أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
08-Oct-2011, 11:54 PM
احذروا هذه اللعبة [كرة القدم] التي كادت أن تكون هي الصنم]]
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الحاجة
إن الحمد للـه نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئــات أعمالنا مـن يهده اللـه فلا مضل لـه ، ومن يضلل فلا هــادي له ، وأشهد أن لاإلـــه إلا الله وحـده لأشريك لـه وأشهـد أن محمدا عبـده ورسولـه.
﴿ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا توتن إلا وأنتم مسلمون﴾آل عمران/ 102.
﴿ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ، واتقوا الله الذي سائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ النساء:/1.
﴿ياأيها الذين آمنوا اتقوا اللـه وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما﴾ [ الأحزاب: 70 / 71 ].
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بـدعة ضلالة وكل ضلالة في النار[1] .
--------------------
1- هذه خطبة الحاجـة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ، وقد أفردها بالتأليف علامة الشام الشيخ محمد ناصـر الدين الألباني رحمه الله، رسالة باسم خطبة الحاجة .
الصفحة الثانية :
أما بعد :
لقد ابتليت الأمة الإسلامية ببلايا عظيمة ، من جراء مخططات أعداء الإسلام ، ومن أعظم ما ابتليت به أمة الجد والاجتهاد في طاعة الله والدعوة إليه والجهاد في سبيله الوقوع في مكر وخديعة برتوكولات حكماء صهيون ، فقد مكروا ونظروا ،وللبراءة أظهروا، وخرجوا بنتيجة وهي فتح أبواب الملاهي والفجور والسخافة بالفن والخمور، والرياضة ،للإناث والذكور. ونجحوا في ذلك في برهة من العصور ، وهاهم يجلبون علينا بخيلهم ورجلهم في السر والظهور .
ومن أعظم ما ابتليت به الأمة في هذه العصور ، كرة الندم [القدم ] كما يسميها بعض الأخوة جزاهم الله خيرا ،هذه اللعبة التي فتن بها الكبير والصغير ، والبصير والضرير ، والنساء والرجال والشيوخ والأطفال ، ولم يسلم منها إلا القليل ممن استعدوا ليوم الرحيل ، ولقد ظهرت في الزمن الأول كلعبة ترويحية خارج وقت العمل ، ثم بقيت تتطور وتتحول من الأعلى إلى أسفل ، ويقنن لها القوانين وغرضهم صرف المسلمين وتفريقهم أشتاتا وعزين إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن من الأهمية بمكان ،حتى أصبحت تشغل معظم المسلمين ليس عن واجباتهم الدنيوية فقط وإنما عن واجباتهم الدينية والأدهى والأمر أن تسيطر على عقول النساء في البيوت إلا من رحم الله ممن استعدن للموت ، وتشغل بالهن إلى درجة أن الكثيرات من الأمهات والبنات عشقنها وعشقنا اللاعبين المميزين فالتحصين لصورهم والقبلات وبعضهن مع الأسف متزوجات وقد أضرت كثيرا بشباب الأمة ودينها وأموالها وطاقاتها مما ينبغي لها أن تعيد النظر في حساباتها قبل فوات الأوان ، وتذوق الأمرين وإننا نخشى أن يأتي عليها اليوم الذي تتفرق فيه على نفسها من هذه اللعبة ، وتتقاتل فيما بينها ، وربما تقوم الحرب الثالثة من أجلها ، ومن يدري ..؟؟ ونحن نسمع هنا وهناك من يقول خسرنا المعركة ولم نخسر الحرب ، وآخرين مستعدون للحرب ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأعداء الله يزيدون في الطين بلة ، ويرمون الزيت على النار فمن وراء كل فريق عدو للإسلام والمسلمين يجره إلى الحرب ..
وفي الوقت الّذي تتَّجه قلوب المؤمنين المخلصين وتتعلَّق أفئدة المتَّقين الموحِّدين بأن يظفروا بالسفر إلى المسجد الحرام ، و يكونوا من حُجَّاج البيت العتيق ؛ تتعلَّق قلوب كثير من المفتونين من العوامّ و المتديِّنين - و للأسف - بأن يكونوا من حُجَّاجالكرة و الفريق!
سابقٌ محمومٌ واهتمامٌ مذمومٌ بلهوٍ باطلٍ و نصرٍموهومٍ ، أصاب أقواماً من المسلمين فَصَرَفَهم عن معالي الأمور ، وأشغلهم بالسفا سف والقشور ، حتّى أضحتْ هذه اللّعبة نوعاً من العبادة أو قارَبَت ، وأصبحتَ لا تقرأ و لا تسمع و لا ترى إلاّ حديثاً عنها وتذكيراً بها ودعوةً إليها ودعاءً وخوفاً ورجاءً وبكاءً من أجلها ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وفي الموسم العظيم الذي فضله الله على غيره من المواسم وجعل أيامه أفضل أيام الدنيا حيث يتنافس المؤمنون الصادقون على طاعة الله سبحانه بشتى أنواع الأعمال الصالحة التي هي أحب إلى الله في هذه الأيام ، نرى التصعيد بالكره والبعض والمقت بين الإخوة المؤمنين والتنافس بالعيب والعار على المراتب العليا في الضلال عند الكفار ،والتسابق على اللهو واللعب بالصخب والغناء والمزمار ، اقتداء واحتذاء بهم ليحل بنا الدمار ،يا قوم ، يا قوم أين الأثر ؟ أين وصية نبيكم سيد الأبرار ، تركتم على المحجة البيضاء ليلها كالنهار، لايزيغ عنها إلا هالك على معتقد الكفار.
إن هذه الكلمة القصيرة لا ادعي فيها أني ألممت بالموضوع ، فجئت بالمشروع فيه والممنوع في هذا الموضوع المهم الذي يحتاج إلى كتابات كثيرة، وتوعية شاملة كبيرة ودروس وخطب بالغة طويلة وقصيرة ، لأن البلوى به قد عمت ،وشره قد استطار وبه الأمة ألمت ، حتى كاد أن يعم بيوت المسلمين ،بعد أن أتى على الكافرين ، فقد أصبح حديث الساعة ،في الشوارع والبيوت، والسوق والحوانيت ، ويهرع إليه بالمراكب والمواكب، وتترك له الوظائف لتحصيل الحِكم والطرائف، والاعتداء بالسب والشتم والقذائف والإعلام بأنواعه قد ساد ،وظهر على الأمة بكل فساد ،فملأ القلوب بالحقد والعناد ، وكأنه فسطاط الدين ،وعمود الإسلام المتين، حيث أصبحت تعقد عليه ألوية الولاء والبراء ، والحب والبغضاء ، وترفع فيه ألوية القومية والوطنية بالتمزيق، والجهوية والشعوبية بالتفريق، بين أبناء البلد الواحد من المسلمين ، لاعبين ومتفرجين ، قد دب فيهم الحسد والبغضاء وكانت كرة القدم من أهم أسبابه فجعلتهم إخوة أعداء ألداء .وقد قال الله تعالى :{{ .. لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ..}}فأين أنتم يا مؤمنين من الولاء لله والبراء ..؟
وهؤلاء الكفار قد حادوا الله ورسوله ، وقلدهم المسلمون في كل شيء ليعود عليهم ذلك بالضرر ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :<< لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وحذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ..} والحديث في الصحيحين ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
إن كرة القدم كادت أن تصبح صنما يعبد من دون الله ، فإن حبها تمكن من القلوب حتى أصبح كثير من الناس من إدمانهم لها وتحدثهم عنها لا يمكن أن يفوتوا عليهم مباراة واحدة لكرة القدم مع أنهم لم يبالوا أن تضيع منهم جميع الصلوات ، والواجبات والله سبحانه وتعالى يقول: {{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله }} فإن المحبة من أعظم العبادات التي ينبغي أن يحققها العبد ،ولا يجوز له أن يقدم على محبة الله ورسوله شيئا حتى نفسه التي بين جنبيه ، والأدلة في هذا الباب كثيرة ،ونكتفي بدليل واحد من الكتاب والسنة قال تعالى :{{ قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانك وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أخب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}} هؤلاء المذكورين في الآية حبهم غريزي ويحبهم المرء حبا كبيرا ومع توعد الله من قدمهه على محبته فكيف بمن يقدم كرة القدم ، وما قيمة كرة القدم في نفس المسلم بجانب المذكورين ومع ذلك لم يجز الله لأحد أن يقدمهم على محبته سبحانه ،وأكد هذا صلى الله عليه وسلم بقوله:<< لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين >> فإذا كان هؤلاء المذكورين مع عظيم قدرهم وحبهم وقيمتهم في النفوس لا يجوز تقديم محبتهم على محبة الله ورسوله فكيف بلعبة تصد عن محبة الله تعالى ومحبة رسوله وتورث الحسد والبغضاء بين المسلمين والكره لبعضهم البعض ؟ أليس هذا خطرا عظيما على عقيدة المسلم ؟
وقال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم: <<تعِسَ عبدُ الدِّينار و الدِّرهم والقطيفة و الخميصة... >>البخاري : )2886 ) ، فإذا كان طلبُ الرِّزق والاستكثار من المال للاستغناء عن النّاس مباحاً في الأصل ، و قد يكون مستحبّاً أوواجباً ؛ فإنَّ الاشتغالَ به على وجهٍ يكون هو أكبرَ همِّ الإنسان، و غايةَ مطلبِهو مبلغَ علمِه - مذمومٌ ، وصاحبُه مدعوٌّ عليه بالتّعاسة وموصوفٌ بالعبودية له فكيف بلهوٍ ولعب مُشغلٍ ، أقلُّ ما يقال فيه – تنزُّلاً - أنّه مكروهٌ ! فكيف إذا انضمَّإلى ذلك حبه للهو بالباطل إلى النخاع، وتضييعٌ للصّلوات والواجبات ،وكشفٌ للعورات وإهدارٌ للأموال والأوقات ، وإثارةٌللنّعرات والعصبيَّات ،واختلاط الذكور بالفتيات العاريات الكاسيات ، وسِبابٌ وشتائمُ ، وتخريبٌ و تكسيرٌ ، وأذيَّةٌ للمسلمين .
إنَّ النّاظر فيأحوال المسلمين والمتصفِّح لما يُكتب في الصّحف والمواقع الإلكترونيّة ، وذكرته وما كتبه غيري من العلماء وطلبة العلم ليرى كيفأصبحت هذه اللُّعبة تضاهي العبادة ، بل كثيرٌ من أصحابها صار اهتمامهم بها أبلغَ مناهتمامهم بالعبادة، فمن عقيدة الكثير منهم أنه إذا دخل أرض الملعب أخذ شيئا من تراب الأرض وصنع به الصليب ، وبعضهم يفعل ذلك أي علامة الصليب دون أخذ التراب ، هذا عند الكفار يتبركون بهذه الإشارة التعبدية في دينهم الذي اتخذوه لهوا ولعبا ، أما عند المسلمين فمنهم من يلجأ إلى الشعوذة والكهانة ، والعارفين ، فقد قيل لي أن بعضعم إذا حان وقت المباراة أحضر ديكا عند المرمى وتمتم عليه ببعض الرقى الشركية أو رمى شيئا من الماء المخلوط بماء الورد الذي يسميه الكثير [الزهر ]أي الحظ ، وآخرون يذهبون عند الكهنة والمشعوذين يتكهنون لهم النتيجة ،أو يفعولن لهم التمائم ، ونقرأ ونسمع في الجرائد وعلى ألسنة الصحفيين كلمة سوء الطالع عند الهزيمة ، والخسارة وكأنها قمار ،وكل هذا الشرك من أجل هذه اللعبة .
وهؤلاء القوم عشقوها إلى درجة أن كثيرا منهم مات أو يموت من أجلها ، ويرضى بالحر والقر ، وشد الرحال وصرف الأموال والأوقات في سبيلها، أو يمرض ويبقى الشهور وهو معلول وخاصة إذا حصلت الهزيمة لفريقه الذي يسانده،ويناصره ، فإذا فاز فريقه طار فرحا وجاءه الشفاء ،وعلى خصمه المسلم اللعنة والعفاء، وهذا عين محبة العبادة والعياذ بالله كما فيه الولاية لغير المسلم والبغض والكره له .
2 - تشريع قوانين لها يعاقب مخالفوها عقوبات مالية ، وبدنية ، مما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى ويجعل هذه اللعبة تدخل في القمار ، فإن جميع الدول المشاركة في الفيفا تدفع لها أموالا وهذه الأخيرة تشتري منها الكأس، والجوائز المقدمة للفائزين من اللاعبين ، ليتقامروا عليها بأجسادهم وأوقاتهم ، وتدخل هده اللعبة ضمن القمار الذي نهى الله عنه .
ثم إن الفيفا لها نظام عالمي وقانون يضاهي قانون الإسلام ، وأعضاء منظمة الفيفا اليوم تجاوز عددهم عدد منظمة الأمم المتحدة ، ومنظمة الينسكو ، وقد ألزموا به الدول الإسلامية حتى دفعوا الأموال الباهضة لهذه المنظمة الكافرة ،وقد رضي بذلك المسلمون شعوبهم ، وأولياء أمورهم وأصبحوا يوالون عليه ويعادون فيه ،حتى فيما بينهم ، بل أصبح كثير من أبناء المسلمين يقدمون أبناء الكفرة على أبناء ملتهم ، ويهتفون بأسمائهم ، ويحملون صورهم وشعاراتهم حتى في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، عنوانا على محبتهم لهم ، وهذه أسواقنا مليئة بصور اللاعبين في كل شيء على الملابس والمعلبات واللوحات والسيارات وغيرها ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فهذا المسلم يدخل المسجد ليصلي وعلى ظهره أو صدره صورة اللاعب المشهور الفلاني وذاك يحمل صورة الفريق الفولاني ، وآخر يصلي في بدلة الرياضة للفريق الفلاني وفيها الصليب، وآخر يحمل صورة الفرقة الموسيقية المساندة ، وإمام من فوق المنبر يدعو للفريق بالانتصار،والمأمومين بالتأمين جهارا ، ويخفف الصلاة من أجل أن لا تفوتهم اللعبة في المباراة وآخر يفتي للاعبين بالإفطار في رمضان وكأنهم في معركة مع الكفار.
3 - التفريق بين المسلمين ، على قاعدة أعداء الله التي ارتضاها العلمانيون والحزبيون من هذه الأمة " فرق تسود " فبعدما نجحوا في وضع الحدود الجغرافيا بين بلاد المسلمين ،هاهم يجلبون عليهم بمخططاتهم ومكرهم ، نساء ورجالا ، شبابا وشيوخا ليذيقوننا وبالا، ليوقعوا بيننا العداوة والبغضاء ، بشعارات براقة سخيفة ورثتنا المهانة والمذلة ، والضعف والانهزامية أمام الكفار، والحسد والبغضاء والمقت لبعضهم البعض، وصدق من قال : أسد علي وفي الحروب نعامة . وقد قال تعالى : {{.. والمسلمون والمسلمات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..}} وقال صلى الله عليه وسلم :<< مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ...>> منفق عليه ،وقال:<< دب إليكم داء الأمم من قبلكم ، الحسد والبغضاء ، الحالقة ...>> وهذا خبر في حكم الإنشاء، ومعناه أنه يحذر المسلمين من الوقوع في الحسد والبغضاء لعضهم البعض ،الداذ الذي وقع فيمن قيبلهم من الأمم فأهلكهم وذهب بديهم ، والحسد والبغضاء صفتان جد قبيحتان تحلقان الدين وتذهبا به .وما تركته المباريات الأخيرة بين الكثير من شعب مصر وشعب الجزائر من الموتى والجرحى والاعتداءات ، والتعبئة التحريضية للمقابلة الفاصلة وبعدها والتصعيد الإعلامي لتمزيق الأخوة الإسلامية بين البلدين والشعبين المسلمين إلا دليل واقعي قطعي على ما نقول ، وهذا لايعني أن ما وقع خاص بالجزائر ومصر فهناك دول أخرى إسلامية مماثلة حصل بينها الحسد والبغضاء والآثار السلبية بسبب هذه اللعبة البغيضة مما ينذر بالخطر ، و يجلب على هذه الدول وسياستها وشعوبها البلاء والشر ، وربما يأتي اليوم الذي تتقاتل فيه الدولتان بجيشهما بسبب هذه اللعبة اللعينة ، فتنتقم الدولة المنهزمة من الدولة الفائزة ،أو الفائزة من المنهزمة ولو أن تأخذها على حين غرة وغفلة منها بسبب القتلى والجرحى الذين سقطوا شهداء الملاعب ولا حول ولا قوة إلى بالله .
4 - تضييع الأوقات والأعمار في اللعب على حساب الواجبات والفرائض ، والله توعد على ذلك بقوله : {{ دعهم يخضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون }} ويقول سبحانه :{{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون }}ويقول : {{ ..وذر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا.. }} {{ ويوم القيامة يكون جوابهم على حسب ما كانوا عليه أو ماتوا عليه وهم في سقر يسألون :{{ ما سلككم في سقر قالوا لم نكن من المصلين .... وكنا نخوض مع الخائضين }} فكثير من الناس إذا كانت مقابلة مبرمجة يحضرون لها أنفسهم قبل اللقاء بأسبوع ، ويعبئون لها إعلاميا وسياسيا ودينيا ويجتهدون غاية الاجتهاد في الدعاية ، والتحريض ، وصرف الأوقات والأموال في ذلك ،واللهو واللغو والصخب والصراخ إلى أوقات متأخرة من الليل ، أما اليوم الذي تجري فيه المباراة فحدث ولا حرج ، حيث هناك من الناس من يذهب في الصباح الباكر لحجز المكان ، ومنهم من يسافر المسافات البعيدة من أجل حضور اللقاء المرتقب ، ولا يحضر الصلوات في تلك الأوقات وربما هو كذلك في سائر الأيام والمسجد لا يبعد عنه إلا أمتارا ،وآخرون يخرجون بالطبول ، والمزامير ، والمجون والزغاريد من النساء والاختلاط ،والألعاب النارية ، ويفرطون في الجمع والجماعات والواجبات الأسرية والوظيفية ،ويحدثون فوضى في المدينة التي تقام فيها المباراة حيث يكلف ذلك الخزينة أموالا باهضة هي في غنى عنها ، فتجند لذلك الطاقات الأمنية البشرية والمادية للحفاظ على أمن الدولة وممتلكاتها ، وأمن المواطن وممتلكاته ، ولردع المشاغبين وبعد نهاية كل مباراة يتجدد نفس السيناريو -إن صح التعبير - ويحدث في كل مرة أضرار وأضرار تصل في بعض الأحوال إلى الإعاقة وفي بعض الأحيان أو الموت، والله المستعان, وما لهدا خلقوا .
5- ومما يؤسف له جدا أن يقع في شباك هذه الخدعة في هذه اللعبة من يحسبون على السنة ، والاستقامة على المنهج السلفي - زعموا - بحجة أن المقابلة بين دوليتين إسلاميتين ، فنظروا إلى هذا الجانب الذي أوتينا منه ، ولم ينظروا إلى الآثار السلبية المترتبة على ذلك ، من المحبة لهذه اللعبة الحب الشديد الذي ينقص من حبهم لله ورسوله ،أو يذهبه ، والحب والبغض فيها،والولاء والبراء عليها وإضاعة الواجبات والوقوع في المخالفات ،مما أشرت إليه آنفا والإقرار للمنكرات التي عليها القوم حيث لا يمكنهم تغيير المنكر ولا الأمر بالمعروف ، بل أصبحوا يؤآكلونهم ويشاربونهم حتى اعتادوا عليه ، وماتت الغيرة على حدود الله ومحارمه ،وقد قال الله تعالى : {{ لعن الذين كفروا من أهل الكتاب على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون }} .
وسأنقل لك أخي القارئ بعض المفاسد التي سطرها الشيخ حمود التويجري رحمه الله في كتابه الموسوم: "بالإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهةالمشركين[ص224/ 244 ]حيث ذكر سبعة وجوه في تحريمها فقال رحمه الله :
1- أن فيها تشبهابالكفار.قلت:والاتباع لهم حذو القذة بالقذة ..كما جاء عن المعصوم صلى الله عليه وسلم .
2- أن فيها صدا عن ذكر الله .قلت وتضيعا للواجبات في كثير من الأوقات .
3- أنها مشتــملة على المضرة.قلت:فها هي الأرواح في كثير من المباريات تسقط والأعراض تنتهك ،وحدود الله تتجاوز، وها هو الواقع يتكلم .
4- أن اللعب بها من الأشر والمرح ومقابلة النعم بضد الشكر.
5- أنه يكثر بين اللاعبينالوقاحة والبذاءة وسلاطة اللسان من السب ونحوه.قلت: فكم من لاعب ضرب ، وكم من لاعب طرد وسلطت عليه غرامات، بسبب الوقاحة والبذاءة والسب والضرب .
6- أن فيها كشـفا للعورات وهذامحرم.فلا يجوز لأي لاعب أن يرتدي سروالا ساترا ، او مخالفا لما عليه قانون هذه اللعبة .
7- أنها من اللهو الباطل.قلت : لأنها اشتملت على مفاسد كبيرة وكثيرة ..
8- قلت: تصد كثير من الشباب عن التعلم العلم وتجعلوهم يتعلقون بها لما فيها من الأموال واللهو واللعب ،وليس الرياضة من أجل توقية البدن وإعداده تحسبا لليوم الموعود ، فقد أصبحنا نسمع كثيرا من أبنائنا من يقول : لماذا أدرس وأتخرح طبيبا أو مهندسا أو معلما ، وذلك اللاعب الذي لم يدرس يتحصل على أموال طائلة ويرفع من قدره ويعظم من شأنه بسبب اللعب ، وانا الذي تعبت في الدراسة وطلب العلم أعمش واتقاضى راتبا زهيدا ، فهذه المقارنة التي أصبحت سائدة عند الكثير مما تصد ، وتفسد علينا أبناءنا .
9- توجه كثير من أبنائنا برغبة كبيرة وعاطفة جامحة للعب في أندية كفرية بزعم الاحترافية ، فأورث ذلك محبة وولاء لأولئك الكفار وتزهيدا في لبلدانهم ، واحتقارا لأنباء أوطانهم أنهم لايحسنون هذه اللعبة ، التي أورثت من لايحترف في بلاد الكفر مهانة ومذلة ، ولاحول ولا قوة إلى بالله .
هذا وقد تجد بعض الدول أو الأشخاص أو التجار المسلمينيشترون أندية أو أسهم في أندية كفرية بأموال طائلة ولو أنفقوها في ما ينفع المسلمينلكان خيرا لهم وأقوم عند الله..وفي الأمة من لايجدون الخبز والمآوى ، الذين شردتهم الحرب والفتن والفقر ...
وأضف إلى ذلك ما يحصل من فتنة لبناتالمسلمين ونساءهم من تتبع أخبار اللاعبين والافتتان بهم..وقد حصلت قضايا طلاق ،بسبب بعض المباراة ، أو اللاعبين ،وقد أخبرني بعضهم والعهدة عليه أن رجلا دخل بيته وبعد استراحته شغل التلفاز فرأى قبلة مصورة على شاشة التلفزيون ، فسأل عن ذلك أحد أبنائه فأخبره بأن أمه قبلت أحد اللاعبين المشهورين ...
وأضف إلى ذلك أيضاأن يتشبهالنساء بالرجال بحيث يصبح لهن أندية رياضية (نسوية) تمارس المرأة فيه حقها (بل عقوقها) فيمزاولة اللعبة في أندية مغلقة (بداية) ثم مفتوحة في النهاية وقد وجد للأسف في بعضالدول المسلمة مثل هذا.. وهذا والله خطر عظيم يحصل به فساد كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وأضف إلى ذلك دعمالفريق بالأغاني والهراء الفني واستقباله عند عودته من المعركة الفاصلة كما يسميها البعض متنصرا بإقامة أعراس وأفراح شيطانية تطرب لها شياطين الإنس والجن ، وكأنهم بالفعل فتحوا حصونا يسيطر عليه العدو ، أو انتزعوا منه قلاعا كانت محاصرة تحت وطأته وما ينتج عن ذلك من ضعف إنكار المنكر. و.. و..
ثم أضف إن شئت ما يحصل من كذب وأخبار وإشاعات وزور إعلامي ينشر فيالصحف وتشغل الجماهير (الغفيرة) في قيل وقال وفي ما لا طائل له.. وتشغيلهمبالمحطات الفضائية التي تغطي كل التفاصيل المملة عن تاريخ الفريق وحياة اللاعبين واحترافهم ،وقيمة شرائهم . و.. و..إلخمما يصرف المسلمين عن قضاياهم الأساسية ، حتى يتفرغ أعداء الإسلام لمخططاتهم للهيمنة علينا وعلى ثرواتنا .
وأخيراما يحرض ويعزز من التعصب المقيت لهذا أو ذاك أو الفريق والفريق الآخر بحجة مباراةقمة (في الجهل ) . وما فيه من إحياء لدعوى الجاهلية التي حذر منها رسول الله صلىالله عليه وعلى آله وسلم بقوله :<< أبدعوى الجاهلية وأنا بين اظهركم >> رواه الشيخان ،ونحن نقول : أبدعوى الجاهلية وكتاب الله وسنة رسوله بين أظهركم يا مسلمين .اسمعوا إلى هذا التنبيه.
تنبيه مهم :ذكر في تقرير عن الماسونية أن من أهدافهم أنهم يشغلوا الناس بقضايا جانبيةكالرياضة والموسيقى والأفلام والمسلسلات إلخ.. حتى يتمكنوا من الأمم.
وأخيرا :
أضف إلى كل ما ذكرت أن هناك بعض الانتهازيين من المشجعين ، والأنصار – زعموا - من الإخوان المسلمين والحزبيين الذين بالأمس القريب خرجوا للشوارع يتظاهرون بمناصرة غزة في فلسطين وينادون بالموت لأسرائيل ،وفتح أبواب مصر للجهاد في فلسطين اليوم يحملون نفس الشعارات يهتفون بها ضد إخوانهم وبني جلدتهم ، ومنهم من استغل الوضع لأن الدولة خصصت مبالغ مالية في ميزانية كبيرة لعلهم يحوزون على النصيب الأوفر فهمهم بطونهم وقبلتهم أهواءهم ومصالحهم ، وحيث تجري الرياح يكون لهم الصراخ والصياح ، وما بهذا يكون النصر وتعود العزة والكرامة ، ويكون الفلاح ، فإن هذا الذي يسمونه نصرا وفوزا إنما هو عار وخزي ودمار لخير أمة أخرجت للناس ، وإن الفائز الحقيقي في هذه اللعبة اللعينة هم أعداء الله الذين ألهوننا عن عبادة الله وإفراده بالوحدانية ، والجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الحق وتمكين دين الله في الارض.
