المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها (الحلقة الأولى) الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
14-Sep-2011, 07:57 PM
بيان من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها (الحلقة الأولى) الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- بيان من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها
(الحلقة الأولى)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

أما بعد:

فقد اطلعتُ على مقال نُشر في شبكة ما يسمى زوراً بـِ" كل السلفيين"، في تأريخ أول يوم من شهر شوال من عام (1432هـ)، أي يوم عيد الفطر، تحت عنوان "السبب (الأساس) وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين".

أقول: ما أكذب هذا العنوان، وما أكذب من افتراه.

يُفرق رؤوس هؤلاء ويمزقون في السلفيين من سنوات طوال لا يكلون ولا يفترون، ويثيرون الفتن خفية وظاهرة تلو الفتن في شتى البلدان، ولا يروى ظمؤهم من إثاراتها.

كل هذه البلايا التي يصبونها على السلفية والسلفيين مصحوبة بالأكاذيب والخيانات والغدر في عدد من المؤلفات وعدد من المنتديات.

يرافق ذلك ثناء على المذاهب الرافضية والخارجية والصوفية الضالة المنتسبة إلى المذاهب السنية([1]).

ومع كل هذه المخازي ينسبون فتنهم وأفاعيلهم بالسلفية والسلفيين إلى ربيع، فما أشبه أفاعيلهم بأفاعيل ذلكم الحاكم الباطني الذي يحارب الإسلام أشد الحرب ويلاحق المسلمين بالإرهاب والتعذيب والتشريد تحت شعار أنهم زنادقة.

لا يردع هؤلاء قول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [سورة الحج:30].

ولا يردعهم قول الله تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [سورة النساء:112].

ولم يردعهم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "... ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينـزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال".

أخرجه أحمد في "مسنده" (2/70)، وأبو داود في "سننه" حديث (3597).

فهؤلاء يخاصمون بالأباطيل الواضحة وهم يعلمون والمنصفون يعلمون ذلك.

ويقولون في المؤمن -ما ليس فيه- الكثيرَ من الأقوال الظالمة، ولا يرعوون ولا يراقبون الله ولا يتوبون.

وهؤلاء القوم يكذبون ويخونون ويفجرون في خصومتهم.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا؛ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا".

أخرجه البخاري في "الإيمان" حديث (34)، ومسلم في "الإيمان" حديث (106).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".

أخرجه البخاري في "الإيمان" حديث (33)، ومسلم في "الإيمان" حديث (108).

فهؤلاء القوم يتصفون بهذه الصفات أو أكثرها مع الأسف الشديد.

وقال الإمام أحمد -رحمه الله- في "مسنده" (1/5):

" حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ وَلَا يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانُُُُِ".

وأخرجه وكيع في "الزهد" (3/700)، قال: حدثنا ابن أبي خالد ...به.

والبيهقي في "الشعب" (7/480) بإسناده إلى إسماعيل بن أبي خالد ...به.

وقال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/3):

" وصح أن الصديق خطبهم فقال: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ([2]).

وقال علي بن عاصم وهو من أوعية العلم لكنه سيء الحفظ: أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: إياكم والكذب؛ فإن الكذب مجانب الإيمان. قلت: صدق الصديق فإن الكذب رأس النفاق وآية المنافق والمؤمن يطبع على المعاصي والذنوب الشهوانية لا على الخيانة والكذب، فما الظن بالكذب على الصادق الأمين صلوات الله عليه وسلامه وهو القائل: "إن كذبا عليَّ ليس ككذب على غيري، من يكذبْ عليَّ بني له بيت في النار".

وأكتفي بهذا التعليق القوي من الحافظ الذهبي –رحمه الله- على هذا الحديث.



إن عمل هؤلاء القوم لخطير جداً، فهم يكتسبون الآثام العظيمة، ويفرقون السلفيين، ثم يقذفون بذلك الأبرياء الحريصين على جمع الكلمة بكل مستطاع، والداعين للأمة جميعاً إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، والمحاربين للتحزب والتفرق اللذين ذمّ الله أهلهما، وبرأ منهما رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [سورة الأنعام: 159].

وقال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [سورة الروم:31-32].

فهذه الآيات والأحاديث دامغة لأعمال هؤلاء، ولكنهم لا يرعوون ولا يتورعون، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [سورة الشعراء: 227]، إن لم يتوبوا إلى الله.

ومن عجائب هؤلاء القوم أنهم يعتبرون أنفسهم وأشياعهم -في هذا المقال وغيره- من السلفيين، وهم من أشد الناس حرباً على السلفية وأصولها وأهلها، من مدة طويلة تصل إلى ما يقرب من عقدين من الزمان بمناهج فاسدة وأصول باطلة تتضمن الدفاع عن الضلالات وأهلها.

هذه الحرب بدأت خفية مبطنة في الغالب، ثم صارت ظاهرة قوية وعنيفة آخراً.

وأهل السنة صابرون على هذا البلاء من الحلبي ومن معه، وعلى عداوتهم لأهل السنة.

وأخيراً شمر علي الحلبي وزمرته عن ساعد الجد لحرب السلفية والسلفيين وخاصة ربيعاً هدفهم الأول في مؤلفات وعشرات أو مئات المقالات في المنتديات، وحشدوا لهذه الحرب كل خصوم الدعوة السلفية المتأكلين بدينهم والنائبين عن سادتهم المدسوسين وراءهم.

ومدار هذه الحرب على السلفيين وأصولهم، يشوهون هذه الأصول؛ أصول الجرح والتعديل الذي أنكر الحلبي أن يكون له أدلة من الكتاب والسنة([3])، ويشككون الناس فيها وفي صلاحيتها، خاصة في هذا العصر الذي قامت فيه فتنتهم على قدم وساق، لا تطفأ نارها ولا يخبو أوارها.

ودمروا أصل الولاء والبراء في الإسلام، فيوالون أهل الضلال ويحاربون أهل السنة والحق.

فأفسدوا كثيراً وكثيراً من الشباب في بلدان شتى، فصاروا من أشد الناس حرباً على الدعوة السلفية، ترافقها دعاوى كواذب ومرواغات ومناورات ومكابرات في حقائق واضحة وضوح الشمس.

ثم مع كل هذه الدواهي والفتن والحروب على الدعوة السلفية يموهون على الناس ويوهمونهم بأنهم سلفيون، بل يتباكون على السلفية التي فتكوا بها وبأصولها ومزقوا أهلها شر ممزق في بلدان شتى، كما فعل خصماء السنة المفترون على ابن تيمية وابن القيم ومدرستهما، وكما فعل خصماء الإمام محمد بن عبد الوهاب ومدرسته.

وهؤلاء اليوم يقومون بدور الأحباش والكوثريين والغماريين ومن على دربهم، الذين حاربوا في هذا العصر الدعوة السلفية وأهلها.

وخاصة الشيخ الألباني، يجهلونه ويطعنون في منهجه وأصوله وأخلاقه، ويرمونه بالتناقض...إلخ

ولم يصل هؤلاء الضلَّال إلى ما وصل إليه حزب الحلبي من إشعال الفتن والأكاذيب والطعون الظالمة والنشاط الملتهب المتواصل ضد أهل الحق والسنة.

ولا لحقوهم في الدفاع عن وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، وتزكية من يدعو إليها أو يؤيدها.

وهذا أمر خطير يصادم العقيدة والتوحيد اللذين عليهما مدار الإسلام والرسالات كلها.

ومع كل هذه الدواهي والمخازي يدّعون أنهم في قمة السلفية.



دحض أباطيل أهل هذه الفئة بالأدلة والبراهين

1- قالوا معنونين لمقالهم الجائر:

" السبب الأساس وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين".

2- وقالوا: " وفي مثاني هذه الفتن -على وفق توصيف الشيخ المدخلي- فتن عديدة مرتبطة بها ؛ لكن رغم تباين مسميات هذه الفتن وأسمائها إلا أنها جميعاً مشتركة في أن أحد طرفيها –دائماً وأبداً-([4]) هو (الشيخ ربيع المدخلي) بينما في الطرف المقابل تتنوع الأسماء بتنوع المخالفين للشيخ ربيع ؛ فالفتنة إن كان ولا بد أن تنسب لشخص فحري بها أن تنسب إلى الشيخ ربيع المدخلي، فيقال فيها: (فتنة المدخلي) ؛ لأنه الطرف الدائم في الفتن الواقعة بين السلفيين منذ أكثر من عقد ونصف !!".

أقول:

1- إن الحلبي وعصابته هم المثيرون للفتن على اختلاف أنواعها، فيجب عند من يحترم العدل ويميز بين المحق والمبطل أن تنسب هذه الفتن إلى مثيريها ومزخرفيها والدعاة إليها.

2- ليس الأمر كما زعموا أن الفتنة منذ عقد ونصف.

وإنما بدأت من عام (1413هـ) أي منذ عشرين سنة.

وأول من بدأ بها عدنان عرعور.

ففي هذا الوقت كنتُ قد انتهيتُ من تأليف كتابي "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره".

والذي تضمن إنكار سخريات سيد قطب برسول الله موسى الكليم - عليه السلام-، والتي وصلت إلى حوالي عشر سخريات.

وتضمن الدفاع عن الصحابة الكرام الذين أطال سيد قطب النفَس في الطعون الظالمة فيهم، ولا سيما الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- الذي ادعى سيد قطب أنه تحطمت روح الإسلام في عهده، وتحطمت أسس الإسلام في عهده.

وأثنى على تلاميذ ابن سبأ الذين ثاروا على عثمان -رضي الله عنه- ثم قتلوه.

أثنى عليهم بأنهم أقرب إلى روح الإسلام منه، ثم أسقط خلافة عثمان –رضي الله عنه-.

ومن عقائد سيد قطب التي ناقشتها في "الأضواء" تعطيله لصفات الله، وقوله بوحدة الوجود والحلول، وقوله بخلق القرآن وأزلية الروح، إلى ضلالات أخرى، وكل هذه البوائق لم تهز عقيدة عدنان السلفية لأنها دعاوى مزيفة.

ولما انتشر هذا الكتاب وأقبل الناس عليه أثار ذلك حفيظة عدنان وغيرته على سيده، فذهب يركض إلى الشام ليحصل على ما يقاوم به هذا الكتاب، فسأل الشيخ الألباني عن فقرة مجملة من كلام سيد قطب، فصوبها الشيخ الألباني، ولم يعرض عدنان على العلامة الألباني شيئاً من تلك الدواهي والطوام الكثيرة لسيد قطب التي تضمنها الكتاب، بل سجل كلام الشيخ الألباني وشرع في نشره، ونشره الإخوان المسلمون والقطبيون بكثافة لقصد تشويه الكتاب وكاتبه ولصد الناس عن معرفة ما تضمنه الكتاب من بيان الحق، وبيان ضلالات سيد قطب.

والقصة طويلة جداً مع عدنان ووعوده بالاعتذار عما اقترفه، وإخلاف هذه الوعود خلال سنتين.

ثم عقب تلك الوعود بتأليف كتاب أو كتب يمجد فيها منهج سيد قطب وأصوله التي لا يعرفها السلفيون ويمجد كتبه.

ثم عقب ذلك ببث الفتن في دول أوربا؛ تلك الفتن التي تمزق السلفيين، وتحول كثيراً منهم إلى خصوم فجرة للسلفيين ومنهجهم، واستمرت فتنة عدنان إلى اليوم، يسانده علي حسن الحلبي وبعض الحاقدين على المنهج السلفي([5]).

فما وسعني إلا الرد عليه وبيان ظلمه وبغيه وبيان فساد أصوله ومنهجه.

فمن هو صاحب الفتن وأساسها، أهو عدنان ومن شايعه أم ربيع كما يفتري الحلبي وشركاؤه في هذا المقال؟؟

ثانياً- فتنة المغراوي، وهو من أصدقاء عدنان والحلبي والمأربي إلى اليوم كما أعلم.

كان يساند عدنان، ويشاركه في بعض الدورات في أوربا، ويغض طرفه عن أشرطته المليئة بالباطل والتأصيل الفاسد التي تنشر في المغرب وفيها الحملات على ربيع، وكنت أنصحه عن مصاحبة عدنان ومسايرته بعد أن انكشف حاله، فيأبى إلا الاستمرار في هذه المسايرة، مما أقض مضاجع السلفيين في المغرب، ولا سيما من انتشار أشرطة عدنان في بلدهم.

وحصلت فتنة بينه وبين السلفيين، فكنت أجتهد في إطفاء هذه الفتنة والتأليف بينه وبين خصومه، وكانوا في غاية القلق من أصوله ومنهجه التكفيري، فلما رأوه سادراً وغارقاً في هذا المنهج، قاموا ببيان ذلك المنهج الخطير من كتبه وأشرطته وعرضوها على العلماء في المملكة، فأدانوه ونصحوه بالرجوع عن هذا الباطل([6])، فلم يقبل نصائحهم، ولم يرجع عن باطله.

وكان يتحين الفرصة لإشعال معركة ضدي، فلم أكتب فيه شيئاً.

ثم وعدني وهو بالكويت عن طريق الهاتف بأنه سيتراجع عن أخطائه، ففرحت بهذا الوعد وبشرت خصومه بذلك، ففرحوا، فطلبت منهم التواضع للمغراوي والسعي في إعادة الأمور إلى مجاريها.

ثم بعد هذا عقد معي جلسة حول تراجعه قال فيها: لن أتراجع حتى أعود إلى بلدي، فأنظر في كتبي وأشرطتي، أما هنا فلا، فقلت: لك ذلك.

فذهب من عندي بعد الجلسة وأنا متفائل بعودته إلى الصواب.
فعقد في تلك الليلة نفسها جلسة مع طلاب المغرب الذين يدرسون في دار الحديث بمكة المكرمة، وكانوا يدرسون عندي مع طلاب العلم السلفيين.

فألزمهم بهجران ربيع ودروسه، فامتثلوا أمره لجهلهم وعصبيتهم وشرعوا في نشر الفتن والأكاذيب في مكة والمدينة ومسجديهما، فكنت آمر تلاميذي بالكف عن مواجهة هؤلاء الجهلة آملاً في أن يعود المغراوي إلى رشده، فما كان منه بعد هذا إلا أن أصدر شريطاً يصر فيه على باطله، ويطعن في العلماء الذين انتقدوا كلامه ونصحوه بالرجوع، فكانت بداية هذه الفتنة ونهايتها من المغراوي.

وألّف كتاباً يطعن فيه في ربيع والسلفيين، ويذكر فيه أخطاء الأنبياء والعلماء، ولم يذكر أخطاءه، ولم يتراجع عنها إلى اليوم.

ويقف إلى جانبه علي الحلبي الذي يدّعي أنه يحارب التكفير، وهذا من العجائب، والله يعلم ما يدور في الكواليس كما يقال.

وجدير بالذكر أنه مع كل ما صدر من المغراوي لم أصدر فيه كتاباً ولا شريطاً إلى يومي هذا.

وأذكر أنه بعد إكثار الأسئلة عليَّ من المغرب عن المغراوي، تلك الأسئلة التي كنت أنصح السائلين بالكف عنها حسماً للفتنة وانتظاراً لفيئة المغراوي.

ثم بعد شدة الأمر قلت : عنده أخطاء وعليه أن يرجع عنها.

فأقامت هذه الكلمة على المغراوي والمتعصبين له الدنيا ولم تقعدها.

فالحق مر على كثير من الناس، إلا من يوفقهم الله.

وبعد هذا، من هو أساس الفتن، أهو ربيع أو غيره أيها العقلاء؟؟

ثالثاً- فتنة أبي الحسن.

من أول يوم التقيت فيه بأبي الحسن الذي يدّعي السلفية سمعته في أول جلسة معه يدافع عن سيد قطب والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، فأزعج دفاعه هذا الحاضرين في تلك الجلسة، وبعد أن ذهب استشارني الحاضرون في هجره وكَشْفِ أمره، فرفضت ذلك، وقلت لهم نصبر عليه لعل الله أن يهديه ويوفقه للحق والاستقامة أو نحو هذا الكلام، ثم صار يكاتبني ويطريني ويزورني فأناصحه باللطف فيما أعرفه من انحرافه، وما ألمس منه رجوعاً إلى الحق.

إلى أن ألّف كتابه المسمى بِـ "السراج الوهاج"، ثم عرضه على بعض العلماء، ومنهم فيما أذكر العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- والمفتي الحالي للملكة -وفقه الله-، فانتقدا عليه بعض المسائل.

وأرسل لي نسخة من هذا الكتاب، فرأيت فيه انحرافاً عن منهج السلف ومكراً مغلفاً عرفت منه أنه متضجر من نقدي لأهل البدع ومن الأصول السلفية التي أنطلق منها، وعرفت منه تضجره من الشيخ مقبل –رحمه الله-.

فناقشته بغاية من اللطف في أكثر من خمسين مسألة عقدية ومنهجية وغيرهما، ولم أقل له أنت تقصد كذا وكذا، وتقصد فلاناً وفلاناً، وأرسلت له هذه المناقشات سراً مؤملاً فيه أن يتراجع عن أخطائه، فما رجع إلا عن القليل منها، وأصر على الباقي، فصبرت عليه أملاً أن يثوب هذا الرجل إلى رشده.

وكانت تأتيني الشكاوي من طلاب العلم باليمن من فتنته وغطرسته وتعاليه، فأصبرهم حرصاً على أن يفيء هذا الرجل ويثوب إلى رشده.

ثم بعد موت العلماء ومنهم الشيخ مقبل –رحم الله الجميع- هاج هذا الرجل بفتنة هوجاء قائمة على الاستكبار والاستعلاء، يرمي العلماء وطلاب العلم السلفيين باليمن بأنهم أراذل وأقزام وقواطي صلصة وغثاء، وخلال حملاته عليهم يرميهم بالأصاغر، والأصاغر دائماً تحت الأقدام.

ويعطي الصحابة نصيباً من هذا الطعن.

فأعطاني بعض السلفيين عدداً من الأشرطة التي فيها بعض حملاته الشعواء وتأصيلاته الكثيرة المناهضة لأصول السلف، فناقشته بلطف، وأرسلت هذه المناقشة سراً بيني وبينه، لعله يثوب إلى رشده، فرفض التراجع عن أي باطل من أباطيله، بل زاد عناداً، فأرسلت له نصيحة أخرى، فأعلنها حرباً عليَّ، واستمر يهدر ويرغي ويزبد بالفجور وتقليب الحقائق إلى أن بلغت أشرطته حوالي مائة وعشرين شريطاً، كما يقول بعض السلفيين المتابعون لنشاطه، وفتح موقعاً ملأه بالأراجيف.

فاضطررت أن أرد على القليل من أشرطته، أبين فيها ظلمه وفجوره وأصوله الفاسدة، والشرح لفتنته يطول.

ثم خلال هجومه الظالم صرّح في الشريط الرابع من أشرطته المسماة "مهلاً يا دعاة التقليد" الصادر عام (1418هـ) صرّح بقوله مجيباً على سؤال وجه إليه ونصه:

"لماذا لم تتكلم من قبل أن تحصل هذه الفتنة وتبين الأصول الفاسدة([7]) عند الشيخ ربيع وعند هؤلاء ".

فأجاب أبو الحسن على هذا السؤال الفاجر بقوله -بعد الثناء مكراً منه على من سماهم إخوانه- : " أما الشيخ ربيع فأصوله هذه منقوضة في السراج من عام 1418هـ .

وهو نفسه في انتقاده يقول أنا أدري أنه يقصدني بهذا ، أنا أدري أنه يعنيني ، أنا أدري أنه يقصدني بهذا الكلام([8]) ، وضعت كتاب السراج الوهاج نحو سبعين ومأتي فقرة وفيها مناقشة لأفكار الشيخ ربيع كجانب الإفراط([9]) وأفكار الجماعات الأخرى كجانب التفريط".

أقول : فمن هو البادئ بالحرب الظالمة ومن الذي بيَّت المكائد وبيَّت الفتن ومن هو أساسها ؟؟

لقد كتب أبو الحسن كتابه "السراج" الذي ألَّفه في حياة العلماء الكبار، الذين أيدوا ربيعاً في أصوله ومنهجه في نقد أهل البدع، الذي ضمنه كتبه التي ألَّفها في حياة هؤلاء العلماء ومنها:

1- منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله.

2- وأضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره .

3- ومطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

4- والحد الفاصل بين الحق والباطل.

5- والعواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم، كلها نقد لسيد قطب .

6- ومنهج أهل السنة في نقد الرجال والكتب والطوائف .

7- والمحجة البيضاء في حماية السنة الغراء .

8- ومكانة أهل الحديث.

9- وأهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية.

10- وكتاب جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات .

11- والنصر العزيز، وهما رد على عبد الرحمن عبد الخالق.

