المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في حكم لبس الأحذية والملابس الجلدية المصنوعة من جلد الخنزير للشيخ محمد فركوس الجزائري حفظه الله



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
24-Oct-2011, 02:05 PM
في حكم لبس الأحذية والملابس الجلدية المصنوعة من جلد الخنزير للشيخ محمد فركوس الجزائري حفظه الله
الفتوى رقم: 1021

الصنف: الطهارة - المياه والنجاسات



في حكم لبس الأحذية والملابس الجلدية

المصنوعة من جلد الخنزير

السـؤال:

ما حكم الأحذية والحقائب والحافظات والملابس الجلدية المصنوعة من جلد الخنزير، وهل يَطْهُرُ بالدباغ؟

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالمعلوم أنَّ الخنزير نجس العَين باتفاق أهل العلم(١- قال ابن عبد البر المالكي -رحمه الله- في «الكافي» (18): «وأما الحيوان كله في عينه فليس في حي منه نجاسة إلا الخنزير وحده، وقد قيل إن الخنزير ليس بنجس حيا، والأول أصح». قلت: هذا إذا كان الخنزير حيا، أما إن مات بأي سبب أزهق روحه فإنه معدود من أنواع النجاسات اتفاقا، ونقل ابن رشد الحفيد المالكي – رحمه الله – في «بداية المجتهد» (1/76) الإجماع على نجاسة الخنزير بعد ذهاب روحه، حيث قال: «وأما أنواع النجاسات، فإن العلماء اتفقوا من أعيانها على أربعة: [وذكر منها] وعلى لحم الخنزير بأي سبب اتفق أن تذهب حياته». (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ywzc%28%29;AppendPopup%28this,%27pjdefOutline _1%27%29))، لصريح قوله تعالى: ﴿قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: 145].

والخنزير -وإن كان نجسًا لا يحلُّ بالذكاة- ففي طهارة جلده بالدباغ خلافٌ بين أهل العلم، وسبب الخلاف راجع إلى العموم الوارد في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»(١- أخرجه الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت(رقم:1728)،والنسائي، كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة(رقم:4241)، وابن ماجه، كتاب اللباس، باب لبس جلود الميتة إذا دبغت(رقم:3609)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم:(2711)، أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ(1/171)، وأبو داود، كتاب اللباس، باب في أهب الميتة رقم:(4123)، بلفظ:«إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ». (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ywzc%28%29;AppendPopup%28this,%27pjdefOutline _1%27%29))، فهل هو من العامِّ الباقي على عمومه؛ وبالتالي يتناول بالحكم طهارة كلِّ جلدٍ بالدباغ، سواء كان الحيوان طاهرًا مُطلقًا مأكولَ اللحم أو غير مأكول، أي: محرّما أكله أو نجسًا، أو هو من العامِّ المخصوص بما كان طاهرًا في الحياة مطلقًا سواء كان مباح الأكل أو محرمًا، أو هو من العامِّ الذي أريد به خصوص جلد مأكول اللحم كالإبل والبقر والغنم ونحو ذلك؟

وفي تقديري أن الحديث من العموم الذي أريد به خصوص جلد ما تحل ذكاته من مأكول اللحم، ويدل عليه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم دعا بماءٍ من عند امرأة، قالت: «ما عندي إلاَّ في قربةٍ لي ميتةٍ»، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَسْتِ قَدْ دَبَغْتِهَا؟»، قالت: بلى، قال: «فَإِنَّ دِبَاغَهَا ذَكَاتُهَا»(٢- أخرجه النسائي، كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة، رقم:(4243)، من حديث سلمة ابن المحبق رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في غاية المرام (26). (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ywzc%28%29;AppendPopup%28this,%27pjdefOutline _2%27%29)). فشبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم -في هذا الحديث- الدباغ بالذكاة، ولا يخفى أنَّ الذكاة لا تطهِّر إلاَّ ما يباح أكله، والدباغ من جهة أخرى يشبه الحياة، والحياة لا تدفع النجاسة، فكذلك الدباغ. والخنزير نجس العين باتفاقٍ لا يحلُّ بالذكاة، لذلك كانت نجاسته لا تقبل التطهير بالدباغ، فهو كَالْعَذِرَةِ لا يمكن تطهيرها بحالٍ ولو غسلت بماء البحر.

ولَمّا كانت هذه الأحذية والحقائب والملابس الجلدية مصنوعة بجلد الخنزير، فإنَّ نجاسته لا تطهر بحال؛ لأنها نجاسة عينية، فلذلك وجب على المسلم الابتعاد عنها أو إزالتها والتنَزُّه عن قذارتها، لقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.




الجزائر في: 22 رمضان 1430ﻫ
الموافق: 12 سبتمبر 2009م

-------------------------------------



١- قال ابن عبد البر المالكي -رحمه الله- في «الكافي» (18): «وأما الحيوان كله في عينه فليس في حي منه نجاسة إلا الخنزير وحده، وقد قيل إن الخنزير ليس بنجس حيا، والأول أصح».

قلت: هذا إذا كان الخنزير حيا، أما إن مات بأي سبب أزهق روحه فإنه معدود من أنواع النجاسات اتفاقا، ونقل ابن رشد الحفيد المالكي – رحمه الله – في «بداية المجتهد» (1/76) الإجماع على نجاسة الخنزير بعد ذهاب روحه، حيث قال: «وأما أنواع النجاسات، فإن العلماء اتفقوا من أعيانها على أربعة: [وذكر منها] وعلى لحم الخنزير بأي سبب اتفق أن تذهب حياته».

٢- أخرجه الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت(رقم:1728)،والنسائي، كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة(رقم:4241)، وابن ماجه، كتاب اللباس، باب لبس جلود الميتة إذا دبغت(رقم:3609)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم:(2711)، أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ(1/171)، وأبو داود، كتاب اللباس، باب في أهب الميتة رقم:(4123)، بلفظ:«إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ».

٣- أخرجه النسائي، كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة، رقم:(4243)، من حديث سلمة ابن المحبق رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في غاية المرام (26).

والمادة الصوتية من هنا (http://www.ferkous.com/Achrita/fatawa/1021.rm)

المصدر (http://www.ferkous.com/rep/Bi162.php)