نسأل الله أن يبصر المسلمين بما يحدق بهم من خطر ويحيط بهم من مكر ، ونسأله أن يردنا وإياهم إلى التمسك بالكتاب والسنة على منهج صالح سلف هذه الأمة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وليعلموا أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
نتنبيه إلى كل عاقل نبيه :
لما كتبت هذا المقال ونشرته في بعض المتنديات جاءني تعليق في منتديات البيضاء العلمية وكان أول تعليق عليه من أبي أسامة سفيان الجزائري قال فيه :
الأُستاذ الفاضل لعويسى لحد الآن لم أسمع فى حدود علمى من أهل العلم
منْ وصف كرة القدم بالصنم لأنَّ هذا الأُسلوب من أساليب القطبيين والتكفريين
وحاشا أن تكون منهم لعلى فهمت عنوان مقالكم خطأ
نرجو التوضيح سلمكم الله
أخوكم ومحبكم : سفيان ابن عبد الله الجزائري .
فكان جوابي عليه كالتالي :أمابعد:جزاك الله خيرا على حرصك وتمسكك بمنهج السلف ، وبارك فيك على ذبك وردك كل ما يخالفه ، وإني شاكر لك تنبيهك وتذكيرك بالاستفسار الذي وجهته لي عقب تنزيلي هذا الموضوع ،وللبيان أقول :
أولا :لست أدري هل استوقفك العنوان فقط ، أم قرأت الموضوع بكامله ،فإن كان الأول فالرجاء منك أن تقرأ الموضوع كاملا ثم ترسل تنبيهك ، وإن كان الثاني ، فأين وجدت في الموضوع بأني كفرت أحدا من المسلمين بسبب هذه اللعبة اللعينة ؟
فأنا إنما أرسلت تحذيرا لأمر ذمه الله وتوعد عليه بالنار ، ولعلك تقرأ قول الله تعالى :{ وذر الذين اتخذوادينهم لعبا ولهوا وغرتهم الخياة الدنيا ...}المائدة :57 / مع قوله تعالى :{ يا أيهاالذين آمنوا لاتتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا ..} الأنعام :70/ مع قوله: سبحانه: { الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا} الأعراف :51/ فهذا اللهو واللعب الذي ذمه الله تعالى ، لايكون إلا عن هوى وقد قال سبحانه:فقال} : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ{ ] الجاثية:23 [وغيرها من الأدلة على أن من لَهـَا قلبه بشيء ولعب به عن هوىً مع اعتقادٍ وصدٍ عن ذكر الله والصلاة فقد اتخذه إلاها من دون الله.
ثانيا :قال الأخ فريد أبو ندى عبد الحفيظ جزاه الله خيرا وقد تولى الجواب على استفسار الأخ سفيان ابن عبد الله الجزائري الذي علق به على موضوعي في منتديات البيضاء أول ما أنزلت الموضوع ، وقد رردت عليه أبتداء برد مختصر ، ولما جئت لأرد عليه بالتفصيل وجدت الأخ فريد قد سبقني إلى ذلك بشواهد تنقطع لها أعناق الإبل، فلم يبق لي مجالا للكلام ، وقد أعدت النظر في هذه الرسالة بعد أن قرأها عليا بعض -إخواني -فأضفت إليها بعض الأمور ،وأدخلت بعض الجمل على كلامه حفظه الله وأمليتها على المذكور فقام بإقحامها دون إشارة منه إلى أن أصل الكلام هو مما علق به الأخ فريد جوابا على استفسار سفيان ابن عبد الله الجزائري فما تجد تحته خطا وبلون مغاير للون الأسود فهو من كلامي ، وليس من كلام الأخ فريد ، وما ليس كذلك فهو له حفظه الله ،قال :
وكيف لا تصبح هذه المصيبة صنما وقد تعلقت بها قلوب الناس حتى هاموا بها ،وقدموها على حب الله ورسوله فتسمعهم يسمون تنقلهم إلى السودان حجا واصطدامهم بإخوانهم جهادا واللاعبين مجاهدين والمقابلة معركة ، والمناصرين مرابطين ، وبعضهم صرف المال الذي ادخره للأضحية على التذكرة فأصبحت الكرة مقدمة عنده على طاعة ربه ومرضاته والتقرب إليه، وقد سمعنا من يقسم بالله لو يخسر فريقه أنه لا يضحي ولا يشتري الأضحية ،وحتى سمعنا بعضهم يصيح و يصرخ "من قتل مصريا دخل الجنة" و العياذ بالله،فإذا أنكرت عليه رموك بالخيانة والعمالة، للوطنية ، وحب الوطن ، مع أن الوطنية والقومية بهده الصفات نعارات جاهلية ، وحب الوطن هو غريزة في نفوسنا فلا مزية له على غيره من الغرائز التي جبلنا الله عليها ،قرأته للشيخ الألباني رحمه الله ،وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : في شرح البيقونية [77] بعد تمثيله للمشهور عند العامة بحديث : << حب الوطن من الإيمان >> هو حديث موضوع مكذوب، بل المعنى أيضا غير صحيح بل حب الوطن من التعصب . والحديث حكم عليه كثير من العلماء بالوضع ،كما في كشف الخفا للعجلوني ..
إنَّ حب الوطن من الأمور الفطرية التي جبل عليها الإنسان، فقد قضت حكمة الله تعالى أنْ يستخلف الإنسان في هذه الأرض ليعمرها على هدى وبصيرة، وأنْ يستمتع بما فيها من الطيبات والزينة، لاسيما أنها مسخرة له بكل ما فيها من خيرات ومعطيات؛ فإنَّ حب الإنسان لوطنه، وحرصه على المحافظة عليه واغتنام خيراته؛ إنما هو تحقيق لمعنى الاستخلاف الذي قال فيه سبحانه وتعالى: { ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} الآية [الأعراف: 129]
وقوله سبحانه :{{ .. ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لتظر كيف تعملون }}الآية [يونس :14] إنَّ حبّ الإنسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في أكنافه، أمرٌ يجده كل إنسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متأصّلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجِم، ويغضب له إذا انتُقص.
يقول الأصمعي: "قالت الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوانات: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيدًا، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبًا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعًا".وهذا الأمر ـ وهو حب الإنسان لوطنه ـ غريزة في بني الإنسان، وجدها أفضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه، لمكة شرفها الله : فقد أخرج الترمذي في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما أطيبكِ من بلد، وما أحبكِ إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيركِ)). صحيح الترمذي( 3926)وصحيح الجامع ( 5536 )
وليست الوطنية ترديد شعارات، أو ادعاءات مجردة، أو صخب في الشوارع ومظاهرات ،وعناء فاحش ورقص في اختلاط بين الجنسين وطبول ومزامير ، زسخرية من الآخرين وإنما هو شعورٌ بالانتماء لوطنه وبلاده، ومجتمعه الذي يعيش فيه، وبذل كل ما هو غالٍ ونفيس للدفاع عن أراضيه وتقديم كل ما هو مفيد لدينه ووطنه مما تنتجه العقول النضجة الراشدة من الابداع والاكتفاء الذاتي بالاستعناء عن الغير .
أما تسمية بعض الضلالات و الشركيات بالصنم، فهي تسمية ليست خاصة بأصحاب الحزبيات، فقد أطلقها السلف قديما على بعض الأهواء و الضلالات فتطلق على بعضها و لا يراد بها الكفر المخرج من الملة ، قال هارون بن معروف "من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما" {معارج القبول} للشيخ حافظ حكمي.
وكان أهل السنة يقولون "الممثل يعبد صنما، والمعطل يعبد وثنا" ، ومنه حديث عدي بن حاتم الذي رواه الترمذي قال: "قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: ألق هذا الوثن عنك" فعد صلى الله عليه وسلم الصليب وثنا.
وقال ا لإمام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب "وإذا كنا لا نكفّر مَن عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، ولم يُكفّر ولم يُقاتل؟ " "فتاوى ومسائل الشيخ ".
والصنم الذي ذكره الشيخ هي تلك المشاهد والأضرحة والمزارات التى تعبد من دون الله . وقد عد الشيخ ابن القيم الهوى صنما قال : "فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه وإنما بعث الله رسله بكسرالأصنام وعبادته وحده لا شريك له وليس مراد الله سبحانه كسر الأصنام المجسدة وتركالأصنام التي في القلب بل المراد كسرها من القلب أولا. قال الحسن بن علي المطوعيصنم كل إنسان هواه فمن كسره بالمخالفة استحق اسم الفتوة". روضة المحبين ونزهة المشتاقين. والله المستعان وعليه التكلان .