وكتب أخرى كتبتها في حياة المشايخ الكبار، وما من كتاب منها إلا أرسلتُ منه نسخاً للعلماء، بل ولبعض طلاب العلم، ولم يعارضني أحد من العلماء جميعاً، بل تأتي التأييدات من بعضهم صريحة، ومنهم من يحيل على كتبي في المعضلات ثقة بما يكتبه ربيع عن أهل البدع.

ومنهم من يصرح بمدح كتاباتي كما ينقل لي ذلك الثقات.

ويكفي المنصفين شهادة العلامة الألباني التي سأوردها إن شاء الله.

وهي مما سمعه أبو الحسن وعلي حسن وغيرهما.

وآخر ذلك ما قاله العلامة الألباني في كتابي " العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم" كما سيأتي.

فهذه المؤلفات التي ألفت في حياة العلماء الكبار هي التي أزعجت أهل الأهواء، ولا سيما عدنان عرعور والمأربي ومن يسايرهما، ولم يستطيعوا أن يثيروا الفتن في ذلك العهد، فلما توفي هؤلاء الأئمة انتهزوا الفرصة لإعلان الحرب الضروس فملئوا الدنيا فتناً وشغباً وألّفوا المؤلفات القائمة على الكذب والفجور والخيانات.

وفرّقوا الشباب السلفي في كل مكان في مشارق الأرض ومغاربها.

وعلي حسن يدعمهم ويدافع عنهم، ولعله يؤزهم أزاً إلى هذه الفتن العمياء.

رابعاً- تلك المكيدة التي دبروها في بريطانيا في عام (1420هـ) من ربط الشباب ربطاً محكماً بالحلبي ومن ذكر معه، ووضع الحواجز والسدود بين الشباب السلفي وعلمائهم، وتكرار هذه المكيدة في أمريكا وفرنسا وغيرهما كما أخبرني الثقات بهذا.

كلها فيها ربط الشباب في هذه المواضع بالحلبي ومن حوله.

ونص هذه المكيدة ما يأتي:

"بسم الله الرحمن الرحيم
دار الحديث بمأرب

وادي عبيدة

أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني

_______________________________________

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد:

فقد اطلعت على أسباب النـزاع بين الأخوة السلفيين في بريطانيا، وجالست الفريقين جمعا وتفريقا، وسمعت من كل طرف ما يجده على الآخر، وسمعت جواب الطرفين في ذلك، وتلخص لي من مجموع ذلك أن الجميع غيور على نصرة الحق، والدفاع عن هذه الدعوة المباركة، ولا أزكيهم جميعًا على الله عز وجل، لكن قد يحدث سوء فهم لبعض الأمور، أو خطأ من اجتهاد عند تطبيق قاعدة المصالح والمفاسد، وعلى كل حال فمثل هذا الخلاف لا يسوّغ الفرقة والتناحر، لا سيما والجميع فعل ما فعل ظاناً أنه يذب عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان هناك ما يخالف ذلك أحياناً.

على ذلك فإني ألخص حكمي في عدة أمور:

1- أن يتنازل كل منهم عن حقه الشخصي من أجل نصرة الدعوة والحفاظ على عرضها ولأن كلاً منهم قد خاض فيما لا يحمد والله المستعان.

2- يلزم الجميع الوفاء بالشرط الذي تم بينهما بواسطة الشيخ علي الحلبي والشيخ سليم الهلالي -حفظهما الله وسدد أمرهما على الهدى- فإن المؤمنين على شروطهم الجائزة شرعاً.

3- وبخصوص ما أنكره الأخ أبو خديجة ومن معه على الأخ عبد الحق ومن معه حول التساهل مع المخالفين للسلفية، فيلزم الأخ عبد الحق ومن معه الوضوح في أمر الدعوة مع الرفق واللين وإن كانوا قد فعلوا ذلك في نظرهم بنصح العلماء لهم بذلك فجزاهم الله خيراً على نيتهم، لكن لا بد من الوضوح في ذلك.

4- يلزم الأخ أبا خديجة ومن معه أن يغيروا المادة السابعة عشر في دعوتهم لمخالفتها الرحمة والقواعد المعروفة عند أهل السنة، ويلزمهم والفريق الآخر ألا يكتبوا في الدعوة إلا ما كتبه أهل العلم في ذلك، وأنصحهم بكتابة ما في نهاية مجلة الأصالة في هذا الباب، إن كان ولا بد عندهم من كتابة ذلك.

5- يلزم الجميع أن يرجعوا أمورهم -إذا اختلفوا- للشيخين علي بن حسن الحلبي وسليم ابن عيد الهلالي -حفظهما الله تعالى-؛ لأنهما أخير من عرفتُ بالدعوة في هذا البلد وبحال أهلها، وأكثر خلافات الفريقين راجعة إلى باب السياسة الشرعية في فهم واقع الدعوة والدعاة، وفهم باب ترجيح المصالح على المفاسد.

6- لا يذهب أحد من الفريقين إلى عالم آخر -يجهل الحال هنا، أو لا يحيط به كالشيخين المذكورين- فيسأله ويأخذ فتواه ويثير بها الفتنة بين إخوانه، إنما الرجوع للعلماء الآخرين يكون من قبل الشيخين المذكورين -حفظهما الله-.

7- لا يجيب الشيخان عن فتوى من أحد الطرفين - تتصل بالنـزاع أو تؤدي إليه- إلا بعد اتفاق الطرفين على صيغة السؤال، كيلا ينتزع كل من الطرفين فتوى يتذرع بها لمراده، بحجة اتباع أهل العلم، والأمر ليس كذلك، والله المستعان.

8- الأمور الإدارية في المساجد تبقى كما هي، إلا أن يرى الشيخان فساد أي إدارة فلهما الحق في تغييرها بعد نصحها، وبذل ما يمكن في إصلاح شأنها.

9- بعد عرض هذا الحكم والوقوف عليه -لا يسمح لأحد أن يعلق في مسجده أو غيره كلاماً يتصل بالنـزاع السابق، لأن ذلك يثير الخلاف من جديد- لا سيما إذا حدث سوء تعبير أو نحو ذلك.

10- يُفرَّق بين المسائل الإدارية الخاصة بكل مسجد أو جهة ما وبين المسائل العلمية الدعوية المنهجية، ففي المسائل الإدارية: لكل جهة أن تتخذ في جهتها ما يصلح لهم، دون أن يتعارض مع الشرع، وأما المسائل العلمية المنهجية فيرجع فيها للشيخين -حفظهما الله تعالى-.

11- التدريس من السلفي في مساجد المخالفين راجع لفهم السياسة الشرعية في تقدير المصالح والمفاسد في الحال والمآل، وهذا مرجعه للشيخين فقط، فإن أقرّا شيئاً من ذلك وإلا فلا، ويلزم الجميع التسليم بما قالاه، وعدم فتح المجال لمن دب ودرج.

12- تُوحّد المؤتمرات الدعوية السنوية أو غيرها في بريطانيا ، ويكون اختيار المشايخ المشاركين بعد استشارة الشيخين ، والعملُ وترتيبه وغير ذلك يكون من قبل الجميع مع المودة والرحمة ، إلا أن رأى الشيخان في ذلك شيئاً، فهما أعرف بالمصلحة في اشتراك فلان في ترتيب العمل أو منعه.

13- تصنيف الناس -لا سيما العاملين معنا في هذه الدعوة- ليس المجال فيه مفتوحاً لكل أحد إنما هو للشيخين، وأهل السنة هنا ينقلون قولهما في ذلك، ومن رأى -وهو أهل لذلك- خلاف قول الشيخين فليتشاور معهما، ولا يحدث بلبلة بين المسلمين السلفيين، حسماً لمادة النـزاع وسداً لذريعة الشر بين السلفيين، في بلد لا يخفى حاله على أحد، لا سيما بالأهلية للجرح والتعديل لم أجد هنا من يصلح لها.

14- أي مساعدة للدعوة بدون شرط مخالف على الدعاة لا يجوز لأحد أن يشنِّع على من قبلها ، إلا إذا كانت ستؤول بمفسدة، وتقدير هذه المفسدة راجع للشيخين، لا لكل أحد.



15- ليس المراد من وراء هذه الدعوة كسب زعامة أو وجاهة بين الناس، فإن من --([10]) كثرة الأتباع أو زيادة -----([11]) الأطماع، فإن الله كاشفه، والله عز وجل يقول: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).

16- من أخذ بنصيحة الشيخين في هجر شخص أو إعلان النكير عليه، فلا يُنكر عليه الآخرون، بل يؤازرونه على عمله طالما أنه صادر بالشرط السابق.

17- يلزم أبا عبيدة أن يرد وقف المسجد في لوتن الذي أخذه بعد خروج محفوظ من الإدارة، لأن تبديل الوقف لا يجوز، والله عزّ وجل يقول: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)، وإن كانت هناك مسائل مادية خاصة فلها حكمها الخاص عند الشيخين.

18- الدعوة السلفية في بريطانيا دعوة الجميع، ولا يقال بأن المسجد الفلاني هو السلفي فقط، ومن لم يأت إليه فليس بسلفي، ومن قال ذلك فهو مفرِّق للصف، إنما هذه الفتوى تكون من الشيخين.

19- لا يُدعى أحد من المخالفين للمحاضرات أو نحوها في المساجد السلفية، وإن وقع شيء من ذلك دون دعوة له أو رضى بوجوده، فينظر في باب المصلحة والمفسدة، وعند الاختلاف يُرجع للشيخين ويعمل بنصيحتهما، وكذا لا يوزع السلفيون منشورات المخالفين، ويُرجع لِنفس التفصيل السابق.

20- الرجوع لاجتهاد العالم الخبير بالواقع والدليل الشرعي، وترك اجتهاد من ليسوا كذلك لاجتهاد ذاك العالم لا يسمى تقليداً مذموماً كما لا يخفى على أهل الشأن في ذلك.

21- لا يجوز الطعن في نيات إخواننا ولا يُتهم أحد منهم بجاسوسية أو غير ذلك، إلا بعد الرجوع للشيخين، ثم إن دعوتنا ولله الحمد ليس فيها شيء -في الجملة- يحملنا على ولوج هذا الباب الخطير، فإن دعوتنا ظاهرها كباطنها ولله الحمد، وظاهرها وباطنها على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.

22- دعوة الناس لفهم السياسة والثقافة يكون حسب ضوابط أهل السنة، لا على فهم أهل الفتنة، فمن تكلم في هذا فليوضح مراده، أو ليترك درءاً للمفسدة، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

23- يلزم كل طرف أن يستسمح من الآخر مما لوّث به دينه ودعوته من غيبة أو شماتة أو دعاء على الآخر ونحو ذلك، قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، إنما هي الحسنة والسيئة.

24- الأشخاص الذين فيهم حدة ----([12]) من الطرفين، أو من يحب الظهور منهم -----([13]) عليهم أن يتوبوا إلى الله عزّ وجلّ، وإلا فإن العاقبة لهم غير حميدة، إلا من رحم الله عزّ وجلّ، والواجب أن كلاً منا يتهم نفسه، ولا يبالغ في تزكيتها والتماس المخارج لها.

25- أذكر الجميع بالعهد الذي أخذوه على أنفسهم بتقديم مصلحة الدعوة على أنفسهم، وبالحرص على رأب الصدع، وجمع الشمل.

26- من خالف ما في هذا الحكم، فهو مخالف لما أراه يقرب الأخوة في بريطانيا إلى الله ويجمع شملهم، وعلى ذلك فيُرجع إلى الشيخين ليتخذا ما يصلح شرعاً في حقه، ولو أدى ذلك إلى إصدار فتوى بهجره وعدم الالتفات إليه من جميع السلفيين في هذا البلد؛ لأن دعوتنا لا ترتبط بالأشخاص، ويجوز أن تسير دعوتنا بدون فلان أو فلان، وكما قالوا: "آخر الدواء الكي"، وإذا أفتى الشيخان بشيء من ذلك فمن له صلة من أهل العلم بالدعوة هنا يمكن أن يساعدهما ويؤيد كلامهما؛ لأن فتواهما يعمل بها من باب العمل بخبر العدل، كما هو معلوم عند أهل السنة، هذا السبيل الذي نستطيعه في سد أبواب الفتنة؛ لأنه ليس معنا سجن للمخالف، وليس معهم منا معاشات أو مرتبات فنقطعها عنهم، أو نقلصها عليهم، فالله عزّ وجلّ يقول: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)".

تأمل هذه المكايد والمكر وأدرك أهدافها، واعرف أنها مرحلة خطيرة من مراحل فتنتهم.

انظر كيف أسقطوا العلماء، وحاولوا إبعاد الشباب عنهم، إلى آخر مكرهم وأهدافهم الدنيئة.

ثم تساءل: هل من يحترم السلفية وعلماءها يفعل مثل هذا المكر الكُبّار، والذي أدى إلى تمزيق السلفيين الذين تظاهر هؤلاء بالصلح بينهم، وهم يرمون إلى أشياء وأشياء ظهرت نتائجها السيئة لكل سلفي نبيل.

خامساً- وأخيراً جاء الدور النهائي للحلبي فأثار فتنة ظالمة عمياء أشد مما سبقها، لعله اجتمعت هذه الأطراف كلها تحت راية الحلبي الذي أنشأ شبكة كل المنحرفين، المسماة زوراً بِـ "كل السلفيين"، وألّف الحلبي عدداً من الكتب، قائمة على المكر والختل والتلبيس وقلب الحقائق والتأصيل الباطل أو التطبيق لأصول أبي الحسن، والتشكيك في قواعد الجرح والتعديل، والإرجاف على من يطبقها على أهل الأهواء والفتن، ونشر حزبه أعداداً كثيرة من المقالات، قائمة على البغي والكذب على السلفيين، والدفاع عن أهل الباطل ومنهم أشرس دعاة الفتن، والدفاع عن رسالة تضمنت وحدة الأديان وأخواتها بأساليب وتمويهات سفسطائية مقيتة ومكابرات سخيفة.



ولفتنهم هذه أسباب:

1- منها حب الزعامة التي دفعتهم إلى التعالي على العلماء والسعي في إسقاطهم وإلى محاولة السيطرة على الشباب السلفي وقيادته إلى المهالك، ووضع الأصول لتحقيق هذه الغاية والسعي المتواصل في تضليلهم.

2- التهالك على الأموال وحب الدنيا ذلك الذي جعلهم أذناباً وجنوداً لأصحاب الأموال من المؤسسات الحزبية السياسية وغيرها، من من ضاق ذرعاً بالسلفية والسلفيين الذين ينتقدون تحزبهم، وينتقدون قياداتهم الضالة كسيد قطب والبنا ورؤوس الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ .

فترى كثيراً من الأموال التي تجمعها المؤسسات الحزبية باسم الأيتام والفقراء والمنكوبين تصب في جيوب هذا الحلبي وحزبه، فهم وأتباعهم ممن يصدق عليهم قول الله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [سورة المائدة:42].

لهذا لا تجد لهذه الطغمة تورعاً من أكل السحت و لا تورعاً من الكذب والخيانات والغدر بالمنهج السلفي وبمن يصبر على انحرافاتهم السنين والسنين.

3- الاستكبار الذي هو غمط الناس ورد الحق كما بيّنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فهذا الاستكبار -الذي منه غمط علماء السنة ورد ما عندهم من حق واضح في الأصول والمنهج- يراه الفطناء ضارباً أطنابه في مواقفهم وفتنهم وأقوالهم القائمة على المكابرات والعناد.

فإذا عرف العاقل المنصف النـزيه أحوال هؤلاء، فلا يستغرب منهم الكذب والخيانة وقلب الحقائق، وجعل الظالم مظلوماً، والمظلوم ظالماً، والباطل حقاً، والحق باطلاً.

ومن قلبهم للحقائق ما تضمنه كثير من مقالاتهم ومؤلفاتهم، ومنها هذا المقال الذي أسموه " السبب الأساس وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين" ، قلبوا فيه الحقائق، فجعلوا الحق فيه باطلاً، والظالم مظلوماً، وافتروا على ربيع ما يخجل منه غلاة أهل الأهواء .

ولا زالوا يتوعدون فيه بمواصلة سيرهم على هذا المنهج المخزي والطرائق المظلمة .

والله لهم بالمرصاد يفضحهم ويخزيهم على رؤوس الأشهاد وعلى أيدي السلفيين الشرفاء النـزهاء.

وسيأتي بيان ما أقوله من بعض خياناتهم في حلقة ثانية إن شاء الله.



كتبه

ربيع بن هادي عمير المدخلي

15/10/1432هـ

<BR clear=all>الحواشي:

[1] - جُل هذه الفتن بعد ذهاب كبار العلماء ابن باز والألباني والعثيمين –رحمهم الله-، ثم يتظاهرون مكراً بالثناء والتباكي عليهم، والواقع أن ذهابهم هيأ لهم أعظم الفرص للانقضاض على السلفية والسلفيين.

[2] - وصحَّ هذا الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.

[3] - ولم يعترف بجسامة هذه المقولة، بل عدها خطأ لفظياً، ثم ذهب يغالط بكلام جديد، ويطعن فيمن انتقده في هذه المقولة التي لم يسبق إلى مثلها.

[4] - ومن هذه الفتن كما يُفهم من هذا التعميم الردود على سيد قطب وحزبه والردود على الصوفية والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والروافض.

[5] - وهذا بعد ذهاب كبار العلماء.

[6] - ألّف سلفيان في نقده كتابين تضمنا نصوصاً كثيرة واضحة صارحة بتكفيره للأمة، وأدانه ثلاثة عشر عالماً بهذا التكفير، عارضهم الحلبي والمأربي، وما عدنان عنهما ببعيد.

[7] - هكذا أصبحت الأصول السلفية المنبثقة من الكتاب والسنة أصولاً فاسدة في نظر أبي الحسن وحزبه الضال ، لأنها تنتقد سيد قطب وضلالاته والإخوان وضلالاتهم وجماعة التبليغ وضلالاتهم وتذود عن المنهج السلفي وحياضه.

[8] - قلت هذا الكلام بعد إعلان حربه لا حين انتقاده، فقد كنت متلطفاً به جداً.

[9] - هكذا يعتبر نقد أهل البدع وبيان ضلالهم بالحجج والبراهين إفراط ولقد وصف من يدين سيد قطب بالحلول ووحدة الوجود بأنهم غلاة وعلى رأس هؤلاء الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان والشيخ الدويش والشيخ النجمي والشيخ زيد المدخلي والشيخ ربيع ونـزل عليهم أحاديث الخوارج وإذن فليس ربيع وحده هو الذي يمثل جانب الإفراط بل كل من خالف أبا الحسن فهو مفرط غالٍ مهما كانت منـزلته ولو اجتمع علماء السلفيين ومعهم الأدلة والبراهين على مخالفة أبي الحسن لرماهم بالجهل والظلم والغلو وواقعه الآن وموقفه من علماء السنة أكبر برهان وشاهد على ما تقول، ولكن هذه العنتريات كانت منه بعد ذهاب كبار العلماء.

[10] - كلمة غير واضحة.

[11] - كلمة غير واضحة.

[12] - كلمة غير واضحة.

[13] - كلمة غير واضحة.

ملفات مرفقة


بيان من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها. (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=core&module=attach&section=attach&attach_id=227)doc (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=core&module=attach&section=attach&attach_id=227)





بيان من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها (الحلقة الثانية)

بسم الله الرحمن الرحيم



الحلقة الثانية مِن مقال:

(من هم أسباب الفتن وأسسها ورؤوسها ومثيروها)



الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه ومن اتبع هداه.



أما بعد: فقد أسلفتُ مِن رَدي على مقال "السبب (الأساس) وراء إثارة الشيخ ربيع المدخلي للفتن بين السلفيين" حلقة أولى بينتُ فيها بالأدلة الواضحة بطلان دعواهم القائمة على الهوى وقلب الحقائق وجعلهم الظالم مظلومًا، وبينتُ بالأدلة الواضحة أن الحلبي والمأربي وعصابتهما هم أسباب الفتن ومثيروها بداية ونهاية، وأنهم يسعون في الأرض بالفساد وتفريق شباب السنة وإفساد كثير منهم، وبعض ما بينته من فتن هذه العصابة كافٍ في إدانتهم -عند ذوي الدين والعدل والعقل والشرف- بالبغي والسعي في الأرض بالفساد.

أما أهل الأهواء والتبعية العمياء فلا يؤمنون بالحق الواضح والحجج الساطعة فلهم نصيب من قول الله تعالى في أهل الضلال: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) ونسأل الله أن يجعل الكثير منهم ممن استثنى الله.

واليوم أقدم للقراء الحلقة الثانية من الرد على مقالهم السالف الذكر، وفيه من الحجج ما يدحض أباطيلهم ويدفع ظلمهم وتشويههم القائم على الجهل والهوى القاتل.





1- قالوا في طليعة مقالهم: " الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسوله الأمين , وصحابته أجمعين .

أما بعد:

فإن ما تعايشه الدعوة السلفية من تمزق وتناحر بين أبنائها والمنتسبين إليها واقع لا يجحده إلا مكابر ؛ فأمثلته عديدة ، ومحاوره كثيرة ، وأطرافه متشعبة ، ومراتبه متفاوتة .

ومن أمثلة هذا الواقع المرير: ما جرى بين الشيخ ربيع المدخلي وأتباعه وأنصاره من جهة، ومخالفيه من المشايخ السلفيين وأتباعهم وأنصارهم من جهة أخرى ، وذلك على مدى أكثر من عقد ونصف من الزمان ؛ فكنّا نسمع بـ (فتنة عرعور)! و(فتنة المغراوي)! و(فتنة ألمأربي)! و(فتنة العيد شريفي)! و(فتنة الحربي)! وأخيراً –ولا نظنّه آخراً- (فتنة الحلبي)!".

التعليق:

أقول: انظر إلى قولهم : " ومن أمثلة هذا الواقع المرير: ما جرى بين الشيخ ربيع المدخلي وأتباعه وأنصاره من جهة، ومخالفيه من المشايخ السلفيين وأتباعهم وأنصارهم من جهة أخرى".

انظر هذا المكر الحزبي:

أ- كيف جرد هؤلاء المشرفون أو علي الحلبي ربيعاً وإخوانه من السلفية، وأضفوا وصف السلفية على مخالفيهم، فوصفوهم بالمشايخ السلفيين وربيع وإخوانه لم يحاربوا أي سلفي لا من المشايخ ولا من طلاب العلم، وإنما خالف ربيعاً وإخوانه من المشايخ السلفيين قوم لا علاقة لهم بالمشيخة السلفية من قريب ولا من بعيد.

إنما هم قوم تخرجوا من الشوارع، ولعلهم من المسارح، إلا المغراوي الذي ضموه إلى صفهم لخفة عقله، وما عرفوا إلا بالشغب على السلفية والسلفيين نيابة ودفاعاً عن أهل البدع.

ب- صوروا المشايخ السلفيين -الذين أدانوا عصابتهم الظالمة- بأنهم أتباع وأنصار ربيع، وهذا من مكرهم واستهانهم بعلماء السنة، بل من إسقاطهم لهم وتصويرهم بأنهم مجرد أتباع مقلدين للشيخ ربيع، وحاشاهم ثم حاشاهم مما يرميهم به المبطلون.

2- قولهم أو قول الحلبي : " فكنّا نسمع بـ (فتنة عرعور)! و(فتنة المغراوي)! و(فتنة ألمأربي)! و(فتنة العيد شريفي)! و(فتنة الحربي)! وأخيراً –ولا نظنّه آخراً- (فتنة الحلبي)!".

أقول: هل كنتم تعيشون في المريخ أو في عالم آخر؟، لو كنتم سلفيين ما كنتم بعيدين عن سماع هذه الفتن وإدراكها على حقيقتها، ومن هم أهلها ومثيروها.

وإضافتكم هذه إلى عرعور ورفاقه إضافة حقيقية وواقعة فعلاً جاءت من حيث لا تشعرون.

ألم تعلموا أن عدنان هو الذي بدأ الفتنة أولاً من أجل سيد قطب لما كتب ربيع كتابه "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره"، ومن ضمن عقائد سيد قطب وحدة الوجود والحلول والجبر، وعدم قبول الأحاديث النبوية في العقائد؛ لأنها عنده من أخبار الآحاد، ومن ضمن عقائده السخرية والطعن في نبي الله موسى –عليه السلام- والطعن في الخليفة الراشد عثمان –رضي الله عنه- وإسقاط خلافته وأنه حطم روح الإسلام، وطعون كثيرة في هذا الخليفة الراشد، ثم الطعن في باقي الصحابة –رضي الله عنهم- في عصره .

ومن عقائده تعطيل صفات الله -عزّ وجل- والقول بأزلية الروح، إلى بدع أخرى كثيرة.

فذهب يحارب هذا الكتاب ويحارب السلفيين حتى تناول في ذلك الإمام أحمد بن حنبل ومن الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته.

ويدّعي أن السلفيين لا أخلاق لهم ولا أصول عندهم.

وذهب يشيد بسيد قطب وكتبه وتأصيله ويقرن بينه وبين الإمام ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب في بيان التوحيد بما في ذلك الأسماء والصفات.

وذهب يحارب أصول أهل السنة بأصول باطلة اخترعها للدفاع عن أهل البدع. وقد أبطل منهجه وأصوله ثلاثة عشر عالماً([1])، على رأسهم العلامة ابن عثيمين، فسخر منهم وطعن فيهم، ولم يرجع عن أباطيله وتأصيلاته الفاسدة إلى يومنا هذا.

ومع كل هذه المخازي يقف الحلبي إلى جانبه ، يدافع عنه بطريقة ماكرة، ويحكم له بالسلفية، ثم يقول: لكن عنده أخطاء ، يعني أخطاء اجتهادية قد يؤجر عليها ولا تهز مكانته العظيمة في السلفية في منهج الحلبي الذي يسع أصناف أهل الضلال.

أما المأربي فحدث عنه ولا حرج من دفاعه الظالم الباطل عن سيد قطب الذي أسلفنا قبل بعض ضلالاته الكبرى وعن جماعة التبليغ وعن الإخوان المسلمين وحتى عن دعاة وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان([2])، ويؤصل لهذا الدفاع أصولاً كثيرة، عرفها أهل السنة، وعلى رأسها المنهج الواسع الأفيح، الذي يسع أهل السنة أي جماعة التبليغ والإخوان المسلمين، ويسع الأمة كلها، والحلبي يقف إلى جانبه مهوناً من بوائقه، ومشجعاً له واصفاً له بالسلفي .

وقبل أبي الحسن المغراوي الذي يسير على أصول الخوارج، ويهذي بالتكفير هذيان المجانين، فالأمة عنده تعبد العجول.

وقد اجتمعت كلمة ثلاثة عشر عالماً من علماء السنة على إدانة هذين الرجلين وأصولهما، فسخرا منهم وأسقطاهم.

ومع ذلك يقف الحلبي إلى جانبهما يدافع عنهما ويحكم لهما بالسلفية.

ومن أغرب الغرائب أن الحلبي يتظاهر بحرب التكفيريين، ويقف هذا الموقف من المغراوي الذي أُلِّف كتابان في بيان تكفيره الخطير، والذي يهذي به هذيان المجانين.

فلو كان الحلبي يحارب التكفير انطلاقاً صادقاً من منهج السلف لما فعل هذا.

والظاهر الآن لي أنه إنما يحارب التكفير إرضاءً لجهات سياسية ولأهداف مصلحية مادية ومعنوية.

وأولاً وأخيراً فالفتن التي فرقت السلفيين، وكانت سبباً في انحراف كثير منهم في شتى البلدان وفساد أخلاقهم ومناهجهم إنما منابعها هذه الفئة، وعلى رأسهم الحلبي، الذي يتباكى تباكي التماسيح على السلفية وما آل إليه أمر السلفيين وأدعياء السلفية.

أما ربيع فكان هدفاً دائماً لهؤلاء المجندين لحرب السلفية والسلفيين، هذا هو الواقع أما ربيع فيقول: والله إني لأتمنى أن ترجع الأمة كلها وتجتمع على كتاب ربها وسنة نبيها –صلى الله عليه وسلم-، ويسعى جاهداً للم شمل السلفيين وجمع كلمتهم بأقواله وأفعاله، وإذا رأى أي خلاف بين السلفيين لا يهدأ له بال، فيسعى لرأب الصدع بالمصالحة هنا وهناك، وهذا دأبه، وهو أمر معروف جداً عند السلفيين في كل مكان، وقد لا يتم له ما يريده ويسعى فيه لأن الواقع يصدق عليه:

متى يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

فقد كثر الهدامون، وأخطرهم هذه الفئة؛ الحلبي وعرعور والمأربي ومن وراءهم.



3- قالوا أو قال الحلبي: " والشيخ ربيع المدخلي امتاز بتعظيمه لكثيرٍ مِن مسائلِ الخلاف التي وقعت بينه وبين غيره من الدعاة والعلماء السلفيين؛ والتي -غالباً- لا تخرج عن كونها: إما مسائل علمية ساغ فيها الاجتهاد وتباينت فيها أقوال السلف؛ وذلك -كما هو معلوم- لعدم ورود ما يجعل الحكم عليها قطعيًّا، أو مسائل أقرب لأن تصنَّفَ من قضايا الأعيان التي مجال الاجتهاد فيها أوسع من القسم الأول؛ كما هو شأنُ كثيرٍ مِن أحكامه على الرجال".



أقول: لا يقول هذا الكلام إلا من لا يحترم الحق ولا يحترم المنهج السلفي، ولا يقوله إلا مسفسط مكابر .

فالدفاع عن أهل البدع الكبرى عندهم وبميزانهم أمر صغير لا ينبغي إنكاره، فإن إنكاره تعظيم لمسائل الخلاف، فلا بد أن يكون السلفيون ديمقراطيين، يستوعبون الخلاف بكل أنواعه، بما في ذلك الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان، وأخوة وحرية الأديان، والطعن في السلفيين ورميهم بالغلو والشذوذ ...الخ، مع تنـزيه المذاهب كلها، بما فيها مذاهب الروافض والخوارج وغلاة الصوفية والقبورية؛ لأن هذه أمور هينة، ينبغي تقبيل رؤوس وأيدي هؤلاء المحامين الديمقراطيين لأجل محاماتهم هذه.

فالديمقراطية تعترف بكل المذاهب والأديان، وتقول بحرية التدين، فالذي يخرج عنها غال ومعظم ومهول للخلافات التي يستوعبها الديمقراطيون أهل المنهج الواسع الأفيح.

وإن شئت فسمهم إخوان مسلمين، والذين من أصولهم التهوين من مسائل الخلاف، بما فيها خلافات الروافض والخوارج وغلاة الصوفية، ويجعلون تكفير الصحابة والطعن في زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتحريف القرآن وتأليه أئمة أهل البيت من الخلافات الفرعية؛ لأن الجميع يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكلنا نصلي ونصوم ونحج، هذه هي الأصول، وما عداها فإنه من الفروع لا يجوز أن نتفرق من أجلها.

هذا مقتضى هذا المقطع القائم على الظلم وطمس الحقائق والواقع والقائم على التلبيسات التي لا تنطلي إلا على الأغبياء الصم البكم الذين لا يعقلون.

فلو كنتم صادقين في سلفيتكم وعلى طريقة الصحابة الذين قال قائلهم وهو أنس ابن مالك -رضي الله عنه- يخاطب غير الصحابة الذين استنكر أعمالهم:

"إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا([3]) هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ"([4])، لما فعلتم تلك الأفاعيل، ولما هونتم من فظاعة البدع الكبرى، ولما قلتم هذه الأقاويل، لكنكم بعيدون عن منهج السلف، فلذا ترون عظائم البدع أدق في أعينكم ومنهجكم من الشعر وأصغر، فتحامون عن أهلها، وتحاربون السلفيين إذا أنكروها، فيصدق عليكم على الأقل قول الله تعالى: ( كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [سورة المائدة:79].

ولقد ساق القوم قاصدين تشويهي عدداً من الأمثلة التي كنت أضطر إلى قولها لدفع ظلم الخصوم وبغيهم، فإنني على المنهج الذي أسير عليه وعلى ما تضمنته مؤلفاتي من حق ونصر لهذا الحق، أفعل هذا مضطراً لرد بغيهم وكيدهم وتشويههم، وأرجو الله ألا يكون هذا العمل مني تفاخراً وتعالياً، وأعوذ بالله من ذلك.

1- قالوا:

"يقول في مجموع الكتب والرسائل (9/204) –جازما- : "إني والله لعلى منهج أهل السنة في الدقيق والجليل -ما استطعت إلى ذلك سبيلا-" .

أقول: هذا الكلام قلته رداً على من افترى عليَّ عدداً من الافتراءات، ومنها أنني حدادي.

فاختطافكم لهذا الكلام مفصولاً عن أسبابه وعن سباقه ولحاقه خيانة مخزية، ومن جعلِ الحق باطلاً لغرض التشويه به، انظر (9/404) من "مجموع الكتب والرسائل" وما قبلها وما بعدها.

ولي أسوة حسنة في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يصف نفسه الكريمة بما فيها عند الحاجة.

وهو الذي يزجر من يمدحه فيقول: " يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ".

أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (3/153، 241).

وروى البخاري -رحمه الله- في "صحيحه" حديث (3148) عن جُبَيْر بْن مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ، عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا كَذُوبًا وَلَا جَبَانًا".

وروى البخاري في "صحيحه" حديث (3150) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ، قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".

وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" حديث (12469) من طريق يونس عن الليث ابن سعد عن يزيد بن الهاد عن عمرو عن أنس -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ..".

وأخرجه الدارمي في "مسنده" (1/31) من طريق عبد الله بن صالح به، وأخرج الترمذي نحوه حديث (3615) من حديث أبي سعيد –رضي الله عنه-، وفي إسناده علي ابن زيد بن جدعان ضعيف، لكن حديثه حسن في الشواهد، وصحح الألباني هذا الحديث بشواهده، انظر "الصحيحة" حديث (1571).

ولي أسوة في الخليفة الراشد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- الذي أثنى على نفسه عند الحاجة إلى ذلك.

قال –رضي الله عنه- في خلاف جرى بين العباس عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين علي -رضي الله عنهما- حول ما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ورفعا هذا الخلاف إلى عمر -رضي الله عنه-، فقال عمر -رضي الله عنه- بعد كلام عن هذه الصدقة، وأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نورث ما تركنا صدقة".

قال: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ؟، قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) إِلَى قَوْلِهِ: (قَدِيرٌ ) فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيَاتَهُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ.

ثم قَالَ: تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهِ كَمَا تَقُولَانِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ".

أخرجه البخاري في "المغازي" حديث (4033)، ومسلم في "الجهاد" حديث (1757).

فهذا ثناء من عمر –رضي الله عنه- على نفسه في هذه المناسبة دعت إليه الحاجة، ومعروف عنه التواضع وأنه مع فتوحاته وعدله الذي هو مضرب المثل كان يتمنى أن الله يكتب له عمله وجهاده مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا يريد من أعماله في خلافته إلا الكفاف، لا له ولا عليه.

وهذا عثمان بن عفان الخليفة الراشد، يأتيه عبيد الله بن عدي بن الخيار ينصحه فيقول له عثمان: مَا نَصِيحَتُكَ؟ قال: فَقُلْتُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لَا وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا.

قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ فَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُهُ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ".

أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة" حديث (3696).

فهذا الخليفة الراشد يذكر في هذه المناسبة أنه ممن استجاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآمن بما بعث به، وأنه هاجر الهجرتين، وصحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبايعه، وأنه ما عصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا غشه حتى توفى، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله.

ويرى أن له من الحق على المسلمين مثل الذي لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر من الطاعة والاحترام والوفاء ببيعته.

قال هذا لضرورة دعت إلى ذلك.

وعن أبي عبد الرحمن السلمي أَنَّ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حيثَ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَحَفَرْتُهَا أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَجَهَّزْتُهُ قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ".

أخرجه البخاري في "الوصايا" حديث (2778)، وأخرجه الترمذي حديث (3699) من طريق آخر إلى أبي عبد الرحمن بلفظ أوسع.

ومنه "هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: اثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد".

وفيه قوله: "وأشياء عددها".

فهذا ظرف استدعى من هذا الخليفة الراشد أن يذكر عن نفسه هذه المناقب على مشهد من الناس .

وهذا سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة يقول سعيد بن المسيب -رحمه الله-: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ".

أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة" حديث (3727)و (3728).

وفي حديث آخر يصف نفسه رضي الله عنه أنه أول رمى بسهم في سبيل الله، فقد أخرج البخاري عن قَيْسٌ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي. (حديث 6453).



قال هذا عندما طعن فيه وفي عدله وفي صلاته بعض المنحرفين من أهل العراق.

وهذه المواقف التي تبرز مكانة هؤلاء الصحب الكرام النبلاء يسر بها المؤمنون الصادقون ويرونها من فضائلهم.

وينقم عليهم بها أعداء الله وأعداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الروافض والباطنية وتغيضهم وتحرق أكبادهم.

والعلماء قد يحتاج أحدهم إلى الثناء على نفسه إذا تكالب عليه أهل الباطل مثل تكالبهم على العلامة الألباني –رحمه الله-، فيرد على طعن وتشويه هذا، وطعن وتشويه ذاك، أمر يعرفه طلاب العلم فضلاً عن العلماء.





2- قالوا في (ص19):

"ويقول الشيخ ربيع المدخلي –جازماً- في مجموع الكتب والرسائل (9/196) : "لو وقف المعلمي على مؤلفاتي في نصر السنة لأيدها ؛ كما أيدها إخوانه من أئمة السنة ولا سيما صديقه الألباني".

أقول: هذا الكلام كان رداً على طعون كاذبة من أحد الخصوم بيّنتُ انطباقها عليه ثم عقبها بقوله:

"أقول : ما أدري ماذا يقول المعلمي في ربيع وأتباعه لو اطلع على تلاعبهم بنصوص أهل العلم التي([5]) سبق أن بيَّنـته([6]) هل يستحق ربيع عنده وصف إمام الجرح والتعديل أو وصف ربيع السنة أو لقب الناصح الصادق أم يستحق لقباً آخر".

فقلت رداً على هذا التشويه:

"أقول : إن ربيعاً لا يُحِبُّ أن يُوصَفَ بهذه الأوصاف ,ولكنه هل يستحق أن يوصف بالكذب والخيانة وبتر النصوص وهل يُحذِّرُ من نقوله سلفي يحترم المنهج السلفي ؟!! لاسيما ونقول ربيع كلها في خدمة المنهج السلفي والذَّبِّ عنه وعن أهله وقد جهد خصوم الدعوة السلفية أن يجدوا عليه مآخذ في نقله فعجزوا بحمد الله تعالى .

وأعتقد أنهم مع خصومتهم لا يلحقون فلاناً في الجرأة على الكذب والتكذيب وأنَّ عندهم ما لا يوجد عند فلان من الحياء والمروءة".

أقول: وهذه خيانة ثانية من هؤلاء تدل على نهاية الفجور في الخصومة ومناصرة أمثالهم من أهل الكذب والأهواء بطريقة ملتوية، فلو أتوا بسياق الكلام وسباقه وما بني عليه كلامي لظهر لكل سلفي منصف أنه كلام حق لا عيب فيه، للمسلم أن يقوله لدفع الظلم عن نفسه .



3- قالوا في (ص19):

"ويقول الشيخ ربيع في مجموع الكتب والرسائل (11/113) : "وكتبي قد حكم فيها العلماء وأيدوها".

أقول:

هذا الكلام حق، قلته رداً على دعاوى عدنان عرعور الباطلة، وقد اختطف القوم هذا الكلام فاصلينه عن سياقه وسباقه.

وهذا نص كلامي وسياقه كما في "المجموع" (11/113-115):

" الحادي والعشرون: حقيقة المطالبة بالمحاكمة.

تشدق عدنان كثيراً بقصة المطالبة بالمحاكمة، وكذب كذبات في عرضها على الناس، وفي تصويرها على خلاف حقيقتها وواقعها، وزيف فيها هنا وهناك.

والقصة طويلة يعرفها الواسطة بيني وبينه، وأنها أخذت مراحل من ضمنها أنه استعد لكتابة ما أريد، ومن ذلك تردده في المحاكمة إلى الفوزان والعباد.

ثم استقر رأيي وترجح لي أنه من غير اللائق الدخول مع هذا الملبس المموه في محاكمات، وكتبي قد حكم فيها العلماء وأيدوها.

فمن السخف إدخالها في متاهات ودهاليز لا نهاية لها، وقد حسم فيها الأمر.

فما على عدنان إلا أن يسير وراء العلماء، ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تأييدها، واعترافه بخطئه.

ثم قلت: "سقوط القواعد التي يريد عدنان أن يقيم عليها الطائفة العدنانية القطبية التي يسميها ظلماً بالطائفة المنصورة ويريد بها أن يقيم عليها الدولة الإسلامية.

وقد ساق الله عدنان إلى القول بأنه يرضى التحاكم إلى الشيخ محمد بن صالح العثيمين، حيث قال في شريط الجلسة في أسبانيا مع المغراوي:

« أرضى الشيخ ابن عثيمين، نذهب إليه مباشرة الآن، أقطع زيارتي ودوراتي([7]) في أوربا، وأذهب إلى الشيخ نحتكم.

أقول: أنا قلت نصحح ولا نجرح، أنا قصدي تربية الشباب أن لا يدخلوا في التجريح، لأنه ليس هذا سبيل »([8]).

ثم ساق الله بعض الشباب الذين يعيشون في أوربا، فوجه أسئلة إلى الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن بعض قواعد عدنان، ومنها قاعدة " نصحح ولا نجرح "، فأجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله بما يهدمها ويستأصل شأفتها.

وإليكم نص الأسئلة:

قال السائل:

1- ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرح ".

فأجاب الشيخ -حفظه الله-: هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.

2- " من حَكَمَ حُكِمَ عليه ".

فأجاب -حفظه الله-: هذه قواعد مداهنة.

3- " لا علاقة للنية بالعمل لا من قريب ولا من بعيد ".

فأجاب -حفظه الله-: هذا كذب، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات".

4ـ " يشترط بعض الناس في جرح أهل البدع وغيرهم أن يثبت الجرح بأدلة قطعية الثبوت ".

فأجاب - حفظه الله-: هذا ليس بصحيح.

5ـ " يشترط بعضهم في من يسمع من شخص خطأ أو وقف على أخطاء في كتاب أن يستفصل أو ينصح قبل أن يحكم، وقبل أن يبين هذه الأخطاء، وقال: من خالف هذا فقد اتصف بصفة من صفات المنافقين ".

فأجاب -حفظه الله-: هذا غلط.

6ـ " أنه من العدل والإنصاف عند النصيحة والتحذير أن تذكر حسناتهم إلى جانب سيئاتهم ".

فأجاب -حفظه الله-: أقول لك: لا، لا، لا، هذا غلط، اسمع يا رجل: في مقام الرد ما يحسن أني أذكر محاسن الرجل وأنا رادّ عليه، إذن ضَعُف ردّي.

قال السائل: حتى ولو كان من أهل السنة شيخنا؟

فأجاب -حفظه الله-: من أهل السنة وغير أهل السنة، كيف أردّ وأروح أمدحه، هذا معقول؟!!!

انتهى كلامه -حفظه الله-([9]).

وبهذا انهارت القواعد الباطلة التي اخترعها عدنان عرعور، لحماية البدع وأهلها، ولمقاومة أهل السنة وكمّ أفواههم بها، وانهار كذلك ما بني عليها.

(ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين).

(أفمن أسس بيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفى جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين).

(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).

هذا نقد العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- لأصول عدنان عرعور، وبقية العلماء؛ الفوزان والعباد والنجمي وزيد بن محمد هادي وباقي علماء المدينة وعلماء اليمن كلهم أيدوا كتاباتي في إبطال أصول عدنان ومنهجه الفاسد الذي ينطلق منه إلى الطعن في أهل السنة وتشويههم، ويهدف إلى إسقاط كلامهم في أهل البدع، ولا سيما كلامهم في بدع سيد قطب.



4- قالوا في (ص19):

"ويقول في مجموع الكتب والرسائل (13/428) : "وهل لربيع أصول فاسدة وأفكار منحرفة؟

وهل تأييد كبار علماء السنة لأصول ربيع وكتاباته كان خيانة وتبييت حملة ضد الإسلام؟".

أقول:

هذا الكلام قلته أثناء مناقشتي لأبي الحسن المأربي ردًّا لحملاته حملاته الشعواء على أصول السلف التي يسميها بأصول ربيع زورًا وبهتانًا.

وكلامي هذا حق، وتأييد العلماء لكتاباتي القائمة على الأدلة من الكتاب والسنة وأصول السلف الصالح تأييدهم واضح، ولم يعارضها إلا أهل الأهواء المدافعين عن أهل البدع والعقائد الفاسدة من وحدة الوجود إلى وحدة الأديان، إلى تعطيل صفات الله، إلى العقائد الشركية، إلى غير ذلك من الضلالات الكبرى.

فلماذا تسلكون هذه المسالك الخائبة في بتر الكلمات عن سياقها وسباقها وما يبين أسبابها التي يعطي لقائلها الحق أن يقولها، راجع الصحيفة التي اختطفوا منها هذه الكلمات وما قبلها.



5- قالوا في (ص32):

"قال الشيخ ربيع المدخلي في مجموع الكتب والرسائل (13/268) متعقباً الشيخ أبا الحسن المأربي في قوله : (ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحداً من المسلمين بحب أو بغض شخص) ؛ بالقول : "فهمت في ذلك الوقت أنه يقاوم من يدافع عن ربيع ومقبل وأمثالهما من دعاة المنهج السلفي الذابين عنه والقامعين لأهل الأهواء، فلم أصارحه بذلك بل تلطفت معه كما ترى" .

ثم قال في صلب الكتاب (13/269) –بعد كلام له- : "وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة , فإذا كان الأولون يتهمون لأنهم يطعنون في هؤلاء الأعلام من أجل أنّهم متمسكون بالسنة , فما المانع من إلحاق ورثتهم بهم" .



التعليق:

أصل هذا الكلام في الموضع المشار إليه:

" قلتم بارك الله فيكم:

(( ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحداً من المسلمين بحب أو بغض شخص أو طائفة أو مقالة مطلقاً، فمن وافقهم عليها أحبوه وقربوه، ومن خالفهم فيها أبغضوه وهجروه إلا إذا كان الشخص علماً من أعلام السنة وطبق ذكره الأرض، فلنا أن نقول من أبغض فلاناً فاتهمه على الإسلام كما قالوا في حماد بن سلمة وغيره... )) الخ.

أقول رحمك الله أبا الحسن: استثنيت من الأشخاص ولم تستثن من المقالات ولا من الطوائف.

فكان يجب أن تستثني طائفة أهل الحق أهل الحديث الطائفة المنصورة تقول فمن يبغض مقالة سلفنا الصالح: (( ومن علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر )) وتقول قريباً على الأقل من قول الإمام أحمد بن حنبل في ابن أبي قتيلة الشاتم لأهل الحديث: (( زنديق زنديق زنديق )) قال ابن تيمية: لأنه عرف مغزاه.

وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة.

فإذا كان الأولون يتهمون لأنهم يطعنون في هؤلاء الأعلام من أجل أنّهم متمسكون بالسنة.

فما المانع من إلحاق ورثتهم بهم، بل هؤلاء الخلوف أحق بالاتهام؛ لأنهم سلكوا كل الطرق الشيطانية واستخدموا كل ما يستطيعونه من وسائل النشر والإذاعة والإشاعة في تشويه أهل السنة وأعلامهم، ثم إن هؤلاء الخلوف هم الذين جعلوا مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين مواضع امتحان واختبار لأهل السنة، وعلى مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين يوالون ويعادون.

أرجو صياغة هذه الفقرة على مقتضى ما كان عليه أسلافنا واعتبار هذا الميزان ميزاناً صحيحاً؛ لأنه منبثق من الشرع وصالح لكل زمان، فالسنة اليوم هي السنة بالأمس والولاء والبراء عليها وعلى طائفتها وأعلامها موجباته قائمة ثابتة لا تتغير حتى يتغيروا هم ويفارقونها، وحينئذ يستحقون ما قيل فيهم، وأرى أن تكتفي بما قلته في الفقرة ( 145)".



فماذا صنع هؤلاء الخونة؟

أ- إنهم حذفوا قوله بعد كلمة "شخص" ما يأتي:

"أو طائفة أو مقالة مطلقاً، فمن وافقهم عليها أحبوه وقرَّبوه، ومن خالفهم فيها أبغضوه وهجروه، إلا إذا كان الشخص علماً من أعلام السنة، وطبق ذكره الأرض، فلنا أن نقول: مَن أبغض فلاناً فاتهمه على الإسلام، كما قالوا في حماد بن سلمة وغيره ...إلخ".

حذفوا هذا الكلام أولاً خيانة على طريقتهم الخائنة المعهودة.

ثانياً- لأن في هذا الكلام ما يدين أبا الحسن، فإنه لم يستثن إلا شخصاً علماً من أعلام السنة طبق ذكره الأرض، ولم يمثل بأحد من أعلام هذا العصر؛ لأنهم لا قيمة لهم عنده، ولما ظهرت فتنته، وبيَّن العلماء ضلاله وأدانوه في أباطيله وتأصيلاته الفاسدة أسقطهم عن بكرة أبيهم، وهم من أعلام العصر، ولهم جهود في الدعوة إلى التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح والذب عن ذلك، ولهم في ذلك المؤلفات الكثيرة، وهم رجال عصرهم، الذين يمتحن بهم، رغم أنوف الجهلة الحاقدين والحاسدين، ففي هذا الكلام إسقاط لهم.

قال الإمام ابن قتيبة مخاطباً أهل السنة في عصره تشجيعاً لهم:

"فإن قيل إن الثوري وابن عيينة وابن المبارك وأشباههم لم يقفوا.

قلنا: لكل زمان رجال، فأنت ثوري زماننا وابن عيينتنا".

انظر "الاختلاف في اللفظ" (ص247) ضمن "مجموع عقائد السلف".

وهؤلاء العلماء المعاصرون هم الوراث لابن باز والألباني وابن عثيمين ومن سبقهم من علماء السلف.

قال -صلى الله عليه وسلم-: " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس".

أخرجه مسلم في "صحيحه" حديث (1037).

وهذا الحديث لا يتناول الحلبي وأبا الحسن ومن على نهجهما.

ب- لم يستثن أبو الحسن المقالات السلفية.

جـ-لم يستثن الطائفة المنصورة.

د- من أين له تحريم الامتحان وهو ثابت بالكتاب والسنة، وهو من صميم منهج السلف، قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [سورة النحل:116].

هـ- الذي يظهر من تصرف هؤلاء أنهم يحرمون الامتحان بالأشخاص والمقالات والطائفة المنصورة ومنهجها، وقد رددتُ على باطل أبي الحسن أيام صبري الطويل عليه وتلطفي به، فقلت كما في "المجموع" (13/ 269) :

" أقول: رحمك الله أبا الحسن: استثنيت من الأشخاص ولم تستثن من المقالات ولا من الطوائف.

فكان يجب أن تستثني طائفة أهل الحق أهل الحديث الطائفة المنصورة تقول فمن يبغض مقالة سلفنا الصالح: (( ومن علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر )) وتقول قريباً على الأقل من قول الإمام أحمد بن حنبل في ابن أبي قتيلة الشاتم لأهل الحديث: (( زنديق زنديق زنديق )) قال ابن تيمية: لأنه عرف مغزاه.

وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة.

فإذا كان الأولون يتهمون لأنهم يطعنون في هؤلاء الأعلام من أجل أنّهم متمسكون بالسنة.

فما المانع من إلحاق ورثتهم بهم، بل هؤلاء الخلوف أحق بالاتهام؛ لأنهم سلكوا كل الطرق الشيطانية واستخدموا كل ما يستطيعونه من وسائل النشر والإذاعة والإشاعة في تشويه أهل السنة وأعلامهم، ثم إن هؤلاء الخلوف هم الذين جعلوا مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين مواضع امتحان واختبار لأهل السنة، وعلى مقالاتهم الفاسدة وشيوخهم المنحرفين يوالون ويعادون.

أرجو صياغة هذه الفقرة على مقتضى ما كان عليه أسلافنا واعتبار هذا الميزان ميزاناً صحيحاً؛ لأنه منبثق من الشرع وصالح لكل زمان، فالسنة اليوم هي السنة بالأمس والولاء والبراء عليها وعلى طائفتها وأعلامها موجباته قائمة ثابتة لا تتغير حتى يتغيروا هم ويفارقوها، وحينئذ يستحقون ما قيل فيهم، وأرى أن تكتفي بما قلته في الفقرة ( 145)".

قلت هذا الكلام تعليقاً على قول أبي الحسن:

"ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحداً من المسلمين بحب أو بغض شخص أو طائفة أو مقالة مطلقاً، فمن وافقهم عليها أحبوه وقربوه، ومن خالفهم فيها أبغضوه وهجروه إلا إذا كان الشخص علماً من أعلام السنة وطبق ذكره الأرض، فلنا أن نقول من أبغض فلاناً فاتهمه على الإسلام كما قالوا في حماد بن سلمة وغيره... " الخ".

وكانت هذه المؤاخذة واحدة من حوالي خمسين مؤاخذة عقدية ومنهجية، تضمنها كتاب أبي الحسن المأربي المسمى بِـ "السراج الوهاج"، وأرسلتُ إليه ملاحظاتي سراً بيني وبينه، فلم يتراجع إلا عن القليل، والباقيات الباطلات أصر عليها.

ثم شرع في الحرب العلنية على أهل السنة والذب عن أهل البدع، واختراع الأصول الباطلة للذب عنهم ولمحاربة أهل السنة ومنهجهم، ومن أصوله: "نصحح ولا نهدم"، و"المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها" بما في ذلك القائلين بوحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ويا ويل من يرى أن هذا الرجل من أهل الأهواء عند الحلبي وشيعته التي عندها من البلايا ما قد عرفه أهل السنة حقاً.

6- قالوا:

"قال الشيخ ربيع المدخلي في مجموع الكتب والرسائل (7/35) مادحاً كتاباته بالقول: "أما سمو الأسلوب ورصانة العرض فسلوا العقلاء المنصفين عنهما في كتاباتي، وأحمد الله أن كتاباتي محببة عند أهل الحق جميعاً تسر المؤمنين وتغيظ المبطلين، وتمتاز والحمد لله بجودة العرض وقوته ورصانته وقوة الحجة والبرهان بعيدة عن التشدق والتقعر".



أقول: إن هذا كان رداًَ على طاعن فيَّ وفي أسلوبي وأخلاقي ومنهجي وأمانتي دفاعاً عن سيد قطب الذي طعن في نبي الله موسى -عليه السلام- وطعن في عثمان -رضي الله عنه- ومن في عصره من الصحابة، ودفاعاً عن قوله بتعطيل صفات الله ووحدة الوجود وأزلية الروح وعن ضلالات كثيرة أخرى بيّنتها في كتابي "أضواء إسلامية"، الذي يدَّعي هذا الطاعن أنه قرأه.

قال هذا المدافع كما في (7/34) من كتابي "كتب ورسائل وفتاوى".

قال: "نظرت فوجدت هذا الكتاب يفتقد (أصول البحث العلمي)، الحيدة العلمية، منهج النقد، وأمانة النقل والعلم، عدم هضم الحق ؛ أما أدب الحوار، وسمو الأسلوب، ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بـهاجس".

فقلت: " سبحان الله، إن كل ما قاله (فلان) ينطبق تمام الانطباق على خطابه هذا، فقد اشتمل على قلة أوراقه على عيوب مخجلة من افتقاد أصول البحث العلمي، ومن الحيدة عن منهج الحق، وعن أمانة النقل والعلم وخذلان الحق...، أما أدب الحوار فقد ابتعد عنه كل البعد في هذا الخطاب، فلعله لم يخطر له على بال".

فماذا صنعت هذه العصابة المشرفة على ما يسمى زوراً بـ"منتديات كل السلفيين"؟

لقد حذفت هذه العصابة هذا الطعن الظالم فيَّ وفي أمانتي وفي أسلوبي ومنهجي إلى آخر ما يراه القارئ الشريف من الطعون الظالمة التي لم يقم صاحبها عليها أدنى دليل .

1- أليس من الخيانة المخزية حذف هذا الطعن الشديد الذي كان كلامي رداً على صاحبه؟

2- ماذا يريد هؤلاء الخونة أن أقول جواباً على هذا الظلم الشديد والطعن الباطل الفظيع؟

3- لا أعتقد أن سلفياً شريفاً نزيها يعيب عليَّ في كلامي هذا، بل لا يعيبه إلا مبتدع خائن حاقد، يجعل المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ولعلهم يهدفون إلى تشويه من ينتقد ضلالات سيد قطب.

وقد أيدَّ العلماء والسلفيون والحمد لله كتاباتي ومنهجي، ومنهم العلامة الألباني-رحمه الله-وهذا تأييده.

قال –رحمه الله-: "نحن بلا شك نحمد الله -عز وجل- أن سخَّر لهذه الدعوة الصالحة القائمة على الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ؛ دعاة عديدين في مختلف البلاد الإسلامية يقومون بالفرض الكفائي ، الذي قلَّ من يقوم به في العالم الإسلامي اليوم، فالحط على هذين الشيخين [الشيخ ربيع والشيخ مقبل] الداعيين إلى الكتاب والسنة ، وما كان عليه السلف الصالح ، ومحاربة الذين يخالفون هذا المنهج الصحيح؛ هو كما لا يخفى على الجميع إنما يصدر من أحد رجلين : إما من جاهل أو صاحب هوى([10]).

الجاهل يمكن هدايته ؛ لأنه يظن أنه على شيء من العلم ، فإذا تبين العلم الصحيح اهتدى . . أما صاحب الهوى فليس لنا إليه سبيل ، إلا أن يهديه الله -تبارك وتعالى- فهؤلاء الذين ينتقدون الشيخين -كما ذكرنا- إما جاهل فيُعَلَّم، وإما صاحب هوى فيُستعاذ بالله من شره،ونطلب من الله -عز وجل- إما أن يهديه وإما أن يقصم ظهره".

وقال - رحمه الله- في إجابته بخصوص الشيخ ربيع بن هادي :

"فأريد أن أقول: إن الذي رأيته في كتابات الشيخ الدكتور: ربيع؛ إنها مفيدة، ولا أذكر أني رأيت له خطأ، وخروجاً عن المنهج الذي نحن نلتقي معه ويلتقي معنا فيه"

وقال –رحمه الله- : "لكني قلت له -أي الشيخ ربيع- في أكثر من مرة ، في مهاتفة جرت بيني وبينه ، لو أنه يتلطف في استعمال بعض العبارات ، وبخاصة أن الذي يرد عليه قد يكون ممن انتقل إلى حساب الله وفضله ورحمته ومغفرته ، ثم هو من زاوية أخرى قد تكون له شوكة ، ويكون له عصبة ينتمون إليه بالحماس الجاهلي ، ـ مُشْ العلمي ـ ، فمن أجل هؤلاء ليس من أجل ذاك الذي انتقل إلى رحمة الله عزوجل أرى أن يتلطف في الرد على أولئك الذين خالفوا منهجنا السلفي، أما الناحية العلمية فهي فيه -والحمدلله -قوية جداً"([11]).

فشهادة هذا الإمام بأنه ما رأى لي خطأ ولا خروجًا عن المنهج السلفي تدحض افتراءات المأربي بأن لي أصولا فاسدة أبطلها في كتابه السراج الذي ألفه في عام 1418هـ، أي في حياة العلامة الألباني، فهل يأخذ المسلم الصادق النزيه بقول هذا الإمام أو بقول هذا الكذوب الجهول ؟!

لو اصطف العشرات أو المئات من أمثال هذا الحقود الجهول لمعارضة العلامة الألباني وحده لَسقطوا على أمهات رؤوسهم ولتهاوت افتراءاتهم تحت أقدام العقلاء النبلاء الشرفاء فضلا عن تأييد باقي علماء السنة للمنهج الحق الذي أسير عليه.

وقال –رحمه الله- معلقاً على كتاب "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم":

" كل ما رددته على سيد قطب حقٌ صوابٌ، ومنه يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه.

فجزاك الله خير الجزاء أيها الأخ (الربيع) على قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام".

أقول: فهل يؤخذ بكلام هذا الإمام الناقد وتأييده لما انتقدت به ضلالات سيد قطب أو يؤخذ بدفاع المأربي وعرعور وأمثالهما من أهل الأحقاد والأهواء الجامحة والمغالطات والمكابرات الفاضحة في الدفاع عن سيد قطب وأشباهه من أهل الضلال.



أقول:

فمواقف علماء السنة وتأييدهم لكتاباتي ومنهجي وهذه الشهادات القوية الأمينة من العلامة الألباني أحرقت أكباد هؤلاء الهمج المتأكلين بدينهم، الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وملأت قلوبهم حقداً وحنقاً، فدفعتهم إلى التربص وتحين الفرص للوثوب بفتنهم وأكاذيبهم وأراجيفهم على المنهج السلفي وعلى ربيع ومؤلفاته، فلما ذهب أولئك العلماء النـزهاء هبوا علانية بفتنهم وأراجيفهم لا يرقبون في السلفيين ومنهجهم وأصولهم إلاً ولا ذمة، بعد أن كانوا يتسترون على ما يبيتونه إلا لحن القول والأساليب الغامضة التي فسروها بأعمالهم والتي أعلنوها في حربهم الهمجية الضروس التي يأنف منها غلاة أهل البدع، بل والمنافقون.

وأكتفي بهذا الرد الذي أظهر ما عندهم من خيانات وتمويهات وقلب للحقائق.

إن هذا الرد ليعطي القارئ المنصف الفطن تصوراً عن باقي ما تضمنه هذا المقال من خيانات وقلب للحقائق وعن حال كاتبي هذا المقال وانحطاطهم وسوء منهجهم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



كتبه

ربيع بن هادي عمير المدخلي

15/10/1432هـ




المصدر: شبكة سحاب السلفية (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=123311&pid=607059&st=0&#entry607059)





(http://www.sahab.net/forums/index.php?app=core&module=attach&section=attach&attach_id=227)

أبو محمد بدر الخالدي
17-Sep-2011, 11:16 AM
بارك الله في الشيخ ربيع بن هادي بن عمير المدخلي حامل راية الجرح والتعديل بحق في هذا الزمان وإن رغمت أنوف أهل البدع قبحهم الله.