المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تذكير النابهين بمنهج السلف في الرجوع عن الخطأ ومخالفة المعاندين



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
17-Apr-2011, 04:44 PM
تذكير النابهين بمنهج السلف في الرجوع عن الخطأ ومخالفة المعاندين:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقته في الدعوة إلى سبيله، وصبروا على ذلك، وجاهدوا فيه حتى أظهر الله بهم دينه، وأعلى كلمته ولو كره المشركون، وسلم تسليما كثيرا
أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الجن والإنس ليعبد وحده لا شريك له، وليعظم أمره ونهيه، وليعرف بأسمائه وصفاته، كما قال عز وجل: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات 56 ، وقال تعالى { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك 1. 2
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله في ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص875):(( فإن الله خلق عباده، وأخرجهم لهذه الدار، وأخبرهم أنهم سينقلون منها، وأمرهم ونهاهم، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره، فمن انقاد لأمر الله وأحسن العمل، أحسن الله له الجزاء في الدارين، ومن مال مع شهوات النفس، ونبذ أمر الله، فله شر الجزاء.)) انتهى
وإن مما ابتلى به الله عز وجل عباده الوقوع في الخطأ ، وأن هذا من طبيعة البشر إلا من عصمه الله عز وجل من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ". رواه الترمذي وابن ماجه.
فالتقصير في أداء ماأوجب الله على عباده حاصل منهم ، مع الوقوع فيما نُهوا عنه، وطريق السلامة من ذلك رجوعهم إلى الله، وتوبتهم من ذنوبهم، وسؤال الله عزَّ وجلَّ أن يغفرها لهم فيما وقعوا فيه .
ومن ألطف ما ذكر في هذا الباب أن تقع هذه الأخطاء في مسائل علمية من طرف أهل العلم، ووقوعهم في زلل أو خطأ لازم من لوازم البشرية؛ حيث كما قلنا إن العصمة لم تكتب لأحد من البشر إلا الأنبياء عليهم السلام، لذا فإن مجرد صدور الخطأ من العالم أو طالب العلم أمر لا ينقص من قدره، لكن الذي يشين العالم أو طالب العلم ويحط من قدره أنه إذا وقع في باطل ثم ظهر له الحق، أن يتمادى في هذا الباطل ويصر عليه ويأبى الرجوع إلى الحق.
ولهذا مما هو متقرر في أصول أهل السنة والجماعة أنه ما من أحد مهما علت منزلته في الإمامة إلا ويؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم وإننا مأمورين بإتباع هديه صلى الله عليه وسلم وإتباع سَبِيلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ رضي الله عنهم ،قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسيطة
(( ثُمَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إتباع آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ،وإتباع سَبِيلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ،وإتباع وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَيُؤْثِرُونَ كَلَامَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ ،وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ ،وَلهَذَا سُمُّوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ،وَسُمُّوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ الاجْتِمَاعُ، وَضِدُّهَا الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ «الْجَمَاعَةِ» قَدْ صَارَ اسْمًا لِنَفْسِ الْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ.
وَالْإِجْمَاعُ هُوَ الْأَصْلُ الثَّالِثُ؛ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ ،وَهُمْ يَزِنُونَ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ، مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ.)) انتهى
وإن مما نحمد الله عليه ونشكره أن مشايخنا أهل السنة والجماعة لا يزكون أنفسهم، ولا يبرئونها من الخطأ والزلل، والذنوب والمعاصي، بل هم معترفون بذلك على أنفسهم، وأنهم مقصرون في الأعمال الصالحات، والعصمة إنما هي للرسل؛ولكنهم لا يرضون ما يسخط الله، من الأقوال والأعمال، والغلو، والتجاوز، والمجاوزة للحد، بغير ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا القول على الله بلا علم؛ كما هو حال عباد الأحبار والرُّهبان، و الرّوافض، و غلاة الصّوفيّة، الذين يقدّسون الأشخاص، ويعتقدون فيهم العصمة.
ولكن كما قلنا أن أئمتنا لا يتفقون على خطأ، فلو قدر وجود خطأ ما من شخص أو طائفة، فإن هناك من يبين ذلك الخطأ، ويوضح الصواب، ويرده إلى الكتاب والسنة، لقول الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [سورة النساء آية: 59].
ولتقريب منهج أهل الحديث والسنة للقراء الأعزاء الكرام أود أن أنقل في سفري هذا بعض الآثار والوقائع التي وقعت لأئمتنا فيما وقعوا فيه من الأخطاء ثم رجعوا عنها ، وذلك لما رأينا نفسا غريبا وخللا عظيما وقع في صفنا نحن معشر أهل السنة والجماعة، وبخاصة من بعض الدعاة البارزين فيها بالتلاعب بأصول السنة والتشغيب فيها، فإذا نبهوا عن أخطائهم، ترى منهم المكابرة والعجب بالرأي و التلون والتلاعب والحيدة في الرجوع والذبذبة فيها وعدم الاعتراف بالخطأ، والانكسار بين يدي الله والإنابة والتوبة إليه مع استكمال شروطها المعروفة.
ولهذا كما قلنا سنذكر بعض النماذج من رجوع الأئمة الأتقياء الجهابذة عن أخطائهم التي وقعوا فيها ، ونذكر أيضا بعض النماذج من تلون وتذبذب وتلاعب أهل الانحراف والضلال في رجوعهم عن أخطائهم، بل إصرارهم عليها وتماديهم في الباطل ، وذكر شيء من الأسباب التي أوقعتهم في هذا التمادي والمكابرة حتى إذا وقف عليها ممن ينسب إلى العلم رجع إلى نفسه ، فتصفح أمره ، فإن كان فيه خلق من تلك الأخلاق المكروهة المذمومة استغفر الله ، وأسرع الرجعة عنها إلى أخلاق هي أولى بالعلم.
نماذج من أثار ومواقف السلف الصالح في الرجوع عن الخطأ
جاء في صحيح البخاري (14/ 187):
"حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ }، وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ " انتهى
قال الإمام أبوالعباس ابن تيمية رحمه الله في (مجموع فتاوى ابن تيمية 1/ 149):
( كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يُبَيِّنُ لَهُ أَشْيَاءَ تُخَالِفُ مَا يَقَعُ لَهُ كَمَا بَيَّنَ لَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةَ وَيَوْمَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَوْمَ قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُشَاوِرُ الصَّحَابَةَ ؛ فَتَارَةً يَرْجِعُ إلَيْهِمْ وَتَارَةً يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَرُبَّمَا قَالَ الْقَوْلَ : فَتَرُدُّ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَوْلَهُ وَتُبَيِّنُ لَهُ الْحَقَّ فَيَرْجِعُ إلَيْهَا وَيَدَعُ قَوْلَهُ كَمَا قُدِّرَ الصَّدَاقُ وَرُبَّمَا يَرَى رَأْيًا فَيُذْكَرُ لَهُ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَعْمَلُ بِهِ وَيَدَعُ رَأْيَهُ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضَ السُّنَّةِ عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي قَضَايَا مُتَعَدِّدَةٍ وَكَانَ يَقُولُ الْقَوْلَ فَيُقَالُ لَهُ : أَصَبْت فَيَقُولُ وَاَللَّهِ مَا يَدْرِي عُمَرُ أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ أَخْطَأَهُ ؟ . فَإِذَا كَانَ هَذَا إمَامَ الْمُحَدِّثِينَ فَكُلُّ ذِي قَلْبٍ يُحَدِّثُهُ قَلْبُهُ عَنْ رَبِّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هُوَ دُونَ عُمَرَ فَلَيْسَ فِيهِمْ مَعْصُومٌ بَلْ الْخَطَأُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ تَدَّعِي أَنَّ الْوَلِيَّ مَحْفُوظٌ وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَثْبُتُ لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْعِصْمَةِ وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ قَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا - فَهَذَا بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ . وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ : يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانُوا مُتَفَاضِلِينَ فِي الْهُدَى وَالنُّورِ وَالْإِصَابَةِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصِّدِّيقُ أَفْضَلَ مِنْ الْمُحَدِّثِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ يَأْخُذُ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا شَيْئًا مَعْصُومًا مَحْفُوظًا . وَأَمَّا الْمُحَدِّثُ فَيَقَعُ لَهُ صَوَابٌ وَخَطَأٌ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تَمَيَّزَ صَوَابُهُ مِنْ خَطَئِهِ ؛ وَبِهَذَا صَارَ جَمْعُ الْأَوْلِيَاءِ مُفْتَقِرِينَ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا بُدَّ لَهُمْ أَنْ يَزِنُوا جَمِيعَ أُمُورِهِمْ بِآثَارِ الرَّسُولِ فَمَا وَافَقَ آثَارَ الرَّسُولِ فَهُوَ الْحَقُّ وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ فِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يُثِيبُهُمْ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ وَيَغْفِرُ لَهُمْ خَطَأَهُمْ ) انتهى
وجاء في ( الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل) (( منتديات البيضاء )) للشيخ أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان حفظه الله
((وثَمَّ مثال رائع لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في هذا الشأن، حيث قال –رحمه الله- كما في المسائل الماردينية (ص103-ط. ابن تيمية-بتحقيقي) في تحقيقه لحكم السمن الذي وقعت فيه فأرة: "فإن قيل: فقد روي في الحديث: "إن كان جامدًا فألقوها وما حولها كُلوا سمنكم، وإن كان مائعًا فلا تقربوه"، رواه أبو داود وغيره.
قيل: هذه الزيادة التي اعتمد عليها من فرَّق بين الجامد والمائع، واعتقدوا أنها ثابتة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في ذلك مجتهدين قائلين بمبلغ علمهم واجتهادهم، وقد ضعَّف محمد بن يحيى الذهلي حديث الزهري وصحَّح هذه الزيادة، لكن قد تبين لغيرهم أن هذه الزيادة وقعت خطأ في الحديث ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي تبين لنا ولغيرنا، ونحن جازمون بأن هذه الزيادة ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك رجعنا عن الإفتاء بها بعد أن كنا نفتي بها أولاً؛ فإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل".اهـ
وقال السيوطي في الْمُزهر في علوم اللُّغة (2/320): "وإذا اتفق له –أي العالم- خطأ في شيء ثم بان له الصواب فليرجع، ولا يُصر على غلطه".اهـ
ولقد ضرب سلفنا الصالح أروع الأمثلة في نبذ الباطل والرجوع إلى الحق، وهاك بعض الأمثلة التي تبين هذا النهج السوي:
المثال الأول:قال البخاري في صحيحه (6736): حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو قيس سمعت هزيل بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت؟ فقال: للابنة النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني؛ فسئل ابن مسعود وأُخبر بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت؛ فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
والشاهد هو رجوع أبي موسى عن فتواه لما تبين له أن الدليل مع ابن مسعود رضي الله عنهما.
المثال الثاني:قال أحمد في مسنده (1/217) ثنا مروان بن شجاع حدثني خصيف عن مجاهد عن بن عباس أنه طاف مع معاوية بالبيت فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال له ابن عباس: لِمَ تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا، فقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال معاوية: صدقت.
وأخرجه أحمد أيضًا في (1/322)، والترمذي (858) من طريق عبد الرزاق عن معمر والثوري عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس بنحوه، وعلّقه البخاري بصيغة الجزم في كتاب الحج (باب: من لا يستلم إلا الركنيين اليمانيين)، وانظر تغليق التعليق (3/72،71).
المثال الثالث: قال مسلم في صحيحه (1547) حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يزيد بن زريع عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان يُكري مزارعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إمارة أبي بكر وعمر وعثمان وصدرًا من خلافة معاوية حتى بلغه في آخر خلافة معاوية أنَّ رافع بن خَديج يحدِّث فيها بنهي عن النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وأنا معه فسأله فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن كراء المزارع، فتركها ابن عمر بعد، وكان إذا سئل عنها بعد قال: زعم رافع بن خَديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها.
وقال أيضًا: حدثنا محمد بن المثنى حدثنا حسين يعني ابن حسن بن يسار حدثنا ابن عون عن نافع: أن ابن عمر كان يَأجُرُ الأرض قال: فنبئ حديثًا عن رافع بن خديج، قال: فانطلق بي معه إليه قال فذكر عن بعض عمومته ذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن كراء الأرض، قال: فتركه ابن عمر فلم يَأجُرْه.
المثال الرابع:قال المزي في تهذيب الكمال في ترجمة نُعَيْم بن حماد: "وروى الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم اليونارتي بإسناده عن عباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: حضرنا نُعَيْم بن حماد بمصر فجعل يقرأ كتابًا من تصنيفه قال فقرأ ساعة ثم قال: حدثنا ابن المبارك عن ابن عون بأحاديث، قال يحيى: فقلت له: ليس هذا عن ابن المبارك فغضب وقال ترد علي، قال:قلت إي والله أرد عليك أريد زينك، فأبى أن يرجع، فلما رأيته هكذا لا يرجع قلت: لا والله ما سمعت أنت هذا من ابن المبارك قط ولا سمعها ابن المبارك من ابن عون قط، فغضب وغضب من كان عنده من أصحاب الحديث، وقام نُعَيْم فدخل البيت فأخرج صحائف فجعل يقول وهي بيده: أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس أمير المؤمنين في الحديث نعم يا أبا زكريا غلطت وكانت صحائف فغلطت فجعلت أكتب من حديث ابن المبارك عن ابن عون وإنما روى هذه الأحاديث عن ابن عون غير ابن المبارك.
قال الحافظ أبو نصر: ومما يدل على ديانة نُعَيْم وأمانته رجوعه إلى الحق لما نبه على سهوه وأوقف على غلطه، فلم يستنكف عن قبول الصواب إذ الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل والمتمادي في الباطل لم يزدد من الصواب إلا بعدًا.اهـ
المثال الخامس:قال الحافظ في الفتح (12/262): "وذكر أبو عبيد بسند صحيح عن زفر أنه رجع عن قول أصحابه فأسند عن عبد الواحد بن زياد قال: قلت لزفر: إنكم تقولون تدرأ الحدود بالشبهات فجئتم إلى أعظم الشبهات فأقدمتم عليها المسلم يقتل بالكافر، قال: فاشهد على أني رجعت عن هذا".
المثال السادس:قال الذهبي في السير (18/474): " وحكى الفقيه أبو عبدالله الحسن بن العباس الرستمي قال حكى لنا أبو الفتح الطبري الفقيه قال دخلت على أبي المعالي في مرضه فقال: اشهدوا علي أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور".
المثال السابع:قال الحافظ في التهذيب (4/121) في ترجمة سلمان الفارسي: " وقد قرأت بخط أبي عبد الله الذهبي: رجعت عن القول بأنه –أي سلمان- قارب الثلاثمائة أو زاد عليها وتبين لي أنه ما جاوز الثمانين، ولم يذكر مستنده في ذلك العلم عند الله".
المثال الثامن:قال ابن حزم في المحلى (6/74): "ثم استدركنا فرأينا أن حديث جرير ابن حازم مسند صحيح لا يجوز خلافه، وأن الاعتلال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أبا إسحاق أو جريرًا خلط إسناد الحارث بإرسال عاصم هو: الظن الباطل الذي لا يجوز".
وعلَّق العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- في الحاشية قائلاً: "لله در أبي محمد بن حزم رأى خطأه فسارع إلى تداركه وحكم بأنه الظن الباطل الذي لا يجوز وهذا شأن المنصفين من أتباع السنة الكريمة وأنصار الحق وهم الهداة القادة، وقليل ما هم؛ رحمهم الله جميعًا".اهـ
المثال التاسع:قال البغوي في حديث ابن الجعد (357): حدثني ابن زنجويه نا عبد الرزاق عن معمر قال قلت: لحماد كنت رأسًا وكنت إمامًا في أصحابك فخالفتهم فصرت تابعًا، قال: إني أن أكون تابعًا في الحق خير من أن أكون رأسًا في الباطل.
وهذا إسناد حسن، وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (10/308) من طريق ابن زنجويه به، وأخرجه بنحوه العقيلي في الضعفاء (1/305، 306).
قلت: وحماد هو ابن أبي سليمان: تابَع المرجئة، وظن أن هذا هو الحق، فرضي أن يكون ذنبًا فيه خير من أن يكون رأسًا في غيره.
المثال العاشر:تراجع أبي الحسن الأشعري –رحمه الله- عن مذهب المعتزلة.
المثال الحادي عشر:تراجعات الحافظ ابن حجر في فتح الباري وهي معروفة مشهورة.
المثال الثاني عشر:وهذا العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- يضرب لنا مثالاً فريدًا في الرجوع إلى الحق في مسألة من أدق مسائل الاعتقاد، وهي مسألة إثبات معية الله لخلقه مع إثبات علوه سبحانه على العرش، فيقول الشيخ حمود التويجري –رحمه الله- في مقدِّمة كتابه "إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية":
"فقد رأيت مقالاً لبعض المعاصرين –يشير إلى العلامة ابن عثيمين- زعم في أوله أن معية الله لخلقه معية ذاتية تليق بجلاله وعظمته وأنها لا تقتضي اختلاطًا بالخلق ولا حلولاً في أماكنهم، وقال في آخر مقاله:
وهكذا نقول في المعية، نثبت المعية لربنا معية ذاتية تليق بعظمته وجلاله ولا تشبه معية المخلوق للمخلوقين وتثبت مع ذلك علوه على خلقه واستوائه على عرشه على الوجه اللائق بجلاله، ونرى أن من زعم أن الله تعالى بذاته في كل مكان، فهو كافر أو ضال إن اعتقده وكاذب إن نسبه إلى غيره من سلف الأمة أو أئمتها؛ فعقيدتنا أن لله تعالى معية ذاتية تليق به وتقتضي إحاطته بكل شيء علمًا وقدرة وسمعًا وبصرًا وسلطانًا وتدبيرًا، وأنه سبحانه منزه أن يكون مختلطًا بالخلق أو حالاًّ في أمكنتهم بل هو العلي بذاته وصفاته، وعلوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها وأنه مستو على عرشه كما يليق بجلاله وإن ذلك لا ينافي معيته ثم صرح أنه قال ذلك مُقررًا له ومعتقدًا له، مُنشرحًا له صدره.
وأقول: لا يخفى على من له علم وفهم ما في كلام الكاتب من التناقض والجمع بين النقيضين، وموافقته من يقول من الحلولية إن الله بذاته فوق العالم وهو بذاته في كل مكان، وما فيه أيضًا من مخالفة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أئمتها.
فأما التناقض ففي تقريره لمعية الله الذاتية لخلقه مع زعمه أن هذه المعية الذاتية لا تقتضي الاختلاط بخلقه، ولا الحلول في أمكنتهم، ولا يخفى على عاقل أن المعية الذاتية للخلق تستلزم مخالطتهم، والحلول في أمكنتهم فقد تناقض شاء أم أبى.
وأما الجمع بين النَّقيضين ففي تقريره لمعية الله الذاتية لخلقه مع تقريره أن الله مستو على عرشه، وأنه العلي بذاته وصفاته، وأن علوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها فقد جمع في هذا التقرير بين إثبات صفة العلو لله تعالى وإثبات ضدها وهي صفة السّفل الذي تستلزمه المعية الذاتية للخلق، وعلى هذا فمن أثبت المعية الذاتية للخلق وأثبت مع ذلك أن علو الرب من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها فقد جمع بين النَّقيضين شاء أم أبى.
وأما الموافقة لبعض القائلين بالحلول فإنه لازم لمن زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية لأنه يلزم على هذا القول الباطل أن يكون الله مع الخلق في الأرض، وأن يكون مخالطًا لهم وحالاًّ معهم في أماكنهم.......".
وفي نهاية الكتاب أردف الشيخ حمود التويجري تراجع العلامة ابن عثيمين –رحمه الله-، فقال كما في ص156:
"فقد طلب الشيخ محمد الصالح العثيمين من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن يبعث إليه بكتابي في الرد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية، فبعث إليه وبعد قراءته له كتب الكلمة التي سيأتي ذكرها، وطلب أن تنشر مع كتابي، وحيث إن فيها ردًّا على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية فقد أجبت الشيخ محمد إلى طلبه، والله المسئول أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى".
وهاك نص رسالة الشيخ ابن عيثمين كما في ص157:
"وبعد، فقد قرأت الكتاب الذي ألَّفه أخونا الفاضل الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في إثبات علو الله تعالى ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله تعالى لخلقه معية ذاتية، فوجدته كتابًا قيِّمًا قرَّر فيه مؤلِّفه الحقائق التالية........" –إلى أن قال-: "وبطلان القول بالحلول معلوم بدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع، وذلك أن القول به مناقض تمام المناقضة للقول بعلو الله تعالى بذاته وصفاته، فإذا كان علو الله تعالى بذاته وصفاته ثابتًا بهذه الأدلة كان نقيضه باطلاً.
وإنكار معية الله الذاتية واجب حيث تستلزم القول بالحلول لأن القول بالحلول باطل، فكان ما استلزمه فهو باطل يجب إنكاره وردُّه على قائله كائنًا مَن كان...
قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 15/4/1404".اهـ
المثال الثالث عشر:تراجعات الإمام الألباني -رحمه الله-، وهي معلومة مشهورة.
بل كان الألباني رحمه الله يذكر تراجعه في الموضع نفسه الذي أخطأ فيه، رغم أنه كان يستطيع أن يحذف القول الخطأ ويبقي القول الصواب قبل دفعه الكتاب إلى المطبعة، ويمثل لهذا بما في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (هامش رقم 1 ص41) حيث قال الشيخ الألباني عن حديث "اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم":
"صحيح أخرجه الترمذي وأحمد وابن أبي شيبة، وعزاه الشيخ محمد بن سعيد الحلبي في مسلسلاته (1/2) إلى البخاري فوهم.
ثم تبين لي أن الحديث ضعيف، وكنت اتبعت المناوي في تصحيحه لإسناد ابن أبي شيبة فيه، ثم تيسر لي الوقوف عليه؛ فإذا هو بيِّن الضعف، وهو نفس إسناد الترمذي وغيره، راجع كتابي سلسلة الأحاديث الضعيفة المجلد الأول".اهـ

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
17-Apr-2011, 04:46 PM
المثال الرابع عشر:تراجع العلامة ربيع بن هادي –حفظه الله- عن زلة لسانية في إحدى دروسه، وقد صرَّح بتراجعه في نصيحة جليلة عنون لها بـ: "قبول النصح والانقياد للحق من الواجبات العظيمة على المسلمين جميعًا".
وإليكم نص هذه النصيحة:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد:
فقد اطلعت على ما نشرته بعض الشبكات العنكبوتية من كلام نُسب إلي وهو أني قلت في إحدى محاضراتي: "إذا تبرأ منك رسول الله على لسان ربنا " قلتها عندما استدللت بقول الله تبارك وتعالى (( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)) على تحريم التفرق ثم قلت: كيف ما نخاف يا إخوتاه ونختار هذا التفرق ونعيش عليه قروناً وأحقابًا...".
أستغفر الله من هذه الكلمة القبيحة الباطلة مئات المرات.
وأطلب حذفها من كل شريط توجد فيه، وأشدد في ذلك على كل من يملك شريطاً توجد فيه هذه الكلمة أن يقوم بحذفها.
وأقول: إن هذا الكلام قبيح وباطل، وتعالى الله عنه وتنـزه عنه، فهو تعالى منـزه عن مشابهة المخلوقين.
كما قال سبحانه: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)).
وكما قال عز وجل: (( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد)) ،وقال تعالى: (( هل تعلم له سمياً))
ففي هذه الآيات الكريمات إثبات لصفات كماله ونعوت جلاله وتنـزيه له عن صفات وسمات النقص ومشابهة المخلوقين، فلا يشبهه ولا يكافؤه أحد في ذاته ولا في صفاته ولا في شيء من صفاته العظيمة.
وأهل السنة والجماعة يثبتون كل صفاته الواردة في الكتاب والسنة من غير تشبيه ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل لأي شيء من صفاته، كاستوائه على عرشه فوق جميع مخلوقاته، والعلو والنزول والسمع والبصر والقدرة والإرادة والعلم والكلام والحكمة وكونه تعالى الخالق الرازق المحيي المميت إلى آخر ما ثبت من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، يثبتها أهل السنة من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل، مخالفين فيها أهل الأهواء من الجهمية والخوارج والمعتزلة والروافض والأشعرية .
وأنا والحمد لله ممن أكرمه الله بهذا المنهج وأومن به في قرارة نفسي وأدرِّسه وأدعو إليه وأذبّ عنه طالبًا ومدرسًا وداعيًا إليه بكل ما أستطيعه وأوالي عليه وأعادي عليه من أول حياتي.
وهذه الكلمة البغيضة إليَّ التي صدرت مني خلال محاضرة أدعو فيها إلى هذا المنهج وأدعو من خالفه إلى الرجوع إليه.
وهذه الكلمة القبيحة إنما كانت مني فلتة لسان ولو نبهني إنسان في اللحظة التي قلتها فيها لرفضتها ولتبرأت منها، وما يحق لأحد اطلع عليها أن يسكت عنها.
وهي مثل قول ذلك الرجل الذي مثل به النبي صلى الله عليه وسلم والذي قال من شدة الفرح " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخطأ من شدة الفرح" ومع ذلك فأنا أتألم منها أشد الألم وأستنكرها من نفسي ومن غيري أشد الاستنكار.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لي ذنوبي جميعًا ما أسررت منها وما أعلنت وأن يغفر لي زلاتي وأخطائي: زلات القلم واللسان والجوارح والجنان.
و"كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"،أسأل الله أن يجعلني من التوابين ومن المتطهرين.
وقبول النصح واتباع الحق من أوجب الواجبات على المسلمين جميعاً من أي مصدر كان، ولا يجوز للمسلم أن يستصغر الناصح أو يحتقره مهما كان شأنه.
وأعوذ بالله أن أرد نصيحة أو أدافع عن خطأ أو باطل صدر مني فإن هذا الأسلوب المنكر إنما هو من طرق أهل الفساد والكبر والعناد، ومن شأن الذين إذا ذكروا لا يذكرون وأعوذ بالله من هذه الصفات القبيحة.
وأسأل الله أن يجعلني ممن قال فيهم (( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا)).
وأنصح نفسي وجميع المسلمين باتباع هذا المنهج والثبات عليه، وقبول نصح الناصحين والسير في طريق السلف الصالح في التناصح والتواصي بالحق وقبول النصح أخذا بقول الله تعالى: ((والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر))
وأخذاً بقوله تعالى (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر))
ومن علامات الرشد والاستقامة والسداد والسعادة في الدنيا والآخرة الثبات على الكتاب والسنة والسير على هذا المنهج عقيدة وعملاً وأخلاقًا وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر وسدًّا للخلل بالحكمة وبالطرق الشريفة.
