المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إتـحـاف الخلان في الـرد عـلى مـن قـال أن الألباني لايرى الهجر في هذ الزمان



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
10-Feb-2011, 04:49 PM
إتـحـاف الخلان في الـرد عـلى مـن قـال أن الألباني لايرى الهجر في هذ الزمان



إتـحـاف الخلان في الـرد عـلى مـن قـال
أن الألباني لايرى الهجر في هذا الزمان



صاحب المقال هو الفقير إلى ربه العبد لله
(أبو ابراهيم المالكي)-زاده الله من فضله-

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آ له وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فقد كثر الكلام ومازلنا نسمع إلى يومنا هدا ان الالباني لايرى الهجر في هداالزمان من بعض المميعين والحزبيين ، وهم بدلك يطعنون في الشيخ الالباني من طرف خفيوجلي .
إد أن الهجر أصل من أصول السنة والجماعة والالباني من أئمة السنةوالجماعة فكيف يخالف هدا الامام هدا الاصل وهو يقرره مشافهة ومكاتبة .
لكن كماقال العثيمين رحمه الله سوء القصد مجلبة لسوء الفهم .

وإليكم كلام الالباني رحمه الله وفعله في الهجر فهل من مدكر:
قال الشيخ الألباني في شريط الرد على الأحباش الوجه الثاني ( الشريط 90 دقيقة )
فمن كان عالما بالخير والشر كحذيفة ابن اليمان و كان بالتالي في هذا الزمان عارفا بالسنة فيتبعها و يحض الناس عليها و عالما بالبدعة فيجتنبها و يحذر الناس منها هذا الشخص هو الذي يجوز له أن يجادل أهل البدعة أو المبتدعة أما كما يفعل بعض إخواننا الذين لم يؤتوا من العلم إلا حظاً قيلاً ثم يدخلون في مجادلة من هم أقوى منهم علما و لو كان هذا العلم مشوبابكثير من البدعة أو علم الكلام كما قلنا آنفا فهؤلاء ننصحهم أن ينطووا على أنفسهم بأن يعتزلوا المبتدعة و أن لا يجادلوهم لأنهم سيتأثرون بشبهاتهم كمثل السؤال الذي سمعتم في أول الجلسة و سمعتم الرد عليه أنهم يصغون إلى كل ناعق و إلى كل صائحف تتعلق الشبهة في ذهن السامع ثم هات حتى يتيسر له عالم يتمكن من إزالة هذه الشبهة من نفسه لذلك تكاثرت النصوص من سلفنا الصالح من العلماء كمالك و أحمد و غيرهم أنهم كانوا كانوا يحذرون الناس ......قطع بسيط ....... بالتحذير من الجلوس مع أهل البدعة بل كانوا يأمروهم بمقاطعتهم خشية أن يتسرب شئ من شبهاتهم إلى نفوسهم )

وفي معرض رده على سؤال وجه إليه رحمه الله قال :السائل : هل صحيح ما نسمعه من أن هجرالمبتدعة في هذا الزمان لا يطبق ؟

جواب الشيخ : ـ استدراكا ـ هو يريد أن يقول لا َيحسن أن يطبق، هل صحيح لاَ يُطبق، ولاَ يُطبق ؟.لأنهُ ، المبتدعة والفساق والفجار هُمُ الغالبُون ، لكن هو يريد أن يقول : *لا َيحسن أن يطبق، وهوكأنه السائل يعنيني أَوَّل ما يعنيني ، أقول : نعم هو كذلك.

لا يَحسُن أن يُطَبق وقد قلت هذا صراحة ً آنِـفًـا ، حينما ضَرَبْتُ المثـل الشامي [ انتَ مَّسَكَّرْ وَأَنَا مَّبَطِلْ ] ، نعم، أتفضل.

السائل : لكن مثلا يعني إذاوُجِدَت بِيئَة والغالب في هذه البيئة أهل السنَّة مثلا، ثمّ وجدت بعض النَّوَابِت إبتدعوا في دين الله عزّوجل ، فهنا يُطبق أم لا يطبق ؟

الشيخ :... وجدت فيها الجماعة نَفسهُم..

السائل : في نفس هذه البيئة التي يَسُودُها يعني الحَق، وظهر الباطل، وظهرت البدع ، في هذه الحالة ما قولكم ؟.

جواب الشيخ : يجب هنا استعمال الحكمة ، هذه الفيئة الظاهرة القويَّة ، هل إذا قاطعت الفئةالمنحرفة عن الجماعة ، - يعود للكلام السابق - هل ذلك ينفع الطائفة المتمسِّكة بالحق، أم يضرّها ؟، هذا من جهتهم .

ثم هل ينفع المقَاطَعين والمهجورين . من الطائفة المنصورة أم يَضرُّهم ، هذا سبق جوابُه في ذلك ، يعني لا ينبغ أن نأخذهذه الأمور بالحماس وبالعاطفة ، إنَّما بالرَّويَّة والأناة والحكمة ، إنَّا نحنهنا مثلاً، شذ َّ واحد من هؤلاء ، خالف الجماعة،( آه يَاغِيرَةَ الله هذاقَاطِـعُوه ).

لا،.. ترفقوا به إنصَحُوهُ أُرشُدُوهُ ، صَاحِبُوه مُدَّةفـــــــإذا يـُـؤِسَ مِـنـهُ أَولا ً،ثُـمَّ خُشِيَ أنْ تَسْـرِيَّ عَـــدْواهُإلى زَيْد و بَكر ثانيًا ، حينَئِـذٍ يُقَـاطَع إذا غَلـَبَ على الرَّأيْ أنَّالمُقَاطَعَة هِيَ العِلاَج، وكمَا يُقال: آخر الدَّواء الكَيِّ.

آخرالوجه الثاني من شريط تحت رقم : 666/1 ، من سلسلة الهدى النور، تمَّ تسجيل هذاالمجلس في 07 شعبان 1413 هـ الموافق لــ 31/01/1993 م


وهذا كلامه من السلسلة الصحيحة تحت حديث وعنوان :

عائشة رضي الله عنها محفوظة غير معصومة
2507- ( أمّا بعْدُ يا عائشةُ ! فإنّه قد بلغني عنكِ كذا وكذا ، [إنّما أنتِ من بناتِ آدم ] ، فإنْ كنتِ بريئةً فَسَيُبَرِّئُكِ الله ، وإن كُنْتِ ألْمَمْتِ بذنبٍ فاسْتَغْفِري الله وتُوبي إليهِ ، فإنَّ العبدَ إذا اعْترف بذنبه ثم تاب إلى الله تابَ اللهُ عليه . وفي رواية : فإنّ التوبةَ من الذَّنْبِ النَّدَمُ ) .

