المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة الدرر السنية في شرح بعض الآثار السلفية للمشايخ زيد المدخلي عبيد الحابري يحي النجمي رحمهم الله جمعينا



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
27-Mar-2011, 11:48 PM
http://almadjalisse.net/vb/images/icons/icon1.png سلسلة الدرر السنية في شرح بعض الآثار السلفية للمشايخ زيد المدخلي عبيد الحابري يحي النجمي رحمهم الله جمعينا





الدرر السنية في شرح بعض الآثار السلفية


لفضيلة المشايخ


أحمد بن يحى النجمي رحمه الله تعالى


عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله تعالى


زيد بن هادي المدخلي حفظه الله


الحلقة الأولى


الشيخ العلامة : أحمد بن يحى النجمي رحمه الله




بسم الله الرحمن الرحيم



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. [آل عمران:102] ،﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ . [النساء:1] ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ . [الأحزاب:70-71] .


أما بعد ، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.


إخوة الإيمان والآن نقدم لكم شرح بعض الآثار السلفية مع فضيلة الشيخ المحدِّث العلامة أحمد بن يحي النجمي حفظه الله تعالى:



السائل : حياكم الله يا شيخ . شيخ نحن من أبنائكم من الشباب السلفي نتصل من الجزائر.


الشيخ : حياكم الله.


السائل : شيخ عندنا بعض الآثار السلفية نودُّ أن نعرضها عليكم إن أمكن ، حتى تقوموا بشرحها والتعليق عليها.


الشيخ:تفضل.


السائل : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد :


فهذه مجموعة من الآثار السلفية نود من شيخنا الفاضل أحمد بن يحي النجمي أن يقوم بشرحها والتعليق عليها وبيان ما تحمله من معان جلية في فقه السلف:


الأثر الأول : عن عائشة رضي الله عنها قالت: قالرسول اللهصلى الله عليه وسلّم: « الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منهااختلف ».


الشيخ : نعم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ،هذا حديث صحيح عن النبيصلى الله عليه وسلّم ، « ما تعارف منها ائتلف» ، أي إذا تعارفت الأرواح وإن كانتمتفقة في العناصر والإيمان والميول فإن هاته بإذن اللهجلّ وعلاتتفق ، وإذا اختلفت هذه الأشياء فالظاهر أنها في الغالب لا تتفق .هذا ما يظهر لي .


السائل : نعم يا شيخ .


الأثر الثاني: قال الأوزاعي رحمه الله تعالى كما في كتاب الإبانة لابن بطة : ((من ستر علينا بدعتهلم تخُف علينا ألفته )).


الشيخ: هذا واضح : (( من ستر عنا بدعته لم تخف علينا ألفته)) ،يعني إذا كان يستر بالبدعة فإن أُلْفَتَهُ أي الناس الذين يألفهم ويميل إليهم يتبين لنا منهم أنه من المبتدعة،إذا كان يألف المبتدعين ويميل إلى المبتدعين يتبين من هذا أنه مبتدع ، نعم .


السائل : ياشيخ سؤال : هل يُفهم من هذا الأثر أن الشخص إذا لم تُعرف حاله ولا يُدرى عن مذهبه وكان جلساؤه وخِبَّتُهُ أهل الأهواء والبدع فإنه يحكم عليه بالبدعة ويُنسب إليهم .؟


الشيخ :نعم ، هذا هو. [...][1] (http://www.ahl-elathar.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=14#_ftn1)


الشيخ : قالوا مدخله وصحبته وإلْفُهُ من الناس هذه تبين ، يعني مَدْخَلُهُ : إذا دخل عند أناس من أهل البدع عُرِفَ أنه مبتدع ، ولما سمع أهل الحديث بأن رجلاًممن ينسب إلى الحديث أنه قادم ،ويعني لا يدرون هل هو صحيح العقيدة والمذهب أو أنه مبتدع فقال أحد المشائخ في زمنه: أنظروا على من يدخل ومن يألف ومن يصاحب وكلام نحو هذا فتبين بعد ذلك بأنه قدم على المبتدعة وصاحبهم نعم.


الأثر الثالث : لما قُدم سفيان الثوري البصرة جعل ينظر إلى أمر الربيع يعني ابن صُبيح وقدره عند الناس سأل : أي شيء مذهبه ؟ . قالوا ما مذهبه إلا السنة ، قال : من بطانًته ؟ . قالوا : أهل القدر قال : هو قدَري.


الشيخ :ما دامت بطانته أهل القدر فهو قدري ، نعم.


السائل : نعم يا شيخ ، شيخ فهل يُفهم من هذا الأثر أن الشخص إذا كان يُظهر السنة ويدّعي الإنتساب إليها وجلساؤه أهل البدع والأهواء فإنه ينسب إليهم بمجرد مجالسته لهم ؟


الشيخ : نعم ، نعم.


الأثر الرابع : قال محمد بن عبيد الغلابي : ((يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة )).


الشيخ :ما شاء الله ، هذا يبين هذا ، يعني هذا يظهر منهم.


الأثر الخامس : وقال الإمام المبجل أبو عبد الله أحمد بن حنبل :((إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يحبّه )).


الشيخ : إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يُحِبه ، إنا لله وإنا إليه لراجعون .نعم واضح هذا.


السائل : شيخ هذا على إطلاقه ؟


الشيخ :والله كلام السلف في الحقيقة في محله يعني شلون قاعد يحصل التساهل عند أهل هذا الزمن ، نعم.


الأثر السادس: وقال ابن مسعود رضي الله عنه : (( إنما يماشي الرجل ويُصاحب من يحبه ومن هو مثله )).


الشيخ : ما شاء الله ، سبحان الله العظيم ، يعني أقوالهم متفقة ، أقوالهم متفقة ، إنما يماشي الرجل ويصاحب من هو مثله فالذي ليس مثله لابد أن يحصل بينهما شيء من الإختلاف والإحتكاك الذي يجعل صحبته في الأخير تنقطع .


الأثر السابعقال الإمام ابن بطة العكبريبعد أن نقل بسنده حديث النبي صلى الله عليه وسلّم : «من سَمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما استطاع، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فلا يزال به حتى يتبعه لما يرى من الشبهات ». قال رحمه الله هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلّم وهو الصادق المصدوق ، فالله - الله معشر المسلمين لا يحملنَّ أحدا منكم حسن ظنه بنفسه وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض هذه الأهواء فيقول : أُداخله لأناظره أو لأستخرج منه مذهبه فإنهم أشد فتنة من الدجال وكلامهم ألصق من الجرب وأحرق للقلوب من اللهب ، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم ولا زالت بهم المباسطة وخفي المكر ودقيق الكفر حتى صبوا إليهم.


الشيخ :هذا والله ، هذا كلام حق .


السائل شيخ يعني هل يستفاد من هذا الأثر الرد على الذين يخالطون الحزبيين والقطبيين والسروريين بحجة نصيحتهم ؟


الشيخ :نعم . نعم ، هذا حجة عليهم .


السائل :شيخ هل لأحدهم أن يتعاهد أفرادهم ، فيجالسهم ويخالطهم فإذا أُنكر عليه ادعى أنه ينصحهم ؟


الشيخ :حسبنا الله ، فهذا يعتبر من النفاق ، إذا قال هكذا وهو بخلاف ذلك ، هذا من النفاق.


السائل :نعم يا شيخ ، شيخ قد يدّعي نصحهم فينصحهم لكن ليست عنده قدرة علمية ، فهل له ذلك ؟


الشيخ :لا ، ولا يستطيع على الإجماع.


السائل : نعم يا شيخ ليست له قدرة علمية ، هو من عوام السلفيين.


الشيخ : حسبنا الله ، على كل حال التنزه هذا هو المتعين ، بدا هذا ؟


السائل نعم يا شيخ.


الأثر الثامنشيخ ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى كما في إغاثة اللهفان : (( ومن أنواع مكايده ومكره (أي الشيطان) أن يدعو العبد بحسن خلقه وطلاقته وبشره إلى أنواع من الآثام والفجور فيلقاه من لا يخلصه من شره إلا تجهمه والتعبيس في وجهه حتى يصيب حاجته فيدخل على العبد بكيده من باب حسن الخلق وطلاقة الوجه ، ومن ههنا وصى أطباء القلوب بالإعراض عن أهل البدع وألا يسلم عليهم وألا يريهم طلاقة وجهه ولا يلقاهم إلا بالعبوس والإعراض )).


الشيخ كلام حق ، أقول كلام حق.


الأثر التاسع:قال أبو داود السجستاني رحمه الله : (( قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : أرى رجلا من أهل البيت مع رجل من أهل البدع أترك كلامه ؟ . قال : لا ، أو تعلمه الذي رأيته معه صاحب بدعة فإن ترك كلامه وإلا ألحقه به )).


الشيخ : أقول كلام حق ، يعني أَولاً أنصحه وأخبره وإن لم يترك فألحقه به.


السائل :نعم يا شيخ.


الأثر العاشر :قال العلامة الشيخ ابن إبراهيم القبطي المعروف بابن الحاج رحمه الله : فبين سبحانه بقوله : ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ . [النساء:140] ، ما أمرهم به من قوله في السورة المكية : ﴿فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. [الأنعام:68] ،ثم بين في هذه السورة المدنية أن مجالسة من هذه صفته لحوقٌ به في اعتقاده ، وقد ذهب قوم من أئمة هذه الأمة إلى هذا المذهب وحكم بموجب هذه الآيات في مجالس أهل البدع على المعاشرة والمخالطة منهم أحمد بن حنبل والأوزاعي وابن المبارك فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع ، قالوا: (( يُنهى عن مجالستهم فإن انتهى وإلا أُلحق به) ) ، يعنون في الحكم .


الشيخ : جزاهم الله خيرا ، هؤلاء هم عُلوة القوم أحمد بن حنبل ، عبد الله بن المبارك ، الأوزاعي ، هؤلاء هم علوة القوم . نعم .


السائل : شيخ ، الإلحاق في المجالسة يكون إلحاقاً في الحكم أو في المعاملة فقط ، هنا قال يلحق به يعني في الحكم ؟


الشيخ : نعم ، يلحق به في الحكم لأنه من المبتدعة ، يعتبر من المبتدعة لكن هذا لا ينفي أنك مثلاً إذا بدأك بالسلام ، سلم عليه وأنت عابس ما تنبسط إليه.


