المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البيان لغلو علي الحلبي في دفاعه عن أهل الاهواء و البهتان.



أبو هنيدة ياسين الطارفي
13-Aug-2011, 05:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

البيان لغلو علي الحلبي في
دفاعه عن أهل الأهواء والبهتان

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول وعلى آله ومن اتبع هداه..

أما بعد، فقد تقدّم الكلام عن غلو علي الحلبي في رسالة عمَّان، وقد وعدت هناك أن أبين غلوه أيضًا في مسألتين:

- موقفه من وصف الصحابة بالغثائية.
- موقفه من بعض أدعياء السلفية الذين بدّعهم أغلب أئمة العصر بالحجة والبرهان.

ونظرًا لضيق الوقت –خاصة في شهر رمضان-، وحتى لا يطول الفصل بين نشر المقال الأول وتتمته، وجدت من المصلحة أن أعجل بنشر المادة العلمية الجاهزة عندي في المسألة الأخيرة المتعلقة بغلوه في الدفاع عن أهل الأهواء والبهتان، وهي مستلة من كتابي الأخير: "الحدود الفاصلة بين أصول منهج السلف الصالح وأصول القطبية السرورية.. ويتضمن المسائل التي خالف فيها الحويني أصول منهج السلف ووافق فيها أصول القطبية السرورية"، وهو الفصل الذي عنونت له بـ: "موقف الشيخ علي الحلبي والشيخ مشهور حسن سلمان من أبي إسحاق الحويني"،
وسأنقل منه موضع الشاهد، وهو المتعلِّق بعلي الحلبي.

والكتاب –كما هو معلوم- راجعه وقرَّظه خمسة من العلماء الأفاضل، وهم: المشايخ: عبيد الجابري، وعبدالرحمن محيي الدين، وحسن بن عبدالوهَّاب، وفلاح إسماعيل مندكار، وأحمد بازمول –حفظ الله الجميع-؛ وكلُّهم أقر التعليقات المذكورة في نقد موقف علي الحلبي من أدعياء السلفية.

وأخصُّ بالذكر الشيخ فلاح إسماعيل مندكار، والذي زاد تعليقات مفيدة تجدها في موضعها؛ لأنه مِمَّن تعلَّق به وتمسح به -في يوم ما- علي الحلبي وأتباعه، فإذ به يدك باطلهم دكًّا بتعليقات قوية في طول الكتاب المذكور.

وكما هو معلوم أيضًا أن وجوه أدعياء السلفية المستعارة قد كشفت أكثر وأكثر في الفتن المتلاحقة التي داهمت بلاد الإسلام في الآونة الأخيرة، ورُغم هذا ما وجدنا أيَّ تراجع للحق من علي الحلبي، بل وجدنا منه عجبًا بأرائه الباطلة وتشبثًا بها، مِمَّا هي علامة صاحب الهوى.

وإن شاء الله في وقت لاحق نزيد فوائد تتعلق بهذه التصريحات الأخيرة لأدعياء السلفية، مما يظهر حقيقة أمر هؤلاء أكثر وأكثر ويجعل علي الحلبي في حرج أكثر وأكثر مع ربِّه أولاً، ثم مع أولياء الله المتقين ثانيًا، إذا لم يؤوب عن باطله إلى الحقِّ الجلِّي، والله الموفِّق.

وإليك الفصل المشار إليه من الكتاب:

سئل الشيخ علي الحلبي في شريط سجَّله معه أحد الشباب من (المنيا- مصر):

"بعض الإخوة للأسف... بدأ ينشر أقوال العلماء في الشيخ أبي إسحاق الحويني وطبعًا... العوام أو غيرهم، بدءوا لا يسمعون الشيخ؟

فأجاب الحلبي:

"نحن نعتقد أن هذا خطأ، وأن أخانا أبا إسحاق رجل فاضل من أهل السنة، وهو من الدعاة السلفيين المعروفين منذ أكثر من عشرين سنة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يخطئ، هو يخطئ ونحن ننبه عليه([1]).

ونحن ناصحناه بالوجه مباشرة في أمريكا، وفي الإمارات، وفي السعودية ثلاث مرات، وحاولنا أن نلتقي معه في القاهرة، وعسى أن يكون اللقاء قريبًا نتناصح ويذكِّر بعضنا بعضًا.

ولكن بالمقابل نقول: لا يعني ذلك تبديعه ولا يعني ذلك هجره، ولا يعني ذلك عدم الاستفادة منه.

وأنا أقول: لعل محاضرات أخينا الشيخ أبي إسحاق الآن في القنوات الفضائية وما أشبه لعلها أنفع الموجود لطلبة العلم حتى العوام قد لا ينتفعون به كمثل ما ينتفع به طلبة العلم، وغيره من الدعاة أيضًا المبرزين والمشهورين، نفعهم للعوام أكثر ما ينتفع به طلبة العلم، لكن نحن ننصح ونوصي أخانا أبا إسحاق أن يتكلم في أمور العقيدة وفي المنهج السلفي الحق، وأن يتكلم في المنهج وأن يرد على أهل البدع، وأن لا ينزع إلى هذا المنزع الذي بلغنا عنه في كلامه على موضوع الحاكمية، فهذا خطأ، وموضوع الإصرار وأن الإصرار استحلال، هذا أيضًا خطأ، وإن كان هو لا يزال معتقدًا به، أنا اعتقد أن هذا خطأ، وقرأت أنا وجهة نظره وسمعتها، وأنا أرى أن وجهة نظره صحيحة ولكن لا أحكم عليه بالخارجية، كما حكم عليه غيري، وإنما أقول: هذا خطأ علمي أملي بالله -إن شاء الله- أن يصلحه ويصحِّحه<.

وسُئل أيضًا -ردَّه الله إلى الحق- في لقاء عبر البالتوك بتاريخ (22/3/2006): هل الشيخ أبو إسحاق الحويني مبتدع؟ وهل يجوز أن نأخذ عنه علم الحديث؟

فأجاب قائلاً:
أقول لا أستطيع أن أقول إن الشيخ أبا إسحاق مبتدع، وإن كانت عليه بعض المؤاخذات [...]، وأنا لا أعتقد أنها من منهج منحرف؛ لأننا نعرف الرجل معظِّمًا للسنة ومُعَظِّمًا للحديث وأهله؛ وهذه الأشياء لم -يعني- نقف عليها عنده إلا في الفترة الأخيرة التي التف على بعض .. التف فيها، والتف عليه فيها أيضًا بعض الدعاة والوعَّاظ، وتوسّع في العبارة، وصار عنده شيء من -يعني- لا أعرف ماذا أقول .. من الخوض أحيانًا في أمور قد لا يكون يعني مدركًا (بدقة) معناها وآثارها، كمثل -يعني- تعظيمه -فيمـا يبلغنا- لبعض عبارات سيد قطب وما أشبهه، ومثل تعظيمه لبعض الـمبتدعة الـمصريين الذين يتهمون شيخنا الألباني في العقيدة([2]).

ولا أُخفيكم أنني نصحت مع بعض إخواننا أخانا أبا إسحاق، ووعدنا خيرًا، والظن به -إن شاء الله- أن يميز نفسه عن هؤلاء؛ ليرجع كما عرفناه أول مرة داعيةً للسنة، ناصرًا للحديث، وقائمًا على صناعة الحديث التي لا يُحسنها اليوم إلا القليلون، وكنت قد قلت مرةً ما أكرره اليوم، قلت: >الوعَّاظ في مصر ألف واعظ، وأهل الحديث لا يتجاوزون العشرة<، فلماذا يريد أخونا أبو إسحاق أن ينأى بنفسه عن أهل الحديث لينتقصهم واحدًا ويزيد الوعاظ الألف واحدًا([3])؟ هذا مِمَّا لا نحبه لأنفسنا ولا نحبه لأخينا، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: >لا
يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه<، ولكن نحن لا نُبَدِّعه ولا نُخرجه من السلفية، وإن كنا ننتقده([4]).

فنرجو الله تعالى أن يشرح صدره للحق، وأن يرجع إلى الحق، فنحن نحب له الخير كما نحبه لأنفسنا، ونرجو له الصواب كما نرجوه لأنفسنا، والله شاهد، وصلى الله على نبينا محمد<. اهـ

وقال الشيخ علي الحلبي في فتوى قديمة له:
>أما بالنسبة للأخ أبي إسحاق الحويني، فأبو إسحاق الحويني لم نعرفه إلا بالحديث، وبالسنة والتخريج والأسانيد وبـ>حدثنا وأخبرنا<، وهو في مصر بين أناس من أهل الحديث لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وبين أناس وعَّاظ وقصَّاصين يتجاوزون الألف، فأبى للأسف أبو إسحاق إلاَّ أن ينقل نفسه من دائرة أهل الـحديث؛ لينقصهم واحدًا ليزيد الوعَّاظ والقصَّاصين الألف نفرًا آخر، فنسأل الله أن يهديه وأن يرده إلى منهج السنة والـحديث، وأن يبعده عن طرائق هؤلاء التي تُعدي الأجرب الصحيح<.

قلت: هكذا كان الشيخ علي حسن -قديْمًا- يخرج أبا إسحاق الحويني من منهج أهل السنة والحديث إلى منهج القصَّاص الوعاظ، وهذا تجريح شديد، وهو الحق لا ريب فيه.

وقد يقول قارئ غير متيقظ: إن الشيخ عليًّا لم يُغيِّر كلامه، حيث إنه كرَّر عبارته القديمة في كون أبي إسحاق زاد الوعاظ واحدًا.

قلت: تأمل العبارتين كي تدرك الفارق بينهمـا:

في الـمرة الأولى: قال: >فأبى للأسف أبو إسحاق إلا أن ينقل نفسه من دائرة أهل الحديث؛ لينقصهم واحدًا ليزيد الوعَّاظ والقصَّاصين الألف نفرًا آخر، فنسأل الله أن يهديه وأن يرده إلى منهج السنة والحديث<.

وفي الـمرة الثانية: قال: >الوعَّاظ في مصر ألف واعظ، وأهل الحديث لا يتجاوزون العشرة، فلماذا يريد أخونا أبو إسحاق أن ينأى بنفسه عن أهل الحديث لينتقصهم واحدًا ويزيد الوعاظ الألف واحدًا؟ هذا مِمَّا لا نحبه لأنفسنا ولا نحبه لأخينا ... ولكن نحن لا نُبَدِّعه ولا نُخرجه من السلفية، وإن كنا ننتقده<.

قلت: ففي المرة الأولى جزم بانتقاله من دائرة أهل الحديث إلى دائرة القصَّاصين، وأهل الحديث على السنة، والقصَّاصون على بدعة، فهذا انتقال من أهل السنة إلى أهل البدعة، ولذلك دعا الله أن يهديه وأن يرده إلى منهج أهل السنة، فهذا صريح أنه خرج من منهج أهل السنة، وإلا كيف يرد إلى شيء لم يخرج منه؟!

وفي الـمرة الثانية: أكَّد عبارته الأولى لكن بعد أن حوَّرها وعدَّلها؛ لتوافق منهجه الجديد القائم على ملاينة أهل الأهواء -خاصة من أدعياء السلفية-، فنقض جزمه الأول وعلَّقه بإرادة أبي إسحاق، وجزم بما كان يجزم بعكسه في المرة الأولى، جزم بسلفية أبي إسحاق، وعدم تبديعه.

وهذا موطن آخر فيه كلام أشد من الشيخ علي الحلبي في حقِّ الحويني، قال فيه:
>إذا قال أبو إسحاق الحويني في محمد عبد المقصود وفوزي السعيد وربعهم من التكفيريين الجهلة الذين يطعنون بنا وبمشايخنا، ويتهموننا بالإرجاء قال إنهم علماء، فهذا يدل على جهله ويدل على ابتداعه، ويدل على أنه على وشك الـخروج من السلفية التي لـم يُعرف إلا بها، ولم ندعو له وننتصر له إلا بسببها، فإذا خرج منها وناوئ أشياخها وأهلها وأبناءها، فالحق والله أغلى منه، وأغلى من ألف مثله، والله ناصر دينه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين<. اهـ

قلت: والسؤال الآن هل تغير منهج أبي إسحاق الحويني حتى يغير الشيخ علي حسن كلامه القديم؟

هل ترك الحويني منهج القصَّاص وتاب من مخالفاته الصارخة لمعتقد أهل الحديث، حتى يتراجع الشيخ على الحلبي عن تحذيره القديم من الحويني؟!

أم أن الشيخ علي الحلبي هو الذي غيَّر وبدَّل؟!

والجواب واضح لكل ذي عينين!!

وفي موطن آخر سئل الشيخ علي الحلبي: ما رأيكم في المخالفين لمنهج أهل السنة كالحويني، والمغراوي، والمأربي، وعرعور؟

فأجاب قائلاً: >أنا أقول هؤلاء أنا أعرفهم منذ سنوات بعيدة وقرأت ما كتبوا وسمعت ما قالوا أنا أعلم أنهم عندهم أخطاء وبعض هذه الأخطاء قد لا يكون قليلاً([5])، وأعلم أنه زيد على بعضهم في شيء مما قال وأخذ بعض كلامهم على غير وجهه([6])، أنا من أستطيع أن أناصحه منهم أناصحه وأذكِّره وأبين له خطأه وأتواصى معه بالحق وبالصبر، ولكني أخاف الله وأتقيه في أن أبدعهم أو أخرجهم من السنة.

من رأى أنه بينه وبين ربِّه يكون عامرًا لتبديعهم وتضليلهم فليفعل، وأنا لا أنكر عليه، وإنما بيننا وبينه التناصح فإذا تناصحنا فيهم فأقنعني واقتنعت؛ فليحمد الله وإذا تناصحنا فيهم؛ فتناقشنا فأقنعته أنا فليحمد الله، أما أن نختلف نحن فيما بيننا، ونحن متفقون على ما عند هؤلاء من أخطاء، ثم إذ بنا يبدع بعضنا بعضًا ويسقط بعضنا بعضًا بسببهم؛ أقول: فليفرح هؤلاء بخلافنا، فإن هذا ما يسعدهم ويسعد من وراءهم.

لكن؛ إذا أنت تريد أن تبدعهم وأنت مطمئن أنك على ديانة وعلى تحقيق علمي وعلى تقى من الله وعلى تثبت ويقين وبينة على ما أنت تبدعهم به؛ فحسابك على الله، والله حسيبك، وإذا كنت أنا أعرف ما عندهم من أخطاء وهذه الأخطاء أعالجها بقدر ما أستطيع من نصيحة وبالتحذير من هذه الأخطاء لكن أعرف أن هؤلاء على ثغرات([7])، وأن أصولهم أصول عقائدية سُنية سلفية([8])، ولا أحد منهم يقول أنا لست بسلفي أو أنا قطبي أو أنا حزبي أو أنا تكفيري بل كلهم يتبرأ من ذلك([9])، وإنْ كانت على فترات وعلى درجات، فأنا أخاف الله وأتقيه في أن أقول هؤلاء تكفيريون أو قطبيون أو حزبيون، وأنا أعلم -وربي يعلم مني- أني لست على قناعة بأن هؤلاء على ذلك؛ وإن كانوا مخطئين وإن كنت أخطِّئهم، وأحذِّر من أخطائهم، لكني أخاف الله؛ مَن لا يخاف الله في تبديعهم؛ فليبدعهم، أما أنا فأخاف الله وأتقيه في ذلك، ونسأل الله أن يستر عوراتنا وأن يؤمِّن روعاتنا<. اهـ

قلت: وإليك موطن ثالث نافح فيه الشيخ علي الحلبي عن محمد بن حسَّان والحويني ومحمد حسين يعقوب، وكأنه كرَّس جهوده في الآونة الأخيرة في الذبِّ عن عرض المفتونين المدَّعين السلفية، حيث سئل علي الحلبي: أحسن الله إليكم شيخنا هذا سائل يقول: اسأل الشيخ عن قوله في الشيوخ محمد حسين يعقوب، محمد حسان، محمد الزغبي، أبي إسحاق الحويني، وعبد الحميد الكشك؛ بارك الله فيكم؟

فأجاب قائلاً: هؤلاء ليسوا سواء وأنا أقسمهم إلى ثلاث درجات:

نبدأ بالدرجة الدنيا ثم نصعد إلى العليا؛ فنقول: أما كشك فقصَّاص واعظ وخطيب لا يميز، ونسأل الله أن يغفر له وأن يرحمه فقد كان مستودعًا للأحاديث الضعيفة والعقائد الأشعرية والآراء الصوفية.

وأمَّا محمد حسين يعقوب فهو لا يتكلم في عقيدة ولا في منهج، يتكلم في الرقائق ويتكلم في الأخلاق، وأنا نصيحتي له أن يظل هكذا وأما إذا دخل في موضوع الفتيا.. وأنا سمعت له كلمة يتكلم فيها حول الجماعات فأتى بما لا يَحْسُن وما لا يُحْسِن، فنصيحتي له -حفظه الله وزاده من فضله ونفعه ونفع به- أن يقتصر على الكلام في الأخلاق وفي الرقائق وفي السلوك وأن يجعل مهمة الكلام في الجماعات أو في الفقه أو في العقيدة لمن هو أهل لها([10]).

وأما الفئة الأخيرة وهو أخونا الشيخ الزغبي والأخ مـحمد حسّان أخونا الشيخ مـحمد حسان، وأخونا الشيخ أبو إسحاق الـحويني فأنا أقول: هؤلاء سلفيون! أقولـها بملئ فمي!! هؤلاء سلفيون ليسوا تكفيريين، وليسوا قطبيين([11])....................، ولا يخالفوننا في أولياء الأمور([12])،................................................ .................................................. ... ولا يتكلمون في الطعن بعلماء أهل السنة([13])، نعم قد ينقل عن بعضهم بعض القول فيناصحون به نحن عندنا سلفي، وعندنا سلفي يخطئ وعندنا مبتدع، ولا نقول ليس عندنا إلا قسمان سلفي لا يخطئ أو مبتدع هؤلاء سلفيون إذا أخطؤوا يناصحون ويذكرون فأما أن نأخذهم بجريرة أخطائهم، وقد تراجعوا عنها ثم إذا تراجعوا لا نقبلها منهم، ونقول: هؤلاء كذابون وهؤلاء سياسيون هذا دخول في النيات ولا يجوز([14]).

أكرِّر وأختصر:
هؤلاء الآخرون سلفيون وهم دعاة إلى الكتاب والسنة، ونفع الله بهم وعليهم بعض الملاحظات ناصحنا بعضهم بالأمس القريب كانت مناصحة طيبة مع الأخ الشيخ محمد حسان أظهر فيها ولله الحمد مخالفته لسيد قطب مخالفته لابن لادن مخالفته لتنظيم القاعدة مخالفته لأفكار سيد قطب في الحاكمية وغيرها وأظهر موافقته لعلماء الإسلام أظهر موافقته لأولياء الأمور ضمن طاعة الله ورسوله، ماذا نريد من هؤلاء أكثر ماذا نريد منهم([15])؟

نقول لأنفسنا ونقول لمن لم يستطع أن يفعل فعلهم: فليتوكلوا على الله فلقد قاموا بأكثر مما نقوم، وفعلوا أكثر مما نفعل([16])،
فإذا نحن جلسنا نراقبهم لا بأس أن نراقبهم بنية حسنة طيبة حتى نزيدهم وحتى نمدهم وحتى ندعوا لهم وحتى نناصحهم وحتى نصلح ما أخطؤوا فيه، أما أن تكون أفعالنا للتشفي والانتقام وللتصيد، فهذه ليست أخلاق المسلمين فضلاً على أن تكون أخلاق السلفيين.

ومع ذلك فأنا أعذر من خالفني في هذه المسألة إذا ظهر له غير ذلك، أما وقد بيَّنت فأرجو أن ينقطع عذره في هذا، والله المستعان.

وكلامي هنا ليس عن الشيوخ والعلماء وإنما كلامي عن الشباب والمتمشيخين دون الشيوخ من الذين يأخذون كلام أهل العلم ويطيرون به كل مطار دون تأمل ودون تأنٍ ودون معرفة للمصالح والمفاسد والله المستعان<. اهـ

قلت: صدق حذيفة -رضي الله عـنه- لَمَّا قال: "إن الضلالة كل -وفي رواية: حق- الضلالــــــة أن تعرف مــــــا كنت تنـــكر، أوتنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله، فدين الله واحــــــد"([17]).

وأخرج ابن بطة في الإبانة الكبرى (574) من طريق عصمة بن عروة، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التلون في الدين، وبرقم (575) من طريق هشيم عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كانوا يرون التلون في الدين من شك القلوب في الله.

ثم قال برقم (576): >حدثنا الصفار قال: حدثنا الرمادي قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: قال مالك: «الداء العضال التنقل في الدين<.

وهذا آخر كلام وقفت عليه للشيخ علي الحلبي في الثناء على الحويني، وذلك في المجلس الذي جمعهما سويًّا ومعهما الشيخ مشهور في رحلة الحويني الأخيرة للأردن، حيث قال الحلبي: >فكما ذكر أستاذنا الفاضل سماحة قاضي القضاة -في ديارنا- الشيخ أحمد هِليِّل: أن الأردن بإخوانها، ودعاتها، وأبنائها، طلبة علم، ومشايخ، ودعاة، يرحبون بأخينا الشيخ أبي إسحاق الحويني بعد مفارقة لهذا البلد، مضى عليها عشرون سنة؛ كانت هي فاتحة الخير بالنسبة له -إن شاء الله- في الجد في طلب العلم، وشق الطريق بقوة وثبات كما عهدناه([18])، وكما عرفناه من اللحظة الأولى؛ ناصرًا للسنة -ولا نزكيه على الله- ورادًّا للبدعة([19]).

ردوده في حواشيه، أو في بعض الكتب المستقلة على المناوئين للسنة، ولأهل السنة هي التي كان لها التقديم والتقدم في نفوسنا، وفي نفوس كل محب للسنة وداع إليها، كما قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: >كل داع للسنة له نصيب من قوله تعالى: ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾ وكل مناوءٍ لها له نصيب من قوله تعالى: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾.

وذهب الذين ناوءوا السنة، وذهبت جهودهم، ولم يبق لهم ذكر.
وأهل السنة وإن كانوا موتى لكنهم أحياء بدعاء أهل العلم، وأهل السنة لهم.

وأنا أقول -دائمًا-: لولا أن شيخ الإسلام ابن تيمية رد على البكري والأخنائي، والله ما عرفنا لا البكري، ولا الأخنائي.

وشيخ الإسلام حتى خصومه، وحتى مخالفوه أقروا له بالعظمة، وبالإمامة، وبالتقدم -رحمه الله-.

فنرحب بأخينا الشيخ أبي إسحاق، ولن ننسى -بعد تلكم الأيام الثلاثين التي قضاها في ربوع بلادنا المباركة هذه- لن ننسى رحلة الحج التي كانت آخر مطاف شيخنا للديار المقدسة -شيخنا الشيخ الألباني-....

وأنا قلت كلمة لإخواني، وأقولها الآن أمام أخينا أبي إسحاق - من باب قوله تعالى: ﴿ وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ﴾ [العصر: ٣].

أقول : جزى الله أخانا أبا إسحاق على ذكره وتمجيده لشيخنا - وهو مستحق لذلك وأكثر - بما فاق ذكرنا نحن وتمجيدنا([20])، ونحن نظن أننا الأقرب إلى الشيخ سكنى وصلة وما أشبه، لكن وفقه الله لحب عظيم لشيخنا، جعل لسانه يلهج بذكره، وهذا - إن شاء الله كما قلنا - باب خير له، ولشيخنا، ولأهل السنة جميعًا([21]).

لنا رجاء جميعاً لأخينا أبي إسحاق: أن تظل لُغة العلم -وهي إن شاء الله موجودة-، لكن أن تظل رايتها مرفوعة وخفاقة، وأن يكون لإخوانه وأبنائه من طلبة العلم توجيهات منهجية، وعقائدية([22])؛ لأن موعظة عامة الناس طيبة ومطلوبة، والرسول - عليه الصلاة والسلام - له مواعظ، والقرآن الكريم مواعظ ؛لكن أنا أقول:

[الشباب وتوجيههم العقائدي، والمنهجي، والفكري -إن جاز التعبير- هو الذي له البقاء؛ لأن العامة في كل زمان -كما هو معروف في التجارب- يذهبون مع الأفصح، ومع الأشهر، وينتقلون إلى غيره إذا تغيَّرت الأحوال، وتبدلت الأحوال، أما العلم، والمنهج، والعقيدة، والسنة ؛ الشيخ الألباني -رحمه الله- أشرطته وكتبه كلها علمية، كلها عقائدية، كلها منهجية، كلها في نصرة السنة والرد على أهل البدع، ومع ذلك لها البقاء.

الآن لو نظرنا إلى غيره مِمَّن انتشر ذكرهم في حين من الأحيان، أو في سنة من السنوات نرى أنهم كانوا في فترة من الفترات أكثر شهرة من الشيخ، وأكثر منزلة بين العامة من الشيخ ؛ لكن انتقلوا إلى غيره، بينما الشيخ لا يزال له الموقع الأعلى والقدح المُعلى في أهل العلم من قبل ومن بعد.

ووصيتنا لأخينا الفاضل الكبير الشيخ أبي إسحاق: أن يظلّ على سَنَن شيخه وشيخنا]([23])، وهذا هو الأمل به،............................................... ............................ بل هذا الذي نراه([24])،لكننا نطلب المزيد، وربُّ العالمين أمرنا بالمزيد ﴿وقل رب زدني علما﴾ [طه:١١٤]. أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يكتبكم في الصالحين، وأن يكتبنا معكم في الطيبين من عباده، وأن يمن علينا وعليكم بالشفاء ظاهرًا وباطنًا إنه سبحانه سميع مجيب، وأعتذر على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا جميعًا. اهـ

أقول: وإني أنصح إخواننا الذين يريدون معرفة الحق في شأن التأصيلات الأخيرة التي أصَّلها الشيخ علي الحلبي([25]) أن يرجعوا إلى هذين الكتابين:
الأول: كتاب >تنبيه الفطين على تهافت تأصيلات علي الحلبي المسكين<، للشيخ سعد الزعتري -وفقه الله-.
وهذا الكتاب قد أثنى عليه إمام الجرح والتعديل في زماننا شيخنا ربيع بن هادي، وأوصى بالاستفادة منه، ونقل هذا الثناء الشيخ أحمد بازمول ونشره على شبكة سحاب السلفية، وهذا نصُّ كلامه:
>فأبشر كل السلفيين في كل مكان بهذه البشرى السارة، ألا وهي تزكية شيخنا حامل راية الجرح والتعديل ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى- لكتاب >تنبيه الفطين لتهافت تأصيلات علي الحلبي المسكين< بقلم: الشيخ أبي عبد الرحمن سعد بن فتحي بن سعيد الزعتري، فقد سألته حفظه الله تعالى عن رأيه في الكتاب؟
فقال -حفظه الله تعالى-: قد قرأت الكتاب كاملاً، وقد أجاد فيه مؤلفه، وتعقَّب الحلبي في مسائل كثيرة متعددة جانب فيها الحلبي وجه الصواب، وهو ردٌّ علميٌّ قويٌّ ما شاء الله تعالى، جزى الله مؤلفه خير الجزاء.

(وكتبته في 15 / 1 / 1430هـ)

قلت: وقد سألت بنفسي شيخنا العلامة ربيع عن رأيه في هذا الكتاب وذلك في شهر جمادى الثانية 1430؟

فقال -حفظه الله ونفع بعلمه-: "ردٌّ قوي، فرغم أنه موجز إلا أنه في ظني من أقوى ما كُتِب في الرد على تأصيلات الحلبي الأخيرة".

والثاني: كتاب >صيانة السلفي عن وساوس وتلبيسات علي الحلبي<، للشيخ أحمد بن عمر بازمول -وفَّقه الله ونصر به الحق-، وهو ردٌّ علمي مفصَّلٌ على كتاب علي الحلبي: >منهج السلف الصالح<.
وقد أثنى شيخنا ربيع -حفظه الله- أيضًا على ردِّ الشيخ بازمول، كما سمعته بأذني منه.

وقال أخونا الشيخ أحمد بن يحيى الزهراني -وفَّقه الله- في مقاله: >البيان الصادق البديع لوقائع جلسة الفلسطينيين (أبو هنية وزمرته) مع الشيخ ربيع<:

سُئِل الشيخ ربيع -حفظه الله- عن علي الحلبي؟ فقال: أنا أبين لكم حال علي الحلبي، خلال عشر سنوات نحن صابرون عليه، وما من فتنة إلا وهو مؤيد لها ويسعى في الفرقة، وفي المشاكل، ومنها:

أ- تقديمه لكتاب مراد شكري وفيه إرجاء واستدلال بأقوال أهل البدع.

ب- موقفه من فتنة عدنان عرعور .

ت- موقفه من فتنة المغراوي .

ث- موقفه من فتنة أبي الحسن المأربي، ومِمَّا قاله -حفظه الله - بخصوص المأربي: اتفقنا معه -أي الحلبي- على أمور ونزل بيان بذلك وفرح السلفيون، وفي الليلة الثانية التقى بأبي الحسن وأصدر بيانًا جديدًا أغضب السلفيين في كل مكان([26]).

ج- موقفه من جمعية إحياء التراث وثناؤه عليها بأنها سلفية، فتكلم الشيخ عن خطورة هذه الجمعية، وكيف فرَّقت السلفيين في عدد من البلدان.

قال الشيخ حفظه الله: جاءني الحلبي في رمضان وقلت له: أنت لست من طلاب الألباني، فغضب غضبًا شديدًا!!
فقلت له: أنت لست من طلاب الألباني، فقال لي الحلبي: لن أحاربك!! فذهب يحارب وطبع كتابين، وفتح موقعًا (أي: كل السلفيين) يحـارب فيه السلفيين حربًا ضروسًا، وهو من أسوأ المواقع.

فقاطعوا الشيخ ورفعوا أصواتهم ويحلفون أنه ليس كذلك -أي الموقع-.

فقال لهم الشيخ: أنا رأيت ما فيه لا تحلفوا بالباطل لا تحلفوا بالباطل، فقالوا: بأن موقعهم (كل السلفيين) ما أنشئ إلا للدفاع عن النَّفس، أنشأه علي حسن للدفاع عن نفسه، وندافع عن أنفسنا !!

أقول: ما شاء الله يفتح موقعًا لحماية الذات!!! ونصرة أهل البدع والأهواء لا لنصرة السنة والذبِّ عنها وعن أهلها، بل في هذا الموقع من البلايا والرزايا ما الله به عليم.
قال الشيخ -حفظه الله-: علي الحلبي ما درس على الألباني وإنما حضر مجالسه، فصاحوا كعادتهم .

فقال لهم: هل درس العقيدة؟ هل درس البخاري أو أصول الفقه عند الألباني؟ علي الحلبي طالب علم.

فقالوا: ما شاء الله على الحلبي طالب علم.

فقال أحدهم: وأحمد بازمول؟

فقال الشيخ: أحمد بازمول عالم، درس الحديث والعقيدة والفقه على علماء ومؤصل تأصيل علمي ودكتور في الجامعة، ولو لم يرد على علي الحلبي لرددت أنا عليه، لكنه كفاني، وقد طلبت منه أن لا يدافع عني.

فقال علي أبو هنية: أحمد بازمول صاحب هوى، والشيخ علي حافظ وبحر.

فقال له الشيخ: وأنت، فقال علي أبو هنية: أنا سلفي .

فقال الشيخ: ما شاء الله.

تكلم الشيخ عن قول أبي الحسن المأربي في قوله عن بعض الصحابة: غثائية، فقال: لمَّا سألوا علي الحلبي عن وصف الصحابة بغثاء، هل تعتبر سبًّا؟ أجابهم بكون النبي $ قال: >أنتم يومئذ غثاء كغثاء السيل<؛ فجعل الحديث عامًا لكل الصحابة.

فقالوا: تراجع، فقال الشيخ، أين تراجعه؟

فقاطعه أحدهم - وسألت عنه فقالوا : خضر شاكر العالم -وما أكثر حركاته ومقاطعاته-: لكن المعلَّمي يقول عن زيد بن حارثه: فضحه الله؟

فقال الشيخ: أين ذلك؟

فقال المقاطع: كأنه قال: في التنكيل.

فقال الشيخ: هاته، فقال المقاطع : ما أذكر موضعه.

فقال الشيخ: هل هذا مثل هذا؟

فقال المقاطع: نعم.

فقال الشيخ : اسمع لو أن ابن تيمية -وعدَّ علمـاء- قالوا هذا الكلام فهو خطأ؛ لأن حقَّ الصحابة عظيم.

ثم وجَّه لهم الشيخ نصائح وتوجيهات مفيدة، ومع ذلك كُل ما تكلَّم قالوا: والشيخ علي... والشيخ علي، فقال الشيخ: أنا كلّ ما أكلِّمكم وأبيِّن الطريقة الصحيحة، تقولون: علي علي علي!! ما فيه كتاب الله ما فيه سنة رسول الله، لا تحاربوا الحق يا أخوة لا تناصروا عليًّا ولا ربيعًا ولا أحدًا.. ناصروا الحق وتعلَّموا وميِّزوا.

وعاد الشيخ لنصحهم، ثم ما زالوا على الوتيرة نفسها، بل لمَّا يذكر الشيخ بعض أخطاء الحلبي يعترضون على الشيخ فيقولون: طيب والعبَّاد وصالح آل الشيخ!! فتعجب الشيخ منهم، وقال: هل هذا كلام سلفي.

ومع ذلك أجابهم الشيخ بما يدين الله به قائلاً: أما العبَّاد فلا يقرأ، وأما الشيخ صالح آل الشيخ فما تذكرونه لا أدري عنه، ولكن أرسلوا لي ملاحظاتكم وأنا أناصحه، أما علي الحلبي فيعرف هذه الأمور ويقرأ.

فأخذوا يرددون ما يقوله على الحلبي في كتابه: ما يلزمني والإمام أحمد جالس فلانًا ولم يبدع فلانًا ونحو ذلك !

فقال لهم الشيخ: أنتم لا تريدون الحق، ووجوهكم وجوه لا تريد الحق. اهـ

قلت: وليعلم المتعصِّبون -أو المتحمِّسون- للرجال أن ما ذكره الشيخان: ربيع بن هادي، وعبيد الجابري -حفظهما الله- في حقِّ الشيخ علي الحلبي لم يكن بسبب خطئه في تزكية واحد أو اثنين من أهل الأهواء اجتهادًا منه، إنما بسبب التأصيلات الفاسدة التي بنى عليها هذه التزكية، مع قيامه بنشر هذه التأصيلات مع التزكيات لأناس عدة يدعون السلفية بلسان مقالهم فقط، في وقت قد تكالب أهل البدع فيه على التشكيك في نزاهة ومصداقية علماء السنة الكبار نحو العلامة ربيع بن هادي، وعلى إظهارهم بمظهر الغلاة زورًا وبُهتانًا، مِمَّا كان له الأثر السيئ في نفوس الشباب، فنبذوا كلام علمائهم وتعلَّقوا بالشبهات التي أثارها علي الحلبي، ثم ماذا كان ...؟

هل سلكوا مسلك الوسطية المدعاة؟ أم أنهم تعلَّقوا بهؤلاء الأدعياء للسلفية الذين يخشى علي الحلبي من تبديعهم ويتقي الله فيهم، مِمَّا جعل هؤلاء الشباب في حيرة وتردي وانحسار عن السلفية، وانغماس في شبهات هؤلاء المنتحلين للسلفية، مع البُعد التدريجي عن منهج الأئمة الأكابر؟!!

وأقول للشيخ علي الحلبي -ردَّه الله إلى الحق-: يا شيخ علي اتقِ الله سبحانه في شباب العالم الإسلامي، وفي شباب مصر خصوصًا الذين فتنتهم بفتاويك الأخيرة في منتحلي السلفية، فلقد أصبحت هذه الفتاوى التي صرت تكررها في كل عام عند زيارتك لمعرض القاهرة للكتاب، وتلقيها
-مصحوبة بغمز العلماء بالغلو - على مسامع الشباب -السلفي الغض الطري- سببًا في تأجيج نار الفتنة بينهم، وإثارة العصبيات المقيتة، ووقوع البعض في التمييع المشين تحت دعوى الوسطية، مع الطعن الخفي والصريح في أصول علم الجرح والتعديل وفي أئمته؛ أفلا تتقي الله في هؤلاء الشباب، كمـا أنت حريص على تقوى الله في أدعياء السلفية؟!

وكتب أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان
عصر الأربعاء 10 رمضان 1432 * * *










([1])
لَمَّا قرأت هذا الموضع على الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- علَّق قائلاً: "هناك خطأ شكلي، وخطأ فرعي، وخطأ في الأصول؛ وأخطاء الحويني في الأصول.

وهكذا علي حسن يتلاعب فيقول عن عدنان عرعور، وأبي الحسن، والحويني، ومحمد حسَّان: أخطؤوا، كأنهم أخطؤوا في مسائل فرعية، وهذا من التلبيس؛ فأخطاء عرعور، وأبي الحسن، والحويني، وحسَّان في الأصول، وهم حربٌ على أهل السنة، ودروع لأهل البدع يدافعون عنهم÷.اهـ

قلت: وهذا حقٌّ لا امتراء فيه إلا عند من عمي بصره أو لم يدرك حقيقة أخطاء المذكورين.

وسئل العلامة عبيد الجابري -حفظه الله- في لقاء أبي عبد الرحمن رائد المهداوي معه بعد مغرب السبت، التاسع والعشرين من شعبان 1429، الموافق للثلاثين من أغسطس 2008م، وذلك ببيته العامر بمدينة النبي صلى الله عليه و سلم.

يقال: إنكم أثنيتم على علي الحلبي قديمًا والآن اختلف كلامكم، فالبعض اتهمكم بالتناقض فما قولكم بارك الله فيكم؟

فأجاب -حفظه الله- قائلاً: أولاً: ليس الباعث على تزكية رجل والثناء عليه هو التقرُّب إليه والتزلف له، كما أنه ليس الباعث على ذمِّ رجل وجرحه ومقته هو التشفي منه، فما ورثناه عن الأئمة أنّ الجرح والتعديل مبني على مصلحة شرعية، وقدّ دلّ الدليل على أنّ هذا المنهج هو من أصول أهل السنّة والجماعة، بالجرح والتعديل يذبّون عن السنّة وعن أهلها، فالتزكية تقوي العزيمة عند أهل السنّة وتشد أزرهم وتعينهم على ما هم عليه من السنّة، والجرح هو دحض البدع والوقوف في وجه المبتدعة؛ حتى لا تتسرب أفكارهم الفاسدة إلى صفوف أهل السنّة فتفرق جمعهم وتشتت صفّهم.

ثانيًا: يُثنى على الرجل ويُزكّى حين يظهر الخير، ومن ذلك الذبّ عن السنّة وأهلها والتقرب إلى السنّة وأهلها ونشر السنّة في مقالاته وفي كتاباته؛ بهذا يستوجب الثناء، ويذمّ الرجل ويُجرح -وإن كان قد زُكِّي من قبل- إذا انحرف عمَّا كان عليه من منهج وسمت؛ فأصبح يخلط ويخبط، ويلقي عبارات تُجرئ أهل البدع وتناصرهم على أهل السنّة وتقوّي شوكتهم.

الأمر الثالث: يعلم مِمَّا سبق -أنّا ولله الحمد- لم نتناقض في أمر أخينا الشيخ علي، فنحن زكَّيناه بما أظهر لنا من السنّة، وتعرفنا عليه من خلالها؛ فاقتربنا منه وفرحنا به، لا سيما أنه ينتسب إلى إمام الحديث -شيخ الإسلام الثالث في هذا العصر- أعني به الشيخ ناصر الألباني -رحمه الله-، لكن ظهرت من أخينا الشيخ علي -عفا الله عنّا وعنّه وهدانا وإياه وإياكم إلى مراشد الأمور- كلمات وعبارات تفت في عضد أهل السنّة وتشدّ أزر المبتدعة، يعني نظرنا فيه، وأصبحت تزكياته عندنا غير مقبولة، وأقولها ولا أجد غضاضة تزكيات الشيخ علي عندنا غير مقبولة؛ لأنه زكّى رجالاً ليسوا أهلاً للتزكية، هاكم أمثلة:

أولاً: يزكي عدنان بن أحمد عرعور ويصف ما بينه وبين الشيخ ربيع من الردود التي ظهر خلالها أنّ الرجل فاسد المنهج -أعني: عدنان- يقول: هذا مِمَّا يحدث بين الأقران، أنظروا من يقول إن عدنان بن أحمد عرعور هو قرين الشيخ ربيع في العلم والفضل ونصرة السنّة، بل ثبت عندنا أنّ عدنان عرعور هذا قطبيٌّ مُحترق، وبضاعته في أوروبا وفي أمريكا -يعني: في الغرب- هي نشر فكر سيد قطب، ويعاونه في هولندا أحمد سلاّم، أظنه شاميًّا.

ثانيًا: زكّى حسين عشيش لا أدري من أي الأقطار هو، حسين عشيش هذا يقول في شروط "لا إله إلا الله÷ إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو الذي أتى بها -يعني يقول إنها بدعة-، والشيخ محمد ابن عبد الوهاب -رحمه الله- لم يأتِ بها من تلقاء فكره بل أتى بها مدلّلاً عليها من الكتاب والسنّة، وهكذا كل شروط يذكرها العلماء يدلّلون عليها من الكتاب والسنّة، يزكّيه الشيخ علي ويثني عليه، ويذكر أنه من السلفيين.

ثالثًا: لما ظهرت فتنة أبي الحسن المأربي -مصطفى بن إسماعيل السليماني- المصري منشــًأ، الذي استوطن مأربًا باليمن-، لمّا تكلّمنا فيه مع من تكلّم فيه من أهل السنّة وأبنّا فساد منهجه، شارك بقية المشايخ في الشام -ومنهم مشهور وسليم- فصدر عنهم بيان ضدنا، وهذا البيان أملاه عليهم أبو الحسن نفسه باعتراف أبي الحسن -اعترف بهذا وذكر أنه أملاه عليهم-.

فأنا أنصح أخانا الشيخ عليًّا أن يعود إلى أهل الحديث فيسلك مسلكهم، ويبتعد عن أهل الحزبيات والبدع فإنهم لا يألون جهدًا في التفريق بينه وبين إخوانه، وسيوغرون صدره وصدر الآخرين بغضًا وعداوةً وحقدًا وحسدًا، أنصحه أن يعود إلى إخوانه أهل السنّة، وأن يدع هذه العبارات الفلسفيّة والقواعد التي مبناها على القياس الفاسد، والله وبالله وتالله إني ناصحٌ له، وإلى الآن ما تكلمت فيه كما أتكلم في أهل البدع أعيذه بالله من ذلك ولكن أقول مكررًا خاتمًا بها المجلس والإجابة على أسئلتكم: تزكيات الشيخ علي غير مقبولة؛ لِمَا فيها من التعدي على أهل السنّة، وظلمهم، وشد أزر أهل البدع، وتقوية صفوفهم، وأسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم -وأنا في ختام هذه الكلمة- أن يرينا وإياكم والشيخ عليًّا الحقّ حقًّا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا جميعًا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله ملتبسًا علينا فنضل.اهـ

قلت: وفي المجلس الأول الذي قرأت فيه على الشيخ عبيد -حفظه الله- هذا البحث (وكان بتاريخ 4 رجب 1430)، قال الشيخ في حكمه على علي حسن: "أظنه إخوانيًّا متسترًا في وقت شيخه، وهو قريب من الشيخ -أي: الألباني-، فكان يتستر بالإخوانية، ويظهر السلفية، فلمَّا رحل شيخه كانت فرصة له.. هذا الذي أظنه.. رجل لعَّاب لعَّاب÷.


([2]) هل هذا وحده لا يكفي في التحذير من التلقي عن الرجل؟! .


([3]) كذا يؤكد الشيخ على علمه التام بكلِّ طوام الحويني، ورغم هذا هو يعتبر هذه الطوام كالذباب الذي يطيّر عن الوجه دون أن يؤذي صاحبه، وهو كما قال شيخنا ربيع -سلّمه الله-: يتلاعب بالألفاظ، فيذكر هذه الطوام مهوِّنًا من شأنها كأنها أخطاء في مسائل اجتهادية تختلف فيها أنظار العلماء، وكأن الخلاف فيها فيه سعة!!.


([4]) ليس مِمَّا أُنكر عليك عدم تبديع الحويني، فمسألة التبديع للحويني اختلفت فيها أنظار العلماء، ولكن المستنكر تلميعك للحويني وإظهاره في صورة العالم الذي يؤخذ عنه العلم، مع علمك وإقرارك بما عنده من طامات وافق فيها القطبية السرورية، وأصر عليها، وهي بلا شك أخطاء مؤثرة في منهج صاحبها وبالتالي تؤثر تأثيرًا سيئًا في كل مَن يتلقى عنه!.

وبالتالي صار انتقادك له لا قيمة له؛ لأنه يضيع وسط كلمات الثناء والتبجيل التي لا تقال إلا في الأئمـــــة أمــثال الألبـــاني وابن باز وابن عـــثيمين ومقبــــل بن هــــادي والفــــوزان وربيـــــع بن هــــادي وعبد المحسن العبَّاد وعبيد الجابري ...إلخ
أئمة هذا العصر.

وفتاويك الأخيرة في الحويني وأصحابه -بلا ريب- مبنية على منهج الموازنات المـُحْدَث.

وبهذا يُرَد أيضًا على أصحاب "إقامة الدلائل الصَّحائح على المسائل الصرائح÷، حيث قالوا كما في (ص154): "لو أن الحلبي وافقكم وبدَّع أبا إسحاق الحويني ومحمد حسَّان والمغراوي والسُّليماني؛ هل كنتم ستعاملونه بهذه الطريقة أم سترشحونه لأن يكون هو الخليفة في العلم وتجعلون كتابه أصلاً؟!÷.

قلت: هناك من أهل العلم مَن توَّقف في مسألة تبديع المذكورين أو لم يتعرض لها بالكليَّة إثباتًا أو نفيًا، ولم يتعرض له أحد بتجريح، ولكن الحلبي أمره يختلف -لو كانوا منصفين-، فإن تعرُّض بعض العلماء الأكابر له بالنقد جاء على مرحلتين:

المرحلة الأولى: ما نقلناه آنفًا عن الشيخ عبيد الجابري، من نقده للحلبي في كونه يزكي مَن لا يستحق التزكية من الذين ثبت انحرافهم وضلالهم بالأدلة البيِّنة المفسَّرة، نحو المذكورين، ورغم هذا كان الحلبي يصر على مدحهم وربط الشباب بهم، متحديًّا العلماء، ورغم هذا ما تعدى كلام العلماء فيه إلا تخطئته في هذه المسألة فحسب.

المرحلة الثانية: لَمَّا استنكر عليه بعض أهل العلم إصراره في الدفاع عن هؤلاء المنحرفين، وتهوين مخالفاتهم، رام الدفاع عن نفسه، فكان ما أصَّله وقعَّده في كتابه "منهج السلف الصالح÷ على خلاف ما استقر عليه علماء الجرح والتعديل في هذا الزمان، كما هو موضح في الردود عليه، ثم طبَّق هذه القواعد المحدثة تطبيقًا عمليًّا على المذكورين، وأحيانًا يأتي بقواعد صحيحة في ذاتها، لكنه أخطأ في تنزيلها على هؤلاء، متناقضًا في طرحه، حيث أكَّد معرفته ببعض أخطاء هؤلاء، وهي كما بيَّنا أخطاء مؤثرة في معتقد ومنهج أصحابها، ورغم هذا إذ به يصر على تبجيل أصحابها، وربط الشباب بهم، والاعتذار عنهم، في وقت عمَّت فيه البلوى بأمثال هؤلاء القصَّاص، الذين تبوءوا مكان العلماء بغير حق، فأفتوا بغير علم -في مسائل غاية في الخطورة تتعلّق بصميم المعتقد والمنهج- فضلُّوا وأضلُّوا- مِمَّا أحدث تصدعًا في منهج هؤلاء الشباب يدركه كل من كان يراقبهم عن كثب ﴿وكان الله على كل شيء رقيبًا﴾.


([5]) أليست هذه الأخطاء الغير قليلة، إذا كانت تمس أصول أهل السنة، مع كونها صادرة عن هوى لا عن اجتهاد، كان يُبدع أئمة الحديث أصحابها؟!


([6]) يا ليتك تحدِّد لنا هذا الكلام الذي زيد عليهم، وهذا الذي أُخِذ من كلامهم على غير وجهه، حتى ننصفهم، ولا نتهمهم بما هم منه براء.

وما الغرض من ذكر هذه العبارة إلا التمحل في الدفاع عن قوم بُهْت، مع إظهارهم بمظهر المنتقَص حقُّه، مع غمز العلماء الذين بيَّنوا حالهم بأنهم تزيدوا عليهم تشفيًّا؟!!


([7]) رجاء أن تحدِّد لنا هذه الثغرات: هل هي القنوات الفضائية؟ حيث يشرحون التوحيد والعقيدة السلفية السوية، ويحذِّرون الناس من الشرك بصوره، ومن أصول أهل البدع من الفرق والأحزاب، مِمَّا يحتاج المسلمون إلى معرفته !!

فإن كان الجواب بـ"نعم÷، فرجاء أن تذكر لنا ما يثبت هذا، فإن ثبت، فهم على ثغرة في هذا المكان، بغض النظر عن المخالفات العملية الفرعية التي تحتف بهذه القنوات من تصوير ونحوه، فسوف نتنزل معك، ونقول إن مصلحة تبليغ التوحيد الصافي وأصول منهج السلف الصالح إلى عامة المسلمين، وتحذيرهم من الشرك بكل صوره ومن البدع والمحدثات، تقدَّم على هذه المفاسد.
ولكن الواقع بخلاف هذا، فإنهم وإن تكلَّموا أحيانًا عن التوحيد، فإنهم لا يجعلون توحيد العبادة محور دعوتهم، ولا يجعلون التفصيل في مسائله شغلهم الشاغل، كما كانت دعوات الرسل والأنبياء؛ فقلَّما يحذِّرون من الشرك في دعاء غير الله، ومن اتخاذ الأموات وسائط ووسائل عند الله -عز وجل-، وقلَّما يتعرضون لبيان العقيدة السلفية السوية في باب الإمامة والجماعة والجهاد والولاء والبراء، وإذا ذكروا أحيانًا بعض مسائل هذه الأبواب، إنما يذكرون كلامًا نظريًّا لا ينزلونه على واقع الأمة، ولا يترتب عليه الولاء الواضح لأئمة هذا المعتقد من المعاصرين، والبراء من المخالفين لهذا المعتقد من رموز الأحزاب، بل يوِّظفون بعض هذه المسائل لخدمة منهجهم القطبي القائم على الإثارة العاطفية للجماهير، مثلما صنع الحويني وابن حسَّان في قضية الجهاد في العراق، وقد تقدَّم نقد كلامهما.

وهذا محمد حسَّان يشرح كتابه "حقيقة التوحيد÷ على هذه القنوات، الذي قال فيه كما في [ص(9ـ17) ط- مكتبة فياض سنة 1427]: "ومن مقتضيات كلمة التوحيد: الإقرار بتوحيد الألوهية ... ومن مقتضيات كلمة التوحيد: أن يكون الحكم لله -عز وجل-÷.

قلت: هكذا يفعل الغلو بأهله، فكما فسَّر سيد قطب -من قبل- الألوهية بالربوبية، وجعل الإله بمعنى الربِّ، قام محمد حسَّان بإتمام مسيرة سيد في تحريف معاني التوحيد، فجعل الألوهية من مقتضيات التوحيد، ولو كان حسَّان درس شيئًا من كتب العقيدة السلفية، لعلِم أن كلمة التوحيد هي توحيد الألوهية، فمعنى لا إله إلا الله: لا معبود بحقٍّ إلا الله.

فما هي حقيقة التوحيد عند محمد حسَّان؟ هي -باختصار-: الحاكمية المزعومة، كما هي عند: سيد قطب -رأس الخوارج في هذا العصر- الذي يقول عنه حسَّان: إنه جدَّد الدين في قلوب الشباب، وإنه الرجل الذي قدّم دمه وفكره وعقله لدين الله -عز وجل-، وقال: وأنا أُشهد الله
أني أحب هذا الرجل في الله مع علمي يقيناً أن له أخطاء.

ويدعي البعض أن حسَّان تراجع عن النقل عن سيد قطب، كما في اللَّقاء المدبلج بينه وبين الشيخ مشهور، حيث سأله الشيخ مشهور: رأيكم في (سيد قطب)؟

فأجاب محمد حسان: كتبي التي سطرتها -أخيرًا- لا أستدلُّ -بفضل الله- إلا بأقوال أئمة السلف، وأنصح إخواني بأن لا يقرءوا كتب سيد قطب؛ لأنها كتب فكرية، وليست كتباً منهجيَّة.

قلت: ولكن هل تراجع عن هذا الثناء العالي على سيد قطب، وهل تراجع عن منهج سيد قطب في تفسير كلمة التوحيد، وفي تكفير الحكَّام بدون تفصيل، وفي إثارة الجماهير بكلام عاطفي مرسل؟!

وهل تراجع عمَّا قاله في شريط له بعنوان: "بشائر من القدس÷ المسجَّل بتاريخ (20/8/2003م)، وما زال على موقعه الرسمي على الإنترنت، حيث قال: "...ومع ذلك ترى ابنًا من أبنائنا، من أبناء الإسلام وأبناء المسلمين لم يبلغ الخامسة والعشرين من عمره، شايف الفخر والشرف!! يُقَدِّم نفسه لله، كذَّاب من يقول بأنه منتحر، والله يكذب على الله، أي انتحار؟!÷.

قلت: فهل الألباني وابن باز وابن عثيمين والفوزان والنجمي يكذبون على الله؟!!

وهل تراجع عن هذا التمجيد العالي لأسامة بن لادن؛ حيث قال في شريط له بعنوان "لك الله يا أفغانستان÷: "وأميريكا ما تدخلت الآن بذريعة القبض على أسامة أو قتل أسامة هذا البطل، أسأل الله أن يحفظه بحفظه وإخوانه جميعًا الذين ردوا شيئًا من الكرامة المسلوبة لهذه الأمة أقول ما تذرعت أميريكا لقتل أسامة الإرهابي الدولي العالمي -كما يقولون- إلا ليكون لها قدم في منطقة بحر قزوين÷.

فهل أعضاء تنظيم القاعدة الخارجي الذين أفسدوا في الأرض، وقتلوا الأبرياء هم الذين ردوا كرامة الأمة المسلوبة؟!

وهل تراجع عن قـــوله في شريط "تحريف الإنجيل÷ واصفًا قصة امـــرأة العــــزيز مــــع نبي الله يوسف -عليه السلام-: "قصة فيها أشد الحبكة الفنية والقصة الفنية بكل جزئياتها ...قصة متكاملة ..أشد لحظات التعري النفسي والجسدي للمرأة÷، وهذا عين أسلوب سيد قطب في "التصوير الفني في القرآن÷.

وهل هذه الأخطاء -الغير قليلة- عند حسَّان لا تكفي عندك -على أدنى تقدير- في التحذير من التلقي عنه، بغض النظر عن مسألة تبديعه ؟!

أليست صيانة أصول الدين وقواعده أولى من صيانة الأشخاص؟!

أليست حماية شباب الأمة -الذين يتابعون هذه القنوات، وهم بالملايين- من هذه السقطات العقدية والمنهجية عند نجوم هذه القنوات واجبًا شرعيًّا على المستطيع، حتى يتم هذا الفرض الكفائي؟!


([8]) تقدَّم في التعليق السابق الإشارة إلى بعض أقوال محمد حسَّان، فهل هذه الأقوال -يا أولي الألباب- نابعة من عقائد سُنية سلفية؟!

وبلا ريب لا يوجد صاحب بدعة إلا وهو يوافق أهل السنة في شيء من أصولهم، ولكن العبرة ليس بما وافق فيه أهل السنة، إنما العبرة بما خالفهم فيه، ووافق فيه أهل البدع.

وها نحن في طول هذا البحث قد ناقشنا المسائل التي وافق فيها أبو إسحاق الحويني أصول القطبية السرورية، فأنا أحيل القارئ المنصف إلى ما نقلناه في طول هذا البحث عن الحويني؛ ليدرك وهاء دعوى الشيخ الحلبي.

وصدق شيخنا العلامة ربيع بن هادي -حفظه الله- في جوابه عن سؤالي: هناك مَن يدَّعي أن محمد حسَّان والحويني وأبا الحسن المصري سلفيون وإن أخطؤوا؛ فالأصل فيهم أنهم سلفيون؟ حيث قال: "الأصل فيهم أنهم من الإخوان، وتربية الإخوان÷.



([9]) ومنذ متى كان المبتدع يقول عن نفسه: أنا مبتدع ! هذا والله أمر عجيب !!

هل سمعنا على مرِّ القرون السابقة أن الجهمي يقول عن نفسه: أنا معطِّل للصفات، أو أن الأشعري يقول عن نفسه: أنا مؤوِّل للصفات مخالف لعقيدة السلف الصالح، أو أن الشيعي الإمامي يقول عن نفسه: أنا رافضي، أو أن النصراني صاحب عقيدة التثليث يقول عن نفسه: أنا مثلث،
...إلخ.

فهل تنتظر من الحزبي القطبي أن يقول: أنا حزبي قطبي، خاصة إذا كان يتدثر بلباس السلفية تخفيًّا؟!

ثم نقول: أين براءة هؤلاء من منهج سيد قطب ومن الأحزاب البدعية نحو الإخوان وما تفرع عنه من أحزاب منحرفة؟!

فنحن نريد عبارة واضحة صريحة من محمد حسَّان ومن الحويني يقولان فيها: نبرأ إلى الله سبحانه من هذا الحزب الأم: الإخوان المسلمين، وما تفرع عنه من هذه الأحزاب البدعية المعاصرة، ونبرأ إلى الله من طرائقهم الفاسدة، ونبرأ إلى الله سبحانه من كلام سيد قطب في الحاكمية الموافق لكلام الخوارج، والذي أضر الأمة في هذا الزمان أيَّما ضرر، ومن كلامه في تفسير لا إله إلا الله، والذي حرَّف به معنى التوحيد، كما بيَّن أهل العلم!!.



([10]) قال الشيخ حسن -حفظه الله-:
"كيف يتسنى لداعية إسلامي يذكر محاسن الإسلام ويدافع عنه ويجعل منه منهجًا متكاملاً أن يتحدث في كل شيء، ويدع أمر العقيدة والمنهج لأهل السُّنة والجماعة؟
أيرضى الله تعالى عن أمثال هؤلاء الدعاة، وقد تكلموا في أمور كهذه وأهملوا الأساس الذي خُلق من أجله الإنس والجن، فنصيحتك له بالاستمرار على ما هو عليه دون تـتويجه بالعقيدة والمنهج أمرٌ جلل!!.

فكيف يكون حال هؤلاء الجُهّال بالعقيدة والـمنهج الذين يتربَون على الأسلوب القصصي فحسب؟!÷.



([11]) قال الله سبحانه: ﴿ وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: 107]،
وقال سبحانه: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلاَءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ [النساء: 109].

ونحن نرجو أن يكون هؤلاء كما وصفهم الحلبي: ليسوا تكفيريين وليسوا قطبيين! ولكن: الدعاوى إذا لـم تقم عليها بينات فأبناؤها أدعياء


فلا مصلحة عند العلماء أن يقذفوا الأبرياء بما ليس فيهم.

ولكن ماذا نصنع بأقوالهم وتأصيلاتهم النابعة من كتابات سيد قطب؟ وماذا نصنع بثناءاتهم المتوالية على شيعة سيد قطب، والتي تثبت بيقين ما قيل فيهم؟!



([12]) وماذا نصنع بقول محمد حسَّان في شريط "الثبات حتى الممات÷ (تسجيلات التقوى الإسلامية): "تُصَبُّ الابتلاءات على رؤوس إخواننا في كل مكان صبًّا، ويتمنى الشباب أن لو رُفِعَت راية الجهاد "يا خيل الله اركبي÷؛
لينطلق الجميع بدمه ونفسه وماله، إلا أن الطواغيت قد حالوا بين الأمة وبين عِزِّها، قد حالوا بين الأمة وبين شرفها، ووقفوا حَجَر عَثْرَة في طريق سيادة وشرف وعِزِّ هذه الأمة، أسأل الله أن يَمُنَّ على الأمة بقائد رباني يقود الأمة بكتاب الله وبسنة رسول الله، ليَشـفِي الله صدور قوم مؤمنين، إنه ولي ذلك والقادر عليه÷.اهـ

فنسأل الشيخ عليًّا: مَن هم الطواغيت في هذا الكلام؟ أليسوا هم ولاة أمر المسلمين؟!

وماذا نصنع بقوله في مقال: "يا قدس هذا زمن الليل فاصطبري÷ (مجلة التوحيد: عدد رمضان 1421): "أرى أن الشعوب بدأت تضغط على حكَّامها، ولو بصورة خفيفة، لكنها بداية ...÷.

قلت: نعم هي بداية الخروج المسلح ...أليست هذه العبارة هي عبارة حزب الإخوان: "الضغط على الحكومات÷، وكيف يكون الضغط على الحكومات؟ يكون بالمظاهرات والاعتصامات والاغتيالات، ثم محاولات الانقلاب.

وقد أكَّد إقراراه للمظاهرات لكن بضوابط، من باب أنها وسيلة تأثير على متخذي القرار من ولاة الأمر؛ حيث قال: "وأنا أقول يا إخواننا ينبغي أن نفرق بين المظاهرات كوسيلة تعبير وبين المظاهرات كمنهج تغيير، مظاهرة كوسيلة من وسائل التعبير بضوابط، بضوابط، لا يكون فيها اختلاط فاضح بين الرجال والنساء إلى حد الالتصاق، لا يكون فيها تهريج ولا تخريب، أنت عاوز تعبر، فلا ينبغي على الإطلاق أن تعبر بالخراب والتخريب، أنا ضد هذا تمامًا... هذا لمن قال بأن المظاهرة بهذه الضوابط، بعدم الاختلاط بعدم التخريب بعدم التجريح بالألفاظ ولا بالأفعال، لمن قال بأنها تجوز كوسيلة من وسائل التعبير، لا سيما وأن الوضع الآن قد اختلف وصارت وسيلة من وسائل الضغط على متخذي القرارات والأحكام، وقد رأينا بكل أسف هذه المظاهرات المليونية في بلاد الغرب في بريطانيا وفي أمريكا نفسها بل وفي إيطاليا، ولا يستطيع أحد منصف أن يقول بأنها لم تؤثر ولو بصورة ما على متخذي القرار... من خلال فهمي أنا للمصالح والمفاسد ومن خلال فهمي للقواعد العامة- أقدر أقول وسيلة تعبير بالضوابط دي ماشي، لكن أوعى تعتقد على الإطلاق أنها منهج تغيير لواقع الأمة ...إلخ÷.

قلت: هل هذا الكلام يتوافق مع قواعد المنهج السلفي في التعامل مع ولاة الأمر؟!

ولا يُقال إن هذه مسألة من مسائل الاجتهاد التي تختلف فيها أنظار المجتهدين؛ لأنها صارت إحدى صور الخروج في الوقت الحاضر؛ فالمظاهرات في أصلها بدعة غربية ابتدعها الكفَّار الثوَّار في أوروبا -الذين عظَّم ابن حسَّان من شأنهم-، فهي ممنوعة شرعًا في ذاتها حتى وإن لم تقترن بالتهريج والتخريب، وهذا هو ما اتفق عليه أئمة السنة في هذا العصر، ولا نعلم بينهم خلافًا يُذكر في هذه المسألة، فالمظاهرات -سواء كانت سلمية أو تخريبية- هي بدعة من بدع الخوارج في هذا العصر.

وقال الشيخ حسن -حفظه الله-: "وفحوى كلام حسَّان أنه من الممكن أن يكون اختلاطًا دون حد الالتصاق في المظاهرات، وبالنسبة لتقييده الحكم فهل يكون هذا جائزًا؟!
خلوِّها من التخريب والتهريج، فأقول له: وهل يملك أحدٌ ذلك؟! فإن المظاهرات يسير فيها من يشاء، فإذا حدث وشذّ بعض الشباب -بعد تحريشهم- وأحدثوا فوضى فكيف تعالج هذه الجموع؟! فإنها ستكون فتنة تعم لا رحمة تخص، قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]. فالمظاهرات مستحدثة في بلاد المسلمين تقليدًا لحزب الأحرار في بريطانيا، أو ألمانيا، فهل يسير أهل السُّنة على طريقتهم الفوضوية؟!. اهـ

ألا يحق لنا بعد هذا أن نقول تعليقًا على قول محمد حسَّان: "المظاهرات وسيلة تعبير لا وسيلة تغيير÷،
ما قاله رسول الله × لحَمَل بن النابغة الهذلي، لَمَّا قال: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل؟ فمثل ذلك يُطَلُّ، فقال: "إنما هذا من إخوان الكُهّان÷، من أجل سَجعه الذي سجع؟!

قال النووي -رحمه الله- في شرحه على مسلم (6/96): "فقال العلماء: إِنمَا ذَمّ سَجعه لِوَجهَينِ: أَحَدهـمَـا: أَنهُ عارَضَ بِهِ حُكم الشرع وَرَام إِبطاله.

وَالثانِي: أَنهُ تَكَلَّفهُ فِي مُخَاطَبته، وَهَذَانِ الْوَجهَانِ من السَّجع مَذمومَانِ.

وَأَمَّا السَّجْع الَّذِي كَانَ النَّبِيّ × يَقُولهُ فِي بَعْض الأوْقَات وَهُوَ مَشْهُور فِي الْحَدِيث فَلَيْسَ مِنْ هَذَا، لأنهُ لا يُعَارِض بِهِ حُكْم الشَّرْع، وَلا يَتَكَلَّفهُ، فَلا نَهْي فِيهِ، بَلْ هُوَ حَسَن÷.

وقال الحافظ في الفتح (16/292): "قَالَ اِبْن بَطَّال: فيه ذَمّ الْكُفَّار وَذَمّ مَنْ تَشبَّهَ بِهِم في أَلفَاظهم، وَإِنمَا لَم يُعَاقِبهُ لأنهُ × كَانَ مَأْمُورًا بِالصَّفحِ عَن الجَاهِلِينَ، وَقَد تَمَسَّكَ بِهِ مَن كَرِهَ السَّجع في الكَلام، وَلَيسَ عَلَى إِطْلاقه، بَلْ الْمَكْرُوه منهُ مَا يَقَع مَعَ التَّكَلُّف في مَعرِض مُدَافَعَة الحَقّ،
وَأَمَّا مَا يَقَع عَفْوًا بِلا تَكَلُّف فِي الأمُور المُباحَة فَجَائِز÷.

قلت: وكذا محمد حسَّان عارض حكم الشرع في المظاهرات- الذي هو يعلمه جيدًا من فتاوى أئمة السنة المعاصرين- بتكلُّف هذا السجع في التعبير مدافعة للحقِّ وإبطالاً له.

ولقد ذمَّ النبي × من تشبه بالكفَّار في ألفاظهم، فكيف بمن تشبه بهم في طرائقهم وأفعالهم؟ هو أولى بالذم بلا شك؛ فالمظاهرات -كما بينت- بدعة أحدثها الكفار وتابعهم عليها الخوارج والغوغاء، فمن أقرها أو أراد أن يزينها ويحسِّن منها على الوجه الذي صنعه محمد حسَّان لا ريب له نصيب من هذا الذمِّ، وهذا هو سبيل الخوارج القعدية أنهم يزينون الخروج وصوره بمثل هذه الأساليب، دون أن يباشروا الخروج بأنفسهم، ولذلك تجد أن محمد حسَّان مع تزيينه المظاهرات بهذا الكلام، مِمَّا يغتر به الشباب المندفع، فإنه لا يخرج في هذه المظاهرات السلمية -إن تمت على الصورة التي ادعاها-.

وأقول أيضًا للشيخ علي -بصَّره الله سبحانه بالحق-: ماذا نصنع بقول الحويني: "لا يوجد سلطان يحمي حدود الله في الأرض ...لا يوجد سلطان شرعي؟!÷

وماذا نصنع بتفكهه المتوالي في دروسه بمخالفات الحكَّام، وإنكاره لمساوئهم على المنابر؟ هل هذه المقالات هي وسيلة تعبير كما قال محمد حسَّان؟!

قال الشيخ حسن -حفظه الله-: "ولو كان يقصد التعبير، فهل كان أهل السُّنة كذلك، لا شك أن هذا من سبيل الخوارج القعدية الذين يؤزون الشعوب للثورات والاعتصامات÷. اهـ

وقد نقلنا ما فيه الكفاية من كلامه الذي يثبت هذا عند بيان المخالفة الخامسة من مخالفاته لأصول منهج السلف الصالح: "سلوكه سبيل التهييج السياسي والإثارة للعامة ضد الحكَّام الذي هو سبيل الخوارج القعدية÷؛ فليرجع الشيخ علي الحلبي إليه؛ ليدرك عدم صحة دعواه.

واسأل عشرات الشباب من الذين يواظبون على سماع خطب محمد حسّان والحويني -خاصة الذين لم يستضيئوا بعلم الأكابر، إنما نشؤوا على هذه الخطب الحماسية-: ماذا تعتقدون في حكَّام المسلمين؟

وسيأتيك الجواب الواضح: هم كفَّار طواغيت عملاء لأمريكا مبدِّلين لشرع الله، ويتمنون اليوم الذي يتمكنون فيه من الخروج بالسلاح لإزالتِهم بالقوة، وقد يوري البعض بالكلام، لكن إذا فتشت خلفه وجدت هذا معتقده !!

أليست هذه المقالات والأساليب هي من معالم المنهج القطبي السروري، أو على أدنى تقدير: هي علامات مَن يسعى لتقريب المنهج القطبي السروري إلى المنهج السلفي، محاولاً إيجاد قطاعًا مشتركًا أو برزخًا بين المنهجين، على طريقة أصحاب فكرة التقريب بين المناهج الباطلة ومنهج أهل الحق؟!

وهل هذه المقالات كما قال أصحاب "إقامة الدلائل الصحائح÷ (ص228-229) مفتراة عليهم، أو نُسبت إليهم ظلمًا وقطعت من كلام لهم؛ ففُهِم على أسوأ محامله، أم أنها مبتورة مجردة عن سياقها وسباقها ولحاقها، أو أنها مجملة مطلقة قد جاء في كلامهم ما يخصِّصها أو يفصِّلها
ويقيدها ...إلخ؟!

نرجو إجابة مفصَّلة من أصحاب "إقامة الدلائل الصحائح÷ يثبتون بها صحة دعاواهم في كل مقالة من المقالات السابقة والتي هي -على حسب ما هو ظاهر لكلِّ باحث منصف مدقِّق- على خلاف ما ادعوا؛ فهذه المقالات صحيحة النسبة -بلا ريب- إلى أصحابها، وهي صريحة
واضحة مفصَّلة في بابها ليست مجملة ولا عامة، ولا مبتورة عن سياقها وسباقها ولحاقها، والعلماء الذين انتقدوها لم يفهموها على أسوأ المحامل؛ لأنه لا يحتمل منها إلا السوء والضلال، إلا عند أصحاب منهج المعذرة والتعاون!.

وليحذَر الشيخ عليٌّ من بطر الحق وغمط الناس، فإنهما الكبر الذي يمنع صاحبه دخول الجنة، كما بيَّن رسولنا ×، أسأل الله سبحانه أن يشرح صدره للحق، والاعتراف بالحق فضيلة، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.

وله العظة والتذكرة في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ.لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون.كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 77- 79].



([13]) وماذا نصنع بقول محمد حسَّان عن العلماء الذين أطلقوا على مَن يفجِّر نفسه أنه منتحر: "كذَّاب من يقول بأنه منتحر، والله يكذب على الله÷؟!
وقول الحويني عن أكابر العلماء: "أصحاب جليطة÷، وإنهم "يتلكَّكون لسيد قطب÷.
وماذا نصنع بوصف ابن حسَّان العلماء الذين بدَّعوا سيد قطب، وحكموا عليه بالضلال؛ أنهم: "غلاة التجريح÷ في شريطه: "رسالة إلى غلاة التجريح÷، هذا الشريط الذي ملأه حسَّان بالتدليس على العلماء، بل وبالكذب عليهم، وبتلبيس الحق بالباطل، وفيه طعن في علماء المدينة،
وادعى أن الفتنة إنما خرجت من المدينة؛ حيث قال: "فتنة تجيلنا -أي تجئ لنا- من المدينة، وتمر على الأردن، وبعدين تيجي تعصف بنا في مصر÷.

قلت: كذب! بل إن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحيَّة إلى جحرها، كما أخبر بهذا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وآله وسلم-.

قال القاضي عياض في "إكمال الْمُعلِم بفوائد مسلم÷: "مَعْنَاهُ أَن الإيمَان أَوَّلاً وآخِرًا بِهَذه الصِّفَة لأنهُ فِي أَوَّل الإسْلام كَانَ كُلّ مَنْ خَلَصَ إِيمَانه وَصَحَّ إِسْلامه أَتَى الْمَدِينَة، إِمَّا مُهَاجرًا مُسْتَوْطِنًا، وَإِمَّا مُتَشَوِّقًا إِلَى رُؤية رَسُول الله × وَمُتَعَلِّمًا مِنْهُ وَمُتَقَرِّبًا ثُمَّ بَعْدَهُ هَكَذَا فِي زَمَن الْخُــلفاء كَذَلكَ، وَلأخْذ سِيرَة العَدل مِنهُم وَالاقْتِدَاء بِجُمْهُورِ الصَّحَابَة -رِضوَان الله عَلَيهِم- فِيهَا ثُمَّ مَن بَعدهم مِنْ الْعُلَمَاء الَّذِينَ كَانُوا سُرُج الوَقت وَأَئِمَّة الْهُدَى لأخْذِ السُّنَن الْمُنْتَشِرَة بِهَا عَنْهُمْ فَكَانَ كُلّ ثَابِت الإيمَان مُنْشَرِح الصَّدْر بِهِ يَرْحَل إِلَيْهَا÷.

قلت: والشاهد قوله: "ولأخذ سيرة العدل من العلماء والاقتداء بهم÷، فهذه صفة علماء المدينة فهم سُرج الوقت وأئمة الهدى، وعلى أيديهم انتشرت السنن واضمحلت البدع، وأُخمدت الفتن، فالفتنة لم تخرج من عندهم، وإنما خرجت من عند الطاعنين فيهم.

وقد يقول قائل: هل يعني أن المدينة تخلو من أصحاب الفتن وأهل البدع والأهواء؟ فكلام الشيخ ابن حسَّان يتنزل على هؤلاء لا على العلماء؟

قلنا: بلى، لكن المدينة تنفي خبثها، كما أخرج البخاري (4313)، ومسلم (490) عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- ﴿ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ﴾، رجع ناس من أصحاب النبي × من أُحُد وكان الناس فيهم فرقتين فريق يقول اقتلهم، وفريق يقول لا، فنزلت: ﴿ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ ﴾، وقال: "إنها طيبة تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة÷.

وأخرج البخاري (1784)، ومسلم (489) عن جابر -رضي الله عنهما- قال: جاء أعرابي النبي × فبايعه على الإسلام فجاء من الغد محمومًا فقال أقلني -أي بيعتي-؛ فأبى ثلاث مرات، -وفي رواية مسلم: فخرج الأعرابي- فقال: "المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها".

قال الحافظ في الفتح (20/381): "قَالَ ابن بَطَّال: عَنْ الْمُهَلَّب فِيهِ تَفْضِيل الْمَدِينَة عَلَى غَيْرهَا بِمَا خَصَّهَا الله بِهِ مِنْ أَنها تَنْفِي الْخَبَث، وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْل بِحُجيةِ إِجْمَاع أَهْل الْمَدِينَة، وَتُعُقِّبَ بِقَوْلِ اِبْن عَبْد الْبَرّ أَن الْحَدِيث دَالٌّ عَلَى فَضْل الْمَدِينَة، وَلَكِنْ لَيْسَ الْوَصْف الْمَذْكُور عَامًّا لَهَا فِي جَمِيع الأَزْمِنَة، بَلْ هُوَ خَاصّ بِزَمَنِ النَّبِيّ ×؛ لأنه لَمْ يَكُنْ يَخْرُج مِنْهَا رَغْبَة عَنْ الإقَامَة مَعَهُ إِلا مَنْ لا خَيْر فِيهِ، وَقَالَ عِيَاض نَحْوه، وَأَيَّدَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم: "لا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَنْفِي الْمَدِينَة شِرَارهَا، كَمَا يَنْفِي الْكِير خَبَث الْفِضَّة÷، قَالَ: وَالنَّار إِنمَا تُخْرِج الْخَبَث وَالرَّدِيء، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَة بَعْد النَّبِيّ × جَمَاعَة مِنْ خِيَار الصَّحَابَة، وَقَطَنُوا غَيْرهَا وَمَاتُوا خَارِجًا عَنْهَا، كَابْنِ مَسْعُود وَأَبِي مُوسَى وَعَلِيّ أَوْ أَبِي ذَرّ وَعَمَّار وَحُذَيْفَة وَعُبَادَةَ بْن الصَّامِت وَأَبِي عُبَيْدَة وَمُعَاذ وَأَبِي الدَّرْدَاء وَغَيْرهمْ، فَدَلَّ عَلَى أَن ذَلِكَ خَاصّ بِزَمَنِهِ × بِالْقَيْدِ الْمَذْكُور، ثُمَّ يَقَع تَمَام إِخْرَاج الرَّدِيء مِنْهَا فِي زَمَن مُحَاصَرَة الدَّجَّال÷. اهـ

وقال الإمام الألباني في الصحيحة (1/217): "فعلى هذا فقوله في هذه الأحاديث "تنفي÷ ليست للاستمرار، بل للتكرار، فقد وقع ذلك في زمنه × ما شاء الله، وسيقع أيضا مرة أخرى زمن الدجال كما في حديث أنس المشار إليه، و إلى هذا مال الحافظ في "الفتح÷ (4/70) وختم كلامه بقوله: "و أما ما بين ذلك فلا÷؛ فهذا هو الراجح بل الصواب، والواقع يشهد بذلك، والله أعلم÷.اهـ

قلت: وبهذا يُرد أيضًا على من غمز في العلامة ربيع بن هادي لَمَّا انتقل من المدينة إلى مكة، فهل يكون العلامة ربيع أفضل من هؤلاء الصحابة الأفاضل -رضي الله عنهم-؟!

بل حتى لو قلنا بعموم الحديث في كل زمان فإنه مقيَّد بمن بدت عليه علامات الخبث نحو هذا الأعرابي الذي نقض بيعته، فمن على شاكلته تنفيهم المدينة، وهذا لا يتنافى مع إمكانية خروج أهل الخير والصلاح منها لعلل أخرى.

وقال العيني في "عمدة القاري÷ (10/247): "فإن قلت إن المنافقين قد سكنوا المدينة وماتوا فيها ولم تنفهم؟! قلت: كانت المدينة دارهم أصلاً، ولم يسكنوها بالإسلام ولا حباله، وإنما سكنوها لِمَا فيها من أصل معاشهم ولم يرد بضرب المثل إلا من عقد الإسلام راغبًا فيه ثم خبث قلبه÷.

وقال السَّمهودي في "خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى ×÷ (1/32): "وقد أبعد الله عنها أرباب الخبث الكامل -هم الكفَّار-، وأما غيرهم، فقد يكون إبعاد إن مات بها بنقل الملائكة له، كما أشار الآقشهري، فقوله: (تنفي خبثها، وتنفي الذنوب)، أي: أهل ذلك، أو المراد إبعاد أهل الخبث الكامل فقط، وهم أهل الشقاء لعدم قبولهم للشفاعة، أو المراد فيما عدا قصة الأعرابي والدجال، أنها تخلص النفوس من شرها وظلمات ذنوبها مِمَّا فيها من اللأواء والمشقات، ومضاعفة المثوبات والرحمات، إذ الحسنات يذهبن السيئات، أو المراد من كان في قلبه خبث وفساد ميزته عن القلوب الصادقة، وأظهرت ما يخفى من عقيدته، كما هو مشاهد بها، ويؤيده قوله × عند رجوع المنافقين في غزوة أُحُد: "المدينة كالكير...÷ الحديث.

والذي ظهر لي أنها تنفي خبثها بالمعاني الأربعة، و(تَنصع) بفتح الفوقانية وسكون النون، وبالمهملتين، أي: تميز وتخلص طيبها بالنصب على المفعولية، هذا هو المشهور÷.اهـ

قلت: فيتحصل عندنا ثلاثة أزمان: زمن النبي ×، وآخر الزمان، وما بينهما، فأما الأوليان فكما قال الحافظ والألباني -رحمهما الله-، وأما ما بينهما فالذي يترجح ما قرَّره السَّمهودي، لعموم لفظ الحديث، واشتماله على كل هذه المعاني المذكورة، فيُحمل كل معنى على ما يناسبه من الزمان، فما بين الزمانين يكون نفي الخبث -أو نفي الذنوب- على معنيين:

الأول: تخليص النفوس من شرها وظلمات ذنوبها، وذلك بما يبتلى به صاحب هذه النفس من اللأواء والمشقات والأسقام، وهذه يدركها كل من مكث في المدينة -ولو يومًا واحدًا-، فمن لأوائها حرُّها الشديد الذي يكاد يذيب الرأس في وقت الظهيرة، وكذلك بمضاعفة المثوبات
بالصلوات في المسجد النبوي وحضور حلقات العلم والصبر على لأوائها..إلخ.

والثاني: تميز أصحاب القلوب المريضة من أهل الفجور والبدع والأهواء، عن أصحاب القلوب السليمة من أهل السنة، وأظهرت معتقدهم، وهذا يكون عن طريق علمائها الأجلاء الذين هم ظاهرون على الحق ثابتون.

وما رجَّحه الحافظ -وتابعه عليه الإمام الألباني-، لا ينافي أنه لا يصح إطلاق القول بأن الفتنة جاءت من المدينة؛ حيث إن إطلاقه القول بأن الفتنة جاءت من المدينة -وإن كان مقيَّدًا بالسياق، وكذا في أذهان الفاهمين- إلا أن الإطلاق في ذاته منافٍ لتعظيم المدينة وعلمائها، ولا يتفوَّه به عالم يعلم فضائل المدينة وعلمائها.

فكيف إذا كان محمد حسَّان - كما هو معلوم لدى الفاهمين- يقصد أن الفتنة جاءت من عند علماء المدينة، وهم المشايخ السلفيون الأفاضل: محمد أمان الجامي، وربيع بن هادي، وعبيد الجابري، وصالح السحيمي، وعلي بن ناصر الفقيهي، والذين أثنى عليهم الإمام ابن باز -رحمه الله-، فهو في إطلاقه وتقييده يذمُّ المدينة وعلماءها؛ وجريرة علماء المدينة عنده أنهم صدعوا بالحق في فتنة الخليج وكشفوا عوار سفر الحوالي، وسلمان العودة، وناصر العمر، وعائض القرني، الذين شكَّكوا العامة والشباب في علمائهم وولاة أمرهم في المملكة، وأسقطوا مرجعيتهم، وطالبوا الناس بالخروج تلميحًا وتصريحًا، وأحدثوا صدعًا في المجتمع السعودي السلفي لم يلتئم حتى الآن.

فمحمد حسَّان يوالي هؤلاء السرورية؛ لأنه معهم وعلى منهجهم، ومن ثَمَّ يرى الكلام فيهم وفيه وفي أشباههم من الفتنة التي أثارها علماء المدينة.

فليحذر محمد حسَّان من الوعيد المذكور في حديث سعد قال: سمعت النبي × يقول: "لا يكيد أهل الــمدينة أحد إلا انـمـاع كمــا ينمــاع الـــملح في الـمــاء÷، أخرجه البخاري (1778) -وبوَّب عليه: "باب: إثم من كاد أهل المدينة÷-، وأخرجه مسلم
(494) بلفظ: "من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء÷، وبرقم (492) من حديث أبي هريرة أنه قال قال أبو القاسم ×: "من أراد أهل هذه البلدة بسوء (يعني المدينة) أذابه الله كـمـا يذوب الـملح في الـمـاء÷.

وأقول أيضًا: ماذا نصنع بطعن الحويني في الإمام العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله ونصره-، بأخس عبارات الطعن، حيث قال فيه -كما تقدَّم-: أحمق؟!

وصدق الرازيان: أبو حاتم وأبو زرعة لَمَّا قالاَ: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر.

وقال السفاريني -رحمه الله- كما في "لوائح الأنوار÷ (2/355): "ولسنا بصدد ذكر مناقب أهل الحديث، فإن مناقبهم شهيرة، ومآثرهم كثيرة، وفضائلهم عزيزة؛ فمن انتقصهم فهو خسيس ناقص، ومن أبغضهم فهو من حزب إبليس ناكص÷.



([14]) قال فضيلة الشيخ الوالد حسن بن عبد الوهاب البنا -حفظـه الله تعالى-: "لا يخفى على فضيلة الشيخ الكريم أن البدع العقدية عند الداعية يجب على أهل العلم السلفيين أن ينصحوا للقائل بها، وتستمر النصيحة وتراجع أقواله بين وقت وآخر، فإن اقتنعَ بخطئه فيلزمه أن يرجع مع المسارعة في ذلك ولا يتلكأ بعد اقتناعه بخطئه، وإلاَّ يكون غير جاد في اعترافه بأن بعض أقواله من البدع العقدية وتزداد الفتنة بين الطالب والمطلوب، وتزداد الفرقة بين أصحاب المنهج الصحيح خصوصًا من المبتدئين.

ويلزمه أن يعلن ذلك في كلامه وتسجيلاته وفي الفضائيات بكل صراحة ووضوح وإلا إلى متى نصبر على هذا التمزق، وندعو إلى وحدة الصف تحت مظلة العقيدة والمنهج، وفينا مخالفون في المسائل العقدية وأصحاب نزعات من الفرق التي خالفت أصول أهل السُّنة، وهذا ينصب
على الدعاة الذين ذكروا في هذا البحث، سيما وأنهم ادَّعوا ووعدوا بتصحيح أخطائهم ولم نر ذلك على أرض الواقع، سيما وأن بعض أقوالهم أثبت علماء السنة أنها من البدع العقدية، والمنهجية÷. اهـ



([15]) نريد منهم الصدع بهذا الحق، وأن يتبرءوا صراحة من أقوالهم الباطلة القديمة على الملأ في دروسهم وخطبهم وقنواتهم الفضائية ومواقعهم على الإنترنت، لا في جلسة سرية مغلقة بينك وبينهم، ثم بعد خروجهم من عندك عادت ريمة إلى عادتها القديمة، فلا يكون حالهم كحال مَن قال الله سبحانه فيهم: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ [محمد: 16].



([16]) هم بالفعل قاموا بجهود جبارة في إبعاد الشباب عن منهج أكابر علماء السُّنة، وربطهم بشرذمة من الخوارج والقُصَّاص والمتعالمين.



([17]) أخرجه عبد الرزاق في مصنَّفه (11/249)، والبغوي في مسند ابن الجعد (3083)، واللاكائي في شرح أصول الاعتقاد (120)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (571-573) (2/504)، والحارث في مسنده (470/زوائد الهيثمي) (3008/إتحاف المهرة للبوصيري) 3368/المطالب العالية لابن حجر)، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (1094)، والبيهقي في الكبرى (10/42).



([18]) نعم لقد شقَّ الطريق بقوة وثبات وسط القصَّاص نحو محمد بن حسَّان ومحمد بن حسين يعقوب والزغبي وغيرهم حتى صارت له المكانة العليا في وسطهم، وصار نجمًا مبرَّزًا في قنواتهم الفضائية.




([19]) هذه دعوى مبينة على العاطفة البحتة لا على التحقيق العلمي.

والتحقيق العلمي هو ما قرَّره العلماء في فتاويهم في شأن أبي إسحاق، وفصَّلناه وأثبتناه في هذا الكتاب متَّبعين سبيل أئمة الجرح والتعديل ما استطعنا في النقد النزيه المبني على نقل كلام المنتَقَد -دون زيادة أو نقصان- مع توثيق مصدر الكلام، ثم القيام بوزن هذا الكلام بميزان الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.

ومن هذا النقد العلمي النزيه تدرك مصداقية دعوى الحلبي من عدمها.


([20]) المتصوِّفة وأهل البدع بشتى طوائفهم يلهجون ليلاً ونهارًا بذكر النبي صلى الله عليه وسلم وتمجيده، وينشدون القصائد الطويلة في إطرائه، فهل نفعهم هذا بشيء أو أدخلهم في عداد أهل السنة؟!


([21]) لكن هل أثمر هذا الحب -إن صحّ- اتباعًا لمنهج الإمام الألباني الموافق لمنهج السلف الصالح؟ أم أن الحويني خالف الإمام الألباني في مسائل عظيمة من أصول هذا المنهج، كما بينت هذا في فصل "بين الإمام الألباني والحويني÷؟!



([22]) فاقد الشيء لا يعطية ! فإن الحويني لم يقبل توجيهات مَن يكبره من أهل العلم في أبواب العقيدة والمنهج، فكيف يسدي هو هذه التوجيهات إلى غيره؟



([23]) هذه النصيحة التي ما بين المعكوفتين طيبة، لكن هل من مجيب؟ فالذي يظهر من إجابة الحويني أنه لم يستسغ هذه النصحية أو قل: لم يفقهها؛ حيث أجاب أيضًا بإجابة سياسية كعادته.

ويا ليت الشيخ عليًّا اكتفى في كلامه بهذه النصيحة وحذف ما قبلها وما بعدها، لكانت مقبولة وفي محلها -بعد تعديل يسير-.

وقد يعتذر معتذر عن الشيخ علي أن يقول: إنما أراد الشيخ عليٌّ تأليف قلب أبي إسحاق بهذه الكلمات واستجلاب مودته للسلفيين.

فنقول لهذا المعتذر: هذا التأليف لا بأس به إن خلا من المداهنة والإقرار على الباطل، ولا بأس باستخدام المداراة دون تضييع الحق أو تمييعه، وعلى أن يسدي إليه النصيحة سرًّا حتى إذا لم ينتفع بها لا يكون استخدامه هذا اللِّين والتلطف سببًا في التغرير بضعاف القلوب.

لكن هذا التفخيم والتبجيل للحويني -وكأنه إمام متَّبع- فيه تغرير بالمستمعين، بل فيه تغرير بالحويني نفسه، وبه يضيع الحق الذي كان الواجب على الشيخ علي أن ينتصر له -ولو على حساب الحويني-، وأن يبينه للآلاف الذين غُرِّر بهم من خلال هذه القنوات الفضائية، حيث ظنوا أن منهج القصص والتهييج والإثارة العاطفية -الذي عليه الحويني وإخوانه- هو منهج أهل السنة.

فأين المفاصلة بين منهج أهل السنة وهذه المناهج المخلِّطة بين الحق والباطل؟ أليست إجابة الشيخ علي هذه فيها تضييع للأمانة التي حمِّلَها بما عنده من علم بحدود منهج السلف الصالح التي بها يتمايز عن مناهج القصَّاص والحزبيين؟! أم أن هذا العلم فُقِد من الشيخ علي؟!

وصدق الرسول × لَمَّا قال إجابة على سؤال الأعرابي: متى الساعة؟: "فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ÷، قَال الأعرابي: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَال: "إِذَا وُسِّدَ الأمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ÷، أخرجه البخاري في صحيحه (59) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.



([24]) بل إن كل ذي عينين يرى أن الحويني لا يسير على سنن الإمام الألباني -رحمه الله-، وهذا واضح وقد بيَّناه سابقًا بما يغني عن إعادته هنا.





([25])
في فتاويه ومجالسه الأخيرة، وفي كتابه الأخير: "منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح وتطويح المفاسد والقبائح في أصول النقد والجرح والنصائح".



([26]) وهذا من التلوُّن في دين الله -عز وجل-، ويحسن أن ينطبق عليه قول رسول الله ×: "إن شرَّ الناس ذو الوجــــــهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجــــــــــه÷، أخرجـــــــه الشيخان من حـــــديث أبي هــــريرة
-رضي الله عنه-.

منقول من سحاب

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
03-Jan-2015, 12:25 PM
للفائدة