المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : « الأجوبة المدنية عن الأسئلة الاسكندنافية ».



أبو الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2010, 09:25 PM
« الأجوبة المدنية عن الأسئلة الاسكندنافية ».



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فقد وردتني أسئلة من أخي الفاضل علي الطرابلسي الساكن في بعض الدول الاسكندنافية، سأعرضها مع الإجابة عنها، وسميتها : «الأجوبة المدنية عن الأسئلة الاسكندنافية».
أسأل الله التوفيق والسداد، والهدى والرشاد.



قال الأخ علي الطرابلسي : «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واجهتني بعض الأمور التي أشكلت علي و أريد حكم الشرع فيها لأنني شاب متدين أحاول بقدر الإمكان أن لا أغلط في حقوق الله . و من الأمور التي أشكلت علي هنا هي مسألة الولاء والبراء والتعامل بالربا (أو الفائدة كما تسمى هنا) . هناك عدة أسئلة أريد من فضيلتكم التكرم بالإجابة عليها و إثبات ذلك من القرآن والسنة».
ثم ذكر الأسئلة وفي آخرها قال: « أرجو من فضيلتكم بيان الشرع و حكم الله ورسوله و جزاكم الله خير الجزاء
المرجو منكـــــم الإجابة على هذه الأسئلة لأننا بحاجة ماسَّة للإجابة
حيث هنا عندنا من يتصدر للإفتاء . بعض المنتسبين للعلم . من الإخوان المسلمين . والصوفية . وجماعة التبليغ. وكذلك الأحمدية وغيرهم من الفرق الـضالة . وهم على خلاف هدي النبي محمد صلي الله عليه وسلم»



فأقول قبل الشروع في الجواب عما ذكره من الأسئلة :



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..



وإن من نعم الله عليكم أن تسألوا عما أشكل عليكم من أمور دينكم حتى تعبدوا الله على بصيرة، وهذا هو الواجب على كل مسلم أشكل عليه شيء من أمر دينه.



والمجيب إنما يتكلم بما يعلمه من الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، ويسأل الله أن يكون موافقاً لحكم الشرع، فهذا الجواب هو ما أعلمه من حكم الشرع والله أعلم بالصواب.



وقد أحسنتم في الابتعاد عن الفرق الضالة المنحرفة، لا سيما الفرق الكافرة التي تنتسب زوراً وبهتاناً إلى الإسلام كفرقة الأحمدية، والتي هي فرقة القاديانية التي تنتسب إلى ميرزا غلام أحمد القادياني الهندي الذي نشأ تحت رعاية الاستعمار البريطاني، وحرم مجاهدة المستعمرين، وزعم أن ملكة بريطانيا ولي أمر المسلمين، وتجب طاعتها!! والله يقول: { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} وهذا القادياني المشرك يريد أن يجعل للكفار أعظم السبيل!



وادعى أنه المهدي ثم ادعى أنه نبي من عند الله، وهو كافر مرتد، ومن أجهل خلق الله بالشرع.



وعندهم من الانحلال والفساد والضلال ما الله به عليم، وقد حذر العلماء منهم ومن نحلتهم ومن ديانتهم الباطلة.



ولابد أن تعلموا أن الأحمدية مشركون كفار، لا تحل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، ولا تجاب دعوتهم، ولا يتخذون أصدقاء وأصحاب، بل تجب مفارقتهم والابتعاد عنهم، لاسيما من عرف أنه يدعو إلى نحتلهم الكفرية وطريقتهم الإبليسية.



وقريب منهم في الانحراف الصوفية لا سيما من يعتقد بتصرف الأولياء، ويستغيث بهم ويدعوهم من دون الله، أو يقول بالحلول ووحدة الوجود، فهؤلاء أصحاب نحلة كفرية أيضاً..



أما من لم يكن عنده شركيات من المتصوفة فهم أهل بدعة وغلو ، والإسلام يدعو إلى الزهد في الدنيا، والاشتغال بالعلم الشرعي، والعمل بطاعة الله والبعد عن معصيته.



فلا حاجة للمسلمين بالمذاهب البدعية كالصوفية وجماعة التبليغ وجماعة الإخوان لأنها كلها على ضلال وانحراف عن منهج السلف الصالح رحمهم الله .



فعليكم بالثبات على دين الإسلام الحق، والتمسك بمنهج السلف الصالح، والبعد عن الأهواء والبدع، والحذر من أهل البطالة والجهالة.



وفقكم الله ورعاكم وسدد خُطَاكم على الحق والهدى .



وهذا أوان الشروع في إجابة أسئلتكم:



السؤال الأول



1 . النرويج بلاد كفر و قانونها كفري السؤال هو : هل يجوز لي العيش بين ظهراني هؤلاء المشركين التي تخرج نساؤهم أنصاف عارية حيث من المستحيل غض البصر لأنهن في كل مكان تذهب إليه ؟»



الجواب




لا شك أن الأصل أن العيش في بلاد الكفار التحريم لعدة أمور :



الأمر الأول: أن الواجب على المسلم أن يكون تحت ولاية مسلم له في عنقه بيعة وطاعة بالمعروف لقوله صلى الله عليه وسلم: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، والذي يعيش في بلاد الكفار ولا يكون ذاهباً إليها من طرف ولي الأمر المسلم يفتقد إلى بيعة لحاكم مسلم يكون تحت حكمه، وتحت حكم الشرع الذي يحكم به ولي الأمر المسلم.



وإن عدم التزام كثير من المسلمين بهذه البيعة من أعظم أسباب التفرق والاختلاف، ومن الأمور التي استغلها أعداء الإسلام لنشر الفتنة بين المسلمين، حيث استضافوا كثيراً من المسلمين في بلاد الكفر، ويسروا لهم أمر معاشهم، وفتحوا لهم الأبواب لإثارة الفتن عبر الإذاعات والقنوات الفضائية ووسائل الإعلام، ومكنوا لهم هذا الأمر باسم الحرية والديمقراطية ...



وأصبح كثير من أولئك يحرضون على ولاة الأمر في بلادهم، ويحملون حقداً في قلوبهم عليهم، وَيُبَغِّضُونَ الحكام إلى رعاياهم، ويلمعون صورة الغرب الكافر بسبب إحسان الكفار إليهم في أمر معاشهم!



الأمر الثاني: أن الله جل وعلا يقول: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (9) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}.



فمن بقي تحت حكم الكفار ولم يهاجر ولم يطبق ما يجب عليه من أمور دينه بسبب سكناه في بلاد الكفار فهو من الظالمين لأنفسهم المتوعدين بجهنم وساءت مصيراً، إلا من كان له عذر شرعي كعلاج ودعوة ومكلف من ولي أمره المسلم ونحو ذلك..



ونحن نرى أن كثيراً من شعائر الدين تعطل في بلاد الكفر منها:



أ- الولاء والبراء حيث إنهم تضعف براءتهم من الكفار، وربما أحبوهم، وأحبوا أعمالهم ..
وهو أمر عظيم، والولاء والبراء أصل من أصول الدين، فمن شروط «لا إله إلا الله»: محبة هذه الكلمة، ومحبة أهلها، ومن شروطها: «الكفر بالطاغوت» : وهو البراءة من الشرك وأهله.
وأدلة هذا الأصل كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأجله حرم كثير من العلماء السكنى في بلاد الكفار، بل حتى السفر إليهم لغير ضرورة أو حاجة شرعية.
ب- فقدان القوامة على النساء، وذلك أن المرأة تكون أعظم حقاً عند الكفار، ولا يستطيع الرجل تأديبها إذا استحقت ذلك.
ت - فقدان القدرة على رعاية الأبناء والبنات وذلك لو أن ولده بلغ الثامنة عشرة وكذا البنت وجاء كل واحد منهم بعشيقه أو من يهوى لا يمكن للأب أن يعزر ابنه أو يسيطر على الوضع بل سيجد حكومة الكفار تقف مع الأولاد..
ث- إذا امتنع الأب من إدخال أبنائه المدارس الحكومة قد يؤدي ذلك إلى استيلاء الحكومة الكافرة على الأولاد.
ج - إذا ظلم الإنسان أو حصل خلاف بين المسلمين لا يجدون من يكون حكمه بالشرع ويكون ملزماً، بل لا يجدون إلا المحاكم الكافرة التي تحكم بغير الشرع.
ح - أن كثيرا من المسلمين يغير اسمه العربي إلى أسماء أعجمية ليتوافق مع الكفار في ذلك البلد، وقد يتشبه بالكفار في لباسهم وعاداتهم وأخلاقهم وأعيادهم حتى يكسب مودتهم ويظهر عدم شذوذه عن المجتمع وهذا من المنكر العظيم.
خ - كثرة الفواحش ومظاهر المنكر والفجور، ووجود السحرة والمشعوذين، والكهنة والعرافين، وتسهيل أمر الزنا واللواط، وأشباه ذلك من الكبائر والموبقات.



وإن كان بعض تلك الأمور أو كثير منها موجود في بعض الدول الإسلامية إلا أن الأمر في بلاد الكفر أعظم وأَطَمُّ.



الأمر الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، لا تتراءى نارهما».



الأمر الرابع: قال جرير رضي الله عنه : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم و هو يبايَع فقلت: يا رسول الله، ابسط يدك حتى أبايعك ، واشترِط عَلَيَّ فأنت أعلم ، قال: «أبايعك على أن تعبد الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تناصح المسلمين، و تفارق المشرك» حديث صحيح.



الأمر الخامس: في كتاب كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة : « فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:
هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ -وَهُمْ حَيٌّ مِنْ عُكْلٍ-:إِنَّكُمْ إِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ، وَفَارَقْتُمْ الْمُشْرِكِينَ وَأَعْطَيْتُمْ الْخُمُسَ مِنْ الْمَغْنَمِ، ثُمَّ سَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّفِيَّ -وَرُبَّمَا قَالَ: وَصَفِيَّهُ- فَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمَانِ رَسُولِهِ »
رواه ابن سعد في الطبقات، وعبدالرزاق في المصنف، والإمام أحمد، وابن أبي شيبة في المصنف، وأبو داود في سننه، والنسائي في الصغرى والكبرى، والطحاوي في شرح معاني الآثار، وابن زنجويه في الأموال، والبيهقي وألفاظهم متقاربة وبعضهم يختصره، واللفظ الذي ذكرته للإمام أحمد .
وإسناده صحيح



قال شيخنا الألباني رحمه الله في الصحيحة(6/848-852) : « في هذا الحديث بعض الأحكام التي تتعلق بدعوة الكفار إلى الإسلام، من ذلك : أن لهم الأمان إذا قاموا بما فرض الله عليهم.
و منها : أن يفارقوا المشركين و يهاجروا إلى بلاد المسلمين . و في هذا أحاديث كثيرة ، يلتقي كلها على حض من أسلم على المفارقة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، لا تتراءى نارهما " ، و في بعضها أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط على بعضهم في البيعة أن يفارق المشرك .
و في بعضها قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسلم عملا ، أو يفارق المشركين إلى المسلمين " . إلى غير ذلك من الأحاديث ، و قد خرجت بعضها في " الإرواء " ( 5 / 29 - 33 ) و فيما تقدم برقم ( 636 ) .
وإن مما يؤسف له أشد الأسف أن الذين يسلمون في العصر الحاضر - مع كثرتهم و الحمد لله – لا يتجاوبون مع هذا الحكم من المفارقة ، و هجرتهم إلى بلاد الإسلام ، إلا القليل منهم ، و أنا أعزو ذلك إلى أمرين اثنين :



الأول : تكالبهم على الدنيا ، و تيسر وسائل العيش و الرفاهية في بلادهم بحكم كونهم يعيشون حياة مادية ممتعة ، لا روح فيها ، كما هو معلوم ، فيصعب عليهم عادة أن ينتقلوا إلى بلد إسلامي قد لا تتوفر لهم فيه وسائل الحياة الكريمة في وجهة نظرهم .



والآخر - و هو الأهم - : جهلهم بهذا الحكم ، و هم في ذلك معذورون ، لأنهم لم يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين تذاع كلماتهم مترجمة ببعض اللغات الأجنبية ، أو من الذين يذهبون إليهم باسم الدعوة لأن أكثرهم ليسوا فقهاء و بخاصة منهم جماعة التبليغ ، بل إنهم ليزدادون لصوقا ببلادهم ، حينما يرون كثيرا من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلادهم إلى بلاد الكفار ! فمن أين لأولئك الذين هداهم الله إلى الإسلام أن يعرفوا مثل هذا الحكم و المسلمون أنفسهم مخالفون له ؟!



ألا فليعلم هؤلاء و هؤلاء أن الهجرة ماضيه كالجهاد ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " ، و في حديث آخر: " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، و لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " و هو مخرج في " الإرواء " ( 1208 ) .



ومما ينبغي أن يعلم أن الهجرة أنواع و لأسباب عدة ، و لبيانها مجال آخر.



والمهم هنا الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مهما كان الحكام فيها منحرفين عن الإسلام ، أو مقصرين في تطبيق أحكامه ، فهي على كل حال خير بما لا يوصف من بلاد الكفر أخلاقا و تدينا و سلوكا ، و ليس الأمر - بداهة - كما زعم أحد الجهلة الحمقى الهوج من الخطباء : " والله لو خيرت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود و بين أن أعيش في أي عاصمة عربية لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود "!



وزاد على ذلك فقال ما نصه : " ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى ( تل أبيب ) " !!



كذا قال فُضَّ فوه، فإن بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبيا !



و لتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على معرفته و اتباعه ، الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين ، و صراخ الممثلين ، و اضطراب الموتورين من الحاسدين و الحاقدين من الخطباء و الكاتبين : أقول لأولئك المحبين :



تذكروا على الأقل حديثين اثنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أحدهما : " إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها " . أخرجه البخاري و مسلم و غيرهما .



و الآخر : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله و هم ظاهرون " ، و هو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من الصحابة ، و تقدم تخريجه عن جمع منهم برقم ( 270 و 1108 و 1955 و 1956 ) ، و " صحيح أبي داود " ( 1245 ) ، و في بعضها أنهم " أهل المغرب " أي الشام ، و جاء ذلك مفسرا عند البخاري و غيره عن معاذ ، و عند الترمذي و غيره مرفوعا بلفظ : " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، و لا تزال طائفة من أمتي .. " الحديث .



و في هذه الأحاديث إشارة قوية إلى أن العبرة في البلاد إنما هي بالسكان و ليس بالحيطان .



و قد أفصح عن هذه الحقيقة سلمان الفارسي رضي الله عنه حين كتب أبو
الدرداء إليه : أن هلم إلى الأرض المقدسة ، فكتب إليه سلمان : إن الأرض المقدسة لا تقدس أحدا ، و إنما يقدس الإنسان عمله . ( موطأ مالك 2 / 235 ) [يقول أبو عمر: وسنده منقطع لكن كلام حق].



و لذلك فمن الجهل المميت و الحماقة المتناهية - إن لم أقل و قلة الدين - أن يختار خطيب أخرق الإقامة تحت الاحتلال اليهودي ، و يوجب على الجزائريين المضطهدين أن يهاجروا إلى ( تل أبيب ) ، دون بلده المسلم ( عمان ) مثلا ، بل و دون مكة والمدينة ، متجاهلا ما نشره اليهود في فلسطين بعامة ، و ( تل أبيب ) و ( حيفا ) و ( يافا ) بخاصة من الفسق و الفجور و الخلاعة حتى سرى ذلك بين كثير من المسلمين و المسلمات بحكم المجاورة و العدوى ، مما لا يخفى على من ساكنهم ثم نجاه الله منهم ، أو يتردد على أهله هناك لزيارتهم في بعض الأحيان .
و ليس بخاف على أحد أوتي شيئا من العلم ما في ذاك الاختيار من المخالفة لصريح قوله تعالى: ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيراً * إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم و كان الله عفوا غفورا و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما ( أي تحولا ) كثيراً و سعة و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله و كان الله غفورا رحيما ) ( النساء 97 - 100 ) .



قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 1 / 542 ) : " نزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين ، و هو قادر على الهجرة ، و ليس متمكنا من إقامة الدين ، فهو ظالم لنفسه ، مرتكب حراما بالإجماع ، و بنص هذه الآية " .
و إن مما لا يشك فيه العالم الفقيه أن الآية بعمومها تدل على أكثر من الهجرة من بلاد الكفر.



وقد صرح بذلك الإمام القرطبي ، فقال في " تفسيره " ( 5 / 346 ) : " و في هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي ، وقال سعيد ابن جبير : إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها ، و تلا : ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) " . و هذا الأثر رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 2 / 174/ 1 ) بسند صحيح عن سعيد . وأشار إليه الحافظ في " الفتح " فقال ( 8 / 263 ) : " و استنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يعمل فيها
بالمعصية "..» إلى آخر كلامه رحمه الله .





السؤال الثاني



2. هل يجوز أخذ أموالهم التي يدفعونها على شكل ضمان اجتماعي علما أن هذه الأموال تجنيها الحكومة النرويجية من المصادر التالية: من دافعي الضرائب.
ودافعي الضرائب فيهم . بائعي الخمر . وأصحاب الكازينوهات. و البنوك الربوية. وأصحاب محلات الدعارة .؟



الجواب



مال الضرائب الذي تأخذه الدولة الكافرة من رعاياها مال مختلط حلاله بحرامه، وليس حراماً صرفاً، لذلك من أعطته الدولة الكافرة مالاً بدون أن يكون له أثر في دينه، وبدون شرط محرم فلا بأس بأخذه.



والرسول صلى الله عليه وسلم قبل هدية بعض المشركين وهم معروفون بالظلم وأخذ المكوس والاتجار بالربا والخمر ونحو ذلك ..



كما روى مسلم في صحيحه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: «وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ صَاحِبِ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا»



وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الشاة التي أهدتها له اليهودية، مع أن اليهود ممن ذكر الله عنهم أنهم يتعاملون بالربا.



تنبيه: قبول هدايا المشركين وردها مسألة خلافية وقد وردت أحاديث صحيحة في النهي عن قبول هداياهم، كحديث عياض المجاشعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني نهيت عن زبد المشركين» يعني هداياهم.



وقد اختلف العلماء في الجمع بينها فمنهم من قال: بالنسخ فيهما، ومنهم من قال بالخصوصية .



وقال آخرون: ليس فيها ناسخ ولا منسوخ والمعنى فيها أنه كان لا يقبل هدية من يطمع بالظهور عليه وأخذ بلده ودخوله في الإسلام وبهذه الصفة كان حال سليمان عليه السلام فعن مثل هذا نهى أن تقبل هديته حملاً على الكف عنه وهذا أحسن تأويل للعلماء في هذا فإنه جمع بين الأحاديث . رَ: التمهيد(2/12)، وتفسير القرطبي(13/199).



وقال آخرون: كان مخيراً في قبول هديتهم وترك قبولها لأنه كان من خلقه -صلى الله عليه وسلم- أن يثيب على الهدية بأحسن منها، فلذلك لم يقبل هدية مشرك لئلا يثيبه بأفضل منها . التمهيد(2/12) .
وقال آخرون: إنما ترك ذلك تَنَزُّهاً، ونهى عن زبد المشركين لما في التهادي والزبد من التَّحاب وتليين القلوب، والله -عزَّ وجلَّ- يقول: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} الآية رَ: التمهيد(2/13)
قال الخطابي: "يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخاً، وقيل: إنما رد ذلك إليهم لقصد الإغاظة أو لئلا يميل إليهم، ولا يجوز الميل إلى المشركين . وأما قبوله لهدية من تقدم ذكره فهي لكونهم قد صاروا من أهل الكتاب. وقيل: إن الرد في حق من يريد بهديته التودد والمولاة، والقبول في حق من يرجى لك تأنيسه وتأليفه، ويمكن أن يكون النهي لمجرد الكراهة التي لا تنافي الجواز جمعا بين الأدلة".
وقوله: "وقيل: إن الرد في حق من يريد بهديته التودد والمولاة، والقبول في حق من يرجى لك تأنيسه وتأليفه" هو الأظهر والصحيح -إنْ شَاءَ اللهُ تَعالَى- .
ومما يعضد القول الأخير أن الهدية تجلب المحبة والموالاة فجاء الشرع بقطع ذلك، أما في حالة من يرجى إسلامه وهدايته من المشركين فتقبل هديته تأليفاً لقلبه، وإن رجي إسلامه برد هديته ردت فهذا راجع إلى حال الذي يُهْدِي .
والله أعلم.



انظر كتابي: «إرواء الغليل في الدفاع عن الشيخ ربيع حامل لواء الجرح والتعديل» .




السؤال الثالث



3. هل تجوز الدراسة حسب نظام دفع رسوم الدراسة المؤجل حيث تقوم الحكومة بدفع رسوم الدراسة على شرط دفعها عند التوظيف و لكن مع فائدة (ربا) عند سدادها ؟



الجواب



إذا قامت الحكومة بدفع رسوم الدراسة عن الطالب بشرط أن يسدد الطالب هذه الرسوم عند توظيفه لكن بزيادة فإن هذا من ربا القرض الذي اتفق العلماء على أنه من أنواع الربا، وهو داخل في ربا الجاهلية الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الكبائر العظام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات» وذكر منهم : «وأكل الربا».



وقد لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ، رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه.



وروى البخاري في صحيحه عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قال: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَلَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ.
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا».



فنهي السلف عن قبول هدية صاحب الدين حتى لا يدخل في القرض الذي جر نفعاً .



وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم (عن بيع وسلف) : قال ابن الأثير : «هو مثل أن يقول : بعتك هذا العبد بألف على أن تسلفني في متاع أو على أن تقرضني ألفا؛ لأنه إنما يقرضه ليحابيه في الثمن فيدخل في حد الجهالة ولأن كل قرض جر منفعة فهو ربا».



هذا إذا كانت الدراسة مباحة، أما إذا كانت محرمة فيكون الإثم أشد بسبب الربا وحرمة الدراسة .



السؤال الرابع



4. هل يجوز تكثير سواد الكفار عن طريق أخذ جنسيتهم ؟ هل يجوز الحصول على جنسيتهم و احترام قانونها الكفري لان فيه بعض الولاء لم أطلع على خفايا مادة التجنس بالجنسية الكافرة في هذه البلاد ؟



الجواب



هذا السؤال من جنس السؤال الأول بل أعظم، ففي التجنس بجنسية الكفار مع سكنى بلادهم نفس المفاسد السابقة بل أشد.



وقد سبق أن ورد سؤال منكم نحو هذا السؤال، فبالإضافة إلى ما ذكرته سابقاً أنقل الجواب الذي في « الأجوبة الرابغية عن الأسئلة الطرابلسية » :
فالتجنس بجنسية دولة كافرة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يفعل ذلك رضى بدينهم، وحباً لهم، أو يكون مقراً بما هم عليه من الكفر، فهذا لا شك في كفره وردته.
القسم الثاني: أن يفعل ذلك مضطراً كأن يكون من أهل تلك البلاد مولداً ونشأة، ولا يمكنه غير ذلك، أو كان فاراً بدينه من دولة تريد قتله فلم يجد إلا هذا البلد الكافر، ولابد له من تغيير جنسيته ولم يجد إلا جنسية الدولة الكافرة فهذا معذور ولا شيء عليه، مع وجوب بغض الكفار، وأن لا يكون ذلك سبباً لمودته لهم.
القسم الثالث: أن لا يكون مضطراً، ولا يفعل ذلك حباً لهم، ولا رضى بدينهم، ولكنه يريد الحصول عليها لأجل أمور دنيوية أو تحصيل أمور معاشية فهذا يحرم عليه أخذ الجنسية لما تتضمنه من موالاة الكفار، ولما يترتب عليها من الأخطار.
وهذا يخاف عليه من أن يقع في حب دينهم وما هم عليه من الكفر ..
ويكون يمينه التي أقسمها من باب المداراة والمخادعة وهو وإن كان حراماً إلا أنه لا يكون كفراً.
والله أعلم
ومن أهل العلم من ذكر أن التجنس ردة وكفر، ومنهم من فصل.
وقد كتب الشيخ محمد بن عبدالله السبيل إمام الحرم المكي، وعضو هيئة كبار العلماء كتاباً في حكم التجنس بجنسية الكفار ونقل أهل العلم، ولخص كتابه بما ذكرته في الجواب، فيرجع إلى ذلك الكتاب.





السؤال الخامس:



5. هل يجوز العمل في هذه الدولة و دفع الضريبة التي تجنيها الدولة و تصرفها على شكل مرتبات لقواتها التي تحتل بلاد الاسلام ؟



الجواب



إذا اضطر المسلم للسكنى في بلاد الكفار جاز لهم العمل في الأعمال المباحة التي لا تشتمل على محظور شرعي، والضرائب إنما يدفعها لدفع الشر عن نفسه وليس عن رضى واختيار كما هو معلوم ..



فالذي يدفع الضرائب يدفعها وهو مضطر، وإذا استطاع أن يتخلص من دفعها بوسائل نظامية لا يتضرر بسببها، ولا يكون ذلك بوسيلة محرمة فهو أولى ..



وهذا الأمر مما يؤيد التشديد في الهجرة من بلاد الكفار، والحرص على مفارقتها.



السؤال السادس:



6. هل يجوز صداقة الكافر و ما يتطلبه ذلك من المحبة و الثقة و الزيارة و حضور أعياده و مناسباته ( مثل أعياد الميلاد) و غير ذلك مما يحصل بين الأصدقاء كزيارته في بيته و زيارته لي في بيتي ؟



الجواب



أما صداقة الكافر التي تتطلب المحبة والثقة وحضور أعياده ومناسباته فهذه من الموالاة المحرمة التي توعد الله صاحبها بالعذاب .
قال الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ –كما في الدرر السنية(1/474)- : « وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[ المائدة: 51]، وقوله: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22]، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:57] فقد فسرته السنة، وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل: الموالاة، هو: الحب والنصرة، والصداقة ودون ذلك: مراتب متعددة؛ ولكل ذنب: حظه وقسطه، من الوعيد والذم؛ وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفى غيره وإنما أشكال الأمر، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن ولا مممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ-: «وهذا الحديث –يعني حديث: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم))( )- أقل أحواله أنَّهُ يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[ المائدة: 51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «من بَنَى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة»( )، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصيةً أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك.
وبكل حال فهو يقتضي التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه -وهو نادر-، ومن تَبِعَ غيره في فعلٍ لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير.
فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضاً ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبهاً نظر، لكن قد يُنْهَى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإعفائها، وإحفاء الشوارب مع أن قوله صلى الله عليه وسلم : ((غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود))( ) دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية»( ).
وفي فتاوى نور على الدرب سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: «فضيلة الشيخ، سائل يقول: يسكن معي شخص مسيحي، وهو يقول لي: يا أخي، ونحن أخوة، ويأكل معنا ويشرب فهل يجوز هذا العمل أم لا؟»



فأجاب رحمه الله : «الكافر ليس أخا للمسلم، والله يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]، ويقول صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم فليس الكافر -يهوديا أو نصرانيا أو وثنيا أو مجوسيا أو شيوعيا أو غيرهم- ليس أخا للمسلم، ولا يجوز اتخاذه صاحبا وصديقا، لكن إذا أكل معكم بعض الأحيان من غير أن تتخذوه صاحبا وصديقا، وإنما يصادف أن يأكل معكم، أو في وليمة عامة فلا بأس.



أما اتخاذه صاحبا وصديقا وجليسا وأكيلا فلا يجوز؛ لأن الله قطع بيننا وبينهم المحبة والموالاة، فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4]، وقال سبحانه: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني يحبون وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة: 22].
فالواجب على المسلم البراءة من أهل الشرك وبغضهم في الله، ولكن لا يؤذيهم ولا يضرهم ولا يتعدى عليهم بغير حق، لكن لا يتخذهم أصحابا ولا أخدانا، ومتى صادف أن أكل معهم في وليمة عامة أو طعام عارض من غير صحبة ولا ولاية ولا مودة فلا بأس» انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله.
تنبيه: الأصح أن يقال نصراني ولا يقال مسيحي إلا من تمسك بدين عيسى عليه السلام، ودينه عليه السلام مبني على التوحيد، ومن كان مسيحياً حقاً فإنه يستجيب لعيسى عليه السلام في أمره أتباعه بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والدخول في دين الإسلام.


وزيارة الكافر في بيته، أو زيارته لك في بيتك لأجل دعوته وتعليمه الإسلام أو تأليف قلبه للدخول في الإسلام أمر مشروع بشرط أن لا تشتمل الزيارة على منكر



السؤال السابع



7. هل يجوز المشاركة في الانتخابات ؟



الجواب



لا تجوز المشاركة في الانتخابات الحاصلة في بلاد المسلمين لما فيها من الحرام، ولكونها مبنية على الظلم والقوانين المخالفة للشرع فما بالكم بالانتخابات في بلاد الكفار؟



فإن تحريم الاشتراك في الانتخابات في بلاد الكفار أعظم وأشد .



فالمشاركة في الانتخابات الموجودة في البلاد الكافرة وفي أكثر البلاد الإسلامية لا تجوز ، ويجب أن يقاطعها المسلمون ، وأن يسلكوا الطرق الشرعية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة .



وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذر من إتيان أبواب السلاطين المسلمين لما يخشى على من يأتيها من الفتنة والزيغ.



فكيف بمن يشارك في حكومات يهودية أو نصرانية أو علمانية أو شيوعية أو ديمقراطية أو نحوها من الحكومات التي تحكم بغير الشريعة الإسلامية ؟!!



فالتغيير عن طريق الدخول في الحكومة فيه فتنة للداخل المشارك في الحكومة ، والمنتخِب .



فكثير من الناس ممن يظن فيه الصلاح إذا دخل في المجالس النيابية ونحوها فسدت تصوراته ، وصدرت منه الأمور المنكرة التي تعارض شرع الله .



ومع ذلك تجده أنيساً وجليساً للنصارى والملاحدة والفسقة والفجرة من رجال ونساء .



وكذلك من ينتخب من الناس تحصل له الفتنة بسبب كثرة الأحزاب ، وفساد أكثر المرشحين ، وكذبهم في برامجهم الانتخابية ، وبسبب شغل الوقت بما لا ينفع في الدين والدنيا.



لذلك يظهر لي – والله أعلم- أن الترشُّح للانتخابات من الأمور المحرمات والأمور المفسدات .



ويظهر أن المشاركة في الانتخابات والترشيح لا يجوز ولا يحل .



وتظهر حرمة الانتخابات من عدة أوجه:



الوجه الأول: أن الحكومات الكافرة وكثير من الحكومات في بلاد المسلمين تنتخب حكومات فاسدة ضالة مضلة فانتخابها معاونة في نشر الباطل ، ومساعدة على الإثم والعدوان.



والله يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} .



الوجه الثاني: أن أكثر المرشحين هم فاسدون مفسدون ، ضالون مضلون وهم في ضلالهم على أنواع:



فمنهم اليهودي، ومنهم النصراني ، ومنهم الشيوعي الملحد ، ومنهم الإباحي الديمقراطي ، ومنهم الفاسق الفاجر ، ومنهم العلماني ، ومنهم المبتدع الضال وإن كان يظهر للناس بمنظر المناصر لقضايا المسلمين.



فكثير من هؤلاء يحسنون في مجال تحريم بعض المظاهر السيئة ، ولكنهم في جانب آخر يقرون ويؤيدون قوانين فاسدة كقوانين التعددية الحزبية والتي تظم الأحزاب الكافر والملحدة ، وكذلك يقرون قوانين يحاربون فيها أهل السنة وفيها قوانين بدعية وخرافية بل وشركية .



وكذلك قوانين الاختلاط ، وعمل المرأة مشاركة الرجل ومزاحمة له في موضعه اللائق به.



ونحو ذلك من الأمور الفاسدة التي يؤيدها ويشارك فيها المرشح ممن يسمون بالإسلاميين .



الوجه الثالث: أن المشاركة في الانتخابات السابق وصفها فيه تضييع لبعض الواجبات الشرعية ، وارتكاب لبعض المحرمات باسم المصلحة ودرء المفسدة .



فتجد المرشحين حتى الذين يصفون أنفسهم بالإسلاميين يمارسون مهنة الكذب والتزوير والغش والدعاوى الكاذبة في برامجهم الانتخابية ، وكذلك يحصل اختلاط بين الرجال والنساء ، وكذلك تحصل الضغائن والأحقاد بل وربما أدى إلى سفك الدماء لأجل مرشح دون آخر .



فهذه الانتخابات كثيراً ما تكون سبباً لزعزعة الأمن ، وسبباً لسفك الدماء وهتك الأعراض ، وإتلاف الأموال بغير وجه حق .



الوجه الرابع: هذه الانتخابات تؤدي إلى إهانة أهل الإيمان وترجي أهل الفسق والعصيان ، وبذل الجاه لينتخبك الفاسق والفاجر .



إلى غير ذلك من وجوه حرمة الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً.



* * * *



فإن قال قائل: إن المشاركة في الانتخابات إنما هو من باب ارتكاب أخف الضررين، ودرء أعظم المفسدين بارتكاب أخفهما وهي قاعدة شرعية معلومة مشهورة .



فالجواب:



هذا غير صحيح .



بل مفاسد الانتخابات أعظم من مصالحها ، وركوبها أشد ضرراً من تجنبها .



وللمسلمين فيما يرون ويشاهدون عبرة وموعظة .



فالمسلمون في الولايات المتحدة لما انتخبوا بوش الابن ضد آلغور ما الذي حققه هذا الانتخاب؟ وهل خف شرهم؟



والمسلمون في الجزائر كانوا قبل الانتخابات في أمن وأمان ، ونشر لدين الإسلام .



فلما وقعوا في مصيدة الانتخابات والبرلمانات ، وانتصروا –ظاهراً- انقلب الأمر من نصر للإسلام –لحكمة أرادها الله- إلى ذلة للمسلمين ، فهتكت الأعراض ، وسفكت الدماء ، ويتم الأطفال ، وأتلفت الأموال وما زالت الجزائر تعاني من آثار تلك الانتخابات التي كانت سبباً في تكالب أعداء الإسلام على المسلمين.



ومن الأمثلة ما حصل في بعض البلدان العربية من ترشيح من يسمون بالإسلاميين وكانوا قد وعدوا بإصلاحات اقتصادية ونحوها من الوعود الكاذبة ، فلما وصلوا إلى الحكم لم يصنعوا مما وعدوا شيئاً يذكر .



ففقدوا مصداقيتهم ، والمشكلة أن الناس يسوء ظنهم بمن يظهر التدين أكثر من سوء ظنهم بالفاسق ظاهر الفسق!



* * * *



فإن قيل: فما الوسيلة إذاً ؟ هل نترك الباب مفتوحاً للكفار في بلادهم، أو نتركه مفتوحاً في بلاد المسلمين للشيوعيين والنصارى ليمتلكوا تلك البرلمانات فيقننوا ما شاؤوا من فساد وإفساد؟!



فالجواب:



الوسيلة هي الرجوع إلى الدين وتحكيم الشرع في مثل هذه القضايا .



ومن الوسائل الشرعية:



1- نشر التوحيد والسنة بين الناس بالطرق الشرعية، والانشغال بذلك عن متابعة أمور السياسة، والانشغال بها عن تحقيق ما لأجله خلقنا ألا وهو توحيد الله.



2- مناصحة ولي الأمر[وهذا في بلاد المسلمين] ، وبيان الحق له ، وإذا كان القانون يخالف الشرع يناصح الحاكم ، ويراجع فالله قادر على إصلاحه وهدايته بسبب ذلك.



3- مناصحة من يكون عضواً في تلك البرلمان ؛ فإن كان كافراً دعي إلى الإسلام ، وإن كان فاسقاً دعي إلى الطاعة ، وإن كان مبتدعاً دعي إلى السنة .



وإذا أصدروا قانوناً توجه وجهاء الناس إليهم باللوم والنصح ولزوم التغيير .



4- نشر الدعوة بين الناس وتعليمهم أمور دينهم وتبصيرهم بما يحاك لهم من أعدائهم ، وتحذيرهم من الانتخابات عموماً ، ومن انتخاب أهل الشر والفساد ثانياً .



وليس هذا فتحاً لباب الانتخاب وإنما من باب سد الوسائل أمام الناس كي لا يقعوا في المحرم المغلظ .



فبعض الناس همه أن ينتخب ، فإذا نوصح بعدم الانتخاب رفض وأصر فحينئذ يناصح بعدم ترشيح أهل الفساد ، أو بترشيح أخفهم ضرراً مع تنبيهه على وقوعه في الإثم بمجرد انتخابه وإن كانت نيته صالحة .



فأسأل الله أن يبصر المسلمين بدينهم ، وأن يهديهم الصراط المستقيم .



وأن يكفيهم شر الكفرة والملحدين.



وأسأل الله أن يصلح حكام المسلمين ، وأن يهديهم إلى الحق ، وأن يوفقهم لتحكيم شرع الله ، والوقوف عند حدوده .



والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .




السؤال الثامن



8 هل يجوز لي العمل كســائق أجرة مع العلم أن سائقي الأجرة . معظم من يقومون بتوصيلهم تكون وجهتهم إما النوادي الليلية أو المراقص أو الفنادق، وفي بعض الأحيان يصعد معي أناس من النوادي يكونون سكارى.
وفي بعض المرات يطلب مني الركاب أن أتوقف قرب محل ليشتروا الخمر والسجائر دون أن يكون لي أي صلة بذلك فلا أشتريها ولا ألمسها
وكذلك والعياذ بالله يوجد نسوة يعملن في الدعارة يركبن مع التاكسي ؟



الجواب



الأصل في العمل بسيارة الأجرة أنه مباح، لكن لا يجوز إركاب النساء العاريات، ولا المرأة المحتجبة إذا كانت واحدة لما فيه من الخلوة المحرمة، وكذلك لا يجوز إركاب من تعرف أن وجهته لأمر محرم كنادٍ ليلي للفساد والفجور أو لشراء خمر وخنزير ونحو ذلك، ولا يجوز إركاب السكارى لغير ضرورة، ولا يجوز إركاب الداعرات ونحو ذلك مما يدخل في قوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}



وإذا كان المسلم لا يستطيع أن يعمل في هذه المهنة إلا بارتكاب ما سبق التحذير منه من الحرام وجب عليه ترك ذلك العمل، والبحث عن عمل مباح و((من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)).



{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}



وهذا كله يؤكد أهمية الهجرة من بلاد الكفار .



السؤال التاسع



9 رجل وقع في الربا وهو مدان لبعض البنوك النرويجية بملبغ وقدره تقريبا ٨٠٠٠ . ثمانية آلاف يـــــورو . يسأل عن حكم العمل في أماكن مثل السوق أو المكان الذي فيه المحرمات . كبيع الخمور ، الخنزير وغيره من المحرمات . من أجل سداد هذا المبلغ لأني والله أخاف من الله العلي القدير حتى لا يغضب عليَّ الله سبحانه وتعالى .
وإلا أنا استطيع أن لا أرد هذا المبلغ وأذهب للسجن فترة شهرين. المرجو منكم أن تفتونا بارك الله فيكم



الجواب



إذا كان في ذمته دين لمسلم أو كافر وجب عليه سداده إلا إذا كان ذلك الدين مالا محرماً كربا وقمار فلا يجوز سداده إلا إذا أكره على ذلك وتعرض للعقوبة إذا لم يسدد..



فإن كان عليه دين لبنك ونحوه بمبلغ مائة ألف يورو منها عشرون ألف ربا وجب سداد رأس المقال فقط بدون الربا، فإذا لم يستطع التنصل من دفع الزيادة وأكره على الدفع فلا يضره الدفع إن شاء الله لعذر الإكراه ..



ويجب تحصيل المال من الطرق الشرعية بالعمل المباح أو القرض المباح ممن لا يقرضك بفائدة، أما العمل في محلات تبيع الخمر والخنزير والمواد المحرمة فلا يجوز بل الواجب تقوى الله بالبعد عن الحرام ..



فابحث عن عمل مشروع لتسد دينك، ولا تستسلم للهوى والشيطان فتعمل في حرام أو تستسلم للسجن حيث إنه مكان ذوي الفساد والإجرام ..



وعليك بأدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضاء الدين :



فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك؟
قل يا معاذ: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء. وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير.
رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك».



وعن علي رضي الله عنه: أن مُكاتَباً جاءه فقال: إني عجزت عن مكاتبتي، فأعني. فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صَبيرٍ ديناً أداه الله عنك؟ قل:«اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك».



تنبيه: جبل صبير هو جبلٌ كبير باليمن.



ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم: « اللهم إني أعوذ بك من غَلَبَةِ الدَّين ، وغلبة العدو ، وشماتة الأعداء»



«اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضَلَعِ الدَّيْنِ وغلبة الرجال».
وأدعو المسلمين في منطقتكم أن يساعدوك لسداد دينك، والتخلص من هذه النازلة.



وفقك الله لسداد دينك، وكشف عنك غمك، وأذهب همَّك..



والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



كتبه:
أسامة بن عطايا العتيبي
23/ 6 / 1430 هـ
في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أبو الوليد خالد الصبحي
27-Jan-2010, 02:03 AM
جزاء الله الشيخ أبو عمر أسامة العتيبي خير الجزاء

أبو الوليد خالد الصبحي
27-Jan-2010, 02:07 AM
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا , ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا , ربنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به , واعف عنا واغفر لنا وارحمنا , أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين