المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعالم لمرفة حد التعالم [مهم]



أبو بكر يوسف لعويسي
09-Apr-2011, 05:37 PM
إن الحمـد لله نحمـده ونستعينه،ونستغفره ونتوب إليـه، ونعــوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده و رسوله.
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ (102) سورة آل عمران}.
} يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ (1) سورة النساء}.
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا { (71) سورة الأحزاب } .
أمــــــــا بعـــــــــــــــد:
فان أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه و سلم- و شــر الأمــور محدثاتها و كل محدثة بدعة -وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النــار.
لقد أفرز الواقع الأليم الذي أطلَّت فيه الفتن بقرونها، وشهرت الحزبية سيفها ، وغُيِّبَ فيه كثير من العلماء السلفيين الربانيين ، وطلبة العلم المتمكنين ...ووصموا بشتى الألقاب المنفرة، وأوصاف لعلمهم مُدثرة ، وبالصد عنهم مشعرة ، فبرز أهل التعالم بزعمهم الذبّ عن دينهم ، ونشر سنَّة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فأثمرت جهودهم الحماسية بالفعل ثماراً خبيثة من تفريق وضياع وتشتيت بالأمة الإسلامية- أيدي سبأ - والله المستعان.
ولكن كيف تعود الدعوة إلى العمل ضمن وظيفتها الشرعية في النهضة السلفية التي كان عليها الرعيل الأول في مثل هذا العصر الذي فشا فيه الجهل ، وظهر الرويبضات ؟
والجواب على هذا السؤال المهم هو أن يقال : لكي تعود الدعوة لأصلها الأول، لابد من تنظيفها من الانحراف، وتنقيتها من الابتداع ، وتصفيتها من المبتدعة الهمج الرعاع ، وذلك بتصفية العقيدة والعبادات والعادات في جوانب الحياة الإسلامية مما يشوبها من معوقات للنهضة بها، المتمثلة في المتعالمين، فالتعالم مرض عضال ، فقد يجد الإنسان مرض الجهل والأمية، ومن الممكن علاجه، أمّا مرض التعالم فمن الصعب علاجه أو استئصاله " لأن عقل هذا المريض لم يتقن العلم ليصيره ضميراً فعالاً، يراقب الله تعالى ويعمل من أجله فقط ، بل طلبه ليجعله آلة للعيش وسلماً يصعد به إلى منصة الشهرة، وسدة حب الظهور ، ومطية لنيل الدنيا ، والوصول إلى المناصب ، وهكذا يصبح العلم مسخة وعملة زائفة، غير قابلة للصرف ، خالية من الإخلاص وابتغاء وجه الله تعالى ، فهذا الجاهل لا يقدر العواقب ، ولا ينقح علمه من الشوائب ولا يقّوم الأشياء بمعانيها ، ولا يفهم الكلمات بمراميها، وإنما بحسب حروفها وما تحمله من غثائية مظلمة ، ومناهج مبتدعة ، وفتاوى مخالفة للكتاب والسنة بفهم العز والتمكين ، ومنهج سبيل المؤمنين ، لابد من إزالة هذا المريض ، وكشف دائه ليصفو الجو للطالب الجاد ، والداعية المخلص والعالم الرباني ". لينهضوا بالأمة ويعودوا بها إلى عزها ومجدها الأول .
ولإزالته لابد من معرفة معنى التعالم وأسبابه ، حتى ينكشف الغطاء ، ويظهر لكل منصف غرر به أو لبس عليه وهو يحب السلف والسلفية ، والعمل من أجل نصرة هذا المنهج ، من هو المتعالم الذي يرتع في الجهل ؟ ويطلب الدنيا بالعلم والعمل ، ويختل السذج بظاهر من القول المموه والفِعَل ، والآخرة بالتسويف والملل ، فإذا ظهر أمره ، تدرجوا في تركه فمات وزال شره .
ومصطلح التعالم ، مصطلح جديد لم يعرف قديما في عهد السلف ، بالمفهوم المصطلح عليه اليوم ، وقد اجتمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ، ودرسوا هذا المصطلح كما اجتمع مجمع اللغة العربية في القاهرة وتدارسوه ثم قرروا جواز التعامل به في المصنفات والخطابات الشرعية .
قال الشيخ عبد الله بن بيه : أشكر الإخوة الباحثين، وأبدأ كلمتي بأن تحرير المصطلحات أمر مهم، وإن ما يأتي على الناس خطأ من وضع الأسماء على غير مسمياتها. فهذه جمل ذكرها علماؤنا في تعاملهم مع المصطلحات. وقالوا: إن خطأ الدليل يأتي من جعل اللفظ المشترك متباينًا أو من جعل المتباين مترادفًا.
نحن أمام مصطلحات جديدة فهي مصطلحات غربية غريبة. من هذه المصطلحات، كما استمعنا إليه في الصباح، مصطلح ( العلمانية ) أو (المتعالمة) أو (التعالمية)، لأنها في الحقيقة تريد أن تنسب نفسها للعلم وهي ليست من العلم في شيء، فهي من باب (التعالم) وليست من باب (العلم). فينبغي أن نخرج بمصطلح، قد يقول الناس: إن هذا شيء تافه، المجمع يجتمع ليخرج بمصطلحات. مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة [11/701].
وجاء في مجمع اللغة العربية بالقاهرة [1/26] : أن من الألفاظ التي ناقشها المجمع قولهم : تعالم خالد على زملائه. يرى المجمع أنه يجري على أقلام الكاتبين مثل قولهم: تعالم عليه، بمعنى تباهى وتفاخر بالعلم. وليس في مسموع اللغة هذه الدلالة، ولكن من ضوابط اللغة دلالة صيغة (تفاعل) على التظاهر بالفعل. وعلى هذا يُجاز استعمال الكاتبين. قرارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة[1/26].والتراث المعجمي في خمسة وسبعين عاما 15/14].
ويمكن أن يُرجع لفظ التعالم إلى بناء التفاعل، كالتجاهل، والتظاهر، فتعالم فلان أظهر العلم ، أو أنه عرف واشتهر بادعاء العلم وهو ليس كذلك ، فإن لفظ (متعالم )معناه مشهور،معلوم ،أو يقال أنه من التعالي والترفع ، فالمتعالم هو من يتعالى على الناس ، ويترفع متكبرا عليهم، معتدا بنفسه معجبا مغتر بما يظهره من العلم ، وقد جاء في تسير قوله تعالى كما في نوادر المخطوطات لعبد السلام هارون [106] : (وما الحياة الدُّنيا إلا متاعُ الغرور). وقد ذكر العارفون بهذا الفن أن من أكبر موجبات التكميل للطالب في هذا الفن ترك الغرور في نفسه، وترك الترفع على أبناء جنسه، فإنه ربما اجتهد في الكتابة كثيراً فيأتيه الشيطان فيوسوس له بالغرور، ويوقعه في الشرور، ومتى سلم من هذا يرجى له القبول، والرقي لمراتب الوصول. ومتى تساهل في أمر نفسه، وتكبر على أبناء جنسه، عوقب بالحرمان والوسواس، وسقط عن مرتبته التي كان فيها عند الله وعند الناس.
أما فعل عَلِمَ : يَعْلَمُ عِلْماًِ فهو نقيض جَهِلَ ، ورجل علاَّمة وعلاَّم وعليم. كتاب العين [2/152] لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي .
وعَلِم الشيء بالكسر يعلمه عِلْماً ، عرفه . ورجل عَلاَّمةٌ أي عالِمٌ جدا والهاء للمُبالغة ، و عَلَّمَهُ الشيء تَعْلِيما فتَعَلَّم ؛ وليس التشديد هنا للتكثير بل للتعددية .ويُقال أيضا تَعَلَّمَ بمعنى أعلم ، قال عمرو بن معد يكرب : تعلَّم أن خير الناس طُرا قتيل بين أحجار الكُلاب .
قال بن السكيت : تعلمت أن فلانا خارجٌ، أي علمت . قال : وإذا قيل لك اعلم أن زيدا خارج . قلت : قد علمت . وإذا قيل تعلم أن زيدا خارج ، لم تقل : قد تعلمت .و تَعَالَمه الجميع أي عَلِمُوه . مختار الصحاح [1/467] محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي .
ويقال : رجل علاَّمة إذا بالغت في وصفه بالعلم . والعِلْم نقيض الجهل . وإنه لعالم ، وقد علِم يعلَم عِلماً . تهذيب اللغة ـ [ج/254] أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري.
وجاء في تاج العروس للزبيدي مادة [ ع ل م] ( عَلِمَهُ - كَسَمِعَه - عِلْمًا ، بالكَسْرِ : عَرَفَه ) هكذا في الصِّحَاح ، وفي كَثِيرٍ من أمَّهاتِ اللُّغَةِ ، وزَادَ المُصَنِّفُ في البَصَائِر : حَقَّ المَعْرِفَةِ ثم قَوْله : هَذَا وكَذَا قَوْله فيما بَعْد : وعَلِمَ به ، كسَمِعَ ، شَعَرَ ، صَرِيحٌ في أنَّ العِلْمَ والمَعْرِفَةَ والشُّعُوَرَ كُلَّها بِمَعْنًى واحِدٍ ، وأنه يَتَعَدَّى بنَفْسِه في المَعْنَى الأول ، وبالبَاءِ إذا استُعْمِل بمَعْنَى شَعَرَ ، وهو قَرِيبٌ من كَلامِ أكْثَرِ أهْلِ اللُّغَةِ . والأكثرُ من المُحَقَقِّين يُفَرِّقُون بَيْن الكُلِّ ، والعِلْمُ عِنْدَهم أعْلَى الأوْصَافِ ؛ لأنَّه الذي أجازُوا إطْلاقَه على اللهِ تَعالَى ، ولم يَقولُوا : عارفٌ في الأصَحِّ ، ولا شاعرٌ . والفُروقُ مَذْكورُةٌ في مُصَنَّفاتِ أهلِ الاشتِقاقِ . ووَقَع خِلافٌ طَويلُ الذَّيْلِ في العِلْمِ ، حتى قالَ جماعةٌ : إنَّه لا يُحَدُّ لِظُهورِه وكَونِه من الضَّرورِيَّاتِ ، وقِيلَ : لِصُعوبَتِه وعُسْرِهِ ، وقِيلَ : غَيْرُ ذَلك ، مِمَّا أوْرَدَه بِمالَه وعَلَيْه الإمام أبو [ الوفاء الحَسَنُ بنُ مَسْعُود ] اليُوسِيُّ في قانون العُلُوم ، وأشارَ في الدُّرِّ المَصُون إلى أنَّه إنَّما يَتَعَدَّى بالباءِ ؛ لأنَّه يُراعَى فيه أحيانًا مَعْنَى الإحاطَةِ ، قَاله شَيخُنا .
وفي المعجم الوسيط : [تعالم ] فلان أظهر العلم ، والجميعُ الشيءَ علموه . المعجم الوسيط ـ [2/624] .إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار.
قلت : ومعناه أنه اشتهر فعَلِمَه الجميع .
وأخذ الزمخشري في المفصّل بقياس تفاعل إذا أريد به ما ليس واقعاً لكثرة ما جاء منه بهذا المعنى. وقد استعمل الجاحظ (تحاذق) في رسائله في ذم أخلاق الكتّاب فقال: "فإن أحدهم يتحاذق عند نظرائه بالاستقصاء على مثله". ولم يسمع عن العرب (تحاذق)، فإذا صح هذا كان قولهم : (تعالم) إذا أظهر العلم ، صحيحاً قياساً على تجاهل.
ومما يفيده التفاعل وقوع الحدث تدريجاً كتفاقم الأمرُ ؛ وتواردت الإبل ؛ وهكذا تزايد وتنامى وتكاثر وتعاظم وترافد ونحو ذلك، تهافت أي تساقط قطعة قطعة، كما في الصحاح.
وبناء التفاعل : تقول تفاعل تفاعلاً، بضم العين في المصدر كتنازع تنازعاً بضم الزاي في المصدر .
قلت : وعلى هذا يقال : فيصح على بناء التفاعل ، قياسا على تحاذق ، وتجاهل ، فيقال تعالم ، تعالما ..
وقد يُظهر التفاعلُ ما ليس واقعاً تقول تجاهل ؛ وتغافل أي أظهر الجهل ؛ والغفلة من نفسه وهما منتفيان لديه.
قلت وكذلك : تعالم وتحالم : أظهر العلم والحلم وهما منتفيان لديه .
ومن ذلك تحالمتُ إذا أظهرتُ الحِلْم ولست كذلك، على حين تقول تحلَّمتُ إذا التمستَ أن تصير حليماً (أدب الكاتب لابن قتيبة / 35). النحاة والقياس ،لصلاح الدين الزعبلاوي [1/373].
هذا بالنسبة للتعالم ، أما لفظُ (متعالم ٌ)، فلم أجده بمعنى أظهر العلم ، وأدّعاه ، وإنما يذكر للأمر المعلوم المشتهر ، والشريف النبيه الذكر ، وفي الأمثال : وما يومُ حليمةَ بِسِرّ : يضرب مثلا لكل أمر مُتعالم مشهور. وحليمة : امرأة عربية ،وهي : حَليمَةُ بِنْتُ أبي ذُؤَيْبٍ : مُرْضِعَةُ النبي صلى الله عليه وسلم ، وبِنْتُ الحَارِثِ بنِ أبِي شِمْرٍ ، وجَّهَ أبوها جَيْشَاً إلى المُنْذِرِ بنِ ماءِ
السماءِ فأَخْرَجَتْ لهم مِرْكَناً من طِيبٍ فَطَيَّبَتْهُمْ منه فقالوا : ما يَوْمُ حَليمةَ بِسِرٍ. فيقي يُضْرَبُ مثلا لكُلِ أمْرٍ مُتَعَالَمٍ مشهورٍ ، ويُضْرَبُ أيضاً للشَّريفِ النابِهِ الذِكْرِ . القاموس المحيط [1/1417]- الفيروزآبادي ، وتاج العروس للزبيدي [12/22] وتهذيب اللغة [5/70] والأمثال العربية والأمثال العامية مقارنة دلالية [1/159] الدكتور علاء إسماعيل الحمزاوي .
وقال أبو عبيدة : أمرُ متعالم ، أي: قد علمه الناسُ وشُهِرَ. ومنزلُه متعالم ؛ أي: معلوم مكانه. الاختيارين . لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش ، الأوسط .
نعم وجدته في القاموس الفرنسي العربي الإنجليزي ، [1/6546] مُتَعَالِم ( جمع : علم، مفرده : تعليم) : مُدَّعِي الْعِلْم مترجم من الفرنسية ، مما يدل على أنه هذه الكلمة ( متعالم )ليست من مسموع اللسان العربي ولا من دلالاته ..كما ذكروا في مجمع اللغة العربية في مصر .
نعم ذكر ابن القيم رحمه الله لفظ ( متمعلم )، ثم شرحه في هذه الأبيات بقوله :
هذا وإنّي بَعْدُ مُمْتَحِنٌ بأَْرْ = = = بَعَةٍ وكلهمُ ذوو أظغانِ
فظٌ غليظٌ جاهلٌ مُتَمَعلمٌ = = = ضخمُ العِمامَةِ واسعُ الأردانِ
مُتفيهقٌ مُتضلعٌ بالجهلِ ذو = = = ضلعٍ وذو جلحٍ من العرفانِ
مزجيُ البضاعةِ من العلومِ وإنّه = = = زاجٍ من الإيهامِ والهذيانِ
يَشْكو إلى الله الحقوقَ تَظَّلُمًا = = = من جهلهِ كشِكايةِ الأبدانِ
من جاهلٍ متطببٍ يفتي الورى = = = ويحيلُ ذاك على قضا الرحمنِ
شرح لمعاني الكلمات الغريبة في الأبيات :
الأردان؛ جمع ردن وهو الخز وقيل الحرير. أساس البلاغة [1/165] أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله.
والأَرْدانُ : الأَكْمامُ . بحوث ودراسات في اللهجات العربية من إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة[4/17] نخبة من العلماء.وقال الأَصمعي هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه . لسان العرب [7/26].
وقوله : جلح .. والجَلَحُ: فَوْقَ النَزَع، وهو انحِسارُ الشَعَر عن جانِبَي الرأس .
وبَقَرٌ جُلَّحٌ، أي لا قُرون لها. وشاة جلحاء أي لا قرون لها . الصحاح في اللغة[1/95] والقاموس المحيط [1/275] أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفرابي .والتَّجْليحُ : إلا قْدامُ والتَّصْميمُ وحَمْلَةُ السَّبُعِ .[1/275]الصحاح في اللغة [1/95] والذئب جَرُؤ فهو جريء. المعجم الوسيط ـ [1/128].
ورجلٌ مجلَّح تجليحاً، إذا كان مارداً مُقْدِماً على الأمور. وجلَّحَ الذئبُ يجلِّح تجليحاً، إذا أقدم وصمّم ولم يرجع. وكل مُقْدِمِ على شيء بجرأة فقد جلَّح عليه فهو مجلِّح. جمهرة اللغة [1/213] أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي .
وقال الأَصمعيّ ، المجالحة ( والمُكاشفَةُ بالعداوَةِ والمُكابَرة ) ( و ) منه ( المُجالِحُ ) : المُكابِرُ . تاج العروس [6/341] الزَّبيدي .
وابن القيم – رحمه الله - في هذه الأبيات يصف المتمعلم ( أي المتعالم ) بأنه ضخم العمامة واسع الأردان . أي الأكمام أو الأعطاف ، أو اللباس الخاص بأهل الشام ، وهو متفيهق ، متضلع بالجهل ، ذو جلح ، ويعنى بذلك أنه ليس له علم كالشاة الجلحاء ، أو جريء على العلم كالذئب ؛ وليس من أهله كالأسد إذا صمم الإقدام على الفريسة وعدم الرجوع كذلك هو على الفتوى وغرائب العلم مع إظهار العداوة والمكابرة ،لأهله ، وهو زاج أي زاوج في ذلك بين الإيهام والهذيان ..
ومن خلال مطالعتي لكتب أهل اللغة ، وبحثي في مسألة تعريف المتعالم في كتب أهل العلم – مما تيسر له من الكتب التي بين يدي - ولا ادعي أني ألممت بكل ما فيها – تبين لي أن المتعالم هو :المتشبع بما لم يعط ، الدخيل على العلم وأهله ، وهو يحمل في جعبته الغثاء من السخافة ، والغرائب والأغلوطات ، والكذب ، قد تزيا بزي العلماء في سمته وهديه ، متظاهرا بالعلم ، مدعيا دعاوي عريضة ، مقداما بجرأة شديدة مريضة بحب الظهور ، ويقول الكذب ، ولا يستحي من الحق ، ولا من الخلق ، ويختلق الغرائب ، ويأتي بالعجائب يدعي الاجتهاد ، وداءه العناد ، ويكره العلماء أهل الإسناد ، أظهر لهم الحسد ،وله البغضاء من كل أحد ، لا يقبل نصحا ولا يرضى لنفسه توبة ولا صلحا ...حدث ، غر صغير ، وربما هو في السن شيخ كبير ، وداءه في الأمة خطير ، يعتمد على الصحف والقمطير ، وشأنه عند أولى العلم حقير .. نسأل الله أن يكفي الأمة شره، وأن يفضح أمره.
والتعالم بالمصطلح العصري هو أن يدعي الإنسان العلم قبل أن يتعلم، لا يعرف مرتبة الدليل، ولا يعرف مناط الدليل، ولا يعرف أن يفرق بين المجمل والمبين، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، وتراه يتجرأ على الخوض في كتاب الله تعالى، أو في مسائل الأصول الكبار، قد يقع في التكفير، وقد يقع في التفسيق، وقد يقع في التبديع، والتمييع ، وربما جمع بين النقيضين وهو لا يحسن أن يفرق بين الدليل ومناطه، بين الدليل ومراتبه، فأنا أقول الدليل ليس منتهى العلم يا أخي، وليس العلم بكثرة الرواية ، ولا بكثرة الكلام والدراية بل العلم هو خشية الله بل لابد من فهم العلم على مراد الله ورسوله ليرث الخشية والخوف منه تعالى ، ولذلك نرى البخاري رحمه الله تعالى في كتاب العلم يترجم بابًا فقيهًا بعنوان "باب الفهم في العلم"، ومن جميل ما قاله ابن القيم "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديمًا وحديثًا".
ومن أخطر مظاهر التعالم الجرأة على الفتوى، والعجب، والكبر، والغرور، واحتقار الناس، وازدراء الناس، وحفظ بعض المسائل للتأسد والتنمر بها على أقرانه في مجلس من مجالس العلم، يجلس في مجلس فيقول قاعدة من قواعد الأصول مثلا، يذكر قاعدة من القواعد، العمل بالظن لا يصح مادام العمل بالعلم ممكنًا، يعرف الشرط، نيته وهدفه أن يظهر للناس أنه على علم وأنه أعلم منهم . والنبي صلى الله عليه وسلم كما في مستدرك الحاكم وسنن البيهقي وابن ماجة وغيرها بسندٍ صحيح من حديث كعب بن مالك ( من تعلم العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار )، نعوذ بالله من الخذلان.يتبع إن شاء الله ...

أبوأنس بن سلة بشير
09-Apr-2011, 10:56 PM
حفظك الله ورعاك فضيلة الشيخ يوسف على هذا المقال والجمع النفيس القيم ، ما شاء الله زد زادك الله من العلم والأخلاق السلفية
وكفانا الله شر أهل التعالم الذين شيمتهم التكبر والحسد والانانية والعجب وعدم الرجوع إلى الحق والتمادي في الباطل والنميمة والغيبة وحب الفرقة والظهور والشهرة والجهل باحكام الدين التي تورث الخشية لله
جزاك الله خيرا يا أيها الشيخ الفاضل المفضال يوسف واصل فيما انت فيه من الخير
وهنا فائدة أذكرها بالمناسبة تنبيها عن سبب ظهور هذا الصنف والعلامات الدالة عليه كما ذكرها الشيخ الفاضل عادل منصور في ( نصيحة اللبيب لكشف حال أهل التشغيب)
قال حفظه الله :
((السب الثالث : استعجال هذا النوع من الاخوة هداهم الله .استعجالهم تسلم منصب الدعوة إلى الله عز وجل والتوجيه مع ضعف الحصيلة الشرعية من العلم الشرعي الصحيح .
فمثل هذا ينطبق عليه الكلام الذي نقوله في أهل البدع أن التصدر للدعوة من الجاهل يفسد أكثر مما يصلح ، ولتصدرهم وبروزهم أسباب ايضاً
منها ، من اسباب تصدرهم وبروزهم مرض في ذاته في نفسه : حب الظهور ، يسعى جاهد لابراز نفسه في كل وسيلة يثقدر عليها ويتخذ لذلك شتى الاساليب ، اما الالتصاق ببعض أهل العلم والحرص على حصول تزكيات أو مقدمات له ، وإما السعي بنفسه للنشر جاهداً بإبراز نفسه كمصدر ومرجع يؤخذ عنه هذا المنهج العظيم وساعد في ذلك هذه الوسائل الحديثة من وسائل الشبكةوالانترنت مع وصولها لأناس كثيرين لا يعرفون قدر العلم ولا قدر أهله حتى أن كلّ من سمعوه يتحدث من وراء هذا الحجاب ظنوه من أهل العلم ، من أهل الصفاء والنقاء الذين يؤخذ عنهم العلم .
ومن أيضا اسباب بروزهم بعد سعيهم وهم : توسيع دائرة حسن الظن الزائدة ومن هنا يتأتى الخلل حتى في توثيق من هو ضعيف من ثقات الرواة المتقدمين .
الخلل في التعديل أسرع إلى الخلل في التجريح من أهله ، لأن التعديل ينبني عليه ، ينبي على اشياء منها حسن الظن والحرص على ابراء الذمة وعدم تحمل الطعن في بريء ، إلى غير ذلك من المسائل ، كما أبانه العلامة المعلمي أيضاً في (التنكيل) .
فأسباب البروز لهذا الصنف كثيرة .. من أسباب _أيضا_ ظهور هذا النوع من الاخوة هدانا الله واياهم
وهو ملتحق بقضية البروز ، ما يمكن أن أسميه : الاجتزاء والاكتفاء
أما الاجتزاء ، فأعني به أن يأخذ جزءاً من العلم ، يفرغ فيه جهده ويبذل فيه وسعه ، وقد يكون هذا الجزء ليس بتلك الأهمية ، فيكثر الطرق في هذا الجزء من العلم حتى يظن السامع أنه قد أصبح أهلاً للخوض في كل أبواب العلم وهذا قد يدخله خلل من جهة ما ذكر بعض أهل العلم أن من أسباب أو من مظاهر انحراف النية أن يختار الانسان جزءا من العلم يكون لهذا الجزء رواجاً في المجتمع وبين الناس سواء كان من العلم حديثي أو فقهي أو لغوي أو تأريخي او غير ذلك.
فيجتزيء شيئاً من العلم يكرس فيه جهده لا مع معرفة قدره وقدر ما يتحمله من الجزء ولكن مع ظهوره بصورة المتفنن في العلوم ولا شك أنه اذا تحدث في ذلك الجزء أبدع ،
لكن اذا انتقل الى غيره ... ها ؟
ضل وأضل .
قد يكون هذا الجزء فقط مجرد إخراج مخطوط الى حيز المطبوع ، وهذا صنف كثير ولهذا نبه إمام العصر محمد ناصر الدين الالباني في الصحيحة قال: )) إن التحقيق وتخريج الأحاديث صنعة ومهنة عصرية لا تدل على ان صاحبها من أهل العلم فضلاً عن أن يكون من الراسخين ! الذين يُرجع اليهم ))
وهذا النوع _ أي الاكتفاء أو الاجتزاء لمسألة التحقيق واخراج المخطوط _ أصابنا بمناذج او افرز او ولّد أي عبارة عصرية تعطي المقصود نماذج ظنت أنه على قدر اصدراتك من اخراج المخطوط إلى حيز المطبوع ، يكون رسوخ قدمك في الدين ومدحك بأنك من أهل العلم بل ربما ظن بعض الناس انك اين تيمية عصرك ، وقد قيل ذلك هذا غلط ، غلط عظيم .
لأن مسيرة اخراج الكتب من المخطوط الى المطبوع قبل أن يُبدع فيها المسلمون هذا ، او يتجه إليها كثير من هؤلاء المعاصرين سبقهم كفار في إخراج كثير من المخطوطات العربية والاسلامية سواء ما يتعلق بكتب حديث او كتب لغة او كتب تاريخ او كتب أنساب او غير ذلك ، وهذا أمر معروف عند المتابع للاصدرات .
ولهذا تُعدد مؤلفات ذلك البحر الذي يلحق بابن تيميّة أو غيره فيقال :وله من التحقيقات كذا ..
اذا كلها اخراج من حيز المخطوط الى المطبوع وربما اخراج مطبوع قد طبع الى مطبوع اخر ، مع زيادة الكلمات وحصول الدريهمات.
هذا واضح .
هذا نوع الاجتزاء ... أما الاكتفاء
و الذي اعنيه وان كان قد يجامع الاجتزاء في مسائل ، أن يكتفي شخص بدرجة علمية اكاديمية تحصل عليها ويقف عند ذلك يبرك به بعيره بعد أن يتسلم شهادته ويظن أنه بذلك قد صار من العلماء واذكر كلمة سمعتها من شيخنا العلامة الأصولي عبد الله بن غُدَيّان قال : يظن كثير من الناس أنه اذا تحصل على هذه الدكتوراة اصبح من اهل العلم قال والصحيح ان الدكتوراة اول درجة في سلم طلب العلم ، اول درجة !!
هذا اكتفاء ، ومن صور الاكتفاء ، أن يكتفي من العلماء كما يقال ، يكتفي من الجِيد بما أحاط بالعنق ، يكتفي من العلماء بمجالسة !! و مسامرة !! و زيارة !! حتى سمعنا من يقول ، شيخنا فلان وشيخنا فلان ولم يقرأ عليه نسيخة ولم يحصر له درسا !!
بم ؟؟
بالمجالسة !! يجتزء يكتفي بذلك أو يكتفي بطلب العلم في مرحلة من عمره ، اشتغل بالعلم في فترة ما ثم اكتفى بما حصل وجلس بعد ذلك للبذل والعطاء دون أن يلتفت إلى أن ما عنده آيل للنقص والنسيان والذهاب والزوال .
وهذا من أسباب بروز هذا النوع مع عدم نظرهم لهذه الأمور وطبعا كما قلت ،الكلمة باختصار حتى لا نطيل على اخوتي حفظهم الله .
من أسباب أيضاً ، بروز وظهور وكثرة عدد هذا النوع _أننا لا نعيّن_ لكن ، لا نأمن الدس من هذه الحركات السياسية الاسلامية من أحزاب وجماعات وجميعات أن تدس أشخاصا في صفوف اهل السنة ينطقون بلسانهم و يقفون في صفوفهم حتى اذا هبت رياح المفاصلة والتمييز خذلوا أهل السنة في وقت عصيب ، وهذا الفعل سطرته هذه الجماعات في كتبها أنها تمارس هذا النوع من اللعب ومن المكر والخديعة لأنها حسب ما ترى نفسها مع أهل السنة خاصة مع السلفيين أنها في حرب والحرب عندهم كما تعلمون الحرب خِدعة وخُدعة فيعتبرون هذا من الخداع الذي يسلكونه حتى يحققوا النصر ، حتى يمطيوا السني فإنه أذى في طريقهم ويتقربون الى الله جل وعلا بمثل ذلك .
الأسباب في ظهور هذا النوع كثيرة لكن لعلي اكتفي ، كتبت بعض هؤلاء
أيضاً من الأسباب :الكِبر عن أخذ الحق وقبوله
ولا يخفاكم أن الكِبر من جنس معصية ابليس !
و الشهوة من جنس معصية آدم ، ولهذا يقول شيخ الاسلام منشأ البدع الكِبر لذا كان أهلها ملحقين بجنس معصية ابليس .
ولهذا عظُمتْ البدعة كما سيأتي ان شاء الله ،
بسبب الكبر !
كَبِر عن قبول الحق ، سواء كان الكبر عن قبول النصح ، ما الذي يسبب هذه التشغيبات و الاستمرار فيها ؟؟ لو وجد الصدق مع الله عز و جل في تحكيم الكتاب والسنة لما وجدت الانشقاقات هذه بين المنتسبين لهذه الدعوة السلفية .
لماذا ؟ الله عز وجل عند التنازع أحالنا عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شك ولا ريب أنّه ما أمرنا جلّ وعلا أن نرجع إلى الكتاب و السّنة إلّا وفيهما فصلُ الخصام والنزاع ، لا شك !!
وهكذا النبي عليه الصلاة والسلام في حديث العرباض المشهور لما ذكر الاختلاف الكثير في أمته قالل ( فعليكم في سنتي )
فلو لم يكن في الرجوع الى سنته حسم للخلاف الكثير وسد لمنافذه وابوابه لما كان في إحالتنا على السنة النبوية فائدة . وحاشا لله !
إذن اذا وجد الكتاب والسنة بين ظهرانينا وازدادت الخلافات والفرقة دل على أنه لا يوجد رجوع إلى الكتاب والسنة ، أو لا يوجد رجوع صادق أو لا يوجد رجوع كامل إلى الكتاب والى السنة .
بفهم سلف هذه الامة رضي الله تعالى عنهم)) انتهى

أبو عبد المحسن زهير التلمساني
06-May-2011, 04:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

جزاك الله خيرا وأحسن إليك شيخنا الوالد ونفع بك أبنائك وإخوانك السلفيين


ورحم الله الشيخ ابن القيم صدق حيث قال:
هذا وإنّي بَعْدُ مُمْتَحِنٌ بأَْرْ = = = بَعَةٍ وكلهمُ ذوو أظغانِ
فظٌ غليظٌ جاهلٌ مُتَمَعلمٌ = = = ضخمُ العِمامَةِ واسعُ الأردانِ
مُتفيهقٌ مُتضلعٌ بالجهلِ ذو = = = ضلعٍ وذو جلحٍ من العرفانِ
مزجيُ البضاعةِ من العلومِ وإنّه = = = زاجٍ من الإيهامِ والهذيانِ
يَشْكو إلى الله الحقوقَ تَظَّلُمًا = = = من جهلهِ كشِكايةِ الأبدانِ
من جاهلٍ متطببٍ يفتي الورى = = = ويحيلُ ذاك على قضا الرحمنِ

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
04-Jan-2012, 07:18 PM
التعالم وآثاره الخطيرة على الأمة
صالح بن فوزان الفوزان / عضو هيئة كبار العلماء


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فلابد للأمة من العلم والعلماء لأن الله سبحانه بعث الرسول صلى الله عليه وسلم وأنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} والهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح، فالرسول صلى الله عليه وسلم بعث بالعلم والعمل وإذا رفع العلم بقبض العلماء اتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا - كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- والعلم لا يحصل إلا بالتعلم والتلقي عن العلماء. قال الله تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} لا يؤخذ العلم من مجرد الكتب من دون قراءتها على العلماء وتلقي شرحها وبيانها منهم ولا يؤخذ العلم عن المتعالمين الذين يأخذون علمهم عن الأوراق ويشرحونها من أفكارهم وأفهامهم

فالتعالم معناه ادعاء العلم نتيجة للاقتصار على مطالعة الكتب ومثل هذا يقال له الجاهل المركب وهو الذي يجهل ولا يدري أنه جاهل بل يظن أنه هو العالم،
وكم جنت هذه الطريقة على الأمة قديما وحديثا من الويلات، فأول خريجي مدرسة التعالم هم الخوارج الذين كفروا الصحابة وقاتلوهم وقتلوا عثمان وعليا وطلحة والزبير وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، ولا تزال أفواج خريجي هذه المدرسة يتوالى خروجها على الأمة وما حادث الحرم وحوادث التفجيرات وترويع الآمنين في عصرنا الحاضر إلا امتداداً لهذه المدرسة المشؤومة كما أنه لايزال يتخرج من هذه المدرسة من يكفرون أو يبدعون المسلمين، ويتخرج منها من يفتون بغير علم فيحلون ما حرم الله أو يحرمون ما أحل الله، ومازالت الأمة الإسلامية تعاني من أضرار هؤلاء الذين يحتقرون العلماء ويصفونهم بأنهم علماء سلطة وأنهم مداهنون وأصحاب كراسي وغير ذلك.. وينفرون من تلقي العلم عنهم، والواجب على شباب الأمة الحذر من هؤلاء المتعالمين والحرص على تلقي العلم عن العلماء والرجوع إليهم في حل مشكلاتهم فإن العلماء ورثة الأنبياء وقد ميزهم الله عن غيرهم بالعلم فقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} كما أنه يجب ألا يمكن من التدريس والافتاء إلا من عرف بالعلم وعرف أين تلقى العلم.. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

من سحاب

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
04-Jan-2012, 07:19 PM
قال فضيلة الشيخ أحمد بازمول حفظه الله :


أيضا من منهج السلف رضوان الله عليهم الذي يجب أن نسير عليه وأن نتقيد به أنهم إذا تصدر لهم رجل للتدريس وللتعليم لم يجلسوا إليه ولم يأخذوا منه ولم يلتفوا حوله حتى يتأكدوا من صحة معتقده وسلامة منهجه ويسألون عنه كأنهم يريدون أن يزوّجوه أما نحن ، نحن السلفيين ، كل من جاء وقام ودرّس جلسوا له ثم يجيئنا هذا المدرّس إما سلفي بالإسم وفي حقيقته متخبط أويكون حزبي أصلا . فإذا الشباب السلفي الذين درسوا عند هذا يختلفون مع الشباب الآخرين وتصبح المضاربات والمهارشات ويكون هؤلاء الشباب الذين التفوا حول هذا الذي هو غير معروف ضد إخوانهم السلفيين المعروفيين وتصبح هناك السباب ثم يألبون المجتمع على هؤلاء المجتمع السلفيين يا أخي هذا خطأ ، خطأ ، يحرم عليك ، انتبه المسألة ماهي ـ كذاجية ـ يحرم عليك شرعا أن تتلقى العلم ممن لا تعلم حاله وممن ليس مزّكى ومقبول القول ، يحرم عليك ، لأنه هذا العلم دين فأنت تتعبد الله بهذا الدين ، هل تتعبد الله بدين من رجل سوء ولا من رجل حق ؟ من رجل حق ، أما بعض السلفيين ، لا ، أبدا ، أبدا ، يجيئهم واحد يتصدر يلتفون حوله يدرسهم تفسير ، يدرسهم تفسير ، أحاديث ، أحكام ، يدرسهم كذا ، علوم آلة لغة عربية ، أصول فقه ، نحو يلتفون حوله ثم بعد ذلك يلتفون حوله وهم لا يدرون حاله ، ثم بعد ذلك يؤصل فيهم الأصول الباطلة ، ويؤصل فيهم أصول ضد السلفية ، ويأتي على الأصول السلفية ويميعها أو يجعلها بمفهوم خاطئ فيضرب الشباب ، لا والله أنا ما أجلس إليه حتى أعلم من هو وأسأل عنه والله لأن تجلس في بيتك بما تعلمه من صلاة وزكاة وصيام خير لك من أن تجلس عند رجل يضلك لأنك إن ضللت لا تدري أمع أصحاب الجنة أم مع أصحاب النار، قيل للإمام أحمد الرجل من أهل السنّة وهومن أهل السنّة يموت وعنده معاصي هل هو رجل سوء وحفرته نار ؟ قال : اسكت ، فإن الرجل إن مات على السنّة فقبره روضة من رياض الجنة .
قيل له : الرجل من أهل البدعة مجتهد وعابد ، يعني هل له مكانة ؟ قال : اسكت ، فإن الرجل من أهل البدعة حفرته حفرة من حفر النيران ، هلاك ، هلاك ، ولذلك ينبغي أن تعلم إن كنت سلفيا أن لا تجلس لمن تصدر ،حتى تعلم حاله ، كيف أعلم حاله ؟ بتزكية العلماء ،بالسؤال عنه ، يا أخي رح له وقل له من أنت ؟ وعند من درست ؟ من مشايخك ؟ إذا ما عرفت توصل له ، قال لك : والله درست عند مثلا الشيخ السحيمي، الشيخ اللحيدان ، الشيخ ربيع ، اتصل ، لأنه بعضهم يحضر عند الشيخ ربيع أو عند الشيخ السحيمي أو عند الشيخ الفلاني وهو حزبي ،وهو حزبي اسأل ، أو قد يكون سلفي ثم تغير، اسأل ، لا تجلس مباشرة ، يا أخي أحضر أشرطة الشيخ ابن عثيمين ، الشيخ النجمي ، الشيخ بن باز رحمة الله عليهم ، الشيخ ربيع والشيخ الفوزان واسمع ما هو لازم إلا أن تحضر عند هذا المجهول ؟ فهذا منهج و مسلك من مسالك السلف إن كنت سلفيا ،

الأمر الثاني : طيب ، جاءنا واحد تصدر، شاب ، زكاه العلماء ، خلاص ، يجب أن تعلم كيف يعامل العلماء وكيف يعامل السلف هذا الشاب ،وهذا الشاب يجب عليه أن يعرف كيف يتعامل مع الناس ، فهنا نطلب منهج السلف في الطرفين ، أما بالنسبة للمتصدر السلفي ، الآن زكّاه المشايخ لكنه شاب ، فمن الأدب أولا أن يتعامل مع الطلاب باعتباره طالب علم لا باعتباره عالم يُرجع إليه فإذا جاءتهم مسائل من المسائل الكبار أومسائل يحتاج إليها إلى قول عالم يقول : اذهب للشيخ الفوزان ، اذهب إلى الشيخ ربيع ، اذهب إلى المشايخ الفلانية من الكبارواسألوهم ، فلا يجيئنا هذا الشاب المتصدر في كل مسألة وهو متكئ على أريكته يتكلم ، هذا عيب وهذا خلل عند هذا المتصدر ، لأنه هذا منهج سلفي أن لا يتكلم في كل مسألة ولا يتصدر فيها ويراعي المسائل التي يُطلب فيها العلماء الكبار، فيراعي المسائل التي يُطلب فيها قول العلماء الكبار ، هذا جانب .
الجانب الثاني لا يجعل الشباب حوله يتعصبون له ولقوله ولا يسمعون غير أشرطته ولا يحضرون غير دروسه ولا ينقلون إلا كلامه وكأنه عالم كبير ابن تيمية زمانه ولا ابن باز زمانه ، هذا خطأ فتجد الشباب يعرفون قول فلان المتصدر و أقوال وكذا ،ابن باز ابن العثيمين الشيخ ربيع الشيخ ما يعرفون ، هذا خطأ حتى هو إذا لاحظ هذا يقول : يا إخواني أنا أدرسكم الكتب الصغار ، الكبار عند العلماء الكبارلابد تسمعون لفلان وفلان من العلماء الكبار، لابد أن يربيهم على هذا ، ماهو أنا ، أنا ، لا ، هذا خطأ وهذا خلل يُنتبه له .

المسألة الثالثة وهي متعلقة بالمسألة الثانية : أن لا يتكلم هذا الشاب في، كل المسائل فهناك مسائل من حق العلماء الكبار أن يتدخلوا فيها ، وهناك مسائل لطلاب العلم المتمكنيين أن يتكلموا فيه ، إلا إذا أذن له العلماء الكبار يتكلم فيها لأنه من الأدب ألا يتصدر في الكلام مع وجود العلماء الكبار ، ووجودهم سواء كانوا بحضرته أو كانوا في المدينة أو كانوا يعلمون بالمسائل هذه ، إلا إذا رجعوا وأذنوا له في الكلام ، أيضا من الأمور المهمة في هذا الشاب الذي تصدر للدعوة ألا يأتينا هذا الشاب ، ويجلس ، يقعّد القواعد ويستخرج الأصول ويربي الشباب على منهج هو يرى أن هذا منهج السلف ، هذا خطأ . ماذا يقول الإمام أحمد :" السنّة عندنا الإتباع " ايش معنى الإتباع ، يعني ما تجيب قواعد من عندك يعني تسير على ما كان عليه السلف الصالح ، يا أخي احنا ما محتاجين لقواعد ، نحن محتاجون لتطبيق ، نحن محتاجون لعمل ، كعمل السلف ، منهج السلف كثير ، من يطبقه ؟ ما طبقناه كله ، نحن جالسين نطبق فيه ؟ تجيب لهم قواعد ؟ ناهيك إذا كانت هذه القواعد تؤدي إلى مخالفة منهج السلف أو هي مخالفة لمنهج السلف صريحة ، فلذلك يجب الحذر من أمثال هؤلاء ، يجب الحذر ، هؤلاء الذين يقعّدوا قد تكون قواعدهم ضلال ، وانحراف عن منهج السلف . كيف تقول يا أخي المشايخ الكبار قالوا كذا ،الشيخ الفلاني قال قاعدة كذا ، كذا ، كذا ، خسئت أنت وشيخك ، لأنه هذه القاعدة في مقابل الحق ، وفي مقابل رد الحق ، ما تقبل واضح ، هذا الشيخ .
الآن الطلاب يجب عليهم ألا يعاملون هذا الشيخ كأنه عالم كبير بأن لا يذهبون إلا إليه ولا يقبلون إلا كلامه وإذا قال القول لا يُرجع عنه هذا خطأ ، هذا تستفيد منه كطالب علم ، جاءتك مسألة ، نازلة ، فتنة تروح للعلماء الكبار تسأل ، إلا إذا شيخك نقل لك كلام الشيخ ربيع ، كلام الشيخ الفوزان ، كلام الشيخ زيد المدخلي ، كلام الشيخ عبيد الجابري ، كلام الشيخ السحيمي ، من المشايخ السلفيين المعروفين اقبل ، أمّا هو مرجع لك ، لا ، هذا خطأ لأن العلماء يقسمون المتصدرين ، من المتصدرين من له أن يتكلم في المسائل التي هي من باب العبادات والأحكام الواضحة العامة ، ومن المتصدرين من لا يحق له أن يتكلم في المسائل العامة والنوازل بالأمة هذه خاصة بالعلماء الكبار، واضح ، فليس لك أن تأتي ، فيه بعض الناس راح سأل واحد من هؤلاء الشباب ما قولك في علي الحلبي ، قال : علي الحلبي رجل من أهل السنّة ، أخطاؤه جزئية ، ما تخرجه من أهل السنّة ، الشيخ النجمي يقول هؤلاء أهل الشام ومنهم علي الحلبي عندهم أخطاء لا نستطيع أنهم يؤخذ منهم العلم ، ويجيئنا هذا الغر الذي يقعّد القواعد على كيفه ، ويقول والله أرى أنه يستفاد منه وعنده أخطاء جزئية ، شوف ، شوف الفرق الكبير ، طيب رحت للحلبي على كلام هذا الغر واستفدت من الحلبي ، إيش تصبح ؟ تصبح حلبيا هالكا ، تصبح متعصبا له ، شوف أتباع الحلبي في منتدى ـ كل غير السلفيين ـ شوف المنتدى كيف ؟ كيف رد الحق صراحة ، هذا القول الذي قلته لكم من واحد قال منهج الصحابة غير لازم ما نستطيع أن نطبقه ، منهج التابعين ما نستطيع أن نطبقه ،منهج أحمد ما نطبقه ، لكن منهج الحلبي نطبقه ، هذا واحد من أتباع الحلبي في المنتدى إلى هذه الهاوية يصلون ، بل يا أيها الغر لما أبحت له الحلبي يسمع له ، إيش صار له ، هلك إن تابعه ، لكن الشيخ النجمي قبل ما يقارب الأربع سنوات قال : لا يؤخذ منهم العلم وقال من يزكي أهل البدع ويثني عليهم لا نستطيع أن نقول أنه يؤخذ منه العلم ، فإن المغراوي وعرعور والمأربي الذين تزكيهم وقعوا في بدع واضحات ،واضح .
من الواجب عليك أيها الطالب كما مضى أن تسأل عن حال هذا الشيخ وتتأكد أنه سلفي ، أيضا من الواجب عليك زمن الفتن ، ألا تتعصب لشيخك أو من كان في مقابله ،وإنما تسكت وتنظر كلام العلماء الكبار ، الآن الشباب ينقسمون في كل فتنة ، إيش السبب ؟ السبب خوضهم فيما لا يعنيهم وفيما لا يستطيعونه فيتفرقون ، ويتضاربون ويخسر بعضهم بعض ، لكن لو سكتوا ولزموا العلماء الكبار والله لقلت الفتن ، ولو ساروا على منهج السلف من أن الطلاب الصغار يسيرون خلف العلماء الكبار لقلت الفتن ، يا أخي اسكت ، لا تتدخل ، لا تثير ، الشيخ الفلاني قال كذا ، الشيخ الفلاني قال كذا ، والله نحن رحنا للشيخ ربيع فقال : عرعور وأبو الحسن وكذا ، على ضلال ، الحمد لله استفدنا ، تركناهم ، عرفنا ما عندهم من ضلال تركناهم، جاءك واحد سلفي يدافع عن أبو الحسن بين له كلام الشيخ ربيع إن قبله وإلا اتركه ،ما يحتاج تتضارب معه وكذا ، خلاص انتهى ، أو أن الشيخ خاصة إذا كان الشيخ لسا ما ظهرت حزبيته أو بدعيته ، فيتعصبون له ، لا ، لا تتعصب اسأل عن الحق عند العلماء الكبار والزمه .



المصدر :
نصائح وتوجيهات للمتصدروين للدعة [ الدقيقة : 8 و56 ثا ] .
لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله

أبو هنيدة ياسين الطارفي
15-Feb-2012, 04:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك ياشيخ لعويسي ووفقك الله للعلم النافع والعمل الصالح
هذه درر لبد من فهمها والتنبه لها والتحذير منها لأنه كما يقال مرض السرطان أي التعالم
نسأل الله العافية والسلامة...أمين .
وحفظ الله مشايخ ودعاة الجزائر ونفع الله بهم.
.ـ. ـ. ـ. ـ. ـ. ـ. ـ. ـ. ـ. ـ.
خطر التعالم وضرره(1)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :


فاعلم أرشدني الله و إياك لمعرفة الحق والعمل به أن الشيء إنما يعظم قدره بسليم كنهه وماهيته وعميم خيره ونفعه وعظيم أثره ، كذلك – بالمقابل المضاد – يعظم جرمه بفساد ماهيته وتضرر العباد بضرره وأثره ، فالضرر يزال وذرائعه تسد ، وان من أعظم مبادئ الشريعة الغراء وأكرم مقاصدها السمحاء القائمة على المحجة البيضاء جلب المصالح ودرء المفاسد فقعدت لذلك قواعد دقيقة وقررت وسائل وثيقة ، وكم من مفسدة ظنها الناس هينة وكانت المفاسد منها ناشئة وفيها مجتمعة ظاهرها مغر وباطنها مضر مؤذ ، ومن أجل صيانة العباد من الأضرار وحمايتهم من الأخطار أمر الشارع الحكيم بترك كل ما غلبت عليه شوائب الفساد وشوهته دخائن أدران الكساد ، فلا يؤخذ الشيء إلا إذا تمحض حسنه وتمحص في معينه وتمخض به في مناهله ، فإذا علمنا كون العلم نورا وهدى وسبيل العباد إلى السعادة في الدنيا والآخرة والاستقامة على الجادّة السنّية وسلّم الارتقاء والسناء ومنافعه كثيرة من غير احصاء ومقاصد شريفة وعزيزة بلا مراء ، وحملته علماء حلماء ، وبلّغوه حكماء نزهاء ، ومن أجل صيانته من البعث والتحريف قّيض الله له حفظة عدولا أمناء ، ينفون عنه تحريف الغلاة ودعاوى وتخريف الجهلاء ، ويكشفون عن خزايا المتعلمين والدخلاء ، قال ابن حزم رحمه الله { لا آفة على العلوم وأهلها أضّرمن الدخلاء فيها وهم من غير أهلها ، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدّرون أنهم يصلحون }.

فالعلم ميراث الأنبياء تركوه أمانة في كنف العلماء – وليس غير العلماء – فكانوا عن حياضه ذا ّبين ولما لايمت له بصلة رادين ، ولمن تجاسرو وغامر في رحابه من المتعاملين محذّرين ، وله منذرين من سوء العاقبة يوم الدين وشّدة عقوبة رب العالمين ، إن في ذلك لذكرى للناس أجمعين فضلا عن المتعلمين .

وإن للتعالم أضرارا وخيمة ومفاسد جسيمة ممتدّة أثارها فكانت بشّى الفنون والعلوم ملمّة وعميمة وهو سوء حلة وذميمة ، فقد طال التعالم النقول تحريفا وانتحالا وتلفيقا وكذبا نال العقول تصريفا وتخريفا ، فصال في العالم مغربا ومشرقا فيغتر الناس بما تكسبه كلماته تزيينا وتنميقا ، فترى العامي إذا سمع المتعالم يجيش بتعالمه الكذاب ويبوؤه منزلة ذوي الألباب وهو منه محل أعجاب وأنّه حامل فقه السنة والكتاب ، وأهل للحديث والفتيا في كل باب ، وأثره خطير على الفكر والكتاب قال قتادة رحمه الله : { من حدث قبل حينه افتضح في حينه } .
وذلك بكشف الأجلّة عن حقيقته وهتك باطله وما ينطوي عليه من خسف وإفك ومسلك مرد فجّ تبيانا لنزع الثقة منه والتحذير من الاغترار به ، وهذا واجب أهل الإسلام أمام كلّ متعالم يدّعي العلم وليس بعالم ، أخذا بحجزهم عن النار ، وتبصيرا لهم بوضع الأقدام ، ودفعا لسيل تعالمهم الجرار كفاحا عن بيضة الإسلام وصرحة الممرّد من كل متمرّد صيانة لذويه عن التذبذب و الانفصام والتبدد والانقسام بسيرورة التعالم بين العباد وهذا عين الحكمة والسداد ، وصدق النصح والرشاد ، وحسن توجيه السواد ، ودفع عنهم كل ما يفسد عليهم صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، فكما يحجر على الطبيب المتعالم لصالح الأبدان فإن من باب أولى وأحرى أن يحجر على العالم والفتي المتعالم من الفتيا والتوجيه لصالح الديانة ، إذ الأبدان في خدمة الأديان ، قال صلى الله عليه وسلم : { من تطّبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن } [السلسة الصحية (رقم 645) ] ، وقال في الثاني سبحانه وتعالى{وَلاَ تَقْفٌ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ٌ إنَ السَمْعَ وَ البَصَرَ والفٌؤَادَ كٌلُ أُلاَئِكَ كَانَ عنْه ُ مَسْؤولاََ } [ الاسراء 36] ففي هذين النصين الوحيين زواجر وقوارع لخوارم المتعاملين المتلاعبين بكتاب رب العالمين والمستهزئين بسنّة سيد المرسلين والمدلّسين على عوام المسلمين ، ألا يخاف هؤلاء يوم يبعثهم الله يوم الدين ويسألهم أجمعين ، عمّا قالوه وكانوا له عاملين ، { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } [ق : 37]

ولا يخفى على الأريب أن التعالم ذريعة وعتبة الولوج في مجال قد لا يجد بعده سبيلا للخروج منه بحال ، ولقد ذكر الكثير من العلماء أكثر من مقال محذّرين الأمة من خطر التقول على الله ولانتحال ، ولقد عدّ الله تعالى التقول عليه بلا علم جرما عظيما وإثما جسيما فقال تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركو ا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [الأعراف : 33] فقد ذكر في هذه الأية تلك المحرمات الأربع مرتبطة على سبيل التعالي باعتبار ما في كل واحدة من التأذي والتعدي فبدأ بالفواحش ما ظهر منها وما بطن ثم ذكر ما هو أشد منها وأفحش وهو الإثم والبغي بغير الحق فذكر بعدها ما هو أعظم وأدق ثم بعد ذلك ذكر ما كان سببا و لأصلا لكل الموبقات والسيئات فبد القول على الله بلا علم من أعظم تلك الجنايات ويتعد ضررها إلى أعلم المجلات نسأله الله العصمة من هذه الطامات .
ولقد تظاهر الشكوى منهم على مدى العصور وتظافرت الفتوى في الحجر عليهم درء لما فيهم من الشرور وتناقلت المحتوى شتّى الصحائف والسطور ونذكر
بعض ذلك ترشيدا للعقل وإثلاجا للصدر ونعوذ بالله من الحور بعد الكور ، ونسأل الخلاص يوم النشور ، وهو على ذلك جدّ مشكور فان من ظواهر التعالم :

1- التزيد في الكلام والمجاهرة بمخالفة الأعلام بدعوى أنه على علم بدقائق الأفهام ، وسلامة فكر المتأخرين في موافقة نهج المتقدمين ، قال أبو اسحاق الشاطبي رحمه الله : { قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا مما أدخل نفسه في أهل الاجتهاد غلطا أو مغالطة }{ التعالم (ص42) } ، فليس العبرة بكثرة القيل والقال وإنما العبرة بما هو عليه القول من الحال فرحمه الله على ابن القيم حيث قال : { كلام المقدمين قليل فيه البركة وكلام المتأخرين كثير قليل البركة }. ولقد جمع الحفاظ ابن رجب رحمه الله تعالى أقوالا نافعة وماتعة في الباب وجعلها محتوى الكتاب المرسوم ( بفضل علم السلف على الخلف ) .

2- التجرؤ على الفتيا : فتراهم – المتعالمين – يسارعون إلى الكلام في مسائل يتوقف فيها شيوخ الإسلام وأئمة الأعلام قال ابن القيم رحمه الله :{ قل من حرس على الفتيا وسابق اليها ، وثابر عليها إلى قل توفيقه واضطرب أمره ، وان كان كارها لذلك غير مختار له ما وجد ممدوحةعنه ، وقدر أن يحيل بالأمر فيه إلى غيره ، كانت المعونة له من الله أكثر والصلاح في فتاويه وجوابه أغلب}(بدائع الفوائد {3/277 } ) ، فإذا كان المتعاملون يقولون مالا يعلمون ويهرفون بما لا يعرفون ويسرون بذلك ويفرحون ، فإن كثيرا من العلماء عليهم يشفقون ومن تعالمهم يتعجبون بل يبكون .

ذكر أبو عمر عن مالك : أخبرني رجل انه دخل على ربيعة فوجده يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ أمصيبة دخلت عليك ؟ و ارتاع لبكائه ، فقال : لا ولكن أستفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم ، قال ربيعة ( ولبعض من يفتي هاهنا أحق بالحبس من السراق ) قال بعض أهل العلم فكيف لو راى ربيعة زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا ، وتوثبه عليها ، ومدى باع التكليف اليها ، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة وهو من بين أهل العلم منكر وغريب ، فليس له في معرفة الكتاب والسنة وأثارالسلف نصيب ، وهذا الضرب إنما يستفتون بالشكل لا بالفضل ، وبالمناصب لا بالأهلية ، قد غرهم عكوف من لا علم عنده عليهم ومسارعة أجهل منهم إليهم ، تعج منهم الحقوق إلى الله عجيجا وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجا .

فمن أقدم بالجرأة على ماليس له بأهل من فتيا أو قضاء أو تدريس إستحق اسم الذم ولم يحل قبول فتياه ولا قضائه هذا حكم دين الإسلام .

وإن رغمت أنوف من أناس ** فقل يارب لا ترغم سواها

فإذا كان المتعالمون لا لا يتورعون ولا من الله تعالى يستحون ولا عاقبة يخشون ويخافون وذلك بما هم على الله يقولون ما لا يعلمون ، فإن غيرهم من العلماء كانو مع علمهم يسكتون ولا ينطقون و الفتوى لبعضهم بعضا يدفعون ، ولمؤنتها يكفون وهم عالمون ، ومن قول لا أدري لا يستنكفون ، وعدم الاجابة لا يستحبون فهذا ثعلب إمام الكوفيين – رحمه الله – سأله سائل عن شيء فقال لا أدري فقال له لا أدري فقال له : أتقول لا أدري واليك تضرب الأكباد الإبل ، وإليك الرحلة من كل بلد ؟ فقال ثعلب : لو كان لأمك بعدد لا أدري بعر لاستغنت وهذا الإمام الشعبي – رحمه الله – روي أنه قيل له ::{ إن نستحي لك من كثرة ما تسأل فتقول لا أدري ، فقال : لكن ملائكة الله المؤمنين لم يستحوا إذا سئلوا عما لا علم لهم به فقالوا : ( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ) }.

3- ومن ظواهر التعالم – الاقدام على الكتابة العلمية – تأليفا و تحقيقا(2) - مع ازجاء البضاعة ، وانتفاء الامة ، وعدم الالمام بالموضوع و الاحاطة ، وذلك باقتحام المرء قحما ليس من رجالها وولوج مجالات ليس من أهلها ، طمعا في نيل ، طمعا قي نيل سؤددها ودرتها وهو لا يستحقها ، وكان متشبها بصفات لم يعطها ، وكم من علوم طرقها من غير بابها وهو لا يحسن ما فيها ، فأخطأها وأفسدها و الساحة العلمية تعج بالمتعاملين عجيجا ، وأحدث فيها ضجيجا ، فتجد تحقيقاتهم العجائب وفي تعليقاتهم الغرائب ، وهذا عين الصائب ، فإن العلم – خطاب وكتابة – له رجاله و مجاله وله قواعده وأصوله ، وله حماه وحدوده ، وله حماته وحراسه ، ولذلك تجد كل من ادعى و تظاهر بالعلم فضحته الشواهد وعرته وبنيانه على غير قواعد .
فإن في هذا موعظة و عبرة لهؤلاء لو كان يعلمون ولكن أكثرهم لا يعقلون بل لا يفقهون .

كل من يدعي بما ليس فيه *** فضحته شواهد الامتحان

كم من عالم أخذ على عاتقه مؤنة تصفية التراث مما شابه و شوهه من دسائس الدخلاء و الأدعية , متسليين إلى رحابه و الملحقين به أضرار كبيرة و المحدثين فوضى عارمة في صفوف طلابه فعاثوا فسادا و ضلوا بعيدا و أضلوا عبادا , فرحم الله محمد بن سيرين حيث قال : ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) ( رواه مسلم في مقدمة صحيحه )
و جهود العلماء (3) تناولت بالنقد عبث العابثين و تدليسات المتعالمين في مصنفات كثيرة سواء في المقدمات و الحواشي وعموم الموضوعات تحذيرا للمتعلمين و نكيرا على المتعالمين , فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أ ن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) . ( متفق عليه ) , فهذا الحديث يدل على أهمية العلم و عظم شأن العلماء فإن وجودهم نشر للعلم و قبضهم و رفع له , فما على الطلاب إلا أخذ العلم من أهله و ذويه والسير إليهم كل حسب مكان تواجده ولو في بلده و لقد كان السلف يضربون أكباد الإبل و يقطعون المسافات الطوال من أجل الظفر بفضل العلم و نيل خيره و إن العلم لا ينال براحة الجسم . و سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك .



كتبه عبد الغني عوسات الجزائري
مجلة منابر الهدى العدد -3- السنة الثانية محرم / صفر 1422



ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

(1) راجع التعالم وأثره على الفكر والكتاب لبكر بن عبد الله أبي زيد
(2)راجع في هذا الباب (الرقابة على التراث ) لبكر بن عبد الله أبي زيد .
(3)منهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في مقدمات سلاسله الذهبية كالصحيحة والضعيفة حيث ذكر فيها الكثير من التنبيهات المبنية لخطل وزلل أولئك المقتحمين لهذا المجال من غير أهلية ولا أمانة
منقول :سحاب أبوإسحاق الورقلي.

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
23-Sep-2012, 10:51 PM
للرفع

أبو الوليد خالد الصبحي
09-Nov-2012, 05:38 PM
بارك الله في شيخنا يوسف لعويسي

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
16-Nov-2012, 09:16 PM
للرفع رفع الله قدركم

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
26-Jul-2016, 02:14 PM
عبد الله البخاري : طلب الزعامة أو الرياسة إعجاب بالنفس
جاءت العبارات عن أئمة السنة كثيرااً تحذر من حب التصدر واللهث وراء شهوة التصدر وحب الزعامة، ولهذا قال غير واحد من الأئمة ” لاتجد رجلا يطلب الزعامة أو الرياسة إلا وهو والعياذ بالله معجب بنفسه، ولو قرأت في تراجم الأئمة ستجد أنهم يبتعدون عن ذلك ويهربون منه ويفرون منه فرارهم من الأسد، هذا الإمام الثقة عبيد الله ابن أبي جعفر المصري الفقيه الثقة المخرّج له عند أصحاب الكتب الستة أحد الثقات الأعلام وله عبارات عظيمة وكان يقال في ترجمته أنه من الحكماء، كلامه فيه حكم وعبر فكان مما قال رحمه الله كما جاء في ترجمته من تهذيب الكمال وغيره ،كأنه يرشد طالب العلم :” إذا جلست في مجلس فتحدثت فأعجبت بذلك فأمسك وإذا كنت في مجلس وسكت فأعجبت بذلك يعني بالسكوت فتحدث ، يعني انظر إلى نفسك خالفها .

إعجاب المرء بنفسه دليل ضعف عقله ، فكلما أعجب المرء بنفسه حبا للزعامة والتصدر وغير ذلك أهلك نفسه ، وكما قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله في جامع بيان العلم وفضله ” العجب يهدم المحاسن كلها”. ولو تأملت في جمع من الحفاظ ورواة الأحاديث بعضهم كان معجب بنفسه فأخمد ذكره بسبب اعجابه بنفسه فهذه آفة وبلية .

كما جاء في ترجمة أحمد بن كامل البغدادي قال فيه الدارقطني رحمه الله كان حافظا وربما حدّث من حفظه دون كتابه لكنه أهلكه العجب ، قال فيه الحافظ الذهبي رحمه الله في السيّر ” كان من بحور العلم أخمله العجب ” والعياذ بالله وأحمد العطار كما في لسان الميزان كان أحد العلماء أيضا والحفاظ قال فيه الحافظ رحمه الله ” أهلكه العجب “.

قال الإمام مالك رحمه الله ابن أنس ” إذا ذهب الرجل يمدح نفسه ذهب بهاءه ” كأنه لا يمدح نفسه إلا من كان معجب بنفسه محب للزعامة راغبا في الصدارة والتصدر نسأل الله السلامة والعافية. فهذه أدواء ودسائس تنبهوا منها يا رعاكم الله وانتبهوا إليها وهي كامنة، فلربما وجدت حاضنة انتشرت فيك وبذرت فيك تلك البذرة ، ثم انتشر هذا البلاء هنا وهناك إذا ما رجعت إلى البلد جاهد نفسك ثم جاهدها ثم جاهدها ثم جاهدها حتى تنتصر عليها ، واصدق مع الله جلّ وعلا والجأ إليه بالضراعة والسؤال والانكفاف بين يديه جلّ وعلا أن يدفع عنك هذا البلاء إذا كان فيك .كل امرئ حجيج نفسه وهو أدرى بنفسه.

وصلى الله على سيدنا محمد .

نقله الكاتب : كمال زيادي – منتدى سحاب