المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبر زمن الفتن:الشيخ :محمد بن رمزان ال طامي الهاجري.



أبو هنيدة ياسين الطارفي
13-Jul-2011, 12:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الصبر زمن الفتن

لفضيلة الشيخ :

محمد بن رمزان آل طامي الهاجري.

(http://www.al-amen.com/vb/www.salafiyat.com)حفظه الله





...................................








الحمد لله أقصى حمده ، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده ،أما بعد :

فالحمدُ لله على ما منّ به من هذا اللقاء بإخوة كرام في هذه البلدة الطيبة –بإذن الله- بعين الإمارات في هذا المجلس الطيب لنتذاكر ما عسى أن يكون نافعًا لنا في الدارين اللهم آمين .



وصيتي لنفسي وإياكم بتقوى الله ،وهي وصية الله للأولين والآخرين ، وهي أمره لهم أجمعين ،فأمرَ نبيه وأمَر المؤمنين ،وأمَر الناس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ،وللمؤمنين : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ،ولنبيه-صلى الله عليه وسلم- : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ، ولنبيه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ.فهذه وصية عظيمة.



والتقوى : كلمة شاملة جامعة لفعل ما أمر الله به مِن أقوال وأفعال ظاهرة وباطنة ،وترك كل ما يبغضه الله ويأباه من أقوال وأفعال ظاهرة وباطنة.

هذه هي تقوى الله ،امتثال للمأمور ، وترك للمنهي والمحظور ، أن تجعل بينك وبين غضب الله وسخطه وقاية بفعل ما أمرك وترك ما نهاك .



النبي-صلى الله عليه وسلم- قامَ بأمرِ الله ،وكذا الأنبياء من قبله ،وكم عانوا مِن أقوامهم لمّا خالفوهم ،النبي-صلى الله عليه وسلم- بذل ما بذل ،ومع ذلك قابلوه بما قد أحزنه فزاد ذلك فيه رأفة وشفقة ،فدعا لهم :اللهم اغفر لقومي ؛إنهم لا يعلمون .

بل إن الله –تبارك وتعالى- قال له : فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا.



لمّا رأى من مزيد التوجّع من نبيه مع أنه أقام البيان والحجة ،وأظهَرَ الله به الحق حتى أصبح واضحًَا لذي عينين،ولكنه العناد والمكابرة أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) إلى أن استحقروه أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا إلى أن قال الله بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ فصبَر وظَهَر الدين ،كان الصحابة معه يجدون من هذه الوحشة ،ويجدون هذه النفرة من الناس ،بل يجدون بعض العداوة وبعض الأذى ،وكانوا عن يمينه وشماله يُؤذَون ،وليس عند النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا الدعاء والتثبيت والوعد بالجنة صبرًا آل ياسر إن موعدكم الجنة ،حتى يأتيه مَن يأتيه: أو لسنا على الحق يا رسول الله ؟ أو لسنا على الحق يا رسول الله ؟ إلى أن قال مَن قال منهم :أتأخذنا الدنيّة في ديننا يا رسول الله ؟ فما كان يقول –صلى الله عليه وسلم- إلا : إنكم قومٌ تستعجلون ،إنه كان مَن كان قبلكم يُوضع المنشار في مفرق رأسه فيُجعل شقين ،وأيضًا مشط الحديد ما بين عظمه ولحمه وما يزيده ذلك إلا تثبيتًا على دينه ،هكذا الصبر في زمن الفتن.

انتقل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- للرفيق الأعلى ،فكان في عهد أبو بكر-رضي الله عنه – وظهرت فتنة المرتدّين ،فما كان منه إلا ثباتًا على الدين وبيانًا للعالمين للحق المبين ، فعاد الأمر إلى نصابه ،ورجَعَ الناس واستجابوا ،كذا في عهد الصحابة حصلَ ما حصَلَ من الفتن في عهد عمر ، ،بعض المتكلمة كصبيغ ومَن معه ،كذا في عهد عثمان لمّا بدت الخوارج ، كذا في عهد علي-رضي الله عنهم أجمعين- ، فما كان منهم إلا الثبات والمقابلة بالوضوح ، فهذا مما يُميّز القية الباقية إلى يوم القيامة "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ،لا يضرهم مَن خالفهم ،ولا مَن خذلهم".



والطائفة مجموعة ، والظهور إما حجة وبيان أو سيفٌ وسنان ،ولربما اجتمعت ولربما اختلفت .

لا يضرّهم مَن خالفهم : فهم أهل ظهور ، لا خفاء ،ولا تستر ،ولا سرّية ،بل أمورهم جليّة واضحةٌ نقية ، لا يضرّهم مَن خالفهم : فالمخالِف منابذ معادي وواضح .

ولا مَن خذلهم : أي مَن كان بين ظهرانيهم،ولكن صاحب تخذيل ، فهو ظاهره كأنما هو معهم ،ولكن-في الحقيقة- لربما أخّر الركب ،وأضرّ بالجمع ، وفرّق بعد شمل والتمام ،فهم لا يأبهون بهذين الصنفين، هكذا طائفة ظاهرة وواضحة ،ثم حصلَ ما حَصَلَ في عهد بني أمية من ظهور الفتن ومقابلة أهل العلم لها ،والرد والبيان وهكذا .

ولستُ بصدد ترجمة تاريخية لمواقف علماء السنة في زمان الفتن ولكن مواقفهم شاهدة ، كلما اشتدت الفتنة ،كلما صفا ونقا أهل السنة .

والفتنة سُمّيت فتنة لأنها سببٌ لهذه التصفية والتنقية ،ولذلك إذا اختُبر الذهب ونُقّي من الشوائب فُتِن بالنار حتى يزداد صفاءًا ونقاء وتذهب منه الشوائب ،كذلك الفتن تُصفّي وتُنقّي ،وقال الأول : جزى الله الشدائد عني كل خير ؛فقد أعلمتني عدوي من صديقي ؛لأن بهذه الفتن تتميز معادن الرجال وقوة الوضوح في المنهج والثبات عليه ؛بل إن علماء السنة في ازدياد الفتن يزداد فيهم الوضوح ،بل لربما ردّوا ،والعلم في الرد ليس في الأمر ..... ،العلم يبرز في الرد على المخالف وتفنيد الشبه ؛ لأن الشبه تنطلي ولا يكتشفها إلا عالم ، وأمّا الجاهل ، لربما طأطأ برأسه وسار خلف الركب من حيث لا يعلم أين اتجاه ذلك الركب ؟ ،ولكن أهل العم يكون منهم من الوضوح والبيان ،ويُفنّدون تلك الشبه التي يراها الرائي كأنما هي زخرف ،فإذا بها بيت من بيوت العنكبوت ،تتهاوى خيطًا خيطًا بمجرد بيان الحق .

هكذا في زمان الإمام أحمد يُفتَن في تلك الفتنة-ولكل زمان فتنة- وكان منه الوضوح في مسألة خلق القرآن والرد على أهل الأهواء ،وفُتن حتى جُعل بين يدي السلطان وكان ما كان من بيانه للأدلة الواضحة ،يريدون أن يثنوه عن الحق وما انثنى وما انصاع للخلق ، إنما استقام على الحق ، فنجى وأنجى الله –عز وجل- بسببه جمعٌ من أهل السنة ،ويُسمّى الصدّيق الثاني ؛لأن الصدّيق الأول كان في زمن فتنة المرتدين ،حصل ما حصل حتى من بعض الأقربين ،حتى من عمر ،إلى أن قال له :أجبار في الجاهلية خوّار في الإسلام ؟والله لو قاتلوني على عقالٍ كانوا يؤدونه إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليه،يقول : فعلمتُ أن الحق بان له .

إذًا أمور الفتن الواجب على طالب العلم التالي :

أولًأ : أن يسير في ركاب الحق والسنة ،وأن يسير وفق الدليل ،وأن يستنير بطريق أهل العلم الراسخين الموثوقين الذين شابت لحاهم في الإسلام ،ومرّ بهم الكثير من الأمور والفتن .

وهم أهل ثبات ،لم يُر منهم اختلاف واضطراب وتردّد وحيرة ،إنما كلما ازدادت الفتن ، كلما ازدادوا ثباتًا ووضوحًا وصفاءًا ونقاءًا ،ليلزَمَ غرزهم * "لم أسمع هذه الكلمة" وأن يسلك سبيلهم .

وليُعلم أن دولة الباطل ساعة ،وأن الحق إلى قيام الساعة وأن الباطل زُخرُف ،وأن الحق بيان وأن الباطل لجلج وأن الحق أبلج ، فإذا استقام على ذلك ،فهذا هو سبب النجاة ، وإذا انجرف فإن الزبد يذهب ،ولا يبقى في الأرض إلا ما ينفعها ، والأمور تمرّ بالناس ، ولربما رأى الرائي ما يضر ،فليصبر حتى يجد ما يسرّ ؛فإن الصبر معه النصر فلا يستعجل بمقالة ،ولا يستعجل بكتابة ، ولا يستعجل بأمر ، الصبر الصبر فبالصبر تكون العواقب حميدة ؛لأن أصحاب الباطل أصولهم متناقضة ليست بثابتة،فتختلف مواقفهم، ليس لهم موقف ثابت ، وصاحب الحق والبيان موقفه ثابت مهما تغيرت الأمور .

لذلك في عهد المأمون وفي عهد مَن بعده كلهم حصَل منهم أن لبّس عليهم أهل التلبيس ،ولكن لمّا بان الحق لمَن بعدهم ،انجلى له الأمر ،واتضح له مع أنه فترة من زمانه كان هناك شيء من اللبس .

الذي أوصي نفسي وإياكم به :تقوى الله والصبر، ثم المزيد من العلم؛ لأن الشبه ما يدفعها إلا الدليل ، فليست المسألة خصومة كلام ،مَن يريد الكلام ، أو مَن صوته أوضح هو الذي سيأخذ المجلس ،لأ إنما هناك مَن يتكلم بعقليات ، وهناك مَن يتكلم بنقليات ،مَن كان يتكلم بالعقل ، فالعقل مضطرب ومضطرب ، وليس هناك عقلٌ جامع للعقول ترجع إليها ويُعتبر أم ،ولكن مَن كان مصدره النقل فهو يرجع إلى قال الله قال رسول الله .

فإذا تعلمتَ –طالب العلم- العلم،وضبطتَ معرفة الآيات ومعرفة الأحاديث ومعرفة النصوص التي عمل بها السلف الصالح من الصحابة ومَن تبعهم إلى يومنا هذا ، فهذا-لا شك- أنه سيتكلم ببان ، وسيتكلم بحجة لأنه يتكلم بنقل وليس بمجرد عقل ،واما أصحاب الباطل فعامة أصحاب الباطل لا يتكلمون بالأدلة .

ومِن جميل كلام أبي العباس أنه قال : ما مِن صاحب بدعة يحتجّ بآية من كتاب الله أو بحديث من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلا جَعَلْت حجته حجة عليه وليست له ؛لأن الحق لا يُستشهد به في الباطل ،وأعني ب"أبو العباس" شيخ الإسلام : أحمد بن عبد الحليم ،أحمد بن تيمية العالم الجهبذ الرباني ،فهو عالمٌ بحق وكان في زمانه، العلماء قد لبّسوا على ولاة زمانه حتى يقعوا فيما وقعوا فيه ،وهكذا أهل الباطل يحيطون بالولاة للإفساد ، وأهل الحق إذا دنوا نصحوا وبينوا وعلّموا،وكم نفع الله بهم .



ولذلك الواجب على الإنسان النصيحة ،في زمان الفتن الواجب على مَن يعلم أن يُوصل هذا العلم لمَن لا يعلم ،وهذا واجب لا عذر فيه خاصة عندما يكون لأهل الباطل شيء من الانتشار .

ونحن في زمان عبر وسائل الإعلام الكثير من السموم ،جرائد مجلات قنوات منتديات ،الكل يبث ما بين شهوات وما بين شبهات ،فمَن ليس له يقين وصبر ما يستطيع أن يدفع لا شهوة ولا شُبهة ، فاليقين لا يأتي إلا بالعلم الذي يدفع الشبهة والصبر الذي يدفع الشهوة ، فبهذا يستطيع أن يدفع الشهوات والشبهات ، إذا لم يصبر خاض في الشهوات ،وإذا لم يكن على يقين وعلم خاضَ في الشبهات فلا يدفع ذلك إلا بالعلم ،وهكذا يكون الإنسان الربّاني ،فهكذا هم أهل التقى ،فهم يدفعون داء الشر بذاك اليقين والعلم والصبر ،فالواجب على الإنسان أن يصبر وأن يدنو من الحق وأهله ،وأن يحذر من الشر وأهله .

صاحب الشر لربما كان صاحب شهوة من خمر وزمرٍ وزنا ومُحرّمات ،ولربما أصبحَ صاحب شبهة فانتشر فكر الخوارج في الناس ،كما بدا مَن يُحيي فكر الصوفية ، وكذلك مَن يحيي فكر الأشعرية ،وكذلك مَن يحيي فكر الرافضية وغيرها من كل ضلالةٍ وبليّة ،فاحذر يا صاحب الحق من أهل الباطل ،إنا إذا ذكرنا أهل الرفض والاعتزال لا تجد غضاضةً في المجلس ، ولربما بعض المجالس لو ذُكر فيها هذا لكان المجلس مُؤيّد لك ، ولكن لو ذكرتَ بعض أفكار الخوارج لوجدتَ مَن يُنكِرُ عليك،وهذه مشكلة، ويزداد الأمر سوءًا أن إذا ذكرتَ بعض أهل التصوّف ووجدتَ مَن يُنكر عليك ،سبحان الله! ما الذي غيّر الناس ؟أقول : الناس تركوا العلم وتركوا العمل واعتمدوا على العقليات ،أرى وأنتَ ترى برأيي ورأيك المخالف وهكذا أنت ترى وأنا أرى !! ،لا أرى ولا ترى .لنرى ماذا يريد الله ؟ ماذا كان عليه رسول الله ؟ وأنا العقول تقدّم !! ، ليس هناك عقل أم ترجع له العقول ،ولكن النقل له مرجع ،قال الله ،قال رسول الله .

العــلـم قـال الله قــال رسـولـه قــال الصحابة هم أولو العرفــان

ما العــلمٌ نصبُك للخـلاف سفاهةً بين الرسول وبين قول فلان

إذًا بهذا يكون تأسيس طلب العلم ،طلب العلم على أهله ،ولو تأملنا كثيرًا من الأزمنة من العلماء ،الذين مرّوا بالفتن لوجدنا أنهم تأصّلوا تأصيل علمي ثم قابلوا هذه الفتن ، لا أضرب أمثلة بعيدة ، بل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمة الله عليه- ماذا فعل؟ كان في مجتمع يعجّ فيه الشرك في نجد وغيرها ،وعامة العالم الإسلامي ،فكان موقفه البيان ،بعد ماذا ؟ بعد التأصيل العلمي ، بعدما تأصّل علميًا ،لا نذهب بعيدًا ،نأتي في زماننا هذا ،وأضرب لكم أمثلة برجلين أحدهم في الشام وأحدهم في اليمن .

أما مَن كان بالشام فالشيخ محمد ناصر الدين الألباني –غفر الله له ذنبه ووسّع الله مدخله- رحمة الله عليه تأصّل بالعلم ، وربّى نفسه عليه ، وانتقى صافية ، وقال للناس: إن أردتم فعليكم بالتصفية والتربية ،تصفية العلم مما أتى فيه ،والتربية على هذا الشيء الصافي .

ولقد سَعَى جهدًا لتنقية السنة في كثيرٍ من الأمور ،فجزاه الله خير الجزاء ،قابل مَن ؟ قابَلَ الأشاعرة ، قابَلَ الصوفية ،قابَلَ القبورية ،قابَلَ المعتزلة ،قابَلَ حتى الخوارج ،الجماعات والفرق البدعية كلها بعدما تأصّلَ علميًا وشهد له العلماء بالعلم .

ومِن جميل ما سمعت ،كلمة لشيخنا –رحمة الله عليه- ،الشيخ : محمد بن صالح العثيمين عندما قال فيه : الرجل واسع الاطلاع ،قوي الباع ، ،وقوي الإقناع تشخيص ، أهل العلم يعرفون بعضهم ،فهو واسع الاطلاع –لا شك- والذي ينظر إلى كتبه ليجد في الكتاب الواحد أكثر من 600 مرجع ،فهو مُتبحّر ،واسع الاطلاع ،وقوي الباع،غزيز الإقناع أي قعره في العلم عميق .

وإن بعض الناس ما كاد يُفرغ إناءه بدلوٍ أو دلوين إلا فرغ ما عنده ،ولربما ردّد ما عنده ،وبعض الناس كلما تسمع منه أول مرة تسمعها ،ونَفَع الله به –لا أقول في الشام – ولكن نفع الله به في بلاد الدنيا ، بل طالب علم مكتبته ليس فيها كتب الشيخ تُعتبر ناقصة ،بل حتى خصومه يهتمون بكتبه ،بل حتى المخالفين يهتمون بكتبه .

بلغني خبر وفاته-رحمة الله عليه- وكنتُ في المكتبة العامة في مدينتي ،واتصل بي أحد الإخوان بعد المغرب ،وأخبرني بوفاة الشيخ-رحمة الله عليه- ،فالتفتُّ في المكتبة ، فإذا بأرفف كاملة في المكتبة العامة ، فإذا بأرفف كاملة كتب الشيخ-رحمة الله عليه- الله أكبر ، قنَفَع الله به –لا أقول في الشام- بل في العالم الإسلامي ،ليس خلفه جمعية ولا مؤسسة ولا تنظيم ،ولا حزب ولادولة ،ومع ذلك رفع الله ذكره ؛لأنه ارتبط بهدى النبي –صلى الله عليه وسلم- ،فكل مَن ارتبط بهدى النبي –صلى الله عليه وسلم- له نصيب مِن هذا .



أما الثاني : فهو شيخنا-رحمة الله عليه- الشيخ :مقبل بن هادي الوادعي ،أتى إلى اليمن –كما يَذكُر هذا في تراجمه وذَكَرَ هذا لي بنفسه "رحمة الله عليه" – فيقول : والله أتيتُ مُكرهٌ أخاك لا بطر لا أريدها ،وبعدها ذهبَ إلى مصر ، وما أعجبه الحال ،فأتى إلى منطقته في صعدة بقريته دمّاج ،فحصلَ ما حصل ، أيام بسيطة ، وإذا باليمن يحدثُ فيها مالم يحدث من ألف وأربعمائة سنة ، منذ بعدما تحولت اليمن إلى الزيدية في غالب أنحائها ،فإذا بها تتغير إلى السنة ،قبله علماء لهم دور ، ابن الوزير ،النعمي، الصنعاني ،الشوكاني،الريحاني، علماء لهم منزلة ،ولكن تأصّل تأصيل علمي وبدأ ،ومما قاله : كان لجهود أرض الحرمين تهيئة لقبول الناس لذلك مِن خلال ما بثّه من كتب ،ومن خلال مَن أتى إليها للعمل ،فاكتسبَ مع العمل دين ، ويقول : وأتيتُ إليها للعمل ،فكان أول سبب ذلك ........... قرأت الأصول الثلاثة ..........فقرأتُ الأصول الثلاثة ، وقرأتُ كشف الشبهات وتأثّرتُ بها ،وتأصّلَ وتعلّمَ من العلماء في مكة وفي المدينة ، وتخرّج إلى أن نال الماجستير فتأصّل في العلم وارتوى ، و أخذ زيادة على العلوم الدراسية ،علوم مُكتسبة تلقّاها على أيدي أهل العلم ،بل وازداد على ذلك بحثًا وقراءةً حتى أخرج من الكتب الشيء الكثير .

ومِن أجمل ما أخرج "الصحيح المُسند مما ليس في الصحيحين" وغيرها كـ"صحيح القدر" ،وكتُبُه كثيرة ،ولذلك لمّا حصلَ ما حصلَ من بعض المخالفين ، كان يُبيّن بعلم ،فردّ على مَن ؟ ردّ على الزيدية ،وردّ على الهدوية ، وردّ على الروافض ،وردّ على كل هؤلاء ،بل حتى على الخوّان الذين يسميهم "الخوّان المسلمين" وردّ على غيرهم من جميع الفرق ،فانتشر ذكره في الناس على عدم مساعدة لا من جمعية ، ولا تنظيم ،ولا حزب زلا غيره كما يقول البعض : لا يكون لنا كذا إلا إذا دخلنا في كذا وعملنا من خلال كذا فيكون كذا ،هذا كله غير صحيح ، رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عُرض عليه الملك ،لا نقطعُ أمرًا دونك وإن أردتَ ملكًا فينا لا نقطع أمرًا دونك ،وإن أردتَ ملكًا فينا لا نقطع أمرًا دونك ، وإن أردتَ النساء زوّجناك خير نساءنا ،وإن أردتَ المال جمعنا لك –يظنون المقاصد الدنيوية- .

لكن أصحاب المقاصد الدنيوية يحرصون على أمور الدنيا كالحكم والسلطان والأمر والنهي وهكذا ،منها حظوظ نفس و يدعون لها ،لكن مَن أراد ما عند الله ، سعى لما عند الله وأرادَ أن يبثّ الحق في الخلق ،ولذلك إذا أصبح .......... الراعي ..........نعمة ، هذه نعمة من الله ، وإذا حصل في الرعية فساد ،فالراعي يسعى لإصلاحها *لست متأكدة منها*، وهكذا تكافل في الجميع .



إذًا أرجع إلى أهمية التأصيل العلمي ؛لأن التأصيل العلمي هو سلاح طالب العلم ،وأن يكون تأصيلك العلم في صدرك ،تحفظ العلم ،علمُك معك في أي مكان ،والعلمُ يُكتسب هكذا قليلًا قليلًا ،فإذا بك تُحصّل اليوم علمٌ وغدًا مثله من العلم التي .... ،يحصل المرء بها حكمةً ،وإنما السيل اجتماع النقط ،هكذا قليل من العلم يومًا بعد يوم فإذا بك عندك معلومات ، عندك من الحفظ ، عندك من الأحاديث ، تقرأ كتب أهل العلم ، وعليك منها بما سطع ،وكن ذا عناية بالأصول ، حتى تسلم لك عقيدتك .

إذًا موقف أهل العلم الصبر ،التحصين ،العمل ،بَثّ الحق في الخلق في زمان الفتن ، أسأل الله-تبارك وتعالى- لي ولكم العلم النافع .
منقول.