المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما أكثر هؤلاء ( الصغار ) الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ..للعلامة الالباني .



أبو هنيدة ياسين الطارفي
28-Feb-2012, 03:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


قال العلامة المحدث الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في "السلسلة الصحيحة رقم 2918 "وهو يتكلم على حديث " يا شيطان اخرج من صدر عثمان ! [ فعل ذلك ثلاث مرات ] " .





((... ثم وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان ( طليعة " استحالة دخول الجان بدن الإنسان " ) ! لمؤلفه ( أبو عبد الرحمن إيهاب ابن حسين الأثري ) - كذا الأثري موضة العصر ! - و هذا العنوان وحده يغني القارئ اللبيب عن الاطلاع على ما في الكتاب من الجهل و الضلال ، و الانحراف عن الكتاب و السنة ؛ باسم الكتاب و السنة و وجوب الرجوع إليهما ، فقد عقد فصلا في ذلك ، وفصلا آخر في البدعة و ذمها و أنها على عمومها ، بحيث يظن من لم يتتبع كلامه وما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري - كما انتسب - مائة في المائة ! و الواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل الأهواء ، يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة و الأحاديث ؛ إلى ضعف شديد باللغة العربية و آدابها ، حتى كأنه شبه عامي ، و مع ذلك فهو مغرور بعلمه ، معجب بنفسه، لا يقيم وزنا لأئمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد و ابن تيمية و ابن القيم ، و الطبري و ابن كثير و القرطبي ، و الإمام الشوكاني و صديق حسن خان القنوجي ، و يرميهم بالتقليد ! على قاعدة ( رمتني بدائها و انسلت ) ، الأمر الذي أكد لي أننا في زمان تجلت فيه بعض أشراط الساعة التي منها قوله صلى الله عليه وسلم : " و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة " .

و نحوه قول عمر رضي الله عنه : " فساد الدين إذا جاء العلم من الصغير ، استعصى عليه الكبير ، و صلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير ، تابعه عليه الصغير" . و ما أكثر هؤلاء ( الصغار ) الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ ، و ما العهد عنا ببعيد ذاك المصري الآخر الذي ألف في تحريم النقاب على المسلمة ! و ثالث أردني ألف في تضعيف قوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين " ، و في حديث تحريم المعازف ، المجمع على صحتهما عند المحدثين ، و غيرهم و غيرهم كثير و كثير !! و إن من جهل هذا ( الأثري ) المزعوم و غباوته أنه رغم تقريره ( ص 71 و 138 ) أن : " منهج أهل السنة و الجماعة التوقف في المسائل الغيبية عندما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أنه ليس لأحد مهما كان شأنه أن يضيف تفصيلا ، أو أن ينقص ما ثبت بالدليل ، أو أن يفسر ظاهر الآيات وفق هواه ، أو بلا دليل " .

أقول : إنه رغم تقريره لهذا المنهج الحق الأبلج ، فإنه لم يقف في هذه المسألة الغيبية عند حديث الترجمة الصحيح . بل خالفه مخالفة صريحة لا تحتاج إلى بيان ، و كنت أظن أنه على جهل به ، حتى رأيته قد ذكره نقلا عن غيره ( ص 4 ) من الملحق بآخر كتابه ، فعرفت أنه تجاهله ، و لم يخرجه مع حديث يعلى و غيره مما سبقت الإشارة إليه ( ص 1002 ) . و كذلك لم يقدم أي دليل من الكتاب و السنة على ما زعمه من الاستحالة ، بل توجه بكليته إلى تأويل قوله تعالى المؤيد للدخول الذي نفاه : *( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )* تأويلا ينتهي به إلى إنكار ( المس ) - الذي فسره العلماء بالجنون - و إلى موافقة بعض الأشاعرة و المعتزلة ! الذين فسروا ( المس ) بوسوسة الشيطان المؤذية ! و هذا تفسير بالمجاز ، و هو خلاف الأصل ، و لذلك أنكره أهل السنة كما سيأتي ، و هو ما صرح به نقلا عن الفخر الرازي الأشعري ( ص 76 و 78 ) : " كأن الشيطان يمس الإنسان فيجن " ! و نقل ( ص 89 ) عن غيره أنه قال : " كأن الجن مسه " ! و عليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله ، فقال ( ص 22 ) : " و ما كان ليمس أحد ( كذا غير منصوب ! ) إلا بالابتعاد عن النهج المرسوم " ! و لو سلمنا جدلا أن الأمر كما قال ، فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي ، لإمكان وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح ، بينما توهم الرجل أنه برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه ، و ليس الأمر كذلك لو سلمنا برده ، فكيف و هو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح ، و بحديث يعلى المتقدم و بهما تفسر الآية ، و يبطل تفسيره إياها بالمجاز .

و من جهل الرجل و تناقضه أنه بعد أن فسر الآية بالمجاز الذي يعني أنه لا ( مس ) حقيقة ، عاد ليقول ( ص 93 ) : " و اللغة أجمعت على أن المس : الجنون " . و لكنه فسره على هواه فقال : أي من الخارج لا من الداخل ، قال : " ألا ترى مثلا إلى الكهرباء و كيف تصعق المماس لها من الخارج ... " إلخ هرائه .

فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسا على أمور مشاهدة مادية ، و هذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه ، و مع ذلك فقد تعامى عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة ( كوخ ) في مرحلته الثالثة ! فلا مانع عقلا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان ، و تعمل عملها و أذاها فيه من الداخل ، كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر ، و قد ثبت كل من الأمرين في الحديث فآمنا به ، و لم نضربه كما فعل المعتزلة و أمثالهم من أهل الأهواء ، و هذا المؤلف ( الأثري ) - زعم - منهم .

كيف لا و قد تعامى عن حديث الترجمة ، فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخرى التي خرجها و ساق ألفاظها من ( ص 111 ) إلى ( ص 126 ) - و هو صحيح جدا - كما رأيت ، و هو إلى ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه صلى الله عليه وسلم للشيطان - من ذاك المجنون - ، و هي معجزة عظيمة من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، بل نصب خلافا بين رواية" اخرج عدو الله " و رواية " اخسأ عدو الله " ، فقد أورد على نفسه ( ص 124 ) قول بعضهم : " إن الإمام الألباني قد صحح الحديث " ، فعقب عليه بقوله : " فهذا كذب مفترى ، انظر إلى ما قاله الشيخ الألباني لتعلم الكذب : المجلد الأول من سلسلته الصحيحة ص 795 ح 485 " .

ثم ساق كلامي فيه ، و نص ما في آخره كما تقدم : " و بالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد . و الله أعلم " . قلت : فتكذيبه المذكور غير وارد إذن ، و لعل العكس هو الصواب ! و قد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل ( ص 22 ) ، و اغتر به البعض ! نعم ، لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات ، و قد ذكرت لفظين منها آنفا . و لكن ليس يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض ، و إنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر ، و إن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول : " اخرج " أصح من الآخر " اخسأ " ، لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها ، و اللفظ الآخر جاء في روايتين منها فقط ! على أني لا أرى بينهما خلافا كبيرا في المعنى، فكلاهما يخاطب بهما شخص ، أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون ، و الآخر يدل عليه ضمنا .

و إن مما يؤكد أن الأول هو الأصح صراحة حديث الترجمة الذي سيكون القاضي بإذن الله على كتاب " الاستحالة " المزعومة ، مع ما تقدم من البيان أنها مجرد دعوى في أمر غيبي مخالفة للمنهج الذي سبق ذكره . و لابد لي قبل ختم الكلام على هذا الموضوع أن أقدم إلى القراء الكرام و لو مثالا واحدا على الجهل بالسنة الذي وصفت به الرجل فيما تقدم، و لو أنه فيما سلف كفاية للدلالةعلى ذلك ! لقد ذكر الحديث المشهور في النهي عن اتباع سنن الكفار بلفظ لا أصل له رواية و لا دراية ، فقال ( ص 27 ) : " و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : " لتتبعن من قبلكم من الأمم حذاء القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم . قالوا : اليهود و النصارى يا رسول الله ؟ قال : فمن ؟ " . أو كما قال صلى الله عليه وسلم " ! و مجال نقده في سياقه للحديث هكذا واسع جدا ، و إنما أردت نقده في حرف واحد منه أفسد به معنى الحديث بقوله ( حذاء ) ، فإن هذا تحريف قبيح للحديث لا يخفى على أقل الناس ثقافة ، و الصواب ( حذو ) .

و ليس هو خطأ مطبعيا كما قد يتبادر لأذهان البعض ، فقد أعاده في مكان آخر . فقال ( ص 34) مقرونا بخطأ آخر : " حذاء القَذة بالقذة " ! كذا ضبطه بفتح القاف ! و إنما هو بالضم . و نحو ذلك مما يدل على جهله بالسنة قوله ( ص 240 ) : " يقول السلف: ليس الخبر كالمعاينة " . و هذا حديث مرفوع رواه جماعة من الأئمة منهم أحمد عن ابن عباس مرفوعا ، و فيه قصة . و هو مخرج في " صحيح الجامع الصغير " ( 5250 ) .و من أمثلة جهله بما يقتضيه المنهج السلفي أنه حشر ( ص 74 ) في زمرة التفاسير المعتبرة " تفسير الكشاف " ، و " تفسير الفخر الرازي " ، فهل رأيت أو سمعت أثريا يقول مثل هذا ، فلا غرابة بعد هذا أن ينحرف عن السنة ، متأثرا بهما و يفسر آية الربا تفسيرا مجازيا ! و أما أخطاؤه الإملائية الدالة على أنه( شبه أمي ) فلا تكاد تحصى ، فهو يقول في أكثر من موضع : " تعالى معي " ! و قال ( ص 131 ) : " ثم تعالى لقوله تعالى " ، و ذكر آية . و في ( ص 129 ) : " فمن المستحيل أن تفوت هذه المسألة هذان الإمامان الجليلان " ! و ( ص 130 ) . " أضفإلى ذلك أن الإمامين ليسا طبيبان " ! فهو يرفع المنصوب مرارا و تكرارا . و في الختام أقول : ليس غرضي مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية ، و الرد على من ينكرها . و لكنني من جانب آخر أنكر أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة ، و يتخذون استحضار الجن و مخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين و المصابين بالصرع ، و يتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة القرآن مما لم ينزل الله به سلطانا ، كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحيانا قتل المصاب ، كما وقع هنا في عمان ، و في مصر ، مما صار حديث الجرائد و المجالس. لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفرادا قليلين صالحين فيما مضى ، فصاروا اليوم بالمئات ، و فيهم بعض النسوة المتبرجات ، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة ، إلى أمور و وسائل أخرى لا يعرفها الشرع و لا الطب معا ، فهي - عندي - نوع من الدجل و الوساوس يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان *( و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحيبعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )* ، و هو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى : *( و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )* . فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا - أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى ؟ مسلم أم كافر ؟ و صدقه المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده ، فقد شملهم جميعا وعيد قوله صلى الله عليه وسلم : " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد " ، و في حديث آخر : " .. لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ". فينبغي الانتباه لهذا ، فقد علمت أن كثيرا ممن ابتلوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن هذه الحقيقة ، فأنصحهم - إن استمروا في مهنتهم - أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اخرج عدو الله " ، مذكرا لهم بقوله تعالى *( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* . و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله .)) اهـ



خالد المنصوري: سحاب.