السائل : نعم شيخ ، شيخ يعني الإشكال الذي ورد علينا هو هل هناك فرق في الإلحاق بأهل البدع بين المجالسة وبين المجادلة والمدافعة عنهم حيث كما قرأنا عليكم أن المجالسة يلحق بهم في الحكم ولكن وردت بعض الآثار تدل على أنه إذا كان يجادلهم ويدافع عنهم فإنه يلحق بهم في الحكم والمعاملة ، قال الإمام ابن بطة العكبري رحمه الله : (( ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه من البدع ، وهجرانه المقت له ، وهجران من والاه ونصره وذبّ عنه وصاحبه وإن كان الفاعل لذلك يُظهر السنة


الشيخ : أقول إنا لله وإنا إليه لراجعون ، نعم.


السائل : نعم يا شيخ وهناك كلام أيضا للشيخ محمود التويجري عن هذه الرواية التي وردت عن الإمام أحمد وتطبيقها على أهل البدع ، قال: (( وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين ويجادلون عنهم بالباطل فمن كان منهم عالماً بأن التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات وهو مع هذا يمدحهم ويجادل عنهم فإنه يُلحق بهم ويعامل بما يعاملون به من البغض والهجر والتجنب ، ومن كان جاهلاً بهم فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات فإن لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم فإنه يلحق بهم ويعامل بما يُعاملون به )).


الشيخ : نعم هذا هو الحق.


السائل : نعم يا شيخ ، شيخ يعني هناك فرق بين المجالسة والمجادلة والمدح لأهل البدع ؟


الشيخ : المجالسة والمجادلة عنهم والإعتذار لهم هذا أشد ، يعني يزيد عن المجالسة لهم بأنه يعتذر لهم وبأنه يجادل عنهم ، وهنا يكون أشد ، نعم.


السائل : إذن الإلحاق في ذلك يكون في الحكم وفي المعاملة ؟


الشيخ : الله أكبر ، نعم.


الأثر الحادي عشر : قال الفضيل بن عياض رحمه الله : (( الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمارب صاحب بدعة إلا من النفاق ))، قال ابن بطة معلقا على كلام الفضيل : (( صدق الفضيل رحمه الله، فإنا نرى ذلك عيانا)).


الشيخ : الله أكبر ، الأمر في هذا واضح والحمد لله.


السائل : بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا وجعلكم الله ذخرا للإسلام والمسلمين.


الشيخ : الله يوفقنا وإياكم ، الله يثبتنا وإياكم.


السائل : يا شيخ عندنا كلام بعض المميعين ينشرون بعض كلام العبَاد يستغلَونه إستغلالا سيئا ، فما نصيحتكم يا شيخ ؟ يعني مثل عدم الإشتغال بالكلام في الأشخاص وغير ذلك.


الشيخ :نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم ، لا يزال الرجل يستغل مثل هذا الكلام ومثل هذه الأعمال حتى ينحرف ، نسأل الله العفو والعافية.


السائل : بارك الله فيكم.


الشيخ :حياكم الله.


السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الشيخ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.






الحلقة الثانية





الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله تعالى






[ إخوة الإيمان والآن نقدم لكم الحلقة الثانية من شرح بعض الآثار السلفية مع فضيلة الشيخ المحدِّث العلامة عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله تعالى]




الشيخ : نعم.


السائل : السلام عليكم.


الشيخ : وعليك السلام ورحمة الله.


السائل : الشيخ عبيد؟


الشيخ : نعم.


السائل : حياكم الله.


الشيخ : وحياكم.


السائل : كيف حالك شيخنا؟


الشيخ : الحمد لله.


السائل : طيب بخير؟


الشيخ : بخير.


السائل : صحتكم؟


الشيخ : نشكر الله.


السائل : الحمد لله ، نحمد الله إليك... نحن شباب من الجزائر نود عرض بعض الآثار السلفية التي وردت عن أئمة أهل السنة والجماعة في باب الإمتحان وعدم مخاصمة أهل البدع.


الشيخ : القاعدة معروفة عند أهل السلف لا يخاصمون أهل البدع ، يُعرفون بارك الله فيك ببيان الحق ولا يتجادلون معهم ، لا يعقدون معهم حوارات ولا جلسات، يحصنون أنفسهم من هذا ، ولهذا قال قائلهم عن السلف: (( من عرض دينه للخصومة أكثر التنقل )) ، وكان محمد بن سيرين وتلميذه أيوب السختياني وغيرهما إذا أتاهم أهل البدع في مجالسهم قاموا ، والنقل بهذا متواتر عنهم أئمة السلف ، النهي عن مجالسة أهل البدع ومجادلتهم، ومخاصمتهم ، نعم ، أما الإمتحان ، فإنهم يُمتحنون بالفضلة يعني من وقعت فيه ريبة يمتحن يمتحن الناس بالفضلة يعني مثلاً سفيان بن عينية رحمه الله ، كان إذا أتاه ناس من [واصل] سألهم عن المعافى ابن عمران فإن أثنوا عليه خيرا قربهم ، وإن ذكروه بسوء أبعدهم . نعم ، هذا هو المنقول عن السلف.


السائل: شيخ : أقرأ بعض الآثار عليك ؟


الشيخ : لا هو هذا أقولك هو هذا ، هذه القاعدة بارك الله فيك حتى ما تطيل علينا ولا على نفسك ، هذه القاعدة ، وما دامت الآثار عندك عليك بهذا بارك الله فيك . هذه القاعدة يا ابني ...


السائل اقرأ عليك بعضها فقط شيخنا ، بعضها فقط ، حتى نفهمها الفهم السليم.


الشيخ : طيب لا بأس ، هات اثنين أو ثلاثة ، الوقت مشغول.


السائل : نعم إن شاء الله:


الأثر الأول : قال سهل بن عبد الله التستري وهذا كما ذكر الإمام القرطبي في تفسيره في المجلد السابع : ((عليكم بالإقتداء بالأثر والسنة فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي صلى الله عليه وسلّم والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وأذلوه وأهانوه )).


، قال سهل : (( إنما ظهرت البدعة على أيدي أهل السنة لأنهم ظاهروهم وقاولوهم فظهرت أقاويلهم وفشت في العامة فسمعه من لم يكن يسمعه فلو تركوهم ولم يكلَموهم لمات كل واحد منهم على ما في صدره ولم يظهر منه شيئا وحمله معه إلى قبره )).


الشيخ : المقصود أن بعض الأغرار أو بعض المغفلين من أهل السنة خاصموا أهل البدعة وجالسوهم وحاوروهم فانتشرت البدع بسببهم ، نعم.



الأثر الثاني : وكتب رجل إلى أبي يسأله ، إلى أبي (أي إلى أحمد) يعني ولده صالح بن أحمد يسأله عن مناظرة أهل الكلام والجلوس معهم فأملى عليَّ جوابه : (( أحسن الله عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور ، الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل الزيغ ، وإنما الأمر في التسليم والإنتهاء إلى ما في كتاب اللهجلّ وعلا ،ولا يَعْدُ ذلك ، ولم يزل الناس يكرهون كل محدث من وضع الكتاب أو الجلوس مع مبتدع لِيورد عليه بعض ما... )).


الشيخ : هو كالأول بارك الله فيك ، كالأول تماماً ، نعم ، لأن المجالسة معهم والخصومة معهم تظهر ما كان أهل البدع يخفونه. نعم ، فيتلقفه ضعفاء الإيمان والمغفلون فيظنونه سنة ، نعم.


الأثر الثالث : وفي ترجمة العباس بن غالب ، قال سألنا إمامنا عن أشياء منها قالت لأحمد بن عبد الله يا أبا عبد الله أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري فيتكلم مبتدع فيه فأرد عليه فقال : (( لا تنصب نفسك لهذا ، أخبره بالسنة ولا تخاصم )).


الشيخ : هذا هو ، يعني مثلا إذا كان مبتدع ألقى شبهة فأنت لا تخاصمه قم وقل السنة ، كذا كذا ، واذكر الأدلة ولا تعرٍّض نفسك لخصومته ، بيَن للناس الحق ، وعلى سبيل المثال : لو أنك سمعت رجلا يقول : الرحمن على العرش استوى الإستواء هو إحكام القبضة وقوة الهيمنة ، فأنت تقوم تقول الإستواء على حقيقته إستواء يليق بجلال اللهجلّ وعلا ، أهل السنة يؤمنون به صفة من صفات الله ولا يؤولونه ، وهذا الذي سمعناه يعني تعرٍّف بذلك الشخص هذا الذي سمعناه هو من أقوال أهل البدع ، وتتركه ، لا تخاصمه ...



الأثر الرابع : عن أبي عمران موسى بن عبد الله...


الشيخ : يكفي ، يكفي هذا.


السائل : الأثر الأخير شيخنا بارك الله فيك ، الأخير.


الشيخ : طيب.


السائل : عن أبي عمران موسى بن عبد الله الطلسوسي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول : (( لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبّوا عن السنة )).


الشيخ : نعم ، لأنك أنت تقويهم بمجالستك لهم ، تقويهم ، وهم يتحيلون ويلبٍّسون على الناس ، أحيانا يظهرون السنة لإكتساب عواطف الناس ، فأنت لا تجالسهم ، المبتدع لا تجالسه ، أتركه ، نعم.



السائل : بارك الله فيك شيخنا ، جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك ، ونسأل الله أن يجعلك شوكة في حلوق المبتدعين وسيفا في أعناقهم.


الشيخ : الله المستعان.


السائل :والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الشيخ : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.





الحلقة الثالثة والأخيرة




الدرر السنية في شرح بعض الآثار السلفي




الشيخ زيد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى




[ إخوة الإيمان والآن نقدم لكم شرح بعض الآثار السلفية مع فضيلة الشيخ المحدِّث العلامة زيد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى ] (http://www.ahl-elathar.net/vb/showthread.php?p=3610&posted=1#_ftn3)




السائل: الشيخ زيد؟


الشيخ:نعم.


السائل:حياك الله ، كيف حالك شيخنا؟


الشيخ:الحمد لله.


السائل:طيب بخير؟ صحتكم؟


شيخ نحن شباب سلفي من الجزائر عندنا بعض الآثار نود عرضها عليكم إن أمكن إن شاء الله تعالى.


الشيخ: تفضل.


السائل: هذه الآثار في باب إمتحان الناس في عقائدهم.


الأثر الأول: قال الذهبي: قال القاسم بن أبي صالح: جاء أيام الحج أبو بكر محمد بن الفضل القحطاني ، وحريش بن أحمد إلى إبراهيم بن حسين فسألاه عن حديث الإفك رواه الفروي عن مالك فحانت منه التفاتة فقال له الزعفراني أبا إسحاق تحدّث الزنادقة قال ومن الزنديق؟ . قال هذا ، إن أبا حاتم الرازي لا يحدث حتى يمتحن.


فقال أبو حاتم عندنا أمير المؤمنين في الحديث والإمتحان دين الخوارج ومن حضر مجلسي فكان من أهل السنة سمع ما تقرَ به عينه ومن كان من أهل البدعة يسمع ما يُسخَن الله به عينه ، فقاما ولم يسمعا منه.


تفضل شيخنا.


الشيخ: ما هو المطلوب؟


السائل: يعني هذا الأثر يستفاد منه كما هو ثابت عن أبي حاتم الرازي رحمه الله أنه كان يمتحن.


الشيخ:ماذا ؟ السائل : يعني نريد التوفيق بين إمتحان الناس في عقائدهم وكلامه الأخير يعني الإمتحان دين الخوارج ، يعني متى يكون الإمتحان ومتى لا يكون جزاكم الله خيرا؟


الشيخ: على كل حال كل مقام له مقال ، وما دعت إليه الحاجة كإمتحان بعض الأئمة سنة السلف ، وقد كان في عهد الإمام أحمد رحمه الله ، يمتحنون الناس بالإمام أحمد ، فمن كان على طريقته ومنهجه عقيدة وسلوكا ومنهجا فهو من أهل السنة ومن رأوا منه مخالفة أو معاداة أو جفاء للإمام أحمد عرفوا بأنه من أهل البدعة.


إذا كان من أجل التثبت ويتقي الإنسان شر أصحاب البدعة أن يختبر منهم بأهل السنة لا حرج عليه.


السائل: ما شاء الله ، أُكْمِلُ عليك باقي الآثار شيخنا؟


الشيخ: أيْوه.



الأثر الثاني : قال الذهبي : أخبرنا إسحاق أنبأنا ابن خليل أنبأنا التميمي أنبأنا الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا إسحاق بن أحمد حدثنا سعيد ابن عيسى سمعت مهدي بن هلال يقول أتيت سليمان فوجدت عنده حمادٌ بن زيد ويزيد بن زريع وبِشر بن مفضل وأصحابنا البصريين فكان لا يحدّث أحدا حتى يمتحنه فيقول له : الزنى بقدر؟ . فإن قال نعم إستحلفه إن هذا دينك الذي تدين الله به فإن حَلِفَ حدَّثه خمسة أحاديث. تفضل شيخنا.


الشيخ: على كل حال كما سبق قضية الإمتحان في محلها إذا دعا الداعي إليها فللعالم أن يمتحن وإن لم تدع الحاجة إليها ممن يعرف أنهم أصحاب سنة فلا يمتحنهم الإمتحان ليست قاعدة مطَردة يتمسك بها كل شخص وتكون لكل شخص وإنما الأصل أن الناس على فطرتهم وعلى سنة ، وإذا ظهر للإنسان شيء من أصحاب البدع وأراد أن يتأكد من بدعهم وما هم عليه أهم على سنة أو بدعة لا حرج أن يمتحنهم كما أسلفت.


السائل: بارك الله فيك يا شيخنا ، يا شيخ هل يمكن مثلاً في واقعنا ، في هذا الزمان من مثل من يطعن في علماء أهل السنة والجماعة أمثال : الشيخ فالح الحربي{!!!} ، والشيخ ربيع والشيخ النجمي ، ثم يتستروا ربما يجالس من كان هذا حالهم ، فإذا أراد أن يخالطنا نحن نريد أن نعرف إعتقاده في هؤلاء الأئمة كما كان يعمل السلف يعني يختبرون الناس بالإمام أحمد أو أهل موصل بمعافى ابن عمران أو بإسحاق بن راهويه أو بعبد الرحمن بن مهدي كما هو ثابت عن السلف فإن أثنوا عليهم فهم من أهل السنة وإن قدحوا فيهم وتكلموا فيهم بسوء فهم أهل بدعة فهل نستطيع أن نعمل مثل عملهم وكما انتهج سلفنا الصالح رحمهم الله من تكلم في إمامنا أحمد بن يحي النجمي والشيخ العلامة فالح الحربي والشيخ عبيد الجابري وغيرهم في هذا الزمان ممن تصدوا لأهل البدع وحملوا سيوفهم على أعناقهم يعني نختبرهم بهؤلاء، فهل يكون هذا صحيحا شيخنا؟


الشيخ: إذا ظهر لكم من أنهم هذا حالهم يجالسون أهل البدع ويأنسون إليهم أو حصل عندكم شك فيهم فلا حرج أن تختبروهم لتكونوا على بصيرة بالنسبة لهم ، إما أن يظهر لكم أنهم من أهل السنة وإذا رأيتموهم يعتادون أهل البدع بالمجالسة والمؤانسة فتعلمون حينئذ بأنهم ليسوا على منهج أهل السنة وعندهم لبس كثير إذ ادَّعوا أنهم على منهج السلف لأن السلف يبذلون النصيحة لأهل البدع، فإن استجابوا فذاك ، وإن لم يستجيبوا هجروهم وابتعدوا عن مجالستهم وكرروا لهم النصيحة ، فالقضية هذه ما إنتهت بعهد السلف، قضية الإختبار والإمتحان، ما إنتهت بعهد السلف بل هي باقية ولكن إذا حصل في هذا الزمن ما حصل لأولئك الأسلاف في بعض المبتدعة لا حرج أن يسأل السلفي اليوم ويختبر بمن هم على السنة كمن ذكرت الشيخ أحمد بن يحي النجمي، الشيخ فالح، الشيخ ربيع ، الشيخ عبيد ، فهؤلاء أهل سنة وأهل دعوة إلى السنة ، فالذي يريد أن يجرحهم ما عرف المنهج ، أو أنه ما وُفِّقَ للإستقامة على المنهج الصحيح، فيجب عليهم أن يرحموا أنفسهم، ويتركوا التذبذب، لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، وتمييع الدعوة إلى الله ، يجالس أهل البدع ويضحك معهم ويسمع منهم ويسمعون منه ثم يأتي إلى السلفيين ويكون الحال كذلك هذا لا يصلح.






��¹™™





السائل:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الشيخ:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


السائل:يعني شيخنا عندنا بعض الآثار الواردة عن الإمام المبجل أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني ، نود أن نعرف ما تحمله من معان في فقه السلف نعرضها عليكم ، من بينها:



الأثر الأول: ما ذكره ابن الجوزي في مناقب أحمد قال: ((وقد كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة وكلامه محمول على النصيحة للدين))


الشيخ:على كل حال الإمام أحمد رحمه الله هو من علمتم إمام أهل السنة في عصره ومن بعد عصره ، وكان ابتلي وامتحن بسبب تمسكه بالسنة هذا شيء ، والشيء الثاني أن الإمام أحمد إذا تحرى فيمن يتعلق بالحلال والحرام والاعتقاد ونحو ذلك ، هذا هو الطريق الصحيح ، التحري فيما يتعلق بما جاء عنه ، فيما يتعلق بالاعتقاد والحلال والحرام يكون شديدا في هذه المواضع لأهميتها وأهمية شأنها لئلا يضل فيها الناس ، وكونه يتكلم في أهل الأخطاء أو أهل البدع ، فهذا لا شك وقد جاء أن الإمام ابن تيمية رحمه الله قال على الإمام أحمد لما سأله السائل وقال له يا إمام يا أبا عبد الله إنه يثقل عليّ أن أقول فلان كذا وفلان كذا ، فقال له:" إذا سكتَ أنت وسكتَ أنا والجاهل يجهل فمتى يتبين الحق للجاهل" ، فيرى أن الكلام في أهل البدع والضلالات أفضل من نوافل الصوم والإعتكاف والصلاة، الإمام أحمد ، فلا شك أنه شديد على أهل البدع ولكن شدته في محيط الشرع ، ليس من أهل الغلو ولا من أهل التفريط شدة في حدود الشرع الشريف لا يتجاوز ذلك.


السائل: نعم يا شيخ.



الأثر الثاني: وقال علي بن أبي خالد قلت لأحمد بن حنبل رحمه الله: (( إن هذا الشيخ لشيخ حضر معنا هو جاري وقد نهيته عن رجل ويجب أن يسمع قولك فيه حارث القفير - يعني حارثا المحاسبي -وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة وقلت لي لا تجالسه فما تقول فيه ؟ . فرأيت أحمد قد أحمرّ لونه وانتفخت أوداجه وعيناه وما رأيته هكذا قط ، ثم جعل ينتفض ويقول : ذاك فعل الله به وفعل ، لا يعرف ذاك إلا من خبره وعرفه ، أويه أويه أويه ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه، ذاك جالسه المغازلي وفلان فأخرجهم إلى رأي جهم هلكوا بسببه ، فقال له الشيخ يا أبا عبد الله وجعل يقول:لا يغرك خشوعه ودينه ، ويقول لا تغتر بتنكيس رأسه فإنه رجل سوء ، ذاك لا يعرفه إلا من خبره ، لا تكلمه ولا كرامة له ، كل من حدث بأحاديث رسول اللهصلى الله عليه وسلّموكان مبتدعا تجلس إليه ؟ لا ولا كرامة ولا عين ، وجعل يقول ذاك ذاك)).


الشيخ:هذا حق ثابت عن الإمام أحمد وله مأخذ وله مآخذ على المحاسبي صاحب الخطرات وهو كان يحذر منه خشية أن يقع الناس فيما وقع فيه المحاسبي ، فكان يحذر منه أصحابه وجلساءه ويبين لهم أنه وإن كان صاحب عبادة وصاحب حديث وصاحب خشوع ، إلاّ أنه من أهل البدع ، فأهل البدع لا كرامة لهم إنما الكرامة لأهل السنة وإن قلّ علمهم ، فكلام الإمام أحمد حق والقصة صحيحة ، وكذا يجب أن يكون الحال في أهل السنة إذا ظهر لهم صاحب البدعة وعرفوا بدعته التي يدعو إليها وينطوي عليها أن يحذروا منه الناس حتى لا يقع الناس فيما وقع فيه من البدع والضلال ، فإن كان منطوي على بدعته لا يدعو إليها وعلم ذلك من علمه وجب عليه أن ينصحه ، فإن إستجاب فالحمد لله وإلاّ حذر منه ، هذا هو الذي الإمام أحمد كان يسلكه ويسلكه غيره من أهل السنة في زمنه ومن بعد زمنه.


السائل: نعم يا شيخ.


الأثر الثالث: وقال الإمام أحمد أيضا: ((فمن زعم أنه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه أحدا فهو قول فاسق عند الله ورسوله يريد بذلك إبطال الأثر وتعطيل العلم والسنة والتفرد بالرأي والكلام والبدعة والخلاف)).


الشيخ: فيه بيان ودعوة للمسلمين عموما وطلاب العلم خصوصا أن يتمسكوا بالآثار والمراد بالآثار ما ثبتت عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وعن أصحابه الكرام وعن أئمة العلم في القرون المفضلة ، فالتمسك بالآثار حديث ، ما أثر عن الصحابة وأئمة العلم من القرون المفضلة خير من التقليد للآخرين وخير من التقليد ، أئمة أخطأوا وقعوا في خطأ، أو من يحسنون به الظن وهو على غير منهج شرعي ، فهذا هو الواجب تتبع الآثار وفهم معانيها والاعتصام بها وترك التقاليد التي تخرج بالإنسان عن محيط الشرع وسنة السلف.


السائل: نعم يا شيخ ، شيخنا هل يستفاد من هذا الأثر الرد على الذين يخالفون العلماء في أحكامهم وتجريحهم للأشخاص بدعوى أنهم لا يقلدون العلماء؟


الشيخ: هؤلاء ما فرقوا بين التقليد وبين ما يقوله العلماء من الشرع الشريف فالعلماء الذين هم أهل الاجتهاد ينظرون في نصوص الكتاب والسنة ويفهمون الأحكام ويقيسون النظير بالنظير ، يجتهدون في النوازل ، وهؤلاء الذين يعلقون عليهم ويدعون بأنهم هم أحرار وهؤلاء أحرار ، وأولئك مجتهدون وهؤلاء مجتهدون ، هذا قياس غير صحيح ، فهم غير سليم ، فإذا قال العلماء قولهم سواء في النوازل أو في الأحكام لا يجوز لطلاب العلم الصغار أن يقولوا هم مجتهدون ونحن مجتهدون لأن طالب العلم الصغير ما بلغ رتبة الاجتهاد حتى يجعل نفسه قرينا لعالم كبير السن ، مجرَب له قدم راسخة في العلم عقيدة وشريعة ، هذا من سوء الفهم يصل طالب العلم لهذا الحد ، فيخالف كبار العلماء ثم هو يعتبر نفسه صاحب إجتهاد وصاحب فهم صحيح أحسن من غيره.


السائل: نعم يا شيخ.



الأثر الرابع: قال ابن بطة رحمه الله تعالى: حدثني أبو صالح محمد بن أحمد ، قال حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى بن الوليد العكبري قال حدثني ابن أبي حنبل بن إسحاق بن حنبل قال كتب رجل إلى أبي عبد الله رحمه الله كتابا يستأذن فيه أن يضع كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم ، فكتب إليه أبو عبد الله: ((بسم الله الرحمن الرحيم ، أحسن الله عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور ، الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ وإنما الأمور بالتسليم والإنتهاء إلى ما كان في كتاب الله وسنة رسول الله في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون ، فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم)).


الشيخ: حق ، الكلام حق لأن أهل البدع يضرون من يجالسهم ويزخرفون القول ويلبسون على الناس يخلطون بين الحق والباطل وبين السنة والبدعة ، لذا أئمة العلم كالإمام أحمد وغيره يحذرون من مناظراتهم ومجالستهم وأخذ العلم عنهم لخطرهم على المسلمين ، وهذا التحذير ينصبَ على بعض الحالات وبعض الأشخاص ، ففي بعض الحالات لا يصلح لك أن تجلس مع أهل البدع ولا تسمع منهم ولا تناظرهم كما كان يفعل بعض السلف ثم غشي مجلسه بعض أهل البدع والأهواء فقال أحرَج عليك إلا قمت من مجلسي ، إما أن تقوم إما أن أقوم ، قال له أريد أن أقرأ عليك آية واحدة قال و لا واحدة. فمنعه.


ومن ناحية أخرى بعض العلماء ناظر المبتدعين وجادلهم وأقام عليهم الحجة ، فمنهم من إستجاب له واستمع لنصيحته فأنقذه الله ، ومنهم من أعرض وتولى فقامت عليه الحجة ، فعلى كل حال تعرفون قصة ابن عباس رضي الله عنهما في مناظرته للخوارج إقتنع بقوله آلاف منهم ، وأعرض آلاف أيضا فلا تمنع مناظرتهم منعا مطلقا ، ولا تباح مجالستهم إباحة مطلقة ولكن بحسب الحال ، بحسب المقام وبحسب الحاجة ، يكون الوصل والهجر والمناظرة وإقامة الحجة بحسب الحاجة التي يمكن أن تبرأ بها الذّمة وأن ينقذ بها الغريق في البدعة والأهواء.


السائل: نعم ياشيخ ، شيخ وهل إقامة الحجة والمناصحة والمناقشة تكون لمن رسخت قدمه في العلم أو تكون لعوام السلفيين لأن بعضهم يخالطهم هؤلاء المبتدعة بدعوى أنه يناصحهم ولكن بضاعتهم في العلم قليلة ، فما جوابكم؟


الشيخ: إذا كانت بضاعته في العلم قليلة فيرشد إلى العالم ، إذا يريد أن يشارك في الدعوة ويسهم فيها يرشد إلى العلماء الذين عرفوا بغزارة العلم والفهم الصحيح والعقيدة المستقيمة والمنهج السليم ، أما هو فقد ينقطع بحجته لقلة بضاعته في العلم ، قد ينقطع أمام المبتدع وصاحب الهوى الذي يلبس عليه فيخلط بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال والسنة والبدعة ، كما هي طريقة أهل الأهواء والبدع ورحم الله الرازي قال: "إن صاحب البدعة إذا أراد أن يدعو إلى بدعته لا يدعو الناس فيعلمهم البدعة ابتداء وإنما يدخل معهم ويتحدث عن السنة ويرغب في السنة ، فإذا اطمأن إليه الناس أدخل عليهم البدعة" ، فهذه طريقة الخيانة والغش ، وقد قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من غشنا فليس منا» سواء في الدنيا أو في الدين.



السائل: نعم يا شيخ ، إذن لا يحق لهم شيخنا أن يجالسوهم بدعوى أنهم يناصحونهم؟


الشيخ: من قلّ علمه لا يصلح للمناظرة.


السائل: والمجالسة أيضا شيخنا؟


الشيخ: والمجالسة تؤثر عليه أكثر ، ولكن إذا أراد أن ينصح لهم، فليقل لهم إتصلوا بالعلماء وخذوا منهم القول الحق بالدليل ولا يسعكم بعد ذلك الجدل والإعراض عن نصيحة...


السائل: نعم يا شيخ.



الأثر الخامس: شيخنا ، يقول الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله: ((إذا رأيت من ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاعلموا أنه زنديق وذلك بأن الكتاب حق والسنة حق وإنما أدّى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّموهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا وليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة)).


فيا شيخ نريد أن نعلم هل هذا النص ينطبق على هؤلاء الذين يأتون بألفاظ سيئة في حق الصحابة ثم هم لا يدرون هذا قدح أم لا ، بحيث أن العلماء حكموا على أنها ألفاظ سيئة وقدح في الصحابة مثل من يقول : (أن عمر يمثل الرأي البشري الظلوم الجهول) أو يقول : (أن أسامة بن زيد تحرك بجسمه دون علمه) ، ويقول في معاوية بن أبي سفيان : (أنه كان بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب نزعة عرق) ، فهل هذه الألفاظ السيئة التي يأتي بها هؤلاء ينطبق عليهم هذا النص؟


الشيخ: أقول أولا : كلام أبو زرعة الرازي رحمه الله حق ، وكلام تؤيده النصوص في الكتاب والسنة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم كلهم عدول وليسوا بمعصومين من الخطأ فقد يحصل الخطأ من بعضهم ، ولكن لا يبيح الشرع أحدا أن يتكلم فيهم بما أخطأوا فيه وأن يتنقصهم وأن يسيء بهم الظنون وأن يصفهم بالصفات التي لا تليق بجنابهم، وذلك لأن من هدي أهل السنة أنهم يذكرون فضائلهم ومناقبهم ومحاسنهم ويسكتون عمّا شجر بينهم ولا ينتقصون أحدا منهم أبدا بشيء وقع فيه أو بما لم يقع فيه، فكلام أبو زرعة الرازي رحمه الله وهو إمام من أئمة أهل السنة وأهل الحديث في الجرح والتعديل كلام حق ، لا يجوز لأحد اليوم ولا قبل اليوم ولا بعد اليوم أن يتكلم في أحد ، واحد من أصحاب النبيصلى الله عليه وسلّم لا في علي ومعاوية ولا في حسان بن ثابت ولا عمرو بن العاص ولا في أي شخص منهم لا يجوز له أن يتكلم بسوء، ومن فعل ذلك فإنه تنطبق عليه عبارة أبو زرعة الرازي.



السائل: الله أكبر ، يكفي هذا يا شيخ؟


الشيخ: يكفي نعم.


السائل: بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وأحسن الله إليك ونسأل الله أن يبارك في عمركم وأن يبارك في علمكم وجزاكم الله خيرا. والسلام عليكم.


الشيخ: سجلت أم لا ؟


السائل: نعم سجلت .



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته