسَّان)). أسأل الله أن ينفع بـه.

التفريغ بصيغة وورد:

http://plunder.com/152f4207f1


وهذا رابط الاستماع بارك الله فيكم


http://plunder.com/0320eadbd0