وكتبه :
أبو بكر يوسف لعويسي
الجزائر شهر نوفمر 2009م
الموافق لشهر ذو القعدة 1430 هـ
حمل الملف على شكل وارد 2007
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uploads/www.noor-alyaqeen.com13181074461.docx
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الحاجة
إن الحمد للـه نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئــات أعمالنا مـن يهده اللـه فلا مضل لـه ، ومن يضلل فلا هــادي له ، وأشهد أن لاإلـــه إلا الله وحـده لأشريك لـه وأشهـد أن محمدا عبـده ورسولـه.
﴿ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا توتن إلا وأنتم مسلمون﴾آل عمران/ 102.
﴿ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ، واتقوا الله الذي سائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ النساء:/1.
﴿ياأيها الذين آمنوا اتقوا اللـه وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما﴾ [ الأحزاب: 70 / 71 ].
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بـدعة ضلالة وكل ضلالة في النار[1] .
--------------------
1- هذه خطبة الحاجـة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ، وقد أفردها بالتأليف علامة الشام الشيخ محمد ناصـر الدين الألباني رحمه الله، رسالة باسم خطبة الحاجة .
الصفحة الثانية :
أما بعد :
لقد ابتليت الأمة الإسلامية ببلايا عظيمة ، من جراء مخططات أعداء الإسلام ، ومن أعظم ما ابتليت به أمة الجد والاجتهاد في طاعة الله والدعوة إليه والجهاد في سبيله الوقوع في مكر وخديعة برتوكولات حكماء صهيون ، فقد مكروا ونظروا ،وللبراءة أظهروا، وخرجوا بنتيجة وهي فتح أبواب الملاهي والفجور والسخافة بالفن والخمور، والرياضة ،للإناث والذكور. ونجحوا في ذلك في برهة من العصور ، وهاهم يجلبون علينا بخيلهم ورجلهم في السر والظهور .
ومن أعظم ما ابتليت به الأمة في هذه العصور ، كرة الندم [القدم ] كما يسميها بعض الأخوة جزاهم الله خيرا ،هذه اللعبة التي فتن بها الكبير والصغير ، والبصير والضرير ، والنساء والرجال والشيوخ والأطفال ، ولم يسلم منها إلا القليل ممن استعدوا ليوم الرحيل ، ولقد ظهرت في الزمن الأول كلعبة ترويحية خارج وقت العمل ، ثم بقيت تتطور وتتحول من الأعلى إلى أسفل ، ويقنن لها القوانين وغرضهم صرف المسلمين وتفريقهم أشتاتا وعزين إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن من الأهمية بمكان ،حتى أصبحت تشغل معظم المسلمين ليس عن واجباتهم الدنيوية فقط وإنما عن واجباتهم الدينية والأدهى والأمر أن تسيطر على عقول النساء في البيوت إلا من رحم الله ممن استعدن للموت ، وتشغل بالهن إلى درجة أن الكثيرات من الأمهات والبنات عشقنها وعشقنا اللاعبين المميزين فالتحصين لصورهم والقبلات وبعضهن مع الأسف متزوجات وقد أضرت كثيرا بشباب الأمة ودينها وأموالها وطاقاتها مما ينبغي لها أن تعيد النظر في حساباتها قبل فوات الأوان ، وتذوق الأمرين وإننا نخشى أن يأتي عليها اليوم الذي تتفرق فيه على نفسها من هذه اللعبة ، وتتقاتل فيما بينها ، وربما تقوم الحرب الثالثة من أجلها ، ومن يدري ..؟؟ ونحن نسمع هنا وهناك من يقول خسرنا المعركة ولم نخسر الحرب ، وآخرين مستعدون للحرب ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأعداء الله يزيدون في الطين بلة ، ويرمون الزيت على النار فمن وراء كل فريق عدو للإسلام والمسلمين يجره إلى الحرب ..
وفي الوقت الّذي تتَّجه قلوب المؤمنين المخلصين وتتعلَّق أفئدة المتَّقين الموحِّدين بأن يظفروا بالسفر إلى المسجد الحرام ، و يكونوا من حُجَّاج البيت العتيق ؛ تتعلَّق قلوب كثير من المفتونين من العوامّ و المتديِّنين - و للأسف - بأن يكونوا من حُجَّاجالكرة و الفريق!
سابقٌ محمومٌ واهتمامٌ مذمومٌ بلهوٍ باطلٍ و نصرٍموهومٍ ، أصاب أقواماً من المسلمين فَصَرَفَهم عن معالي الأمور ، وأشغلهم بالسفا سف والقشور ، حتّى أضحتْ هذه اللّعبة نوعاً من العبادة أو قارَبَت ، وأصبحتَ لا تقرأ و لا تسمع و لا ترى إلاّ حديثاً عنها وتذكيراً بها ودعوةً إليها ودعاءً وخوفاً ورجاءً وبكاءً من أجلها ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وفي الموسم العظيم الذي فضله الله على غيره من المواسم وجعل أيامه أفضل أيام الدنيا حيث يتنافس المؤمنون الصادقون على طاعة الله سبحانه بشتى أنواع الأعمال الصالحة التي هي أحب إلى الله في هذه الأيام ، نرى التصعيد بالكره والبعض والمقت بين الإخوة المؤمنين والتنافس بالعيب والعار على المراتب العليا في الضلال عند الكفار ،والتسابق على اللهو واللعب بالصخب والغناء والمزمار ، اقتداء واحتذاء بهم ليحل بنا الدمار ،يا قوم ، يا قوم أين الأثر ؟ أين وصية نبيكم سيد الأبرار ، تركتم على المحجة البيضاء ليلها كالنهار، لايزيغ عنها إلا هالك على معتقد الكفار.
إن هذه الكلمة القصيرة لا ادعي فيها أني ألممت بالموضوع ، فجئت بالمشروع فيه والممنوع في هذا الموضوع المهم الذي يحتاج إلى كتابات كثيرة، وتوعية شاملة كبيرة ودروس وخطب بالغة طويلة وقصيرة ، لأن البلوى به قد عمت ،وشره قد استطار وبه الأمة ألمت ، حتى كاد أن يعم بيوت المسلمين ،بعد أن أتى على الكافرين ، فقد أصبح حديث الساعة ،في الشوارع والبيوت، والسوق والحوانيت ، ويهرع إليه بالمراكب والمواكب، وتترك له الوظائف لتحصيل الحِكم والطرائف، والاعتداء بالسب والشتم والقذائف والإعلام بأنواعه قد ساد ،وظهر على الأمة بكل فساد ،فملأ القلوب بالحقد والعناد ، وكأنه فسطاط الدين ،وعمود الإسلام المتين، حيث أصبحت تعقد عليه ألوية الولاء والبراء ، والحب والبغضاء ، وترفع فيه ألوية القومية والوطنية بالتمزيق، والجهوية والشعوبية بالتفريق، بين أبناء البلد الواحد من المسلمين ، لاعبين ومتفرجين ، قد دب فيهم الحسد والبغضاء وكانت كرة القدم من أهم أسبابه فجعلتهم إخوة أعداء ألداء .وقد قال الله تعالى :{{ .. لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ..}}فأين أنتم يا مؤمنين من الولاء لله والبراء ..؟
وهؤلاء الكفار قد حادوا الله ورسوله ، وقلدهم المسلمون في كل شيء ليعود عليهم ذلك بالضرر ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :<< لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وحذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ..} والحديث في الصحيحين ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
إن كرة القدم كادت أن تصبح صنما يعبد من دون الله ، فإن حبها تمكن من القلوب حتى أصبح كثير من الناس من إدمانهم لها وتحدثهم عنها لا يمكن أن يفوتوا عليهم مباراة واحدة لكرة القدم مع أنهم لم يبالوا أن تضيع منهم جميع الصلوات ، والواجبات والله سبحانه وتعالى يقول: {{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله }} فإن المحبة من أعظم العبادات التي ينبغي أن يحققها العبد ،ولا يجوز له أن يقدم على محبة الله ورسوله شيئا حتى نفسه التي بين جنبيه ، والأدلة في هذا الباب كثيرة ،ونكتفي بدليل واحد من الكتاب والسنة قال تعالى :{{ قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانك وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أخب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}} هؤلاء المذكورين في الآية حبهم غريزي ويحبهم المرء حبا كبيرا ومع توعد الله من قدمهه على محبته فكيف بمن يقدم كرة القدم ، وما قيمة كرة القدم في نفس المسلم بجانب المذكورين ومع ذلك لم يجز الله لأحد أن يقدمهم على محبته سبحانه ،وأكد هذا صلى الله عليه وسلم بقوله:<< لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين >> فإذا كان هؤلاء المذكورين مع عظيم قدرهم وحبهم وقيمتهم في النفوس لا يجوز تقديم محبتهم على محبة الله ورسوله فكيف بلعبة تصد عن محبة الله تعالى ومحبة رسوله وتورث الحسد والبغضاء بين المسلمين والكره لبعضهم البعض ؟ أليس هذا خطرا عظيما على عقيدة المسلم ؟
وقال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم: <<تعِسَ عبدُ الدِّينار و الدِّرهم والقطيفة و الخميصة... >>البخاري : )2886 ) ، فإذا كان طلبُ الرِّزق والاستكثار من المال للاستغناء عن النّاس مباحاً في الأصل ، و قد يكون مستحبّاً أوواجباً ؛ فإنَّ الاشتغالَ به على وجهٍ يكون هو أكبرَ همِّ الإنسان، و غايةَ مطلبِهو مبلغَ علمِه - مذمومٌ ، وصاحبُه مدعوٌّ عليه بالتّعاسة وموصوفٌ بالعبودية له فكيف بلهوٍ ولعب مُشغلٍ ، أقلُّ ما يقال فيه – تنزُّلاً - أنّه مكروهٌ ! فكيف إذا انضمَّإلى ذلك حبه للهو بالباطل إلى النخاع، وتضييعٌ للصّلوات والواجبات ،وكشفٌ للعورات وإهدارٌ للأموال والأوقات ، وإثارةٌللنّعرات والعصبيَّات ،واختلاط الذكور بالفتيات العاريات الكاسيات ، وسِبابٌ وشتائمُ ، وتخريبٌ و تكسيرٌ ، وأذيَّةٌ للمسلمين .
إنَّ النّاظر فيأحوال المسلمين والمتصفِّح لما يُكتب في الصّحف والمواقع الإلكترونيّة ، وذكرته وما كتبه غيري من العلماء وطلبة العلم ليرى كيفأصبحت هذه اللُّعبة تضاهي العبادة ، بل كثيرٌ من أصحابها صار اهتمامهم بها أبلغَ مناهتمامهم بالعبادة، فمن عقيدة الكثير منهم أنه إذا دخل أرض الملعب أخذ شيئا من تراب الأرض وصنع به الصليب ، وبعضهم يفعل ذلك أي علامة الصليب دون أخذ التراب ، هذا عند الكفار يتبركون بهذه الإشارة التعبدية في دينهم الذي اتخذوه لهوا ولعبا ، أما عند المسلمين فمنهم من يلجأ إلى الشعوذة والكهانة ، والعارفين ، فقد قيل لي أن بعضعم إذا حان وقت المباراة أحضر ديكا عند المرمى وتمتم عليه ببعض الرقى الشركية أو رمى شيئا من الماء المخلوط بماء الورد الذي يسميه الكثير [الزهر ]أي الحظ ، وآخرون يذهبون عند الكهنة والمشعوذين يتكهنون لهم النتيجة ،أو يفعولن لهم التمائم ، ونقرأ ونسمع في الجرائد وعلى ألسنة الصحفيين كلمة سوء الطالع عند الهزيمة ، والخسارة وكأنها قمار ،وكل هذا الشرك من أجل هذه اللعبة .
وهؤلاء القوم عشقوها إلى درجة أن كثيرا منهم مات أو يموت من أجلها ، ويرضى بالحر والقر ، وشد الرحال وصرف الأموال والأوقات في سبيلها، أو يمرض ويبقى الشهور وهو معلول وخاصة إذا حصلت الهزيمة لفريقه الذي يسانده،ويناصره ، فإذا فاز فريقه طار فرحا وجاءه الشفاء ،وعلى خصمه المسلم اللعنة والعفاء، وهذا عين محبة العبادة والعياذ بالله كما فيه الولاية لغير المسلم والبغض والكره له .
2 - تشريع قوانين لها يعاقب مخالفوها عقوبات مالية ، وبدنية ، مما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى ويجعل هذه اللعبة تدخل في القمار ، فإن جميع الدول المشاركة في الفيفا تدفع لها أموالا وهذه الأخيرة تشتري منها الكأس، والجوائز المقدمة للفائزين من اللاعبين ، ليتقامروا عليها بأجسادهم وأوقاتهم ، وتدخل هده اللعبة ضمن القمار الذي نهى الله عنه .
ثم إن الفيفا لها نظام عالمي وقانون يضاهي قانون الإسلام ، وأعضاء منظمة الفيفا اليوم تجاوز عددهم عدد منظمة الأمم المتحدة ، ومنظمة الينسكو ، وقد ألزموا به الدول الإسلامية حتى دفعوا الأموال الباهضة لهذه المنظمة الكافرة ،وقد رضي بذلك المسلمون شعوبهم ، وأولياء أمورهم وأصبحوا يوالون عليه ويعادون فيه ،حتى فيما بينهم ، بل أصبح كثير من أبناء المسلمين يقدمون أبناء الكفرة على أبناء ملتهم ، ويهتفون بأسمائهم ، ويحملون صورهم وشعاراتهم حتى في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، عنوانا على محبتهم لهم ، وهذه أسواقنا مليئة بصور اللاعبين في كل شيء على الملابس والمعلبات واللوحات والسيارات وغيرها ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فهذا المسلم يدخل المسجد ليصلي وعلى ظهره أو صدره صورة اللاعب المشهور الفلاني وذاك يحمل صورة الفريق الفولاني ، وآخر يصلي في بدلة الرياضة للفريق الفلاني وفيها الصليب، وآخر يحمل صورة الفرقة الموسيقية المساندة ، وإمام من فوق المنبر يدعو للفريق بالانتصار،والمأمومين بالتأمين جهارا ، ويخفف الصلاة من أجل أن لا تفوتهم اللعبة في المباراة وآخر يفتي للاعبين بالإفطار في رمضان وكأنهم في معركة مع الكفار.
3 - التفريق بين المسلمين ، على قاعدة أعداء الله التي ارتضاها العلمانيون والحزبيون من هذه الأمة " فرق تسود " فبعدما نجحوا في وضع الحدود الجغرافيا بين بلاد المسلمين ،هاهم يجلبون عليهم بمخططاتهم ومكرهم ، نساء ورجالا ، شبابا وشيوخا ليذيقوننا وبالا، ليوقعوا بيننا العداوة والبغضاء ، بشعارات براقة سخيفة ورثتنا المهانة والمذلة ، والضعف والانهزامية أمام الكفار، والحسد والبغضاء والمقت لبعضهم البعض، وصدق من قال : أسد علي وفي الحروب نعامة . وقد قال تعالى : {{.. والمسلمون والمسلمات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..}} وقال صلى الله عليه وسلم :<< مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ...>> منفق عليه ،وقال:<< دب إليكم داء الأمم من قبلكم ، الحسد والبغضاء ، الحالقة ...>> وهذا خبر في حكم الإنشاء، ومعناه أنه يحذر المسلمين من الوقوع في الحسد والبغضاء لعضهم البعض ،الداذ الذي وقع فيمن قيبلهم من الأمم فأهلكهم وذهب بديهم ، والحسد والبغضاء صفتان جد قبيحتان تحلقان الدين وتذهبا به .وما تركته المباريات الأخيرة بين الكثير من شعب مصر وشعب الجزائر من الموتى والجرحى والاعتداءات ، والتعبئة التحريضية للمقابلة الفاصلة وبعدها والتصعيد الإعلامي لتمزيق الأخوة الإسلامية بين البلدين والشعبين المسلمين إلا دليل واقعي قطعي على ما نقول ، وهذا لايعني أن ما وقع خاص بالجزائر ومصر فهناك دول أخرى إسلامية مماثلة حصل بينها الحسد والبغضاء والآثار السلبية بسبب هذه اللعبة البغيضة مما ينذر بالخطر ، و يجلب على هذه الدول وسياستها وشعوبها البلاء والشر ، وربما يأتي اليوم الذي تتقاتل فيه الدولتان بجيشهما بسبب هذه اللعبة اللعينة ، فتنتقم الدولة المنهزمة من الدولة الفائزة ،أو الفائزة من المنهزمة ولو أن تأخذها على حين غرة وغفلة منها بسبب القتلى والجرحى الذين سقطوا شهداء الملاعب ولا حول ولا قوة إلى بالله .
4 - تضييع الأوقات والأعمار في اللعب على حساب الواجبات والفرائض ، والله توعد على ذلك بقوله : {{ دعهم يخضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون }} ويقول سبحانه :{{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون }}ويقول : {{ ..وذر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا.. }} {{ ويوم القيامة يكون جوابهم على حسب ما كانوا عليه أو ماتوا عليه وهم في سقر يسألون :{{ ما سلككم في سقر قالوا لم نكن من المصلين .... وكنا نخوض مع الخائضين }} فكثير من الناس إذا كانت مقابلة مبرمجة يحضرون لها أنفسهم قبل اللقاء بأسبوع ، ويعبئون لها إعلاميا وسياسيا ودينيا ويجتهدون غاية الاجتهاد في الدعاية ، والتحريض ، وصرف الأوقات والأموال في ذلك ،واللهو واللغو والصخب والصراخ إلى أوقات متأخرة من الليل ، أما اليوم الذي تجري فيه المباراة فحدث ولا حرج ، حيث هناك من الناس من يذهب في الصباح الباكر لحجز المكان ، ومنهم من يسافر المسافات البعيدة من أجل حضور اللقاء المرتقب ، ولا يحضر الصلوات في تلك الأوقات وربما هو كذلك في سائر الأيام والمسجد لا يبعد عنه إلا أمتارا ،وآخرون يخرجون بالطبول ، والمزامير ، والمجون والزغاريد من النساء والاختلاط ،والألعاب النارية ، ويفرطون في الجمع والجماعات والواجبات الأسرية والوظيفية ،ويحدثون فوضى في المدينة التي تقام فيها المباراة حيث يكلف ذلك الخزينة أموالا باهضة هي في غنى عنها ، فتجند لذلك الطاقات الأمنية البشرية والمادية للحفاظ على أمن الدولة وممتلكاتها ، وأمن المواطن وممتلكاته ، ولردع المشاغبين وبعد نهاية كل مباراة يتجدد نفس السيناريو -إن صح التعبير - ويحدث في كل مرة أضرار وأضرار تصل في بعض الأحوال إلى الإعاقة وفي بعض الأحيان أو الموت، والله المستعان, وما لهدا خلقوا .
5- ومما يؤسف له جدا أن يقع في شباك هذه الخدعة في هذه اللعبة من يحسبون على السنة ، والاستقامة على المنهج السلفي - زعموا - بحجة أن المقابلة بين دوليتين إسلاميتين ، فنظروا إلى هذا الجانب الذي أوتينا منه ، ولم ينظروا إلى الآثار السلبية المترتبة على ذلك ، من المحبة لهذه اللعبة الحب الشديد الذي ينقص من حبهم لله ورسوله ،أو يذهبه ، والحب والبغض فيها،والولاء والبراء عليها وإضاعة الواجبات والوقوع في المخالفات ،مما أشرت إليه آنفا والإقرار للمنكرات التي عليها القوم حيث لا يمكنهم تغيير المنكر ولا الأمر بالمعروف ، بل أصبحوا يؤآكلونهم ويشاربونهم حتى اعتادوا عليه ، وماتت الغيرة على حدود الله ومحارمه ،وقد قال الله تعالى : {{ لعن الذين كفروا من أهل الكتاب على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون }} .
وسأنقل لك أخي القارئ بعض المفاسد التي سطرها الشيخ حمود التويجري رحمه الله في كتابه الموسوم: "بالإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهةالمشركين[ص224/ 244 ]حيث ذكر سبعة وجوه في تحريمها فقال رحمه الله :
1- أن فيها تشبهابالكفار.قلت:والاتباع لهم حذو القذة بالقذة ..كما جاء عن المعصوم صلى الله عليه وسلم .
2- أن فيها صدا عن ذكر الله .قلت وتضيعا للواجبات في كثير من الأوقات .
3- أنها مشتــملة على المضرة.قلت:فها هي الأرواح في كثير من المباريات تسقط والأعراض تنتهك ،وحدود الله تتجاوز، وها هو الواقع يتكلم .
4- أن اللعب بها من الأشر والمرح ومقابلة النعم بضد الشكر.
5- أنه يكثر بين اللاعبينالوقاحة والبذاءة وسلاطة اللسان من السب ونحوه.قلت: فكم من لاعب ضرب ، وكم من لاعب طرد وسلطت عليه غرامات، بسبب الوقاحة والبذاءة والسب والضرب .
6- أن فيها كشـفا للعورات وهذامحرم.فلا يجوز لأي لاعب أن يرتدي سروالا ساترا ، او مخالفا لما عليه قانون هذه اللعبة .
7- أنها من اللهو الباطل.قلت : لأنها اشتملت على مفاسد كبيرة وكثيرة ..
8- قلت: تصد كثير من الشباب عن التعلم العلم وتجعلوهم يتعلقون بها لما فيها من الأموال واللهو واللعب ،وليس الرياضة من أجل توقية البدن وإعداده تحسبا لليوم الموعود ، فقد أصبحنا نسمع كثيرا من أبنائنا من يقول : لماذا أدرس وأتخرح طبيبا أو مهندسا أو معلما ، وذلك اللاعب الذي لم يدرس يتحصل على أموال طائلة ويرفع من قدره ويعظم من شأنه بسبب اللعب ، وانا الذي تعبت في الدراسة وطلب العلم أعمش واتقاضى راتبا زهيدا ، فهذه المقارنة التي أصبحت سائدة عند الكثير مما تصد ، وتفسد علينا أبناءنا .
9- توجه كثير من أبنائنا برغبة كبيرة وعاطفة جامحة للعب في أندية كفرية بزعم الاحترافية ، فأورث ذلك محبة وولاء لأولئك الكفار وتزهيدا في لبلدانهم ، واحتقارا لأنباء أوطانهم أنهم لايحسنون هذه اللعبة ، التي أورثت من لايحترف في بلاد الكفر مهانة ومذلة ، ولاحول ولا قوة إلى بالله .
هذا وقد تجد بعض الدول أو الأشخاص أو التجار المسلمينيشترون أندية أو أسهم في أندية كفرية بأموال طائلة ولو أنفقوها في ما ينفع المسلمينلكان خيرا لهم وأقوم عند الله..وفي الأمة من لايجدون الخبز والمآوى ، الذين شردتهم الحرب والفتن والفقر ...
وأضف إلى ذلك ما يحصل من فتنة لبناتالمسلمين ونساءهم من تتبع أخبار اللاعبين والافتتان بهم..وقد حصلت قضايا طلاق ،بسبب بعض المباراة ، أو اللاعبين ،وقد أخبرني بعضهم والعهدة عليه أن رجلا دخل بيته وبعد استراحته شغل التلفاز فرأى قبلة مصورة على شاشة التلفزيون ، فسأل عن ذلك أحد أبنائه فأخبره بأن أمه قبلت أحد اللاعبين المشهورين ...
وأضف إلى ذلك أيضاأن يتشبهالنساء بالرجال بحيث يصبح لهن أندية رياضية (نسوية) تمارس المرأة فيه حقها (بل عقوقها) فيمزاولة اللعبة في أندية مغلقة (بداية) ثم مفتوحة في النهاية وقد وجد للأسف في بعضالدول المسلمة مثل هذا.. وهذا والله خطر عظيم يحصل به فساد كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وأضف إلى ذلك دعمالفريق بالأغاني والهراء الفني واستقباله عند عودته من المعركة الفاصلة كما يسميها البعض متنصرا بإقامة أعراس وأفراح شيطانية تطرب لها شياطين الإنس والجن ، وكأنهم بالفعل فتحوا حصونا يسيطر عليه العدو ، أو انتزعوا منه قلاعا كانت محاصرة تحت وطأته وما ينتج عن ذلك من ضعف إنكار المنكر. و.. و..
ثم أضف إن شئت ما يحصل من كذب وأخبار وإشاعات وزور إعلامي ينشر فيالصحف وتشغل الجماهير (الغفيرة) في قيل وقال وفي ما لا طائل له.. وتشغيلهمبالمحطات الفضائية التي تغطي كل التفاصيل المملة عن تاريخ الفريق وحياة اللاعبين واحترافهم ،وقيمة شرائهم . و.. و..إلخمما يصرف المسلمين عن قضاياهم الأساسية ، حتى يتفرغ أعداء الإسلام لمخططاتهم للهيمنة علينا وعلى ثرواتنا .
وأخيراما يحرض ويعزز من التعصب المقيت لهذا أو ذاك أو الفريق والفريق الآخر بحجة مباراةقمة (في الجهل ) . وما فيه من إحياء لدعوى الجاهلية التي حذر منها رسول الله صلىالله عليه وعلى آله وسلم بقوله :<< أبدعوى الجاهلية وأنا بين اظهركم >> رواه الشيخان ،ونحن نقول : أبدعوى الجاهلية وكتاب الله وسنة رسوله بين أظهركم يا مسلمين .اسمعوا إلى هذا التنبيه.
تنبيه مهم :ذكر في تقرير عن الماسونية أن من أهدافهم أنهم يشغلوا الناس بقضايا جانبيةكالرياضة والموسيقى والأفلام والمسلسلات إلخ.. حتى يتمكنوا من الأمم.
وأخيرا :
أضف إلى كل ما ذكرت أن هناك بعض الانتهازيين من المشجعين ، والأنصار – زعموا - من الإخوان المسلمين والحزبيين الذين بالأمس القريب خرجوا للشوارع يتظاهرون بمناصرة غزة في فلسطين وينادون بالموت لأسرائيل ،وفتح أبواب مصر للجهاد في فلسطين اليوم يحملون نفس الشعارات يهتفون بها ضد إخوانهم وبني جلدتهم ، ومنهم من استغل الوضع لأن الدولة خصصت مبالغ مالية في ميزانية كبيرة لعلهم يحوزون على النصيب الأوفر فهمهم بطونهم وقبلتهم أهواءهم ومصالحهم ، وحيث تجري الرياح يكون لهم الصراخ والصياح ، وما بهذا يكون النصر وتعود العزة والكرامة ، ويكون الفلاح ، فإن هذا الذي يسمونه نصرا وفوزا إنما هو عار وخزي ودمار لخير أمة أخرجت للناس ، وإن الفائز الحقيقي في هذه اللعبة اللعينة هم أعداء الله الذين ألهوننا عن عبادة الله وإفراده بالوحدانية ، والجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الحق وتمكين دين الله في الارض.
نسأل الله أن يبصر المسلمين بما يحدق بهم من خطر ويحيط بهم من مكر ، ونسأله أن يردنا وإياهم إلى التمسك بالكتاب والسنة على منهج صالح سلف هذه الأمة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وليعلموا أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
نتنبيه إلى كل عاقل نبيه :
لما كتبت هذا المقال ونشرته في بعض المتنديات جاءني تعليق في منتديات البيضاء العلمية وكان أول تعليق عليه من أبي أسامة سفيان الجزائري قال فيه :
الأُستاذ الفاضل لعويسى لحد الآن لم أسمع فى حدود علمى من أهل العلم
منْ وصف كرة القدم بالصنم لأنَّ هذا الأُسلوب من أساليب القطبيين والتكفريين
وحاشا أن تكون منهم لعلى فهمت عنوان مقالكم خطأ
نرجو التوضيح سلمكم الله
أخوكم ومحبكم : سفيان ابن عبد الله الجزائري .
فكان جوابي عليه كالتالي :أمابعد:جزاك الله خيرا على حرصك وتمسكك بمنهج السلف ، وبارك فيك على ذبك وردك كل ما يخالفه ، وإني شاكر لك تنبيهك وتذكيرك بالاستفسار الذي وجهته لي عقب تنزيلي هذا الموضوع ،وللبيان أقول :
أولا :لست أدري هل استوقفك العنوان فقط ، أم قرأت الموضوع بكامله ،فإن كان الأول فالرجاء منك أن تقرأ الموضوع كاملا ثم ترسل تنبيهك ، وإن كان الثاني ، فأين وجدت في الموضوع بأني كفرت أحدا من المسلمين بسبب هذه اللعبة اللعينة ؟
فأنا إنما أرسلت تحذيرا لأمر ذمه الله وتوعد عليه بالنار ، ولعلك تقرأ قول الله تعالى :{ وذر الذين اتخذوادينهم لعبا ولهوا وغرتهم الخياة الدنيا ...}المائدة :57 / مع قوله تعالى :{ يا أيهاالذين آمنوا لاتتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا ..} الأنعام :70/ مع قوله: سبحانه: { الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا} الأعراف :51/ فهذا اللهو واللعب الذي ذمه الله تعالى ، لايكون إلا عن هوى وقد قال سبحانه:فقال} : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ{ ] الجاثية:23 [وغيرها من الأدلة على أن من لَهـَا قلبه بشيء ولعب به عن هوىً مع اعتقادٍ وصدٍ عن ذكر الله والصلاة فقد اتخذه إلاها من دون الله.
ثانيا :قال الأخ فريد أبو ندى عبد الحفيظ جزاه الله خيرا وقد تولى الجواب على استفسار الأخ سفيان ابن عبد الله الجزائري الذي علق به على موضوعي في منتديات البيضاء أول ما أنزلت الموضوع ، وقد رردت عليه أبتداء برد مختصر ، ولما جئت لأرد عليه بالتفصيل وجدت الأخ فريد قد سبقني إلى ذلك بشواهد تنقطع لها أعناق الإبل، فلم يبق لي مجالا للكلام ، وقد أعدت النظر في هذه الرسالة بعد أن قرأها عليا بعض -إخواني -فأضفت إليها بعض الأمور ،وأدخلت بعض الجمل على كلامه حفظه الله وأمليتها على المذكور فقام بإقحامها دون إشارة منه إلى أن أصل الكلام هو مما علق به الأخ فريد جوابا على استفسار سفيان ابن عبد الله الجزائري فما تجد تحته خطا وبلون مغاير للون الأسود فهو من كلامي ، وليس من كلام الأخ فريد ، وما ليس كذلك فهو له حفظه الله ،قال :
وكيف لا تصبح هذه المصيبة صنما وقد تعلقت بها قلوب الناس حتى هاموا بها ،وقدموها على حب الله ورسوله فتسمعهم يسمون تنقلهم إلى السودان حجا واصطدامهم بإخوانهم جهادا واللاعبين مجاهدين والمقابلة معركة ، والمناصرين مرابطين ، وبعضهم صرف المال الذي ادخره للأضحية على التذكرة فأصبحت الكرة مقدمة عنده على طاعة ربه ومرضاته والتقرب إليه، وقد سمعنا من يقسم بالله لو يخسر فريقه أنه لا يضحي ولا يشتري الأضحية ،وحتى سمعنا بعضهم يصيح و يصرخ "من قتل مصريا دخل الجنة" و العياذ بالله،فإذا أنكرت عليه رموك بالخيانة والعمالة، للوطنية ، وحب الوطن ، مع أن الوطنية والقومية بهده الصفات نعارات جاهلية ، وحب الوطن هو غريزة في نفوسنا فلا مزية له على غيره من الغرائز التي جبلنا الله عليها ،قرأته للشيخ الألباني رحمه الله ،وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : في شرح البيقونية [77] بعد تمثيله للمشهور عند العامة بحديث : << حب الوطن من الإيمان >> هو حديث موضوع مكذوب، بل المعنى أيضا غير صحيح بل حب الوطن من التعصب . والحديث حكم عليه كثير من العلماء بالوضع ،كما في كشف الخفا للعجلوني ..
إنَّ حب الوطن من الأمور الفطرية التي جبل عليها الإنسان، فقد قضت حكمة الله تعالى أنْ يستخلف الإنسان في هذه الأرض ليعمرها على هدى وبصيرة، وأنْ يستمتع بما فيها من الطيبات والزينة، لاسيما أنها مسخرة له بكل ما فيها من خيرات ومعطيات؛ فإنَّ حب الإنسان لوطنه، وحرصه على المحافظة عليه واغتنام خيراته؛ إنما هو تحقيق لمعنى الاستخلاف الذي قال فيه سبحانه وتعالى: { ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} الآية [الأعراف: 129]
وقوله سبحانه :{{ .. ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لتظر كيف تعملون }}الآية [يونس :14] إنَّ حبّ الإنسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في أكنافه، أمرٌ يجده كل إنسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متأصّلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجِم، ويغضب له إذا انتُقص.
يقول الأصمعي: "قالت الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوانات: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيدًا، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبًا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعًا".وهذا الأمر ـ وهو حب الإنسان لوطنه ـ غريزة في بني الإنسان، وجدها أفضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه، لمكة شرفها الله : فقد أخرج الترمذي في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما أطيبكِ من بلد، وما أحبكِ إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيركِ)). صحيح الترمذي( 3926)وصحيح الجامع ( 5536 )
وليست الوطنية ترديد شعارات، أو ادعاءات مجردة، أو صخب في الشوارع ومظاهرات ،وعناء فاحش ورقص في اختلاط بين الجنسين وطبول ومزامير ، زسخرية من الآخرين وإنما هو شعورٌ بالانتماء لوطنه وبلاده، ومجتمعه الذي يعيش فيه، وبذل كل ما هو غالٍ ونفيس للدفاع عن أراضيه وتقديم كل ما هو مفيد لدينه ووطنه مما تنتجه العقول النضجة الراشدة من الابداع والاكتفاء الذاتي بالاستعناء عن الغير .
أما تسمية بعض الضلالات و الشركيات بالصنم، فهي تسمية ليست خاصة بأصحاب الحزبيات، فقد أطلقها السلف قديما على بعض الأهواء و الضلالات فتطلق على بعضها و لا يراد بها الكفر المخرج من الملة ، قال هارون بن معروف "من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما" {معارج القبول} للشيخ حافظ حكمي.
وكان أهل السنة يقولون "الممثل يعبد صنما، والمعطل يعبد وثنا" ، ومنه حديث عدي بن حاتم الذي رواه الترمذي قال: "قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: ألق هذا الوثن عنك" فعد صلى الله عليه وسلم الصليب وثنا.
وقال ا لإمام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب "وإذا كنا لا نكفّر مَن عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، ولم يُكفّر ولم يُقاتل؟ " "فتاوى ومسائل الشيخ ".
والصنم الذي ذكره الشيخ هي تلك المشاهد والأضرحة والمزارات التى تعبد من دون الله . وقد عد الشيخ ابن القيم الهوى صنما قال : "فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه وإنما بعث الله رسله بكسرالأصنام وعبادته وحده لا شريك له وليس مراد الله سبحانه كسر الأصنام المجسدة وتركالأصنام التي في القلب بل المراد كسرها من القلب أولا. قال الحسن بن علي المطوعيصنم كل إنسان هواه فمن كسره بالمخالفة استحق اسم الفتوة". روضة المحبين ونزهة المشتاقين. والله المستعان وعليه التكلان .
وكتبه :
أبو بكر يوسف لعويسي
الجزائر شهر نوفمر 2009م
الموافق لشهر ذو القعدة 1430 هـ
حمل الملف على شكل وارد 2007
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uploads/www.noor-alyaqeen.com13181074461.docx