المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتاوى مختارة للشيخ أبي عبد المعز علي فركوس *(أحكام الصيام)



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
01-Aug-2011, 02:07 PM
فتاوى مختارة للشيخ أبي عبد المعز علي فركوس *(أحكام الصيام)* في حكم أخذ الحبوب المانعة للحيض لأداء صيام رمضان

السـؤال:
ما حكمُ أخذ الحبوب المانعة من نزول الحيض في شهر رمضان لأجل صيام الشهر كاملاً، ومن غير اللجوء إلى القضاء؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالرأي المعتبر بقاءُ المرأة على طبيعتها من غير استعمال حبوب تأخير الحيض تقصدًا لأداء رمضان، وهي مأجورةٌ في تعبُّدها لله بترك الصيام وغيره من العبادات لمانع الحيض الذي قدَّره الله تعالى لها، ولا يفوتها الأجر إن شاء الله ثم تتعبد الله تعالى بالقضاء، علمًا أنَّ باب الذِّكر مفتوح لها في أيام حيضتها هو من أفضل الأعمال، وقد كان صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يذكر الله في كلّ أحواله(١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الحيض، باب ذكر الله في حال الجنابة وغيرها: (826)، وأبو داود في «سننه» كتاب الطهارة، باب في الرجل يذكر الله على غير طهر: (18)، والترمذي في «سننه» كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة: (3384)، وابن ماجه في «سننه» كتاب الطهارة، باب ذكر الله على الخلاء والخاتم في الخلاء: (302)، وأحمد في «مسنده»: (23889)، من حديث عائشة رضي الله عنها. (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_1%27%29))، وفي حالة ما إذا استعملت الحبوب وصامت صح صومها، ولا يلزمها قضاء ولا مطالبة.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 1 جمادى الثانية 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 5 جوان 2008م


١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الحيض، باب ذكر الله في حال الجنابة وغيرها: (826)، وأبو داود في «سننه» كتاب الطهارة، باب في الرجل يذكر الله على غير طهر: (18)، والترمذي في «سننه» كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة: (3384)، وابن ماجه في «سننه» كتاب الطهارة، باب ذكر الله على الخلاء والخاتم في الخلاء: (302)، وأحمد في «مسنده»: (23889)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
في حكم ترك الصيام جهلاً

السـؤال:
أفطرت امرأةٌ يومًا أو يومين من رمضان بعد انقطاع الحيض للسنوات الأربع الأُولى من بلوغها سِنّ المحيض، وذلك جهلاً منها بحكم الشرع، فهل يترتَّب عليها إثمٌ؟ وهل يلزمها القضاء؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإذا لم تتمكَّن من تحصيل العلم بالحكم الشرعي أولم تقدر على تعلُّمه ومعرفته، فإنَّ الجهلَ بالحكم يُعذر به صاحبه إذ «لاَ يَثْبُتُ حُكْمُ الخِطَابِ إِلاَّ بَعْدَ البَلاَغِ»، و«لاَ يَقُومُ التَّكْلِيفُ مَعَ الجَهْلِ».
وعليه، فإنَّها غير مؤاخذة بإثم؛ لأنّ الإثم مرتَّبٌ على المقاصد والنِّيات، والجاهل لا يُعلم له حُكمٌ ولا قصد فلا إثم عليه، ولا يلزمها القضاء؛ لأنّ سبب الوجوب لم ينعقد عليها بسبب عدم العلم وانقضاء وقت الخطاب، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «الأحوالُ المانعةُ من وجوب القضاء للواجب والتركِ للمحرَّم: الكفرُ الظاهرُ، والكفرُ الباطن، والكفر الأصليُّ، وكفرُ الرِّدَّة، والجهلُ الذي يُعذر به لعدم بلوغ الخطاب، أو لمعارضة تأويلٍ باجتهادٍ أو تقليدٍ»(١- مجموع الفتاوى لابن تيمية: 22/23 (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_1%27%29))ا ﻫ.
وهذا، بخلاف الناسي والنائم والمخطئ فإنه يسقط الإثمُ عنهم إجماعًا(٢- «مذكرة الشنقيطي»: (48) (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_2%27%29))، فيجب عليهم القضاءُ لسَبْقِ علمهم بالحكم الشرعي المتمثِّل في الوجوب الذي انعقد عليهم ومنع منه مانعُ النوم أو النسيان، أو مَنَعَ من تمامه مانعُ الخطإ.
أمَّا إذا قدر على التعلُّم وتمكَّن من العلم لكنَّه ترك ذلك تكاسلاً أو تهاونًا فإنَّ صاحب الجهل لا يُعذر به ويؤاخذ على ترك ما أوجب اللهُ عليه لتفريطه، ولا قضاء على المتعمِّد المفرِّط على أصحِّ الأقوال، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، أَنْ تُؤَخَّرَ صَلاَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى»(٣- أخرجه مسلم في «الصلاة»، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها: (1562)، وأبو داود في «الصلاة»، باب في من نام عن الصلاة أو نسيها: (441)، والترمذي في «الصلاة»، باب ما جاء في النوم عن الصلاة: (177)، والنسائي في «المواقيت»، باب فيمن نام عن صلاة: (615)، وابن ماجه في «الصلاة»، باب من نام عن الصلاة أو نسيها: (698)، من حديث أبي قتادة رضي الله عنه. (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_3%27%29))، وعليه أن يتوب ويُكثرَ من النوافل والصدقات وعُمومِ الخير، فإنّ الحسناتِ يُذهبن السيِّئات.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 29 رمضان 1418ﻫ
الموافق ﻟ: 27 جانفي 1998م


١-مجموع الفتاوى لابن تيمية: 22/23. ٢-«مذكرة الشنقيطي»: (48).


٣-أخرجه مسلم في «الصلاة»، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها: (1562)، وأبو داود في «الصلاة»، باب في من نام عن الصلاة أو نسيها: (441)،والترمذي في «الصلاة»، باب ما جاء في النوم عن الصلاة: (177)، والنسائي في «المواقيت»، باب فيمن نام عن صلاة: (615)، وابن ماجه في «الصلاة»، باب من نام عن الصلاة أو نسيها: (698)، من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.




في حكم بيع المأكولات في بلاد الكفر
أثناء شهر رمضان
السـؤال:
أعمل تاجرا في بلاد الكفر في محل لبيع الأكل الخفيف، فهل يجوز لي أن أبيع هذه المأكولات في أيام رمضان بعد صلاة العصر؟ مع العلم أنّ الزبائن منهم كفار، ومنهم مسلمون، وجزاكم الله خيرا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا يجوز التعاون مع من يلزمه صيام شهر رمضان أصالة كالمسلمين أو بعد تحقق شرط الإسلام كالكفار في انتهاك شهر رمضان بالأكل، لأنه تعاون على الإثم والعدوان لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2] ذلك لأن الكفار على الصحيح مخاطبون بفروع الشريعة إذا ماتوا على الكفر من جهة ترتب العقاب على عدم أدائهم لفروع الشريعة ومنها الصيام أما وحال كفرهم إنما يخاطبون بها بعد تحقق شرط الإسلام. ويمكنك مراجعة فتوى أخرى في نفس المضمون تحت عنوان : «في حكم إطعام الكافر في نهار شهر رمضان (http://www.ferkous.com/rep/Bg18.php)».
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 13 رمضان 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 25 سبتمبر 2007م

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
01-Aug-2011, 02:10 PM
في حكم إطعام الكافر في نهار شهر رمضان
السـؤال: ما حكم تقديم الأكل إلى الكفار في شهر رمضان؟

الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالأصلُ أنَّ الكفار مخاطبون بالإيمان إجماعًا وبفروع الشريعة على الأصحِّ من أقوال أهلِ العلم، ومن فروع الشريعة: الصيام، وحكمه: وجوب الصيام على الكافر بعد تحقيق شرط الإيمان، أي: أنّ الكافر مُطَالَبٌ بالصيام باعتباره فرعًا من فروع الشريعة لكن مع تحصيل شرطها الذي هو الإيمان، وعليه فكما لا يجوز التعاون على إطعام العاصي من المسلمين من غير عُذْرٍ فكذلك الكافر، لوجوب الإيمان والصيام عليه، لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليمًا.




الجزائر في: 8 محرم 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 27 يناير 2007م



في حكم من انتقل إلى بلد بنقصان صيام أو زيادة
السؤال: ما حكم من صام اليوم الأول من رمضان في بلده وهو في اليوم الثاني في البلد الذي انتقل إليه، وقد يصوم أهل ذلك البلد تسعةً وعشرين يومًا (29 يومًا) في حين أنه لم يصم من العدد سوى ثمانية وعشرين يومًا (28 يومًا)، فهل يكمل صومه في اليوم الذي يفطر فيه أهل البلد المتواجد معهم أم أنه يفطر معهم ثم يقضي ما بقي، وما حكم من حدث له العكس بحيث أنه صام في بلده يومًا قبل البلد الذي انتقل إليه، فماذا يفعل إن صام البلد ثلاثين يومًا (30 يومًا)؟ فهل يصوم واحدًا وثلاثين يومًا (31 يومًا)؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل أن المسلم يصوم ويفطر مع الجماعة وعِظَمِ الناس وإمامهم حيثما تواجد، سواء مع أهل بلده أو مع بلدِ غيره لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ»(١)، وهذا المعنى من وجوب الصوم والفطر مع الجماعة في الحديث احتجّت به عائشة رضي الله عنها على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر، حيث قال: «دَخلتُ على عائشةَ رضي الله عنها يوم عرفة، فقالت: اسقوا مسروقًا سويقًا، وأكثروا حلواه، قال: فقلت: إني لم يمنعني أن أصوم اليوم إلاّ أني خفت أن يكون يوم النحر، فقالت عائشة رضي الله عنها: النَّحْرُ يَوْمَ يَنْحَرُ النَّاسُ، وَالفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ»(٢)، ومنه يفهم أنه في العبادة الجماعية كالصوم والإفطار والأضحية والتعييد ونحوها لا عبرة فيها للآحاد، وليس لهم التفرّد فيها، ولا أن يتبعوا الجماعة غير الجماعة التي يتواجدون بينهم، بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة التي وجد معهم صومًا وإفطارًا. وإذا كان حكمهم يلزمه، فإن أفطر لأقلَّ من تسعةٍ وعشرين يومًا مع البلد الذي انتقل إليه وجب أن يقضي بعده ما نقص من صومه، لأن الشهر القمري لا ينقص عن تسعة وعشرين يومًا ولا يزيد عن ثلاثين يومًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا»(٣) هذا وكذلك إذا أكمل صيام ثلاثين يومًا ثمّ انتقل إلى بلد بقي على أهله صيامُ يوم أو أكثر وجب عليه موافقتهم في صومهم، وما زاده من الشهر كان له نفلاً كما يوافقهم في فطرهم والتعييد معهم تحقيقًا لرغبة الشريعة في وحدة المسلمين واجتماعهم في أداء شعائرهم الدينية وإبعادهم عن كلّ ما يفرق صفّهم ويشتّت شملهم، فإنّ يد الله مع الجماعة.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.




الجزائر في 11 رمضان 1427ﻫ
الموافق ﻟ 4 أكتوبر 2006م


١- أخرجه أبو داود في الصيام (2324)، والترمذي في الصوم (697)، وابن ماجه في الصيام (1660)، وعبد الرزاق في المصنف (7304)، والدارقطني (35)، والبيهقي (6378)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/280)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (4/13)

٢- أخرجه البيهقي (8301)، وجود الألباني سنده في "السلسلة الصحيحة" (1/1/442).

٣- متفق عليه: أخرجه البخاري في الصيام (1814)، ومسلم في الصيام (1080)، وأبو داود في الصوم (2319)، والنسائي في الصيام (2140)، وأحمد (4997)، والبيهقي (8292)، والبغوي في شرح السنّة (6/228)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.



فيحكم إفطار الحامل والمرضع
السؤال: هل على الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان القضاء أم الفدية ؟

الجواب:الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:

فلا قضاءَ على الحامل والمرضع إذا طاقتا الصيام مع جهد ومشقة، أو إذا خافتَا على أنفسهما أو ولديهما وإنما يشرع في حقِّهما الفدية بإطعام مكان كلّ يوم مسكينًا إذا أفطرتا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاَةِ، وَالصَّوْمَ عَنِ المُسَافِرِ وَعَنِ المُرْضِعِ وَالحُبْلَى»(١) فثبت القضاء على المسافر في قوله تعالى: ﴿فمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]، وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز، والحبلى والمرضع لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامِ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184]، والحكم على الحامل والمرضع بالإفطار مع لزوم الفدية وانتفاء القضاء هو أرجح المذاهب، وبه قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وغيرهما، فقد صحّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «إذا خافت الحاملُ على نفسها والمرضعُ على ولدِها في رمضان قال: يفطران، ويطعمان مكان كلّ يوم مسكينًا ولا يقضيان»(٢)، وعنه أيضًا: «أنه رأى أمّ ولد له حاملاً أو مرضعًا فقال: أنت بِمَنْـزلة من لا يطيق، عليك أن تطعمي مكان كلّ يوم مسكينًا، ولا قضاء عليك»(٣)، وروى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أنّ امرأته سألته - وهي حبلى - فقال: أفطري، وأطعمي عن كلّ يوم مسكينًا، ولا تقضي»(٤).
ولأنّ قول ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم انتشر بين الصحابة ولم يعلم لهما مخالف من الصحابة فهو حجّة وإجماع عند جماهير العلماء، وهو المعروف عند الأصوليين بالإجماع السكوتي(٥)، ولأنّ تفسير ابن عباس رضي الله عنهما تعلق بسبب نزول الآية والمقرر في علوم الحديث أن تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النـزول له حكم الرفع(٦)، وما كان كذلك يترجح على بقية الأقوال الأخرى المبنية على الرأي والقياس.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

تنبيـه:
1 - المرضعة في زمن النفاس تقضي ولا تفدي لأن النفاس مانع من الصوم بخلاف زمن الطهر.
2 - وإذا أرضعت بالقارورة فيجب عليها الصوم أيضًا لأنها مرضعة مجازًا لا حقيقةً.
3 - توجد على الموقع فتوى أخرى مماثلة يمكن الاستفادة منها بعنوان"في ترخيص الفطر على المرضع مع وجوب الفدية" (اضغط هنا (http://www.ferkous.com/rep/Bg9.php)).


الجزائر في: 10 رمضان 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 3 أكتوبر 2006م



١- أخرجه أبو داود في الصوم (2408)، والترمذي في الصوم (715)، والنسائي في الصيام (2275)، وابن ماجه في الصيام (1667)، وابن خزيمة (2042)، وأحمد (19841)، والبيهقي (8172)، من حديث أنس بن مالك الكعبي القشيري رضي الله عنه، وهو غير أنس بن مالك رضي الله عنه. والحديث حسنه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: (2/71)، والوادعي في "الصحيح المسند" (74)، والأرناؤوط في «جامع الأصول» (6/410).




٢- أخرجه الطبري في تفسيره (2758)، وقال الألباني في "الإرواء" (4/19): "وإسناده صحيح على شرط مسلم".



٣- أخرجه أبو داود (2318). والطبري في «تفسيره»: (2/136)، والدارقطني في «سننه»: (2/206)، وقال: «إسناد صحيح»،.قال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم، انظر الإرواء (4/19).



٤- أخرجه الدارقطني في «سننه»: (2/207). قال الألباني في «الإرواء»: (4/20): «وإسناده جيد».



٥- انظر إعلام الموقعين لابن القيم: (4/120)، المسودة لآل تيمية: (335).



٦- انظر مقدمة ابن الصلاح: (24)، تدريب الراوي للسيوطي: (1/157)، توضيح الأفكار للصنعاني: (1/280)، أضواء البيان للشنقيطي: (1/144).

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
01-Aug-2011, 02:12 PM
في حكم صوم المستمتع بالأجنبية في رمضان
من غير جماع
السؤال: شاب في ريعان شبابه وهداه الله للطريق المستقيم، يسأل عن ما يكفِّر عن بعض ذنوبه السابقات وخصوصا عن الصيام، يقول بأنه كانت له خليلة وفي أحد أيام شهر رمضان اختلى بها وفعل معها بعض الفعال غير أنه لم يجامعها (عالما بحرمة ماسبق)، فيسأل عن ما يترتب عن ذلك من أحكام شرعية. بارك الله فيكم ،والسلام عليكم.

الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا يخفى أنَّ حرمة شهر رمضان عظيمة، وانتهاك الحرمة فيه له كبير الذنب والإثم لعظمة الشهر، ومن حرمات هذا الشهر تجنب الرفث وقول الزور وغيرها من القبائح، والوقوع فيها-من حيث أثره- يتجلى في أمرين:
الأول: الإثم الذي يجب على فاعله أن يتوب عنه فورًا، ويستكثر من الحسنات لقوله تعالى:﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾[هود: 114]، ولقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾[الفرقان:70]، ومن كان صادقا في توبته ويقلع عن ذنبه يجد الله غفورًا رحيمًا.
الثاني: فساد صومه بالجماع سواء كان مباحًا أو محرمًا، ويترتب عليه ذلك اليوم مع كفارة شهرين متتابعين، أمّا من لم يصل إلى الجماع المحرم وذلك بعدم إيلاج فرج مشتهى طبعًا محرم شرعًا، فإنه على أرجح قولي أهل العلم أنَّ المعاصي لاتبطل الصوم إنما تنقص كماله غير أنه إذا كانت هذه الخلوة بالأجنبية ومداعبتها سببا في إنزال المني، فإنه لا يقضي ذلك اليوم على أحد الوجهين لأهل العلم، ولا تترتب عليه الكفارة.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.



الجزائر في: 7 صفر 1427ﻫ


الموافق لـ: 8مارس2006م




في حكم صوم تارك الصلاة

السؤال: هل صيام تارك الصلاة جائز صحيح؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وآله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في عدم صحة صيام من ترك الصلاة منكرًا بفرضيتها جاحدًا بوجوبها، لأنه كافر كفرًا مخرجًا من الملة قولاً واحدًا، وأعمال الكفار تقع باطلة لأنَّ صحة العمل مشروط بالإيمان وهو -في هذه الحال- منتفٍ عنه، قال تعالى:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً﴾ [الفرقان: 23]وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾[النور: 39]، وقال تعالى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ﴾ [إبراهيم: 18]
أمَّا تارك الصلاة عمدًا وكسلاً وتهاونًا مع الإقرار بفرضيتها فحكمه مختلف فيه بين أهل العلم بين مكفر له لورود نصوص شرعية تقضي بذلك وبه قال الإمام أحمد وغيره، وغير مكفر لتاركها لوجود أدلة أخرى مانعة من تكفيره وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم، وتخريج هذه المسألة مردها إلى حكم تكفيره، فمن كفر تارك الصلاة عمدًا وتهاونًا ألحقه بالمنكر لفرضيتها فلم يعتد بصيامه وسائر أعماله -كما تقدم- لانتفاء شرط الإيمان الذي يتوقف عليه عمله وصيامه، ومن لم يكفره عَدَّه مؤمنا عاصيًا، ولم يخرجه من دائرة الإيمان، وبناء عليه تصح أعماله وصيامه لوجود الإيمان المشروط في الأعمال والعبادات.
والراجح من القولين هو التفصيل، ووجهه أن من ترك الصلاة كلية ويموت على هذا الإصرار والترك فلا يكون مؤمنًا ولا يصح منه صوم ولا عمل وهو المعبر عنه بالترك المطلق، أما من يصلي ويترك فهذا غير محافظ عليها وليس بكافر، بل مسلم يدخل تحت المشيئة والوعيد ويصح صومه وهو المعبر عنه بمطلق الترك ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليها كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة"(١)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن أتمها، وإلاَّ نظر هل له من تطوع، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه"(٢) وهذا التفصيل من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية(٣) رحمه الله-.
و العلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.


الجزائر في: 16 ذي القعدة 1426ﻫ
المـوافقﻟ: 18 ديسمبر 2005م

١- رواه أبو داود في الوتر (1422)، والنسائي في الصلاة (465)، وأحمد (23361) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب:(1/370)، وفي صحيح الجامع: (3243).

٢- رواه الترمذي في الصلاة (415)، والنسائي في الصلاة (469) وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة (1491) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2020).

٣- مجموع الفتاوى لابن تيمية: (7/ 614، 615، 616)، ( 22 / 49).



في وجوب الصوم والإفطار مع الجماعة

السؤال: قام بعض النّاس بالإفطار قبل الأذان بحجة أنّ الأذان لا يرفع في الوقت الشرعي، فهل هذا الفعل جائز؟

الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فيفرّق ما بين صوم رمضان وهو الصوم الجماعي وغيره من الصوم الواجب في غير الجماعة والمستحبّ التطوعي الفردي، أمّا الصيام المفروض الذي يكون جماعة فينبغي عليه أن يصوم ويفطر مع جماعة النّاس وإمامهم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: « الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون»(١) فصرّح بوجوب أن يكون الصوم والإفطار والأضحية مع الجماعة وعظم النّاس، سواء في ثبوت رمضان أو العيد أو في غروب الشمس أو طلوع الفجر فيجب على الآحاد اتباع الإمام والجماعة فيها ولا يجوز لهم التفرد فيها جمعا للأمة وتوحيدا لصفوفها وإبعادا للآراء الفردية المفرقة لها فإن يد الله مع الجماعة، أمّا صيام الواجب والتطوّع الفردي فيوكل كلّ بحسب دخول وقت المغرب أو وقت طلوع الفجر عملا بقوله تعالى: ﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر﴾ [البقرة:187] ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»(٢) وفي ذلك أحاديث أخرى.
والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.

١- أخرجه الترمذي في الصوم (697)، والدارقطني (2205)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني في إرواء الغليل (905).

٢- (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_32%27%29)أ خرجه البخاري في الصوم (1954)، ومسلم في الصيام (2612)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.