المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة في الاحتفال بالمولد للشيخ العثيمين رحمه الله



أبو الوليد خالد الصبحي
15-Feb-2010, 01:12 PM
خطبة في الاحتفال بالمولد للشيخ العثيمين رحمه الله
للاستماع

http://www.af.org.sa/archive/mnu3/othymyn-moled.rm
للحفظ (http://www.af.org.sa/archive/mnu3/othymyn-moled.rm)


الحمد لله الذي بعث النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس بالحق المبين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والأخرين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله رحمةً للعالمين وقدوةً للعاملين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فيا أيها الناس أتقوا الله تعالى وأشكروه على ما أنعم به على عباده حيث أرسل إليهم الرسل وأنزل إليهم الكتب لنشر الحق بين الخلق فإن العقل البشري لا يمكن أن يهتدي إلى معرفة الخالق تفصيلا ولا يمكنه أن يتعبد لله بما لا يدركه علماً وتحصيلا ولا يمكنه أن يعامل عباد الله بالعدل التام إلا بطريق الوحي الذي بيّن الله تعالى فيه عن نفسه أسماءاً وصفاتٍ وأحكاماً يهتدي بها العباد إلى عبادة الله ويهتدون بها إلى طريق المعاملة بينهم فكانت الرسل عليهم الصلاة والسلام مبيّنين لعبادة الخلاّق داعين إلى مكارم الأخلاق وكانت حاجة الخلق إلى ما جاءوا به أشد من حاجتهم إلى الهواء واللباس والأمن والطعام والشراب وكانت منّة الله على عباده بإرسال الرسل أعظم منّة )لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164) ولم تزل الرسالة في الناس منذ بعث أول رسول إليهم إلى أن ختمت بآخرهم محمدٍ صلى الله عليه وسلم كان الناس على ملةٍ واحدة على دين أبيهم آدم فلما كثروا تفرقت كلمتهم وأختلفت أهوائهم فبعث الله إليهم رسله ليحكموا بينهم فيما أختلفوا فيه )كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ)(البقرة: من الآية213) فكان أول الرسل نوحاً عليه الصلاة والسلام ثم ختم الله الرسالة والنبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل حين أنقطعت الرسالة منذ عهد عيسى عليه الصلاة والسلام فمقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب فكان الناس حينئذ في أمسّ الضرورة إلى الرسالة التي تستقيم بها الملة وتتم بها الأخلاق فكان صاحبها الجدير بها والله أعلم حيث يجعل رسالته محمدٌ بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي أنشاءه الله تعالى من سلالة إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام فكان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس نسبا وأطيبهم مولدا ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين في أفضل بقاع الأرض في أم القرى مكة في شهر ربيع الأول قيل في الثامن منه وقيل في التاسع وقيل في العاشر وقيل في الثاني عشر وقيل في السابع عشر وقيل في الثاني والعشرين فهذه ستة أقوال للمؤرخين في تعين اليوم الذي ولد فيه من الشهر وإنما كان هذا الإختلاف لأنه ليس للعرب حينئذ سجل تسجل فيه الأحداث وقد حقق بعض الفلكيين المتأخرين أن ولادته صلى الله عليه وسلم كانت في اليوم التاسع من شهر ربيعٍ الأول على خلاف ما هو مشهور بين الناس اليوم من أنها في اليوم الثاني عشر أيها الأخوة أنه لا يهمنا أن نعرف عين ذلك اليوم الذي ولد فيه من الشهر لأن ذلك اليوم الذي ولد فيه من الشهر ليس له خصائص شرعية يتعبّد الناس بها حتى يحتاجوا لمعرفة ذلك اليوم المعين ولد صلى الله عليه وسلم في عام الفيل وهو العام الذي أهلك الله فيه أصحاب الفيل الذين جاءوا ليهدموا بيت الله عز وجل ولدته أمه آمنة من أبيه عبد الله بن عبد المطلب فتوفي أبوه قبل أن يولد صلى الله عليه وسلم وتوفيت أمه في الأبواء في طريق المدينة وهو في السابعة من عمره فكفله جده عبد المطلب ثم مات عبد المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الثامنة من عمره فنشأ رسول صلى الله عليه وسلم يتيما من الأب والأم فاقد الجد قال الله تعالى )أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى) (الضحى:6) آواه الله عز وجل فقيّض له عمه أباطالب شقيق أبيه فضمه إلى عياله وأحسن كفالته وأحبه حباً شديداً وبارك الله له بسبب كفالته النبي صلى الله عليه وسلم في ماله وحاله قال أبن كثير رحمه الله وشبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي طالب يكلأه الله ويحفظه ويحوطه من أمور الجاهلية ومعايبها لما يريد من كرامته حتى بلغ أن كان رجلاً أفضل قومه مروءه وأحسنهم خلقا وأكرمهم مخالطة وأحسنهم جوارا وأعظمهم حلما وأمانة وأصدقهم حديثا وأبعدهم من الفحش والأذى ما روي صلى الله عليه وسلم ملاحيا ولا مماريا أحدا حتى سماه قومه الأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة ولما بلغ صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين من عمره تزوج أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وكانت ذات شرف ومال وعقل وكمال حازمة لبيبة لما علمت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علمت من مكارم الأخلاق عرضت نفسها عليه فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأعمامه فخرج معه عمه حمزة إلى خويلد بن أسد والد خديجة فخطبها إلى رسول صلى الله عليه وسلم فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وكان له خمس وعشرون سنة وكان لها رضي الله عنها أربعون سنة وقد تزوجت قبله برجلين فولدت للنبي صلى الله عليه وسلم إبنين وأربع بنات فكان أولاده الذكور والإناث كلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه كان من ذريته ماريا ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة فهي أول زوجة له لم يتزوج عليها حتى ماتت في السنة العاشرة من البعثة قبل الهجرة بثلاث سنين ولقد كان صلى الله عليه وسلم معظما في قومه محترما بينهم يحضر معهم مهمات الأمور حضر معهم حلف الفضول الذي تعاقدت فيه قريش تعاقدت فيه قريشٌ أن لا يجدوا في مكة مظلوماً من أهلها أو غيرهم إلا كانوا معه على من ظلمه حتى يرد إليه مظلمته ولما تنازعت قريش أيهم يضع الحجر الأسود في مكانه حين بنووا الكعبة بعد تهدمها قيّض الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم فكان الحكم بينهم فسبط ردائه ووضع الحجر فيه ثم قال لأربعة من رؤساء قريش ليأخذ كل واحد منكم بجانب من هذا الرداء فحملوه حتى إذا أدنوه من موضعه أخذه النبي صلى الله عليه وسلم بيده فوضعه في مكانه فكان له بهذا الحكم العادل شرف كبير ونبأ عظيم ولما بلغ الأربعين من عمره لما بلغ الأربعين من عمره جاءه الوحي من الله عز وجل فكان أول ما بُديا من الوحي الرؤية الصادقة كان لا يرى رؤية إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حُدد إليه الإنفراد عن ذلك المجتمع الجاهلي في عقيدته وعبادته فكان صلى الله عليه وسلم يخلو بغار حراء وهو الجبل عن يمين الداخل إلى مكة من طريق الطائف الشرائع فيتعبد فيه صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه الوحي هنالك فجاءه جبريل فقال له إقرأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقاري يعني لا أحسن القراءة لأن الله عز وجل يقول )وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِك)(العنكبوت: من الآية48) وفي المرة الثالثة قال له جبريل )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) )خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) (العلق:2) )الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (العلق:4) )عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق:5) فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهله يرجف فؤاده لما رأى من الأمر الذي لم يكن معهودا له من قبل فقال لخديجة لقد خشيت على نفسي قالت رضي الله عنها كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق ، وبنزول هذه الآيات صار محمد بن عبد الله نبياً ثم فتر الوحي مدة ثم أنزل الله عليه )يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) )قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2) )وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) (المدثر:3) )وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر:4) )وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:5) وبذلك صار محمد بن عبد الله نبياً رسولا فدعى إلى الله وبشّر وأنذر خصوصا ثم عموما أنذر عشيرته الأقربين ثم بقية الناس أجمعين فأستجاب له من هداه الله وأستكبر عن دعوته من أتبع هواءه )قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (لأعراف:158) اللهم إنا نسألك الإيمان برسولك والإتباع لشريعتك نسألك اللهم ذلك وأن تثبيتا عليه إلى الممات اللهم أرزقنا شفاعة هذا النبي الكريم اللهم أرزقنا أن نشرب من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد

أيها الناس فإن كثيراً من المسلمين في هذا الشهر في ليلة اليوم الثاني عشر منه يقيمون إحتفالًا يسمونه عيد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم يقيمون هذا الإحتفال حيث يجتمعون في أماكن خاصة في بيوت أحدهم أو يقيمون في موضعٍ مبنيٍ معدٍّ لذلك الإحتفال يفعلون ذلك زاعمين أنهم يريدون بذلك إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الحامل لهم على ذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيمون في هذا الإحتفال من المدائح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يرضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغلو الزائد والإشراك بالله عز وجل حيث كانوا يترنمون بالقصائد التي من جملتها ما يقول فيها قائلها يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم يقول للرسول صلى الله عليه وسلم يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم ، أتدرون ما معنى هذا البيت؟ إنه يقول للرسول صلى الله عليه وسلم ليس لي أحد ألوذ به إذا حدثت الحوادث العامة إلا أنت يا رسول الله نسي الله عز وجل ونسي أن الله يقول لنبيه )قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً) (الجـن:21) )قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الجـن:22) ويقول في ما يقول فيها فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم أتدرون ما معنى هذا البيت يقول مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من جودك يا رسول الله الدنيا وضرتها أي الآخرة وإن من علومك علم اللوح والقلم ، إذن ما الذي بقي لرب العالمين. إذا كانت الدنيا والآخرة من جود النبي صلى الله عليه وسلم فما بقي لرب العالمين الذي أرسله وخلقه وخلق الدنيا والآخرة ويقول إن علومك علم اللوح والقلم ومن هنا تبعيضيه أي إن بعض علومك علم اللوح والقلم ولك علوم أخرى زائدة عما في اللوح والقلم نسي هذا القائل أن الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم )قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى)(الأنعام: من الآية50) أيها المسلمون يقيمون مثل هذه الإحتفالات يشترك فيها أحيانا رجالٌ ونساء من الشباب والشابات والشيوخ والعجائز يقيمونها على غير هدىً من الله عز وجل يقيمونها لأنهم كما يقولون يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويريدون إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول لهم مرحباً بكم إذا أحببتم النبي صلى الله عليه وسلم ومرحباً بكم إذا أردتم إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هناك ميزان وضعه أحكم الحاكمين وإله العالمين هناك ميزان للمحبة ألا وهو قول الله تعالى )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)(آل عمران: من الآية31) فإذا كان الإنسان صادقاً في دعوى محبة الله ورسوله فليكن متبعاً لشريعة الله متبعاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن متبعاً له فإنه كاذب في دعواه لأن هذا الميزان ميزان صدق وعدل إذن فلننظر هل إحداث إحتفال بليلة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو من شريعة الله. هل فعله النبي صلى الله عليه وسلم هل فعله الخلفاء الراشدون هل فعله الصحابة هل فعله التابعون لهم بإحسان هل فعله أتباع التابعين؟ إن الجواب على كل هذه التساؤولات بالنفي المحط القاطع ومن إدعى خلاف ذلك فليأتي به ) هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(البقرة: من الآية111) إذا لم يكن ذلك معهودا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم و لم يكن معهودا في زمن الخلفاء ولم يكن معهودا في زمن الصحابة ولم يكن معهودا في زمن التابعين ولم يكن معهودا في زمن أتباع التابعين خلت القرون الثلاث المفضلة منه خلت القرون التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) إذن فكيف يمكن أن نقول إنها مشروعة أهؤلاء جهلوا أنها مشروعة أم هؤلاء تعمدوا أن يتركوها مع أنها مشروعة أم هولاء تعمدوا أن يكتموا الحق مع علمهم به كل ذلك الجواب فيه بالنفي قطعا لا يمكن لمؤمن أن يجيب فيه بالإثبات وإذا لم تكن مشروعة إذا لم تكن معهودة في زمن هؤلاء فإنها قطعاً ليست مشروعة إذن فهي بدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (كل بدعةٍ ضلالة) وإذا كانت ضلالةً فإن من فعلها ليس متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وحينئذ يكون دعواه المحبة دعوى إما مفقودة وإما ناقصة بحسب ما عنده من البدعة والإيمان أيها المؤمنون يقولون إننا نفعلها إحياءً لذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول مرحبا لما يكون فيه إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن بشرط أن يكون على حسب ما رسمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أولى الناس أو لأن من أولى الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم من يتبعون شريعته وكلما كان الإنسان لشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أتبع كان به أولى ألم تسمعوا قول الله عز وجل )مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67) )إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا )(آل عمران: من الآية68) فأولى الناس بالرسل هم الذين أتبعوهم إذن فكل ما كان الإنسان أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان به أولى وكان له أشد محبة وكان له أشد تعظيماً بلا شك ونقول لهم إن الله تعالى قد شرع من الذكرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم وأكثر من الذكرى في هذه الليلة المبتورة التي لا يعرفها أصحابها إلا مرةً واحدةً في السنة إن الله تعالى قد شرع أن يذكر رسوله صلى الله عليه وسلم في كل يوم وليلة خمس مرات في أعلى مكان من البلد كل الناس يقولون في آذانهم يقولون في أذانهم أشهد أن محمداً رسول الله إن الله قد فرض على عباده أن يصلوا على النبي أن يذكروا النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد فرض عليهم أن يسلموا عليه في كل صلاة إما مرةً وإما مرتين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وشرع الله لعباده أن يذكروا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم في مواضع أخرى ليس هذا موضع إستقصائها أفلا يجدر بنا ونحن الذين نقول إننا مؤمنون برسول الله متبعون له أفلا يجدر بنا أن نقتصر على ما رسمه لنا من الأمور التي فيها ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ثم والله إن ذلك لجدير بنا وإنه لأولى بنا وإنه لأقرب بنا إلى الله عز وجل أيها الأخوة المؤمنون إنني لا أقول ذلك لأن هذه البدعة ظاهرة معلنة في بلادنا ؟ بلادنا ولله الحمد طاهرة من إظهار هذه البدعة وإعلانها قد طهّرها الله عز وجل وإني لأرجو الله عز وجل أن يحفظها في مستقبل زمنها أن يحفظها من كل بدعة قولية أو فعليه حتى تكون أمة سلفية أثرية تابعة لما جاءت به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ولكنني أذكرها وأقولها لأن كثيراً من المسلمين يحتفلون بهذا الميلاد يحتفلون على المستوى الشعبي بل على المستوى الرسمي حتى يحدثوا عطلاً رسمية لهذه البدعة فالله الله أيها المسلمون والله لن يقربكم إلى الله إلا ما شرعه الله لكم يقول الله تعالى )وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)(الأنعام: من الآية153) إنني أقول لهؤلاء الأخوة أقول لهم أيها الأخوة إن بدعتكم هذه لا تغني عنكم من الله شيئا بل لا تزيدكم إلا بعدا من الله عز وجل بل إنها إن وصلت إلى حد الشرك بالرسول صلى الله عليه وسلم ودعاءه والإستغاثة به كانت مخرجة لكم من دين الإسلام بتاتا وكنتم ممن يصدق عليهم قول الله عز وجل) إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة: من الآية72) إنني أقول لهولاء الأخوة رويدكم لا تسرفوا لا تغالوا لا تخرجوا عما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم ببدعة حتى وإن زيّنت في نفوسكم وإن أحببتموها في قلوبكم إن هذا يدل على أنه يجب على المرء أن يكون دائماً نصب عينيه شيئان أن يكون دائماً نصب عينيه شيئان لا ثالث لهما أحدهما الأخلاص لله عز وجل بأن يكون قاصدا بعبادته التقرب إلى الله عز وجل والثاني شريعة النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يخرج عنها قيد أنمله فإنه إن خرج عنها ضل إنني أعلم أن الناس في هذه البدعة ما بين منكر ومؤيد مؤيد عن إجتهاد ومؤيد عن عناد ولكن ما هو الحكم بين الناس إذا تنازعوا في شريعة الله؟ أو فيما يقال إنه من شريعة الله؟ إن الحكم بينهم عدلان لا ثالث لهما قال الله عز وجل ) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء: من الآية59) ويقول جل ذكره )وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى:10) ونحن إذا رددنا هذا إذا رددنا هذا الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لم نجده في كتاب الله ولم نجده في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نجده في هدي الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بإتباهم إذن فمن أين تأتي مشروعية هذه البدعة وإنني أقسم بالله عز وجل مشهداً لله ومشهدكم أيضا أنني لو وجدتها في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في هدي الخلفاء الراشدين لكنت ممن يعمل بها وممن يدعو الناس إليها ولكنني لم أجدها ومن وجدها في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في هدي الصحابة رضي الله عنهم فليتحفنا بها فإننا لها مناقضون وبها آخذون إذا صحت في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في عمل الخلفاء الراشدين أيها الأخوة إن الحق لا يؤخذ بكثرة العاملين وإن الحق لا يؤخذ بالسواد الأعظم وإنما الحق يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي الخلفاء الراشدين أسال الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المتبعين لكتاب الله المحكّمين لشريعة الله النابذين لما أبتدع في دين الله الداعين إلى الله على بصيرة القائمين بحقه وحق عباده أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فأستغفروه إنه الغفور الرحيم..