المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزهد الزهد يا فقهاء الواقع !! والزهد الزهد يا دعاة الضحك والتهريج!!-للشيخ سلطان العيد-حفظه الله-



أبو الغريب زين اليافعي
20-Apr-2011, 03:09 PM
يقول الشيخ سلطان بن عبد الرحمن العيد حفظه الله في خطبة بعنوان الزهد:

"الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فمن الزهد المحمود زهد الدعاة إلى الله في الرياسة والجاه والمنزلة عند الخلق وزهدهم في مدح الناس وكثرة الجموع , لأن الدعاة إلى الله إذا لم يزهدوا في ذلك بل طمعوا فيه أتوا بالعجائب فأضروا بأنفسهم وأتباعهم فمنهم من يخطب في عوام المسلمين ويحاضر بين جهال شبابهم , يخطب ويحاضر في السياسات والحكومات وما اُذيع في نشرات الأخبار وقصاصات الجرائد ثم يحلل ويتوقع بعبارات حماسية وانفعالات غير محمودة العاقبة وإذا ما صار الخطيب أو طالب العلم سياسياً سموه فقيه الواقع وكثرت الجموع عنده لكنها نفس الجموع التي تتسمر عند قناة الجزيرة وغيرها طلباً للسياسة والقيل والقال فلا يُفرح بها , يا معاشر المؤمنين : هل كان بن مسعود , والإمام أحمد , ومحمد بن عبد الوهاب , وابن باز , وابن عثيمين , والألباني يفعلون ذلك؟!
ويُشغلون العوام بالسياسة؟! لا والله ما كانوا , بل كانوا يعلمون عوام المسلمين وشبابهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ويحذرونهم من الفتن وما يضرهم ولو قلت الجموع عندهم , فإن النبي يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان , ويأتي النبي وليس معه أحد , فأين إصلاح القلوب يا فقهاء السياسة؟! وأين تذكر الموت؟ أين تذكير الناس بالقبر وفتنته ؟ بل أين إصلاح العقائد فنحن في زمن اشتدت فيه الهجمة على دعوتنا السلفيـة دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب , ثم أين الزهد في كثرة الجموع؟ أمن أجل الحفاظ عليها نترك العلم إلى السياسة! إلى السياسة التي هي من خصوصيات العلماء والأمراء , فالزهد الزهد يا فقهاء الواقع ! ازهدوا في الناس وجمعهم فعلموهم السنة وحذروهم من البدع والجماعات الحزبية الوافدة واجعلوا مجالسكم مجالس علم في تفسير القرآن والتوحيد والفقه وغيرها من علوم الشريعة , واشتغلوا بتصحيح العقائد والعبادات ولو قلت تلك الجموع فإن ما كان لله يبقى , فلا تغرنكم الحياة الدنيا " وما أسألكم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين".
ويقابل هؤلاء صنف آخر جعلوا دعوتهم لعبًا ولهوا فصارت المحاضرات ضحكا وفكاهات , تمر بالمسجد فتعجب حينما تسمع الصراخ والضحك وتقليد أصوات النساء وذكر آخر ما نزل إلى السوق من أغنيات , ولماذا؟ قالوا لنجمع الشباب !
أمن أجل كثرة الجموع نعبث بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم!!؟ , أمن أجل كثرة المشاهدين سنتعدى على بيوت الله وننتهك حرمتها!!؟
لقد كان الدعاة إلى الله عز وجل يعظون الناس ويذكرونهم بالموت واليوم الآخر والجنة والنار وعذاب القبر ونعيمه , فتمر بالمسجد فتسمع البكاء والسنة والقرآن , فالله المستعان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فالزهد الزهد يا دعاة الضحك والتهريج!! ازهدوا في الناس وكثرة جموعهم واحرصوا على سلامة المنهج , وصحة الدعوة والسير على طريقة السلف الصالح , وما كان عليه علماؤنا الربانيون ولو قلت الجموع , فنحن في زمن شدةٍ وكرب , قد تداعت الأمم على أهل الإسلام من كل جانب , فهل هذا وقت الضحك والفكاهة؟؟
وفي بيوت الله عز وجل ! وأيٌ جيل سينشئ من جراء ذلك ؟
أهو جيلٌ إذا سمعوا القرآن تقشعرُ جلودهم ثم تلين قلوبهم إلى ذكر الله ؟ أم أنه جيلٌ لا تحركه إلا الفكاهات والأناشيد!؟ فاللهم أرحم أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم .
ومن الزهد المحمود زهد طالب العلم بالرياسة والجاه والمنزلة , فإن الله رفع قدر علماءنا وطرح لهم القبول بين الناس وأعلى منزلتهم , وصارت هيئة كبار العلماء أوثق مرجعية علمية عندنا , وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء , فلا يليق بطالب العلم أن ينازعهم بإصدار فتاوى جماعية والجرأة على مسائل التكفير وسفك الدماء , وليزهد في كثرة الأتباع والمنزلة عند الناس , قال الله جل وعلا : )) قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى)).
ومن الزهد المحمود زهد القصاص في كثرة الناس عندهم , فإن دعاة القصص والحكايات صرفوا الناس عن علم الكتاب والسنة والفقه والتوحيد إلى قصص الله أعلم بصحتها وسلامة ما فيها , ألا ترون أن الناس تركوا دروس العلم والفقه إلى حلقات أولئك القصاصين ؟ وهذا والله ضررٌ على أهل الإسلام ولذلك كان السلف ينهون أولئك القصاص عن قصصهم في أن لا يزهدوا الناس في العلم النافع المثمر للعمل الصالح , فازهدوا معاشر القصاص في كثرة الناس وادعوهم بالكتاب والسنة وبيان التوحيد الذي هو حقُ الله على العبيد ولو قلت الجموع "وما أسألكم عليه من أجر إن هو إلا ذكرٌ للعالمين".
من فوائد الزهد : أن فيه تمام التوكل على الله جل وعلا , ومنه أنه يغرس في القلب القناعة , ومنه صرف المسلم عن التعلق بالدنيا الفانية إلى العمل من أجل النعيم المقيم في جنات عدن , ومنه حصول محبة الله , ومحبة الخلق لأنه لا يزاحمهم في دنياهم , ومن ذلك الراحة في الدنيا والسعادة في الآخرة , ومن فوائده التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح , ومنها أنه يغرس في النفس الاطمئنان والثقة بالله والرضا بما قسم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى لآله وصحبه أجمعين.

تم تفريغ هذه المادة من خطبة الزهد للشيخ سلطان العيد-حفظه الله
من الدقيقة (14إلى 20)


قام بتفريغها

الفقير إلى ربه والراجي عفوه
أبو الغريب السلفي اليماني