المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصل دين الإسلام وقاعدته شرح الإمام عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب



أبو الوليد خالد الصبحي
07-Jun-2011, 01:20 AM
بسم الله [/URL]الرحمن (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

قال الشيخ الإمام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)العلامة عبد الرحمن (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)بن حسن بن الشيخ المجدد الإمام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)شيخ الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)محمد (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)بن عبد الوهاب (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)رحمهم الله تعالى أجمعين :

بسم الله [URL="http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/"]الرحمن (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)الرحيم
و به نستعين

قوله رحمه الله تعالى : « أصل دين الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)وقاعدته (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)أمران :

الأول : الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ، والتحريض على ذلك ، والموالاة فيه ، وتكفير من تركه » .

قلت : وأدلة هذا في القرآن أكثر من أن تحصر، كقوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله } الآية [آل عمران : 64] أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه و سلم : أن يدعو أهل الكتاب إلى معنى لا إله إلا الله الذي دعا إليه العرب وغيرهم , و الكلمة هي : لا إله إلا الله ؛ ففسرها بقوله : { ألا نعبد إلا الله }

فقوله : { ألا نعبد } فيه معنى ( لا إله ) ؛ وهي نفي العبادة عما سوى الله تعالى .

قوله : ( إلا الله ) هو المستثنى في كلمة الإخلاص , فأمره تعالى : أن يدعوهم إلى قصر العبادة عليه وحده، ونفيها عمن سواه ؛ ومثل هذه الآية كثير، يبين أن الإلهية هي العبادة ، وأنها لا يصلح منها شيء لغير الله ، كما قال تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } [الإسراء: 23]

معنى { قضى } : أمر ووصى ؛ قولان ؛ ومعناهما واحد .

وقوله : { ألا تعبدوا } فيه معنى لا إله .

وقوله : { إلا إياه } فيه معنى : إلا الله , وهذا : هو توحيد العبادة ، وهو دعوة الرسل ، إذ قالوا لقومهم: { أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره } [المؤمنون: 32] . فلا بد من نفى الشرك في العبادة رأسا ، والبراءة منه وممن فعله، كما قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام : { وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون . إلا الذي فطرني } [الزخرف: 26-27] فلا بد من البراءة من عبادة ما كان يعبد من دون الله .

وقال عنه عليه السلام : { وأعتزلكم وماتدعون من دون الله } [مريم: 48] فيجب اعتزال الشرك وأهله بالبراءة منهما ، كما صرح به في قوله تعالى : { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده } [الممتحنة: 4] . والذين معه هم الرسل ، كما ذكره ابن جرير.

وهذه الآية تتضمن جميع ما ذكره شيخنا رحمه الله ، من التحريض على التوحيد ، ونفي الشرك ، والموالاة لأهل التوحيد ، وتكفير من تركه بفعل الشرك المنافى له ، فإن من فعل الشرك ، فقد ترك التوحيد ؛ فإنهما ضدان لا يجتمعان ، فمتى وجد الشرك ، انتفى التوحيد.

وقد قال تعالى في حق من أشرك : { وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار } [الزمر: 8] . فكفره تعالى باتخاذ الأنداد ، وهم الشركاء في العبادة ، وأمثال هذه الآيات كثير ، فلا يكون موحدا إلا بنفي الشرك ، والبراءة منه ، وتكفير من فعله .

ثم قال رحمه الله تعالى :« الثاني : الإنذار عن الشرك في عبادة الله ، والتغليظ في ذلك ، والمعاداة فيه ، وتكفير من فعله » فلا يتم مقام التوحيد إلا بهذا ؛ وهو دين الرسل , أنذروا قومهم عن الشرك ، كما قال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } [النحل: 36 ]
وقال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } [الأنبياء: 25] وقال تعالى : { واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله } [الأحقاف: 2 ] .

قوله : « في عبادة الله » ؛ العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه ، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة .

قوله : « والتغليظ في ذلك » ؛ وهذا موجود في الكتاب والسنة ، كقوله تعالى : { ففروا الى الله إني لكم منه نذير مبين . ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إنى لكم منه نذير مبين } [الذاريات: 50-51] ولولا التغليظ ، لما جرى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قريش ماجرى من الأذى العظيم ، كما هو مذكور في السير مفصلا ، فإنه بادأهم بسب دينهم وعيب آلهتهم.

قوله رحمه الله تعالى : « والمعاداة فيه » ؛ كما قال تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد } [التوبة: 5] . والآيات في هذا كثيرة جدا ، كقوله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } [الأنفال: 39] والفتنة: الشرك .