وأدعو الله عز وجل أن يوفق هذه الأمة - ولاسيما أهل السنة والجماعة- للنهوض بهذا المنهج العظيم وأن يجمع كلمتها عليه، وأن يحقق لها السيادة والعزة والكرامة في الدنيا، وأن يحقق لها باتباع هذا المنهج النجاة والسعادة في الآخرة.إن ربي سميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه: ربيع بن هادي المدخلي 8/7/1425هـ مكة المكرمة".اهـ
... إلى أن قال الشيخ خالد حفظه الله ورفع قدره :
هذا، وقد أوقفني أحد إخواني –جزاه الله خيرًا- على خطأ لي في تحقيقي على كتاب الإجماع لابن المنذر في موضعين:
الموضع الأول: في حاشية رقم 4 ص58، والموضع الثاني: في حاشية رقم 4 ص72.
وهذا الخطأ يتكون من شقين: الشق الأول: قيامي بنسبة كتاب "شرائع الإسلام بين الحلال والحرام" إلى الزيدية، والصواب أنه في فقه الإمامية، والشق الثاني: ظنِّي دخول أقوال الزيدية في الإجماع.
والأمر كما قال العلامة المحدِّث أحمد شاكر –رحمه الله- في مقدِّمة تصحيحه لكتاب "لُباب الآداب" للأمير أسامة بن منقذ (ص6): "وقد وقعت في الكتاب بعض أغلاط –مع كل ما عانينا في تصحيحه- بعضها جاء سهوًا مني، وبعضها جاء خطأ في النظر، وبعضها من الأغلاط المطبعية التي لا يتنزه عنها كتاب".اهـ
قلت: والخطأ المشار إليه بشقيه هو بلا شك سهو وخطأ في النظر.
وبالنسبة للشق الأول: فهو وهم بلا شك، حيث إني قد نسبت هذا الكتاب على الصواب إلى فقه الإمامية في تحقيقي على كتاب "المسائل الماردينية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (حاشية رقم 2 ص95).
وبالنسبة للشق الثاني: فقد أوقفني هذا الأخ –بارك الله فيه- على كلام العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري، حيث ذكر الحافظ -رحمه الله- في شرحه على باب: جهر الإمام بالتأمين، من كتاب الأذان في صحيح البخاري (الفتح 2/265)، ما يلي: "وفي الحديث حجة على الإمامية في قولهم إن التأمين يبطل الصلاة".اهـ، فعلَّق الشيخ ابن باز في الحاشية قائلاً:
"ما كان يَحسُن بالشارح أن يذكر خلاف الإمامية، لأنها طائفة ضالة، وهي من أخبث طوائف الشيعة، وقد سبق للشارح أن خلاف الزيدية لا يعتبر ، والإمامية شر من الزيدية، وكلاهما من الشيعة وليسوا أهلاً لأن يذكر خلافهم في مسائل الإجماع والخلاف، والله أعلم".اهـ
قلت: وبلا شك هذا التقرير من العلامة ابن باز هو الصواب الذي لا محيص عنه؛ فأستغفر الله وأتوب إليه من زللي وتقصيري.
وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم
وكتب :أبو عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان
ليلة الرابع عشر من محرم لعام 1427)) انتهى
فبارك الله في الشيخ الفاضل خالد بن عثمان وحفظه الله على هذا الجمع القيم النفيس في بابه وجزاه الله خيرا على تواضعه ورجوعه إلى الصواب على ما وفق ووصل إليه من الحق .
نعم هؤلاء الذي ذكرهم الشيخ خالد حفظه الله وضرب بهم الأمثلة، ومن كان على هديهم يسير ولسمتهم يدل هم رجال وأبطال وفحول الأمة وأئمة السنة أهل الإنصاف والتواضع ، اتصفوا بمعالي الآداب وتخلقوا بمكارم الأخلاق، عليها تربوا وربوا ولها دلوا وأوصوا ، لله درهم فهم أفضل قدوة وأحسن أسوة للأنام فجزاهم الله عن الإسلام خير جزاء ورفع الله قدرهم في الدنيا والآخرة، والآخرة خير وأبقى.
قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في ( النقد منهج شرعي تعليق على كتاب ابن رجب الفرق بين النصيحة والتعيير):
((…وجاء الأئمة بعده من التابعين ومن أتباع التابعين وهلمَّ جرَّا إلى يومك هذا دائماً في بيان ، والفقهاء والمفسرون كلُّهم يبيِّنون ، لو أحد أخطأ قالوا : أخطأ ، أو ضلَّ في تفسير آية قالوا : ضل ، ابتدع ، كم من شخص ناقش الزمخشريَّ في تفسيره، تكلموا عليه وانتقدوه وبعضهم أخذوا كتابه وحرَّقوه لأن فيه بدعاً خفية ، الإحياء للغزالي كم تكلم عليه من العلماء ، جمع فيه فقهاً وحديثاً وتفسيراً وتصوفاً إلى آخره، وأدخل فيه الفلسفة وأدخل فيه وحدة الوجود وأدخل فيه الضلالات والبدع ، وبعضهم أحرق هذا الكتاب، وبعضهم انتقده، وبعضهم كفَّر الغزالي إلى آخره، لم يقل أحد لماذا تنتقدون الغزالي أو تنتقدون الرازي أو تنتقدون الزمخشري أو تنتقدون فلاناً .
… والبخاري ومسلم قبل هذا جاء الدارقطني وانتقد أحاديث منه ، وأبو علي الجياني وغيرهم من الأئمة انتقدوا ما في الصحيحين وبينوا ما فيها من علل وقد يكون الغالب الصواب مع الشيخين لكن ما ثارتْ معارك ، لماذا ؟ لأنهم يحترمون عقول الناس ويحترمون الحق ويحسنون الظن بالناس في نفس الوقت، وليس كل من انتقد إنساناً أساءوا به الظن وقالوا : قصده حسد وبغض إلى آخره - كما يجري الآن - ما قالوا : الآن هم على ثغرات يردون على اليهود ويردون على النصارى ويردون على الفلاسفة إلى آخره حتى يردون على الروافض ، المعتزلة كانوا يردون على الروافض ، ويردون على الخوارج ويردون على كذا وكذا ، لكن أخطاءهم ما يتركونها ولأجل أنك ترد على اليهود والنصارى نحسب أخطاءك على الله ونقول هي من الدين فتضل بها الأمة ؟! أو نقول : ما دام أن فلاناً يواجه اليهود والنصارى كلُّ أخطائِه نضمُّها إلى الدين ، يعني عندنا في الدين مسألة نزيد عليها عشرين مسألة من أخطاء الروافض وننسُبُها لدين الله جائزة لهم !!! يعني هكذا يكون ؟!
هكذا يكون النصح للمسلمين ؟! وهكذا يكون البيان ؟! فلو واجههم بالسيوف وزحف عليهم بالجيوش وفعل ما فعل ثم أخطأ على دين الله وضل فيه نقول : هذا ليس من الدين ، هذا ضلال وبدع لا يمكن أن يحسب على دين اللهكيف رسول الله وأصحابه في بدر ما أقرهم الله على الخطأ ، فهل نحن نترك هؤلاء ولو قاتلوا أو تركوا لا نتركهم يحرِّفُون دين الله ويُزلْزلون أصولَ الإسلام بحجَّة أنهم يواجهون الشيوعيين دعهم يواجهونهم نسأل الله أن يكتب لهم أجرهم إن شاء الله لكن أخطاءهم ما نتركها تحسب على دين الله عز وجل ولا يجوز أن تعتبرها تحسب على الله ونعتبرها وحي نزل من السماء لا ينتقد ولا يعترض عليه نعم أولئك المعتزلة ما يغضبون وأهل السنة ما يغضبون وقد يكون المعتزلي أحياناً يصيب إذا انتقد واحداً من أهل السنة وغالباً يكون الصواب مع أهل السنة لكن حركة دائبة من ذاك الوقت إلى غدٍ إلى يوم القيامة كل يؤخذ من قوله ويرد وليس كل يؤخذ قوله أو كل يرد قوله ؟ لا ، الشافعي وأحمد ومالك يؤخذ من أقوالهم ويرد ، وكذلك الثوري والأوزاعي يؤخذ من أقوالهم ويرد لأنهم ليسوا بمعصومين ، يقول ابن تيمية : العصمة للأنبياء أما الصديقون والشهداء والصالحون والأئمة كلهم لا بد أن يخطئوا .
…الشافعي يقول : انظروا كتبي هذه لا تظنوا أن كلها حق لا بد أن يكون فيها شئ خالف كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذي خالف فيها أحدهما فخذوا واضربوا به عرض الحائط .
…وكتبي هذه خذوها واقرأوها وأنا لا أقول لكم إن كلَّ ما فيها صواب لا بد - وأؤكد لكم أن فيها أخطاء - قال أحدهم مرة : فلان يريد أن يناقشك ؟ قلت : فليسرع قبل أن أموت يبين أخطائي ، وأنا أرجوكم اذهبوا وترجَّوْا سلمان وسفر كلهم يجمعوا كتبي ويناقشوها ويبينون الحق فيها حتى أتوب منها قبل موتي ، ما نغضب من النقد أبداً والله نفرح ، وأنا أحمِّلُ كلاً منكم المسؤولية يذهب إليهم ليأخذوا كتبي ويناقشوها والذي يطلع بخطأ أقول له : جزاك الله خيراً وأرسل لهم جوائز وإذا عجزت أدعو لهم ، والله ما نخاف من النقد لأننا لسنا معصومين وأستغفر الله العظيم ، من نحن حتى نقول : لسنا بمعصومين هذا يقال للصحابة والأئمة الكبار أما نحن - والعياذ بالله - فالزلل والأخطاء الكبيرة متوقعة منا …فأنا أرجو أن يأخذوا كتبي هذه وينتقدونها في الصفحة الفلانية قلت كذا وهو غلط واستدلالك غلط من الوجه الفلاني والوجه الفلاني والحديث الفلاني أخطأت في الاستدلال به والحديث نقلته غلط هيا يا أخي تفضل لماذا تغضبون وتعلمون الناس التعصب والهوى والجهل والهمجية والفوضى لماذا تدمرون عقول الشباب بهذه العصبية العمياء ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍! هل في يوم من الأيام تعصب أناس للشافعي ومالك مثل هذا التعصب ؟ هذا التعصب لا نعرفه إلا من الروافض ، يعني يرفع الرجل إلى درجة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما ينتقد ، أنا أسمع من بعض الناس أنه يقول : نحن نفرح بالنقد ونرحب بالنقد ، لكن والله إنه يموت من النقد والناس يموتون وراءه لماذا تنتقده ؟ لهذا رأينا كل ما وجهناه من نقد إلى أخطائهم لا يتراجعون عنها أبداً لا هم ولا أتباعهم ، يعني كأن ديننا غير دينهم كأن عندنا دين غير الدين الذي عرفوه ، يا أخي أليس تقولون : إن منهجكم سلفي وأنكم تدعون إلى الكتاب والسنة؟ ما معنى الدعوة إلى الكتاب والسنة أن ننقد أخطاء الناس كلهم وليس معناها أن نجمع أخطاءك ونقول الكتاب والسنة )) انتهى

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
17-Apr-2011, 04:47 PM
ومع هذا الهدي الواضح والسمت الحسن والآداب الرفيع إلا أن هناك مما هو مؤسف ومحزن أن وجد ممن يتمسح بهؤلاء العمالقة الفضلاء الجهابذة وينسب نفسه إليهم وجلس بين أيديهم ولربما ظفر على بعض التزكية له منهم فجعلها ضمان وسيف مسلط وبطاقة نجاة من الأخطاء التي يقع فيها وعليها متمادي وللغواية ينادي وللسقوط يحاذي ولأهل الحق يجافي.
نعم إذا نبه عن خطأه الواقع فيه تكابر وتمادى في باطله ولم يرجع إلى الحق وقبوله بالتي هي أحسن، والطامة الكبرى، والفاجعة العظمى مع ماهو فيه من التمادي في الباطل يزيد الأمر سوءا أنه يزدري ويطعن ويقيم الدنيا ويقعدها ويشن الحرب المليئة بالكذب والسخرية والاستهزاء والتنقيص والتشغيب وقلب الحقائق على من أحسن إليه بالنصيحة والتوجيه الحسن والمريد له الخير والصلاح في الدنيا والأخرة ، وكان الأولى به أن يشكر الجميل ويحمد الله عز وجل على أن قيض له من ينبهه على أخطائه لئلا تكون له فيها تبعية ويحمل يوم القيامة وزر من اتبعه فيها،
فلفضاعة الأمر وفحشه وشؤم مرتكبه ورذالة أصحابه وسفالة أخلاقهم أنبه وأذكر إخواننا السلفيين الذين هم معنا وفي صفنا وعلى الجادة يذكرون ببعض الأمثلة والوقائع التي حدثت لأناس عهدهم بالسنة كان قريب، وكانوا إذا ذكروا في المجالس يثنى عليهم بالجادة والاستقامة وسلامة المنهج ، فما إن عرف واشتهر علمهم وذكرهم نوعا ما في الأمة وبين الشباب السلفي ابتلوا بالكبر والعجب وبطر الحق وغمط الخلق والاستقلالية عن العلماء والركوب للغواية والضلالة والتمادي فيما أحدثوه من الأصول الفاسدة المفسدة لأصول السنة، فمن أولئك على سبيل المثال، لا الحصر، و إلا فهم كثر، عفانا الله منهم ومن أخلاقهم وضلالهم.
المثال الأول :
قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في (منهج الإمام مسلم في ترتيب كتابه الصحيح ودحض شبهات حوله (رد على المليباري) (ص: 73):
(( قد صرحت بتراجعي عن هذا الفهم، وكل ما يهمني أن أكون صادقاً في هذا التراجع مخلصاً فيه لله، ولي سلف صالح في الرجوع عن الخطأ إلى الحق من صحابة رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - - وغيرهم من أئمة الإسلام، فهل المليباري مستعد أن يعلن أخطاءه ويتراجع عنها ؟ وهل يدرك شرف هذه المنزلة ؟)) انتهى
المثال الثاني :
وقال حفظه الله ورعاه في ( جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات حوار مع عبدالرحمن عبدالخالق ص: 126):
قال عبدالرحمن في الشريط المذكور ـ شريط المدرسة السلفية ـ : ((إن طائفة العلماء في السعودية في عماية تامة وجهل عن المشكلات الجديدة وأن سلفيتهم لا تساوي شيئاً )) .
قال الشيخ ابن باز عند سماعه هذا الكلام : "وهذا قول باطل فإن العلماء في السعودية يعرفون مشاكل العصر ، وقد كتبوا فيها كثيراً وأنا منهم بحمد اللَّه وقد كتبت في ذلك ما لا يحصى وهم بحمد اللَّه من أعلم الناس بمذهب أهل السنة والجماعة ويسيرون على ماسار عليه السلف الصالح في باب توحيد اللَّه وفي باب الأسماء والصفات وفي باب التحذير من البدع وفي جميع الأبواب.
فاقرأ إن كنت جاهلا بهم مجموعة ابن قاسم الدرر السنية وفتاوى شيخنا محمد بن إبراهيم ـ رحمه اللَّه ـ واقرأ ما كتبنا في ذلك في فتاوانا وكتبنا المنشورة بين الناس ، ولا شك أن ما قلته في علماء السعودية غير صحيح وخطأ منكر فالواجب عليك الرجوع عن ذلك في الصحف المحلية وفي الكويت والسعودية نسأل اللَّه لنا ولك الهداية والرجوع إلى الحق والثبات عليه إنه خير مسؤول " .
وقد أعلن عبدالرحمن تراجعه وندمه بسبب ضغط الشيخ ابن باز وضغط الواقع من حوله وإدراكه أن تصميمه على رأيه في هذه المسألة وغيرها سيدمره لأن تصرفاته ومناوشاته وهجماته على السلفيين في المملكة والشام واليمن لم تبق له صديقاً من السلفيين وذلك سيفقده مكانته عند عامة أهل هذا المنهج ، وإلا فقد وجهت له نصائح كثيرة من عدد من الناصحين الذي يحبون له الخير فلم يعبأ بها ولا بالناصحين ، ففي تراجعه هذا نظر
والدليل على ذلك أنه لم ينفذ شيئاً مما وعد به من التراجع لم يكتب تراجعاً ونقضاً لما في كتبه وأشرطته من الطعن والسب للعلماء السلفيين لم يكتب ولا حرفاً واحداً ولم يتكلم ولا في شريط واحد غير الوعود التي يخادع بها .
وإن شئت الأدلة الجديدة إضافة إلى ما سبق فاستمع إلى جوابه عن هذه المسألة في شريطه كشف الشبهات الذي قاله في عام 1415هـ .
1 ـ (( أذكر أنه عندما قرر علينا دراسة بعض المذاهب المعاصرة في السنة الثالثة من الجامعة الإسلامية لم يكن هناك في ظني عالم قط يسطيع تدريس هذه المادة على الأقل في الجامعة حتى إن الشيخ الذي فرضت عليه المادة . . .)) الخ.
2 ـ ثم قال فيه : (( أقول طبعاً معلوم هذا الواقع الذي كان موجوداً قبل ثلاثين سنة تغير بعد ذلك تغيراً جذرياً . . . الخ )) .
3 ـ (( وأقول : ما ذكرناه في ذلك الوقت قد كان حقاً وهو أمر ظاهر لا يكابر فيه إلا مكابر ومن أراد مثلاً أن يعرف الحق فليفتش الآن مثلا عن أي كتاب واحد ألف في الرد على المذاهب الإلحادية المعاصرة لرجل من أتباع المدرسة السلفية في هذه الحقبة التي ألقينا فيها هذه المحاضرة)) .
ألا تراه لا يزال مصراً على رأيه فيما قاله على حسب قوله منذ تسعة وعشرين عاماً)أ.هـ
المثال الثالث
وقال الشيخ في مقدمة كتابه(انتقاد عقدي ومنهجي لكتاب السراج الوهاج لأبي الحسن ) يبين فيه تلاعب المأربي بالتزكية العلماء له
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه.……
أما بعد :
فقد استمعت إلى أشرطة أبي الحسن المصري نزيل مأرب وأدركت ما تنطوي عليه من أمور لا يقرها شرعنا العظيم وقد علم الناس بعض ذلك وخفيت عليهم أشياء نسأل الله أن يهيأ لها من يظهرها لهم نصحاً له ولرسوله ولكتابه وللمسلمين وخاصةً السلفيين ومن جملة المآخذ عليه كثرة الإشادة بكتابه "السراج الوهاج"، والادعاء المنكر أن العلماء قد أقروه ودعا السلفيين إلى تأليف مثله أو إلى تأليف كتاب يبرزون فيه عقائدهم أو كما قال، ودعاهم إلى انتقاده وكأنه يشعر بأنهم لا يستطيعون ذلك لجلالة هذا الكتاب وخلوه من الأخطاء.
وعلى غلاف هذا الكتاب ما يأتي:
راجعه وقدم له جماعة من هيئة كبار العلماء وغيرهم
وكل هذا أو ذاك دعاية وترويج لكتاب قد يضر بالقراء، لأن كتاباً هذا حاله قد يجعلهم يتصورون أنه قد جاوز القنطرة فلا يعلى عليه.
والناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-وبحكم أني قرأت الكتاب وعرفت حقيقة حاله وعرفت حقيقة موقف العلماء منه، تعين عليّ بيان حال هذا الكتاب، وحقيقة موقف العلماء منه وهل قدموا لكتابه ؟وحقيقة هذا التقديم.
أولاً- لقد أرسل أبو الحسن كتابه " السراج الوهاج " إلى سماحة العلامة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
فأحاله إلى معالي نائبه آنذاك ومفتي المملكة الحالي الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ حفظه الله نظراً لضيق وقته كما نص على ذلك في خطابه لأبي الحسن فقام معالي الشيخ / عبد العزيز آنذاك بقراءة الكتاب ثم وجه خطاباً إلى الشيخ ابن باز تضمن بيان ما حواه الكتاب من العقائد من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
ثم قال:
1- " وإن كان يدخل في كتابه " السراج الوهاج بعض المسائل الخلافية التي هي من الفروع.
2- والكتاب في مجمله جيد موافق لمذهب أهل السنة والجماعة في أغلب ما ذكره إلا أنه يوجد عليه بعض الملاحظات البسيطة الخ.
قال أبو الحسن ( ثم ذكرها حفظه الله وقد راعيت ذلك في صلب الكتاب كل شيء في موضعه ـ على ما سيأتي إن شاء الله تعالى )، ثم قال: هذا ما تبين لي بعد قراءة الكتاب، والكتاب بعد تعديل الملحوظات السابقة جيد ويستفاد منه لذلك فإني أعيد لسماحتكم كامل المعاملة ويرفقها الكتاب المذكور ليرى سماحتكم الرأي الأمثل إن شاء الله وسدد رأيكم وأمدكم بعونه وتوفيقه..الخ .
وذكر التاريخ أي:( 11/ 8/ 1419هـ) الخطاب الموجه إلى الشيخ ابن باز الذي بين فيه حال الكتاب.
والناظر في هذا الكتاب يدرك أن هذا ليس تقديماً للكتاب، ويدرك أن فيه ملاحظات على الكتاب: منها إدخاله لمسائل فرعية في كتاب عقيدة.
وفي الخطاب " والكتاب في مجمله جيد موافق لمذهب أهل السنة والجماعة في أغلب ما ذكره، ثم تلطف فقال إلا أنه يوجد عليه بعض الملاحظات البسيطة؛ وفيه وصف الكتاب بأنه جيد يستفاد منه بعد تعديل الملحوظات ولا ندري ما هي هذه الملحوظات ولا كيف تم تعديلها، وأخشى أن تكون لقيت ما لقيته ملاحظاتي، وعلى كل حال فابن باز -رحمه الله- رئيس هيئة كبار العلماء لم يقرأ الكتاب وقد بين عذره الذي حال بينه وبين القراءة، والنائب لم يقدم للكتاب وإنما وجه خطاباً إلى سماحة الشيخ ابن باز يخبره بنتائج قراءته وليس هذا بتقديم كما يدعي أبو الحسن.
ثانياً- قال أبو الحسن موقف فضيلة الوالد الشيخ / محمد بن صالح العثيمين ـ حفظه الله ـ من الكتاب.
" لقد أرسلت بالكتاب لفضيلته فاطلع عليه، ثم طلبت من فضيلته أن أسجل ذلك عنه في الكتاب، فطلب الكتاب مرة أخرى، لإعادة النظر فيه فأرسلته لفضيلته ثم أرسل فضيلته رسالة بتاريخ 4/5/ 1420هـ
قال فيها: تصفحت الكتاب فأعجبني، ثم ذكر فضيلته بعض التوجيهات التي نفعني الله عز وجل بها فأسأل الله عز وجل أن يجزيه خير الجزاء وأن يبارك له في وقته ".
فأين هو تقديم العلامة ابن العثيمين رحمه الله عضو هيئة كبار العلماء الذي كان دقيقاً في عبارته: " تصفحت الكتاب فأعجبني "، وفرق كبير بين القراءة والتصفح.
وهذان الفاضلان من هيئة كبار العلماء وواقعهما ما ذكر.
فهل يصح قول أبي الحسن راجعه وقدم له جماعة من هيئة كبار العلماء وغيرهم؟!.
ثالثاً- أما الشيخ /مقبل رحمه الله، فقد أفاد أنه اطلع على بعض رسالة "السراج الوهاج" وراجع ما كتبه رحمه الله.
رابعاً- وممن قدم للكتاب الشيخ ابن جبرين، والأخ علي حسن عبد الحميد، والأخ أسامة القوصي، فليس لهم أي ملاحظات على الكتاب، بل قد بالغوا في مدحه، إلا قول أسامة القوصي: " والحمد لله لم أجد شيئاً في رسالته ما يستحق التعقيب أو الإصلاح إلا في شيء من الصياغة ودقة العبارة"
ولا أدري ما هو السر في هذا المديح من هؤلاء الإخوة ( 1) دون ذكر لأي تعقيب جوهري أو ملاحظات عقدية أو منهجية، فهذا التقديم لا يفرح به عاقل ناصح للإسلام والمسلمين، لكن أبا الحسن يفرح بهذا المدح المبالغ فيه ويظهره ويتباهى به، ويخفي انتقاد العلماء العقدي والمنهجي الذي يدفع عن المسلمين شر ما في هذا الكتاب ويدفعهم إلى الحذر والنفور منه على كل حال.
خامساً- أرسل إليّ بنسخة من كتابه ففحصتها نصحاً لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين، وقدمت له ملاحظات كثيرة وهامة جداً لا يصلح كتابه إلا بها، ولا يجوز نسبته إلى منهج السلف إلا إذا أخذ بها، وأرسلتها إليه سراً عن طريق الفاكس لم أخبر بها أحداً، فاتصل بي هاتفياً ودار بيني وبينه حوار حول هذه الملاحظات شعرت من خلاله أنه لم تعجبه هذه الملاحظات، ثم أجبر على القول بأنه سيستفيد منها واستفاد منها فعلاً، وتحايد عن أشياء مهمة، بل منها ما هو ضروري الأخذ به، وعدم أخذه به يسقطه، كتلك القضية التي خالف فيها السلف وكفر شيخ الإسلام ابن تيمية من شك في كفر قائلها، ألا وهي قضية تكفير الصحابة أو معظمهم أو تفسيقهم، فإن من يقع منه ذلك كفر ومن شك في كفرهم فتكفيره متعين، فأبى أبو الحسن أن يقبل هذه الملاحظة وطبع كتابه على علاته.
ولما ظهر الكتاب دون أخذه بهذه الملاحظة نبهته شفوياً وأظن أنَّ ذلك كان مرتين أو ثلاثاً، فلم يرفع بذلك رأساً، واستمر في طبع الكتاب على عجرِه وبجره ثلاث طبعات، لم أعلم عن الأخيرتين إلا من كلامه في أحد أشرطته لعام 1423هـ، ولقد أشرت سلفاً إلى تباهي أبي الحسن بكتابه ومن هذه الإشادة قوله في الشريط (6) من القول الأمين الوجه(2):" وقد أخبرت أن بعض الجهلة يقول أن هذا السراج يسمى بالظلمة، سبحان الله طيب، إذا كان ظلمة كلام ابن عثيمين وكلام المفتي وكلام الشيخ مقبلاً وكلام ابن جبرين وكلام هؤلاء المشايخ وكلام الشيخ ربيع نفسه كلام الشيخ ربيع نفسه الذي قرأ الكتاب وذكر لي بعض الملاحظات، فمنها ما أخذت بقوله فيها ومنها ما تركته من أجل ألا يكون خلاف بيني وبينه وإلا أنا لست مقتنع بقوله آنذاك، ومن ذلك هذا الكلام الذي نقلته قبل قليل عن شيخ الإسلام ابن تيمية وأنه اتفاق أهل السنة، أن المسلم يحب ويبغض على حسب ما فيه من خير وشر، فكان الشيخ يقول هذه ذريعة لأهل الموازنة، فقلت ليس فيها ذريعة لأهل الموازنة، وممكن أن أقيد الكلام، قال أحسن أن تتركه، فتركتها فقط إجلالاً له أما أنا مقتنع بهذا الأصل فإنه أصل أهل السنة والجماعة..".
أقول: بناء على كلامه هذا فهناك أشياء من ملاحظاتي لم يقتنع بها ولعله لم يقتنع بكل ملاحظاتي وفي نظري أنها حق وقيمة بذلت غاية وسعي في بيانها نصحاً لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين فدفعني هذا الموقف المريب من أبي الحسن إلى إبراز ملاحظاتي إعانة له على التواضع ومعرفة قدر نفسه.
وأخيراً فإني أحذر من كتاب" السراج الوهاج" لأبي الحسن المصري المأربي في طبعاته الثلاث التي انتشرت في الناس مع الأسف انتشاراً واسعاً لما فيها من المخالفات الضارة وأحذر من طبعه مرة أخرى.
إلا بشروط:
الأول: أن يقوم بالتعديل الكامل.
الثاني: أن يحذف من الغلاف قوله:" راجعه وقدم له جماعة من هيئة كبار العلماء وغيرهم".
الثالث: أن يصرح بأنه كانت عنده أخطاء كثيرة بينها له الشيخان: الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله المفتي الحالي للملكة العربية، وأن يبرز هذه الملاحظات ويوضحها ويبين أنه كان لها أثر في تصحيح منهجه، وأنَّ للشيخ ربيع ملاحظات هامة استفاد منها وكان لها أثرها في منهجه، وأن يشكر لهم ما قاموا به من جهد في نقد كتابه وتقويمه.
الرابع: أن يحذف المقدمات التي لم يتعقبه أصحابها وخاصة مقدمات من مدحوا الكتاب.
الخامس: أن يتواضع لله رب العالمين ولا يتباهى بهذا الكتاب على أحد
من المسلمين فضلاً عن السلفيين، وأن يعتذر عما سلف منه من الإشادة بهذا الكتاب والتباهي به.)) انتهى
المثال الرابع :
وقال الشيخ في بيان مراحل فتنة أبي الحسن
(( وقع المغراوي في أخطاء كثيرة في أصول المنهج السلفي ووقع في مخالفات منها لهجه بالتكفير فنصح كثيراً بالتراجع عن أخطائه، فكان يعد بهذا التراجع ويتلاعب ويرمي هو وأنصاره من انتقده بالزندقة وبالخيانة والبتر وأشاع الطعون والفتنة في المغرب وفي المملكة والإمارات واليمن وغيرها من البلدان، وكنت أنا أنهى السلفيين وغيرهم عن الخوض فيها وأحاول إطفاء هذه الفتنة قرابة سنتين أُسأَلُ من بلدان كثيرة عن فتنة المغراوي فأسكتهم وأقول للسائلين أتركوا الخوض في هذه الفتنة ثم صرت أمنيهم برجوع المغراوي فكان السلفيون يسكتون حسب علمي وأصحاب المغراوي يؤججون الفتنة ولا سيما في الحرم المكي فإنهم كانوا يبثونها أمام السلفيين الوافدين من البلدان بطريقة إعلامية حزبية عجيبة.
فلما بلغ السيل الزبا تصدى بعض السلفيين لعرض أخطاء المغراوي على عدد من العلماء فقالوا فيها كلمة الحق فشرع المغراوي في الطعن فيهم وفي إسقاطهم على طريقة صديقه عدنان عرعور .)) انتهى
المثال الخامس :
قال الشيخ حفظه الله في مناقشة فالح في قضية التقليد
(( إن الشيخ فالحاً قد نصب نفسه مفتياً في قضايا خطيرة جدا داخل المملكة وخارجها فأضر بأناس كثير حيث بدعهم وطعن فيهم وشوه سمعتهم في داخل المملكة وخارجها، فأضر بالدعوة السلفية وأهلها وشوهها هو وأتباعه.
وكان علماء المنهج السلفي قد أدركوا خطورة هذا الاسترسال في البطش بالسلفيين وإسقاطهم فناصحوه مراراً وتكرارا ولفتوا نظره إلى خطورة هذا الاتجاه وإلى العواقب الوخيمة التي ستترتب على هذا المسلك الخطير.
لكنه أبى إلا التمادي والطعن في الناس بدون حجج ولا براهين، ووجد الجهلاء والمتربصون بالمنهج السلفي طَلِبتهم في فالح فالتفوا حوله يؤزونه أزا بالمدائح شعراً ونثراً تلك المدائح التي لا تقال إلا في الخلفاء حتى بلغ بهم الأمر إلى إطلاق الألفاظ التي لا تقال إلا في الأنبياء ومنها " الشيخ فالح هو أحد رعاة الأغنام وهذا بداية عمره وهذا هي بداية ميراث النبوة .. فصار طالب علم كغيره .. أرادها منزلة لنفسه , عرف قدر نفسه فتواضع لله الحي القيوم "، " الشيخ الجهبذ والعلامة المنقذ "، "شاهداً على عصرٍ بين محنة السراء والضراء فلا يضره شأن المحب أو شأن خبئ"،" وإذا تكلم أنصت له الطير، وكل الشباب حوله يتهيّب"، " هنيئاً له من عالمٍ أجاد الفنون , وأطاب السنون , وأشار إلى أهل المعرفة بسواء البساط فارتضوه هادياً مهديا على سواء الصراط".
هذا مع رمي من يخالف منهج فالح من علماء المنهج السلفي وطلابه بقوله:" والذي نقصه حقه وخاصمه أحزاب بني التميع الذين إذا خاصموا فجروا والذين يرتعون عند كل أحد إلا الفالح الحربي لأنه واضح وهم أخفياء , فيريدون منه استنقاصاً كما نقصهم بحق في أنفسهم وفي الله عزوجل".
وأيدت فئته التي تؤزه هذا الغلو والإطراء على شبكة من شبكات الانترنت التي أنشئت للفتن والشغب على المنهج السلفي وأهله ألا وهي شبكة الأثري.
ولما تصدى بعض السلفيين لنقد هذا الغلو أهانوه أشد الإهانة وأطلقوا ألسنتهم بالسب والشتائم والاتهامات الخطيرة لهذا الناقد ولمن على شاكلته من خيار الشباب السلفي وقلبوا الأمور فجعلوا صاحب الحق ظالماً وجعلوا الباطل حقاً وأهله مظلومين على طريقة أهل الأهواء وغلاة الحزبية .
ولم يكتفوا بهذا بل قاموا بحركة استنفار عجيبة على تلكم الشبكة المشار إليها وبالاتصالات التلفونية كأنهم في حالة حرب ضروس .
واستنكر بعض علماء المدينة أساليب هذه الفئة فأصدروا بياناً وطلبوا من الشبكة المذكورة بيان أسماء هذه الفئة التي تفتك بالسلفية وأهلها من وراء جدر وفي الظلام , وهذا يدل على سوء مقاصدهم وتبيتهم للشر .
وطلب من الشيخ فالح إعلان موقفه منهم فوقع فالح على هذا البيان ولكنه لم ينفذ ما وقع عليه واستمر على ولائه وتستره على هذه الفئة .
ولما تأزمت الأمور وفي أثناء هذا التأزم الذي أدى إلى التفرق جاءتني بعض الأوراق من كتاب فرغ من أشرطته سمي بالمصارعة فقرأت تلك الأوراق فوقفت فيها على ما يهيل من السب والتجهيل والأحكام المهلكة والتأصيل الفاسد فناقشت بعض ما في هذه الأوراق بغاية من اللطف والتلطف وطلبت منه الرجوع إلى الحق لعل الله ينفع به فيستريح الشباب السلفي من أسباب التفرق والتمزق وأرسلت النصيحة الأولى إليه سراً فلم يستجب لهذا الطلب المتلطف الهادف إلى إطفاء الفتنة ولم شمل الشباب السلفي ثم بعد قرابة شهر ونصف أرسلت له ولبعض أصدقائه النصيحة الثانية سراً ولم أنشرها وتسربت من عند بعضهم فاشتاط غضباً لأنه لا يريد أن ينصح لا سراً ولا جهراً مع أنه ومن يؤزه كانوا يعيرون من يصبر وينصح ويعتبرون ذلك تهاوناً وتمييعاً .
ودخل هو وفرقته الكامنة في سراديب الظلام يتأولون ويميعون ويدافعون بالكذب والتمويه والطعن بالتلويح والتصريح لكل من يقول كلمة الحق بل امتد طعن بعضهم إلى الاستهانة بأئمة الجرح والتعديل وبأصولهم .
ولابد الآن من بيان بعض ما ناقشته فيه في النصيحتين مما كنت قد غضضت الطرف عنه سابقاً تلطفاً به .)) انتهى
المثال السادس :فتنة على الحلبي وجماعته ولا يخفى عليكم يا معشر أهل السنة والجماعة تلاعبهم وتماديهم في الباطل وزخرفة القول والتلبيس على الضعفاء والتشغيب في أصول السنة كفانا الله شرهم .
فإذا كان الأمر بهذه الأهمية والناجي من نجاه وعصمه الله عز وجل من الخطأ والزلل والتمادي في الباطل ، وأن قلوب عباد الله بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
فأولا : نسأل الله تعالى الثبات على دينه إلى أن نلقاه غير مبدلين ولا مغيرين
ثانيا : علينا أن نتواصى فيما بيننا معشر أهل السنة والجماعة على الحق ونصبر ونصابر ونرابط على هذا ونذكر وننبه بعضنا البعض فيما وقعنا فيه من الأخطاء بالتي أحسن للتي هي أقوم، ولا داعي أن نتكبر ونتعاظم ونفتخر على بعضنا البعض ونزدري وننتقص ونطعن فيمن ينصحنا وينبهنا على أخطائنا ، لا هذا عيب عيب ؟!وما هو من منهج أهل الحديث كما بينا ووضحنا ونقلنا عن أئمة السنة والجماعة؟!
وبالمناسبة ألقي على مسامع بعض الناس الذين نشروا نصيحة ـ وهي في الحقيقة فضيحة ـ علنا لولاة الأمور (أي : رؤساء الدوائر) على منابر الانترنت مشهرين في فعلهم هذا مساوئ حكام المسلمين في الملأ ، فلما نصحوا ونبهوا على شناعة فعلهم وفظاعة أسلوبهم، شنوا حربا على الناصح مع ما ألقوه من الشبه في الملأ لتبرير فضيحتهم، فلما يئسوا من أن يقرعوا الحجة بالحجة غيروا ألفاظ الفضيحة نوعا ما ـ وإن كان باقي في هذه الفضيحة شيء من الفساد العقدي في مسألة السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف وأن النصيحة تكون لهم سرا ـ وتكابروا عن الرجوع وتمادوا فيما هم فيه من سوء الأخلاق وجلف الطباع.
ومع هذا نقول لهذا عيب عيب أن يصدر هذا الفعل من عاقل فضلا أن يكون من طلبة العلم، ففي الحقيقة هذه فضيحة أشد من الفضيحة الأولى، هذا لايصدر من طالب العلم السني، وإنا لنأسف أسفا شديدا ونتألم ممن كنا نحسن به خيرا أن يقع منه هذا .
ولهذا فليراجع نفسه ويتوب إلى ربه وينوب إليه وليتذكر وقوفه بين يدي ربه يوم القيامة وهو سائله عن هذا الفعل ولا حول ولا قوة إلا بالله .
قد يقول قائل: ما هو السبب الدافع لهؤلاء على هذا الفعل ؟! وما الذي حملهم لفعل هذه الفضيحة ؟!
فالجواب يكون في التعليقات التابعة لهذا الموضوع إن شاء الله فترقبوا ذلك والحمد لله رب العالمين .


(1) : سبحان الله على نظرة الوالد العلامة ربيع حفظه الله للقوم فأمرهم كان يحير لما هم فيه من عدم الصراحة لكن من فضل الله الكريم لم تدوم خيانتهم لأهل السنة فقد إفتضح أمرهم جليا عيانا لكل سني كفانا الله شر القوم

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
17-Apr-2011, 04:49 PM
بيان شبهة من شبه المعاندين التي تنخر في الدعوة السلفية ألا وهي ( إن ردود أهل السنة في بيان الأخطاء من أخطأ ما هي إلا إنتقام للنفس )


إن ردود أهل السنة فيما بينهم، أو على أهل الباطل، الغرض منها: الحفاظ على دين الله من التغيير والتحريف وإدخال ما ليس فيه من البدع والضلال والأخطاء.
هذا هو المحمل الذي نحمله ونأمله فيمن يقوم بهذا العمل القيم الغالي، ونحسبهم كذلك متأسين بقول النبي صلى الله عليه وسلم (( ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها )) .
أما أن نحمل عمل عباد الله، وبخاصة ما كان لنصرة دين الله وسنة نيبه صلى الله عليه وسلم من الردود وتقرير العلم السني السلفي على أنه انتقام للنفس، فما يبقى مع هذه الشبهة دين وتنسك وما يحفظ دين الله، تبا لها من شبهة ملعونة، لأن لو أخذنا بهذه الشبهة ومررناها وأعملناها لااحتجت جميع الطوائف البدعية والنحل الكلامية على ردود أهل السنة عليهم بأن ( ردود علماء السنة عليهم ما هي إلا أغراض شخصية، وإنتقام للنفس وووو.... ))
مع أنه قد أوضح أئمة السنة أن الكلام في مسائل العلم وتقريرها وبيان خطأ من أخطأ فيها سواء كان من أهل السنة، أو كان خارجا عنها، الباعث لهذا الغرض: هو الحفاظ على الدين ونصرته وحراسة قانونه.
قال ابن الأثير رحمه الله في (جامع الأصول ص 130):
((قد عاب بعضُ من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال، لأنهم لم يقفوا على الغرض من ذلك، ولا أدركوا المقصد فيه، وإنما حمل أصحاب الحديث على الكلام في الرجال، وتعديل من عدَّلوا، وجرح من جرحوا، الاحتياط في أمور الدين، وحراسة قانونه، وتمييز مواقع الغلط والخطأ في هذا الأصل الأعظم الذي عليه مبنى الإسلام وأساس الشريعة.
ولا يُظَنّ بهم أنهم أرادوا الطعن في الناس والغيبة والوقيعة فيهم، ولكنهم بيَّنوا ضعف من ضعفوه، لكي يُعرف فتُجتنب الرواية عنه والأخذ بحديثه، تورعًا وحِسبة وتثبتًا في أمر الدين، فإن الشهادة في الدين أحق وأولى أن يُتَثَبَّتَ فيها من الشهادة في الحقوق والأموال، فلهذا افترضوا على أنفسهم الكلام في ذلك وتبيين أحوال الناس، وهو من الأمور المتعينة العائدة بالنفع العظيم في أصول الدين.)) انتهى
فما هذا النفس الغريب التي نراه اليوم بيننا معشر أهل السنة، ألا وهي أن الردود التي بيننا في بيان أخطائنا وتصحيح مسارنا أنها من قبيل الانتقام للنفس وأنها غرض شخصي.
ألا يكون هذا تحكم في النيات والتدخل فيها بغير علم، ولا يعلم هذا إلا علام الغيوب وما في الصدور، مع أن هذه الردود مصحوبة بالأدلة والبراهين وبيان مواقع الأخطاء بنصها وصفحتها وموقعها التي هي فيه، فما الذي يحملها على أن تكون انتقاما للنفس إذا كانت في صالح خدمة سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟
فليتقى الله إخواننا في هذه الدعوة السلفية المباركة وليأخذوا بالحزم والجد فيما ينفع دعوتنا المباركة، ودعونا من هذه الشبه التي تخدم الحزبية، وعليهم بتصحيح مسار دعوتهم إن أردوا الفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة، ولا داعي للتلبيس والتمويه على الضعفاء، ويكفينا أن نتواضع لبعضنا البعض ويحترم بعضنا البعض ولا يترفع أحدنا على أحد أو يتعالم أحدنا على أحد وأن نعترف بأخطائنا وأن نكون إخوانا في الله جميعا نتعاون لنشر هذه الدعوة المباركة على ما عرفناه من أئمتنا أهل الحديث في عصرنا هذا من أمثال ابن باز والألباني وابن عثيمين ومقبل وأمان الجامي والنجمي والعباد والفوزان وربيع واللحيدان وعبيد والوصابي و زيد المدخلي ومحمد بن هادي وغيرهم حفظ الله الأحياء ورحم الأموات.
بالله عليكم ألا ترون إلى شبه المأربية والحلبية كيف تعشعش في قلوب إخواننا من أهل السنة بقوة، وما وجد من يصدها ويوقف زحفها إلا النزر القليل ؟!
ألا ترون إلى الضعف كيف ينخر صفوفنا شيئا فشيئا؟، ألا ترون كيف غزتنا الحزبية في قعر دارنا باسم السلفية؟!
أين هي دعوة علمائنا من أمثال الشيخ مقبل رحمه الله في اليمن والشيخ الألباني في الشام وغيرها التي كانت دعوتهما معروفة بالقوة والتميز وقد جعل الله لها القبول والبركة حتى خارج مصرهما ؟!
علينا يا معشر أهل السنة والجماعة أن نبحث ما هو السبب الذي أدى بكثير من إخواننا السلفيين لأن يغتروا بالعيد شريفي وأبي سعيد الجزائري والحلبي وفالح وبن حنفية العابدين وحتى محتار الطيباوي، يا سبحان الله هذا ما بقي لنا، ما يظهر رجل عندنا إلا وتجد من يطبل له وينفخ فيه ويولد له الاستقلالية من كان في صفنا، والله المستعان
فهذا الذي أود وأحببت أن أنبه عليه، لأن هذا الذي نراه ونلمسه في واقعنا، ولا مفر لنا منه إلا بالوقوف على دائه، ومن ثم معالجته، ونأمل أن ينتشر منهج أهل الحديث صدقا، وأن تتميز الدعوة ويتميز دعاتها بما تميز به علماؤهم السابقون واللاحقون، والحمد لله رب العالمين