المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلة الأرحام والتحذير من القطيعة للشيخ زيد بن هادي المدخلي حفظه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
17-Jan-2010, 04:32 PM
صلة الأرحام * والتحذير من القطيعة
وقد جاءت نصوص من الكتاب والسنة تَحثُّ على هذه الوصية بألساليب متعددة منها قول الله تعالى فِي وصف العاملين بِما أنزل الله على مُحمَّد صلى الله عليه وسلم : {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } [ الرعد : 21] .
أي : يؤدون حقوق الله وحقوق عباده ، وفِي مقدمتها صلة الرحم ، وقد ذم الله قوماً قطعوا أرحامهم وتوعدهم بأشد الوعيد حيث قال سبحانه وتعالى : {َالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [ الرعد : 25] .
ومن غير شك أن من جملة ما أمر به أن يوصل فلا يقطع رحم الإنسان من ذكر وأنثى .
وقال أيضاً : {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22،23] .
ففي هاتين الآيتين وعيد شديد لمن سعى في الأرض بالفساد من قول وفعل ومعتقد ، ولمن قطع رحمه ، واستهان بحقها غير مبالٍ بما أنزل الله من الوعيد الشديد الذي توجل عند سماعه القلوب وتقسعر الجلود .
وهكذا جاء وعيد شديد في السنة الكريمة على قطيعة الأرحام ، من ذلك ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله ))[متفق عليه ] .
ومن ذلك ما ثبت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلة وقيام هبها.
أما أمره – عليه الصلاة والسلام – ففيما جاء في الصحيحين عن سفيان بن حرب رضي الله عنه في حديثة الطويل في قصة هرقل : (( أن هرقل قال لأبي سفيان : فماذا يأمركم به – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قلت يقول : اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به ، واتركو ما يقول آباؤكم ، ويأمر بالصلاة والصدق والعفاف والصلة )) .
وأما قيامه بها فقد جاء ذكره فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لَمَّا نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [ الرعد : 214] .
دعا رسول الله قريشاً فاجتمعوا فعمم وخص وقال : ((يابني عبد شمس ، يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ، يابني مرة بن كعب انقذوا أنفسكم من النار ، يابني عبد مناف انقذوا أنفسكم من النار ، يابني هشام أنقذوا أنفسكم من النار ، يابني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها ))(**) رواه البخاري ، ومسلم .
وكثيراً ما تأتي الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحم مقرونة بأصول الدين كما رأيت فِي حديث أبِي سفيان ، وكما في الصحيحين من حديث أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن رجلاً قال : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم)) [متفق عليه ].
قلت : ومن أنعم النظر في هذه النصوص وما في معناها وجدها صريحة في الحث على صلة الأرحام عموماً ، والتحذير من القطيعة مع بيان ما يترتب عليهما ، كما هي صريحة أيضاً في ربط العلاقات الأسرية بين المسلمين بحيث يشعر بعضهم بحق البعض الآخر ويقتنع به فلا يضيعه ، ولا يهضمه ولا يبخسه مِمَّا يدل على أن شريعة الإسلام شريعة المحبة والتعاطف والتراحم والمواساة ، ومن خلال هذه الأسس الرفيعة يحصل الوئام الخالص والشعور الطيب المتبادل بين أفراد الأسرة التي تعتبر النواة الأولى للمجتمعات الإسلامية الفاضلة .
ومِمَّا ينبغي التنبيه عليه أن الصلة كما تكون بالزيارة الحسية فإنها تكون أيضاً بالمال لا سيما عند القدرة من الواصل ، والحاجة من الموصول ، وتكون بالتعليم والتوجيه إلى أقوم طريق وخير زاد وأفضل عمل وإلى هاتين الوصيتن أشار الناظم بقوله :


وابرر بوالديك والأرحام صل



واحذر عقوقاً وقطيعة تصل





الأفنان الندية شرح منظومة السبل السوية
[كتاب الجامع "7/271-274 " ]
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
*- هم أصحاب القرابات مطلقاً .
** -ببلالها – بفتح الباء الثانية وكسرها - ، والبلال : الماء ، ومعنى الحديث : سأصلها ، سبَّه قطيعها بالحرارة تطفأ بالماء . وهذه تبرد بالصلة .

منقول :
http://sahab.net/forums (http://sahab.net/forums)/showthread.php?t=373934

أبو الوليد خالد الصبحي
26-Jan-2010, 09:33 PM
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .