المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : {الحلبي يُدَمِّر نفسَهُ بالجهل والعناد والكذب}. الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله



أبو هنيدة ياسين الطارفي
06-Mar-2012, 11:08 AM
"الحلقة الأولى"

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال لعلي الحلبي نُشر في منتديات ما يسمى زوراً بـِ" كل السلفيين"، عنوانه: " أَلَـمْ يَأْنِ لكم أنْ تسمعوا منّا.. ولا تَكتفوا (!) بالسماع عنّا...-ولو كنّا (عندكم!) وكنّا-! ".

أولاً- مناقشة هذا العنوان.
1ـ قوله: " أَلَـمْ يَأْنِ لكم أنْ تسمعوا منّا.. ولا تَكتفوا (!) بالسماع عنّا...- ولو كنّا (عندكم!) وكنّا-". يشبه سجع الكهان.

فالسلفيون الصادقون الذين يحاربهم الحلبي وحزبه بالسفسطات وقلب الحقائق وجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، لا ينتقدون من أباطيلكم إلا ما سمعوه بأصواتكم، وما رأوه وقرؤوه هم والناس من مقالاتكم وتصريحاتكم، التي سجلتموها بأقلامكم، ونشرتموها في مؤلفاتكم ومنتدياتكم.

وهذا بيان موجز للمصادر التي ردَّ عليها السلفيون من مصادركم.

1- شريط مسموع بصوت علي الحلبي تضمَّن تأصيلات باطلة.
وقد ردَّ عليه أخونا سعد الزعتري الفلسطيني، وبيّنَ ما في هذا الشريط من الجهل والضلالات في كتابه "تنبيه الفطين لتهافت تأصيلات "علي الحلبي" المسكين".
فلم يستفد الحلبي من هذا الكتاب وما تضمّنه من الحق وإبطال الباطل، بل كابر وعاند كعادته الذميمة.

2- كتاب "منهج السلف الصالح"، تأليف علي الحلبي، طُبع ونُشر، ووصل إلى أيدي كثير من الناس.
ردَّ عليه الدكتور أحمد بازمول بالحق وبالحجج والبراهين، وبيّنَ ما فيه من أباطيل، فكابر الحلبي وعاند الحق وكابره، وما يدري المسكين أن هذا العناد وهذه المكابرة لا تزيده عند العقلاء الشرفاء إلا سقوطاً ومهانة، وما يدري المسكين أن الرجوع إلى الحق شرف ورجولة.

3- كتاب "صد التشنيع برد ما صدر عن الشيخ ربيع من الإسقاط والتبديع"، تأليف الحلبي.
وهذا الكتاب قائم على المغالطات وقلب الحقائق، وجعل المحق مبطلاً، والمبطل الفاجر مظلوماً، وهذه الأمور لا تصدر إلا من منهج فاسد وعقل كاسد.

4- ثناء الحلبي على رسالة عمان بقوله: إنها شارحة للإسلام، وتمثل وسطيته، وثناء حزبه عليها، ودفاعهم عنها، كل ذلك مكتوب بأقلام الحلبي وحزبه ومنشور في منتدياتهم.

5- ثناء الحلبي على مؤيدي رسالة عمان من روافض وصوفية وعلمانيين، وهم كثيرون، وشهادته لهم زوراً وبهتاناً بأنهم علماء ثقات وولاة أمناء، كتبَ هذا بقلمه وأعلنه.
6- أسرفتَ في حرب السلفيين بالغلو، ويعلم الله ثم أهل الحق المنصفون أنهم برءاء من الغلو، بل هم يحاربون الغلو، ومع هذا الظلم فقد برأت الغلاة فعلاً من هذا الوصف حيث برأت المذاهب الثمانية -ومنهم الروافض والخوارج والصوفية والزيدية- من التطرف، وهذا في مقال لك نشرته بعنوان "السلفية هي الوسط الشرعي المضاد للتطرف".

ثانياً- قوله : " أكثرُ مَن جالستُ مِن (إخواننا)-الذين بغَوْا علينا!-ممّن لهم آراءٌ –واجتهاداتٌ!!- تخالفُ ما نحن عليه ، وما نُرجّحُه ، وننتصرُ له –ممّا نراه حقاً وصواباً-: رأيتُ أن (جُلّ) ما عند (أغلبهم!)- وللأسف الشديد-...الخ".
أقول: أليس هذا من الغلو في حرب أهل السنة والحق؟، وأليس هذا من الغلو في تنـزيه الغارقين في الضلال من الغلو؟، وهل هذه الشهادات المزورة تصدر من إنسان صادق في دعواه السلفية وفي دعواه أنه من أهل الوسطية؟

ثم أقول:
يا حلبي دع الكذب وقلب الحقائق، فأنت وحزبك البغاة المتمردون على الحق وأهله، وبغيكم وعدوانكم بدأ منذ عقدين من الزمان، بالحرب على أهل السنة، وعلى منهجهم وأصولهم وعلمائهم، فأسقطتم كثيراً من العلماء، وأصّلتُم الأصول الكثيرة الباطلة، وعلى رأس هذا الحزب عدنان عرعور والمأربي والحلبي، وخلال هذين العقدين من الزمن لم تعترفوا بحق، ولم ترجعوا عن باطل، ولم تكفوا عن البغي والفتن والأكاذيب والخيانات وقلب الحقائق، تلك الأمور التي يخجل منها غلاة أهل البدع الكبرى.

وقولك: " ممّن لهم آراءٌ –واجتهاداتٌ!!- تخالفُ ما نحن عليه ، وما نُرجّحُه".

أقول: ليس عند السلفيين آراء واجتهادات باطلة، وإنما عندهم ردود علمية على بدع كبرى وضلالات وتأصيلات باطلة، وهذه الردود قائمة على الحجج والبراهين وعلى منهج السلف الصالح.
ومن أباطيلكم الواضحة التي يرد عليها السلفيون الدفاع عن أهل وحدة الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان، والدفاع عن معطلي صفات الله والطاعنين في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
بعضكم يدافع، والآخر يحميه، ويزكيه بأنه سلفي، بالطرق الماكرة والحيل الفاجرة.
فيقول عن إخوانه أهل الضلال والفتن والشغب: فلان عنده خطأ، أو يقول: عنده أخطاء، لكنه سلفي. فيصف الضلالات الكبرى بأنها أخطاء، يعني لا تؤثر في سلفيته، ولو كانت طعناً في أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ولو كانت هدماً لأصل الولاء والبراء.
ولو كانت دفاعاً عن وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، أو ثناءاً عليها.

يقول الحلبي: " ممّن لهم آراءٌ –واجتهاداتٌ!!- تخالفُ ما نحن عليه ، وما نُرجّحُه".
فالمقياس عنده ما هم عليه وما يرجحونه من الأباطيل، ولو كان على الحق لجعل المرجع كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومنهج الصحابة الكرام والسلف الصالح.

فالصوفية والروافض وسائر أهل البدع والضلال يرون أن ما هم عليه هو الحق والصواب والتوحيد، فما هي ميزة صاحب هذا الأسلوب والمنطق عليهم؟

قوله : "رأيتُ أن (جُلّ) ما عند (أغلبهم!)-وللأسف الشديد-:
1- السماع المبنيُّ على (قيل) ، و(قال)..".

أقول: هات الأمثلة والأدلة على أن ردود السلفيين إنما هي مبنية على قيل وقال، ولو كان عندك شيء من الأمثلة لصرَّحت به، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.

وقوله: "2- سوء الظن الشديد ..
3- التقليد..
4-التعصّب..
5-التكذيب والتشكيك..
6-المجادلة بغير حقّ...
7-الاتهامات المنكَرة...".
التعليق:
هذه الصفات الذميمة هي صفاتك وصفات حزبك، لا شك في ذلك، وواقعكم يشهد ويؤكد ذلك.
فلا تلحقون في سوء الظن في الحق وأهله.
ولا يجاري حزبكم في سوء التقليد والتعصب أي فرقة.
لأنهم يقلدون شخصيات بارزة وعلماء عظماء.
فالمقلدون في الفقه يقلدون أئمة عظماء، وإن كان هذا التقليد قد يكون باطلاً أحياناً، لا يرضاه الأئمة.
والروافض يتعصبون لأئمة أهل البيت، وإن كان أهل البيت يكرهون هذا التعصب منهم، ويتبرؤون منهم ومن ضلالهم.
أما حزبكم فيقلدون ويتعصبون لأناس تافهين ساقطين وأهل فتن وشغب.
وهؤلاء التافهون يفرحون بهذا التعصب والتقليد الأعمى.
ويشجعون عليه، ويمدحون الثمار والآثار السيئة لهذا التقليد والتعصب من المقالات القائمة على الجهل والكذب ورد الحق، والحرب على أهله، ولا يخجل هؤلاء الزعماء التافهون من إعلان تأييد مقلديهم على أباطيلهم.
أما التكذيب لأهل الحق الصادقين والتشكيك فيهم وفيما عندهم من الحق فعندك وعند حزبك، وحدّث عن ذلك ولا حرج.
وكذلك المجادلة بالباطل والاتهامات المنكرة، فإنها عند الحلبي وحزبه، ولا يلحقهم فيها كثير من عتاة أهل الباطل.
والحاصل أن الحلبي لا يلحق في الكذب والسفسطات وقلب الحقائق وقذف الأبرياء بما ليس فيهم.
وغرّه أن الله يستدرجه، قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ).
وقال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، رواه البخاري حديث (4686).
وأي ظلم أشد من محاربة الحق وأهله بالكذب والتشويه.

قوله: "8 - الإلزامات الفاشِلة للمخالف ؛ ببناء أحكامٍ على أقوالٍ –بغير حق–...".

أقول: وضع الحلبي وحزبه أصولاً لاستيعاب الضلالات الكبرى وأهلها وحمايتها من الإدانات الإسلامية العادلة التي تدينها بأنها بدع وضلالات.
مثل: "نريد منهجاً واسعاً أفيح، يسع أهل السنة، ويسع الأمة كلها" .
و"نُصحح ولا نُجرِّح"، أو "ولا نهدم".
وفعلاً طبَّقوا هذين الأصلين وما جرى مجراهما، فحكم أحد رؤساء هذا الحزب للإخوان المسلمين الخليط العجيب من الصوفية بمختلف طرقها ومن الروافض بعجرها وبجرها ومن الخوارج بل ومن النصارى، بأنهم من أهل السنة.
ولو تحالفوا مع الشيوعيين والبعثيين والليبراليين.
فإذا قيل له: قِف الموقف الإسلامي السلفي، وطبِّق حكم الله على هذا الخليط الذي يشتمل على بدع كبرى، بل وكفريات وتكفير للصحابة أصرَّ على باطله وتمادى فيه([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn1)).
واخترع هذا الحزب لهذا التحلل والتفلت من الحق وأحكام الله العادلة الرادعة أصولاً أخرى، مثل أصل "لا يلزمني، ولا يلزمنا".
"ولا يقنعني ولا يقنعنا".
ولم يقفوا عند هذه الفواقر وما يترتب عليها من تضييع للحق ومحاربة لمنهج السلف وتفلت منه، بل أضافوا إلى ذلك التشمير عن ساعد الجد لحرب السلفية والسلفيين.
فوصفوا السلفيين الذابين عن دين الله ومنهج السلف بأنهم غلاة وشواذ، والتزموا هذا في حروبهم الفاجرة، القائمة على الفجور والكذب.
فلا يصفونهم إلا بالغلاة وأحياناً بالخوارج.
وأحياناً غلاة التجريح، وأسرفوا في ذلك والتزموه، وأضاف الحلبي الطعون الظالمة التي سلفت.
وحاربوا أصول السلف في الجرح والتعديل.
وبالغ الحلبي في حربه حتى وصل إلى القول بأن الجرح والتعديل ليس له أدلة في الكتاب والسنة.
لماذا هذه الحرب؛ لأن هذه الأصول الإسلامية تلزمهم وتفرض عليهم أن يحكموا على أنفسهم وعلى أهل الضلال بما يستحقون، وتفرض عليهم قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهم لا يريدون هذا ولا يلتزمونه.
ومن هنا يحاربون من يطلب منهم أن يقولوا الحق، ويدينوا الباطل والضلال.
ومن تعاليهم واستكبارهم وعنادهم يرون أن طلب قول الحق منهم إجباراً وإكراهاً، مع أن أهل الحق لا يملكون وسائل الإجبار.

قوله: "10-التصيُّدُ ، والتربُّصُ ، والتنبيشُ –حتى في الماضي!–...".

هكذا يصف الأعمال الشريفة والقيام بما أمر الله ورسوله من الذب عن دين الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونقد الباطل وبيان مخالفته لدين الله وبيان الحق.
يصف هذه الأمور العظيمة المشروعة بضدها من أوصاف الباطل من التصيد والتربص والتنبيش عن الماضي.

قوله: "11-الأخذ بالزلاّت ، والهفَوات ، وسبْق اللسان...".

أقول: وهكذا يُهوِّن الحلبي من الضلالات الكبرى، فيصفها بالزلات والهفوات، وسبْق اللسان.
فهل الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، والحرب الضروس على من يستنكرها من الزلات والهفوات وسبْق اللسان؟
وهل التأصيلات الباطلة لرد الحق ولمصادمة أصول السلف ومنهجهم من الهفوات والزلات؟
وهل هذا الطعن الشنيع والتشويه الظالم لأهل السنة من الهفوات والزلات؟؟
إن أعلام الإسلام مثل ابن تيمية وابن باز والعثيمين -رحمهم الله- ليلحقون من يدافعون عن أهل هذه الضلالات بقائليها والمنطوين عليها، فماذا سيكون حكمهم على من يثنون عليها ويطعنون فيمن يستنكرها؟
فما رأيك وحزبك في هؤلاء الأعلام، أهم من الظالمين الغلاة وغلاة التجريح؟
إن منهجكم وأصولكم الباطلة لتقتضي هذا.
وهل مدح رسالة عمان والدفاع عنها، وهي قد تضمَّنت من الضلالات الكبرى ما لا تطيقه الجبال يعتبر من الهفوات والزلات التي يلام من يستنكرها ويعتبر من غلاة التجريح؟ وهل استنكار الظلم واستنكار قلب الحقائق وجعل الأباطيل حقاً والحق باطلاً أخذٌ بالزلات والهفوات؟
كيف لو اطلع أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح على منهج علي حسن وحزبه وأصولهم وتهوينهم من الضلالات الكبرى؟
قال الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ الْمُوبِقَاتِ"، رواه البخاري في "صحيحه" كتاب الرقاق، حديث ( 6492).
يخبر أنس بهذا الخبر عن نفسه وعن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وعن الحارث بن سويد قال: قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ لَهُ هَكَذَا فَطَارَ"، أخرجه البخاري في "الدعوات" حديث (6308)، وأحمد في "مسنده" ( 1/383)، والترمذي في "أبواب صفة القيامة"، حديث (2497).
فيا أيها المستهينون بعظائم الموبقات اسلكوا مسلك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- في نظرتهم إلى الذنوب وخوفهم من الله ومن عواقبها، وتوبوا إلى الله من مسالك الفجار في الاستهانة بها وعدم الخوف من الله الشديد العقاب.

قوله: "12-عدم تلمُّس الأعذار للمُخطئ –مع وجود أسبابِ ذلك، ودواعيه-..".

أقول: إن السلفيين على منهج الصحابة والسلف الصالح في إنكار البدع والضلالات، ويُفرِّقون بين الخاطئين المبطلين والمخطئين المعذورين، بل إن السلفيين المعاصرين لا يلحقون سلفهم في إهانة أهل البدع والأهواء والأحكام عليهم، وهذه كتب العقائد التي نقلت إلينا أحكامهم ومواقفهم موجودة ومتوفرة لمن يريد أن يسلك مسلكهم ويتبع منهجهم.
وقدمنا للقارئ أحكام الأئمة الثلاثة فيمن يلتمس لهم الحلبي الأعذار، ويدافع عنهم بحماس، ويحارب السلفيين من أجلهم.
فهو يرى الموبقات حقاً وحقيقة، مثل الشعرات، ومثل الذباب، يقول بيده هكذا فيطير.
وكل منصف يعرف حقيقة ما عليه السلفيون الذين يحاربهم الحلبي.
يدرك تمام الإدراك أن هذه التهم والطعون التي يبهت بها الحلبي السلفيين أنها أكاذيب وأباطيل يُلفِّقها بهواه، ويدرك براءة السلفيين منها.
والذي يدرس الطعون التي يوجهها أهل البدع من المعتزلة والخوارج ونحوهم يدرك أن الحلبي قد فاقهم في التلفيقات الباطلة الظالمة.
وقاتل الله الحسد والكبر والهوى، فإن هذه الخصال الذميمة تقود من استحكمت فيهم إلى المهالك، وإلى حرب أهل الحق وتشويههم، وصد الناس عن سبيل الله الذي يتبعونه ويدعون إليه ويذبون عنه، وتقودهم إلى زخرفة الباطل وتزيينه.
قال تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ).
ثالثاً- قال الحلبي: "كلُّ ذلك في ازدواجيّةٍ ظاهرةٍ مكشوفةٍ – في معايير الردّ والنقد ، والموافقة والقَبول –سلباً ،وإيجاباً-!!
وليس هذا أوانَ مناقشةِ كل هذه الوجوه-فذاك شأنٌ يطول-وإنْ كنا قد ناقشنا كثيراً منه - قبلاً-مِراراً وتَكراراً!!!
والذي أريدُ البحثَ فيه -الآن-هو الوجهُ الأولُ-فقط-، ألاَ وهو: ( السماع المبنيُّ على (قيل) ، و(قال)...!!) ؛ حيث إنّ أكثرَ مَن جالستُ مِن هؤلاء - الذين لهم آراءٌ –واجتهادات!- تخالفُ ما نحن عليه ، وما نرجحُه –ممّا نراه حقاً وصواباً-كما قدّمتُ–: يعتمدون اعتماداً يكادُ يكونُ كلياً (!) على هذا النوع مِن السماع –دون تثبّت ولا تروٍّ-!".
أقول: وهذه أيضاً تهم وتهاويل، لا زمام لها ولا خطام، ومناقشاتك الكثيرة لا تقوم إلا على العناد والمكابرة والمغالطات وقلب الحقائق.
ثم إن السلفيين لا يبنون نقدهم على قيل وقال.
وهذه ردودهم ومؤلفاتهم تدمغ هذه التهاويل، فإنها إنما تعتمد على أسس وموازين إسلامية في نقد أقوال ومقالات كُتبت بأقلام أهل الباطل، ونُشرت في مؤلفاتهم ومنتدياتهم، يقوم بهذا العمل السلفيون مع إيمانهم بأنه يجب قبول أخبار الثقات، ولا يحاربونها كما يحاربها الحلبي وحزبه، فإن هذا المنهج الذي يسيرون عليه يخالف كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما سار عليه السلف الصالح في تلقيهم لأقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وقبول نقول الثقات لها ولغيرها.
ثم أين هذا الاعتماد من السلفيين الذي يكاد يكون كلياً على هذا النوع من السماع؟
هل ظهر في مؤلفاتهم ومقالاتهم؟، إن كان كذلك فاسرده لنا.
ثم بيِّن أن هذا السماع إنما هو عن كذابين ومنافقين وضعفاء هالكين، لا يجوز قبول أخبارهم، وما إخالك تلبي هذا الطلب؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

رابعاً- قال الحلبي: "وفي كشفِ سوءِ ذلك -ونقضِه- يقول فضيلةُ الشيخ صالح السُّحيمي-حفظه الله-موجّهاً وناصحاً-:
"إيّاك أنت -أخي طالب العلم- ،وإيّاكم -أيها العلماء الأفاضل- : أن تُصغوا لكل من يأتيكم بأقاويلَ -ولو شهدوا عليها! ولو أقسموا عليها!- ما لم تسمعْ أنت من الشخصِ الكلامَ الصحيحَ الذي قاله ، أو اتصِلْ به واسألْه.
فقد عانينا وعانينا –كثيرًا- مِن هذا المسلك المُشين الخطير ، الذي ظُلم به كثيرٌ من أهل العلم، واتُّهِموا بما ليس فيهم، وحُذِّر من علماءَ أفاضلَ ، وطلابِ علمٍ أفاضلَ يسيرون على منهج هؤلاء العلماء".

أقول: قبول أخبار الثقات الضابطين منصوص عليه في الكتاب والسنة، فمن عرف من العلماء وغيرهم أن فلاناً ذا دين وعقل وعدل وضبط فلا يجوز له أن يرد خبره، وإذا عرف من آخر فسقاً في دينه أو ضعفاً وخللاً في ضبطه، فعليه أن يتوقف في قبول خبره، حتى يجد ما يعضده، إما من ثقة عدل ضابط أو ضعيف ضعفاً يُحتمل، ينجبر به ضعف خبر الأصل، فحينئذ عليه أن يقبله، ولا يجوز لأحد أن يطعن فيه.
وفي أبواب الشهادات في الأموال والدماء لا يقبل إلا شهادة عدلين ثبتت عدالتهما لدى الحاكم الشرعي، فإذا شهد عند القاضي عدلان بأن فلاناً قتل فلاناً وجب عليه أن يحكم بالقصاص إن أصرَّ أولياء القتيل على القصاص.
وإن شهد عند القاضي عدلان ثبتت عدالتهما عنده بأن فلاناً قد أقرض فلاناً عشرين ألف دينار أو مائة ألف دينار وجب على القاضي أن يحكم على المدعي عليه بأداء ما شهد به هذان العدلان.
وهذا من أهم أصول الدين، ولا يقوم دين المسلمين ودنياهم إلا بالتزامه وتطبيقه، وعليه القرآن والسنة والصحابة والتابعون وفقهاء الإسلام([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn2)).
ولم يخالفهم إلا أهل البدع كالمعتزلة إذ يشترطون لقبول الخبر تعدد المخبرِين: اثنين فصاعداً.
إذا فُهِمَ هذا ففي كلام الشيخ صالح هذا نظر، ولا سيما اشتراطه في قبول الخبر عن فلان السماع من الشخص نفسه وإسقاط خبر الناقلين مطلقاً بدون تفصيل وتأصيل، اللهم إن كان الشيخ صالح يقصد بكلامه الفساق والمجهولين وغلاة أهل البدع ودعاتهم، فإن كان يقصد هؤلاء فيسلم له وأرجو منه أن يوضِّح كلامه ويفصله وينشره، وعلى كل فتنـزيل كلام الشيخ صالح على السلفيين العدول الصادقين من الظلم.
وإذا لم تقبل شهادات السلفيين وأخبارهم فليعين لنا الحلبي الطوائف التي يجب قبول أخبارها.
وأذكره بأنه قد قبل شهادة وتزكية الروافض والخوارج والصوفية والعلمانيين، وشهد لهم بأنهم علماء ثقات وولاة مأمونون، فهل يُقْبَلُ خبر من مثل هذا الرجل الذي لا يقبل أخبار السلفيين، ويطعن فيهم أشد الطعون، ويقبل شهادات أهل البدع الكبرى والعلمانيين والباطنيين؟

خامساً- قال الحلبي مرحباً ومؤيداً لكلام الشيخ صالح: " وهذا عينُ الحق ؛ فجزاه الله خيراً..".
هكذا يقول مع أن كلام الشيخ صالح عليه مآخذ كما رأى القارئ.
لكن لما وافق هوى الحلبي، قال فيه: "وهذا عين الحق"، ولو خالف هواه لرفضه ولو كان عين الحق، فالرجل يقبل ما يوافق هواه، ويرفض ما يخالف هواه ولو كان عين الحق وعليه أدلته الواضحة.

ثم قال الحلبي: " وللإنصافِ-والعبرةِ- أقولُ : إن (أغلب)هؤلاء (الأكثر)-وهم-أصلاً-قلّةٌ!-:
يتراجعون عند المواجهة..
ويتوقّفون عند المناقشة....
ويتأسّفون عند المقابلة...
... لأنهم يضعُفون أمامَ مَن له واجهوا :
فيُعايِنون غيرَ ما لُقِّنوا !!
ويقفون على عكس ما سُمِّعوا !!
ويعرفون ضدَّ ما تناقلوا !!".

أقول: هل هذا من الإنصاف أو من التشويه؟
ثم أخبرنا بأسماء هؤلاء الذين تدَّعي أنهم الأغلبية من السلفيين، يتراجعون عند المواجهة، ويتوقّفون عند المناقشة، ويتأسّفون عند المقابلة...الخ.
وما هي المسائل التي تراجعوا عنها والمسائل التي توقفوا فيها عند المناقشة، وأمام مَنْ مِنْ أهل الباطل ضعفوا...الخ
إن لم توضح هذه الأمور، فأنت مبطل، تخترع التشويه والطعون لأهل الحق، وسالك مسلك أهل البدع في التعميم والتعمية والتمويه بدون أدلة ولا براهين.

سادساً- قال الحلبي: " والدافعُني إلى كتابة هذا المقال-أكثرَ وأكثرَ- ما تأملتُه مِن قول الله -تعالى-:(وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)؛ مقارنةً بواقع الخلل والتفرُّق الجاري–باستفحالٍ– بين أكثرِ السلفيين –عامّتِهم وخاصّتِهم-في هذا الزمان-...
حيث إني أكادُ أجزمُ أنّ أكثرَ هذا الخلل والتفرُّق مبنيٌّ-وَفْقَ ما ذكرتُ-على ما هو (أقلّ) من ذاك السماعِ المذمومِ المشارِ إليه في الآية الكريمة-صُدوراً ووُروداً-:
-فالسامعون مذمومون ، مذمومٌ فِعلُهم فيما قبلوه ممّا سمعوه..
-والمُـسمِعون مذمومون ، مذمومٌ قولُهم فيما ذكروه وحكَوْه..
مع أن الـمُسمِعين المقصودين -عند تنزُّل القرآن- هم المنافقون الكاذبون ...
وقد يكون أمثالٌ لهم -من بعدُ-أقلَّ من ذلك!
والسامعون-عند تنـزُّل القرآن-بلا ريب-هم الصحابة الصادقون([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn3)) ...
وقد يكون أمثالٌ لهم –من بعدُ-أيضاً-أقلَّ من ذلك!
فليس مَن سمع ، واستجاب-اليومَ!-بأفضلَ ممن سمع -واستجاب-يومذاك-..
وليس مَن قال ، وتكلّم –اليومَ!-بأسوأَ ممن تكلّم -وقال-يومذاك-..".

التعليق:
1- الذي يقف على كلام الحلبي هذا واحد من اثنين.
إما سلفي جاهل بحال الحلبي وحزبه وواقعهم ومنهجهم، فيظن أنه في قمة السلفية والتقوى والورع والذب عن السلفية، وفي غاية البغض للمنافقين ومن شابههم.
وإما عالم بحال الحلبي وواقعه وواقع حزبه ومنهجهم فيجزم أن الرجل قد بلغ الغاية في التشبع بما لم يعط، وفي التظاهر بما ليس فيه، لا سيما وهو يعلم بالتأكيد أنه هو وحزبه من الكذابين والسماعين للكذب، ومن المنافحين عن الكذابين وأهل البدع الكبرى والمؤصلين لذلك، ومن المحاربين لأهل المنهج السلفي في مؤلفاتهم ومنتدياتهم، فمعظم شغلهم الشاغل حرب السلفيين.
2- أنه يقصد تنـزيل هذا الكلام والآية على من يحاربهم ظلماً من السلفيين، ويوهم الناس في الوقت نفسه أنه منـزه من الكذب ومن السماع للكذب.
والسلفيون برءاء مما يرميهم به، فلا تتناولهم الآية ولا كلامه من قريب ولا من بعيد، ولو كان لا يرى ذلك ما أورد الآية ولا علّق عليها، ولا ساق كلام الأئمة في بيان مضمونها.
3- تراه يتباكى من الخلل والتفرق في صفوف السلفيين.
وهو وكبار حزبه هم الصانعون لهذا الخلل والتفرق والتمزق في كثير من بقاع الأرض، وما الوثيقة التي كتبها أبو الحسن في بريطانيا عام (1420هـ) إلا واحدة من الشهادات على اهتمامهم بتفريق السلفيين وربطهم بهم، وما واقعهم وتأصيلاتهم الباطلة وإسقاطهم لعلماء المنهج السلفي ودفاعهم عن أهل الضلال إلا معاول وخناجر تعمل في جسد السلفيين ومنهجهم، وتُفرِّقهم وتُمزِّقهم شر ممزق.

سابعاً- قال الحلبي في (ص2-4):
" قال شيخُ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-أثناء ردّه على بعض أهل البدع-:
"وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ، بَلْ يَكُونُ مَعَهُ أَصْلُ الْإِيمَانِ، لَكِنْ يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ أَمْرُ الْمُنَافِقِينَ ؛ حَتَّى يَصِيرَ لَهُمْ مِنْ السَّمَّاعِينَ، قَالَ –تَعَالَى-: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}.
وَمِنْ المعْلُومِ أَنَّ كَلَامَ أَهْلِ الْإِفْكِ فِي عَائِشَةَ كَانَ مَبْدَؤُهُ مِنْ المنَافِقِينَ ، وَتَلَطَّخَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ المؤْمِنِينَ.
وَهَكَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْبِدَعِ -كَالرَّفْضِ وَالتَّجَهُّمِ- مَبْدَؤُهَا مِنْ المنَافِقِينَ، وَتَلَوَّثَ بِبَعْضِهَا كَثِيرٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ- لَكِنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ نَقْصِ الْإِيمَانِ بِقَدْرِ مَا شَارَكُوا فِيهِ أَهْلَ النِّفَاقِ وَالْبُهْتَانِ-".
ولهذا قال-رحمه الله-في موضع آخرَ-بعد ذكره هذه الآيةَ الكريمةَ-نفسَها-مُوضّحا-ً:
" فأخبر أن في المؤمنين مَن يستجيبُ للمنافقين ، ويقبلُ منهم.
فإذا كان هذا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- :كان استجابةُ بعضِ المؤمنين لبعض المنافقين- فيما بعدَه- أَوْلى.
ولهذا ؛ استجابَ لهؤلاء الزنادقةِ المنافقين طوائفُ مِن المؤمنين -في بعض ما دَعَوْهُم إليه-؛ حتى أقاموا الفتنةَ.... ".
ثم بيّن –رحمة الله عليه- وجوهَ ذلك -وأسبابَه-أكثرَ-بقوله:
" ...وفي المؤمنين مَن يقبلُ منهم، ويستجيبُ لهم:
1-إما لظنٍّ مخطىء.
2- أو لنوعٍ من الهوى.
3-أو لمجموعهما.
فإنّ المؤمنَ إنما يدخلُ عليه الشيطانُ بنوعٍ من الظن ، واتِّباعِ هواه..".
وقال الإمامُ ابنُ القيّم-رحمه الله-في بيانِ السِّياق-نفسِه-:
"...فإذا كان جيلُ القرآن كان بينهم مُنافقون ، وفيهم (سمّاعون لهم) ؛ فما الظنُّ بمَن بعدَهم ؟!
فلا يزالُ الـمُنافقون في الأرض ، ولا يزالُ في المؤمنين (سمّاعون لهم) ؛ لجهلهم بحقيقةِ أمرِهم ، وعدم معرفتهم بغَوْرِ كلامِهم.."([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn4)).

أقول: استشهد الحلبي بكلام الإمامين ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله- موهماً للناس أنهما على منهجه في محاربته للسلفيين، وحاشاهما، فهما من أعظم أئمة السنة، ومن أعظم المنافحين عن منهج السلف، والذابين عن أهل هذا المنهج.
والكلام الذي نقله عنهما إنما يقصدان به أهل البدع والضلال والمنافقين، الذين أسسوا لهم هذا الضلال وهذه البدع.
فمن التشويه لهذين الإمامين ولكلامهما ومقاصدهما أن يستشهد به الحلبي في حربه وتهويشه وتشويهه للسلفيين، وحشرهم في المنافقين والسمَّاعين لهم.
وهاك بعضاً من كلام هذين الإمامين في ذمهما لأهل البدع ومدحهما لأهل السنة.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في "مجموع الفتاوى" (4/96):
"وَإِذَا تَدَبَّرَ الْعَاقِلُ وَجَدَ الطَّوَائِفَ كُلَّهَا كُلَّمَا كَانَتْ الطَّائِفَةُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَقْرَبَ كَانَتْ بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ أَعْرَفَ وَأَعْظَمَ عِنَايَةً، وَإِذَا كَانَتْ عَنْ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ أَبْعَدَ كَانَتْ عَنْهُمَا أَنْأَى! حَتَّى تَجِدَ فِي أَئِمَّةِ عُلَمَاءِ هَؤُلَاءِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، بَلْ رُبَّمَا ذُكِرَتْ عِنْدَهُ آيَةٌ، فَقَالَ : لَا نُسَلِّمُ صِحَّةَ الْحَدِيثِ! وَرُبَّمَا قَالَ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَذَا، وَتَكُونُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ . وَقَدْ بَلَغَنَا مِنْ ذَلِكَ عَجَائِبُ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْنَا أَكْثَرُ.
وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn5)): أَنَّهُ تَوَلَّى مَدْرَسَةَ مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ بِمِصْرِ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ رَجُلٌ يُسَمَّى شَمْسَ الدِّينِ الأصبهاني شَيْخَ الأيكي فَأَعْطَوْهُ جُزْءًا مِنْ الرَّبْعَةِ فَقَرَأَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { المص } حَتَّى قِيلَ لَهُ : أَلِفٌ لَامٌ مِيمٌ صَادٌ .
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْحُكُومَةَ الْعَادِلَةَ لِيَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ الَّذِينَ يَعِيبُونَ أَهْلَ الْحَدِيثِ([6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn6)) وَيَعْدِلُونَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ جَهَلَةٌ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ بِلَا رَيْبٍ . وَلِهَذَا لَمَّا بَلَغَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ " ابْنِ أَبِي قتيلة " أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمَكَّةَ فَقَالَ : قَوْمُ سَوْءٍ . فَقَامَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهُوَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَيَقُولُ : زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ . وَدَخَلَ بَيْتَهُ . فَإِنَّهُ عَرَفَ مَغْزَاهُ".

وقال أيضاً في "مجموع الفتاوى" (4/139-140):

"فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُؤْتِي أَتْبَاعَ هَذَا الرَّسُولِ مِنْ فَضْلِهِ مَا لَمْ يُؤْتِهِ لِأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ قَبْلَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ دُونَهُمْ مِنْ الصَّابِئَةِ ؟ دَعْ مُبْتَدِعَةَ الصَّابِئَةِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ .
وَمِنْ الْمَعْلُومِ : أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ أَخَصُّ بِالرَّسُولِ وَأَتْبَاعِهِ . فَلَهُمْ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَتَخْصِيصِهِ إيَّاهُمْ بِالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَتَضْعِيفِ الْأَجْرِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : " أَهْلُ السُّنَّةِ فِي الْإِسْلَامِ كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الْمِلَلِ " . فَهَذَا الْكَلَامُ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا يَظُنُّهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالضَّلَالَةِ مِنْ نَقْصِ الصَّحَابَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ أَوْ الْيَدِ وَالسِّنَانِ . وَبَسْطُ هَذَا لَا يَتَحَمَّلُهُ هَذَا الْمَقَامُ . وَالْمَقْصُودُ : التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ زَعَمَ بِلِسَانِ حَالِهِ أَوْ مَقَالِهِ : أَنَّ طَائِفَةً غَيْرَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَدْرَكُوا مِنْ حَقَائِقِ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ الْغَيْبِيَّةِ فِي أَمْرِ الْخَلْقِ وَالْبَعْثِ وَالْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ وَأَمْرِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَعَرُّفِ وَاجِبِ الْوُجُودِ وَالنَّفْسِ النَّاطِقَةِ وَالْعُلُومِ وَالْأَخْلَاقِ الَّتِي تَزْكُو بِهَا النُّفُوسُ وَتَصْلُحُ وَتَكْمُلُ دُونَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَهُوَ - إنْ كَانَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِالرُّسُلِ - فَهُوَ جَاهِلٌ فِيهِ شُعْبَةٌ قَوِيَّةٌ مِنْ شُعَبِ النِّفَاقِ وَإِلَّا فَهُوَ مُنَافِقٌ خَالِصٌ مِنْ الَّذِينَ { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ }([7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn7)) وَقَدْ يَكُونُ مِنْ { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } وَمِنْ { الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }.
وَقَدْ يَبِينُ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ - وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا بِالْفِطْرَةِ لِكُلِّ سَلِيمِ الْفِطْرَةِ - فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ الرَّسُولُ أَكْمَلَ الْخَلْقِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْحَقَائِقِ وَأَقْوَمَهُمْ قَوْلًا وَحَالًا : لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ أَعْظَمُهُمْ مُوَافَقَةً لَهُ وَاقْتِدَاءً بِهِ أَفْضَلَ الْخَلْقِ".

وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية" (ص320-321) مادحاً أهل الحديث وذامَّاً من يبغضهم:
"فصل في أن أهل الحديث هم أنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخاصته ولا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر.
يا مبغضاً أهلَ الحديث وشاتما*** أبشر بعقد ولاية الشيطان
أو ما علمت بأنهم أنصار ديـ***ـن الله والإيمان والقرآن
أو ما علمت بأن أنصار الرسو***ل هم بلا شك ولا نكران
هل يبغض الأنصار عبدٌ مؤمن*** أو مدرك لروائح الإيمان([8] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn8))
شهد الرسولُ بذاك وهي شهادة*** من أصدق الثقلين بالبرهان
أو ما علمتَ بأن خزرج دينه*** والأوس هم أبدا بكل زمان
ما ذنبهم إذ خالفوك لقوله*** ما خالفوه لأجل قول فلان
لو وافقوك وخالفوه كنت تشـ***ـهد أنهم حقا أولو الإيمان
لما تحيّزتم إلى الأشياخ وانـ***ـحازوا إلى المبعوث بالقرآن
نسبوا إليه دون كل مقالة*** أو حالة أو قائل ومكان
هذا انتساب أولي التفرُّق نسبة*** من أربع معلومة التبيان
فلذا غضبتم حينما انتسبوا إلى*** خبر الرسول بنسبة الإحسان
فوضعتم لهم من الألقاب ما*** تستقبحون وذا من العدوان
هم يشهدونكم على بطلانها*** أفتشهدونهم على البطلان
ما ضرهم والله بغضكم لهم*** إذ وافقوا حقا رضى الرحمن
يا من يعاديهم لأجل مآكل*** ومناصب ورياسة الإخوان([9] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn9))
تهنيك هاتيك العداوة كم بها*** من حسرة ومذلة وهوان
ولسوف تجني غِبَّها والله عن*** قرب وتذكر صدق ذي الإيمان
فإذا تقطَّعت الوسائل وانتهت*** تلك المآكل في سريع زمان
هناك تقرع سِنَّ ندمان على التـ*** ـفريط وقت السير والإمكان
وهناك تعلم ما بضاعتك التي*** حصَّلتها في سالف الأزمان".

وقال –رحمه الله-:
فصل في بيان عُدْوانهم في تلقيب أهل القرآن والحديث بالمجسمة وبيان أنهم أولى بكل لقب خبيث.
كم ذا مشبهة مجسمة نوا***بتة مسبة جاهل فتان
أسماء سميتم بها أهل الحـ***ـديث وناصري القرآن والإيمان
سميتموهم أنتم وشيوخكم*** بهتاً بها من غير ما سلطان
وجعلتموها سبة لتُنفروا*** عنهم كفعل الساحر الشيطان([10] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn10))
ما ذنبهم والله إلا أنهم*** أخذوا بوحي الله والفرقان
وأبوا بأن يتحيزوا لمقالة*** غير الحديث ومقتضى القرآن
وأبوا يدينوا بالذي دنتم به*** من هذه الآراء والهذيان
وقال –رحمه الله-:
فلقد رأينا من فريق منهم*** أمراً تهد له قوى الإيمان
من سَبهم أهل الحديث ودينهم*** اخذ الحديث وترك قول فلان
يا أمة غضب الإله عليهمُ*** ألأجل هذا تشتموا بِهوان
تبّاً لكم إذ تشتمون زوامل*** الإسلام حزب الله والقرآن
وسببتموهم ثم لستم كفؤهم*** فرأوا مسبتكم من النقصان
إلى أن يقول:
فأبوا إجابتكم ولم يتحيزوا*** إلا إلى الآثار والقرآن
وإلى أولي العرفان من أهل الحد***يث خلاصة الإنسان والأكوان
قوم أقامهُمُ الإله لحفظ هذا الـ***ـدين من ذي بدعةٍ شيطان
وأقامهم حرساً من التبديل والتـ***حْرِيف والتتْمِيم والنقصان
يزك على الإسلام بل حصن له*** يأوي إليه عساكر الفرقان([11] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn11))
فهم المحك فمن يرى مُتنقِّصا*** لهم فزنديق خبيثُ جَنَانِ
إلى أن يقول:
قوم هم بالله ثم رسوله*** أولى وأقرب منك للإيمان
شتان بين التاركين نصوصه*** حقاً لأجل زبالة الأذهان
والتاركين لأجلها آراء من***آراؤهم ضربٌ من الهذيان
إلى أن يقول:
وأتوا إلى روضاتها وتيمموا*** من أرض مكة مطلع القرآن
قوم إذا ما ناجِذُ النص بدا*** طاروا له بالجمع والوحدان
وإذا بدا عَلَمُ الهدى استبقوا له*** كتسابق الفرسان يوم رِهان
وإذا هُمُ سمعوا بمبتدع هذى *** صاحوا به طُرّاً بكل مكان
ورِثُوا رسول الله لكن غيرهم*** قد راح بالنقصان والحرمان
وإذا استهان سواهم بالنص لم*** يرفع به رأسا من الخسران
عضوا عليه بالنواجذ رغبة*** فيه وليس لديهم بمهان
ليسوا كمن نبذ الكتاب حقيقة*** وتلاوة قصداً بِترك([12] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn12)) فلان".

قال الحلبي:
وثمّةَ –ها هنا- نوعُ إشكالٍ –قد يُطرَحُ-:
" إنْ قيل:
كيف يجوزُ ذلك على المؤمنين -مع قوّة دينهم-؟!
فالجوابُ:
لا يمتنعُ:
1- لمنْ قرُب عهدُه بالإسلام : أن يُؤثِّرَ قولُ المنافقين فيهم.
2- أو يكونُ بعضُهم مجبولاً على الجُبن والفشل: فيُؤثِّرَ قولُهم فيهم.
3- أو يكونُ بعضُ المسلمين من أقارب رؤساءِ المنافقين: فينظرون إليهم بعين الإجلال والتَّعظيم.
فلهذه الأسبابِ يُؤثِّر قولُ المنافقين فيهم...".
-قاله ابنُ عادل الحنبلي في "اللباب"-.
وزاد النيسابوريُّ في "غرائب القرآن"وجهاً آخرَ:
" 4-أو لمن حسّن ظنَّه ببعضِ المنافقين – لقَرابةٍ ، أو هَيْبةٍ –.
وقلّما يخلو الأقوياءُ مِن ضعيف سخيف،أو أهلُ الحقّ من مُبْطِل منافق..".

أقول:
في كلام الحسن بن محمد القمي الشيعي([13] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn13)) النيسابوري وابن عادل الأشعري طعن في أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حيث رميا بعضهم بأنه مجبول على الجبن والفشل، بل في كلام النيسابوي رمي لبعض الصحابة بالضعف والسخف، بل والنفاق، فأنت شريكهما في هذا التنقص والطعن.
ألا تعلم أن من منهج أهل السنة أنه لا تذكر إلا محاسن الصحابة الكرام، وأنه لا تُذكر هفواتهم لما لهم من المكانة عند الله ولِرضى الله عن جميعهم، ووعد الله إياهم جميعاً بالجنة.
والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: " لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه "، أخرجه مسلم حديث (2540)، وأحمد (3/54)، وأبو داود حديث (4658) والترمذي حديث (3861).
ولا شك أن وصف هؤلاء الأصحاب بأنهم مجبولون على الجبن والفشل و..و...الخ من أقبح أنواع السب، فما الداعي أيها الحلبي إلى نقله؟؟

قال أحمد بن حنبل –رحمه الله- في "أصول السنة" (ص76):
"ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أبغضه بِحَدَثٍ كان منه أو ذكرَ مساوئه كان مبتدعاً حتى يترحم عليهم جميعاً، ويكون قلبه لهم سليماً".
وفي "طبقات الحنابلة" (1/30) قول أحمد -رحمه الله-:
"ومن الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة: ذكر محاسن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساويهم، والخلاف الذي شَجَرَ بينهم. فمن سبَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أحداً منهم، أو تنقَّصه أو طعَن عليهم، أو عرَّض بعيبهم، أو عاب أحداً منهم: فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف، لا يقبل الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً. بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة".
وقال الطحاوي –رحمه الله- في "العقيدة الطحاوية" مع شرحها (ص740)، ط: مؤسسة الرسالة:
" وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين -أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر- لا يُذْكرون إلا بالجميل، ومن ذَكَرَهم بسوء، فهو على غير السبيل".

علّقَ الحلبي على كلام النيسابوري وابن عادل بقوله:
"أقولُ: ولعلّ(!) أكثرَ ما وقع-ويقعُ- فيه البعضُ (!!) من سكوتٍ عن حقّ ،( و = أو ) ضعفٍ عن إظهارِ وإبانةِ وجهة النظر الحقيقية-في كثيرٍ مما يجري!- اليومَ-وعند الكثيرين منهم!-راجعٌ إلى واحدٍ من تلكم الأسبابِ الأربعةِ –بعضاً ، أو كلاً-!
وأظهرُها –فيما رأيتُ ، ولَمستُ ، وأيقنتُ-وعقِب تجارِبَ وتجارِبَ!-:
ا ل خ و ف ....
( فَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )...".
التعليق:
قوله: "ولعلّ(!) أكثرَ ما وقع-ويقعُ- فيه البعضُ (!!) من سكوتٍ عن حقّ ،( و = أو ) ضعفٍ عن إظهارِ وإبانةِ وجهة النظر الحقيقية-في كثيرٍ مما يجري!- اليومَ-وعند الكثيرين منهم!-راجعٌ إلى واحدٍ من تلكم الأسبابِ الأربعةِ –بعضاً ، أو كلاً-!
وأظهرُها –فيما رأيتُ ، ولَمستُ ، وأيقنتُ-وعقِب تجارِبَ وتجارِبَ!-:
ا ل خ و ف ....
( فَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )...".

أقول: لا يبعد أن يكون الأمر كما ذكرت، فالكثير واقع في هذا الشر.
وأنت بالتأكيد وحزبك من هؤلاء الكثيرين، فأنتم لا تكتفون بالسكوت عن إظهار الحق، بل تتجاوزون ذلك إلى رد الحق وحربه، ونصرة الضلالات وأهلها، بل تتجاوزون ذلك إلى مدح الضلال وأهله، وحرب من ينتقد ويستنكر هذا الضلال، فأنتم واقعون في كثير من هذا البلاء ومن زمن بعيد وإلى اليوم، ومقالاتكم ومؤلفاتكم تشهد بذلك.

إنَّ تلك الأسباب أو جلها متوفرة فيك وفي حزبك قبل الكثير والكثير من الناس، فلا تبعد النجعة بالناس، ولا توهمهم بأنك ضدها، أضف إلى هذه الأسباب التهالك على الدنيا والمطامع فيها واللهث وراءها وهي أخطرها.
وأمر آخر هو حب الزعامة، فيصدق عليكم قول الرسول الكريم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بأَفْسَد لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ"، أخرجه أحمد في "مسنده" (3/456)، والترمذي في "سننه" حديث (2376)، وابن حبان في "الإحسان" حديث (3228).
وهذان الداءان الخطيران: حب المال وحب الزعامة قد أصابا الحلبي ورؤساء حزبه، واستحكما فيهم، ولا يجادل في ذلك إلا مغفل أو صاحب هوى.
وقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا الصنف: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (2886)، وابن حبان حديث (3218)، والبيهقي (9/159)، والبغوي حديث (4059).
ورواه الترمذي من طريق الحسن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لُعِن عبد الدينار، لُعِن عبد الدرهم"، أخرجه الترمذي في "سننه" حديث (2375)، وقال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه".

ثامناً- قال الحلبي: " ورحم الله شيخَ الإسلام ابنَ تيميّةَ القائلَ-مستنبطاً من تلكم الآية الكريمة- نفسِها-:
"وَفِيهِ ذَمٌّ لِمَنْ يَرُوجُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ ، وَيَقْبَلُهُ ، أَوْ يُؤْثِرُهُ -لِمُوَافَقَتِهِ هَوَاهُ-.
وَيَدْخُلُ فِيهِ : قَبُولُ المذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهَا كَذِبٌ -لَا سِيَّمَا إذَا اقْتَرَنَ بِذَلِكَ قَبُولُهَا لِأَجْلِ الْعِوَضِ عَلَيْهَا-؛ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ ، أَوْ وَقْفٍ ، أَوْ فُتُوحٍ ، أَوْ هَدِيَّةٍ ، أَوْ أُجْرَةٍ -أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ- ".

أقول: رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية، فكأنما يتكلم عن واقع الحلبي وحزبه، فهم يؤيدون المذاهب الفاسدة القائمة على الكذب؛ لأجل العوض عليها من ذي السلطان وغيره مثل المؤسسات الحزبية التي تغدق عليهم الأموال.
فحاول الحلبي أن يوهم الناس أنه على طريق ابن تيمية في الإباء والشرف والزهد، ومحاربة المتأكلين بدينهم ومحاربة الباطل.
فقال مؤيداً لكلام شيخ الإسلام:
" ويشملُ هذا –بلا أدنى شكّ- كثيراً من أولئك(!) البائعين دينَهم بدنيا غيرِهم ؛ طمَعاً بـ (عطايا!) ينتظرونها!! أو هدايا يُؤمّلونها!!!!!".
فهو لا يشك في وجود البائعين لدينهم، ونسي نفسه، والظاهر أنه يغالط الناس ويستبلههم ويضحك على ذقونهم، ولو اعترف بأنه في طليعة هؤلاء الذين يصدق عليهم كلام شيخ الإسلام، وأعلن توبته من هذا الخزي، ودعا حزبه إلى التوبة منه لكان خيراً له وأطهر من التظاهر بما ليس فيه ورمي السلفيين بما هم منه برءاء.



تاسعاً- قال الحلبي: "وما أجملَ ما قاله فضيلةُ الأخ الشيخ الدكتور عبد الكريم الخُضير-نفع الله به-في بعض شروحه:
" وكم حُرِّف مِن قولٍ –مِن محبٍّ مشفقٍ– ينقلُ القولَ على أساس أنه يَنتفع به الآخرون –وهو ما فهمه –أصلاً- ..نعم ؛ ما فهمه.. "وهل آفة الأخبار إلا رواتُها" ؛ ينقلُ قولاً عن فلان! وعن علاّن! أنه : قال كذا !! وفي الحقيقةِ ما قال ، لكنْ هذا فَهِمَ منه أنه قال! فروى على حسب فهمِه! "..".
أقول: أعتقد أن الشيخ عبد الكريم يتكلم عن الضعفاء في الفهم والبلداء الذين لا يفهمون ما يسمعون، أو عن النمامين الذين ينقلون الكلام على وجه الإفساد، ولا أعتقد أنه يقصد الحفاظ العدول الأذكياء الأمناء الذابين عن دين الله وعن حملته الأخيار.
علَّق الحلبي على كلام الخضير بقوله:
" قلتُ: والذي يظهرُ لي-والله أعلم-أن قولَ علمائنا-المشهورَ المتداوَلَ- :(ما آفةُ الأخبار إلا رواتُها) يُقصَدُ به -أصالةً-: ما قد يُخطئ في نقله (الرواةُ الثقاتُ) ، لا غيرُهم!..إذ إنّ ( الرواةَ الضعفاءَ) –من جهة ضعفِهم- هم آفةٌ في أنفسِهم-أساساً-؛ سواءٌ أخبروا ، أم لم يُخبروا ، والتشكُّكُ في أخبارهم هو الأصلُ –بعكس الثقات–.
فتأمّلْ..".
أقول: إن القائل: "وما آفة الأخبار إلا رواتها" هو محمد بن الحسين الشريف الرافضي، وهو كما يقول الذهبي في "الميزان" (3/523): "رافضي جلد".
وهو على الراجح مؤلف كتاب "نهج البلاغة"، المملوء بالكذب على الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وفيه طعن في الصحابة الكرام –رضوان الله عليهم-.
وما دفع مؤلف هذا الكتاب إلى كثرة الكذب إلا مذهبه الرافضي.
ويبدو أنه يقصد بقوله: "وما آفة الأخبار إلا رواتها" الطعن في أهل السنة الذين ينتقدون أكاذيبه ورفضه، فهنيئاً للحلبي الذي يقدم قول هذا الرافضي على قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
فلقد فهم المفسرون وغيرهم من العلماء أن التبين والتثبت خاص بأخبار الفساق ونحوهم، أما الثقات فلا يجب التثبت من أخبارهم، وعلى هذا أهل السنة والحديث.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية من "سورة الحجرات":
" وهذا أيضًا، من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنـزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كُذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير [من] الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا".
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية الكريمة:
" وهي تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره.
وصرَّح تعالى في موضع آخر بالنهي عن قبول شهادة الفاسق، وذلك في قوله: (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور:4] ولا خلاف بين العلماء في رد شهادة الفاسق وعدم قبول خبره.
وقد دلت هذه الآية من سورة الحجرات على أمرين:
الأول منهما: أن الفاسق إن جاء بنبإ ممكن معرفة حقيقته، وهل ما قاله فيه الفاسق حق أو كذب فإنه يجب فيه التثبت.
والثاني: هو ما استدل عليه بها أهل الأصول([14] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn14)) من قبول خبر العدل لأن قوله تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) يدل بدليل خطابه، أعني مفهوم مخالفته أن الجائي بنبإ إن كان غير فاسق بل عدلا لا يلزم التبين في نبئه على قراءة: (فَتَبَيَّنُوا), ولا التثبت على قراءة: "فَتَثَبَّتُوا"، وهو كذلك.
وأما شهادة الفاسق فهي مردودة كما دلت عليه آية النور المذكورة آنفا"، "أضواء البيان" (7/626-627).
وانظر تفسير العلامة ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية الكريمة (13/144-145).
وقول الحلبي: " والذي يظهرُ لي-والله أعلم-أن قولَ علمائنا-المشهورَ المتداوَلَ- :(ما آفةُ الأخبار إلا رواتُها) يُقصَدُ به -أصالةً-: ما قد يُخطئ في نقله (الرواةُ الثقاتُ) ، لا غيرُهم!..إذ إنّ ( الرواةَ الضعفاءَ) –من جهة ضعفِهم- هم آفةٌ في أنفسِهم-أساساً-؛ سواءٌ أخبروا ، أم لم يُخبروا ، والتشكُّكُ في أخبارهم هو الأصلُ –بعكس الثقات–.
فتأمّلْ..".
أقول:
1- أثبت أولاً أن هذا من قول علمائنا المشهور المتداول.
2- من أين عرفت أنهم يقصدون بهذا القول ما قد يخطئ في نقله الثقات، وأنت تقول في غير الثقات: "والتشكُّكُ في أخبارهم هو الأصلُ –بعكس الثقات–".
فكيف يتركون الأصل ويدندنون حول أخبار الثقات كما يدندن الحلبي.
ولماذا أغفلت أخبار الفساق الذين أمر الله بالتثبت في أخبارهم؟
كان يجب أن تضع الآية الكريمة نصب عينيك لا أن تنساها وتعرض عنها، وتتناسى أقوال العلماء في معناها.
لقد أسرفْتَ في التشكيك في أصول الجرح والتعديل وفي أخبار الثقات، ولهذا دلائله القاتلة.
عاشراً- قال الحلبي: " وقد قال الإمامُ ابن الجَزَريِّ في "غاية النهاية في طبقات القراء":
" وأمّا ما ذُكر عن عبد الله بن إدريسَ ، وأحمدَ بنِ حنبل مِن كراهة (قراءة حمزةَ) ؛ فإنّ ذلك محمولٌ على قراءة مَن سمعا منه - ناقلاً عن حمزةَ - وما آفةُ الأخبارِ إلا رواتُها–.
قال ابنُ مجاهد: قال محمد بن الهيثم: والسببُ في ذلك : أن رجلاً ممّن قرأ على سُلَيم حَضر مجلسَ ابنِ إدريسَ، فقرأ ، فسمع ابنُ إدريسَ ألفاظاً فيها إفراطٌ في المدّ والهمز -وغير ذلك من التكلُّف-، فكرِه ذلك ابنُ إدريس ، وطعن فيه ".
أقول: إن تأويل ابن الجزري غير مقبول.
فالإمام أحمد وغيره ينكرون على حمزة نفسه قراءته وما فيها من غرائب، ولو كان كلام ابن الجزري صحيحاً لوجدنا نقد الإمام أحمد وغيره موجهاً إلى ذلك الناقل نفسه لا إلى حمزة، ثم إن رواية حمزة مشهورة عند العلماء، فمن المستبعد أن لا يعرفوها إلا عن قارئ واحد كما يفيده كلام ابن الجزري -رحمه الله-.
وممن استنكر قراءة حمزة وغيره ابن قتيبة وابن الجوزي وابن القيم -رحمهم الله-.
قال ابن القيم -رحمه الله- في "إغاثة اللهفان" (1/180-181):
" وقال أبو([15] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn15)) محمد بن قتيبة في مشكل القرآن : وقد كان الناس يقرؤن القرآن بلغاتهم، ثم خلف من بعدهم قوم من أهل الأمصار وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة، ولا علم([16] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn16)) التكلف، فهفوا في كثير من الحروف، وذلوا فأخلوا، ومنهم رجل ستر الله عليه عند العوام بالصلاح وقربه من القلوب بالدين فلم أر فيمن تتبعت في وجوه قراءته أكثر تخليطا ولا أشد اضطرابا منه لأنه يستعمل في الحرف ما يدعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره بغير علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المد والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المذهب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله تعالى وتضييقه ما فسحه.
ومن العجب أنه يقرىء الناس بهذه المذاهب ويكره الصلاة بها ففي أي موضع يستعمل هذه القراءة إن كانت الصلاة لا تجوز بها وكان ابن عيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرفه أو ائتم بإمام يقرأ بقراءته أن يعيد ووافقه على ذلك كثير من خيار المسلمين منهم بشر بن الحارث والإمام أحمد بن حنبل وقد شغف بقراءته عوام الناس وسوقتهم وليس ذلك إلا لما يرونه من مشقتها وصعوبتها وطول اختلاف المتعلم إلى المقرىء فيها فإذا رأوه قد اختلف في أم الكتاب عشرا وفي مائة آية شهرا وفي السبع الطوال حولا، ورأوه عند قراءته مائل الشدقين دار الوريدين راشح الجبين توهموا أن ذلك لفضله في القراءة وحذقه بها وليس هكذا كانت قراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا خيار السلف ولا التابعين ولا القراء العالمين بل كانت سهلة رسلة"([17] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn17)).
وراجع "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة، (ص43-45).
فإن ابن القيم نقل بعض كلامه، وترك أسماء من انتقد ابن قتيبة قراءتهم، ومنهم الأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة، وأكثر ما انتقد قراءة حمزة، وجاء بأمثلة لما يستنكره من قراءته.
فليس الواقع هو ما تأوله ابن الجزري وابن مجاهد.
فلا تتعلق بزلات العلماء وتترك منهج السلف وأدلته وأصوله.

أقوال العلماء في من يتتبع الشواذ من زلات أهل العلمنقل الخلال بإسناده إلى إبراهيم بن أدهم ، قال : « من حمل شاذ العلماء حمل شرا كبيرا »([18] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn18)).
وقال سليمان التيمي : " إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله "، قال أبو عمر ابن عبد البر : هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً "([19] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn19)).
وقال الأوزاعي : " من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام"([20] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn20)).
وقال الإمام أحمد: "لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع (يعني الغناء) وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا"([21] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn21)) .
وروى البيهقي بإسناد صحيح عن إسماعيل القاضي أنه قال: "دخلت على المعتضد، فدفع إليَّ كتابا نظرت فيه، وكان قد جمع له الرخص من زلل العلماء، وما احتج به كل منهم لنفسه، فقلت له: يا أمير المؤمنين مصنف هذا الكتاب زنديق، فقال: لم تصح هذه الأحاديث، قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء، ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب"([22] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn22)).
وقال ابن الصلاح: " ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد"([23] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn23)).
وقال الشاطبي : " فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيه هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه"([24] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn24)).
على أن الشواذ التي تتبعها هذا الرجل وسردها خلال مقاله لا يصح تعلقه بها، إما لأنها لا تثبت عن من نسبت إليهم، أو أنه أساء فهمها، فخرج من الجميع بخفي حنين، هذا بالإضافة إلى ما يلحقه من اللوم في تتبعه للشواذ.

الحادي عشر- قال الحلبي: " ولعلّ فيما رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم في "صحيحيهما"- عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ-عظةً ومعتبَراً - ؛ فقد أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ [أي: عبدَ الله] يَقُولُ: لأقُومَنَّ اللَّيْلَ وَلأَصُومَنَّ النَّهَارَ- مَا عِشْتُ-.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ؟».
فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ- يَا رَسُولَ اللهِ-.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ.....»..إلخ..
وفي "الصحيحين"-أيضاً-في قصة الثلاثة نَفَـرٍ الذين تَقَالُّوا عبادةَ رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: فلمّا وصل خبرُهم–فيما صنعوا ، وفعلوا– رسولَ الله-عليه الصلاة والسلام-،قال: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا... "..إلخ..
و"أنتم"-هنا- بمعنى: "أأنتم؟" : للاستفهام التقريري-كما قال ابنُ عِلاّن-.
ففي الحديثين : المخبرُ للرسول - صلى الله عليه وسلم –هو بعضُ الصحابة-رضوان الله عليهم-، ومع ذلك تثبّت رسولُنا-عليه الصلاة والسلام-مِن خبر مَن أخبره –منهم–عنهم–...
فقولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لعبد الله بن عَمْرو-: "أنت الذي قلتَ ذلك؟ "-في الحديث الأول- يدلُّ على معنى ما أشرتُ إليه -تماماً-".
التعليق:
أقول: في "صحيح البخاري": "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام"، من رواية أبي سَلَمَة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عن عَبْدِ اللَّهِ ابن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- برقم (1975) و (1977) .
وفي رواية عن أبي العباس المكي برقم (1979) بلفظ: "إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل".
وفي "صحيح مسلم" عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، مرة واحدة قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "آنْتَ الذي تقول ذلك" ، ومرة قال له: "ألم أخبر أنك تصوم الدهر...الحديث، انظر حديث رقم (1159) مكرراً.
ومرة ثالثة من طريق أبي العباس : "ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر".
فأنت ترى أن جل الروايات في الصحيحين "ألم أخبر"، بخلاف إطلاق الحلبي أنه في الصحيحين "آنْتَ ".
فعلى روايات "ألم أخبر"، فنفي النفي يقتضي الإثبات([25] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn25)).
قال ابن هشام في "مغني اللبيب" (1/17) في بحث أن الهمزة قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي.
قال: "....ومن جهة إفادة هذه الهمزة نفي ما بعدها لزم ثبوته إن كان منفياً؛ لأن نفي النفي إثبات، ومنه ( أليس الله بكاف عبده ) أي الله كافٍ عبده، ولهذا عطف ( وضعنا ) على ( ألم نشرح لك صدرك ) لما كان معناه شرحنا، ومثله ( ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ) ( ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيراً أبابيل ) ولهذا أيضا كان قولُ جرير في عبد الملك: ( ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح )
مَدْحا، بل قيل: إنه أمدحُ بيتٍ قالته العرب، ولو كان على الاستفهام الحقيقي لم يكن مدحاً البتة".

إذن فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم أخبر" من هذا الباب، لا دخل للشك فيه ولا للإنكار، ولا قُصِد به التثبت؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقتنع بخبر من أخبره بخبر عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، وعالم به مستيقن.
وعلى رواية: "آنْتَ" فالاستفهام تقريري، لا للتثبت، لأنه لا شك عند رسول الله -صلى ا لله عليه وسلم- فيمن أخبره بحال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، ولا في خبره.
وقال ابن هشام في "مغني اللبيب" (1/18) خلال بيانه لمعاني الهمزة:
"والرابع: التقرير، ومعناه حَمْلُكَ المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوتُه أو نفيُه".
وعلى هذا فليس الاستفهام في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-: " آنْتَ " للشك والتثبت، وإنما هو لحمل عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- على الاعتراف بعمله، الذي بلّغَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- به بعضُ الصحابة الكرام، ذلكم البلاغ الذي لم يشك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدق ناقله وضبطه.
فسقط ما قاله الحلبي المشكك حتى في أخبار أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذين زكاهم الله ورسوله، ودان بذلك المسلمون حقاً، فلم يتشككوا فيها، بل قبلوا كل أخبارهم وتلقوها باحترام واعتزاز.
ولا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضاً- يشك في أخبار أصحابه النجباء –رضي الله عنهم-.
ولو كانوا على مذهب الحلبي لما وجدنا من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا المتواتر وهو قليل.
كيف والبخاري يقول: "أحفظ مائة ألف حديث"، وإن كان هذا راجعاً إلى كثرة الطرق، فإننا لو حذفنا المكررات من طرق الحديث يبقى لنا أحاديث كثيرة تعد بالآلاف، وهي ما اشتمل عليها كتب الصحاح، ومنها صحيح البخاري ومسلم، بل وكتب السنن والمعاجم.
وقول الحلبي في هذا السياق: " ولعلّ فيما رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم في "صحيحيهما"- عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ-عظةً ومعتبَراً - ...الخ".
يعني لمن يقبلون أخبار الثقات، ويقررون ذلك، ولا يتثبتون منها عظة ومعتبراً.
وأقول: : لعل في خذلان الله لمن يقول هذا الكلام عظة واعتباراً، نعوذ بالله من الهوى والخذلان والجهل.
الثاني عشر- قال الحلبي في (ص5):
" وفي "الصحيحين"-أيضاً-في قصة الثلاثة نَفَـرٍ الذين تَقَالُّوا عبادةَ رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: فلمّا وصل خبرُهم–فيما صنعوا ، وفعلوا– رسولَ الله-عليه الصلاة والسلام-،قال: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا..."..إلخ..
و"أنتم"-هنا- بمعنى: "أأنتم؟" : للاستفهام التقريري-كما قال ابنُ عِلاّن-.
ففي الحديثين : المخبرُ للرسول - صلى الله عليه وسلم –هو بعضُ الصحابة-رضوان الله عليهم-، ومع ذلك تثبّت رسولُنا-عليه الصلاة والسلام-مِن خبر مَن أخبره –منهم–عنهم–...
فقولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لعبد الله بن عَمْرو-: "أنت الذي قلتَ ذلك؟ "-في الحديث الأول- يدلُّ على معنى ما أشرتُ إليه -تماماً-".
التعليق:
1- على قوله: " وفي "الصحيحين".
يدل على أن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للثلاثة المذكورين " أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا" موجود في الصحيحين كليهما بهذا اللفظ، وليس الأمر كذلك، فإن هذه الجملة لا توجد في صحيح مسلم.
2- على قوله: " و"أنتم"-هنا- بمعنى: "أأنتم؟" : للاستفهام التقريري-كما قال ابنُ عِلاّن-".
فإن قول ابن علان حجة عليه، ولو كان يفهم معنى الاستفهام التقريري لما نقله، فإن الاستفهام التقريري إنما هو لحمل المخاطب على الإقرار والاعتراف، لا للشك ولا للتثبت في خبر المخبر كما يزعم الحلبي ذلك.
ولجهله وهواه يقول عقب ما نقله عن ابن علان:
" ففي الحديثين : المخبرُ للرسول - صلى الله عليه وسلم –هو بعضُ الصحابة-رضوان الله عليهم-، ومع ذلك تثبّت رسولُنا-عليه الصلاة والسلام-مِن خبر مَن أخبره –منهم–عنهم–...".
ويزيد ذلك تأكيداً لقوله الباطل.
فيقول: " فقولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لعبد الله بن عَمْرو-: "أنت الذي قلتَ ذلك؟ "-في الحديث الأول- يدلُّ على معنى ما أشرتُ إليه -تماماً-".
وأقول: إنه يؤيد جهله بجهله وتخبطه؛ إذ ليس في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدنى دلالة على معنى ما أشار إليه الحلبي، فضلاً عما صرّح به.
ومن المناسب أن أنقل هنا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- الذي رواه الشيخان عنه -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (100)، ومسلم في "صحيحه" حديث (2673).
فلقد ذهب العلماء الأجلاء إلا النادر، واتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فضلوا وأضلوا كثيراً وكثيراً، وحرفوهم عن دين الله الحق، وزادوهم جهلاً على جهل، إلا من سلّم الله، وهم قليل وغرباء، نسأل الله أن يتدارك هذه الأمة وأن ينقذهم من أسر أدعياء العلم من الجهلاء المصابين والمولعين بحب الزعامة والرئاسة.
الثالث عشر- قال الحلبي في (ص5):
" وقد قال الشيخ عبدُ الكريم الخُضير-وفّقه الله –في بعض شروحه-مستنبطاً-:
"ما قال له النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- مُباشرةً-: لِـمَ قلتَ ذلك؟! لاحتمالِ أنه لم يَثبت عنه!
فتأكّد -عليه الصلاة والسلام-:" أنت الذي قلتَ ذلك؟!" ؛ لأنّ بعضَ الأخبار تُنقل خطأً..
وما آفةُ الأخبارِ إلا رواتُها.
قد يُنقل كلامٌ ، والناقلُ يريدُ الخيرَ؛ لكنه لا يُحسِنُ النقلَ، ثم إذا اتَّهَم هذا الشخصُ -الذي نقل عنه- بما نَسَبَ إليه –مباشرةً- مِن غير تقريرٍ له: مثلُ هذا -لا شكّ - أنه يُوقِع في حَرَجٍ.
وهذا أدبٌ نبويٌّ..".
أقول: قد تقدم بيان المراد من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ"، من كلام العلامة ابن هشام، ومما نقله الحلبي عن ابن علان، وفيهما رد لفهم الدكتور عبد الكريم الخضير.
إضافة إلى أن في كلامه قصوراً، بل وأشد من القصور، حيث لم يستحضر قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
ولم يذكر فهم العلماء لهذه الآية الكريمة.
وليته لم يقل هذا الكلام على هذا الحديث إكراماً للصحابة، بل وإبعاداً لرسوله -صلى الله عليه وسلم- عن الشك في أخبار أصحابه، مع أن الله لم يأمر المؤمنين بالتثبت إلا في أخبار الفساق، وهذه الآية نزلت على محمد –صلى الله عليه وسلم-، فهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطبق الآية على صحابته الكرام الذين تربعوا أعلى مراتب العدالة والضبط إلى آخر مزاياهم، لا يفرق بينهم وبين الفاسقين؟، حاشاه، ثم حاشاه([26] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn26)).
ومن هنا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحثهم على التبليغ عنه، ثقة بعدالتهم وضبطهم:
"بلغوا عني ولو آية"، "رحم الله من سمع منا حديثاً فبلّغه كما سمعه".
يؤكد هذا الآية الكريمة الآتية التي تضمّنت ذباً عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- وثناءاً عليه:
قال الله تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)، [سورة التوبة:61].
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة:
" يقول تعالى: ومن المنافقين قوم يُؤذون رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- بالكلام فيه (ويقولون هُوَ أُذُنٌ) أي: من قال له شيئاً صدقه، ومن حدثه فينا صدقه، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا. روي معناه عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. قال الله تعالى: (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ) أي: هو أذن خير، يعرف الصادق من الكاذب، (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي: ويصدق المؤمنين، (وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) أي: وهو حجة على الكافرين؛ ولهذا قال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )" .
وقال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير هذه الآية:
" أي: ومن هؤلاء المنافقين { الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ } بالأقوال الردية، والعيب له ولدينه، {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} أي: لا يبالون بما يقولون من الأذية للنبي، ويقولون: إذا بلغه عنا بعض ذلك، جئنا نعتذر إليه، فيقبل منا، لأنه أذن، أي: يقبل كل ما يقال له، لا يميز بين صادق وكاذب، وقصدهم -قبحهم اللّه- فيما بينهم، أنهم غير مكترثين بذلك، ولا مهتمين به، لأنه إذا لم يبلغه فهذا مطلوبهم، وإن بلغه اكتفوا بمجرد الاعتذار الباطل.
فأساءوا كل الإساءة من أوجه كثيرة، أعظمها أذية نبيهم الذي جاء لهدايتهم، وإخراجهم من الشقاء والهلاك إلى الهدى والسعادة.
ومنها: عدم اهتمامهم أيضا بذلك، وهو قدر زائد على مجرد الأذية.
ومنها: قدحهم في عقل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعدم إدراكه وتفريقه بين الصادق والكاذب، وهو أكمل الخلق عقلاً وأتمهم إدراكاً، وأثقبهم رأياً وبصيرة، ولهذا قال تعالى: { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ } أي: يقبل من قال له خيراً وصدقاً.
وأما إعراضه وعدم تعنيفه لكثير من المنافقين المعتذرين بالأعذار الكذب، فلسعة خلقه، وعدم اهتمامه بشأنهم، وامتثاله لأمر اللّه في قوله: { سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ } .
وأما حقيقة ما في قلبه ورأيه، فقال عنه: { يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } الصادقين المصدقين، ويعلم الصادق من الكاذب، وإن كان كثيرا ما يعرض عن الذين يعرف كذبهم وعدم صدقهم، { وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ } فإنهم به يهتدون، وبأخلاقه يقتدون.
وأما غير المؤمنين فإنهم لم يقبلوا هذه الرحمة، بل ردوها، فخسروا دنياهم وآخرتهم، { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ } بالقول أو الفعل { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الدنيا والآخرة، ومن العذاب الأليم أنه يتحتم قتل مؤذيه وشاتمه".
فيا حلبي لماذا تنقل كلام الناس بدون فهم وبدون تأمل لما تنقله؟، ولماذا تعرض عن كلام الله وفهم علماء الأمة لكلام الله، ألا يدل هذا أن رصيدك من منهج السلف وأخلاقهم ضئيل وهزيل؟
الرابع عشر- قال الحلبي مشيداً بما قدمه مِن فهم سقيم لما ينقله من حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، بل باطل، ومِن نقْل فيه ذم يصيبه في مقاتله.
ومِنْ نقْل عن من جانبه الصواب واعتراه القصور فيما يفهمه ويقرره.
قال المسكين بعد كل هذا:
" فكيف الشأنُ –بعد كلّ هذا البيان والتوضيح ، والحقّ الظاهر الصريح ، والنهج البيّن الصحيح-بمَن يقول-ثم يمتحنُ(!)غيرَه بما يقولُ!-:(فلانٌ مبتدعٌ)-وبأشدِّ تقبيح-!؟
فلمّا قيل له–مرةً–: ما الدليلُ على تبديعك لفُلان-هذا-؟!
قال: ألا تصدّقُني....؟!
..سبحانك اللهم!!".
أقول: قد عرف القارئ المنصف أن ما قدَّمه من هذا المقال بعيد كل البعد عن هذه الأوصاف، فأين الحق الظاهر الصريح، فمتى يكون الباطل حقاً ظاهراً صريحاً؟، وهل يكون النهج الفاسد الغامض المخالف للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، يكون نهجاً بيِّناً صحيحاً عند العقلاء النبلاء؟
ومن هو هذا الذي "يقول ثم يمتحنُ(!)غيرَه بما يقولُ!-:(فلانٌ مبتدعٌ)-وبأشدِّ تقبيح-!؟
فلمّا قيل له–مرةً–: ما الدليلُ على تبديعك لفُلان-هذا-؟!
قال: ألا تصدّقُني....؟!
..سبحانك اللهم!!".
ففي قول الحلبي هذا:
1- سجع كسجع الكهان.
2- أن كلامه الذي قدّمَه ومدحه فعلاً إنما هو في أخبار الناقلين([27] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn27)).
وكلامه في هذا الشخص ليس من هذا الباب، فليس هو ناقلاً لهذا التبديع والامتحان، وإنما هو قائل له، إنْ صحَّ نقل الحلبي عنه، فإننا نشك في نقله، فليس هو عندنا من العدول الضابطين، وهو من أحق الناس أن يتثبت في نقله، حتى يقوم الدليل على صدقه.
فإذا عرفنا هذا القائل والمقول فيه المبدَّع وما هي بدعته، عرفنا صواب اعتراض الحلبي أو بطلانه.
وقول الحلبي: " فليس الثقةُ يصيبُ -دائماً-فيما أخبر به- ؛ فاحتمالُ خطئه قائمٌ...
وهو-كذلك-بل أكثرُ-خطأً أو صواباً-فيما يحكمُ به ؛ واحتمالُ غلطِه أظهرُ...
والتاريخُ العلميُّ الإسلاميُّ –طولاً وعرضاً-دليلٌ(!) على ذلك!!".
التعليق:
1- إن أخبار الثقات يجب قبولها، ولا يُلتفت إلى الاحتمالات البعيدة ولا إلى إرجاف المرجفين عليها، فلو التفت الناس إلى ذلك لفسدت الأرض ولما قام دين ولا دنيا.
2- إن كلامه هذا لمن أوضح الأدلة على تفلته وعدم التزامه بالآيتين الكريمتين السالفتي الذكر وما بُني عليهما من أقوال أئمة الإسلام وتقريراتهم، ومن أوضح الأدلة على تفلته من منهج السلف الصالح، ومن هذا التفلّت مساواته بين أخبار الفساق وبين أخبار الثقات الصادقين الضابطين.
3- في كلام الحلبي خلط بين نقول أئمة النقد والجرح والتعديل الثقات الجبال الأمناء ، وبين نقول المؤرخين الذين لم يلتزموا منهج أئمة السنة في شروط قبول الأخبار وردها، فتراهم ينقلون عن مثل سيف بن عمر الأسدي مؤلف الفتوح والردة وغير ذلك.
قال فيه عباس عن يحيى (يعني ابن معين) : "ضعيف"، وقال مطين عن يحيى: فَلْسٌ خيرٌ منه، وقال أبو داود: "ليس بشيء"، وقال أبو حاتم: "متروك"، وقال ابن حبان: "اتُّهم بالزندقة"، وقال ابن عدي: عامةُ حديثه منكر"، "الميزان للذهبي" (2/255).
وينقل المؤرخون عن مثل محمد بن عمر الواقدي.
قال الذهبي فيه في "المغني" (2/619): "مجمع على تركه"، وقال ابن عدي: "يروي أحاديث غير محفوظة والبلاء منه"، وقال النسائي: كان يضع الحديث.
4- التأريخ الإسلامي الذي دونه أئمة الحديث في الكلام على الرجال وبيان مراتبهم من جرح وتعديل وأحكام من أوضح الأدلة على بطلان قول الحلبي هذا وبيان فساد منهجه، فهل يقال في أقوال أئمة الجرح والتعديل مثل البخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والدارقطني وأمثالهم احتمال غلطهم أظهر من صوابهم؟
إن هذا القول القبيح لمن التشكيك في هذا التراث العظيم وفي أئمة الجرح والتعديل العلماء الأتقياء.
أما كفاك حربك الغاشمة للسلفيين المعاصرين حتى امتدت إلى أئمة الجرح والتعديل وأحكامهم؟، بل في مقالك هذا مس لمكانة الصحابة الكرام، فترى أنه لا بد من التثبت في نقلهم، مخالفاً في ذلك كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومنهج السلف الصالح، وانسياقاً وراء الاحتمالات المرفوضة شرعاً، والتي لم يعتبرها الله ورسوله والسلف الصالح، فترجف بها وتكثر التشكيكات في أخبار الثقات.
أما كفاك تأصيلك وتأصيل حزبك المناهض لأصول الجرح والتعديل القائمة على الكتاب والسنة؟
نعوذ بالله من تطاول الأقزام ومن الجهل والهوى.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
12/4/1433هـ

[1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref1) - هذه تأصيلات أبي الحسن وأفاعيله، وعلي حسن لا ينكر عليه، بل يدافع عنه، ويواليه ضد السلفيين، ويصر على أنه سلفي، ويُطبِّق أصوله، فهو إذن شريكه.
[2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref2) - وأي تأصيل يخالف هذا التأصيل فمردود.
[3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref3) - وقد قلت عن هؤلاء الصحابة: " فالسامعون مذمومون ، مذمومٌ فِعلُهم فيما قبلوه ممّا سمعوه".
[4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref4) - بعض الفضلاء سمّاعون للحلبي ورؤساء حزبه لجهلهم بحقيقة أمرهم، وعدم معرفتهم بغور كلامهم، وكم استغل الحلبي وحزبه هؤلاء الأفاضل واكتسبوا بهم أتباعاً ممن لا يعرفون غور كلامهم.
[5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref5) - ما رأي الحلبي في قبول شيخ الإسلام حديث هذا الثقة؟، ولماذا يعتد شيخ الإسلام بكلام هؤلاء المبلغين؟، فهل هو من السمّاعين المذمومين عندك؟؟
[6] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref6) - ومن مذهبهم قبول أخبار الثقات على الطريقة القرآنية والنبوية وعلى طريقة الصحابة الكرام.
[7] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref7) - هل يريد الحلبي وحزبه أن يلتحقوا بهؤلاء في حربهم لمنهج السلف وأهله واستخفافهم بأهل هذا المنهج ووصفهم للسلفيين بأوصاف تفوق أوصاف أولئك للمؤمنين؟
[8] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref8) - هل يريد الحلبي وحزبه أن يلتحقوا بهؤلاء في حربهم لمنهج السلف وأهله واستخفافهم بأهل هذا المنهج ووصفهم للسلفيين بأوصاف تفوق أوصاف أولئك للمؤمنين؟
[9] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref9) - من أجل هذين الداءين وغيرهما من الأدواء يعادي الحلبي وحزبه أنصار دين الله اليوم.
[10] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref10) - إن وصف الحلبي وحزبه للسلفيين أهل الحديث حقاً بالغلو، وتلك النقائص الكثيرة والألقاب الخبيثة التي ساقها في صدر مقاله الذي أناقشه الآن لجري على طريق هؤلاء لصد الناس عن سبيل الله وهدي السلف الصالح.
[11] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref11) - اللهم اجعلنا ممن أقمتهم لحفظ دينك من بدع شياطين الإنس، واجعلنا ممن أقمتهم حراساً لدينك من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان، إنك سميع الدعاء.
[12] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref12) - الباء سببية.
[13] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref13) - ترجمته في كتاب "أعيان الشيعة"، وفاته بعد (850)، انظر "الأعلام" للزركلي (2/234)، وكتاب "أعيان الشيعة" (5/248)، وانظر "عقيدة ابن عادل الأشعرية" في كتاب "المفسرون" لعبد الرحمن المغراوي (3/1113-1151)، لقد أسرف هذا الأشعري في تأويل صفات الله عزَّ وجلَّ، ولا يبعد أن يكون قد قلّد هذا القمي النيسابوري الشيعي أو الرافضي.
[14] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref14) - بل وأهل الحديث.
[15] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref15) - سقطت كلمة "أبو"، فأثبتناها.
[16] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref16) - كذا.
[17] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref17) - الظاهر أن ابن قتيبة يقصد حمزة بهذا النقد.
[18] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref18) - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر الخلال (1/210).
[19] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref19) - "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (2/ 92) ، و"الإحكام" لابن حزم (6 / 317) ، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (6/ 198)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (3/ 32) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 /151)، و"تهذيب الكمال" (12 / 11) ، و"إعلام الموقعين" (3/285) .
[20] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref20) - "سنن البيهقي الكبرى" رقم ( 20707 ) (10 / 211) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/ 180)، و"تأريخ الإسلام" للذهبي (9/491)، (7 / 125) ، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص454).
[21] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref21) - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر بن الخلال رقم ( 171 )، (ص 206) ، و"إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" للشوكاني (ص 161) ، و"عون المعبود" (13 / 187).
[22] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref22) - "السنن الكبرى" (10/211).
[23] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref23) - ""فتاوى ابن الصلاح" (2/500) ونقله عنه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/247).
[24] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref24) - "الموافقات" للشاطبي (2 / 386 – 387) .
[25] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref25) - بل في إحدى الروايات كما ترى: "إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل"، بالتأكيد.
[26] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref26) - وإني لأطلب من الدكتور عبد الكريم الاعتذار عن هذا الكلام الذي لا يجوز أن يقال في من أكرمهم الله بصحبة محمد -صلى الله عليه وسلم- واختارهم لهذه الدرجة المنيفة -صحبة أشرف الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-.
[27] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref27) - وقد عرف القارئ جهل الحلبي وبعده عن القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح.
سحاب.


ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ

الحلبي يُدَمِّر نفسَهُ بالجهل والعناد والكذب

"الحلقة الثانية"بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فهذه هي الحلقة الثانية من مقالي الذي وسمته بـِ " الحلبي يُدَمِّر نفسَهُ بالجهل والعناد والكذب".
أسأل الله -عزَّ وجل- أن ينفع به، وينصر به الحق وأهله، ويدمغ به الباطل وأهله.

قلتُ: الخامس عشر- قال الحلبي في (ص6):
" وما أعظمَ –وأجلَّ-ها هنا- ما قاله أستاذُنا العلامةُ الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في كتابه "العلم"-تقريراً لِـمثلِ ما أصّلْناه ، وبيّنّاه- :
" ومِن أهمّ الآداب التي يجبُ أن يتحلّى بها طالبُ العلم :
• التثبُّت فيما يَنقل من الأخبار.
• والتثبُّت فيما يُصدر من الأحكام.
... فالأخبارُ -إذا نُقلت- فلا بُد أن تتثبَّت -أولاً -هل صحّت عمّن نُقلت إليه ، أو: لا؟
ثم إذا صحّت ؛ فتثبّتْ في الحكم ، ربما يكونُ الحكمُ -الذي سَمِعْتَهُ -مبنيّاً على أصلٍ تجهلُه أنت، فتحكمُ أنه خطأ، والواقعُ أنه ليس بخطأ .
ولكنْ ؛ كيف العلاجُ في هذه الحالِ ؟
العلاجُ: أنْ تتّصلَ بمن نُسب إليه الخبرُ ، وتقولَ : نُقل عنك كذا وكذا ، فهل هذا صحيح؟
ثم تُناقشَه ، فقد يكونُ استنكارُك ونفورُ نفسِك منه -أولَ وهْلةٍ سمعتَه- لأنك لاتدري ما سببُ هذا المنقول!
ويقال: إذا عُلم السبب بَطَل العجب..
فلا بُد -أولاً - مِن التثبُّت في (الخبر)، و(الحكم) ، ثم -بعد ذلك- تتّصلُ بمَن نُقل عنه ، وتسألُه: هل صحّ ذلك أم لا؟
ثم تناقشُه:
• إمّا أن يكونَ -هو- على حقّ وصواب ، فترجعَ إليه.
• أو يكونَ الصوابُ معك ، فيرجعَ إليه...".
إلى أن قال-رحمه الله-:
" التثبُّت أمرٌ مهمٌّ ؛ لأنّ الناقلين:
- تارةً تكونُ لهم نوايا سيّئةٌ، ينقلون ما يُشَوِّهُ سمعةَ المنقولِ عنه -قصداً وعمداً- .
- وتارة لا يكونُ عندهم نوايا سيّئةٌ ، ولكنهم يفهمون الشيءَ على خلاف معناه الذي أُريدَ به.
ولهذا ؛ يجبُ التثبُّتُ، فإذا ثبت –بالسند- ما نُقل : أتى دورُ المناقشةِ مع صاحبه الذي نُقل عنه - قبل أن تحكم على القول بأنه: خطأ ، أو : غير خطأ، وذلك لأنه ربما يظهرُ لك بالمناقشةِ أنّ الصوابَ مع هذا الذي نُقل عنه الكلامُ.
والخلاصةُ :
أنه إذا نُقل عن شخصٍ ما ترى أنه خطأ ؛ فاسلُكْ طرقاً ثلاثةً على الترتيبِ:
الأول : التثبُّت في صحّة (الخبر).
الثاني: النظرُ في صواب (الحكم):
فإنْ كان صواباً : فأيِّدْهُ ، ودافِعْ عنه.
وإنْ رأيتَه أخطأً : فاسلُكِ الطريقَ:
الثالثَ ،وهو : الاتصالُ بمَن نُسب إليه ؛ لمناقشتِه فيه ، ولْيكن ذلك بهدوء واحترام".

أقول:
1- كلا، ليس الأمر كما تهول وتدَّعي.
فليس في كلام ابن عثيمين تقرير لما أصّلتَهُ من الباطل.
فإن كلامك قائم على الجهل وعلى التشكيك في أخبار الثقات.
وعلى التشكيك في أخبار أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- سادة الصادقين الثابتين المُتثبتين في ما ينقلون، والذين زكاهم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وهو -صلى الله عليه وسلم- ما كان يشك في أخبارهم، ولا يتثبت في أخبارهم؛ لكمال إيمانهم وأمانتهم وصدقهم وقوة فهمهم وذكائهم.
وقد أقرَّ الله تبارك وتعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ثقته في أصحابه وفي أخبارهم.
فهل العلامة ابن عثيمين يُقرك على التشكيك في أخبار هؤلاء الصحابة؟
وهل يُقرك على التشكيك في أخبار وأحكام أئمة الجرح والتعديل؛ حفاظ السنة النبوية، وحماتها من الكذب والفتن والبدع والضلالات؟
2- الذي يظهر أن العلامة محمد بن صالح العثيمين قال هذا الكلام في أيام الفتن والشغب على العلماء وغيرهم، وأيام الإشاعات الكاذبة.
ومن أدلتي أنه لم يتعرض لأخبار الثقات التي يدندن حولها الحلبي، بل يرجف عليها، ويشكك فيها.
ومن أدلتي على ما أقرره عن كلام هذا الإمام.
قوله –رحمه الله-:
" أيضاً التثبت أمر مهم؛ لأن الناقلين تارة تكون لهم نوايا سيئة، ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه قصداً وعمداً".
أقول: وهؤلاء هم الفساق وأهل البدع والأهواء والكذابون والمتهمون بالكذب.
قال: " وتارة لا يكون عندهم نوايا سيئة ولكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أريد به".
أقول: وهؤلاء هم البلداء والضعفاء الشديدو الضعف.
وهؤلاء يلحقون في التثبت من أخبارهم بمن أمر الله بالتثبت من أخبارهم.
فظهر جلياً مراد العلامة ابن عثيمين بالتثبت ممن يكون من هذين الصنفين، ولا علاقة لكلامه بالتشكيك في أخبار الصحابة ولا في أخبار الثقات، كما هو حال الحلبي.
وهنا كلام مهم لابن عثيمين، ينطبق على الحلبي ورؤساء حزبه الذين أخذوا العلم من الصحف.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في كتابه "العلم" (ص19-20):
" وأما الرجوع إلى السنة النبوية: فسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثابتة بين أيدينا، ولله الحمد، ومحفوظة، حتى ما كان مكذوباً على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فإن أهل العلم بيَّنوا سنته، وبيَّنوا ما هو مكذوب عليه، وبقيت السنة - ولله الحمد – ظاهرة محفوظة، يستطيع أي إنسان أن يصل إليها إما بمراجعة الكتب – إن تمكن – وإلا ففي سؤال أهل العلم([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn1)).
ولكن إذا قال قائل: كيف توفق بين ما قلت من الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-مع أننا نجد أن أناساً يتبعون الكتب المؤلفة في المذاهب، ويقول: أنا مذهبي كذا؛ وأنا مذهبي كذا؛ وأنا مذهبي كذا!! حتى إنك لتفتي الرجل وتقول له: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا، فيقول : أنا مذهبي حنفي، أنا مذهبي مالكي، أنا مذهبي شافعي، أنا مذهبي حنبلي ... وما أشبه ذلك.
فالجواب: أن نقول لهم إننا جميعاً نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله .
فما معنى شهادة أن محمداً رسول الله ؟
قال العلماء : معناها: (( طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع )) .
فإذا قال إنسان أنا مذهبي كذا أو مذهبي كذا أو مذهبي كذا فنقول له: هذا قول الرسول- عليه الصلاة والسلام – فلا تعارضه بقول أحد.
حتى أئمة المذاهب ينهون عن تقليدهم تقليداً محضاً ويقولون: (( متى تبين الحق فإن الواجب الرجوع إليه)).
فنقول لمن عارضنا بمذهب فلان أو فلان: نحن وأنت نشهد أن محمداً رسول الله، وتقتضي هذه الشهادة ألا نتبع إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
وهذه السنة بين أيدينا واضحة جلية، ولكن لست أعني بهذا القول أن نقلل من أهمية الرجوع لكتب الفقهاء وأهل العلم، بل إن الرجوع إلى كتبهم للانتفاع بها ومعرفة الطرق التي بها تستنبط الأحكام من أدلتها من الأمور التي لا يمكن أن تحقق طلب العلم إلا بالرجوع إليها.
ولذلك نجد أولئك القوم الذين لم يتفقهوا على أيدي العلماء نجد أن عندهم من الزلات شيئاً كثيراً؛ لأنهم صاروا ينظرون بنظر أقل مما ينبغي أن ينظروا فيه، يأخذون مثلا صحيح البخاري فيذهبون إلى ما فيه من الأحاديث، مع أن في الأحاديث ما هو عام ، ومخصص، ومطلق، ومقيد ، وشيء منسوخ، لكنهم لا يهتدون إلى ذلك، فيحصل بهذا ضلال كبير".

فاستفد يا حلبي أنت وحزبك من كلام العلامة ابن عثيمين هذا، الذي فيه حث على اتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقديم قوله على قول كل أحد.
تأمل حق التأمل كلامه النفيس، ولا سيما ذمه للتقليد، وقوله بوجوب الرجوع إلى الحق، وطعنه فيمن يأخذ العلم عن الصحف أمثالكم.
وقوله: " فنقول لمن عارضنا بمذهب فلان أو فلان: نحن وأنت نشهد أن محمداً رسول الله، وتقتضي هذه الشهادة ألا نتبع إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .".
واستفد من قوله -رحمه الله-:
" ولذلك نجد أولئك القوم الذين لم يتفقهوا على أيدي العلماء نجد أن عندهم من الزلات شيئاً كثيراً؛ لأنهم صاروا ينظرون بنظر أقل مما ينبغي أن ينظروا فيه، يأخذون مثلاً صحيح البخاري فيذهبون إلى ما فيه من الأحاديث، مع أن في الأحاديث ما هو عام ، ومخصص، ومطلق، ومقيد ، وشيء منسوخ، لكنهم لا يهتدون إلى ذلك، فيحصل بهذا ضلال كبير".
أقول: فكيف إذا انضم إلى جهل هذا الصنف أهواء جارفة وتعطش للفتن، كما هو حال الحلبي وحزبه، فأي ضلال وفتن تنـزل بالمسلمين المخدوعين بهذه الأصناف كما هو الواقع الآن.

السادس عشر- قال الحلبي في (ص7)، مادحاً كلام ابن عثيمين الذي استشهد به ، ظاناً المسكين أنه يؤيد منهجه على الإطلاق:
" هذا هو التأصيلُ الحقُّ في بابِ (الخبر)...والتفصيلُ الصدقُ في بابِ (الحكم)-وكشف الفرقِ الظاهرِ الجليِّ الواضحِ بينهما-والذي لا يزالُ يكابرُ فيه أُناسٌ وأُناسٌ!- ، مع بيان الموقفِ الشرعيِّ الواجبِ القيامُ به تُجاهَهما –صُدوراً ووُروداً-...
ومَن جَهِل الفرقَ بينهما –خالِطاً بين حقيقتيهِما!- ؛ فقد غالَط-بسَفَهٍ- نفسَه ! وغلّط-بغير حقّ- غيرَه!!!
ولا يسلكُ هذا السبيلَ الجليلَ القويم.. إلا مَن اتقى الله العليَّ العظيم..
ومَن لا ؛ فلا...إلا أن يُراجعَ طريقَه-هذا الوَخيم-!".
أقول: قد بيّنا ما تضمّنه كلام العلامة ابن عثيمين، وبيّنا مقصوده.
ونرى الحلبي هنا يشيد بالفرق بين الخبر والحكم.
1- انظر إلى قوله: "...ولا يسلكُ هذا السبيلَ الجليلَ القويم.. إلا مَن اتقى الله العليَّ العظيم..
ومَن لا ؛ فلا...إلا أن يُراجعَ طريقَه-هذا الوَخيم-!".
يقصد الحلبي أنه لا يتثبّت من أخبار الثقات وأحكامهم إلا مَن اتقى الله، وهذا سبيل جليل قويم.
ومَنْ يقبل أخبار الثقات وأحكامهم على أهل الضلال فقد سلك الطرق الوخيمة، وهذا الكلام الخطير فيه طعن في السلف الصالح ومنهجهم ومن سار على منهجهم؛ لأنهم يقبلون أخبار الثقات العدول وأحكامهم، سيراً منهم على منهج الكتاب والسنة، وهذه كتب العقائد وكتب الجرح والتعديل طافحة بذلك.
2- نسأله ما هو الحكم العادل في من يصف الصحابة بأنهم غثاء؟، وما هو حكم من يدافع عنه، ولا يعتبر ذلك سباً؛ لأنه صادر من سلفي؟
3- ما هو الحكم العادل في من يشكك في أخبار الصحابة الكرام، ويقول: إنه لا بد من التثبت في أخبارهم؟
وما حكم من يشكك في أخبار الثقات بما في ذلك أخبار مؤرخي الجرح والتعديل؟
4- ما هو حكم من يدافع عن أهل وحدة الأديان وحرية أهل الأديان وأخوة الأديان، ويحارب من ينتقده؟
5- ما هو حكم من يؤصل أصولاً مضادة لمنهج أهل السنة وأصولهم؟
مثل "نُصحح ولا نُجرح"، ومثل "المنهج الواسع الأفيح"، ويُدْخِلُ في ذلك أهل البدع الكبرى، فيصفهم بأنهم من أهل السنة، مثل أهل البدع الذين يُدخلون في تنظيمهم الروافض والخوارج وغلاة الصوفية على اختلاف مشاربهم؟
وما حكم من يقول في فرقة أخرى تبايع على أربع طرق صوفية، فيها الحلول ووحدة الوجود والشركيات والبدع بأنهم من أهل السنة ؟؟
وما هو حكم من يدافع عن من يطعن في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويعطل صفات الله، ويقول بالحلول ووحدة الوجود، ويكفر الأمة من قرون، ويقول بأزلية الروح؟
ويحارب هذا المدافع أهلَ السنة، ويطعن في أصولهم ومنهجهم وأخلاقهم.
ومِنْ طعْنه فيهم أنه يقول فيهم: "إنهم شعب الله المختار الذين خرجوا من دبر آدم" ، فما حكم من يقول هذه المقولة؟
وما حكم من يدافع عن هذه الأصناف، ويمدح رسالة تضمنت حرية الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان، بل ووحدة الأديان.
ويصفها بأنها شارحة للإسلام، وتمثل وسطية الإسلام.
ويتأول عباراتها الباطلة المظلمة بما يوافق الإسلام، و..و..و..؟
فما حكم هذه الأصناف وأحكام مقالاتهم؟
وما حكم من يدافع عنهم ويصفهم بأنهم سلفيون؟
وهل هو ممن يتقي الله في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف وأصولهم؟
وهل من ينتقد هذه الأصناف يعتبر من الغلاة والشذاذ، بل وخارجي؟؟
السابع عشر- قال الحلبي في (ص7):
"فإخوانُنا (الغلاةُ)-هداهم الله-تعالى- الذين لا نزالُ نُناقشُهم –صابرين عليهم ، داعين لهم-لا يُطبّقون شيئاً مِن ذلك –لا قليلاً ولا كثيراً-!".
أقول: يقذف الحلبي السلفيين المحاربين للغلو والتمييع بأنهم غلاة.
ولا يدرك أنه في أحط دركات الغلو والمداهنة والتمييع.
ويصف هو وحزبه السلفيين الصادقين بأنهم غلاة التجريح.
وهم من أشد غلاة التجريح بالبغي والباطل.
انظر أيها القارئ المنصف كيف يجرح الحلبي السلفيين ظلماً في صدر مقاله هذا حيث يقول:
"...أكثرُ مَن جالستُ مِن (إخواننا)-الذين بغَوْا علينا!-ممّن لهم آراءٌ –واجتهاداتٌ!!- تخالفُ ما نحن عليه ، وما نُرجّحُه ، وننتصرُ له –ممّا نراه حقاً وصواباً-: رأيتُ أن (جُلّ) ما عند (أغلبهم!)-وللأسف الشديد-:
1-السماع المبنيُّ على (قيل) ، و(قال)..
2- سوء الظن الشديد ..
3- التقليد..
4-التعصّب..
5-التكذيب والتشكيك..
6-المجادلة بغير حقّ...
7-الاتهامات المنكَرة...
8 -الإلزامات الفاشِلة للمخالف ؛ ببناءٍ أحكامٍ على أقوالٍ –بغير حق–...
9- إلزام المخالِف–وإجباره– بالأخذ بما يقولون ، ويَحكُمون ؛ وإلا.....
10-التصيُّدُ ، والتربُّصُ ، والتنبيشُ –حتى في الماضي!–...
11-الأخذ بالزلاّت ، والهفَوات ، وسبْق اللسان...
12-عدم تلمُّس الأعذار للمُخطئ –مع وجود أسبابِ ذلك، ودواعيه-..
و..و..و..-إلخ-....".
أليس هذا غلواً في التجريح الظالم؟، وكم وكم له ولحزبه من الغلو في التجريح الظالم لأهل الحق.
وكم للحلبي من الغلو في المداهنات والتمييعات في الدفاع عن أهل البدع والضلالات وأهل التحزبات المناهضة للمنهج السلفي وأهله.
قوله: " الذين لا نزالُ نُناقشُهم – صابرين عليهم ، داعين لهم-لا يُطبّقون شيئاً مِن ذلك – لا قليلاً ولا كثيراً-!"([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn2)).
أقول: لا يمل هذا الرجل من المغالطات وقلب الحقائق.
لقد صبر عليك ربيع وإخوانه طويلاً وطويلاً، سنوات وسنوات، وعلى مواقفك المناصر فيها للباطل وأهله والخاذل للحق وأهله.
وبلغ بك العناد والتمادي إلى أن تبدأ بالهجوم على السلفيين وعلى منهج الجرح والتعديل، ثم افتتاح منتديات ما يسمى بـ"كل السلفيين"، وذلك دعوة منك لكل مبطل منحرف عن منهج السلف إلى حرب السلفية والسلفيين، والدفاع عن الضلالات الكبرى وأهلها.
بطرق يخجل منها دعاة الضلالات الكبرى، ولقد رددنا على الروافض، فسكتوا، وعلى الصوفية فردّوا بأدب ثم سكتوا.
ورددنا على أعيان الحزبيين، فسكتوا حياء وخجلاً من المكابرة والعناد.
وأنت وحزبك لا تكلون ولا تملون من الهجمات الفاجرة، والردود الباطلة القائمة على أحط أنواع المكابرة والعناد.
فما أصبركم على الباطل والمكابرة والعناد؛ الأمور التي برزتم فيها على أهل الأهواء.
قوله في (ص7-8): " ويا ليتَ (!) لو أن أمورَهم السُّوأى-هذه- بقيت إلى هذا الحدّ!! لهان -إذنْ- الخَطْبُ -ولو قليلاً-!!
لكنهم يتّهمون مَن خالفهم ، وانتقد قولَهم –مُصِرّين!-بأقذع الاتهاماتِ ، وبأبشع العبارات - مِن ذلك- أنه:
يَخترعُ القواعدَ البدعيّة للضالّين!!
و:يُريدُ إسقاطَ المشايخ السلفيين!!!
و: يُزكّي أهل الباطل ، وينصرُ الحزبيّين !!!
و..و..و... غيرُ ذلك ممّا تضيقُ به الصدور ، وقد (!) لا تضيقُ به السطور!!!!!!".
أقول باختصار: إن اختراعك أنت وحزبك للقواعد الباطلة السوأى أشهر من نار على علم، ومنها:
1- "المنهج الواسع الأفيح".
2- "ونُصحح ولا نُجرح".
3- "وإذا حكمت حوكمت".
4- والدعوة إلى التثبت لرد الحق.
5- ومنها حمل المجمل على المفصل، الذي يصادم منهج أهل السنة وتطبيقاتهم التي ملأت المجلدات والذي أنكره جمهور أهل المذاهب، وذكر الشوكاني أنه مجمع على إبطاله.
6- و"لا يلزمني"؛ لرد الحق ، والإمعان في العناد والمكابرة.
وهذه التأصيلات منها ما اخترعه أبو الحسن ومنها ما اخترعه عدنان عرعور، ومنها ما اخترعه الحلبي.
وكلها أُنشئت لحرب المنهج السلفي وأصوله.
وللدفاع عن أهل الضلالات الكبرى، ومنها وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان.
وموقف الحلبي منها ومن أهلها موقف المؤيد سراً وجهاراً، والمطبق لما يحلو له منها.
فهات الأصول الباطلة التي اخترعها من تحاربونهم من السلفيين.
وهات تطبيقاتهم لها التي تستدعي حربهم.
وأقول: نعم، إنك تزكي أهلَ الباطل وتنصر الحزبيين، فإنكارك لهذه الأمور من المكابرات والسفسطات التي يخجل منها أهل الأهواء.
وقولك: " و..و..و... غيرُ ذلك ممّا تضيقُ به الصدور ، وقد (!) لا تضيقُ به السطور!!!!!!".
أقول: نعم، إن صدوركم لتضيق بالحق كأسلافكم من أهل الأهواء.
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ).
فأهل الأهواء تضيق صدورهم بالحق وأهله، حتى كأنما يصَّعَّد أحدهم في السماء.
قال تعالى في هذا الصنف: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ).
الثامن عشر- قال الحلبي في (ص8):
" ونحن –مُقابلَ هذه العُقدةِ –بل التُّهَمِ الفارغةِ!-لا يسعُنا إلا أنْ نُكرّرَ ما قاله الشيخُ العلامةُ محمد البشير الإبراهيمي–رحمه الله– في مثلِها –:
"لا يعسُرُ علينا فهمُ هذه العُقدةِ -مِن أصحابِنا- بعد أن فهِمنا جميعَ عُقَدهم!
وإذ قد عَرَفْنا مبلغَ فهمِهم للأشياء ، وعِلْمِهم بالأشياء: فإنَّنا لانَرُدُّ ما يصدُرُ منهم إلى ما يعلمُون منه!!
ولكنّنا نردُّه إلى ما يقصِدون به !!
ومايقصِدون بهذه الكلماتِ إلاَّ تنفيرَ الناس مِن دُعاة الحقِّ!
ولا دافعَ لهم إلى الحشدِ -في هذا- إلاَّ أنَّهم موتورون" مِن هذه الـوقفةِ العلميةِ المنهجيةِ الصامدةِ (الصادمةِ!)، التي كَسَرَتْ شُبُهاتهِم ، وَفَلّتْ غُلَواءَهم ؛ بثباتٍ–والفضلُ لله–وحده- لم يتوقّعوه! - أو لم يتوقّعوا طولَ أَمَدِه ! واستمرارَ قوّتِه !-.
ورحمه الله إذ يقولُ:
"نحن-بحمد الله - ثابتون في مكانٍ واحدٍ وهو مُستَقَرُّ الحقّ، ولكنّ القومَ يَصْبَغُوننا في كلِّ يوم بصِبغة! ويَسِمُونَنا في كلِّ لحظةٍ بِسِمَةٍ!!".

أقول : إن الشيخ العلامة الإبراهيمي كان يدعو في بلده إلى التوحيد والسنة، ويحارب الضلالات والخرافات.
وكان يعارضه الخرافيون القبوريون بالباطل، ومع ضلالهم وباطلهم لم يصلوا إلى ما وصل إليه الحلبي وحزبه من الدفاع عن أهل وحدة الوجود وأهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان.
وما أظنهم وصلوا إلى ما وصل إليه الحلبي وحزبه من الافتراءات على الإبراهيمي وإخوانه، ولا وصلوا في العناد والمكابرة وقلب الحقائق إلى ما وصل إليه الحلبي وحزبه.
ولقد رجع كثير وكثير من خصوم الإبراهيمي إلى الحق والسنة والتوحيد، وصاروا من الدعاة إلى الحق.
ولم نعرف أحداً من حزب الحلبي رجع إلى الحق، ولم نعرف عن الحلبي رجوعاً إلى الحق في أي مسألة من المسائل الباطلة التي وقع فيها، بل ما نرى منهم إلا التمادي في الباطل والإصرار على الموبقات العظائم.
وذلك من ثمار الكبر والتعالي وحب الزعامة والتهالك على الدنيا.
فقول الإبراهيمي -رحمه الله-:
" ولا دافعَ لهم إلى الحشدِ -في هذا- إلاَّ أنَّهم موتورون" مِن هذه الـوقفةِ العلميةِ المنهجيةِ الصامدةِ (الصادمةِ!) ، التي كَسَرَتْ شُبُهاتهِم ، وَفَلّتْ غُلَواءَهم ؛ بثباتٍ–والفضلُ لله–وحده- لم يتوقّعوه! - أو لم يتوقّعوا طولَ أَمَدِه ! واستمرارَ قوّتِه !-...".
أقول: لقد وصف الشيخ الإبراهيمي خصومه بصفة واحدة، وهي أنهم موتورون.
فكيف لو أدرك الحلبيَ وحزبَه وعرفَ دوافعهم الكثيرة القاتلة التي ذكرنا شيئاً منها، فما عساه أن يقول فيهم، ومسكين الحلبي لغبائه ينقل الكلام الذي يصيبه في مقاتله، وهو في الوقت نفسه لصالح من يحاربهم.
وقول العلامة الإبراهيمي:
"نحن-بحمد الله - ثابتون في مكانٍ واحدٍ وهو مُستَقَرُّ الحقّ، ولكنّ القومَ يَصْبَغُوننا في كلِّ يوم بصِبغة! ويَسِمُونَنا في كلِّ لحظةٍ بِسِمَةٍ!!".
فالثبات على الحق لا ينطبق على الحلبي وحزبه من قريب ولا من بعيد، ولو ادعوه، فهم من أكذب الكاذبين، وشواهد الوجود والواقع تدينهم بالكذب، بل هم ثابتون على الأباطيل.
والسلفيون هم الصامدون ضد أهل الأهواء والثابتون في مكان واحد وهو مستقر أهل الحق من أهل السنة السابقين واللاحقين.
وما وصف به الإبراهيمي خصومه فإنه ينطبق على الحلبي وحزبه.
ولو واجهه أمثال هذا الحزب بفتنهم وأكاذيبهم وتأصيلاتهم الباطلة وحربهم الشرسة الضارية، القائمة على البغي والعناد ورفض الحق في كثير من القضايا، لو واجه أمثال هؤلاء لقال فيهم ما هو أشد وأنكى مما وصف به خصومه؛ لأن هؤلاء أشد عناداً ومكابرة، وأكثر بغياً ولدداً في الخصومات والفتن، ولقد رجع كثير من خصوم الإبراهيمي، وما رأينا أحداً من حزب الحلبي رجع إلى الحق؛ لأن فيهم شَبَهاً من اليهود، الذين يعرفون أن الإسلام هو الحق، والقرآن هو الحق، وهم مع ذلك أشد وألد أعداء الإسلام والقرآن.
فهؤلاء وإن كان فيهم جهل، يعرفون أنهم على الباطل، وأن السلفيين على الحق، ومع ذلك يتمادون في باطلهم وعنادهم وحربهم للحق وأهله.
التاسع عشر- قال الحلبي في (ص9):
"وهم-غفر الله لهم-في ذا كُله-يُواقِعون-تماماً-ما أنكره فضيلةُ الشيخ ربيع بن هادي المدخلي- سدده الله- على أولئك القوم ؛ الذين " لهم أصلٌ خبيثٌ، وهو: أنهم إذا ألصقوا بإنسانٍ قولاً -هو بريءٌ منه ، ويُعلن براءتَه منه-؛ فإنهم يُصِرُّون على الاستمرار على رمي ذلك المظلومِ بما ألصقوهُ به؛ فهم -بهذا الأصلِ الخبيثِ- يَفُوقون الخوارجَ ".
أقول: إن إلحاقك السلفيين أهل الحق بأهل هذا الأصل الخبيث إلحاق ظالم باطل؛ لأن المشبه بريء من صفات هذا المشبه به، وبعيد كل البعد، لأن المشبه به كما وصفهم الشيخ ربيع، وهم يخاصمون هؤلاء إلى يومنا هذا.
والسلفيون في خصومتهم للحلبي على الحق، الذي ليس به خفاء، إلا على من أعماه الهوى.
والحق أن الحلبي وحزبه هم الذين يلصقون بالسلفيين ما هم برءاء منه، ويصرون على الاستمرار في رمي السلفيين المظلومين بما افتروه عليهم، ومنه وصفهم لهم بالغلو والشذوذ، وبأنهم خوارج، وبما افتراه الحلبي على السلفيين في هذا المقال، وكم وكم قذفوا السلفيين بما هم برءاء منه، فلا يندمون ولا عنه يتراجعون.
العشرون- قال الحلبي في (ص9):
" وما أجملَ ما قاله العلامةُ الإبراهيميُّ-في مثلِ هذه الصنائع-بلا حقّ ذرائع:
"...فإنَّ مَن لا يَسْتحيي أنْ يقولَ على الله بغيرِ علمٍ لا يَعُزُّ عليه أن يقولَ على المخلوقِ بغيرِ فهمٍ".
أقول:
ابدأ بنفسك فأنهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
واستحِ من الله، ثم من العقلاء، الذين يعلمون أنك تتكلم بغير علم، وتقول على الله ورسوله بغير علم.
واستحِ من الملائكة الكاتبين الذين آذيتهم بكلامك وهذيانك بغير علم.
وأخبِرْنا متى قال السلفيون بغير علم، وما هي أقوالهم هذه؟
وهل ردّهم للضلالات الكبرى والفتنة العظمى من القول على الله بغير علم؟
وهل ثناؤكم على الضلالات الكبرى ودفاعكم عنها وعن أهلها من القول على الله بعلم؟؟
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).
الحادي والعشرون- قال الحلبي في (ص9-10):
" فَقَعُوا أو طِيروا ؛ فما ذلك بضائِرِنا، وما هو بنافِعِكم".
...وإذ الأمرُ كذلك ؛ فـ :
هلاّ تأنّيتم في تجريحاتِكم؟!
وهلاّ تثبّتتُم فيما يُنقَل إليكم؟!
وهلاّ هوّنتُم مِن اندفاعِكم؟!
وهلاّ ضَبَطْتُم- أكثرَ-أخبارَ(!) مَن تَصِفونهم بـ (الثقات!) ، ثم تُطْلِقون عليهم الألقابَ الفخمةَ العاليات-الغاليات!-!؟!
ولعلّ فيما نُقل من جوابٍ لفضيلة الشيخ عُبيد الجابري-وفقه الله-قريباً!-في مثلِ ذلك-(وقد أفردتُه بمقال)- رادِعاً لكثيرٍ مِن المتقوّلين! السمّاعين!!
وقد قال سائلُه:
قلتم –شيخنا- في جوابٍ لكم :
"...فالقاعدة التي وضعها علي الحلبي , وهي :[ أن يُجمع أهل العلم على تبديع إنسان أو جرحه ] : هذه قاعدة لم يقل بها أحد فيما نعلم من أهل العلم والإمامة في الدين ".
قال علي الحلبي -تعليقاً على جوابكم-:
"كذا قال -عفا الله عنه – ،وهو -كله- كلام حق , لولا أنه منسوب إلي !!
فهو هكذا بيقين باطل ..
وهو -والله- افتراء([3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn3)) علي لم أقله , ولن أقوله –مستعيذاً بالله أن أكون من الجاهلين- ...
فلا يزال أهل العلم يجرّحون بقول الواحد أو الاثنين من أهل العلم –قديماً وحديثاً، بالحجة النيّرة ، والبيّنة المقنِعة , دون تطلّب ذاك الإجماع المدعى!!
والعجبُ أني بيّنت فسادَ وبطلانَ نسبة هذا القول إليّ في عدد من المجالس والفتاوى واللقاءات , كما بيّنته –أيضاً -في مواضع عدة من كتابي " منهج السلف الصالح ".".
ما تعليقُكم على هذا الكلام؟
فأجاب الشيخ الجابري-سدده الله-:
أولاً : بادئ ذي بدء , نحن -ولله الحمد- على ما ورثناه عن أئمة أهل السنة والجماعة , من إقامة الدليل على القول جرحاً أو تعديلاً .
وثانياً : فأنا أجيب بناءً على ما يرِد عليّ من سؤال , إذا كان السائل معروفاً لدي بالأمانة والديانة , فهذا يكون عندي يقيناً ، أو في غالب الظن أنه صادق , فأجيبه على نحو ما أسمع منه , سواء في ذلك ما يُنقل عن الحلبي -أو غيره- .
وهذا الجواب الذي علق عليه الحلبي : هو بعيد العهد , فلا أدري السائل من أي مصدر نقله، نسيت ذلك !
لكن ؛ إن كان الأمر كما قال الرجل : من أنه افتراء عليه ؛ فالعهدة على الناقل ، ليس عليّ أنا .
فأنا –أو غيري- نجيب على نحوٍ مما نسمع ويقال لنا، ونشدّد في مسائل الجرح)!".

أقول: هذا الكلام -الذي يقوله الحلبي- قائم على الاتهامات الباطلة، والكذب والتكذيب المكشوف، وعلى المكابرة؛ الأمور التي لا يجرؤ عليها إلا الحلبي وأمثاله.
قوله: " فَقَعُوا أو طِيروا ؛ فما ذلك بضائِرِنا، وما هو بنافِعِكم".
أقول: نحن لا نطير، بل ثابتون على الحق، وعلى منهج السلف.
وهذا أمر نعتبره من أوجب الواجبات، وذلك ما نرجو من الله أن يزيدنا ثباتاً عليه، ونرجو من الله أن ينفعنا بذلك، ومن ذلك ما نواجه به الباطل، وعلى رأسه أباطيلكم، وهذه المواجهة من أعظم ما يدخل في قول الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وقوله تعالى : (كُُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
وما أنتم عليه من الباطل من أعظم الأخطار والأضرار، ومنها تعريض أنفسكم لغضب الله عليكم، وتعريض أنفسكم لعذابه الأليم بالنار، إن لم تتوبوا إلى الله توبة نصوحاً، وتدخلوا في قول الله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

وقوله: " هلاّ تأنّيتم في تجريحاتِكم؟!
وهلاّ تثبّتتُم فيما يُنقَل إليكم؟!".

أقول: إن كلامه هذا يُشعر بأننا نستعجل في نقدنا للحلبي وحزبه، ولا عمدة لنا ولا حجة إلا السماع الأبله لما ينقل إلينا، وهذا من البهت المفضوح.
فنحن وإن كنا على طريقة السلف في قبول أخبار الثقات التي يشكك فيها الحلبي، فإنَّ اعتمادنا في نقدنا لأباطيلهم إنما هو على ما كتبوه بأقلامهم ونشروه في منتدياتهم ومؤلفاتهم.
وما يطعنون به فينا ويجرحوننا به إنما هو من مخترعاتهم وتحريفاتهم وأقوالهم التي تدخل في قول الزور، الذي قرنه الله بالشرك الأكبر، فقال جلَّ وعلا: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
وقد عدَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قول الزور من أكبر الكبائر، فقال-صلى الله عليه وسلم-:
" أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ ثَلَاثًا، أَوْ قَوْلُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (6919)، ومسلم في "صحيحه" حديث (87).

قوله: " وهلاّ هوّنتُم مِن اندفاعِكم؟!".

أقول: "رمتني بدائها وانسلّت".
فأنتم المندفعون في الباطل، ونحن نكفكم عن هذا الباطل، فلا تنكفّون ولا ترعوون.

قوله: " وهلاّ ضَبَطْتُم- أكثرَ-أخبارَ(!) مَن تَصِفونهم بـ (الثقات!) ، ثم تُطْلِقون عليهم الألقابَ الفخمةَ العاليات-الغاليات!-!؟!".


أقول:
1- إن كلامه هذا يفيد أننا نعتمد على نقل الأخبار الصادرة ممن لا يؤمن بأنهم ثقات.
فليُبيِّن لنا ما هي الأخبار التي نقلها غير الثقات، فقبلناها وبنينا عليها أحكاماً مع تفريطنا في ضبطها.
2- قد بيّنتُ أننا لا نعتمد إلا ما كتبوه بأيديهم، ونشروه على الملأ في مقالاتهم ومؤلفاتهم.
فهات الأخبار الكثيرة المسموعة ممن لا يؤمن بأنهم من الثقات، وأنه لا عمدة لنا إلا تلك الأخبار.
فإن لم يفعل، تأكد القراء أنه من أجرأ الناس على تحري الكذب.
والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (6094)، ومسلم حديث (2607).

قوله: " ولعلّ فيما نُقل من جوابٍ لفضيلة الشيخ عُبيد الجابري-وفقه الله-قريباً!-في مثلِ ذلك-(وقد أفردتُه بمقال)- رادِعاً لكثيرٍ مِن المتقوّلين! السمّاعين!!".

أقول:
قلتَ معلقاً على كلام الشيخ عبيد:
"كذا قال -عفا الله عنه – ،وهو -كله- كلام حق , لولا أنه منسوب إلي !!
فهو هكذا بيقين باطل ..
وهو -والله- افتراء علي لم أقله , ولن أقوله –مستعيذاً بالله أن أكون من الجاهلين- ...
فلا يزال أهل العلم يجرّحون بقول الواحد أو الاثنين من أهل العلم –قديماً وحديثاً، بالحجة النيّرة ، والبيّنة المقنِعة , دون تطلّب ذاك الإجماع المدعى!!
والعجبُ أني بيّنت فسادَ وبطلانَ نسبة هذا القول إليّ في عدد من المجالس والفتاوى واللقاءات , كما بيّنته –أيضاً -في مواضع عدة من كتابي "منهج السلف الصالح"".

أقول:
1- إنَّ كلام الشيخ عبيد حق كله، وما نُسِبَ إليك صدق وعدل، لا كذب فيه ولا ظلم.
ونفيك له مكابرة مكشوفة وكذب مفضوح، ولو كررته في عشرات المناسبات.
فلقد صرّحتَ بهذا الكلام الذي تحلف بالله أنه افتراء عليك، وبما هو أسوأ منه، ومن فِيكَ أدينكَ.
لقد قلتَ كما في شريط مسجل بصوتك:
" ثم موقف عامة الطلبة إذا أجمع أهل العلم على تبديع واحد لا يسعهم أن يخالفوه، إذا ما اجمعوا، أنا أقول: إذا استطاعوا الترجيح لهم أن يرجحوا ما استطاعوا يأخذوا الأحوط كأي مسألة شرعية".

فمن هو الذي قال هذا الكلام غيرك؟ ومن سبقك إلى مثله حتى من غلاة المعتزلة والجهمية؟
لقد اشترطت لقبول الحكم على المبتدع إجماع أهل العلم، وأنه عند معرفة هذا الإجماع لا يسع طلاب العلم أن يخالفوه، فعلى قولك هذا أنه يسع طلاب العلم مخالفة عشرات العلماء في تبديع المبتدعة.
ثم ما كفاك هذا، حتى شجعتهم على الترجيح.
فقلتَ: " إذا ما اجمعوا، أنا أقول: إذا استطاعوا الترجيح لهم أن يرجحوا".

يعني إذا بدَّع عدد من العلماء شخصاً أو أشخاصاً، وعارضهم مثل علي حسن، فلهم أن يرجِّحوا عدم التبديع، مهما بلغ عدد العلماء، ما لم يتم إجماعهم، هذا مقتضى توجيهه لطلاب العلم، ولم يخبر بموقف العالم من هذا الإجماع، فإن اقتصاره على طلبة العلم يوحي بشيء وراء كلامه هذا.
2- ثم قال الحلبي عقب هذا الكلام الذي بلغ الغاية في الجهل والبطلان، بل والهدم لجرح العلماء بقوله الباطل:
"أقول: العلماء حتى لو صدرت منهم بعض كلمات التبديع حقيقة كلامهم يعني مع بعض المؤاخذات التي قد تكون عليهم مهما كان منضبطاً".

هكذا يقول، فلو تكلم جمع من العلماء ببعض كلمات التبديع، مهما كان كلامهم منضبطاً، فإنهم مع كثرتهم وانضباط كلامهم، فإن الحلبي يرى أن عليهم بعض المؤاخذات.
وإذا كان الأمر كذلك فلطلاب العلم أن ينتقدوهم ويردوا أحكامهم؛ لأنه لا يلزمهم الأخذ إلا بالإجماع.

ولقد ذكّرني هذا الغلو من الحلبي في رد أحكام العلماء على أهل البدع حتى بلغ به هذا الغلو إلى اشتراط قيام الإجماع على تبديع المبتدع بكلام له في مقال له نُشر في "مجلة الأصالة" في شهر صفر عام (1425هـ) في العدد (45)، يدور هذا المقال حول وصف الصحابة بأنهم غثاء([4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn4))، وهل هذه اللفظة تعتبر سباً أو لا، فقد صرّح في هذا المقال بقوله -بعد المكابرة والسفسطة-:
"ولئنِ اتَّفَقَتْ كلمةُ العُلماء -من بعد- على حُكم هذه الكلمةِ -أو تلك- فلا يَسَعُ أحداً الاستمرارُ بمخالفتهم".
وهذا التقرير منه يفيدنا أنه لو صرّح عشرات العلماء بأن هذه اللفظة (غثاء) بأنها سب شنيع لا سيما إذا رُمِيَ بها جناب الصحابة العظماء، وخالفهم شخص أو شخصان من أمثال الحلبي، فإنها لا تعتبر سباً، لا سيما إذا كان هذا الساب على منهج الحلبي (فاعتبروا يا أولي الأبصار)، وتعجبوا من هذه السفسطات والمكابرات في البدهيات.
3- نعود من هذا الاستطراد إلى بعض كلامه المنكر في الشريط السالف الذكر.
لقد قال في هذا الشريط ما هو أدهى وأمر.
قال: " لكن المشكلة الآن من سلوكيات وتصرفات الشباب؛ حيث لم يفهموا أنَّ علم الجرح والتعديل أصلاً وجد للمصلحة، علم الجرح والتعديل لا هو موجود في أدلة الكتاب ولا في أدلة السنة، هو علم ناشئ، نشأ لحفظ الكتاب والسنة؛ أليس كذلك؟!".
وأقول: ليس الأمر كذلك آلاف المرات، فإن الجرح والتعديل له أدلته وبراهينه الكثيرة من الكتاب والسنة، وما أعلم أحداً تفوه بمثل هذا الافتراء والجهل سوى الحلبي.

ثم انظر أيها القارئ الكريم إلى الحلبي كيف ينفي عن نفسه هذا الأمر الفظيع، الذي قاله بِفِيهِ على وجه التأصيل لطلاب العلم، ويدَّعي أنه افتراء عليه.
فيقول: " وهو -والله- افتراء علي لم أقله , ولن أقوله –مستعيذاً بالله أن أكون من الجاهلين- ...".
وهو قد قاله قطعاً، فهل يضاف حلفه بالله كاذباً أنه ما قال هذا الكلام إلى جهله، فيقال في وصفه: إن الحلبي جاهل كذاب، من أجرأ الناس على الكذب، ومن أجرأ الناس على الحلف بالله وهو كذاب.
وهذا الرجل مولع بالتشكيك في أخبار وأحكام الثقات وباشتراط الإجماع حتى في البدهيات.

قال الحلبي بعد جرأته على الحلف بالله كاذباً ومكذباً أهل الصدق:
" فلا يزال أهل العلم يجرّحون بقول الواحد أو الاثنين من أهل العلم –قديماً وحديثاً، بالحجة النيّرة ، والبيّنة المقنِعة , دون تطلّب ذاك الإجماع المدعى!!".
أقول:
1- إلا الحلبي وحزبه، ونسي الحلبي أراجيفه في هذا المقال على أخبار الثقات بما فيهم الصحابة، وأنه لابد من التثبّت من أخبارهم، وجحد ما قرره من اشتراط الإجماع لقبول الأحكام على أهل البدع.
2- الصواب أن يقال: فلا يزال أهل العلم يقبلون الجرح والتعديل من الواحد والاثنين من أهل العلم، ويسلمون لهم بهذا الجرح والتعديل، ولا يطلبون منهم إقامة الحجة النيرة إلا إذا عارض الجارح إمام معتبر في الجرح والتعديل.
فحينئذ لا بد من أن يقيم الجارح الحجة البيّنة القادحة عند أهل العلم.
فأما إذا لم يعارض الجارح أحد من أهل العلم، فلا يقول أهل العلم حقاً: لا بد أن تقيم الحجة النيّرة البيّنة، فإن في هذه المطالبة إسقاطاً للثقة بعلماء الجرح والتعديل ومخالفة للمنهج السلفي، وحاشا أهل العلم أن يفكروا فيما يسقط أخبار الثقات وأحكامهم؛ الأمر الذي يخبُّ فيه الحلبي ويضع بجهل وهوى.
فأنت تراه هنا يشترط في قبول جرح الواحد والاثنين إقامة الحجة النيرة والبيِنة المقنِعة تشبثاً بقاعدة "لا يلزمني"، أي قبول الحق وقبول أخبار الثقات وأحكامهم، وقاعدة "لا يقنعني".
والواقع أنه لا يقنعه جرح الواحد والاثنين ولا أكثر، ولو جاؤوا بالحجج البيّنة النيّرة حتى يقوم الإجماع.
فالمسكين يريد أن يخرج نفسه من الهوة التي تردى فيها بالحلف الكاذب، فيقع في حفرة أخرى.
والسبب في ذلك تمرده على منهج السلف وأصولهم.
واختراعه وحزبه لأصول مضادة لمنهج السلف وأصولهم.

وقولك: " دون تطلّب ذاك الإجماع المدعى!!".
نعم، هو مدعى فعلاً، فمن هو هذا المدَّعي؟ إنه علي الحلبي، الذي يأتي بما لم يأت به الأوائل.

قال الحلبي: " والعجبُ أني بيّنت فسادَ وبطلانَ نسبة هذا القول إليّ في عدد من المجالس والفتاوى واللقاءات , كما بيّنته –أيضاً -في مواضع عدة من كتابي " منهج السلف الصالح "".

أقول: يذكر الحلبي أنه بيّنَ فساد وبطلان هذا القول في عدد من المجالس والفتاوى...الخ.
فكم هي الأكاذيب التي كذبها في هذه المسألة وحدها، وكذَّب فيها بالحق والصدق، إن ما دون هذا الكذب يسقط صاحبه عند أهل العلم، فلا تُقبل له شهادة، ولا يُصدق في أخباره، ولا يؤخذ منه العلم.
قال الإمام مالك -رحمه الله-: " لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك، لا يؤخذ من رجل صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من سفيه معلن بالسفه وإن كان من أروى الناس، ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه و سلم-، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة لا يعرف ما يحدث "، "الكفاية في علم الرواية" (ص160)، و"سير أعلام النبلاء" (8/67-68).
وقال ابن المبارك: "يكتب الحديث إلا عن أربعة، غلاط لا يرجع، وكذاب، وصاحب بدعة وهوى يدعو إلى بدعته، ورجل لا يحفظ فيُحَدِّث مِنْ حِفْظِه"، "الكفاية في علم الرواية" (ص143).
و سُئل أحمد بن حنبل عمن يُكتب العلم؟، فقال: عن الناس كلهم، إلا عن ثلاثة، صاحب هوى يدعو إليه أو كذاب فإنه لا يُكتب عنه قليل ولا كثير، أو عن رجل يغلط فيرد عليه فلا يقبل"، "الكفاية في علم الرواية" (ص144).
أقول: لقد اجتمع في الحلبي وكبار حزبه الهوى والكذب والعناد، فلا يرجعون عن ضلالاتهم وأصولهم الفاسدة ودفاعهم عن أهل الضلال.

قال الحلبي في (ص10) -ناقلاً إجابة الشيخ عبيد على السؤال السابق-:
" فأجاب الشيخ الجابري-سدده الله-:
(أولاً : بادئ ذي بدء , نحن -ولله الحمد- على ما ورثناه عن أئمة أهل السنة والجماعة , من إقامة الدليل([5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftn5)) على القول جرحاً أو تعديلاً .
وثانياً : فأنا أجيب بناءً على ما يرِد عليّ من سؤال , إذا كان السائل معروفاً لدي بالأمانة والديانة , فهذا يكون عندي يقيناً ، أو في غالب الظن أنه صادق , فأجيبه على نحو ما أسمع منه , سواء في ذلك ما يُنقل عن الحلبي -أو غيره- .
وهذا الجواب الذي علق عليه الحلبي : هو بعيد العهد , فلا أدري السائل من أي مصدر نقله، نسيت ذلك !
لكن ؛ إن كان الأمر كما قال الرجل : من أنه افتراء عليه ؛ فالعهدة على الناقل ، ليس عليّ أنا .
فأنا –أو غيري- نجيب على نحوٍ مما نسمع ويقال لنا، ونشدّد في مسائل الجرح)!.
قلتُ:
فهل مثلُ هذه الحجة مقبولةٌ في الميزان العلمي؟!
وهل هذا هو التأنّي والتثبّت المطلوب من أهل العلم-علماءَ وطلبةَ علم-؟!
وهل هذه الأساليبُ سبيلُ وحدة وائتلاف ، أم طريقُ فُرقة واختلاف ؟!".

أقول: لا حرج على العالم أن يجيب على سؤال السائل عن قول شخص، بناء على ظاهر حاله من الدين والعدالة.
وأن يجيب على نحو مما يسمع.

فقول الحلبي: " فهل مثلُ هذه الحجة مقبولةٌ في الميزان العلمي؟!
وهل هذا هو التأنّي والتثبّت المطلوب من أهل العلم-علماءَ وطلبةَ علم-؟!".

أقول: إنَّ الأخذ بالظاهر أصل من أصول الإسلام.
فهذه هند -رضي الله عنها- تسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فتقول: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ (كما في رواية، وفي أخرى: مسيك) فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟ قَالَ: خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (2211)، ومسلم في "صحيحه" حديث (1714) .
فقد وصفَتْ أبا سفيان بالشح، فصدّقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأذِنَ لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها وأولادها.
وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (6967)، ومسلم في "صحيحه" (1713).
وهذا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- يقول: " إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ في عَهْدِ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَإِنَّ الْوَحْيَ قد انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لنا من أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لنا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا من سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ الله يُحَاسِبُهُ في سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لنا سُوءًا لم نَأْمَنْهُ ولم نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قال إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ"، أخرجه البخاري في "الشهادات" حديث (2641).
وهذا رسول الله موسى –عليه السلام- يقول الله في شأنه: "وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
فصدّقه موسى وخرج من مصر إلى مدين، بناء على خبر هذا الرجل.
وفي قصة نبي الله موسى -عليه السلام- عدة شواهد على قبول خبر الواحد، دون تثبّت ودون تشكك.
ولقد أخذ الحلبي سلاحاً على السلفيين من قول الشيخ عبيد:
" وهذا الجواب الذي علق عليه الحلبي : هو بعيد العهد , فلا أدري السائل من أي مصدر نقله، نسيت ذلك!
لكن ؛ إن كان الأمر كما قال الرجل : من أنه افتراء عليه ؛ فالعهدة على الناقل ، ليس عليّ أنا" .
أخذ من هذا الكلام من الشيخ عبيد سلاحاً يصول به ويجول على أهل السنة، وعلى أخبار الثقات، ولم يُقدِّم لنا أمثلة على عدم تثبّت السلفيين في تجريحاتهم واندفاعهم في التجريح الذي لم يهوِّنوا منه.
وعلى كل حال، فلا حجة له في قول الشيخ عبيد؛ لأن السائل نقل له عن مصدر معين، فنسي الشيخ عبيد هذا المصدر، الذي استند إليه السائل في أن الحلبي يشترط الإجماع من العلماء لقبول التبديع.
وإذن فهناك مصدر استند إليه السائل وأخبر الشيخ عبيداً بهذا المصدر.
وقد تقدّم هذا المصدر، ألا وهو الشريط الذي صرّح فيه الحلبي بصوته في اشتراط هذا الإجماع.
فهذا يدل على صدق السائل وصحة قبول الشيخ عبيد لسؤال السائل وصحة حكمه.
ولو لم يذكر السائل هذا المصدر، وأجاب الشيخ عبيد على نحو مما سمع من هذا السائل الذي يصفه الشيخ عبيد بأنه معروف لديه بالأمانة والديانة لما جاز التهويش عليه؛ لأن الله لم يأمرنا بالتثبّت إلا من أخبار الفساق، فقال جلَّ شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
وغير الفاسق لم يوجب الله على عباده المؤمنين التثبت من أخبارهم، فلهم الظاهر، والله يتولى السرائر.
وقدّمنا الأدلة الكافية الشافية، والحمد لله على سقوط أراجيف الحلبي، التي تخالف الكتاب والسنة وما عليه علماء السنة، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.

وقوله: " وهل هذه الأساليبُ سبيلُ وحدة وائتلاف ، أم طريقُ فُرقة واختلاف ؟!".
أقول: إن أهل السنة لا يفْتُرُون ولا يكلّون من دعوة المسلمين إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، ومن تحذير الناس من الفرقة والاختلاف، على هذا المنهج يسيرون، وإليه يدعون.
وكم لي أنا خاصة من الدعوة إلى هذا المنهج، لا أكاد أفتر منه في دروسي وفي نصائحي، وخاصة في مخاطبتي للسلفيين، ولقد كان السلفيون من عرب وعجم، وفي مختلف البلدان متآخين متحابين، لا اختلاف بينهم في العقائد والمناهج والأصول، وقد أدركتُ هذا أنا وغيري ممن يهمه أمر السلفية والسلفيين، حتى جاء أهل الفتن والتحزب الفاجر، ومنهم حزب الحلبي، وعلى رأسه هو وعدنان عرعور وأبو الحسن المصري المأربي، فأثاروا الفتن وأسباب التفرق والتمزق، ومنها الدفاع عن الضلالات الكبرى، وتولي أهل البدع والضلال، ومحاربة أهل السنة، والتأصيل الخبيث لهذه الحرب وهذه الفتن، دائبين على ذلك، على امتداد عقدين من الزمن، ولا سيما هذا الحلبي الذي يضرب ويضرب، ويشتكي ويبكي ويتباكى، ثم يلصق أفاعيله وأفاعيل حزبه الماكر بالسلفيين الأبرياء.
والأدلة على ما نقول كثيرة، وقد قدّمنا بعضها، ومنها كتابة أبي الحسن التي كتبها عام 1420هـ يربط فيها الشباب بغير علمائهم، فكانت هذه الكتابة دليلاً وبرهاناً على خبث أهداف هذا الحزب ونواياهم، وكانت من أهم المعاول في تمزيق جسم السلفية والسلفيين وإن أنكروا ذلك، وهناك أعمال أخرى سيئة في ميدان التفريق هم لها عاملون، وإن تظاهروا كذباً وزوراً بضدها، وليس هم أول من يضرب ويقتل ثم يبكي، (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ).
اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
وجنبنا سبل الكاذبين المفسدين الفتانين.
إنك سميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
20/4/ 1433هـ




[1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref1) - وهذا الكلام الواعي صادر من العلامة ابن عثيمين من إيمانه الراسخ بقبول أخبار أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدون تثبّت، وقبول أخبار أهل العلم الذين خدموا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقبول أحكامهم دون تثبت الشاكين المشككين المخالفين لمنهج القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح.

[2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref2) - نعم السلفيون لا يُطبّقون من هذا المنهج الباطل لا كثيراً ولا قليلاً.

[3] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref3) - هذه يمين غموس.

[4] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref4)- قال ابن الأثير في "النهاية" (3/343):
الغثاء بالضم والمد، ما يجيء به السيل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره..."أرذال الناس وسقطهم"، فهل هناك سب أفظع وأشنع من هذا السب؟


[5] (http://www.sahab.net/forums/index.php?app=forums&module=post&section=post&do=new_post&f=1#_ftnref5) - لا يطلب العلماء الدليل على صحة الجرح إلا عند وجود المعارضة من عالم بالجرح والتعديل، وإلا فالأصل عندهم قبوله من العلماء الموثوق بهم الأكفاء، دون تلمس للدليل.
سحاب.

أبو هنيدة ياسين الطارفي
06-Mar-2012, 02:30 PM
بارك الله في الشيخ ربيع السنة وحفظه من كل شر وسوء
إنه بحق ...: حامل راية الجرح و التعديل في هذا العصر .

أبو بكر يوسف لعويسي
06-Mar-2012, 07:37 PM
بارك الله في الشيخ العلامة ربيع وجزاه خيرا على هذا المقال الماتع ، وجزاك الله خيرا أخي على النقل له ، ولا حرمك الله من أجر الدال على الخير ...

أبو الوليد خالد الصبحي
06-Mar-2012, 10:21 PM
أحسن الله اليك وجزاء الله شيخنا العلامة المجاهد المحدث ربيع بن هادي بن عمير المدخلي خيرا الجزاء

وهذا ملف مرفق

أبو هنيدة ياسين الطارفي
07-Mar-2012, 11:30 AM
اللهم أمــــــــــــين ...وإياك ياشيح أبي بكر لعويسي ولا حرمك الله من أجر فتح شبكة الامين لنشر العلم وأهله.
وإياك أخي الحبيب أبو الوليد.....

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
11-Mar-2012, 10:02 PM
قال الشيخ عبد السلام بن برجس - رحمه الله - في مقدمة محاضرته " الرد العلمي على منكري التصنيف " قال :
" أما اليوم فقد كثُر المنتسبون إلى السنة وكثر اللابسون للباس أهل السنة، حتى لم يعد تمييز أهل السنة الحقيقيين من غيرهم بالأمر السهل الهين، وهؤلاء الذين تلبسوا لباس السنة وتظاهروا بالتمسك بها لم يفعلوا ذلك إلى لأجل القضاء على وحدة أهل السنة والجماعة، وتفريق صفوفهم، وضرب بعضهم ببعض، حتى تعلو راية البدعة وتسود جيوشها، ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، فأهل السنة مهما اندس بينهم مندس، ومهما تزيا بزيهم ماكر فإن الله سوف يهتك ستره ويفضح أمره، فما أسر عبد سريرة إلا أخرجها الله سبحانه وتعالى على فلتات لسانه وقسمات وجهه..."



قال العلامة الشيخ محمد البنا حفظه الله :والله – تعرف السلفي في كل العالم الآن - كل سلفي – أول ما يسأل يسأل عن ربيع ، وغير السلفي ما يسأل عنه ؛ فأنا أعرف السلفي وغير السلفي وأنتم كذلك ونحن نستدل على سلفية الإنسان واستقامته في هذا الزمان بل عند الأجانب بحب ربيع

أبو هنيدة ياسين الطارفي
14-Mar-2012, 12:10 PM
حفظ الله الشيح العلامة الناصح ربيع السنة.

مع العلم : الحلقة الاولى و الثانية...وشكرا للجميع.