ووسم تعالى أهل الشرك ، بالكفر فيما لا يحصى من الآيات , فلا بد من تكفيرهم أيضا , هذا هو مقتضى : لا إله إلا الله كلمة الإخلاص ، فلا يتم معناها إلا بتكفير من جعل لله شريكا في عبادته ، كما في الحديث الصحيح : "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله" , فقوله : " وكفر بما يعبد من دون الله " تأكيد للنفي ، فلا يكون معصوم الدم والمال إلا بذلك ، فلو شك أو تردد ، لم يعصم دمه وماله .

فهذه الأمور : هي تمام التوحيد ؛ لأن لا إله إلا الله ، قيدت في الأحاديث بقيود ثقال ؛ بالعلم ، والإخلاص ، والصدق ، واليقين ، وعدم الشك ، فلا يكون المرء موحدا إلا باجتماع هذا كله ، واعتقاده ، وقبوله ، ومحبته ، والمعاداة فيه ، والموالاة ، فبمجموع ماذكره شيخنا رحمه الله يحصل ذلك.
ثم قال رحمه الله تعالى : « والمخالف في ذلك أنواع ؛ فأشدهم مخالفة من خالف في الجميع » فقبل الشرك واعتقده دينا ، وأنكر التوحيد ، واعتقده باطلا ، كما هو حال الأكثر , وسببه : الجهل بما دل عليه الكتاب والسنة من معرفة التوحيد ، وما ينافيه من الشرك والتنديد ، واتباع الأهواء ، وماعليه الآباء ، كحال من قبلهم من أمثالهم من أعداء الرسل ، فرموا أهل التوحيد بالكذب والزور، والبهتان والفجور . وحجتهم { بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون } [الشعراء: 74] .

وهذا النوع من الناس والذي بعده ، قد ناقضوا ما دلت عليه كلمة الإخلاص ، وما وضعت له ، وما تضمنته من الدين الذي لا يقبل الله دينا سواه ، وهو دين الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)الذي بعث الله به جميع أنبيائه ورسله ، واتفقت دعوتهم عليه كما لا يخفى فيما قص الله عنهم في كتابه.

ثم قال رحمه الله تعالى : « ومن الناس من عبد الله وحده ، ولم ينكر الشرك ، ولم يعاد أهله » . قلت : ومن المعلوم أن من لم ينكر الشرك لم يعرف التوحيد ، ولم يأت به , وقد عرفت أن التوحيد لا يحصل إلا بنفي الشرك ، والكفر بالطاغوت المذكور في الآية .

ثم قال رحمه الله تعالى : « ومنهم من عاداهم ولم يكفرهم » فهذا النوع أيضا لم يأت بما دلت عليه لا إله إلا الله من نفي الشرك ، وما تقتضيه من تكفير من فعله بعد البيان إجماعا ، وهو مضمون سورة الإخلاص ، و{ قل يا أيها الكافرون } وقوله في آية الممتحنة { كفرنا بكم } [ الآية : 4] ومن لم يكفر من كفره القرآن ، فقد خالف ماجاءت به الرسل من التوحيد وما يوجبه .

ثم قال رحمه الله تعالى : « ومنهم من لم يحب التوحيد ، ولم يبغضه » .

فالجواب : أن من لم يحب التوحيد ، لم يكن موحدا ، لأنه هو الدين الذي رضيه الله تعالى لعباده كما قال : { ورضيت لكم الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)دينا } [المائدة: 3 ] فلو رضي بما رضي به الله وعمل به لأحبه ، ولابد من المحبة لعدم حصول الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)بدونها ، فلا إسلام إلا بمحبة التوحيد .

قال شيخ الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)ابن تيمية رحمه الله تعالى : الإخلاص محبة الله وإرادة وجهه , فمن أحب الله تعالى أحب دينه ومن لا فلا ، والمحبة يترتب عليها كلمة الإخلاص , وهي من شروط التوحيد . انتهى .

ثم قال رحمه الله تعالى : « ومنهم من لم يبغض الشرك، ولم يحبه » .

قلت : ومن كان كذلك فلم ينف ما نفته لا إله إلا الله من الشرك والكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه ، فهذا ليس من الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)في شيء أصلا ، ولم يُعصم دمه ولا ماله كما دل عليه الحديث المتقدم .

وقوله رحمه الله تعالى : « ومنهم من لم يعرف الشرك ولم ينكره ولم ينفه » ولا يكون موحدا إلا من نفى الشرك وتبرأ منه وممن فعله وكفرهم , وبالجهل بالشرك لا يحصل شيء مما دلت عليه لاإله إلا الله , ومن لم يقم بمعنى هذه الكلمة ومضمونها ، فليس من الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)في شيء ؛ لأنه لم يأت بهذه الكلمة ومضمونها عن علم ويقين وصدق وإخلاص ومحبة وقبول وانقياد , وهذا النوع ليس معه من ذلك شيء ، وإن قال : لا إله إلا الله ، فهو لا يعرف مادلت عليه و ما تضمنته .

ثم قال رحمه الله تعالى : « ومنهم من لم يعرف التوحيد، ولم ينكره » .

فأقول : هذا كالذي قبله ، لم يرفعوا رأسا بما خلقوا له من الدين الذي بعث الله به رسله ، وهذه الحال حال من قال الله فيهم : { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } [الفرقان: 44] .
وقوله رحمه الله تعالى : « ومنهم – وهو أشد الأنواع خطرا – من عمل بالتوحيد ولم يعرف قدره ، ولم يبغض من تركه ولم يكفرهم » .

فقوله رحمه الله تعالى : « وهو أشد الأنواع خطرا » ؛ لأنه لم يعرف قدر ماعمل به ، ولم يأت بما يصحح توحيده من القيود الثقال التي لابد منها ، لما علمت أن التوحيد يقتضى نفي الشرك ، والبراءة منه ومعاداة أهله وتكفيرهم ، مع قيام الحجة عليهم ، فهذا قد يغتر بحاله ، وهو لم يأت بما عليه من الأمور التي دلت عليها كلمة الإخلاص نفيا وإثباتا.

وكذلك قوله رحمه الله تعالى : « ومنهم من ترك الشرك، وكرهه، ولم يعرف قدره » ؛ فهذا أقرب من الذي قبله لكن لم يعرف قدر الشرك ؛ لأنه لو عرف قدره لفعل مادلت عليه الآيات المحكمات ، كقول الخليل : { إنني براء مما تعبدون . إلا الذي فطرني } [الزخرف: 26 – 27] وقوله : { إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا } [الممتحنة: 4] فلا بد لمن عرف الشرك وتركه من أن يكون كذلك من الولاء والبراء من العابد والمعبود ، وبغض الشرك وأهله وعداوتهم .

وهذان النوعان هما الغالب على أحوال كثير ممن يدعى الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)، فيقع منهم من الجهل بحقيقته ما يمنع الإتيان بكلمة الإخلاص , وما اقتضته على الكمال الواجب الذي يكون به موحداً , فما أكثر المغرورين الجاهلين بحقيقة الدين.

فإذا عرفت ( ذلك عرفت ) أن الله كفر أهل الشرك ووصفهم به في الآيات المحكمات , كقوله : { ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر } [التوبة: 17] , وكذلك السنة.

قال شيخ الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)رحمه الله تعالى : فأهل التوحيد والسنة , يصدقون الرسل فيما أخبروا ,ويطيعونهم فيما أمروا , ويحفظون ما قالوا ويفهمونه ويعملون به , وينفون عنه تحريف الغالين , وانتحال المبطلين , وتأويل الجاهلين , ويجاهدون من خالفهم تقرباً إلى الله وطلباً للجزاء من الله لا منهم . وأهل الجهل والغلو لا يميزون بين ما أمروا به ونهوا عنه , ولا بين ما صح عنهم وما كذب عليهم , ولا يفهمون حقيقة مرادهم , ولا يتحرون طاعتهم , بل هم جهال بما أتوا به معظمون لأغراضهم . انتهى .

قلت : ما ذكره شيخ الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/), يشبه حال هذين النوعين الأخيرين .

بقي مسألة حدثت , تكلم فيها شيخ الإسلام (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)ابن تيمية ؛ وهي عدم تكفير المعين ابتداء لسبب ذكره رحمه الله تعالى أوجب له التوقف في تكفيره قبل إقامة الحجة عليه .

قال رحمه الله تعالى : ونحن نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأحد أن يدعو أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها , كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا إلي ميت ونحو ذلك , بل نعلم أنه نهى عن هذه الأمور كلها , وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , ولكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين , لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين ما جاء به الرسول مما يخالفه . انتهى .

قلت : فذكر رحمه الله تعالى ما أوجب له عدم إطلاق الكفر عليهم على التعيين خاصة , إلا بعد البيان والإصرار فإنه قد صار أمة واحدة , لأن من العلماء من كفره بنهيه لهم عن الشرك في العبادة , فلا يمكن أن يعاملهم إلا بمثل ما قال , كما جرى لشيخنا محمد (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)بن عبد الوهاب (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/)رحمه الله تعالى في ابتداء دعوته , فإنه إذا سمعهم يدعون زيداً بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : الله خير من زيد . تمرينا لهم على نفي الشرك بلين الكلام , نظراً إلي المصلحة وعدم النفرة . والله سبحانه أعلم .وصلى الله على سيدنا محمد (http://www.noor-alyaqeen.com/vb/t20313/), وعلى آله وصحبة وسلم .


المصدر : نقلا من كتاب "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" ( الجزء الثاني , من الصفحة 202 إلى 211 ) .و قد اعتمدت بعد الله عز و جل في تصحيح بعض الأخطاء المطبعية القليلة جدا على كتاب "مجموعة التوحيد النجدية" ( طبعة الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية , 1419هـ . من الصفحة 189 ألى 196) .