المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( مـفـهــوم الـســلفية )) ونصحية للشباب السنة في (الأردن) للشيخ العلامة : عُبيد الجابري حفظه الله/جـديد



أبو هنيدة ياسين الطارفي
19-Mar-2012, 08:01 PM
بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد،

حياكم الله يا شباب السنَّة أو من قدم علينا من شباب السنَّة في الأردن، حياكم الله وأهلًا وسهلًا بكم وعلى الرحب والسعة.

أقول: يخطئ كثير من الناس في فهم السلفية، وينقدح في أذهانهم أن السلفية أشخاص، وهذا خطأ فاحش، فإن السلفية ليست أشخاصًا هي عقيدة ومنهج، وليست أصول السلفية مِمَّا أسَّسه البشر أبدًا، بل السلفية هي دين الله الخالص المتلقَّى منه-سبحانه وتعالى-كتابًا وسنَّة.

ولهذا: فإن خطأ الرجل السلفي لا يحمل على السلفية، هذا خطأ هو يتحمَّله، فإن كان هذا الخطأ عن اجتهاد-اجتهد فلم يُسْعِفه حظُّه ولم يوفَّق-فنقول: هذا خطأ وإن شاء الله أنَّه مأجور على اجتهاده، ومن كانت هذه حاله فإنَّه يرجع إلى الحق متى تبين له خطؤه، هذا وجه.

ووجه آخر: لا يوالي ويعادي في خطئه، بل يبقى مع بقية إخوانه في محبة ووئام ومودة وصفاء وموالاة في ذات الله-سبحانه وتعالى-، وإن كان هذا عن عناد واستنكاف عن الحق فإنَّه يتحمله وحده وعليه وزره.

ومِمَّا يزيد هذا وضوحًا: أن من أدركنا من علمائنا ومنهم سماحة الإمام الأثري الشيخ ناصر-رحمه الله-، وسماحة الإمام الأثري الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-، وسماحة الإمام الفقيه المجتهد الأثري الشيخ محمد بن عثيمين-رحمه الله-، أنَّ من رد على أخ له أو ردَّ عليه من أخ فإنهم لا يصل بهم الأمر إلى أن يوالوا ويعادوا بل صدورهم رحبة، ونفوسهم منشرحة، وقلوبهم مليئة بما ألقاه فيها-سبحانه وتعالى-من المحبَّة فيه.
وعلى سبيل المثال:
كان الشيخ حمود التويجري-رحمه الله-والشيخ ناصر-رحمه الله-فيما بلغنا تكن بينهما ردود، ومع هذا بلغنا أن الشيخ حمود-رحمه الله-يقول: (من تكلم في الشيخ ناصر فهو مبتدع)، وكان الشيخ ناصر أيضًا فيما بلغنا-رحمه الله-إذا جاء الرياض ينزل عند الشيخ حمود التويجري-رحمه الله-، لأن الكل منهم ذهب إلى ما ذهب إليه بناءً على الدليل الذي سوَّغه عنده، نعم.

ثمَّ تلامذة هؤلاء الذين هم تلامذتهم على منوالهم، فما عرفنا أن تلامذة واحدًا من مشايخنا الشيخ عبد العزيز والشيخ محمد والشيخ حمود يعادون تلامذة الشيخ ناصر-رحم الله الجميع-، لأنهم تلقوا عن العلماء والأئمة من مشايخهم ومن قبلهم تلقوا عنهم العلم والسمت الحسن والهدي والتوقير والاحترام، نعم.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: شيخنا أحسن الله إليك، هذا إذا كان الاختلاف فقهي، ولكن مثل خلافنا مع بعض أتباع الحلبي في المسائل المنهجية وقواعد الحلبي وأصوله، مثل قول: (لا يلزمني!) و (لا تقنعني!) أو (لم تقنعني!)؟.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: لا هنا الخلافات-بارك الله فيكم-منها ما هو مورد للنزاع ومسرح للاجتهاد، فهذا لا يثرب أحد المختلفين على الآخر ما ذهب إليه ما دام أنَّه عنده من الأدلة الشرعية ما يسوِّغه، نعم.
ولهذا تجد أنَّهم لا يعادون ولا يوالون في هذا، نعم كما قدَّمت.
الثاني من الخلافات: ما كان ليس فيه مجال للاجتهاد، ولا يقبل النزاع، فهذا سواءً كان في أصول الدين أو فروعه ليس فيه خلاف، وإن وجد خلاف بين بعض أهل العلم فكما قلت لكم من هذه حاله يرجع، أمَّا أصول الدين فليس فيها بينهم خلاف.
وبهذا يعلم أن خلافنا مع الحلبي وأتباعه هو خلاف منهجي في أمور لا يسع فيها الاجتهاد، ولا مسرح فيها للرأي ولا للنزاع، نعم.
ونحن الذي ورثناه عن أئمتنا-أئمة أهل السنَّة-كما قدَّمت لكم: أنَّ من أظهر السنَّة، أقول: من أظهر السنَّة ومحبتها ومحبة أهلها نقرِّبه، ونحبُّه، ونذب عنه في حضوره وفي غيابه، فإذا أظهر خلافها ومن ذلكم: تحزيب أهل البدع حوله والدفاع عنهم، والجنوح إلى السياسة والتعامل بها في أمور الشرع فهذا نعامله بما يستحقه، نعم.
فما جنح رجل إلى أهل البدع أو نزع إلى السياسة في دعوته إلَّا نهاية أمره أنَّه يُهلِك ويَهلِك، وهذه هي حال الحلبي،فنحن نذب عنه وندافع عنه ويعلم الله أنِّي رددت على اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية - لكن ليس ردًّا منشورًا إنَّما في مجالس -، كله دفاع عن الأخ علي الحلبي، فلمَّا رأينا منه ما رأينا وظهرت منه اللجلجة والإصرار والعناد في سبيل منهجه الفاسد وتقعيده القواعد الفاسدة وتأصيله الأصول الفاسدة رفعنا أيدينا عنه وقلنا فيه ما ندين الله به، نعم.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: وأتباعه يُهجَرون الآن؟.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: أتباعه على قسمين.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: نعم.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: من بان لهم حاله وعرفوا وأصرُّوا على الذب عنه والذب عن منهجه فهؤلاء يلحقون به ولا كرامة، الثاني: من كانوا-يعني-ليسوا كذلك، ليسوا رؤوسًا في منهج الحلبي وترون منهم أنَّهم يلينون إليكم مع المناصحة فخذوهم بالرفق وسايسوهم السياسة الشرعية الحسنة وأظهروا لهم أنكم تحبون لهم السنَّة وتحبونها لهم، فهؤلاء إن صدقوا فسوف يستبين لهم الحق ونهاية أمرهم إن شاء الله الهداية إلى السنَّة ومحبتها ومحبة أهلها.

هذا الذي نحرص عليه كما ورثناه عن أئمتنا وعلمائنا، نعم تأسيًا برسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأصحابه من بعده وأئمة الهدى من التابعين لهم بإحسان، هذا الذي ورثناه عنهم، فنحن نحب أن يهتدي جميع الناس إلى الإسلام والسنَّة حتى الكفَّار اليوم نحب لهم هذا، لكن لا نجاوز حدَّ الله الذي حدَّه لنا.

ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة المبنية على الأدلة عند الحاجة إليها ولا نذهب أنفسنا حسرات على من أصر وعاند، لأنه من لطف الله بنا وسعة رحمته بنا أنَّه لم يكلفنا قبول الناس، هذه هداية التوفيق إليه-سبحانه وتعالى-، حجبها عن جميع الخلق
قال-تعالى-:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)(القصص/56)،
وقال-تعالى-: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)()،
وقال-تعالى-: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ...)(النمل/81)، فهداية التوفيق والقبول ليست إلينا إليه-سبحانه وتعالى-.
وأمَّا هداية البيان والدلالة والإرشاد فهذه كلَّفنا بها ربنا حسب استطاعتنا، أيضًا ليس تكليفًا مطلقًا، حسب استطاعتنا ومُكنتنا، كما قال-تعالى-: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا...)(البقرة/286)، وقال-تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن/16)، وقال-صلى الله عليه وسلم-: (ما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم)(صحيح البخاري).
وفي الكتاب الكريم ما يسلِّي صاحب السنَّة إذا عجز عن قبول الناس الحق وخالفه من خالفه، قال-تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ...)(المائدة/105)،
ومِمَّا دلَّت عليه هذه الآية قال الأئمة، ومن أقوالهم ما قاله الفضيل بن عياض-رحمه الله-قال: (عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإيَّاك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين)، هذه المقولة وافقه فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-في المعنى، وذلكم حين ذكر حديث عرض الأمم على النبي-صلى الله عليه وسلم-وفيه: (رأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد)، قال-رحمه الله-عمق هذا العلم: فإنَّه لا تجوز الاغترار بالكثرة ولا الزهد في القلة، وذلكم يا أبنائي لِمَا وعد الله به ورسوله أهل الحق من النصر وحميد العاقبة في الدنيا والآخرة،
قال-تعالى-: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(الروم/47).
وقال-صلى الله عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمَّتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله-تبارك وتعالى-)، (...لا يضرهم من خذلهم...) يعني: فك في عضدهم وثبَّطهم أو أرجف ضدهم أو خالفهم، خالفهم في المنهج والهدي لا يضرهم، نعم.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفَّقه الله-: أحسن الله إليك شيخنا، شيخنا الآن موقفكم من مشهور حسن وخصوصًا أنه من أكثر المدافعين عن علي حسن؟.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: هذا يدخل أو يندرج تحت ما ذكرته لكم من معاملة المصرِّين من أتباعه، يلحق به ولا كرامة مشهور أو غيره، نعم.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: جزاكم الله خيرًا شيخنا.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: فالأصل-بارك الله فيكم-هجر أهل البدع والتشنيع عليهم والغلظة عليهم وأن يصاح بهم من كل حدب وصوب، إلَّا إذا ظهر لدعاة الحق والبصيرة في قُطُر أن هؤلاء لهم الصولة والجولة والكفة الراجحة لهم والقوة بأيدهم أو لهم تأثير على القوة فحينئذ نتخذ جانب المداراة، نرد البدع والمحدثات ونترك هؤلاء، نعم.

ولك أن تهجر هؤلاء الذين كانت بأيديهم ما ذكرنا من رجحان الكفة وقوة الصولة والشوكة هجرًا وقائيًا فلا تزورهم ولا تستزيرهم، ولا تعود مريضهم، ولا تسلم عليهم إذا التقيت بهم إلَّا في العامَّة لِمَا تبين إليك أن العامَّة لا يدركون هذا، نعم.

والمداراة هذه معلومة من هدي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فعن عائشة-رضي الله عنها-أنَّه استأذن رجل على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال: أئذنوا له، بئس أخوا العشيرة، فلما دخل عليه هش له وبش وألآن له الحديث، فلمَّا خرج قالوا: يا رسول الله قلت فيه قلت ونراك فعلت معه كذا وكذا؟، قال: إن شر الناس منزلة يوم القيامة من ودعه الناس...) يعني: تركوه (...اتقاء فحشه)، نعم.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: أحسن الله إليك شيخنا.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: حياكم الله.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: الله يحييك ويبارك فيك، نصيحة منك شيخنا لإخوانناأهل الأردن.

الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري-حفظه الله-: نصيحتي لكل صاحب سنَّة أن يلزم ما عرف من السنَّة ويتمسَّك به، ويدع عنه ما اشتبه أو بان له أنَّه باطل ويتسلى بالآية التي أسلفتها وهي في سورة المائدة، نعم.
وكذلك أنصحهم بالإقبال على العلم الشرعي، فإن مِمَّا يثبِّت قدم المرء على سلوك السنَّة الجد والحرص على تحصيل العلم الشرعي والارتباط بالأحياء منهم بالمواصلة هاتفيًّا أو شخصيًا، ومن مضى مِمَّن يحسب أنَّه على سنَّة الإفادة من موروثه كتب أشرطة في هذا العصر، ومحبة هؤلاء العلماء الذين مضوا على سنَّة، وكذلك الأحياء الذين هم على سنَّة، نعم.
وكذلك أنصحهم بأن لا يحمِّلوا أهل السنَّة خطأ بان مخالفته للدليل جميع أهل السنَّة، كما قدَّمت، هذه نصيحة موجزة، وبلغوهم سلامي لا سيما شيبانكم وإخوانكم وطلَّاب العلم أبلغوهم سلامنا وهذه النصيحة، حياكم الله.

فواز بن عليوي الشمَّري-وفقه الله-: الله يحييك ويبارك فيك شيخنا، أحسن الله إليك.

هذا الرابط لسماع المادة: http://www.box.com/s...5427779d1c191a4 (http://www.box.com/s/639125427779d1c191a4)

قام بتفريغها أخونا الفاضل: منجد بن فضل الحداد وفقه الله

منقول من سحاب