أخرجه البخاري ( 8/ 363- 364- فتح ) ، ومسلم ( 8/116) ، وأحمد ( 6/ 196) والرواية الأخرى له ( 6/ 364) ، وأبو يعلى ( 3/ 1208 و 1218) ، والطبري في " التفسير " ( 18/ 73 و 75) ، والبغوي (6/ 74) من حديث عائشة رضي الله عنها ، في حديثها الطويل عن قصّة الإفك ، ونزول الوحي القرآني ببراءتها في آيات من سورةالنُّور : { إنّ الّذين جَاؤا بالإفكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ . . . } الآيات ( 11-20) ،والزيادة التي بين المعقوفتين هي لأبي عوانة في " صحيحه "، والطبراني في
" معجمه " كما في " الفتح " ( 8/ 344 و 364) .
وقوله : " ألْمَمْتِ " . قال الحافظُ : أيْ وَقَع منك على خلافِ العادة ، وهذا حقيقةُ الإلْمام ، ومنه :
ألَمَّتْ بنا واللَّيْلُ مُرْخٍ ستورهُ .
قال الداوودي : " أمَرَها بالاعتراف ، ولم يندبْها إلى الكتمان ؛ للفرق بين أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهنّ ، فيجب على أزواجه الاعترافُ بما يقع منهنّ ولا يَكْتُمْنَه إياه ، لأنه لايحلُّ لنبيٍّ إمساكُ من يقع منها ذلك ؛ بخلافِ نساء الناس ؛ فإنهنّ نُدِبْنَ إلى السَّتْرِ " .
ثم تعقّبه الحافظ نقلاً عن القاضي عَياضٍ فيما ادّعاه من الأمربالاعتراف ، فليراجعْه من شاء ، لكنّهم سلّموا له قوله : إنه لا يحلُّ لنبيٍّ إمساكُ من يقع منها ذلك . وذلك غَيْرَةً من الله تعالى على نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، ولكنّه سبحانه صان السيدة عائشة رضي الله عنها وسائر أُمّهات المؤمنين من ذلك كما عُرف ذلك من تاريخ حياتهنّ ، ونُزول التبرئة بِخُصوص السيّدةِ عائشة رضي الله عنها ، وإن كان وقوعُ ذلك ممكناً من الناحية النظرية لعدم وُجود نصٍّ باستحالةذلك منهنّ ، ولهذا كان موقفُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في القصّة موقفَالمُتَريّث المُتَرَقِّب نزولَ الوحيِ القاطع للشكّ في ذلك الذي يُنْبيء عنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الترجمة : " إنّما أنتِ من بنات آدَمَ ، فإن كنتِ بريئةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ ، وإن كُنتِ ألمَمْت بذنبٍ فاسْتَغْفرِي الله
. . " ، ولذلك قال الحافظُ في صدد بيان ما في الحديث من الفوائدِ :
" وفيه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يَحْكُمُ لنفسه إلاّ بعد نزول الوحي . نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي جَمْرَة نفع الله به " .

يعني أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يقطع ببراءة عائشةَ رضي الله عنها إلاّ بعد نزول الوحي . ففيه إشعارٌقويٌّ بأن الأمر في حدِّ نفسه ممكن الوقوع ، وهو ما يدندن حولَه كلُّ حوادث القصةوكلام الشُّراح عليها ، ولا ينافي ذلك قولُ الحافظ ابن كثير
( 8/ 418) في تفسيرقوله تعالى : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً للّذين كَفَروا امْرَأَََةَ نُوح وامرأةَ لُوطٍ كانَتا تحت عَبْدَيْن مِن عبادنا صالِحَيْن فخانتاهُما فَلَم يُغْنِيا عنهمامن الله شيئاً وقيلَ ادْخُلا النَّارَ مع الداخلين } ( التحريم : 10) .
" وليس المراد بقوله : { فَخانتاهُما} في فاحشةٍ ، بل في الدِّين ؛ فإنّ نساءَ الأنبياءمعصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة لِحُرمة الأنبياء كما قدّمنا في سورة النور " .
وقال هناك ( 6/ 81) :
" ثم قال تعالى : { وَتَحْسَبُونَه هيِّناً وَهُوَعِند الله عظيمٌ } ، أي : تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين ، وتحسبون ذلك يسيراً سهلاً ، ولو لم تكن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هيّناً ، فكيفوهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم الأُمّي خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، فعظيمٌ عند الله أن يُقال في زوجة نبيه ورسوله ما قيل ، فإن الله سبحانه وتعالى يغار لهذا، وهو سبحانه لا"1" يقدِّرُ على زوجة نبي من الأنبياء ذلك ، حاشا وكلا، ولما لم يكنذلك ، فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء زوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنياوالآخرة ، ولهذا قال تعالى : { وتحسبونه هيِّناً وهو عند الله عظيم } " .
أقول : فلا ينافي هذا ما ذكرنا من الإمكان ، لأن المقصود ب"العصمة" الواردة في كلامه رحمهالله وما في معناها إنما هي العصمة التي دَلَّ عليها الوحي الذي لولاه لوجب البقاءعلى الأصل ، وهو الإمكان المشار إليه ، فهي بالمعنى الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " فالمعصوم من عصمه الله " في حديث أخرجه البخاري وغيره ، وليس المرادبها العصمة الخاصة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وهي التي تنافي الإمكان المذكور ، فالقول بهذه في غير الأنبياء إنما هو من القول على الله بغير علم ، وهذاما صرح به أبو بكر الصديق نفسه في هذه القصة خلافاً لهواه كأب ، فقد أخرج البزاربسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه لما نزل عذرها قبَّل أبو بكر رضي الله عنهرأسها ، فقالت : ألا عذرتني ؟ فقال : أيُّ سماءٍ تظلُّني ، وأي أرضٍ تقلُّني إن قلتما لا أعلم ؟!"2" وهذا هو الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يقفه تجاه كل مسألة لميأت الشرع الحنيف بما يوافق هوى الرجل ، ولا يتخذ إلهه هواه .

واعلم أن الذي دعاني إلي كتابة ما تقدم ، أن رجلاً عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب ،بل إنه كان رئيساً عليهم بعض الوقت ، ثم أحدث فيهم حَدَثاً دون برهان من اللهورسوله ، وهو أنه دعاهم إلى القول بعصمة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيتهوذريته من الوقوع في الفاحشة ، ولما ناقشه في ذلك أحد إخوانه هناك ، وقال له : لعلكتعني عصمتَهن التي دل عليها تاريخ حياتهن ، فهن في ذلك كالخلفاء الأربعة وغيرهم منالصحابة المشهورين ، المنزهين منها ومن غيرها من الكبائر ؟ فقال : لا، إنما أريدشيئاً زائداً على ذلك وهو عصمتهن التي دل عليها الشرع ، وأخبر عنها دون غيرها ممايشترك فيها كل صالح وصالحة ، أي العصمة التي تعني مقدَّماً استحالةَ الوقوع ! ولماقيل له : هذا أمر غيبي لا يجوز القول به إلا بدليل ، بل هو مخالف لما دلت عليه قصةالإفك ، وموقف الرسول وأبي بكر الصديق فيها ، فإنه يدل دلالة صريحة أنه صلى اللهعليه وسلم كان لا يعتقد في عائشةَ العصمة المذكورة ، كيف وهو يقول لها : إنما أنتمن بنات آدم ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله . . . الحديث : فأجاب بأن ذلك كان قبل نزول آية الأحزاب 33: { إنما يريدُ الله ليذهبَعنكُم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهرَكم تطهيراً} ! جاهلاً أو متجاهلاً أن الآيةالمذكورة نزلت قبل قصة الإفك ، بدليل قول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها عنصفوان بن المعطل السلمي :
" فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب " ، وفيهأنها احتجبت منه .
ودليل آخر ، وهو ما بيّنه الحافظ رحمه الله بقوله ( 8/ 351) :
" ولا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ،وفي حديث الإفك : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب عنها . فثبت أن الحجاب كاقبل قصة الإفك " .

ثم اشتدت المجادلة بينهما في ذلك حتى أرسل إليَّ أحدالإخوان الغيورين الحريصين على وحدة الصف خطاباً يشرح لي الأمر ، ويستعجلني بالسفرإليهم ، قبل أن يتفاقم الأمر ، وينفرط عقد الجماعة . فسافرت بالطائرة – ولأول مرة – إلى حلب ، ومعي اثنان من الإخوان ، وأتينا الرجل في منزله ، واقترحت عليهما أن يكونالغداء عنده تألفاً له ، فاستحسنا ذلك . وبعد الغداء بدأ بدأنا بمناقشته فيما أحدثهمن القول ، واستمر النقاش معه إلى ما بعد صلاة العشاء ، ولكن عبثاً ؛ فقد كانمستسلماً لرأيه ، شأنه في ذلك شأن المتعصبة الذين يدافعون عن آرائهم دون أي اهتمامللأدلة المخالة لهم ، بل لقد زاد هذا عليهم فصرح في المجلس بتكفير من يخالفه فيقوله المذكور ، إلا أنه تنازل – بعد جهد جهيد – عن التكفير المشار إليه ، واكتفىبالتصريح بتضليل المخالِف أياً كان !
ولما يئسنا منه قلنا له : إن فرضَك علىغيرك أن يتبنى رأيَك وهو غير مقتنع به ، ينافي أصلاً من أصول الدعوة السلفية ، وهوأن الحاكمية لله وحده ، وذكّرناه بقوله تعالى في النصارى : { اتخذوا أحبَارَهمورهبانهم أرباباً من دون الله } ، ولهذا فحسبك أن يظل كل منكما عند رأيه ، ما دامأن أحدكما لم يقنع برأي الآخر ، ولا تضلِّلُه ، كما هو لا يضلِّلُك ، وبذلك يمكنكأن تستمر في التعاون معه فيما أنتما متفقان عليه من أصول الدعوة وفروعها . فأصرّعلى فرض رأيه عليه وإلا فلا تعاون ، علماً بأن هذا الذي يريد أن يفرض عليه رأيه هوأعرف منه وأفقه بالدعوة السلفية أصولاً وفروعاً ، وإن كان ذاك أكثر ثقافة عامة منه .
وصباح اليوم التالي بلَّغْنا إخوانَه المقربين إليه بخلاصة المناقشة ، وأنالرجل لا يزال مصراً على التضليل وعدم التعاون إلا بالخضوع لرأيه . فأجمعوا أمرهمعلى عزله ، ولكن بعد مناقشته أيضاً ، فذهبوا إليه في بيته – بعد استئذانه طبعاً – وأنا معهم ، وصاحباي فطلبوا منه التنازل عن إصراره وأن يدع الرجل على رأيه ، وأنيستمر معهم في التعاون ، فرفض ذلك ، وبعد مناقشة شديدة بينه وبين مخالفه في الرأيوغيره من إخوانه ، خرج فيها الرجل عن طوره حتى قال لمخالفه لمّا ذكره بالله : أنالا أريد أن تذكرني أنت بالله ! إلى غير ذلك من الأمور التي لا مجال لذكرها الآن ،وعلى ضوء ما سمعوا من إصراره ، ورأوا من سوء تصرفه مع ضيوفه اتفقوا على عزله ،ونصّبوا غيره رئيساً عليهم .
ثم أخذت الأيام تمضي ، والأخبار عنه تترى بأنه ينالمن خصمه ويصفه بما ليس فيه ، فلما تيقنتُ إصراره على رأيه وتقوله عليه ، وهو يعرفنزاهته وإخلاصه قرابة ثلاثين سنة ، أعلنت مقاطعته حتى يعود إلى رشده ، فكان كلمالقيني وهشَّ إليَّ وبشَّ أعرضتُ عنه . ويحكي للناس شاكياً إعراضي عنه متجاهلاًفعلته ، وأكثر الناس لا يعلمون بها ، في الوقت الذي يتظاهر فيه بمدحي والثناء عليَّوأنه تلميذي ! إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين في عمان في دعوة غداء في منتصفجمادى الأولى لسنة ( 1396) فسارع إلى استقبالي كعادته ، فأعرضت عنه كعادتي ، وعلىالمائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التيلقيتُها في سفري إلى ( المغرب) ، وكنتُ حديثَ عهد بالرجوع منه ، فقلت له : لا كلامبيني وبينك حتى تنهي مشكلتك ! قال :
أي مشكلة ؟ قلت : أنت أدرى بها ، فلم يستطعأن يكمل طعامه .

فقصصت على الإخوان الحاضرين قصته ، وتعصبه لرأيه ، وظلمهلأخيه المخالف له ، واقترحت عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين . وكان ذلك بعد يومينمن ذلك اللقاء ، فبعد أن انصرف الناسُ جميعاً من الندوة التي كنت عقدتها في دارأحدهم في( جبل النصر ) وبقي بعض الخاصة من الإخوان ، بدأ النقاش ، فإذا بهم يسمعونمنه كلاماً عجباً ، وتناقضاً غريباً ، فهو من جهة يشكوني إليهم لمقاطعتي إياه ،وأنه يهشّ إليّ ويبشّ ، ويتفاخر في المجلس بأني شيخه ، ومن جهة أخرى لما يجري البحثالعلمي بيني وبينه يصرح بتضليلي أيضاً وبمقاطعتي ! فيقول له الأخوان : كيف هذا ،وأنت تشكو مقاطعته إياك ؟! فلا يجيب على سؤالهم ، وإنما يخوض في جانب آخر منالموضوع . وباختصار فقد انكشف للحاضرين إعجابه برأيه وإصراره عليه ، وتعدِّيه علىمن يزعم أنه شيخه وجزمه بضلاله ، والله المستعان . فإذا قيل له : رأيك هذا هو وحيالسماء ، ألا يمكن أن يكون خطأ ؟ قال : بلى ، فإذا قيل له : فكيف تجزم بضلال مخالفكمع احتمال أن يكون الصواب معه ؟ لم يحر جواباً ، وإنما يعود ليجادل بصوت مرتفع ،فإذا ذكِّر بذلك قال : عدم المؤاخذة ، لقد قلت لكم : هذه عادتي ! فلاتؤاخذوني!

فطالبه بعض الحاضرين بالدليل على العصمة التي يزعمها ، فتلى آيةالتطهير:
{ إنما يريدُ الله ليذهِبَ عنكُم الرجسَ أهل البيتِ ويطهرَكُمْ تطهيراً } ، فقيل له :
الإرادة في هذه الآية شرعية أم كونية ، فأجاب : كونية ! فقيل له : هذا يستلزم أن أولاد فاطمة أيضاً معصومون ! قال : نعم . قيل : وأولاد أولادها ؟فصاح وفرّ من الجواب . وواضح من كلامه أنه يقول بعصمة أهل البيت جميعاً إلى يوميبعثون ، ولكنه لا يفصح بذلك لقبحه . فقام صاحب الدار وأتى برسالة لشيخ الإسلام ابنتيمية رحمه الله ، وقرأ منها فصلاً هاماً في بيان الفرق بين الإرادة الشرعيةوالإرادة الكونية ، فالأولى محبته تعالى ورضاه لما أراده من الإيمان والعمل الصالح، ولا تستلزم وقوع المراد ، بخلاف الإرادة الكونية ، فهي تستلزم وقوع ما أرادهتعالى ، ولكنها عامة تشمل الخير والشر ، كما في قوله تعالى : { إنما أمرهُ إذاأرادَ شيئاً أن يقولَ له كن فيكون } (يس : 82) ، فعلى هذا ؛ فإذا كانت الإرادة فيآية التطهير إرادة شرعية فهي لا تستلزم وقوع المراد من التطهير ، وإنما محبته تعالىلأهل البيت أن يتطهروا ، بخلاف ما لو كانت إرادة كونية فمعنى ذلك أن تطهيرهم أمركائن لابد منه ، وهو متمسَّك الشيعة في قولهم بعصمة أهل البيت ، وقد بين شيخالإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ضلالهم في ذلك بياناً شافياً في مواطن عديدة منكتابه " منهاج السنة" ، فلا بأس من أن أنقل إلى القراء الكرام طرفاً منه لصلتهالوثيقة بما نحن فيه ، فقال في صدد ردِّه على الشيعي المدعي عصمة علي رضي الله عنهبالآية السابقة :
" وأما آية ( الأحزاب 33) : { ويطهركم تطهيراً } فليس إخباربذهاب الرجس وبالطهارة ، بل فيها الأمر لهم بما يوجبهما ، وذلك كقوله تعالى ( المائدة 6) :
{ ما يريدُ الله ليجعلَ عليكُم من حرجٍ ولكن يريدُ ليُطهِّرَكم } ،و(النساء : 26) :
{ يريدُ الله ليبيِّنَ لكم ويهدِيكم } ، و( النساء :28) : { يريدُ الله أن يخفِّف عنكم } . فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا ليست هيالملتزمة لوقوع المراد ، ولو كان كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته . وهذا على قولشيعة زماننا أوْجَهُ ، فإنهم معتزلة يقولون : إن الله يريد ما لا يكون ، فقولهتعالى : { يريد الله ليذهب عنكم الرجس } إذا كان بفعلِ المأمور وترك المحظور ، كانذلك متعلقاً بإرادتهم وبإفعالهم ، فإن فعلوا ما أمروا به طهُروا .
ومما يبين أنذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الكساء علىعلي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجسوطهرهم تطهيراً " . رواه مسلم من حديث عائشة .

ورواه أهل السنن من حديث أمسلمة ، وفيه دليل على أنه تعالى قادر على إذهاب الرجس والتطهير ، وأنه خالق أفعالالعباد ، رداً على المعتزلي .

ومما يبين أن الآية متضمِّنة للأمر والنهيقوله في سياق الكلام :

{ يا نساءَ النبيِّ مَنْ يأتِ منكُنَّ بفاحشةٍ مبينة – إلى قوله- ولا تبرَّجْنَ تبرُّجَ الجاهليةِ الأولى ، وأقِمنَ الصلاةَ وآتينَالزكاةَ وأطِعنَ الله ورسولَهُ إنما يريدُ الله ليذهبَ عنكُم الرجسَ أهلَ البيتويُطَهِّركُم تطهيراً . واذكُرْنَ ما يُتْلى في بيوتكن }
(الأحزاب 30-34) ،فهذا السياق يدل على أن ذلك أمر ونهي ، وأن الزوجات من أهل البيت ، فإن السياق إنماهو في مخاطبتهن ويدل الضمير المذكر على أنه عمَّ غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما" (1) .
وقال في " مجموعة الفتاوى "( 11/ 267) عقب آية التطهير :
" والمعنى أنهأمركم بما يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، فمن أطاع أمره كان مطهراً قدأذهب عنه الرجس بخلاف من عصاه" .
وقال المحقق الآلوسي في تفسير الآية المذكورةبعد أن ذكر معنى ما تقدم عن ابن تيمية ( 7/47- بولاق) :
" وبالجملة لو كانتإفادةُ معنى العصمة مقصودةً لقيل هكذا : إن الله أذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركمتطهيراً. وأيضاً لو كانت مفيدة للعصمة ينبغي أن يكون الصحابة لا سيما الحاضرين فيغزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم :
{ ولكنْ يريدُ ليطهرَكم وليُتِمَّنعمتَه عليكم لعلكم تشكرون } ، بل لعل هذا أفيد لما فيه من قوله سبحانه :{ وليتمَّنعمتَه عليكم } ، فإن وقوع هذا الإتمام لا يُتَصور بدون الحفظ عن المعاصي وشرالشيطان " .
وللبحث عنده تتمة لا يخرج مضمونة عما تقدم ، ولكن فيه تأكيد له ،فمن شاء فليراجعه .
فأقول : لقد أطلت الكلام في مسألة العصمة المزعومة ،لأهميتها ولصلتها الوثقى بحديث عائشة رضي الله عنها . وتذكيراً للأخ المشار إليهلعله يجد فيما كتبت ما ينير له سبيل الهداية ، والعودة لمواصلة أخيه ، راجعاً عنإضلاله ، وللتاريخ والعبرة أخيراً .
ثم توفي الرجل بعد كتابه هذا بسنين طويلةإلى رحمة الله ومغفرته ، ومعذرة إلى بعض الأخوان الذين قد يرون في هذا النقد العلميوفيما يأتي ما لا يروق لهم ، فأذكرهم بأن العلم الذي عشته دهري هو الذي لا يسعنيمخالفته ، وما قول البخاري وسليمان بن حرب الآتي تحت رقم 2630 في ( حرب بن ميمون) :
" هو أكذب الخلق " – وذلك بعد موته – عنهم ببعيد .

وقال ايضا رحمه الله تعالى :

2630-( اطلبْني أولَ ما تطلبُني على الصراطِ . قال : فإن لم ألقَكَ على الصراط ؟ قال : اطلُبني عندَ الميزانِ . قال : فإن لم ألقَكَ عندَ الميزانِ ؟قالَ : فاطلُبْني عندَ الحوضِ ؛ فإنّي لا أخطيء هذه الثلاثَ المواطنَ ) .
أخرجه الترمذي ( 2/ 70) ، وأحمد ( 3/ 178) ، والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( ق 242/ 1-2) من طريق حرب بن ميمون الأنصاري أبي الخطاب : حدثنا النضر بن أنس بنمالك عن أبيه قال :
سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع فيَّ يوم القيامة ،فقال : أنا فاعل . قال : قلت : يا رسول الله ! فأين أطلبك ؟ قال : اطلبني . . . الحديث . وقال الترمذي :
" حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " .
قلت : وأقرَّه المنذري في " الترغيب " ( 4/ 211) ، وكذا الحافظ ابن حجر في
" الفتح" ( 11/405) ، ورجاله ثقات رجال مسلم ، فإنه أخرج لحرب هذا حديثاً آخر في " الأطعمة" ( 6/ 121) ، وسائر رجاله من رجال الشيخين ، وهو إلى ذلك ثقة بلا خلاف ، إلا ما وهمفيه بعضهم ، فلا بدَّ من تحقيق القول في ذلك ، فأقول :
قال الذهبي في " الميزان " :
" حرب بن ميمون ( م ، ت ) أبو الخطاب الأنصاري ، بصري صدوق يخطيء، قال أبوزرعة : ليِّن . وقال يحيى بن معين : صالح . قلت : يروي عن مولاه النَّضر ابن أنسوعن عطاء بن أبي رباح . وعنه عبد الله بن رجاء ويونس المؤدب وجماعة ، وقد وثّقه عليبن المديني وغيره ، وأما البخاري فذكره في " الضعفاء" وما ذكر الذي بعده صاحبالأغمية (1) . . ." .
ثم قال الذهبيّ عقبهُ :
" حرب بن ميمون العبدي أبو عبدالرحمن البصري العابد المعروف ب(صاحب الأغمية) عن عوف وحجاج بن أرطاة وخالد الحذّاء . . . ضعّفه ابن المديني والفلاس ، وقال ابن معين : صالح . قلت : توفي سنة بضعوثمانين ومائة ، وهو الأصغر والأضعف ، وقد خلطه البخاري وابن عدي بالذي قبله ،وجعلهما واحداً ، والصواب أنّهما اثنان ، الأول صدوق لقي عطاء ، والثاني ضعيف أكبرمن عنده حميد الطويل . قال عبد الغني بن سعيد : هذا مما وهم فيه البخاري ، نبَّهنيعليه الدارقطني " .
قلت : ما استصوبه الذهبيّ رحمه الله هو الصواب ، وبه جزم غيرما إمام من المتقدمين والمتأخِّرين ، فقال الساجي :
" حرب بن ميمون الأصغر ضعيفالحديث عنده مناكير ، والأكبر صدوق " .

وكذا قال عمرو بن علي الفلاس ، وروىعبد الله بن علي عن أبيه نحوه .
وقال الحافظ ابن حجر في الأكبر :
" صدوق ،رمي بالقَدر من ؛ السابعة " . وفي الأصغر :
" متروك الحديث مع عبادته ؛ منالثامنة ، ووهم من خلطه بالأول " .
وجرى على التفْريق بينهما الخزرجي أيضاً في " الخلاصة" وغيره كما يأتي .
لكن في كلام الذهبي المتقدِّم بعض الأوهام لا بدَّمن التنبه عليها إتماماً للتحقيق :
أولاً : قوله في ترجمة الأكبر : " قالأبوزرعة : ليِّن " خطأ ، وحقّه أن ينقل إلى ترجمة الأصغر ، ففيها أورده ابن أبيحاتم ( 1/ 2/ 251) ، وتبعه الحافظ في " التذهيب " .
ثانياً : قوله فيها وفيترجمة الأصغر : " وقال ابن معين : صالح " خطأ أيضاً ، والصواب ذكره في ترجمة الأصغرفقط ، كما فعل ابن أبي حاتم وابن حجر .
ثالثاً : قوله : وأما البخاري فذكره في " الضعفاء " . فأقول :
إن كان يريد كتابة المعروف ب" الضعفاء" كما هو المتبادر فلمأره ذكر فيه الأكبر ، ولا الأصغر ، من النسخة المطبوعة في الهند ، فلا أدري إذا كانذلك في نسخة أخرى منه ، وإن كنت أستبعد هذا ، فإنّ الحافظ ابن حجر لم يذكره مطلقاً . ولكنّه قال:
" قال البخاري : قال سليمان بن حرب : هو أكذب الخلق " .
ولكنالحافظ في الوقت الذي لم يعزُ هذا ل" ضعفاء البخاري" ، فإنَّه أورده في ترجمة حرببن ميمون الأصغر ، بينما البخاري نفسه إنَّما أورده في " التاريخ الكبير " في ترجمةالأكبر ، فقال ( 1/ 2/ 65) :
" حرب بن ميمون يقال أبو الخطاب البصري مولىالنَّضر بن أنس الأنصاري عن أنس (!) سمع منه يونس بن محمد . قال سليمان بن حرب : هذا أكذب الخلق " . ولم يذكر البخاري في ترجمة الأصغر شيئاً ( 1/ 2/ 64) .
وقداستظهر محقِّق " التاريخ " أن الحامل للحافظ وغيره على صرف قول البخاري هذا إلىترجمة الأصغر أنّ ابن المديني وعمرو بن علي قد ليّناه ، ووثقا هذا الأنصاري . ثمَّأجاب عن تكذيب سليمان له بما خلاصته أنَّه جرح مبهم غير مفسّر لأنّه قائم على قصّةلا تستلزم التكذيب المذكور بصورة لا تحتمل التأويل ، فراجع كلامه فإنّه مفيد .
وخلاصة القول: إنّ حرب بن ميمون الأكبر صاحب هذا الحديث ، ثقة حجَّة ، وثَّقهابن المديني شيخ البخاري والفلاس والساجي ، وكذا مسلم بإخراجه له في "الصحيح"
،وابن حبان بذكره إيّاه في " الثقات" ، والخطيب بقوله فيه :
" كان ثقة" ، ولميضعِّفه أحد سوى ما تقدّم من قول سليمان بن حرب فيه ، وقد عرفتَ الجواب عنه ، وأنّهغير حرب بن ميمون الأصغر كما سبق عن جماعة من الأئمة .

وبهذه المناسبة لابدَّ من التنبه على وهم أيضاً وقع في ترجمة ( الأصغر) هذا من
" تهذيب التهذيب " لا بن حجر ، فقد قال (2/ 227) :
" قال المزِّي : وقد جمع بينهما غير واحد ، وهوالصحيح إن شاء الله تعالى " .
والذي رأيته في " تهذيب الكمال " للحافظ المزِّيخلافه ، فإنه بعد أن ترجم للأكبر أتبعه بترجمة الأصغر ، وقال في آخرها :
" ذكرناه للتمييز بينهما ، وقد جمعهما غير واحد ، وفرَّق بينهما غير واحد ، وهوالصحيح إن شاء الله تعالى".
فالظاهر أنّه سقط من الناسخ أو الطابع ل" تهذيبالتهذيب" جملة " وفرّق بينهما غير واحد " ، فاختلّ المعنى . والله أعلم .
ولعلّهمن هذا القبيل ما جاء في أوّل ترجمة الأكبر من " تهذيب التهذيب" قال:
" روى لهمسلم حديثاً في تكثير الطعام عند أمِّ سليم ، والآخر في قوله صلى الله عليه وسلملأنس : اطلبني . . . " .
فإنّه يوهم أنّ الحديث الآخر – حديث الترجمة- رواه مسلمأيضاً ، وليس كذلك ، ولولا أنّه كان رمز له في رأس الترجمة بأنّه أخرج له مسلموالترمذي وابن ماجه في " التفسير " ، لكان يمكن حمل قوله : " والآخر " على الترمذي، ولكن ذِكْره
لا بن ماجه عقبه يمنع منه إلا بتكلُّف ظاهر .
واعلم أنَّ هذاالحديث أورده الشيخ السهسواني الهندي في " صيانة الإنسان من وسوسة اشيخ دحلان " ( ص 353) مستدلاً به على أنَّ طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ثابت ،ثم ساق أحاديث هذا أوَّلها ، وقال بعد أن ذكر تحسين الترمذي إياه :
" قلت : ورجاله رجال الصحيح ، وكلهم ثقات ؛ غير حرب بن ميمون أبي الخطاب ، فقد اختلف فيه ،قال الذهبي في " الميزان" . . . " .
ثم ساق كلامه المتقدِّم ، ولكن ملخّصاً .
ففهم منه مقلِّدهُ صاحب كتاب " التوصل إلى حقيقة التوسل " أن الحديث ضعيف ،فقال عقب الحديث (ص 320- الطبعة الثانية) :
" الحديث غير صحيح السند كما سيأتيبيانه " .
والبيان الذي وعد به لا يزيد على قوله في الصفحة المقابلة بعد أن ذكرأيضاً تحسين الترمذي إياه :
" وفي سنده أبو الخطاب حرب بن ميمون ضعَّف ووثِّق ،وممن ضعَّفوه (!) شيخ المحدِّثين البخاري ، فحديث يقول فيه الترمذي : حسن غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه الحسن الغريب (!) ، والترمذي معروف لينه وتساهله في نقدالرواة والروايات . وفيه أيضاً من ضعَّفه البخاري ، وحسبك به ناقداً حجّة في هذاالشأن ، فكيف يحتجّ بهذا الحديث . . . ؟ ! اللهمّ علِّمنا العلم الذي لا جهل معه " !
قلت : فهذا الكلام مع ما فيه من الرِّكَّة والعجمة وضعف البيان حتى وصفالترمذي باللين ! وقال: " ضعَّفوه" ، وهو يريد " ضعَّفه" ، فهو يدلُّ على عدم معرفةقائله بهذا العلم الشريف ، وقلة اطَِلاعهِ على أقوال أئمة الجرح والتعديل ، فضلاًعن عجزه التامّ عن التوفيق بين أقوالهم في الراوي الواحد . فمن كان هذا حاله ، فمنالبدهيّ أن يقول ما لم يقله أحد قبله ، حتى ولا مقلَّده وعمدته في الكلام علىالأحاديث ، وهو الشيخ الفاضل : السهسواني ، فإنّ هذا تكلّم على الحديث بأسلوب معروفعند أهله ، وإن كان لم يُفصح عن مرتبته ، مع أنّ ظاهره أقرب إلى تأييده تحسينالترمذي إيّاه منه إلى ردّه ، فجاء هذا المومى إليه فلخّص كلامه تلخيصاً بعيداًجداً عن الواقع أدى به إلى التصريح بأنّ إسناده غير صحيح ، وأنّ راويه أبا الخطابمختلف فيه " ضعِّف ووثِّق ، وممن ضعّفه البخاري " وهذا كله لعدم عمله ومعرفته ،ولذلك فلم يحسن التعبير ، ف(أبو الخطاب) متَّفق على توثيقه ، ولم يضعِّفهُ أحد غيرالبخاري ، على ما في تضعيفه إيّاه من تردّد العلماء ؛ هل أراد به أبا الخطاب هذا أمحرب بن ميمون الأصغر ؟ ، كما تقدّم بيانه ، وأنّه إن أراد به الأول ، فهو جرح غيرمفسّر ، كما تقدّم ، ولذلك لم يعتمد عليه من جاء بعده من النقّادِ كالذهبيوالعسقلاني والخزرجي ، ومن قبلهم المنذري الذي أقرَّ الترمذي على التحسين ، وكلّهؤلاء يعلمون أنّ البخاري هو شيخ المحدّثين حقاً ، ولكنّهم يعلمون أيضاً أنّ الحقَّلا يعرف بالرجال ، وأنّضه لا عصمة لأحد منهم ، وإنّما هو مشاعٌ بينهم ، فلذا فهميبحثون عنه ، فمع من كانَ اتبعوهُ ، وهذا ما صَنَعوهُ هنا ، فأعرضوا عن تضعيفالبخاري ، واعتمدوا قول الذين وثَّقوه كما سبق .
وأزيد هنا فأقول : قال الذهبيفي " ديوان الضعفاء " ( مخطوط) :
" حرب بن ميمون أبو الخطاب ، ثقة ، رماهُبالكذب سليمان بن حرب " .
وقال في " المعنى " ( 1/153- طبع حلب ) :
" ثقة ،غلط من تكلّم فيه ، وهو صدوق " .
فأنت تراه لم يعتدَّ بمن رماه بالكذب فضلاًعمَّن تكلّم فيه .
ولهذا الرجل قصةٌ طويلةٌ فيها عبرةٌ لمن يعتبر ، لا مجالللتحدُّث عنها بهذا المكان ، وإنَّما لا بُدَّ من الإشارة إليها بأوجز ما يمكن منالكلام .
فهو رجل عاش نحو ربع قرن من الزمان رئيساً على إخواننا السلفيِّين فيحلب ، ومنذ بضع سنين بدأ يظهر شيئاً من الشدة عليهم ، وفرض الرأي ، فمن استسلم لهقرَّبه إليه ، ومن خالفه في رأيه أبعده عنه ، وامتنع من التعاون معه ، ولو كانصاحبه القديم منذ بدء الدعوة هناك ، يفعل هذا ، وهو ممن لا علم عنده يُذكر ولاتحقيق إلا ما كان استفاده من غيره ، إلى أن خرج عليهم برأي لا عهد لهم به ، وهو أننساء النبي صلى الله عليه وسلم معصومات من الزنا ، وإنْ كان الجميع متفقين معه علىأنّهنّ متنَ وهنّ عفيفات شريفات ، فكان لا يقنع إلا بأن يقولوا معه إنّهنّ معصوماتالعصمة الشرعية ، فلمّا طالبوه بالحجّة ، وناقشه فيها أبرز من فيهم فقهاً وفهماً ،كان جزاؤه منه أن قاطعه وهجره ، وبالنّار إن استمرَّ على مخالفته أوعده ، وحاول أنيبعده عن الجماعة ، بعد أن أعلن عدم أستعداده أن يتعاون معه ، فجلب بذلك ضرراً علىنفسه ودعوته ، حيث تبيّن للجماعة هناك بأن عمله ليس على المنهج ، وعلى الرغم مننصحي إيّاه ، فلم يستجب ، فكانت عاقبته أن أزالوه من رياسته ، بعد أن اجتمعوا فيداره ، وأنا معهم وبعض إخواننا الدمشقيِّين ، وكلّهم ينصحونه، ويطلبون منه أن يكفّعن رأيه وإصراره ، وأن يتعاون مع كلِّ إخوانه ، وبخاصة القدامى والفقهاء منهم ،فرفض، فكان أن أقالوه عن رياسته ، ونصَّبوا عليهم عيره وهم في داره !
فكان بعدذلك ينال من صاحبه القديم كلّما جاء ذكره ، ويصفه بما ليس فيه! مع أنه معروف بينإخوانه بإخلاصه وتدينه وفقهه وغيرته على الدعوة ، فيما نعلم والله حسيبه ولا نزكِّيعلى الله أحداً ، من أجل ذلك قطعت صلتي به ، فلا أزوره، ولا يزورني ، وإن كان يُظهرمودتي وتبجيلي ، كلّما لقيني ، وأنا أصدُّ عنه ، حتى يتوب إلى ربّه من فعلته ،ويعتذر لأخيه عن اساءته إليه ، ولله عاقبة الأمور .
وعلى الرغم من أنَّه تركبلدته (حلب) ، وتركته الجماعة كما سبق ،فهو لا يزال يعلن في البلاد السعودية أنّهرئيس الجماعة ، بل ويصرِّح بأنَّه مؤسِّس الدعوة السلفيَّة ، فعل ذلك في كتابه " التوصُل " ، فانتقدته في كتابي " التوسُل أنواعه وأحكامه"
( ص 91- 93) ، فردَّعليَّ في طبعته الثانية من كتابه المذكور ، بما يبدو للقاريء اللبيب أنّه تبيّن لهصواب نقدي إيّاه ، ولكنّه لم يظهر ذلك ، وأكبر دليلٍ على ذلك أنّه في طبعته الثانيةقيّد لقبه السابق ، فقال عن نفسه بنفسه (!) :
" مؤسّس الدعوة السلفيّة بحلب " ،دون أن يذكر بأنّه استفاد ذلك من نقدي المشار إليه ، وتأوّل ، قوله : " مؤسّس" بماكنت ذكرته أنا في نقدي بأنه لعلّه أراد به :
" مجدِّد الدعوة السلفيّة" ، فتكلّمطويلاً بكلام لا يخرج عن التأويل المذكور ، فوددت لو أنّه صرّح بأنّه : " مجدِّدالدعوة السلفيّة بحلب " إذن لما وافقه إخوانه على ذلك ، لأنهم يعلمون أنّه ليسأهلاً لذاك ، وأنّه حسبه أن يكون تابعاً لأحد المجدِّدين ، كما قلت هناك ، وكتابهالمذكور أكبر شاهد على ما أقول ، فهو ممتليء بالأخطاء العلمية ، من أنواع مختلفة ،على ركَّةٍ وعِيٍّ في التعبير ، وكلامه في هذا الحديث من أوضح الأدلّة على ذلك ،والله هو المسؤول أن يحفظ علينا إيماننا ، ويطهِّر قلوبنا من الحسد والغلّ والكبر ،إنّه خير مسؤول (1) .

وصلي اللهم علىمحمد و آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين


ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
(1) وقد ذكرت تحت حديث عائشة المتقدِّم (2507) تفصيل ما أجملت هنا من الرد على قولهبالعصمة، وكان ذلك منذ نحو عشرين سنة . ثم توفي الرجل إلى رحمة الله ، وغفر لنا وله، فترددت كثيراً في نشر هذا –والكتاب تحت الطبع – ثم أمضيته للتاريخ والعبرة ،ودفعاً للقيل والقال ، ولا سيما وقد بدأ بعض ذوي الأغراض والأهواء من الناشرينوالمعلقين يخوضون بعد وفاته فيما لا علم لهم به ، والله يقول : { فا سأل به خبيراً } .

***********
وإليكم هذا النقل من:
سؤالات ابن أبي العينين
للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
في شبهات حول الحديث الحسن
وقواعد في علم الحديث والجرح والتعديل
س58 / :ــ ومما يحتجون به أويتكلمون به يقولون إن مثل [ عمرو بن عبيد ] كما ذكرتم فيه جانب من الصلاح ، لكنهيذم لأنه مبتدع ، ولا يذكر إلا بالذم ويوصف بالضلال ولا يوصف بالإمام ؟ لا نقولالإمام [ عمرو بن عبيد ] فكيف نصف [ ابن حجر ] بأنه إمام كما يقولون بأنه من أهلالضلال ويوصف بالضلال ولا يذكر إلا على سبيل الذم ؟
ج58 / :ــ الشيخ : لايستويان مثلا .
فقال أبو عبد الله : وعلى هذا فيطالبون بتصغيرهؤلاء العلماءالذين وقعوا في مثل هذه الأمور .
فقال الشيخ : أوَّلاً نهي بعض علماء السلف عنمجالسة المبتدع والإصغاء لكلامه وعن معاشرته ونحو ذلك هذا مشروع من باب السياسةالشرعية ، ومن باب المحافظة على سلامة عقيدة عامة الناس الذين لا يتمكنون من تمييزالخطأ من الصواب أو الباطل من الحق، فهذا لا يعني أكثر من باب تطبيق قاعدة((سدالذريعة)) يعني أيها الناس لا تصلوا وراء هذا المبتدع ، هذا من باب ردعه،من بابمقاطعته تأديبا له من جهة ، وخوفا على من يعاشرونه من جهة أخرى ، اليوم يوجد بعضالآراء والأفكار أن فلانا صوفي ، ويؤم الناس هل نصلي وراءه أم لا ؟
الجواب : إنكنت تحكم بأنه مسلم وما خرج عن دائرة الإسلام فالصلاة خلفه صحيحة ، لكن إن وجدتإماما خيرا منه وأصلح منه أو من أهل السنة فتذهب إليه ، أما إذا لم يكن إلا الأولفإما أن تصلي وحدك أو تصلي وراء هذا الإمام ؟
صَلِّ وراء هذا الإمام ولا تخالفنحو تلك الوصايا التي تقرأها في كتب بعض العلماء أن فلانا لا تصل وراءه ، وقد يكونالقائل مثل الإمام [أحمد] مثلا :ـ لأنه مبتدع ، هذا من باب ما ذكرناه آنفا :ـ إمالتأديب هذا الإمام المبتدع ، وإما خوفا من أن تؤثر بدعته على هؤلاء الذين يصلونخلفه ، أما اليوم فقد طفح الصاع ، وغلبت البدعة والجهل على أكثر الناس ، فإذا قلنالا تصل خلف المبتدع ، ولا تصل وراء مقلد ، ولا تصل وراء صوفي معناها أننا نقول لهبلسان الحال ، ولسان الحال أنطق من لسان المقال:ـ اعتزل الناس على رأس جبل ، وما : (( لا تزال طائفة من أمتيuأعتقد أن يكون هذا اليوم ، لأنه لا يزال كما قالظاهرين على الحق )) .
خلاصة القول :
لا نريد أن نكون مُفْرطين ولامُفَرِّطين ، ولا مغالين ولا متساهلين ، وهذه الأقوال فيها من النوعين سبحان الله : إما إفراط وإما تفريط . فقوله في بعض الرواة إنه مرجئ هو أهون بكثير مما إذا قال : فلان يكذب ما خرج عن قولهم من أهل السنة في العقيدة ، فإذا يأخذ كل إنسان نصيبه منالوصف بالخير أو الوصف بالشر ، وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين. السؤال (58) ص (140ــ 141) الناشر دار الهدى
المصدر
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=364011

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
10-Feb-2011, 04:51 PM
الألباني : لا يجوز مداهنة أهل البدع
" الهجرهذا واجب "



للإستماع للمادة الصوتيةإضغط على الصورة



]http://store2.up-00.com/Feb11/EqV01332.jpg (http://www.salafishare.com/arabic/23...IYY/GDYCYZI.rm)



تفريغ المادة الصوتية :


السائل :
في ما يتعلق بهجر المبتدع ياشيخ


الشيخ :
تفضل


السائل :
يعني يظهر مما سمعت أنكم تراعون مصلحة هذا المبتدع نفسه


الشيخ :
نعم


السائل :
ولا تنكرون أصل الهجر



الشيخ :
لا أنكر أصل الهجر، هذا واجب
فالهجرهذا........


السائل :


شيخنا كما تلا حظ راعينا في القول بعدم الجواز في هجر المبتدع ، راعينا فيها مصلحته هو –هذا المبتدع-


ويعني ما راعينا مصلحة العامة الذين قد يضلوا باتصال هذا العالم السلفي أو الإمام أو كذا...بهذا المبتدع ومخالطته فيتأثرون ويظنون بأنه ليس على بدعة فيضلون تأثرا
ثم أمر آخر



الشيخ :
خلي الأمر الآخر حتى ننظر في الأمر الأول


هذه المسائل الحقيقة يا أخي من حيث التطبيق العملي تحتاج إلى علم دقيق و تطبيق عملي دقيق


فالآن أنت ضربت مثلا بالعالم الذي يخالط المبتدع فيراه العامة فيظنون في هذا المبتدع خيرا


هل أنت تصورت أن هذا العالم مداهن؟!!!



السائل:
لا


الشيخ :
طيب


إذن إذا تصورت خلاف ذلك كما أرجو، أستطيع أن أقول تصورت:


أنه ينكر عليه بدعته، إنه ينصحه، إنه يعظه


فإن كان كذلك فمن أين يأتي الخطر على عامة الناس


وهم يسمعونه ينصحه ويذكره و و ...إلخ



السائل :
نعم



الشيخ :


فإذن الخطر الذي أنت تلمح وتشير إليه هو بالنسبة لمن يداهن ، وليس
بالنسبة لمن ينكر و بالتي هي أحسن


فإذن فيه فرق بين عالم و آخر



السائل :
جزاكم الله خير



الشيخ :


أي بمعنى آخر


من يقول إنه يسايرهم ويسكت عن بدعهم وضلالهم وهذا هو التسامح ؟!!!


نحن ننكر هذا
فلا بد من البيان



...........



وأظن أن الوقت إنتهى


فلا بد من البيان


فلا بد من البيان


فلا بد من البيان

أبو العرباض عطية أبو زهو
29-Aug-2013, 10:21 PM
-------------------

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
29-Aug-2013, 10:32 PM
جزاك الله خيرا اخي ونفع بك

أبو العرباض عطية أبو زهو
29-Aug-2013, 11:09 PM
و جزاك الله خيرا و نفع بك

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
08-Nov-2013, 12:57 PM
لذكرى

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
15-Jun-2019, 01:53 AM
الشيخ الألباني يقرر كلام أئمة السلف في وجوب هجر المبتدع في هذا الزمان

وترك المجادلة الا لمن كان عالما بالخير والشر كحذيفه رضي الله عنه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإنَّ من قواعد السلف مصارمة أهل البدع ومقاطعتهم تطبيقاً لِحقِ الولاء والبراء قال الفضيل -رحمه الله- كما في [حلية الأولياء(8/ 104)]:((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يَطْلُبُونَ حِلَقَ الذِّكْرِ فَانْظُرُ مَعَ مَنْ يَكُونُ مَجْلِسُكَ لَا يَكُونُ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ , وَعَلَامَةُ النِّفَاقِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ وَيَقْعُدَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ، وَأَدْرَكْتُ خِيَارَ النَّاسِ كُلُّهُمْ أَصْحَابُ سُنَّةٍ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْ أَصْحَابِ الْبِدْعَةِ)).

ومن أراد اللحوق بالسلف اتبع طريقهم فإنك لا تلحق الأبرار إلا بأعمالهم، وعلى هذا المنهج سار علماؤنا ومنهم الإمام الألباني -رحمه الله- في النهي عن مجالسة أهل البدع وترك مجادلتهم إلا لمن كان عالماً بالسنة والبدعة فقد سئل في سلسلة الهدى والنور شريط رقم(695):
((السؤال:لا يخفى عليكم أن أهل البدع بين كل فينة يظهرون أمراً يحاولون في ظنهم أن يخفوا منار السنة، فهل نواكب أهل البدع في الرد عليهم؟ وما هي النصيحة منكم في مثل هذا لنا ولإخواننا في الداخل والخارج؟ وبارك الله فيكم.
جواب الشيخ: الرد على أهل البدع لا يجوز إلا من كان عالماً بالسنة من جهة، والبدعة من جهة أخرى، لعلكم تذكرون معي حديث حذيفة بن اليمان في الصحيحين حين قال:"كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه" وهذا كما قال الشاعر:

عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه*** ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
فمن كان عالماً بالخير والشر كـ حذيفة بن اليمان ، وكان بالتالي في هذا الزمان عارفاً بالسنة، فيتبعها ويحض الناس عليها، وعالماً بالبدعة فيجتنبها ويحذر الناس منها، هذا الشخص هو الذي يجوز له أن يجادل أهل البدعة أو المبتدعة، أما أن يفعل كما يفعل بعض إخواننا الذين لم يؤتوا من العلم إلا حظاً قليلاً، ثم يدخلون في مجادلة من هم أقوى منهم علماً، ولو كان هذا العلم مشوباً بكثير من البدعة أو علم الكلام -كما قلنا آنفاً- فهؤلاء ننصحهم أن ينطووا على أنفسهم، وأن يعتزلوا المبتدعة، وألا يجادلوهم؛ لأنهم سيتأثرون بشبهاتهم، كمثل ذاك السؤال الذي سمعتم في أول الجلسة، وسمعتم الرد عليه، أنهم يصغون لكل ناعق ولكل صائح، فتتعلق الشبهة في ذهن السامع؛ حتى يتيسر له عالم يتمكن من إزالة هذه الشبهة من نفسه.
لذلك تكاثرت النصوص عن سلفنا الصالح من العلماء، كـ مالك و أحمد وغيرهم، أنهم كانوا يحذرون الناس كل التحذير من الجلوس مع أهل البدع؛ بل وكانوا يأمرونهم بمقاطعتهم؛ خشية أن يتسرب شيء من شبهاتهم إلى نفوسهم.
فهذا -أظن- جواب ما سألت، والأجر للجميع -إن شاء الله- ما دمنا مخلصين وقاصدين -أولاً- العلم النافع المستقى من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى منهج السلف الصالح، ثم قاصدين -أيضاً- أن نعمل بما تعلمنا، ثم بعد ذلك نسأل الله عز وجل أن يزيدنا وإياكم علماً.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)).

حمل المقطع الصوتي من هنا (http://alathar.net/home/esound/index.php?op=pdit&cntid=6231)

وقد قال الشيخ زيد بن محمد المدخلي-حفظه الله- في [الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة]:((فإن السلف رحمهم الله يتقربون بهجر أهل البدع تطبيقا لحق الولاء والبراء سواء كانت البدعة حقيقة أو إضافية ، ثم إن هجرهم للمبتدعين والفساق لغرض سام ومصلحة شرعية منها ما تقدم ذكره من الحرص على تطبيق حكم الولاء والبراء ، ومنها لينزجر المبتدعون عندما يشعرون بالجفاء لهم والإعراض عنهم والتحذير من أفعالهم ، ومنها ليعرف الناس عنهم فلا يغتروا بهم فيسقطوا في حمأة البدعة البغيضة وغير ذلك من المقاصد الشرعية المرضية)).





https://www.ajurry.com/vb/images/styles/ChitChat/misc/paperclip.png الملفات المرفقة

https://www.ajurry.com/vb/images/styles/ChitChat/attach/mp3.gif كلام أئمة السلف في وجوب هجر المبتدع في هذا الزمان وترك المجادلة إلا لمن كان عالما بالخير والشر كحذيفة رضي الله عنه العلامة الألباني رحمه الله (https://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=36468&d=1389562865)